شرح العقيدة الطحاوية لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ابومريم المكي مسلم اكتشف المزيد حول ابومريم المكي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 4 (0 أعضاء و 4 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابومريم المكي
    5- عضو مجتهد

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 27 فبر, 2010
    • 796
    • باحث
    • مسلم

    #46
    وإن محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى
    __________________________________________
    وإن "وإن محمدا" إن عطف على قوله: "نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له". فالصواب "إن" كما سبق؛ لأن "إن" تكسر بعد القول. تقرأ الجملة الأولى: "نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، وإن محمدا عبده المصطفى ورسوله المجتبى" هذه معطوفة عليه، إن محمدا" معطوفة على "إن الله وحده لا شريك له".و"إن" مكسورة، تكسر بعد القول {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ} {يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52)} {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52)} . نعم.
    قال -رحمه الله-: "نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، وإن محمدا عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى .
    نعم، عطف إثبات النبوة على إثبات التوحيد "نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له". هذا إثبات التوحيد: توحيد الله في ربوبيته، وفي أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وفي ألوهيته وعبادته.
    ثم قال: "وإن محمدا عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى". المجتبى والمصطفى والمرتضى متقاربة، يعني أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني هو رسول الله، عبد الله ورسوله، اجتباه الله، واصطفاه، وارتضاه، واختصه بالرسالة والنبوة -عليه الصلاة والسلام-، واصطفاه على العالمين.
    لا بد من الإيمان بهذا: بأن محمدا رسول الله، عبد الله ورسوله، وأنه خاتم النبيين، وأنه لا نبي بعده، وأنه أفضل الأنبياء.
    من لم يؤمن بهذا، وأنه رسول الله إلى العرب والعجم، والجن والإنس، من لم يؤمن بهذا فليس بمؤمن، ولو زعم أنه يوحد الله، وأنه يعبد الله، وأنه يوحد الله في ربوبيته، وفي أسمائه وصفاته وأفعاله، وهو لا يشهد أن محمدا رسول الله لا يصح إيمانه ولا توحيده، ولو زعم أنه يشهد أن لا إله إلا الله، ولكنه لا يشهد أن محمدا رسول الله لم يصح التوحيد، يكون كافرا.
    شهادتان لا تصح إحداهما بدون الأخرى: من شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمدا رسول لم تقبل منه، ومن شهد أن محمدا رسول الله ولم يشهد أن لا إله إلا الله لم تقبل منه، لا بد من الشهادتين.
    وإذا أطلقت إحداهما دخلت فيها الأخرى، إذا أطلقت إحداهما دخلت فيها الأخرى، وإذا اجتمعتا تُفسر الشهادة الأولى بتوحيد الله، والثانية الشهادة برسالة النبي صلى الله عليه وسلم .
    ولهذا نفى الله الإيمان عن أهل الكتاب: اليهود والنصارى؛ لأنهم لم يشهدوا أن محمدا رسول الله، وإن كانوا يزعمون أنهم مؤمنون بالله.
    قال الله تعالى في سورة براءة: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)} .
    نفى عنهم الإيمان؛ لأنهم ما آمنوا بمحمد، ما شهدوا أن محمدا رسول الله، وإن كانوا يزعمون أنهم آمنوا بالله، وأنهم يعملون بكتبهم، لكن هذا الإيمان، الإيمان نفي عنهم، ما صح ولا اعتبر إيمانا؛ لأنهم لم يشهدوا أن محمدا رسول الله، فلا بد من الشهادة بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العربي المكي ثم المدني أنه رسول الله حقا، وأنه عبد الله ورسوله.
    وقد جمع الله له بين العبودية والرسالة، وهذه أفضل المقامات، أكمل المقامات -مقامة العبد- العبودية والرسالة، وكلما حقق الإنسان العبودية لله كلما علت درجته ومرتبته عند الله.
    ولا يمكن أن يخرج أحد عن العبودية أبدا، فالناس -بل جميع المخلوقات- معبدة لله العبودية العامة، قال سبحانه: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)} كل من في السموات والأرض يأتي معبدا، هذه العبودية العامة، ومعناها أن كل مخلوق تنفذ فيه مشيئة الله وقدرته وإرادته، لا يمتنع.
    وأما العبودية الخاصة، فهذه خاصة بالمكلفين الذين يعبدون الله باختيارهم، يعبدون الله ويوحدونه من الجن والإنس والملائكة، هذه العبادة خاصة، وأكمل المقامات للنبي صلى الله عليه وسلم هي العبودية الخاصة والرسالة.
    ولهذا وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم في أشرف المقامات بالعبودية والرسالة، وصف الله نبيه بالعبودية في أشرف المقامات.
    والرسول -عليه الصلاة والسلام- أكثر الناس عبودية لله عز وجل ، مقام العبودية هو أكبر المقامات، ولا يخرج أحد عن عبودية الله، وكلما حقق الإنسان عبوديته لله كلما علت درجته ومرتبته
    .

    تعليق

    • ابومريم المكي
      5- عضو مجتهد

      حارس من حراس العقيدة
      عضو شرف المنتدى
      • 27 فبر, 2010
      • 796
      • باحث
      • مسلم

      #47
      ولما كان الأنبياء أكثر الناس عبودية لله كانوا أفضل الناس وأقرب الناس إلى ربهم عز وجل .
      ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الناس في عبوديته؛ ولهذا وصفه الله بالعبودية في المقامات الشريفة:
      وصفه بالعبودية في مقام الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} .
      وصفه بالعبودية في مقام الدعوة إلى الله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)} .
      وصفه بالعبودية في مقام الوحي: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} .
      وصفه بالعبودية في مقام التحدي: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} .
      فهذه أكمل المقامات، أشرف المقامات، وصف الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعبودية، وهو أكمل الناس تحقيقا للعبودية -عليه الصلاة والسلام-، وهو أعبد الناس، وأتقى الناس، وأزهد الناس، وأخشع الناس، وأكرم الناس -عليه الصلاة والسلام-، وأكرم الناس، وأطوع الناس لربه عز وجل .
      والنبوة في ثبوتها كلام للناس، كثير من أهل الكلام والنظر، كثير من أهل الكلام ومن أهل النظر يثبتون النبوة بالمعجزات، فيرون أن المعجزات هي الدليل على النبوة.
      والمعجزات لا شك أنها من دلائل النبوة، لكن ليست دلائل النبوة محصورة في المعجزات، بل دلائل النبوة كثيرة، دلائل تدل على نبوة النبي كثيرة، منها المعجزات، وخوارق العادات التي يجريها الله على يد النبي، مثل الإسراء والمعراج.
      وكذلك من أعظم المعجزات أيضا القرآن الكريم من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام-، ومنها نبع الماء بين أصابعه -عليه الصلاة والسلام-، وتكثير الطعام، وإخباره عن المغيبات، ما يخبره الله عز وجل من دلائل نبوته.
      هذه من دلائل النبوة -المعجزات-، ولكن هناك أيضا دلائل كثيرة، حتى ألف العلماء مؤلفات كدلائل النبوة للبيهقي وغيره.
      والناس يعرفون الصادق من الكاذب في أمورهم وأمور دنياهم، والنبوة يدعيها أصدق الناس، ويدعيها أكذب الناس، والناس يفرقون بين الصادق وبين الكاذب.
      يعرفون الصادق من الكاذب في أخباره وأقواله وأفعاله، فلا بد أن يقول للناس كلاما، ولا بد أن يخبرهم بأخبار، ولا بد أن يفعل أشياء، فيعرف الناس الصادق من الكاذب.
      بل إن الناس يعرفون الصادق من الكاذب في غير دعوى النبوة، فأنت تعرف الصادق من الكاذب في بيعه وشرائه، تعرف المهندس الصادق، تعرف الطبيب الصادق الناصح؛ ولهذا تجد بعض الناس يشترى من فلان لأنه صادق، ولا يشتري من فلان لأنه كاذب.
      فإذا كان هذا في أمور الناس، يعرفون الصادق من الكاذب، فكيف لا يُعرف الصادق من الكاذب في دعوى النبوة؟!
      فالنبي يعرف الناس صدقه فيما يخبر به من الأخبار، وبما يفعله من أمور كلها مشتملة على علوم وأحوال يتبين بها صدقه، فصدق النبي ووفائه ومطابقة أقواله لأفعاله دليل على نبوته.
      ومن أمثلة ذلك: استدلال خديجة، استدلال خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم بما جبل الله نبيه على الصفات الحميدة على أنه الصادق، وبما جبله الله عليه من الأخلاق: الصدق والوفاء والشيم، بأن الله لا يخزيه؛ لأنه صادق.
      لما جاءه جبريل في أول البعثة في صورته التي خلق عليها، وقد ملأ ما بين السماء والأرض، رعب النبي صلى الله عليه وسلم رعبا شديدا، وجاء إلى زوجه خديجة، وقال: خفت أن يختلج عقلي. وهدَّأت من روعه وقالت: (كلا والله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق) فاستدلت بهذه الصفات العظيمة، وأن من جبله على هذه الصفات العظيمة لا يخزيه الله أبدا.والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه صادق، ولكن يخشى أن يكون عرض له عارض سوء، فبينت له خديجة أنه لا يمكن أن يعرض له عارض سوء؛ لأن الله لما جبله على هذه الصفات الحميدة فلا يخزيه -سبحانه وتعالى-، هذا من الأدلة التي يستدل بها على نبوة النبي، ادعى النبوة، وصدقته خديجة في الحال، استدلت على صدقه بهذه الأعمال.
      ومن ذلك أيضا: تصديق ورقة بن نوفل ابن عم خديجة، وكان ممن تنصر في الجاهلية، وكان يكتب من الإنجيل بالعربية، فجاءت خديجة بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها، وقالت: اسمع من ابن أخيك. فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبره، فآمن به وصدقه في الحال، واعترف بنبوته، وقال: (هذا الناموس الذي كان يأتي موسى) الناموس هو صاحب السر، أو صاحب السر في الخير، وهو جبريل، هذا جبريل الذي ينزل على موسى، وآمن في الحال، وتمنى أن يكون جذعا، كان شيخا كبيرا قد عمي وطعن في السن، فتمنى أن يكون جذعا حين يخرجه قومه.قال: (ليتني كنت جذعا حين يخرجك قومك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أوَمُخرجيّ هم؟! قال: نعم، لم يأت أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي)
      .

