شرح العقيدة الطحاوية لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ابومريم المكي مسلم اكتشف المزيد حول ابومريم المكي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابومريم المكي
    5- عضو مجتهد

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 27 فبر, 2010
    • 796
    • باحث
    • مسلم

    #16
    فدلالة الالتزام دلالة الشيء على خارج معناه كدلالة توحيد الربوبية على توحيد الألوهية، ودلالة التضمن هي دلالة الشيء على جزء من معناه كدلالة توحيد الألوهية على توحيد الربوبية، ودلالة المطابقة: دلالة الشيء على جميع معناه كدلالة الألوهية على الربوبية والألوهية.
    ومعنى الإله كما سبق هو المعبود، وبعض أهل الكلام كالأشاعرة وغيرهم أخطئوا في تفسير الإله، فقالوا: الإله فيه تقدير الخبر، قالوا: لا إله موجود إلا الله، وفسروا الإله بالخالق، وهذا خطأ، لو كان المعنى لا خالق إلا الله لما حصل نزاع بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، ولما حصل نزاع بين الرسل وأممهم، لأن الأمم يقرون بأنه لا خالق إلا الله.وبعض أهل الكلام كالأشاعرة وغيرهم يقولون: معنى لا إله إلا الله: لا خالق إلا الله، أو لا قادر على الاختراع إلا الله، وهذا غلط كبير؛ لأنه لو كان معنى لا خالق إلا الله لما حصل نزاع وقتال وجهاد من الرسل للكفرة؛ لأن الكفرة يقرون بأنه لا خالق إلا الله، لا خالق إلا الله، هذا لا إشكال فيه عندي.
    ولا يتبين عظمة هذه الكلمة "لا إله إلا الله" وأنها كلمة التوحيد التي تنفي الشرك إلا بتفسير الإله بالمعبود، وتقدير الخبر بحق لا إله بحق إلا الله . لا معبود بحق إلا الله، وبهذا يتبين عظمة هذه الكلمة لأن الآلهة موجودة، ولكنها آلهة باطلة، قال سبحانه: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} إذًا لهم آلهة، وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} .
    إذًا فيه معبودات؛ اليهود، الكافرون لهم معبود يعبدون الأصنام، والأوثان، لهم إله، وجميع الكفرة كل إنسان له معبود، لكن، وكل إنسان له دين، لكن المعبود بحق هو الله . ما سواه إلا باطل، قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} .
    وكل إنسان له دين. الكفار لهم دين لكن دين باطل؛ ولهذا قال سبحانه: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} وقال الله عن أهل الكتاب إنهم قالوا: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} فلهم دين لكن دين باطل، والدين الحق هو دين الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} .
    فتفسير الإله بالخالق تفسير باطل . الذين فسروا هذا الكلام كالأشاعرة وغيرهم؛ لأنه لو كان الإله هو الخالق لما حَصَلَ خلاف بين الأنبياء وبين أممهم، ولما حصل قتال.
    ولا يتبين عظمة هذه الكلمة، وأن كلمة التوحيد التي تنفي الشرك إلا بتفسير الإله هو المعبود، وهذا معناها في اللغة العربية الإله هو المعبود، وإله اسم لا النافية للجنس من أخوات إن تنصب الاسم، وترفع الخبر، وإله اسمها. والخبر محذوف تقديره لا إله حق، لا معبود حق إلا الله.

    تعليق

    • ابومريم المكي
      5- عضو مجتهد

      حارس من حراس العقيدة
      عضو شرف المنتدى
      • 27 فبر, 2010
      • 796
      • باحث
      • مسلم

      #17
      قَدِيمٌ بِلَا ابْتِدَاءٍ، دَائِمٌ بِلَا انْتِهَاءٍ
      _____________________________________________
      قول الطحاوي -رحمه الله-: " قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء " يريد أن يوصفه بلا انتهاء.
      كلمة القديم ما وردت في أسماء الله، وإنما أحدثها أهل الكلام، لكن الطحاوي -رحمه الله- لما رأى أن هذه الكلمة لا تدل على الاسم الذي ورد في الكتاب والسنة، إنما ورد الأول والآخر.
      الأول والآخر اسمان لأزلية الله وأبديته، لما رأى الطحاوي هذا قال " قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء". فقديم بلا ابتداء تساوى اسم الأول، ودائم بلا انتهاء تساوى اسم الآخر، ولكن تسمية الله بأنه قديم محدث، أحدثه أهل الكلام.
      وأهل السنة والجماعة لا يسمون الله بأنه قديم؛ لأن الأسماء والصفات توقيفية، ومعنى توقيفية أي أننا نقف على ما ورد في الكتاب والسنة، ما ورد في الكتاب والسنة من الأسماء والصفات نثبته لله، وما ورد في الكتاب والسنة نفيًا وعلنًا ننفيه عن الله.
      وما لم يرد في الكتاب والسنة نفيًا ولا إثباتًا نتوقف: مثل الجسم والحيز والعرض . فقول الطحاوي قديم، دائم، هذا ليس من الأسماء -والقديم لا يفيد معنى الأول-، لكن لما رأى أنه لا يفيد بقوله قديم بلا ابتداء أي قديم لا ابتداء له، ودائم لا انتهاء لآخريته، قديم لا ابتداء لأوليته، ودائم لا انتهاء لآخريته.
      لكن ما حاجتنا لها، ينبغي أن نكتفي بما ورد في الكتاب والسنة، فنقول الله الأول والآخر كما قال سبحانه: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} وثبت في صحيح مسلم الدعاء المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم رب السموات والأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر) .
      هذا الحديث فيه إثبات أربعة أسماء لله عز وجل الأول والآخر والظاهر والباطن، وهذه الأسماء الأربعة كل اسمين منها متقابلان فالأول والآخر متقابلان والظاهر والباطن متقابلان.
      فالأول والآخر اسمان لأزليته وأبديته، فالأول اسم لأبديته -سبحانه وتعالى-، والمعنى أنه الأول الذي ليس لأوليته بداية، والآخر الذي ليس لآخريته نهاية، ولهذا فسَّرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فقال: (اللهم أنتَ الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء) .
      اسمان لأزليته وأبديته، واسمان لعلوه وفوقيته، وعدم حجب شيء من المخلوقات عنه؛ ولهذا قال: وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، وهو سبحانه الظاهر الذي ليس فوقه شيء؛ لأنه -سبحانه وتعالى- فوق السموات، وفوق العرش مستو على عرشه ظاهر بخلقه.
      وهو الباطن الذي لا يحجبه شيء من المخلوقات لا يخفى عليه شيء يرى كل شيء، ويبصر كل شيء -سبحانه وتعالى-، ولا يخفى عليه شيء من خلقه؛ من أعمالهم وسكناتهم وحركاتهم، والأول والآخر معلوم وصْف الله بالأول والآخر معلوم مستقر في الفِطَر، فإن الموجودات لا بد أن تنتهي إلى واجد الوجود لذاته قطعًا للتسلسل؛ فإننا نشاهد حدوث الحوادث من النبات والحيوان والمعادن وحوادث التحول وغيرها.
      وهذه المخلوقات ليست ممتنعة؛ لأن الممتنع لا يمكن أن يوجد؛ لأنها وجدت وليست واجبة الوجود لذاتها؛ لأنها كانت معدومة ثم وجدت فدل على أنها جائزة، وجودها جائز ليس ممتنعا؛ لأنها وجدت، والممتنع لا يوجد.
      وليست واجبة الوجود لذاتها؛ لأنها كانت معدومة ثم وجدت فدل على أنها جائزة، والجائز هو الذي يوجد بعد أن كان معدوما.
      وهذا المخلوق الذي يوجد بعد أن كان معدوما لا بد له من موجد يوجده، وإلا بقي معدوما كما قال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)} أي حدثوا من غير شيء أم هم أحدثوا أنفسهم لا بد لهم موجد، والله تعالى هو واجد الوجود لذاته -سبحانه وتعالى-، وهو الأول الذي ليس لأوله بداية، والآخر الذي ليس لآخريته نهاية، كما أنه الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء -سبحانه وتعالى-.
      وأما اسم القديم مع أنه لم يرد في الكتاب والسنة إلا أنه لا يفيد التقدم على كل شيء إنما يفيد التقدم تقدما نسبيًّا ولا يفيد التقدم على كل شيء كما قال -سبحانه وتعالى-: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)} .
      يسمى العرجون القديم إذا وجد العرجون الجديد لكن ليس متقدما على كل شيء
      وقال -سبحانه وتعالى-: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76)} "والأقدمون" مبالغة في القديم وقال سبحانه: {فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)} ومنه سُمِّيت القَدَم قدم الإنسان؛ لأنها تتقدم بدن الإنسان والفعل يأتي متعديا ولازما . أخذني ما قدم وما حدث .ويقال: قدم هذا يَقْدُمُه يعنى تقدمه، وقال سبحانه في فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يعنى يتقدمهم في النار.
      ومنه: قول القديم والجديد في الشافعي، فالقول القديم ما أخذ به في العراق، والقول الجديد ما أخذ به في مصر فسمى القديم بالنسبة للقول الجديد، فالمقصود أن كلمة القديم ما تريد التقدم على كل شيء مع أنها لم ترد في الكتاب والسنة اسم القديم فهو لا يفيد التقدم على كل شيء، وإنما يفيد التقدم النسبي إذا نَسَبْته إلى ما بعده صار قديما، وإذا نسبته إلى ما قبله صار جديدا بخلاف الأول والآخر.
      فإن الأول يفيد أن الله -سبحانه وتعالى- هو الأول الذي ليس لأوليته بداية كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء) والآخر هو الذي ليس لآخريته نهاية، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (وأنت الآخر فليس بعدك شيء) .
      ولا يرد على هذا كون الجنة والنار باقيتان، وكون الناس إذا بُعِثوا يبقون؛ لأن وجودهم إنما بإيجاد الله لهم؛ لأن بقائهم بإبقاء الله لهم .