      تعليق

      • ابومريم المكي
        5- عضو مجتهد

        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى
        • 27 فبر, 2010
        • 796
        • باحث
        • مسلم

        #48
        فآمن - رضي الله عنه - فهو ممن آمن، جاء في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالجنة، والمقصود أن ورقة استدل بذلك على صدق النبي صلى الله عليه وسلم .
        وكذلك أيضا هرقل ملك الروم لما كتب له النبي صلى الله عليه وسلم له الكتاب يدعوه إلى الإسلام كتب له:
        (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم أما بعد.. أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن أبيت فإن عليك إثم الأريسيين و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)} ) .
        قال في أول الكتاب: (السلام على من اتبع الهدى) فاهتم هرقل بهذا الكتاب اهتماما عظيما، وسأل في بلده: هل يوجد أحد من العرب؟ -وكان أبو سفيان في ذلك الوقت في الشام في تجارة ومعه أصحابه- فقيل: نعم هاهنا. فقال: علي به.
        فجيء بأبي سفيان ومعه قومه، ووضع أبا سفيان أمامه، ووضع أصحابه خلفه، وقال لترجمانه -ترجمة-: قل لهم: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل؟ فقالوا: أبو سفيان.
        تقدم أبو سفيان وجعلهم خلفه، وقال لترجمانه: نسائل هذا الرجل مسائل فإن كذبني فكذبوه، ولهذا تحاشى أبو سفيان الكذب وهو في كفره وقال: لولا أن يؤثر علي الكذب لكذبت.
        فسأله أسئلة استدل بها على صدق النبي صلى الله عليه وسلم واعترف بنبوته، قال له: كيف هذا الرجل؟ (كيف نسب هذا الرجل؟ قال: هو ذو حسب فينا) .
        ثم أجاب لما سأله عشرة أسئلة أو أكثر، أكثر من عشرة أسئلة، أجاب على كل سؤال قال: (وكذلك الأنبياء تبعث في أحسابهم) .
        وسأله قال: (هل في آبائه من ملك؟ قالوا: لا. فقال: لو كان في آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه) .
        وسأله (هل أتباعه ضعفاء الناس أو أشرافهم؟ فقالوا: ضعفاؤهم. فقال: وكذلك أتباع الرسل في أول الأمر) .
        وسأله (أتباعه هل يزيدون أو ينقصون؟ فقال: يزيدون. فقال: وكذلك أتباع الرسل) .
        وسأله فقال: (هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قالوا: لا. قال: وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب) .
        وسأله (كيف الحرب بينكم وبينه؟ قالوا: سجال ندال عليه ويدالون علينا) يعني مرة ننتصر عليه، ومرة ينتصر علينا فقال: (كذلك الرسل تبتلى في أول أمرها ثم تكون لها العاقبة) .
        وسأله (ماذا يأمركم؟ قال: يأمرنا بعبادة الله، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة والصلة والعفاف والصدق. قال: وكذلك الرسل) .
        ثم قال لهم: (إن هذا هو النبي، وقد كنت أعلم أنه خارج، لكن ما أظن أنه فيكم، ولو أستطيع أن أصل إليه لغسلت عن قدميه) لولا ما أنا فيه من الملك لذهبت إليه وغسلت عن قدميه، (وإن كنت صادقا فسيملك موضع قدميَّ هاتين) .
        ثم أُخرج أبو سفيان وقومه، فقال لهم أبو سفيان حين خرج: (لقد أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر) "أَمِرَ" يعني عظم، لقد أَمِرَ يعني عظم شأنه، "ابن أبي كبشة" نسبة إلى أحد أجداده الغامضين من جهة الرضاع، وكانت العرب إذا كانت تكره الإنسان تنسبه إلى جد غامض.
        قال أبو سفيان: (فما زلت موقنا أن الإسلام سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام وأنا كاره) .
        فهذا هرقل استدل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأدلة من غير خوارق العادات، من غير المعجزات.
        وكذلك النجاشي -رحمه الله ورضي عنه- لما جاءه الصحابة وهاجروا إليه سألهم، واستخبرهم خبر النبي صلى الله عليه وسلم واستقرأهم القرآن فقرءوا عليه، فقال لهم: (إن هذا والذي آتى به موسى من مشكاة واحدة) .
        وبهذا يتبين أن الأدلة على نبوة الأنبياء كثيرة، ليست خاصة بالمعجزات وخوارق العادات كما يزعمه بعض أهل الكلام والنظر من الأشاعرة وغيرهم، بل الأدلة -دلائل النبوة- كثيرة، منها المعجزات، ومنها خوارق العادات، ومنها معرفة حال الشخص وأخباره، يُعرف صدقه من أخباره، ومن أقواله، ومن أعماله، ومن وفائه وصدقه، ومن مطابقة أقواله لأعماله، كما سبق في هذه الأمثلة.
        ولكن أهل الكلام في هذا يخصون دلائل النبوة بالمعجزات، حتى إن المعتزلة أنكروا خوارق العادات التي تجري على أيدي المؤمنين، وخوارق العادات التي تجري على أيدي السحرة، قالوا: حتى لا يلتبس النبي بغيره.
        قالوا: خوارق العادات لا تجري إلا على أيدي نبي. أما خوارق السحرة أنكروها، مع أنها واقعة، وأنكروا الخوارق، كرامات الأولياء، قالوا: لو أثبتنا كرامات الأولياء وخوارق السحرة لالتبس النبي بغيره، ففرارا من ذلك أنكروا خوارق العادات، وقالوا: لا خوارق للعادة إلا على يد نبي.
        وهذا من أبطل الباطل، وهذا من جهلهم، ظنوا أنه ليس هناك دليل على نبوة النبي إلا خوارق العادات والمعجزات، ودلائل النبوة كثيرة.
        والأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- على مراتب ودرجات، فالرسل أفضل من الأنبياء، وهل هناك فرق بين النبي والرسول؟
        يتبع

        تعليق

        • ابومريم المكي
          5- عضو مجتهد

          حارس من حراس العقيدة
          عضو شرف المنتدى
          • 27 فبر, 2010
          • 796
          • باحث
          • مسلم