      .

      تعليق

      • ابومريم المكي
        5- عضو مجتهد

        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى
        • 27 فبر, 2010
        • 796
        • باحث
        • مسلم

        #18
        لَا يَفْنَى وَلَا يَبِيدُ
        __________________________________________
        لا يفنى ولا يبيد الله -سبحانه وتعالى- هذا تأكيد لقوله: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ} تأكيد لقوله: قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء.
        هو لا يفنى ولا يبيد هو -سبحانه وتعالى- الباقي الأزلي ، وهو الباقي الذي لم يزل -سبحانه وتعالى- ولا يزال ولا يتطرق إليه الفناء ولا التغير ولا البلاء؛ لأن حياته كاملة -سبحانه وتعالى- هو الحيُّ القيوم.
        والفناء والبَيْد متقاربان، فهذا تأكيد لكونه -سبحانه وتعالى- هو الأول، وهو الباقي، وهو الآخر، وهو الحيُّ القيوم الذي لا يتطرق إليه ضعف، ولا نوم، ولا سِنَة، ولا يتطرق إليه موت، ولا تغيُّر؛ لأنه كامل -سبحانه وتعالى-، ولا فناء، ولا بيد، بخلاف المخلوق فإنه يفنى، ويبيد، ويزول، ويضعف، ويمرض، ويتفرق، ويموت، أما الله -سبحانه وتعالى- فهو الأول، والآخر، وهو الحي القيوم له الحياة الكاملة.
        وهو الموصوف بصفات الكمال الذي لا يتطرق إليه نقص في وجه من الوجوه
        .

        تعليق

        • ابومريم المكي
          5- عضو مجتهد

          حارس من حراس العقيدة
          عضو شرف المنتدى
          • 27 فبر, 2010
          • 796
          • باحث
          • مسلم

          #19
          وَلَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ
          _______________________________________
          ولا يكون إلا ما يريد هذا فيه إثبات الإرادة، وكل ما يكون في هذا الكون فالله أراده؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد، فلا يكون شيء إلا ما أراده الله كل ما في هذا الكون من المخلوقات فالله أراد وجودها؛ لأن الله هو المالك، المدبِّر، المسيّر، فلا يكون في ملكه إلا ما يريد، فلا يكون في ملك الله إلا ما يريد من الذوات والصفات والأفعال.
          كل ما في هذا الكون من الموجودات، من الأعيان، والذوات والصفات، والأفعال، فالله أراد وجودها؛ لأنه لا يكون في ملكه إلا ما يريد، وأراد -رحمه الله- أن يرد على القَدَرية من المعتزلة، الذين يقولون: إنه يقع في ملك الله شيء لا يريده الله فيقولون: إن الله تعالى أراد الإيمان من الناس كلهم، ولكن الكافر والعاصي أراد الكفر، والمعصية فوقع الكفر، والله لا يريد الكفر، ووقعت المعاصي، والله لا يريد المعاصي.
          فألزمهم أهل السنة والجماعة بأنهم قالوا بأنه يقع في ملك الله ما لا يريد .وهذا يلزم مِنه تَنَقُّص الرب عز وجل وأنه يقع في ملكه شيء لا يريده، تنقص للرب -سبحانه وتعالى-، وأهل السنة والجماعة يقولون: إن الله تعالى، وإن كان أراد وقوع الكُفْر والمعاصي كونا وقدرا، لكنه لا يريدها دينا وشرعا .ولا يحبها، ولا يرضاها، ولا يأمر بها، بل ينهى عنها، ويبغضها، ويسخطها، ويكرهها، فالله تعالى وإن أرادها كونا وقدرا إلا أنه لا يريدها دينا وشرعا.
          ولهذا يقسم أهل السنة والجماعة الإرادة إلى قسمين أو إلى نوعين:
          إرادة كونية، قَدَرية، خَلْقية؛ هذه الأولى.
          والثانية: إرادة دينية شرعية أمْرية .فالأولى إرادة كونية، قَدَرية، خَلْقية: ترادف المشيئة، وهى مشيئته الشاملة لجميع الموجودات.
          هذه الإرادة الكونية القَدَرية الخلقية هي المشيئة الشاملة لجميع الحوادث . جميع ما في الكون يقع بالإرادة الكونية .والإرادة الثانية: إرادة دينية شرعية أمْرية: متضمنة للمحبة والإرادة، ولكل نوع من النوعين أدلة من الكتاب العزيز ومن السنة.
          فمن أدلة الإرادة الكونية القَدَرية الخَلْقية قول الله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} .
          هذه إرادة كونية قدرية من أراد الله أن يهديه للإسلام شرح صدره، ومن أراد أن يضله جعل صدره ضيقا حرجا.
          ومن الأدلة قول الله تعالى عن نوح -عليه الصلاة والسلام- إنه قال لقومه: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)} هذه إرادة كونية {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} يعنى كونا وقدرا، {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ} كونا وقدرا {يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} كونا وقدرا {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} .
          ومن الأدلة قول الله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)} أما الإرادة الدينية والشرعية فمن أدلتها قول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} يعنى دينا وشرعا، {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وقول الله عز وجل {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)} .
          وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)} وقوله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} .
          هذه إرادة دينية شرعية . فأهل السنة والجماعة جمعوا بين النصوص فقسموا الإرادة إلى قسمين: إرادة قَدَرية، كونية ، خَلْقية كما في هذه الآية.وإرادة دينية شرعية أمْرية . ولم يقسموها مِن عند أنفسهم.! لا. إنما أخذوا هذا من النصوص، استدلوا بالنصوص.
          فالإرادة الكونية القَدَرية هي الإرادة الشاملة لجميع الحوادث، ولا يتخلَّف مُرادها، وهي المذكورة في قول المسلمين: "ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن
          الإرادة الكونية مرادفة للمشيئة: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن . وأمَّا الإرادة الدينية الشرعية فهي مذكورة في قول الناس: هذا يفعل ما لا يريده الله يعني يفعل ما لا يحبه الله؛ ولهذا لو قال الإنسان: والله لأفعلن كذا -إن شاء الله- ثم لا يفعل لا يكفر عن يمينه، حتى ولو كان الذي لم يفعله واجبا أو مستحبا.
          ولو قال: والله لأصلين الضحى -إن شاء الله- ثم لم يصل لا يكفر عن يمينه.
          لكن لو قال والله لأصلين الضحى إن أحب الله ثم لم يصل فعليه كفارة يمين؛ لأن الله يحب أن تصلى الضحى.
          ففرق بين الإرادتين الكونية والقَدَرية، والله -سبحانه وتعالى- هدى أهل السنة والجماعة إلى ذلك .أما المعتزلة والقَدَرية ما عندهم إلا إرادة واحدة، وهى الإرادة الدينية الشرعية وعموا عن الإرادة الكونية فضلوا سواء السبيل. وأهل السنة والجماعة أخذوا نوعي الإرادة . القدرية والمعتزلة قالوا: ما عندنا إلا إرادة دينية شرعية واستدلوا بالنصوص التي أثبتت الإرادة الإرادة الشرعية، وأغمضوا أعينهم عن النصوص التي تثبت الإرادة الكونية والجبرية من الجهمية والأشاعرة أثبتوا الإرادة الكونية واستدلوا بالنصوص، وأغمضوا أعينهم عن الأدلة التي تثبت الإرادة الدينية الشرعية.
          وأهل السنة والجماعة -هداهم الله- أخذوا أدلة القدرية والمعتزلة التي يثبتون فيها الإرادة الدينية الشرعية وقالوا: هذه حق، وأخذوا الأدلة التي أثبتها الجبرية في الإرادة الكونية وقالوا: هذه حق. وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتنافوا؛ يصدق بعضه بعضا، هذه حق، وهذه حق.
          فالإرادة نوعان، -فهداهم الله-. فالإرادة الدينية والشرعية تتضمن المحبة والرضا، والإرادة الكونية القدرية هي المشيئة الشاملة؛ ولأن من قال: إنه ليس هناك إلا إرادة دينية وشرعية يلزموا ملازم، وقال لهم شبه، المعتزلة يقولون له قلنا: إن الله قدَّر المعاصي، وعذَّب عليها فصار ظالما ففرارا من ذلك أنكروا أن يكون الله أراد المعاصي فألزمهم أهل السنة بأنكم فررتم من شيء ووقعتم في شر مما فررتم منه، وقعتم في كونه يقع في ملك الله ما لا يريده تقع المعاصي والله لا يريدها، هذا شرط المذهب وأيضا يلزمكم على ذلك أن تكون إرادة العاصي والكافر تغلب إرادة الله، الله أراد من العاصي عند القدرية الإيمان وهو أراد الكفر، فوقعت إرادة العبد، ولم تقع إرادة الله، هذا من أباطيلهم.
          أما أهل السنة فقالوا كل شيء في هذا الوجود أراده الله كونا وقَدَرا الكفر والمعاصي وغيرها، ولكن له حكمة. لله الحكمة البالغة في ذلك، لكنه لا يريد الكفر والمعاصي دينا وشرعا، ولا يحبها بل يبغضها وينهى عن ذلك، فالله تعالى له الحكمة البالغة، ومن حكمه وأسراره من إيجاد الكفر والمعاصي ظهور قدرة الله على إيجاد المتقابلات والمتضادات، فالكفر يقابل الإيمان، والمعصية تقابل الطاعة، كما أن الليل يقابل النهار.
          ومنها ظهور العبوديات المتنوعة التي لولا تقدير الله للكفر والمعاصي لما حصلت المعاصي منها: انقسام الناس إلى شقي وسعيد، والى مؤمن وكافر؛ ولأن الله تعالى خلق للجنة أهلها، وخلق للنار أهلها، ووعد الجنة بأهل، ووعد النار بأهل.
          وفى الحديث أن الله قال للجنة: (أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، وأنت النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما علَيَّ ملؤها) .
          ومنها ظهور العبوديات التي يحبها الله كعبودية الجهاد في سبيل الله، وعبودية الولاء والبراء وعبودية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لو لم يكن هناك كفر ولا كفار ولا عصاة أين هذه العبودية؟ أين عبودية الجهاد في سبيل الله؟ أين عبودية الجهاد والصبر ؟ أين عبودية الولاء والبراء ؟ أين عبودية الحب في الله والبغض في الله ؟ وهكذا.
          هذه حِكَم وأسرار، الله تعالى قدرها لا لذاتها بل لما يترتب عليها من الحِكَم، وكون الكفر والمعاصي يحدثوا ضررا على الأشخاص الذين قدر عليهم هذا ضرر نسبي، ضرر نسبي لا يضاف إلى الله، والذي يضاف إلى الله إنما هو الخَلْق، والإيجاد، والتقديم.
          وهذا الخلق والإيجاد مبني على الحكمة فلا يسمى شرا بالنسبة إلى الله، ولكن يسمى شرا بالنسبة إلى العبد الذي أضره وأساء إليه، أما بالنسبة إلى الله فلا يضاف إليه الذي يضاف إلى الخلق والإيجاد والتقدير، وهو مبني على الحكمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (والشر ليس إليك) .
          فالمقصود أن قول المصنف -رحمه الله-: ولا يكون إلا ما يُرِيد يبين معتقدات أهل السنة والجماعة في إثبات الإرادة الكونية الشاملة والرَّد على المعتزلة الذين أنكروا الإرادة الكونية القدرية، وأنهم ضلوا كما أن الجبرية أنكروا الإرادة الشرعية، وضلوا في عدم إثباتهم للإرادة الدينية الشرعية.
          وهدى الله أهل السنة والجماعة فأثبتوا الإرادة بنوعيها، وعملوا بالنصوص من الجانبين {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)} أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم.
          ".

          تعليق

          • ابومريم المكي
            5- عضو مجتهد

            حارس من حراس العقيدة
            عضو شرف المنتدى
            • 27 فبر, 2010
            • 796
            • باحث
            • مسلم

            #20
            لَا تَبْلُغُهُ الْأَوْهَامُ، وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَفْهَامُ
            _______________________________________________
            لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام: الأوهام: جمع وَهْم وهو الظن، والأفهام: جمع فَهْم وهو العلم.
            ولهذا يقول أهل اللغة: توهمت الشيء: ظننته، وفَهِمت الشيء ( عَلِمته ) والمعنى أن الله -سبحانه وتعالى- لا يبلغه الوَهْم ولا يحيط به علم كما قال -سبحانه وتعالى-: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} .
            فالله تعالى لا يحيط به العباد ولا يعلمون كنهه وحقيقيته وإنما يعلمونه بأسمائه وصفاته؛ ولهذا قال -سبحانه وتعالى-: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} فالله -سبحانه وتعالى- لكماله وعظمته لا يحيط به العباد، هم يعلمونه سبحانه، لكن لا يحيطون به علما كما أنهم يرونه يوم القيامة.
            المؤمنون يرون ربهم، لكنهم لا يحيطون به رؤية لا يحيطون به رؤية لكماله وعظمته هو أكبر من كل شيء، وكذلك يعلمونه ولكنهم لا يحيطون به علما فلا يعلمون كنهه وحقيقته؛ فالبشر لا يدركون كنه الله وحقيقته، وإنما يعلمونه بأسمائه وصفاته وأفعاله كما قال -سبحانه وتعالى- {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} وهذا يدل على كماله وعظمته -سبحانه وتعالى
            .

            تعليق

            • ابومريم المكي
              5- عضو مجتهد

              حارس من حراس العقيدة
              عضو شرف المنتدى
              • 27 فبر, 2010
              • 796
              • باحث
              • مسلم

              #21
              وَلَا يُشْبِهُ الْأَنَامَ
              __________________________________________
              ولا يشبه الأنام أي أن الله -سبحانه وتعالى- لا يشبه أحدا من خلقه والأنام هم الناس كما قال الله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)} . وقيل: المراد بهم الثقلان الجن والإنس، وقيل: المراد بهم كل ذي روح. والأقرب الأنام: الناس. والأفضل الأنام: الناس. ولا يشبه الأنام: المعنى لا يشبه أحدًا من خلقه.
              وأراد المصنف الرد على المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ويغلون في الإثبات، فيقول أحدهم: عِلْم الله كعلم المخلوقين وقدرته كقدرتهم، وسمعه كسمعهم واستواءه كاستوائهم.
              وهذا هو مذهب المشبهة والغالب أن المشبهة من غلاة الشيعة . وأول من قال إن الله جسم: هشام بن الحكم الرافضي وبيان بن سمعان التميمي الذي تنسب إليه البيانية من غالية الشيعة.
              وكان يقول: إن الله على صورة الإنسان. ومِن المشبهة هشام بن سالم الجَوَاليقي وداود الجَوَاربي، ومذهبهم الغلوُّ في الإثبات حتى أدخلوا في ذلك ما نفاه الله ورسوله.
              حتى أثبتوا أنَّ الله يُرى في الدنيا بالأبصار وأنه يُصَافح ويعانَق، ويحاضر ويسامر، وينزل عشية عرفة على جَمَل، وقال بعضهم: إنه يندم ويحزن ويبكي.
              تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرا، كما قالت اليهود، شابهوا اليهود في هذا، وهؤلاء ما قدروا الله حق قدره، قال -سبحانه وتعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} .
              كيف يقولون: إن الله ينزل بين طبقتين ينزل عشية عرفة على جمل ويكون بين طبقات، تكون السماء فوقه والأرض تحته، فيكون مختلطا بالمخلوقات -تعالى الله عما يقولون-.
              والله تعالى يقول: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وثبت في الحديث الصحيح (أن الله يضع السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والجبال على إصبع، وسائر خلقه على إصبع، ثم يهزهن بيده فيقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟) خمسة أصابع!.
              وفى الحديث: (ما السماوات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في كف أحدكم) ومعلوم أن الإنسان إذا كان في يده خردلة فهو مسيطر عليها مستو، عليها، إن شاء قبضها وإن شاء جعلها تحته، فكيف يقول هؤلاء الكفرة: إن الله ينزل عشية عرفة على جَمَل، وتكون السماء فوقه والأرض تحته؟ -تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرا-.
              والتشبيه مذهب باطل قد جاءت النصوص بنفيه وإبطاله، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} وقال سبحانه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)} وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} .
              وقال سبحانه: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} ومن شبَّه الله بخلقه، اعتقد أن الله يشبه المخلوقات فهو في الحقيقة لم يعبد الله على الحقيقة وإنما يعبد وثنا صوره خياله ونحته له فكره. فهم من عباد الأوثان لا من عباد الرحمن كما قال العلامة ابن القيم في كتابه (الشافية):
              لسنا نشبه وصفه بصفاتنا *** إن المشبه عابد الأوثان
              ومَن شبَّه الله بخلقه فقد شابه النصارى، وكما أن الله لا يشبه أحدا من خلقه فهو لا يشبهه أحدٌ من خلقه، ومذهب المشبهة عكس مذهب النصارى؛ فالمشبهة شبهوا الله بخلقه وقالوا: إن الله مثل المخلوقات والنصارى شبهوا المخلوق بالخالق.
              المشبهة شبهوا الخالق بالمخلوق فقالوا: إن صفة الله كصفة المخلوق، والنصارى شبهوا المخلوق بالخالق فقالوا: إن عيسى ابن الله فالنسبة بين المشبهة والنصارى عكسية. وكل منهم مشبهة.
              ولهذا قال العلامة ابن القيم في كتابه (الشافية):
              من مثل الله العظيم بخلقه *** فهو النسيب لمشرك نصراني
              وقال نعيم بن حماد شيخ البخاري -رحمه الله- من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد كفر، وليس في ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله من ذلك تشبيه، قال إسحاق بن راهويه الإمام المشهور: مَن شبه الله بخلقه فقال: إن الله يشبه أحدا من خلقه في صفاته فهو كافر بالله العظيم، أو كما ورد عنه -رحمه الله-.
              وبهذا يتبين أن المشبهة كفار، وأن غالبهم من غلاة الشيعة، نسأل الله السلامة والعافية!.
              نكتفي بهذا القدر، نسأل الله للجميع العمل الصالح، وصلى الله على محمد وآله وصحبه
              .