          #49
          نعم، هناك فرق بين النبي والرسول، من العلماء من قال: إن الفرق بين النبي والرسول أن كلا من النبي والرسول يوحى إليه، لكن الرسول يوحى إليه بشرع ويؤمر بتبليغه، والنبي يوحى إليه ولا يؤمر بتبليغه، فإذا أوحي إليه وأمر بتبليغه كان رسولا، وإن لم يأمر بتبليغه كان نبيا.
          ولكن هذا قول مرجوح، والصواب أن الفرق بين النبي والرسول: أن الرسول هو الذي يرسل إلى أمة كافرة فيؤمن به بعضهم ويكفر به بعضهم، نوح -عليه الصلاة والسلام- أرسل إلى الكفار، آمن به بعضهم وكفر به بعضهم، هود رسول، صالح رسول.
          والذين أرسلوا بشرائع يرسلون إلى أمم كافرة، وينزل عليهم شرائع، أوامر ونواهٍ، يؤمن به بعضهم، ويكفر به بعضهم، مثل نوح، وهود، وصالح، وشعيب، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
          أما النبي فهو الذي يرسل إلى قوم مؤمنين -ما يرسل إلى الكفار- يرسل إلى قوم مؤمنين، ويكلف بالعمل بشريعة سابقة، فمثلا آدم -عليه الصلاة والسلام- نبي، لكنه نبي إلى بنيه، ولم يقع الشرك في زمانه، وشيث نبي.
          ولهذا كان نوح أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد وقوع الشرك، فنوح أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك، ولأنه أرسل إلى بنيه وإلى غير بنيه، أما آدم قبله، وكذلك أيضا شيث قبله، لكن ما وقع الشرك، وقعت المعاصي كما قتل قابيل أخاه هابيل.
          ولهذا قال الله سبحانه: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ} {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} .
          قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، ثم وقع الشرك، هذا معنى قوله: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} .
          وبالمثل داود وسليمان أنبياء؛ لأنهم كلفوا بالعمل بالتوراة جميعا إلى بني إسرائيل الذين جاءوا بعد موسى، داود وسليمان وزكريا ويحيى كلهم كلفوا بالعمل بالتوراة حتى جاء عيسى، هؤلاء هم الأنبياء، فالأنبياء على هذا.
          فالصواب الذي أقره وحكمه أهل العلم: أن الرسول هو الذي يبعث إلى أمة من أهل الشرائع الكبيرة، الذين يرسلون إلى أمم، إلى أمة كافرة، يؤمن به بعضهم ويكفر بعضهم.والأنبياء هم الذين يوحى إليهم، ويرسلون إلى المؤمنين خاصة، ويكلفون بالعمل بشريعة سابقة.
          وإلى هنا نكتفي، وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصادق، وصلى الله على محمد وآله وأصحابه وسلم.
          سبق بالأمس الكلام على الفروق بين النبي وبين الرسول، وقلنا: إن الصواب أن الفرق بين النبي والرسول أن الرسول هو الذي يأتي بشريعة مستقلة، وأنه يرسل إلى قوم يؤمن به بعضهم ويكفر به بعضهم، كنوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -عليهم الصلاة والسلام-.
          أما النبي فهو الذي يكلف بالعمل بشريعة سابقة، أو يرسل إلى مؤمنين، فأنبياء بني إسرائيل الذين جاءوا بعد موسى -عليه الصلاة والسلام- كلهم كلفوا بالعمل بالتوراة، ويسمون أنبياء، داود وسليمان وزكريا ويحيى إلى آخره حتى جاء عيسى، وعيسى -عليه السلام- جاء بشريعة مستقلة، وهو تابع أيضا لما جاء في التوراة، ولكنه خفف بعض الأحكام وقال: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} .
          وجاء سؤال بالأمس في قصة يونس -عليه الصلاة والسلام-، وأنه أُرسل إلى أمة، وأنهم آمنوا، كان السؤال هل ينطبق هذا على يونس؟ نقول: نعم، ينطبق هذا على يونس؛ لأن يونس جاء بشريعة مستقلة.
          وثانيا: أن يونس في الأول ردوا عليه دعوته، ردوا عليه دعوته فغاضبهم نبيهم يونس، وتركهم وذهب، وركب البحر وهو مغاضب {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)} فلما ذهب ندم قومه، وتمنوا رجوعه، لما رأوا أسباب العذاب تمنوا رجوعه، ثم أرسله الله إليهم مرة أخرى فآمنوا كما قال صلى الله عليه وسلم (أرسله الله إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا) .
          فهم في الأول صدوا، ما آمنوا فهو رسول لأنه جاء بشريعة مستقلة،ولأنهم ردوا عليه دعوته أولا ، ثم آمنوا بعد ذلك، وثالثا: أن الله استثنى عليهم -هذه الأمة- لأن الله -سبحانه وتعالى- إذا جاءت أسباب العذاب وانعقدت أسباب العذاب فلا يفيد الإيمان بعد ذلك، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} .
          (1/63)
          ________________________________________
          إذا جاءت أسباب العذاب ونزل العذاب لا ينفع الإيمان، وكما حصل لفرعون فإن فرعون الذي ادعى الربوبية وقال {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} لما نزل به العذاب آمن، لكن ما نفع، قال الله تعالى: {* وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)} .
          فرعون الذي يقول للناس: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} قال: آمنت وأنا من المسلمين. لكن هل نفع؟ ما نفع قال الله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)} لماذا؟ ما نفع لأن العذاب إذا نزل ما ينفع، إذا نزل العذاب وانعقدت أسباب العذاب ما ينفع الإيمان، كما في الآية الكريمة: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} .
          قوم يونس استثناهم الله، مستثنون، استثناهم الله، انعقدت أسباب العذاب وآمنوا، فصح منهم الإيمان، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} إذن قوم يونس مستثنون {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98)} .
          وبهذا يتبين أن أمة يونس ليست خارجة عن القاعدة، أرسلت بشريعة مستقلة، وردوا عليه دعوته في أول الأمر، ثم بعد ذلك آمنوا لما انعقدت أسباب العذاب، واستثناهم الله.
          المسألة الرابعة: هناك أيضا من دلائل النبوة -دلائل النبوة كما سبق كثيرة- من دلائل النبوة: ما أبقاه الله تعالى من الآثار، من آثار الأمم، فإن الله تعالى أبقى آثار الأمم المهلَكة، فإن الله تعالى ينصر المؤمنين، ويؤيدهم على القوم الكافرين.
          والكفار يهلكهم ويعاقبهم، وبقيت آثارهم متواترة، يعرفها الناس جميعا، متواترة كتواتر الطوفان الذي أغرق الله به قوم نوح، وغرق فرعون، وكذلك أيضا آثار الأمم المهلَكة كآثار قوم لوط، وقوم هود، وقوم صالح.
          ولهذا في سورة الشعراء يقول الله تعالى بعد كل قصة، لما ذكر قصة موسى، ثم قصة إبراهيم، ثم قصة نوح، ثم قصة هود، ثم قصة صالح، ثم قصة لوط، ثم قصة شعيب قال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9)} .
          ومن دلائل النبوة: ما اشتملت عليه الشرائع التي جاء بها الأنبياء من العلوم والأعمال والأحوال العظيمة، وما اشتملت عليه من الرحمة للخلق، ودعوتهم إلى ما فيه خلاصهم ونجاتهم، ودعوتهم إلى ترك ما فيه هلاكهم، هي مشتملة على علوم وأحوال وصفات إذا تخلق بها الناس وعملوا بها حصلت لهم السعادة، ومشتملة على التحذير من أسباب الهلاك، ومن الأخلاق السيئة، والأخلاق الرذيلة، فهذه من دلائل النبوة.
          .

          تعليق

          • ابومريم المكي
            5- عضو مجتهد

            حارس من حراس العقيدة
            عضو شرف المنتدى
            • 27 فبر, 2010
            • 796
            • باحث
            • مسلم