              تعليق

              • ابومريم المكي
                5- عضو مجتهد

                حارس من حراس العقيدة
                عضو شرف المنتدى
                • 27 فبر, 2010
                • 796
                • باحث
                • مسلم

                #22
                الأسئلة:
                __________________________________________
                س: ما رأيكم في كتاب قوت القلوب لأبى طالب المكي ؟
                ج: ما قرأته ولا أحكم عليه بشيء .
                س: ما رأيكم في كتاب شرح العقيدة الطحاوية لمؤلف يدعى عبد الغني الغنيمي الميداني الحنفي الدمشقي المتوفى سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف، علما بأنه يباع في الرياض؟.
                ج: ما قرأته. لكن علي بن أبي العز شارح الطحاوية هذه ذكر أن الطحاوية شرحت بشروح متعددة، وأن شراحها شرحوها على ما يتمشى مع معتقد أهل الكلام وأهل البدع، فأراد أن يشرحها على معتقد أهل السنة والجماعة.
                فأنسب الشروح هو هذا الشرح "شرح الطحاوية" لابن أبي العز المنتشر بين أيدي طلبة العلم، هذا الذي أنصح بقراءته وما عداه فلا ينبغي؛ فلعله من الشروح التي ذكر الشارح أنها تتمشى مع معتقد أهل البدع.
                وأنا ما قرأت هذا الشرح الذي ذكرت. نعم.
                س: باب الأفعال أوسع من باب الصفات، فهل معنى هذا أن نقف على ورود اللفظ في النص إن كان فعلا فنطلقه فعلا دون الوصفية ؟ .
                ج: نعم. الأفعال لها صفة الأفعال يطلق على لفظ الفعل الخَلْق مثلا يثبت لله على ما ورد الخَلْق والتصوير والقبض والبسط والخفض والرفع كل هذه صفات أفعال على ما وردت.
                {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)} ما يشتق منها الماكر بل يقال: يمكر الله المكر اللائق به بمن يستحق. يخادعون الله وهو خادعهم يقال: إن الله يخدع من يستحق، جاء على لفظ الفعل، وعلى لفظ اسم الفاعل بالإضافة لكن ما يشتق منه اسم الخادع.
                وكذلك {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)} وإن الله يكيد من كاد، ولا يشتق منها اسم فيقال: من أسماء الله الكائد إن فعل يأتي على لفظ الفعل . نعم.
                س: بعض أهل العلم يجعل شروط لا إله إلا الله شرطين فقط هما: العلم والإخلاص ويقول: مرد الشروط السبعة إلى هذين الشرطين.
                ج: نعم هذا من باب الاختصاص؛ لأن الصدق المانع من النفاق من الإخلاص؛ ولأن اليقين كذلك ولكن عند التفصيل تفصيلها أولى . نعم.
                س: يقرر بعض أهل العلم أن شروط لا إله إلا الله ثمانية، فما هو الشرط الثامن ؟ .
                ج: الكفر بما يعبد من دون الله، وهو معروف، مأخوذ من الشروط الأخرى . نعم.
                س: كيف الإجابة عن هذه الشبهة، وهى قول بعضهم: أنتم تقولون: الإيمان قول وعمل واعتقاد، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في الأصول الثلاثة يقول في العلم: هو معرفة الله، فاكتفى بالمعرفة وهذا مذهب باطل، وجزاكم الله خيرا ؟.
                ج: هذا تفسير العلم ما قال الإيمان، تفسير العلم والمعرفة. الإيمان قول وعمل واعتقاد، هذا قول أهل السنة قاطبة، وبعضهم يقول: قول وعمل، فالقول: قول القلب وهو الإقرار والتصديق، وقول اللسان، والعمل عمل القلب والجوارح، أما تفسير العلم فهذا غير تفسير العلم والمعرفة، والشيخ محمد فسر العلم بالمعرفة، فتفسير العلم ما فيه تفسير الإيمان، فالعلم غير الإيمان، نعم.
                السؤال في غير محله، ما فيه وجه مقارنة. نعم.
                س: أحسن الله إليكم، يقول السائل: إن من القواعد في الصفات أن باب الأخبار أوسع من باب الصفات يعنى ذلك أنه يجوز الإخبار عن الله بشيء لم يرد في الكتاب والسنة، لكن قيده بعضهم بقوله مما ورد جنسه في الكتاب والسنة، فهل هذا القيد صحيح، وإن كان صحيحا فنرجو إيضاحه، ومن ذكره من أهل العلم ؟.
                ج: هذا سبق قوله البارحة هذا من باب الخبر أوسع من باب الصفات يخبر عن الله بأنه شيء بأنه ذات وبأنه موجود . هذا من باب الخبر، ولا يقال من أسماء الله الذات، من أسمائه الموجود.
                وشيخ الإسلام كذلك في باب الرد على البدع، يخبر شيخ الإسلام بأن الصانع والذات لها أصل
                وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** ..................
                والصانع {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} لها أصل.
                والوجود كذلك له أصل. نعم
                .

                تعليق

                • ابومريم المكي
                  5- عضو مجتهد

                  حارس من حراس العقيدة
                  عضو شرف المنتدى
                  • 27 فبر, 2010
                  • 796
                  • باحث
                  • مسلم

                  #23
                  س: -أحسن الله إليكم- يقول السائل: لو تخلف شرط من شروط لا إله إلا الله وتحقق الباقي فهل تنفع صاحبها ؟ .
                  ج: لا بد من اجتماعها .إذا تخلف العلم صار جاهلا ما نفع، تخلف الإخلاص صار مشركا ما نفع، تخلف اليقين صار شاكا ما نفع، تخلف الصدق صار منافقا ما ينفع، تخلفت المحبة صار يكره أهل الإيمان وأهل التوحيد ما نفعه، خالف القبول ما قبل هذه الكلمة ما نفعه.
                  خالف الانقياد؛ ما انقاد بحقوقها قال لا إله إلا الله لكن ما قبلها، ما انقاد بحقوقها لا بد من الشروط هذه.
                  س: -أحسن الله إليكم-، ما جاء في دعاء الدخول إلى المسجد " وسلطانه القديم " ألا يدل على صفة القديم ؟.
                  ج: هذا وصف السلطان، وصف السلطان. نعم.
                  س: وهل يصح إطلاق اسم الأول بدون تقيده بالآخر، وكذا الظاهر والباطن، وهل يجوز أن يتسمى الإنسان بعبد الباطن أو عبد الظاهر ؟.
                  ج: نعم يجوز. لكن هذه الأسماء متقابلة، اسمان متقابلان، الذي لا يطلق منه، مثل الخافض الرافع، النافع الضار، ما يطلق النافع فقط، النافع الضار، الخافض الرافع، المعطي المانع.
                  أما الأول نعم وحده، الأول والآخر، عبد الأول، عبد الآخر لا بأس. نعم.
                  س: -أحسن الله إليكم-، يقول السائل: عند دعوة إنسان إلى الدين الحنيف فما الرد عليه إذا قال: إن الله أراد لي ما أنا فيه من ضلال، كيف نرد عليه من الشرع ؟.
                  ج: هذه مسألة القدر سيأتي البحث فيها، نقول: إن الله تعالى... أنت مكلف بالشريعة إن الله، تعالى أمرك بالإيمان والتوحيد والطاعة، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لعباده، فأنت مخلوق لعبادة الله، أما القدر فهو سر الله في خلقه هذا من شئون الله ليس من شئونك.
                  أنت عبد مأمور بالإيمان، والتوحيد والطاعة والالتزام بالشريعة، وأنت عندك عقل، وعندك سمع وبصر تستطيع... لست ممنوع ولا مسلوب العقل.
                  أما تحتج بالقدر ليس حجة لك، لو كان القدر حجة لك لكان حجة للكفرة؛ قوم نوح، وقوم شعيب وقوم صالح، وكان حجة للكافر والسارق والزاني. ليس حجة. نعم.
                  س: أحسن الله إليكم، يقول السائل: كيف يجمع بين نفي تشبيه الله بخلقه مع ورود الحديث وفيه: (أن الله خلق آدم على صورته ؟) .
                  ج: ما فيه تشبيه هذا خلق الله آدم على صورته كما ثبت في الصحيح، هذا إثبات الصورة لله، وهذا يقتضي نوعا من المشابهة، كما حقق الشيخ ابن تيمية، نوع من المشابهة، وهي مشابهة في مطلق الصورة لا في الجنس والمقدار، نوع من المشابهة.
                  والمشابهة في مطلق الصورة، لكنه ليس، لا يقصد مشابهة مماثلة في الجِنس ولا في المقدار، وشيخ الإسلام له كتاب عظيم في هذا بيان تلبيس الجهمية، وحفظ في رسالة كاملة "دكتوراه" وهو الآن تحت الطبع، أو انتهى من الطبع، على وشك الخروج -إن شاء الله- كتابه العظيم (بيان تلبيس الجهمية) نعم.
                  السؤال الأخير: يقول السائل: أنتم أشرتم بإصبعكم حفظكم الله أن الله يجعل الجبال على إصبع، وأشرتم بهذا، فهل هذا جائز؟.
                  ج: نعم من باب تحقيق الصفة كما ثبت أن النبي قال: إن الله كان سميعا بصيرا أشار إلى أذنه وعينه من باب تحقيق الصفة، ليس المراد التشبيه. نعم
                  .

                  تعليق

                  • ابومريم المكي
                    5- عضو مجتهد

                    حارس من حراس العقيدة
                    عضو شرف المنتدى
                    • 27 فبر, 2010
                    • 796
                    • باحث
                    • مسلم

                    #24
                    تتمة تفريغ درس شرح الطحاوية
                    حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لَا يَنَامُ
                    __________________________________________
                    بسم الله الرحمن الرحيم .
                    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد:
                    قوله -رحمه الله-: "حي لا يموت قيوم لا ينام" في إثبات هذين الاسمين للرب -سبحانه وتعالى- هو اسم الحي واسم القيوم، وهما متضمنان لصفةِ الحياة، وصفة القيومية، فالحي اسم من أسماء الله عز وجل والقيوم اسم آخَر.
                    والحي متضمن لصفة الحياة، والقيوم متضمن لصفة القيومية؛ لأن أسماء الله -سبحانه وتعالى- مشتقة، ليست جامدة، وكل اسم من أسماء الله يدل على الصفة؛ الرحمن تدل على صفة الرحمة، القادر يدل على صفة القدرة، العليم يدل على صفة العلم، وهكذا الحي يدل على صفة الحياة، والقيوم يدل على صفة القيومية؛ لأن أسماء الله تعالى مشتقة ليست جامدة مشتملة على المعاني. والحي والقيوم اسمان عظيمان من أسماء الرب -سبحانه وتعالى- قد جمع الله -سبحانه وتعالى- بينهما في ثلاث آيات من كتابه عز وجل الآية الأولى قول الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} أي آية الكرسي. والثانية قوله تعالى في أول سورة آل عمران: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} والثالثة في سوة طه قوله سبحانه: { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)} . فالله تعالى جمع بينهما في هذه الآيات الثلاث، واسم الحي جاء في آيات أخرى قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} . وهذان الاسمان العظيمان من أعظم أسماء الله الحسنى، حتى قال بعض أهل العلم: إنهما اسم الله الأعظم؛ الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سئل به أعطى، وجاء هذا في حديث أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في هاتين الآيتين اسم الله الأعظم {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
                    الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} ) والحديث فيه ضعف ولكنه شاهد.
                    لهذا قال بعض أهل العلم: إنهما اسم الله الأعظم، وما ذاك إلا لأن مدار الأسماء الحسنى كلها تعود إلى هذين الاسمين، وإليها ترجع معانيها. والمؤلِّف -رحمه الله- قال: حي لا يموت قيوم لا ينام" فصفة الحياة ترجع إليها جميع صفات الأفعال ولا يتخلف عنها إلا لضعف الحياة، والله تعالى له الحياة الكاملة، فجميع صفات الكمال ترجع إليها.
                    والقيوم الذي لا ينام قيوم يدل على كمال غناه -سبحانه وتعالى- وكمال دوامه وبقائه، وهو أكمل مِن القديم لأنه يدلُّ على كمال دين الرب، وكمال قوته واقتداره، ودوام ذلك واستمراره أزلا وأبدا.
                    ويدل على أنه واجب بنفسه، وهو واجب الوجود؛ ولهذا قال الله -سبحانه وتعالى-: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} جمع بينهما {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} ، فنفي السنة والنوم يدل على كمال الحياة والقيومية؛ ولهذا كانت هذه الآية وهي آية الكرسي أعظم آية في القرآن الكريم كما ثبت ذلك في الصحيح، وأن مَن قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} ... إلى آخِر الآية.
                    وما ذاك إلا لأن هذين الاسمين الحي والقيوم يتضمنان صفات الكمال أكمل تضمُّن وأصدقه. فإلى الحياة ترجع جميع صفات الأفعال، والقيوم هو كامل الغِنى والقدرة الذي لا يحتاج إلى أحد، الغني الذي لا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه، القائم بنفسه المقيم لغيره -سبحانه وتعالى-.
                    فتضمن هذان الاسمان جميع الأسماء الحسنى أكمل تضمن وأفضله وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو به ، كثيرا ما يتوسل إلى الله بهذين الاسمين، يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم؛ فهما اسمان عظيمان ثابتان لله عز وجل متضمنان لصفة الحياة، الحي متضمن لصفة الحياة، والقيوم متضمن لصفة القيومية، ويعبّد: عبد الحي وعبد القيوم. نعم
                    .

                    تعليق

                    • ابومريم المكي
                      5- عضو مجتهد

                      حارس من حراس العقيدة
                      عضو شرف المنتدى
                      • 27 فبر, 2010
                      • 796
                      • باحث
                      • مسلم

                      #25
                      خَالِقٌ بِلَا حَاجَةٍ، رَازِقٌ بِلَا مُؤْنَةٍ .
                      __________________________________________
                      وهذان أيضا اسمان من أسماء الرب، وهما الخالق والرازق، فمن أسمائه الخالق، ومن أسمائه الرازق، هو خالق بلا حاجة إلى أحد؛ لأنه كامل لا يحتاج إلى أحد -سبحانه وتعالى-.
                      وهو الغني عن كل ما سواه.رازق بلا مئونة أي بلا ثقل وكلفة ومشقة، والأدلة على ذلك كثيرة قال الله تعالى، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)}.
                      وقال سبحانه: {* يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)} وقال سبحانه: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} وقال سبحانه: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} . وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الطويل: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
                      وهو حديث قدسي من كلام الله عز وجل لفظا ومعنى. فهو سبحانه رازق عباده وهو خالقهم -سبحانه وتعالى- من غير حاجة لا يحتاج إلى أحد، وهو رازقهم بلا مشقة، ولا كلفة؛ لأنه كامل؛ ولأنه على كل شيء قدير -سبحانه وتعالى-. نعم
                      .

                      تعليق

                      • ابومريم المكي
                        5- عضو مجتهد

                        حارس من حراس العقيدة
                        عضو شرف المنتدى
                        • 27 فبر, 2010
                        • 796
                        • باحث
                        • مسلم

                        #26
                        مُمِيتٌ بِلَا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلَا مَشَقَّةٍ .
                        __________________________________________
                        مميت لأنه -سبحانه وتعالى- يحيي ويميت من صفاته الفعلية أنه يحيي ويميت، من صفاته الفعلية: يحيي ويميت. وهو مميت بلا مشقة بلا مخافة يحيي ويميت، مميت بلا مخافة باعث بلا مشقة.
                        وهو يميت عباده، يميت من يشاء إماتته بلا مخافة من أحد، لا يخاف من أحد؛ لأنه ليس فوقه أحد يخافه كما قال -سبحانه وتعالى- حينما أهلك ثمود قوم صالح: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)} . هو لا يخاف من أحد -سبحانه وتعالى-، ليس فوقه أحد وهو الحكيم العليم، هو مميت بلا مخافة، باعث يبعث عباده؛ يحييهم ويعيد إليهم أرواحهم ويبعث أجسادهم بعد إماتتهم حينما يأمر إسرافيل فينفخ في الصور فتعود الأرواح إلى الأجساد، ويقوم الناس لرب العالمين، كما سيأتي في مبحث البعث.
                        والموت صفة وجودية خلافا للفلاسفة ومَن وافقهم؛ فإنهم يقولون: صفة عَدَمية، والصواب أن الموت صفة وجودية، والدليل على أنه صفة وجودية قول الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} والمعدوم لا يوصف بكونه مخلوقا هو الذي خلق الموت والحياة يدل على أن الموت صفة وجودية، وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى يوم القيامة بالموت على صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار، فيقال يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويقال يا أهل النار خلود ولا موت، فيزداد أهل الجنة نعيما إلى نعيمهم، ويزداد أهل النار حسرة إلى حسرتهم) .
                        وهذا بعد إخراج العصاة (عصاة الموحدين) من النار، والموت وإن كان عرضا إلا أن الله يقلبه عينا؛ لأن الله على كل شيء قدير، والذي يُذَبح هو الموت لا المَلَك -كما يتوهمه بعض الناس- ليس الذي يذبح الملك لكن الموت صفة وجودية جعلها الله بيد الملك، فالذي يذبح الموت لا الملك، الملك ملك الموت موكل به (بالموت) ، والله على كل شيء قدير.
                        كما أن العمل الصالح يأتي الإنسان في قبره على صورة شاب حسن، والعمل القبيح يأتي على أقبح صورة، فالله تعالى يجعل عمله عينا، وكما يأتي القرآن في صورة الرجل الشاحب اللون يعني قراءته عمله، القرآن كلام الله، والمراد القراءة والعمل.
                        وكما أن الأعمال توزن يوم القيامة في الميزان يجعلها الله أعيانا، وكما أن سورة البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة يظلِّلان صاحبهما كأنهما غمامتان أو غيابتان أو صنفان من هذه الأصناف يعني عمله، وكما أن العمل الصالح، الأعمال الصالحة تصعد إلى الله كما ثبت في الحديث الصحيح، كما ثبت في القرآن الكريم، كما جاء في القرآن الكريم: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} . نعم.