            #50
            الأسئلة:
            س: أحسن الله إليكم، فضيلة الشيخ هل يلزم من كون الرسول أن يكفر به بعض أمته لأن يونس عليه الصلاة والسلام؟
            - هل يلزم إيش؟
            -هل يلزم من كون الرسول أو تعريفه أن يكفر به البعض، ويونس عليه السلام أرسله الله إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا؟ .
            ج: لكن في الأول ردوا دعوته، هذا هو المعروف الآن، لكن يصدق عليهم أنهم ردوا دعوته أول الأمر ثم آمنوا، نعم، هذا هو المعروف عند أهل العلم.
            وتجد الأنبياء كلهم هكذا، موسى، وعيسى، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم، وهود، وصالح، وشعيب كلهم كفر بهم كثير وآمن بهم قليل.
            فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تابعا كما قال صلى الله عليه وسلم (إني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا) لكن هناك من لم يؤمن من أمته؛ لأن الرسول رسول إلى الثقلين -الجن والإنس- إلى قيام الساعة، وهذه الأمة -أمة الرسول عليه الصلاة والسلام- فيها أمة الإجابة وأمة الدعوة، أمة الدعوة الكفار.. نعم.
            س: أحسن الله إليكم . سائل يقول: يستدل بعض أهل السنة على منع تسلسل الحوادث في الماضي لما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (أول ما خلق الله القلم) فهل يدل على أن في المخلوقات أولا؟ .
            ج: أولا: مسألة التسلسل هذه من المسائل المجملة التي لم تأت في الكتاب والسنة، والمراد دوام الحوادث، المراد الدوام والاستمرار، وهذا الحديث: (أول ما خلق الله القلم قال له اكتب) قال بعضهم: إنه أول المخلوقات.
            والصواب أن العرش سابق له، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
            والناس مختلفون في القلم الذي *** كتب القضاء به من الديان
            هل كان قبل العرش أو هو بعده *** قولان عند أبي العلا الهمذاني
            والحق أن العرش قبل لأنه *** قبل الكتابة كان ذا أركان
            فالصواب أن العرش مخلوق قبل القلم، أما قوله: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب) فالأولية مقيدة بالكتابة، والمعنى أنه قال له: اكتب عند أول خلقه (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب) والمعنى: قال له: اكتب أول ما خلقه، الأولية مقيدة بالكتابة.. نعم. أحسن الله إليكم .
            س: أحسن الله إليكم يقول السائل: ما حكم قول "شاء القدر"، "وتدخلت عناية السماء" خاصة أن مثل هذه الألفاظ تكثر عند بعض الكتاب والمثقفين المعاصرين؟ .
            ج - نعم، الأولى تركه، الأولى أن يقول: "شاء الله" ولا يقول: "شاءت الأقدار"، الأولى تركه، والأولى أن يعبر بالتعبيرات التي وردت في النصوص التي جاء فيها: "اقتضت حكمة الله"، "واقتضت حكمة الله"، "وعناية الله"، جاء التعبير بها عند بعض السلف، ابن القيم ذكر هذا.
            أما قول: "شاءت الأقدار" هذا ما ورد، الأولى أن يلتزم الإنسان بألفاظ النصوص، ولا يأت بشيء من عند نفسه. نعم.
            س: أحسن الله إليكم.يقول السائل: ما الفرق بين القضاء والقدر، وما المراد بالحديث: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) ؟ .
            ج: هناك فروق بينهما ذكرها العلماء، وذكروا أنه قد يجتمعان وقد يفترقان، فالقضاء يطلق على أمور، {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ} قُضي الأمر: فُرغ منه، له معان عدة، ولكن قد يجتمعان ويراد بالقضاء القدر، و قد يفترقان، قد ذكر هذا الطحاوي ابن عامر في القضاء، يرجع إليه.
            أما الحديث: (لا يرد القدر إلا الدعاء) معناه: أن الله تعالى يقدر، الدعاء مقدر، فالله تعالى يجعل المقدور له سبب، وسببه الدعاء.
            وكما جاء في الحديث أن (القدر والدعاء والبلاء يعتلجان بين السماء والأرض فأيهما غلب) فالمعنى أن الله تعالى قد يستجيب لدعاء الشخص، ويجعل الله الدعاء سببا في حصول المقدور، ويكون هذا مقدر في الأزل، مثل صلة الرحم، ثم قدر أن يعافي الله هذا العبد من مرضه بدعائه، فالله قدر الدعاء وقدر العافية، وجعل الدعاء سببا في العافية، فيكون القدر سببا، وهو من القدر، هو من القدر الذي قدره الله. أي نعم.
            س: يقول السائل: هل يجوز لعن الكافر بعينه، وهل يفرق بين الحي والميت؟ .
            ج: لا ينبغي لعن الكافر الحي بعينه، بل يدعى له بالهداية، إلا من اشتد أذاه، أذية المسلمين، فلا بأس إذا اشتد أذاه كما آذى المسلمين فلا بأس.
            أما الميت فلا يلعن، قال النبي: (لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا) إلا إذا ترتب على ذلك مصلحة للأحياء، كأن يحذر الإنسان من كفر هذا الكافر أو من بدعته، حتى لا يضر الناس، فلا بأس، هذا مستثنى، وأما بدون مصلحة فلا يسب الميت (لا تسبوا الأموات) يقول النبي: (لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا) .
            (1/65)
            ________________________________________
            وأما لعن الفاسق والكافر: فالفاسق لا يلعن بعينه، ولهذا لما جيء للنبي صلى الله عليه وسلم برجل شرب الخمر لعنه بعض الصحابة فقالوا: لعنه الله -أو أخزاه- ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تلعنوه فإنه يحب الله ورسوله).
            والمشروع أن يلعن العصاة على العموم، يقول: لعن الله من شرب الخمر، لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ، لعن الله الخمر، لعن الله شارب الخمر، لعن الله آكل الربا، أما فلان بن فلان آكل الربا لا تلعنه، فلان بن فلان السارق لا تلعنه، ادع له بالهداية.
            وكذلك الكافر بعينه لا تلعنه؛ لأنه قد يهديه الله، فادع له بالهداية، ويستثنى من هذا ما إذا اشتد أذاه، فلا بأس بلعنه إذا اشتد أذاه على المسلمين، فلا بأس كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على بعض الكفار، فلما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن دوسا عصت فادع الله عليهم، قيل: هلكت دوس. قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم اهد دوسا وأت بهم) فهداهم الله للإسلام.
            س: أحسن الله إليكم. يقول السائل: هل أسلم النجاشي، وهل يعد صحابيا؟ .
            ج: نعم، أسلم النجاشي، أسلم لا شك في هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي لما مات كما ذكر البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي حين مات، وصلى عليه، ذهب بالصحابة إلى الصحراء وصلى عليه وكبر عليه أربعا وقال: (مات أخوكم) نعاه الرسول صلى الله عليه وسلم .
            صحابي لا، هو ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم من شرط الصحابي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم . نعم.
            س: أحسن الله إليكم.السؤال الأخير يقول: إن من يرى واقع الكفار في هذا العصر يرى أنهم لا يسمعون عن الإسلام إلا كل أمر قبيح، ولم يتيسر لهم أن يعيشوا في مجتمعات مسلمة، وقد يقع في القلب شيء من أن ذلك ينافي عدل الله وحكمته، فهل هؤلاء الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة بشكلها الصحيح.
            -أعد السؤال..
            إن من يرى واقع الكفار في هذا العصر يرى أنهم لا يسمعون عن الإسلام إلا كل أمر قبيح، ولم يتيسر لهم أن يعيشوا في مجتمعات مسلمة، وقد يقع في القلب شيء من أن ذلك ينافي عدل الله، فهل هؤلاء الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة بشكلها الصحيح معذورون أو لا، وما رأي فضيلتكم فيمن زعم بأن هذا ظلم من الله لهم، وهل يبلغ حد الكفر بقوله هذا ؟ .
            ج:القول بأنه ما بلغتهم، هذا بعيد؛ لأن وسائل الإبلاغ ووسائل الإعلام كثيرة الآن، فالظاهر أن الدعوة بلغتهم، ولكن لو قدر أن هناك أحدا لم تبلغه الدعوة فهو في حكمه حكم الفترات، حكم أهل الفترات، والله تعالى يقول: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} .
            وأهل الفترات الذين لم تبلغهم الدعوة فيهم أقوال لأهل العلم، ذكر الحافظ رحمه الله في الفتح أقوالا، وذكر أيضا العلامة ابن القيم في أواخر "طريق الهجرتين" أرجحها: أنهم يمتحنون يوم القيامة، وأنهم يجرى لهم امتحان، وأنهم يخرج لهم عنق من النار ويردونها، فمن وردها كانت عليه بردا وسلاما، ومن عصى تبين فيه علم الله.
            وجاء هذا في أحاديث كثيرة لا تخلو من ضعف سرية وغيره، وأنه يؤتى بأهل الفترة وبالأصم وبالشيخ الهرم وبالمجنون، وأنهم يمتحنون، ولكن الأحاديث يشد بعضها بعضا فتكون من باب الحسن لغيره كما رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، هذا أصح ما قيل فيه، فيكون حكمه حكم أهل الفترات.
            وأما مسألة كونهم لم يتبين عدل الله فيهم: نعم الله تعالى يقول: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} فمن لم تبلغه الدعوة فإنه لا يعذب حتى تقوم عليه الحجة، وأهل الفترات يمتحنون.
            أما قوله: لم يتبين فيهم عدل الله، وأن هذا يصل لدرجة الكفر. نقول: لا، الجواب هو أن من لم تبلغه الدعوة لا يعذب حتى تقوم عليه الحجة، أمره إلى الله، والله تعالى عادل، وقد قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} من لم تبلغه الدعوة ولم يبلغه الرسول ولم يبلغه القرآن لا يعذب، وهو معذور، وله امتحان آخر.. نعم.
            أحسن الله إليكم، ومتع بكم على طاعته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه وأتباعه.
            وفق الله الجميع على طاعته
            .

            تعليق

            • ابومريم المكي
              5- عضو مجتهد

              حارس من حراس العقيدة
              عضو شرف المنتدى
              • 27 فبر, 2010
              • 796
              • باحث
              • مسلم

              #51
              وإنه خاتم الأنبياء
              __________________________________________
              نعم "وإنه خاتم الأنبياء": يعني محمدا -عليه الصلاة والسلام- خاتم الأنبياء، معطوف على قوله: "نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله إن الله واحد لا شريك له، وإن محمدا عبده المصطفى ورسوله المجتبى".
              "وإنه خاتم الأنبياء": فلا بد في صحة الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم أن يعتقد المسلم ويؤمن بأنه خاتم الأنبياء، بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي رسول الله حقا، وأنه خاتم الأنبياء، ليس بعده نبي.
              فمن زعم أن بعده نبي فهو كافر بعد أن تقوم عليه الحجة، قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} .
              وثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون: لولا تلك اللبنة. فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين) -عليه الصلاة والسلام- رواه الإمام مسلم في صحيحه.
              وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إن لي أسماء: أنا أحمد، وأنا محمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميه، وأنا العاقب ليس بعده نبي) والعاقب الذي ليس بعده شيء.
              وفي حديث ثوبان يقول النبي صلى الله عليه وسلم (وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي. وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي) .
              وقال -عليه الصلاة والسلام-: (أعطيت ست خصال: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأعطيت الشفاعة، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وأرسلت إلى الناس كافة، وختم بي النبيون) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-.
              والشاهد من الحديث أنه قال: (وختم بي النبيون) فهذه الأدلة تدل على أنه خاتم النبيين، وأنه ليس بعده نبي، فمن اعتقد أن بعده نبي فهو كافر، ولا يصح إيمانه، ولهذا من ادعى النبوة بعده فهو كافر، كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسي.
              ومن ذلك مرزا غلام أحمد القادياني الذي ادعى النبوة، أجمع أهل الحق على أنهم فرقة خارجة عن الإسلام، القاديانية الذين يتبعون أحمد مرزا غلام قادياني في الهند، ويعظمون بلدة قاديان ويحجون إليها، هؤلاء كفار، فرقة خارجة عن المسلمين، خارجة عن الإسلام، كما أقر بذلك أهل العلم وأجمعوا على ذلك في العصر الحاضر. نعم
              .