                        تعليق

                        • ابومريم المكي
                          5- عضو مجتهد

                          حارس من حراس العقيدة
                          عضو شرف المنتدى
                          • 27 فبر, 2010
                          • 796
                          • باحث
                          • مسلم

                          #27
                          مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيمًا قَبْلَ خَلْقِهِ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ، وَكَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا .
                          __________________________________________
                          ما زال بصفاته قديما قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته وكما كان بصفاته أزليا كان بصفاته أبديا المعنى: أن الله -سبحانه وتعالى- لم يزل متصفا بصفات الكمال، صفات الذات، وصفات الفعل لم يزل -سبحانه وتعالى- متصفا بها، ولم يكن فاقدا لشيء منها في وقت من الأوقات، ومتصف بصفات الكمال قبل خلقه وبعد خلقه، والصفات تنقسم إلى قسمين: صفات الذات وصفات الأفعال، وصفات الذات ضابطها هي التي لا تنفك عن الباري كالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر.
                          وصفات الأفعال ضابطها هي التي تتعلق بالمشيئة والاختيار، كالنزول والاستواء والإحياء والإماتة والقبض والبسط والرضا والغضب والكراهة والسخط إلى غير ذلك من صفات الأفعال.
                          وصفات الأفعال عند أهل العلم، وعند أهل الحكمة حقا يقولون: إنها قديمة النوع حادثة الآحاد يعني نوعها قديم وإن كانت حادثة، مثلا الكلام قديم النوع، نوع الكلام قديم لكن أفعاله حادثة، فالله تعالى يكلِّم رسله، يكلم أنبياءه، يكلم الناس يوم القيامة، ويكلم آدم، ويكلم أهل الجنة.
                          أفراد الكلام حادثة، وإن كان نوع الكلام قديما، هذه صفات الأفعال، قديمة النوع حادثة الأفعال، والرب -سبحانه وتعالى- لم يزل متصفا بصفاته، ولم تحدث له صفة من الصفات بعد خلقه، بل كان متصفا بصفة الكمال أزلا وأبدا؛ لأن هذه الصفات صفة كمال، ولا يمكن أن يكون فاقدا لهذا الكمال في وقت من الأوقات.
                          ولأن فقدها نقص، ولا يمكن أن يتصف الرب بالنقص في أي وقت من الأوقات، ولا يرد على هذا صفات الأفعال مثل الكلام والاستواء والتصوير والطيّ والقبض والبسط والنزول، إلى غير ذلك؛ لأنها قديمة النوع حادثة الآحاد، قديمة النوع حادثة الآحاد، وأراد المصنف الطحاوي -رحمه الله- الرد على أهل الكلام مثل الجهمية والمعتزلة ومَن وافقهم من الشيعة، الذين يقولون: إن صفات الأفعال كانت ممتنعة عن الرب -سبحانه وتعالى-.
                          كان الرب لا يتكلم ولا يفعل يقولون، الجهمية والمعتزلة ومَن وافقهم من الشيعة يقولون: كان الرب لا يتكلم ولا يفعل، هناك فترة ليس هناك كلام ولا فعل، بل إن الكلام والفعل ممتنع عن الرب، ثم انقلب فجأة فسار الكلام والفعل ممكنا، انقلب من الامتناع إلى الإمكان، الإمكان معناه القدرة، القدرة على الشيء، والامتناع معناه عدم إمكان وجود الكلام والفعل.
                          قالوا: إن الرب لا يقدر على الكلام، ولا على الفعل أولا، ثم انقلب فجأة فصار ممكنا، هذا من أبطل الباطل، ووافقهم ابن كُلَّاب، عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب في أن صفات الأفعال كذلك كانت ممتنعة ثم صارت ممكنة إلا الكلام.
                          والكلام عنده متعلق بصفة الرب، لا يتعلق بقدرة ومشيئة، متعلق بذات الرب لا يتعلق بقدرة ومشيئة، وهذا كلام باطل.
                          هذا مذهب هؤلاء أهل الكلام وأهل البدع وأهل الباطل، وأهل السنة والجماعة يقولون: إن الرب -سبحانه وتعالى- لم يزل متكلما، ولم يزل فاعلا إلى ما لا نهاية ؛ لأن الرب فعَّال قال -سبحانه وتعالى- {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)} .
                          {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)} وقال سبحانه: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} وقال سبحانه: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)} وقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} .
                          فهذه النصوص تدل على أن الرب فعَّال، وكل حي فعَّال، والفعل صفة كمال، فلا يمكن أن يكون فاقدا لهذا الكمال في وقت من الأوقات.
                          قال بعض أهل العلم: لا بد أن يوجد فترة ليس فيها كلام ولا فعل، هناك فترة ما فيها كلام ولا فعل. قالوا: لأننا لو قلنا إن الكلام متسلسل، والفعل متسلسل معناه: انسدَّ علينا طريق إثبات الصانع، وهو الله فلا ندري هل هذه الأفعال أو الحوادث سابقة لله أو هو سابق عليها؟.
                          فلا بد في إثبات أن الله هو الأول لا بد أنه فيه فترة ما فيه كلام ولا فعل، ثم بعد ذلك يأتي الكلام والفعل حتى يكون الله هو الأول.
                          هذه شبهتهم.أهل السنة ردوا عليهم وقالوا من وجوه:
                          الوجه الأول: أن إثبات الفترة التي ليس فيها كلام، ولا فعل لا دليل عليها.
                          لا دليل على أن هناك فترة لا يتكلم فيها الرب.
                          ثانيا: أن إثبات هذه الفترة تعطيل للرب من الكمال والرب فعال، فعَّال لما يريد، فلا يمكن أن يكون فاقدا لهذا الكمال في وقت من الأوقات
                          ثالثا: أن قولكم: إن الكلام والفعل كان ممتنعا على الرب ثم انتقل فجأة فصار ممكنا، ما الذي جعله ينقلب من الامتناع إلى الإمكان إذا كان الرب فعَّالا وكان الرب كاملا -سبحانه وتعالى- وكان له الكمال ولم يتجدد له شيء فما الذي جعل الكلام والفعل ممتنعا ثم جعله ممكنا؛ ولأنه ما من وقت يقدر، الإمكان، ما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت قبله إلى ما لا نهاية.
                          فلا تستطيعون أن تحددوا وقتا يكون بدءا للفعل والإمكان، وثالثا أنه يلزمكم على هذا أن العالَم ليس حادثا، والعالَم حادث، والحادث ممكن، والمعنى ممكن أنه يجوز أن يوجد، ويجوز ألا يوجد إذا أراد الله إيجاده أوجده، وإذا لم يرد فلا إذا أراد الله شيئا من خلقه وُجد وإذا لم يرد لا يوجد.
                          وقولكم: إن الرب هو الأول، نعم إن الرب هو الأول الذي ليس قبله شيء، وكون الحوادث متسلسلة في المستقبل لا يمنع أن يكون الله هو الأول؛ لأننا نقول: كل فرد من أفراد الحوادث مسبوق بالعدم موجود بإيجاد الله له كل فرد من أفراد الحوادث والمخلوقات مسبوق بالعدم، والله تعالى أوجده بعد أن كان معدوما.
                          وإذا وصفنا بهذا الوصف لا يلزم هذه الفترة. فنقول: الحوادث متسلسلة في الأزل في الماضي إلى ما لا نهاية.
                          وأيضا من الردود أنكم خالفتم النصوص فإن النصوص فيها أن الرب فعَّال {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)} {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)} {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} .
                          ولأنكم بهذا تنقصتم الرب -سبحانه وتعالى- حيث نفيتم عنه صفة الكمال، وهو الفعل والكلام، وهذه تسمى مسألة تسلسل الحوادث.
                          الحوادث: المخلوقات، النبات، الحيوان، الأشجار، والطيور والحيوانات والسماوات والأرضين... إلى غيرها تسمى حوادث هذه هي الحوادث المتسلسلة.
                          قال أهل السنة: الحوادث متسلسلة في الماضي بمعنى أن الرب لم يزل يفعل ويخلق خلقا بعد خلق إلى ما لا نهاية في الأزل، ولكن كل فرد من أفراد هذه المخلوقات مسبوق بالعدم، موجود بإيجاد الله له، ليس له من نفسه وجود ولا عدم، الله أوجده بعد أن كان معدوما.
                          كل فرد من أفراد... أما نوع الحوادث فهو متسلسل إلى ما لا نهاية، كما أن الحوادث متسلسلة في المستقبل إلى ما لا نهاية، فكما أن تسلسل الحوادث في المستقبل لا يمنع أن يكون الله هو الآخر فكذلك تسلسلها في الماضي لا يمنع أن يكون الله هو الأول؛ لأن الحوادث متسلسلة في المستقبل بالاتفاق حتى أهل البدع وافقوا على أن الحوادث متسلسلة في المستقبل؛ لأن الله لا يزال يُحْدِث لأهل الجنة نعيما بعد نعيم إلى ما لا نهاية.
                          والمقصود أن معنى الحوادث متسلسلة، الحوادث: يعني المخلوقات، متسلسلة يعني مستمرة.
                          الصور العقلية التي يتصورها العقل أربع صور:
                          الصورة الأولى: الحوادث متسلسلة في الماضي وفي المستقبل.
                          الصورة الثانية: الحوادث غير متسلسلة لا في الماضي ولا في المستقبل.
                          والصورة الثالثة: الحوادث متسلسلة في المستقبل لا في الماضي.
                          الصورة الرابعة: الحوادث متسلسلة في الماضي لا في المستقبل.
                          هذه صور عقلية ، ثلاث صور قال بها الناس ، وصورة لم يقل بها أحد ، الحوادث متسلسلة في الماضي وفي المستقبل هذا قول أهل السنة والجماعة ، وهذا هو الصواب والذي تدل عليه النصوص.
                          الحوادث غير متسلسلة لا في الماضي ولا في المستقبل هذا قول جهم بن صفوان والحذير بن علاف ، وأنكر عليه ذلك أهل السنة وبَدَّعُوه وصاحوا به.
                          الحوادث متسلسلة في المستقبل دون الماضي هذا قول كثير من أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم من الشيعة.
                          الحوادث متسلسلة في الماضي لا في المستقبل ما قال به أحد ، صورة عقلية ما قال بها أحد . تكون الصور أربع . ثلاث صور قال بها أحد وصورة لم يقل بها أحد.
                          يقول الشيخ الطحاوي -رحمه الله-: "مازال من صفاته القديم قبل خلقه" أراد بذلك الرد على أهل الكلام وأهل البدع الذين يقولون: إن الحوادث غير متسلسلة في الماضي، وإن هناك فترة عطلوا فيها الرب عن الكلام والفعل.
                          ولهذا قال لهم أهل السنة: ما الفرق بين تسلسل الحوادث في الماضي وفى المستقبل أنتم وافقتم على أن الحوادث متسلسلة في المستقبل، وأن الرب لا يزال يزيد أهل الجنة نعيما إلى نعيم، إلى ما لا نهاية، وهذا لا يمنع أن يكون سبحانه هو الآخر الذي ليس بعده شيء، وكذلك تسلسل الحوادث في الماضي لا يمنع أن يكون الله هو الأول الذي ليس قبله شيء؛ لأننا نقول كل فرد من أفراد الحوادث مسبوق بالعدم مخلوق بعد أن لم يكن أوجده الله بعد أن كان معدوما،.
                          ونقول: نوع الحوادث متسلسل ومستمر في الماضي كما أن نوع الحوادث متسلسل ومستمر في المستقبل.
                          .

                          تعليق

                          • ابومريم المكي
                            5- عضو مجتهد

                            حارس من حراس العقيدة
                            عضو شرف المنتدى
                            • 27 فبر, 2010
                            • 796
                            • باحث
                            • مسلم

                            #28
                            والصفات -كما سبق- الذاتية والفعلية ثابتة للرب -سبحانه وتعالى- بخلاف أهل البدع، فإنهم أنكروا الصفات الذاتية والفعلية كالجهمية والمعتزلة، وأما الكُلابية فإنهم أثبتوا الصفات الذاتية وأنكروا الصفات الفعلية فتكون المذاهب ثلاثة:أهل السنة أثبتوا الصفات الذاتية والفعلية . أهل البدع من الجهمية والمعتزلة نفوا الصفات الذاتية والفعلية، عبد الله بن سعيد كلاب زعيم الكلابية أثبت الصفات الذاتية، ونفى الصفات الفعلية وشبهته في ذلك يقول: لئلا تحل الحوادث بذات الرب يسمونها مسألة حلول الحوادث
                            . يقولون: (الكلابية والأشاعرة):
                            لو أثبتنا الصفة الفعلية من الغضب والرضا والكراهة والسخط والقبض والبسط والإحياء والإماتة والخفض والرفع والطي والاستواء والنزول لَلَزِمَ من ذلك حلول الحوادث بذات الرب، والله منزه عن حلول الحوادث.
                            قال أهل السنة: ما مرادكم بحلول الحوادث؟ هذا القول وهو حلول الحوادث قول مُجْمَل لا بد فيه من التفصيل، إن أردتم بحلول الحوادث أن الله يحل في ذاته شيء من مخلوقاته هذا لم يحصل فالله -سبحانه وتعالى- لا يحل في ذاته شيء من مخلوقاته.
                            وإن أردتم بأن الله تجدد له صفات لم يكن متصفا بها خلقها لنفسه أو سماه بها الناس فهذا باطل، وإن أردتم بحلول الحادث نفي أن يكون الله يغضب ويرضى ويكره ويسخط، ويستوي، وينزل كما يشاء، ويكون متصفا بالاستواء، بالنزول، بالطي، بالقبض والبسط والخفض والرفع، هذا باطل هذه المعاني.
                            وهذه الصفات ثابتة لله ولا ننفيها عن الله بتسميتكم إياها بأنها حلول الحوادث، بل نقول: هذه الصفة ثابتة لله وقولكم و تسميتكم لها بحلول الحوادث باطل.
                            ويتبع هذا البحث مسائل: المسألة الأولى الصفة، هل هي زائدة على الموصوف أو غير زائدة، وهل الصفة غير الموصوف أو الصفة هي الموصوف؟ هل الصفة زائدة على الموصوف أو غير زائدة ؟ وهل الصفة غير الموصوف أو ليست غيرها؟ والجواب أن هذا مفهوم مجمل لا بد فيه من التفصيل فلا يقال: إن الصفة غير الموصوف، ولا يقال: إنها هي الموصوف، ولا يقال: الصفة زائدة على الموصوف، ولا يقال غير زائدة بل لا بد من التفصيل، بل يقال: إن أردتم بذلك أن الرب -سبحانه وتعالى- له ذات منفصلة عن الصفة فهذا قول باطل.
                            قول الصفة غير الموصوف، وأن ذات الرب -سبحانه وتعالى- غير متصفة بالصفات، وأن هناك ذات مجردة منفصلة عن الصفات فهذا باطل.
                            وإن أردتم أن الصفات لها معنى يفهم منها غير ما يفهم من الصفات فهذا صحيح، لكن ليس هناك ذات منفصلة عن الصفات، بل الذات لا بد أن توصف بالصفات، فليس هناك ذات مجردة إلا في الذهن.
                            فإن أردتم أن هناك ذاتا مجردة منقطعة عن الصفات فهذا باطل فلا يقال: إن الصفات غير ذلك، وإن أردتم أن الذات متصلة بالصفات فهذا معنى صحيح.
                            وهناك فرق بين أن يقال: الصفات غير الذات وبين أن يقال: الصفات غير الله، فالقول بأن الصفات غير الله باطل؛ لأن الله -تعالى- لأن اسم الله اسم له -سبحانه وتعالى- متصف بصفاته اسم للذات المقدسة لأسمائه وصفاته، أما الصفات غير الذا فنعم الصفات لها معان غير معنى الذات .
                            ولا يقال إن صفات الله غير الله، ما يقال: إن صفات الله غير الله؛ لأن الله -تعالى- اسم الرب -سبحانه وتعالى- اسم الله ، اسم لذاته -سبحانه وتعالى- متصفا بالصفات؛ ولهذا استعان النبي صلى الله عليه وسلم بالصفات: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ولا يعوذ بمخلوق عليه الصلاة والسلام (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك) (وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) استعان بالعظمة (أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات) هذا استعانة بالله، فالصفات لا تنفصل عن الذات.
                            فالله -تعالى- هو الذات المقدسة المتصفة بالصفات، فالله -تعالى- بذاته وصفاته وأسمائه هو الخالق وغيره مخلوق، فإن أريد أن هناك ذات منفصلة مجردة عن الصفات فهذا باطل، وأن أريد أن الذات متصلة بصفاتها، نعم فهذا صحيح.
                            وكذلك أيضا من المسائل: المسألة الثانية: قولهم: هل الاسم غير المسمى أو عين المسمى؟ هل الاسم هو المسمى أو غير المسمى ؟ يقولون: اسم الله هل هو المسمى أو غير المسمى؟ أيضا فيه تفصيل، فلا يقال: إنه هو المسمى، ولا يقال غير المسمى بل فيه تفصيل، فإن أريد الاسم هو المسمى تارة يراد بالاسم المسمى، كما تقول: قال الله كذا كما تقول: سمع الله لمن حمده.
                            فالاسم يراد به المسمى، وتارة يراد به اللفظ الدال على المسمى، كما تقول الله اسم عربي والرحمن اسم عربي، الرحمن اسم من أسماء الله، هذا مراد اللفظ الدال على المسمى، أما إذا قال الله، سمع الله لمن حمده فالاسم يراد به المسمى فلا بد من التفصيل في هذه المسائل.
                            وكذلك قولهم: الصفة لا هي غير الموصوف، ولا هي عين الموصوف. أيضا له معنى الصفة لا هي غير الموصوف ولا عين الموصوف. ليست غير الموصوف ؛ لأنه لا يوجد في الخارج ذات إلا متصل بالصفات، ولا هي عين الموصوف؛ لأن الصفة لها معنى غير معنى الذات
                            .