              تعليق

              • ابومريم المكي
                5- عضو مجتهد

                حارس من حراس العقيدة
                عضو شرف المنتدى
                • 27 فبر, 2010
                • 796
                • باحث
                • مسلم

                #52
                وإمام الأتقياء
                __________________________________________
                يعني هو محمد -عليه الصلاة والسلام- إمام الأتقياء، والأتقياء جمع تقي، وهو الذي يخشى الله ويتقيه، وهو الذي يعبد الله مخلصا له الدين، التقي هو الذي يعبد الله مخلصا له الدين، وهو الذي يؤدي ما فرض الله عليه، وينتهي عما حرم الله عليه.
                فهو -عليه الصلاة والسلام- إمام الأتقياء، يقتدى به ويتبع كما قال سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)} وهو -عليه الصلاة والسلام- له النصيب الأوفر من صفات المتقين، فهو مقدمهم وإمامهم.
                والله تعالى وصف المتقين بصفات كقوله سبحانه: {* وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)} .
                هذه صفات المتقين، وهو -عليه الصلاة والسلام- أسبق الناس إلى هذه الصفات، وهو إمام المتقين، تقتدي به أمته -عليه الصلاة والسلام- إلى يوم القيامة. نعم
                .

                تعليق

                • ابومريم المكي
                  5- عضو مجتهد

                  حارس من حراس العقيدة
                  عضو شرف المنتدى
                  • 27 فبر, 2010
                  • 796
                  • باحث
                  • مسلم

                  #53
                  وسيد المرسلين
                  __________________________________________
                  وسيد المرسلين هذا وصفه -عليه الصلاة والسلام- أنه سيد المرسلين، فهو سيد المرسلين جميعا، وهو سيد الناس، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه -عليه الصلاة والسلام- أفضل الناس، فهو سيدهم.
                  وإذا كان سيد المرسلين -والمرسلون أفضل الناس- فهو سيد العالمين -عليه الصلاة والسلام- كما ثبت من الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أول من ينشق عنه القبر، وأنا أول شافع وأول مشفع) -عليه الصلاة والسلام-.
                  فاختاره الله -سبحانه وتعالى-، واصطفاه على خلقه كما في الحديث: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) فهو -عليه الصلاة والسلام- أفضل الناس.
                  وقال -عليه الصلاة والسلام-: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر) وهو أفضل الناس، وسيد المرسلين، وسيد ولد آدم، فهو أفضل الناس -عليه الصلاة والسلام- على الإطلاق.
                  وأما ما جاء في بعض الأحاديث من النهي عن تفضيله كحديث: (لا تفضلوني على موسى) ورواية: (لا تخيروني على موسى؛ فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأجد موسى باطشا بساق العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله؟) .
                  وفي لفظ: (لا تفضلوني على موسى؛ فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة يوم الطور) .
                  هذا الحديث له سبب، وهو أن يهوديا قال: (والذي اصطفى موسى على العالمين"، فسمعه مسلم فلطمه، قال: أتقول هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فاشتكاه، فجاء اليهودي واشتكى المسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تفضلوني على موسى ولا تخيروني على موسى) .
                  هذا له سبب، فيكون النهي محمول على ما إذا كان التفضيل على وجه الحمية والعصبية وهوى النفس، وهذا منهي عنه، أو يكون التفضيل على وجه الفخر.
                  فإن الجهاد -وهو أفضل الأعمال- إذا كان على وجه الحمية والعصبية فإنه لا يكون جهادا في سبيل الله، كما ثبت في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل عصبية أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) .
                  فإذن النهي محمول على ما إذا كان التفضيل على وجه العصبية والحمية وهوى النفس، أو كان على وجه الفخر، أو كان على وجه الانتقاص للمفضول، أو أن النهي محمول على ما إذا كان خاصا، أما إذا كان عاما فلا بأس.
                  ومثله الحديث الأخر: (لا تفضلوا بين الأنبياء) فيجاب عنه بأجوبة:
                  الجواب الأول: بأن النهي محمول على ما إذا كان التفضيل على وجه الحمية والعصبية وهوى النفس.
                  ثانيا: أنه محمول -النهي محمول- على ما إذا كان على وجه الفخر؛ لأن الفخر منهي عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد) .
                  الثالث: أن النهي محمول على ما إذا كان على وجه الانتقاص للمفضول.
                  الرابع: أن النهي محمول على ما إذا كان خاصا، أما إذا كان عاما فلا بأس تفضيله على عموم الناس، لا بأس، أما تفضيله خاصة كتفضيله على موسى فيكون منهيا عنه.
                  وأما الحديث الذي يروى: (لا تفضلوني على يونس بن متى) وأن بعض الشيوخ امتنع عن تفسيره حتى أعطي مالا جزيلا، فلما أعطي مالا جزيلا فسره وقال: معناه لا تفضلوني على يونس بن متى؛ وذلك لأن قرب يونس بن متى وهو في بطن الحوت في قعر البحار كقربي من الله ليلة المعراج، (لا تفضلوني على يونس بن متى) وذلك لأن قرب يونس بن متى من الله وهو في قعر البحار في بطن الحوت كقربي من الله ليلة المعراج.
                  فهذا الحديث باطل، محرف لفظا، وباطل معنى، وهذا يدل على جهل هؤلاء بالحديث، بألفاظ الحديث ومعانيه.
                  أول هذا الحديث محرف، لم يرد هكذا، إنما صواب الحديث: (لا يقولن أحد إني خير من يونس بن متى) (لا يقولن أحدكم إني خير من يونس بن متى) وفي لفظ: (من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب) .وهذا اللفظ يدل عَلَى العموم أي: لا ينبغي لأحد أن يفضل نفسه عَلَى يونس بن متى، ليس فيه نهي الْمُسْلِمِينَ أن يفضلوا محمداً عَلَى يونس، فليس فيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تفضيله على يونس، والأنبياء يتفاضلون كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} {* تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} فليس فيه نهي تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على يونس.
                  ثم أيضا هذا التفسير تفسير باطل، وهو أن يونس بن متى وهو في قعر البحار قربه من الله كقرب محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وهو فوق السبع الطباق، هذا باطل، هذا ذكره بعضهم، وأظنه ابن علي الجويني، هذا يتمشى مع القول بنفي العلو، يعني أن الله ليس في العلو، وأن من كان فوق السبع الطباق ومن كان في بطن الحوت في قعر البحار فقربهم سواء وهذا باطل.
                  التعديل الأخير تم بواسطة في حب الله; 15 فبر, 2012, 11:45 م. سبب آخر: زيادة جملة بناءً على طلب الأخ الكريم

                  تعليق

                  • ابومريم المكي
                    5- عضو مجتهد

                    حارس من حراس العقيدة
                    عضو شرف المنتدى
                    • 27 فبر, 2010
                    • 796
                    • باحث
                    • مسلم

                    #54
                    الله تعالى في العلو فوق العرش، ومحمد -عليه الصلاة والسلام-، عرج به إلى الله في العلو، ويونس في قعر البحار، فأين هذا من هذا؟ كيف يقال: إن قربهما واحد؟
                    وليس فيه نهي تفضيل محمد -عليه الصلاة والسلام- على يونس، وكيف يقال: إنه لا يفضل عليه ومحمد -عليه الصلاة والسلام- عُرج به إلى السماء، فهو مقرب معظّم مبجل، ويونس ممتحن مؤدب مسجون في قعر البحار، فأين المعظم المقرب المبجل من الممتحن المؤدب؟
                    ولكن الحديث، صواب الحديث: (لا يقول أحدكم إني خير من يونس بن متى) وفي لفظ: (من قال إني خير من يونس بن متى فقد كذب) وذلك لأنه لا ينبغي للإنسان أن يفضل نفسه على يونس، حتى لو كان فاضلا، فكيف إذا كان مفضولا؟ فكيف على نبي كريم يفضل نفسه عليه؟
                    ومن قال إنه خير من يونس بن متى حتى ولو كان فاضل التقدير لكان قوله هذا يحط من مرتبته، ويكون ناقصا، وتكون مرتبته نازلة، فلا يكون أفضل منه، هذا لو قاله أحد، من قال ذلك فهو كاذب.
                    وهو من باب التقدير، وإن كان لا يقوله نبي كريم، يعني من قال هذا، لو قال هذا أحد فهو كاذب، وهذا من باب الشرط المقدر كقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الشرك، ولكن الوعد والوعيد لبيان مقادير الأعمال.
                    وسبب ذلك أن يونس -عليه الصلاة والسلام- لما ذهب مغاضبا والتقمه الحوت وهو مليم فسبح وقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)} يظن بعض الناس أنه لا يحتاج إلى ما يحتاج إليه يونس، وأنه لا يحتاج إلى الندم؛ لأنه لم يذنب كما أذنب يونس.
                    وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم نهاه الله عن التشبه بيونس قال تعالى : {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} و أمره بالتشبه بأولي العزم: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} .
                    فقد يظن بعض الناس أنه خير من يونس بن متى، وأنه لا يحتاج إلى هذا المقام، إلى مقام الاستغفار والتسبيح، وهذا باطل؛ لأن كل أحد يحتاج إلى أن يستغفر من ذنبه، وكل أحد ظالم لنفسه.
                    وقد أخبر الله عن الأنبياء كلهم، أولهم آدم، وآخرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أخبر الله عن آدم أنه قال عن الأبوين: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} موسى أخبر الله عنه {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} .
                    محمد -عليه الصلاة والسلام- وهو أشرف الخلق كما في حديث الاستفتاح: (وجهت وجهي) وقال: (اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) .
                    فكل أحد يحتاج إلى ما احتاج إليه يونس فمن وقع في نفسه أنه خير من يونس بن متى فهو كاذب. نعم
                    .

                    تعليق

                    • ابومريم المكي
                      5- عضو مجتهد

                      حارس من حراس العقيدة
                      عضو شرف المنتدى
                      • 27 فبر, 2010
                      • 796
                      • باحث
                      • مسلم

                      #55
                      وحبيب رب العالمين
                      __________________________________________
                      يعني نبينا صلى الله عليه وسلم حبيب رب العالمين، بل خليل رب العالمين، لو قال الشيخ الطحاوي: "وخليل رب العالمين" لكان أولى؛ لأن الخلة أكمل من المحبة، ثبتت له -عليه الصلاة والسلام- الخلة كما ثبتت لإبراهيم.
                      قال -عليه الصلاة والسلام-: (إني أبرأ من الله أن يكون لي منكم خليل، إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا) وبالحديث الآخر: (لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكرا خليلا ولكن صاحبكم خليل الرحمن) يعني نفسه.
                      فإذن الخلة ثابتة لنبينا صلى الله عليه وسلم والخلة أعلى مقامات المحبة، والمحبة ثابتة لغير الخليل قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)} {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} .
                      هذه المحبة ثابتة لهم، لكن الخلة فوق ذلك، والخلة لم تكن إلا لاثنين: لإبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام-، فهما الخليلان.
                      وأما ما يقوله بعض الناس ويزعمه من أن الخلة لإبراهيم والمحبة لمحمد، ويقول: إبراهيم خليل الله، ومحمد حبيب الله. هذا باطل، بل محمد أيضا خليل الله.
                      ويروى في ذلك حديث رواه الترمذي: (إن إبراهيم خليل الله، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر) هذا حديث ضعيف، لا يصح، رواه الترمذي: (إن إبراهيم خليل الله، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر) هذا حديث ضعيف، في سنده ضعيفان: زمعة بن صالح، وسلمة بن وهران، وهما ضعيفان؛ فلا يصح الحديث.
                      والصواب أن محمدا خليل الله كما أن إبراهيم خليل الله، فقول الشيخ: "هو حبيب الرحمن" يوهم أنه لا يثبت الخلة لمحمد، ولو قال: "وخليل الرحمن"، "وخليل رب العالمين" كان أحسن، لو قال الطحاوي بدل "وحبيب رب العالمين": "وخليل رب العالمين" لكان أحسن؛ حتى يثبت الخلة، فالخلة ثابتة لاثنين: لإبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام-.
                      والخلة هي نهاية المحبة -نهايتها-؛ وذلك لأن المحبة مراتب، المحبة لها درجات ومراتب:
                      أول مراتب المحبة العلاقة، وهي تعلق القلب بالمحب، ثمة علاقة تعلق القلب بالمحب.
                      المرتبة الثانية: إرادة، وهي إرادة المحبوب وطلبه له، إرادة المحب للمحبوب وطلبه له.
                      المرتبة الثالثة: الصبابة، وهي انصباب القلب إلى المحب، بحيث لا يملكه كانصباب الماء إلى الحجور.
                      الرابع: الغرام، وهو الحب الملازم للقلب، سمي غراما لملازته له، ومنه الغريم، سمي غريما لملازمته لغريمة صاحب الدَّين إذا لقي المدين لزمه، ومنه قوله تعالى في جهنم: {إِن عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)} يعني ملازما.
                      المرتبة الخامسة: المودة والود، وهو صفو المحبة وخالصها ولبها، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)} .
                      المرتبة السادسة: الشغف، وهو الحب الذي وصل إلى شغاف القلب، وهو غلافه، وهي الجلدة التي دون الحجاب.
                      المرتبة السابعة: العشق، وهو الحب المفرط الذي يخشى على صاحبه، وهذا لا يوصف به الرب، هذه المرتبة لا يوصف بها الرب، ولا يوصف العبد بها في محبته لربه؛ لأنه لم يرد، ولعل الحكمة في ذلك أنها محبة مع شهوة.
                      الثامن: التتيم، وهو التعبد، ومنه تيم الله أي عبد الله، يقال: تيمة الحب. أي عبّده وذلله.
                      التاسع: التعبد، وهو غاية الذل مع غاية المحبة، يقال: طريق معبد إذا وطئته الأقدام، غاية الذل مع غاية المحبة، ومحبة العبودية خاصة بالله، ولا تكون إلا لله، وهي غاية الذل مع غاية الحب، فإذا صرفت لغير الله كانت شركا.
                      العاشر: الخلة، وهي سميت خلة لتخللها القلب والروح، تتخلل القلب والروح حتى تصل إلى سويدائك، كما قال الشاعر:
                      قد تخللت مسلك الروح مني *** ولذا سمي الخليل خليلا
                      والخلة هي نهاية المحبة وكمالها، ولا يتسع القلب لأكثر من خليل واحد، القلب يمتلئ لا يتسع لأكثر من خليل واحد؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله) يعني نفسه -عليه الصلاة والسلام-.
                      يعني لو كان في قلبي متسع لكان لأبي بكر، ولكن قلبي امتلأ بخلة الله، فليس فيه متسع،ر، لأن القلب لا يتسع لأكثر من خليل، امتلأ قلبه -عليه الصلاة والسلام- بخلة الله.
                      أما المحبة فيتسع قلبه لكثير يحب عائشة ويحب أبا بكر، وأسامة حِبُّه، وزيد أبوه، أسامة حِبُّه وابن حِبِّه فيتسع القلب لأكثر من واحد هذا بالنسبة للمخلوق للنبي صلى الله عليه وسلم أما الله -سبحانه وتعالى- أما الخلة بالنسبة لله فهي صفة لجلال وعظمة الله. والله -تعالى- يوصف من هذه المراتب بالإرادة والمحبة والمودة والخلة هذه الأربع يوصف بها الله أما بقية المراتب فلا ، فلم يرد، والخلة هي نهايتها وكمالها وهى أنه تتخلل القلب وتصل إلى سويدائه ويمتلئ بها القلب، ولا يتسع لأكثر من واحد فالخلة لإبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم هذا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم امتلأ قلبه بخلة الله، أما الله فاتصافه بالخلة كسائر صفاته يليق بجلاله وعظمته لا تشبه صفاته صفات المخلوقين . نعم.
                      .

                      تعليق

                      • ابومريم المكي
                        5- عضو مجتهد

                        حارس من حراس العقيدة
                        عضو شرف المنتدى
                        • 27 فبر, 2010
                        • 796
                        • باحث
                        • مسلم

                        #56
                        وكل دعوى النبوة بعده فَغَيٌّ وهوى
                        __________________________________________
                        نعم كل مَن ادعى النبوة بعد فَدعواه غَيٌّ وهوى، وكل من ادعى النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو غاوٍ والغاوي هو المنحرف عن علم وهوى أي اتبع هوى نفسه {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)} .
                        ومن ادعى النبوة فهو غاو منحرف سيكون هالكا، والغاوي هو الذي انحرف عن علم، والضال هو الذي انحرف عن جهل هما داءان: الغي والضلال.
                        فالغي هو ترك العمل مع العلم ، والضلال عمل مع جهل، وقد برأ الله نبيه الكريم من هذين الوصفين قال سبحانه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)} ليس ضالا فيكون جاهلا، بل هو على علم من ربه، وليس غاوٍيا لا يعمل بل هو راشد ليس غاوٍيا، والراشد هو الذي يعلم ويعمل والغاوي هو الذي يعلم ولا يعمل، والضال هو الذي يعمل بدون علم . إي نعم
                        .