                            تعليق

                            • ابومريم المكي
                              5- عضو مجتهد

                              حارس من حراس العقيدة
                              عضو شرف المنتدى
                              • 27 فبر, 2010
                              • 796
                              • باحث
                              • مسلم

                              #29
                              وعلى كل حال فهذه المباحث مباحث عظيمة، ولولا أن أهل الكلام وأهل البدع تكلموا بالكلام الباطل لما تكلم أهل العلم بذلك، لكن لما تكلم أهل البدع بالكلام الباطل وملئوا بها الأوراق والكتب، اضطر أهل العلم إلى رد الكلام الباطل.
                              ومن ذلك قول الطحاوي -رحمه الله-: "إنه لم يزل متصفا بصفاته قبل خلقه، وكما كان في صفاته أزليا كذلك لم يزل بصفاته أبديا".
                              المعنى أن الله -تعالى- متصف بصفاته بالأزل إلى ما لا نهاية في القدم فهو الأول -سبحانه وتعالى- بذاته وصفاته ليس قبله شيء، وهو الآخر -سبحانه وتعالى- ليس بعده شيء .
                              ما زال في صفاته قديما قبل خلقه. قلنا: إن مذهب أهل السنة والجماعة أن الرب -سبحانه وتعالى- لم يزل متصفا بصفاته الذاتية والفعلية، وأن الرب لم يزل فعالا؛ لأن الفعل من كمال ذاته المقدسة، والرب لم يزل يفعل، ويخلق الخلق من بعد خلق، إلى ما لا نهاية من الأزل.
                              ولا ينفي أن يكون -سبحانه وتعالى- هو الأول الذي ليس قبله شيء، فهو الأول ليس قبله شيء، ولكنه -سبحانه وتعالى- متصف بصفات الكمال، والفعل صفة الكمال {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} .
                              فلم يزل يفعل، ويخلق بعد خلقه؛ لأن نوع الحوادث دائمة في الماضي، كما أنها دائمة في المستقبل، وهذا ما يسمى بتسلسل الحوادث في الماضي، ولكن كل فرد من أفراد هذه الحوادث والمخلوقات مسبوق بالعدم، كائن بعد أن لم يكن، وليس لها من نفسها وجود أو عدم، بل الله يوجدها بعد أن كانت معدومة.
                              والله هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهي موجودة باختياره -سبحانه وتعالى- وإرادته، وليس هناك فترة يعطل فيها الرب، هذا هو قول أهل السنة والجماعة الذي تشهد له النصوص.
                              أما أهل الكلام كالجهمية والمعتزلة وغيرهم فأثبتوا فترة عطلوا فيها الرب عن الفعل والكلام، وزعموا بذلك أنهم يريدون أن يثبتوا أن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، وأنه إذا قيل: إن الحوادث متسلسلة ودائمة في الماضي يذهب بذلك أن لا يكون الله هو الأول.
                              وهذا باطل؛ فإن أهل الكلام يثبتون فترة يعطلون فيها الرب، وأهل السنة لا يثبتون فترة، ويقولون إن الحوادث متسلسلة ودائمة، لكنها مخلوقة بعد أن لم تكن، خلقها الله بإرادته واختياره.
                              أما مذهب الفلاسفة كأرسطو والفارابي وابن سينا وغيرهم من الفلاسفة المتأخرين، وهم الذين يسمون الفلاسفة الإلهيين، فإنهم قالوا: إن المخلوقات والحوادث مقارنة للرب، ملازمة له في الأزل وفي الأبد.
                              قالوا: إنها مقارِنة للرب، فلم يثبتوا أن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، بل قالوا: إنها مقارنة له في الزمان، فهذه المخلوقات مقارنة له في الزمان، هذا أزلا وأبدا، وهي لازمة له، لا يستطيع الانفكاك عنها، ليست مخلوقة باختياره وإرادته، بل هي لازمة له أزلا وأبدا؛ لأنه علتها، وهي المعلولة، وتقدمه عليها إنما هو كتقدم العلة للمعلول، وهي لازمة له كلزوم النور للسراج والمصباح، لا يستطيع الفكاك عنها، فهي لازمة له أزلا وأبدا.
                              ولم يثبت أرسطو وجودا لله إلا من جهة كونه مبدأ للكثرة، وعلة غائية لحركة الفلك، بل هذه الكثرة وهذه المخلوقات مبدؤها الله، أي كأنه جزء منها -أعوذ بالله-، وهو العلة لها، محرك لها.
                              كفرهم العلماء، كفرهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وقال: أنتم أنكرتم أن يكون الله متقدما في الزمان، وأنكرتم أن يكون الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، حينما قلتم: إن الحوادث والمخلوقات مقارنة للرب في الزمان، أنكرتم أن يكون الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، ولم تثبتوا أن هذه الحوادث مخلوقة لله بقدرته ومشيئته، وقلتم: إنها لازمة له أزلا وأبدا، فأنكرتم تقدمه في الزمان، فكانوا بذلك كفارا.
                              ثم ناقش العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، ناقشوا أهل البدع -أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة- قالوا: أنتم خالفتم الفلاسفة، فأثبتم فترة حتى تثبتوا أن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، ولم تقولوا كقول الفلاسفة: إن المخلوقات مقارِنة لله في الزمان.
                              لكنكم حينما أنكرتم العلو -علو الرب على خلقه واستواءه على العرش- وقلتم: إن الله مختلط بالمخلوقات، على قول بعض الجهمية، أنكروا العلو والاستواء، وقالوا: إنه مختلط بالمخلوقات -تعالى الله عما يقولون-.ونفى بعضهم عنه الوصفين المتقابلين فقالوا: لا داخل العالم، ولا خارجه، ولا مباين له، ولا محايز له، ولا متصل به، ولا منفصل عنه.فالجهمية الأولى قالوا بالحلول -بحلول الرب-، والجهمية المتأخرون قالوا بنفي النقيضين: لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مباين له ولا محايز له، ولا متصل به ولا منفصل عنه. ماذا يكون؟ عدم، بل ممتنع، فالطائفتان -الجهمية الأولى والثانية- كلاهما لم يثبت أن الله فوق المخلوقات، وأنه مستو على العرش، بائن من خلقه
                              .

                              تعليق

                              • ابومريم المكي
                                5- عضو مجتهد

                                حارس من حراس العقيدة
                                عضو شرف المنتدى
                                • 27 فبر, 2010
                                • 796
                                • باحث
                                • مسلم

                                #30
                                قال شيخ الإسلام: أنكرتم أن يكون الله متقدما في المكان، فلم تثبتوا أن الله هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، كما أن الفلاسفة أنكروا تقدم الله في الزمان، وأن يكون هو الأول الذي ليس قبله شيء، فأنتم أنكرتم تقدم الله في المكان، فلم تثبتوا أن الله فوق المخلوقات، فصرتم بهذا مماثلين للفلاسفة.
                                الفلاسفة أنكروا تقدم الله في الزمان، فلم يثبتوا أن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، وأنتم أنكرتم تقدم الله في المكان، فلم تثبتوا أن الله هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والله تعالى وصف نفسه بهذه الصفات الأربع، وبهذه الأسماء الأربعة متقابلة: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} .
                                ففسرها النبي صلى الله عليه وسلم فسر الأولية بنفي تقدم شيء عليه، وفسر الآخِر بنفي أن يكون بعده شيء، وفسر الظاهر بنفي أن يكون فوقه شيء، فقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء) .
                                فما الفرق بين كفركم وكفر الفلاسفة؟ الفلاسفة كفروا لأنهم أنكروا تقدم الله في الزمان، وأنتم كفرتم لأنكم أنكرتم تقدم الله في المكان.
                                فهذه فائدة مهمة في بيان ما عليه أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، في إنكراهم علو الله على عرشه، وأنه مماثل لإنكار الفلاسفة، فالفلاسفة أنكروا تقدم الله في الزمان، وهؤلاء أنكروا تقدم الله في المكان.
                                المسألة الثانية: سبق في مسألة "هل الصفات زائدة على الذات أو ليست زائدة؟" وقلنا: إنه يفرق بين صفات الله وصفات غيره، فغير الله يقال إن الصفة زائدة على الذات، بمعنى أن لها معنى غير معنى الذات، وإن كان لا يتصور أن هناك ذاتا منفصلة عن الصفات، لكن يفهم من معاني الصفات ما لا يفهم من الذات، فإن أريد أن هناك ذاتا مجردة فهذا ليس بصحيح، وإن أريد أن الصفات لها معنى غير معنى الذات فهذا صحيح.
                                أما الله -سبحانه وتعالى- فلا يقال: إن صفاته غير ذاته، بل الله -سبحانه وتعالى- بذاته وصفاته هو الله، الله بذاته وصفاته، مسمى الله يدخل فيه الذات والصفات، فلا يقال: إن الصفات غير الذات، فلا يقال: الله وعلمه الله وقدرته.
                                ولهذا أنكر الإمام أحمد -رحمه الله- في الرد على الجهمية -كتاب الرد على الزنادقة- على أهل البدع لما قالوا: الله وقدرته، الله وعلمه، الله ونوره. قال: لا نقول هذا، لا نقول الله وعلمه، الله وقدرته، الله ونوره. بل نقول: الله بعلمه وقدرته ونوره، هو الحي الذي لا إله إلا هو، هو الله لا إله إلا هو بعلمه وقدرته. ولا نقول: الله وعلمه، الله وقدرته، الله ونوره؛ لأن الواو تفيد المغايرة، بل نقول: الله بعلمه وقدرته ونوره، هو الله الذي لا إله إلا هو
                                .

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
                                ردود 0
                                41 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
                                ردود 0
                                42 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
                                ردود 0
                                63 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
                                ردود 0
                                68 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة صلاح عامر
                                بواسطة صلاح عامر
                                ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
                                ردود 0
                                59 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة صلاح عامر
                                بواسطة صلاح عامر
                                يعمل...