                        تعليق

                        • ابومريم المكي
                          5- عضو مجتهد

                          حارس من حراس العقيدة
                          عضو شرف المنتدى
                          • 27 فبر, 2010
                          • 796
                          • باحث
                          • مسلم

                          #57
                          وهو المبعوث إلى عامة الجن
                          __________________________________________
                          وهو المبعوث -عليه الصلاة والسلام- إلى عامة الجن يعني أنه رسول الله إلى خلقه يعني الجن والإنس فهو رسول الله إلى الجن والإنس -عليه الصلاة والسلام- والأدلة في هذا واضحة، قال الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} ثم قالوا بعد ذلك: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} فهذا دليل على أنه مرسل إليهم.
                          كذلك سورة الجن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1)} سورة الرحمن: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وقرأها على الإنس فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لَلْجن أحسن ردا منكم ،ما قرأت عليهم هذه الآية {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} من مرة إلا قالوا: ولا بشيء من نعمك يا ربنا نكذب فلك الحمد) .
                          وثبت أيضا أنهم (جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وأنهم سألوه الزاد فقال: لكم كُلُّ عَظْم ذُكِرَ اسمُ الله عليه يعود أوفر مما كان عليه لحما وكل بعرة ...) أي علف لدوابكم، قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تستنجوا بالعظم والروث فإنه زاد إخوانكم من الجن) .
                          وثبت في قصة أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبرح مكانك وأن الجن به حركة ولغط وأصوات) فأراد أن يذهب لكنه ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تبرح مكانك فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبره قال يا رسول الله سمعت كذا وكذا وخشيت عليك فتذكرت قولك: لا تبرح قال هل سمعت؟ قال: نعم فجاءه فأراه النبي صلى الله عليه وسلم مكان نيرانهم وأخبره أنهم سألوه كذا وكذا) .
                          فهذه أدلة تدل على أنه مرسل إلى الجن -عليه الصلاة والسلام-. قال ابن القاسم: إنه لم يرسل نبي إلى الإنس وللجن إلا محمد صلى الله عليه وسلم لكن هذا بعيد ؛ لأن ظاهر قوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} ظاهره بأن موسى مرسل إليهم {يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} وكذلك أيضا قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} دليل أنه أُرْسِل إليهم رُسُلٌ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ} .
                          فإذن أحد الثقلين أرسل إليهم الرسل، ولكن النبوة والرسالة هل تكون في الجن هل يكون من الجن رسول ونبي قال بعضهم: هذا روي عن الضحاك بن مزاحم أنه يكون من الجن نبي، وقال آخرون كمجاهد وغيره والذي روي عن ابن عباس: أن الرسل تكون من الإنس خاصة، وأما الجن يكون فيهم نُذُرٌ يُنْذِرُونَ كما في الآية {فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} .
                          ومن أنكر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى عموم الناس أو قال: إن النبوة رسالة خاصة بالعرب فهو كافر قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} وقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} إلى يوم القيامة كل من بلغ، وقال سبحانه {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)}
                          وقال سبحانه: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} جميعا عموما، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار) هذه الأدلة تدل على عموم الرسالة.
                          وأما قول بعض النصارى: إن النبوة خاصة بالعرب فيقال لهم: إذا أثبتم أنه رسول إلى العرب أثبتم أنه يلزمكم أن تثبتوا أنه رسول الله إلى الناس عامة ما دام أثبتم أنه رسول، فالرسول لا يكذب ، وقد أخبر أنه رسول الله إلى الناس كافة فيلزمكم تصديقه وإلا فاكفروا ما دمتم أثبتم أنه رسول، ولو إلى العرب فنقول الرسول هل يكذب الرسول؟ نقول: لا يكذب، نقول: إن الرسول أخبر أنه رسول الله إلى الناس كافة وما دام أثبت أنه رسول للناس كافة كما في الحديث: (وأرسلت إلى الخلق كافة) (فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون) .
                          وكذلك الآيات، فيلزمكم أن تؤمنوا بالقرآن، ففي القرآن النصوص واضحة في عموم الرسالة، فإذا لم تؤمنوا بالقرآن ولم تصدقوه كفرتم وإن صدقتموه في أنه رسول فصدقوا في إخباره بأنه رسول الله إلى الناس كافة . إي نعم .
                          .

                          تعليق

                          • ابومريم المكي
                            5- عضو مجتهد

                            حارس من حراس العقيدة
                            عضو شرف المنتدى
                            • 27 فبر, 2010
                            • 796
                            • باحث
                            • مسلم

                            #58
                            وكافة الورى بالحق والهدى وبالنور والضياء
                            __________________________________________
                            كافة الورى يعني الناس كافة، فقد أرسل إلى كافة الناس من العرب والعجم بالحق والهدى والنور والضياء.
                            هذا وصف الشرع الذي جاء به عليه صلى الله عليه وسلم أنه بالحق، وهو ضد الباطل ليس فيه باطل أرسله الله بالحق والهدى والعلم النافع، الله تعالى أرسله بالحق الذي المطابق للواقع والهدى هو العلم النافع الذي يثمر العمل الصالح والنور الذي يستضاء به ويوصل إلى الله وجنته ودار الكرامة، والضياء أبلغ من النور كما قال -سبحانه تعالى-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} فإن الضياء نور فيه حرارة،وذلك أن هذا الشرع فيه نور وضياء، فيه بيان وإيضاح ودعوة وتعليم وبيان حق الله.
                            .

                            تعليق

                            • ابومريم المكي
                              5- عضو مجتهد

                              حارس من حراس العقيدة
                              عضو شرف المنتدى
                              • 27 فبر, 2010
                              • 796
                              • باحث
                              • مسلم

                              #59
                              وإن القرآن كلام الله
                              __________________________________________
                              "وإن القرآن كلام الله" بالكسر معطوف على قوله: "نقول في توحيد الله بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، وإن محمد عبده المصطفى، وإن القرآن كلام الله" الكل معمول قول: نقول في توحيد الله: "إن الله واحد لا شريك له، ونقول: إن محمدًا عبده المصطفى ورسوله" ونقول: "إن القرآن كلام الله".
                              القرآن كلام الله، صفة من صفاته، فالقرآن كلام الله عز وجل تكلم به وأنزله على نبيه وحيا، وليس بمخلوق كما يقول أهل البدع، وليس معنى قائم بالنفس بل هو كلام الله تكلم به بحرف وصوت يسمع سمعه جبرائيل، وكلم الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، وسمع موسى كلام الله.
                              هذا هو الحق الذي عليه أتباع الرسل من أهل السنة والجماعة والصحابة والتابعين وأتباعهم: أن القرآن كلام الله، وأنه صفة من صفاته عز وجل وأن الله تكلم بحرف وصوت يسمع، وأنه ليس بمخلوق ككلام البشر؛ خلافا لأهل البدع، ومسألة الكلام مسألة عظيمة، وهي من المسائل الكبار المشهورة التي تنازع الناس فيها، وهي من الصفات العظيمة التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة أهل الحق وبين المخالفين لهم، ففي معنى كلام الله وحقيقة كلام الله مذاهب للناس، وهذه المسألة من المسائل العظام.
                              ولما كان النزاع فيها شديدا بين أهل السنة وأهل البدع؛ ولما كان الحق قد يلتبس بالباطل لكثرة من خاض في هذه المسألة؛ فلا بد من استعراض المذاهب في هذه المسألة وبيان القول الحق الذي تشهد له الأدلة والنصوص، وتشهد له العقول والفطر لا بد من بيان القول الحق الذي تقتضيه النصوص، وتشهد به العقول السليمة والفطر المستقيمة، والناس تنازعوا في كلام الله على مذاهب، لكن أبرز المذاهب في هذه المسألة ثمانية مذاهب سبعة منها باطلة، والمذهب الثامن هو قول الحق.
                              ومع كون هذه المذاهب الباطلة سبعا يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-: هذه المذاهب السبعة هي الذائعة بين الناس وبين فضلاء العالم لا يعرفون غيرها مع بطلانها.
                              المذهب الأول مذهب الاتحادية، المذهب الثاني مذهب الفلاسفة، المذهب الثالث مذهب السالمية، المذهب الرابع الكرامية، المذهب الخامس مذهب الكلابية، المذهب السادس مذهب الأشعرية، المذهب السابع مذهب الجهمية والمعتزلة، المذهب الثامن مذهب أهل السنة والجماعة، هذه أبرز المذاهب وهناك مذاهب أخرى لكن ليست مشهورة، لكن هذه أبرز المذاهب، في مسمى كلام الله ما هو ؟
                              المذهب الأول مذهب الاتحادية : والاتحادية هم الذين يقولون بوحدة الوجود وأن الوجود واحد يقولون: إن كل كلام يسمع في الوجود فهو كلام الله، سواء كان حقا وصدقا أو كذبا وسواء، كان نظما أو نثرا سواء، كان حقا أو باطلا وزورا وبهتانا وسواء كان كلام الأعجميين، أو كأصوات الطيور، أو الحيوانات كله كلام الله، نعوذ بالله من ذلك.
                              كما قال زعيمهم ابن عربي الطائي رئيس وحدة الوجود:
                              ألا كل قول في الوجود كلامه *** سواء علينا نثره ونظمه
                              لكن موجود في كتابه "الفتوحات المكية"
                              ألا كل قول في الوجود كلامه *** سواء علينا نثره ونظمه
                              فإذا مذهب الاتحادية كل كلام يسمع في الوجود فهو كلامه سواء كان نظما أو نثرا، سواء كان حقا أو باطلا، وسواء كان كلام آدميين أو غيره.
                              وهذا المذهب مبني على مذهبهم في القول بوحدة الوجود؛ فإن مذهبهم أن الوجود واحد ليس هناك موجودات، ليس هناك رب وعبد ولا خالق ولا مخلوق، بل الوجود واحد الرب هو العبد والعبد هو الرب، والخالق هو المخلوق والمخلوق هو الخالق لا فرق بينهم؛ ولهذا يقول ابن عربي الطائي:
                              الرب عبد والعبد رب *** يا ليت شعري مَن المكلف
                              إن قلت عبد فذاك ميت *** أو قلت رب أنَّى يُكَلَّف
                              إن ثبت عليه الأمر إذن العبد هو الرب، والرب هو العبد أيهما المكلف، إن قلت: عبد فذاك ميت وذاك نفي وإن قلت رب أنَّى يُكَلَّف وقال أيضا رب مالكٌ وعبد هالكٌ، وأنتم ذلك والعبد فقط والكثرة، وهم هؤلاء الاتحادية وهم منافقون زنادقة يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر فهم في الدرك الأسفل من النار، نعوذ بالله من المنافق والمنافقون
                              .

                              تعليق

                              • ابومريم المكي
                                5- عضو مجتهد

                                حارس من حراس العقيدة
                                عضو شرف المنتدى
                                • 27 فبر, 2010
                                • 796
                                • باحث
                                • مسلم

                                #60
                                والله -تعالى- يقول: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} وهم كفار، وجزاء مَن كَفَرَ النار، نسأل الله السلامة والعافية، ليس بعد هذا كفر ومذهبهم مبني على القول بوحدة الوجود وأصل هذا المذهب نشأ من إنكار مسألة المباينة والعلو أنكروا علو الله على الخلق، وأنكروا مباينته لهذه المخلوقات، قالوا: ليس منفصلًا عنها ولا مباين لها ولا فوقها وقرروا هذه القاعدة ، وهذا الأصل.
                                وهم منافقون زنادقة؛ لأن هؤلاء الاتحادية يظهرون الإسلام ويخفون الكفر؛ ويدعون الإسلام؛ ولهم مؤلفات تحقق وتنشر ككتاب "الدرة" وغيره ولهم مؤلفاتهم محققة توجد في كثير من الأقطار العربية وتطبع بورق ثقيل وخط واضح.
                                وهناك من يدافع عن ابن عربي يدافع عنه ويقول: إنه معذور ولا تظنوا أن مذهب الإتحادية ليس موجودا بل هو موجود ومنتشر وهناك رجل في السودان على عهد النميري الحاكم الأول يقال له العربي ادعى أن الله حَلَّ فيه، وقال: إنه هو الله والعياذ بالله فلا تظنون أن مذهب الاتحادية غير موجود، وهم من أكثر خلق الله .
                                لهذا قام العلماء للتصدي لهذا الكفر وهم ويدعون أنهم أولياء الله وخواصه والعياذ بالله، هذا ابن العربي له مؤلفات ككتب "الفتوحات المكية" وله مؤلفات في الفقه فلا بد من بيان الشرح حتى لا ينطلي على بعض الناس.
                                فلما أنكروا مباينته لخلقه وعلوه فصاروا بين واحد من ثلاثة أمور:
                                الأمر الأول: أن يقولوا بأن الله معدوم لا وجود له صراحة، وهذا ما استساغوه؛ لأن الناس يكشفون كفرهم؛ وهم زنادقة يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر فاستبعدوا هذا الأمر.
                                الأمر الثاني: أن يقولوا: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا مغاير له، ولا محايد له، ولا متصل به، ولا منفصل عنه كما قال الجهمية الذين نفوا عن الله النقيضين هذا أيضا ما استساغوا هذا القول، وقالوا هذا غير متصور ولا يمكن تصور هذا.
                                فاختاروا القول الثالث: وهو أن الله هو عين المخلوقات، فالخالق هو المخلوق والرب والعبد كل ما ترونه هو الرب. قال ابن عربي: "سِرْ حيث شئت فإن الله ثَمَّ وقُل ما شئتَ به فالواسع الله، فكل شيء تراه هو الله، والله هو عين هذه المخلوقات، وهو عين هذه الموجودات". والشيء لا يحايد نفسه، ولا ينافيها" فتقرر عند هؤلاء الملاحدة أن الله عين هذه المخلوقات؛ فلما تقرر عندهم أن الله عين هذه المخلوقات، قالوا: إن كل كلام في الوجود هو كلامه سواء كان حسنا أو قبيحا، وسواء كان كفرا أو إيمانا، وكل اسم فهو له حسن أو قبيح، وكل صفة فهي له صفة نقص أو كمال، وهذا مذهب كفري شديد بل هم أعظم الناس كفرا، كفى أن يقال: أيجرؤ عاقل أن يقول كل كلام يسمع في هذا الوجود هو كلام الله من الكفر والسب والشتم والغناء والباطل إلى غير ذلك.
                                وهؤلاء كفرة لا يؤمنون بالله ولا بملائكته ولا بكتبه ولا برسله ولا باليوم الآخر ولا بالقدر خيره وشره، نسأل الله السلامة والعافية، ومن فروع هذا المذهب أنهم يقولون: إن فرعون مصيب حينما قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} وكذلك عباد الأصنام والأوثان يكونون على الحق والصواب، وكل من عبد شيئا فهو مصيب من عبد النار فهو مصيب ، من عبد الصنم فهو مصيب، ومن عبد النيران فهو مصيب ، ومن عبد العجل فهو مصيب كلهم مصيبون ، وإنما الكفر بالتخصيص لا تنهى أحدا عن شيء فإذا خصصت شيئا، وقلت: لا يجوز عبادة إلا هذا الشيء فهذا هو الكفر التخصيص.
                                وابن عربي له مُؤَلَف من مؤلفاته يقول فيه: إن فرعون مصيب حينما قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} ويقول: إنه لما أَغْرَقه الله في البحر إن هذا الإغراق تطهير له ؛ لأنه ظن أنه الرب وحده، وهذا غلط حينما قال {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} لأنه كل واحد رب فلما حسب فرعون هذا الحسبان أغرق تطهيرا له، هذا هو الحسبان ويقول معارضة لكتاب الله إن موسى -عليه الصلاة والسلام- لما أخذ برأس هارون ولحيته حينما عبدوا العجل يقول أخذ برأسه ولحيته يقول لماذا تنهاهم عن العجل وهم على الصواب.
                                مؤلفات الإتحادية موجودة الآن، وهناك من يدافع عنها، نسأل الله السلامة والعافية، ومن فروع هذا المذهب أنه لا فرق بين الزنى والنكاح، ولا بين الخمر والماء، ولا بين الأم والأخت والأجنبية الكل واحد، ومن فروع هذا الأمر ضيقوا على الناس وبعدوا عليهم الأصول، والواقع وراء ذلك كله، نسأل الله السلامة والعافية.
                                فالمقصود أن هذا المذهب الكفري موجود موجودة مؤلفاته، نبه عليها العلماء، وهناك من يدعي أن الاتحادية على الصواب و، وأنهم أولياء الله وهناك من يعتذر عنهم فلا بد أن يكون طالب العلم على حذر، وعلى إلمام بهذا المذهب الخبيث الذي هو أكفر مذهب في الأرض، نسأل الله السلامة والعافية، وبهذا القدر نكتفي لئلا نسترسل في الكلام، ونسأل الله للجميع العلم النافع والعمل الصالح، ونسأل الله للجميع السلامة والعافية من الفتن إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين .
                                .

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
                                ردود 0
                                41 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
                                ردود 0
                                42 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
                                ردود 0
                                63 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
                                ردود 0
                                68 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة صلاح عامر
                                بواسطة صلاح عامر
                                ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
                                ردود 0
                                59 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة صلاح عامر
                                بواسطة صلاح عامر
                                يعمل...