المشروع الحضاري: رؤية تركية للتعاون الاسلامي
يولي ما يطلق عليهم في الأدبيات السياسية المعاصرة " العثمانيون الجدد " اهتماما بالغا بالتعليم، كأحد أهم ركائز النهضة المرجوة للأمة. وقد أقاموا لهذا الغرض شبكة من المدارس، والمعاهد، والجامعات، ليس في البلقان فحسب، بل في القوقاز وآسيا الوسطى. وهم لا يعتبرون ذلك خدمة لتركيا التاريخية، بل إسهاما حضاريا يخدم الحضارة الإسلامية، وينفض عنها غبار السنيين، ويقدمها للعالم بعيدا عن الصورة المشوهة والانطباعات الذاتية، التي حاول البعض رسمها للإسلام والمسلمين، في مختلف أنحاء المعمورة. وإن كان التعليم هو السمة البارزة للنشاط التركي في " الجمهورية الجديدة "، فإن ذلك لا يعني غياب الدورالسياسي والاقتصادي المكمل، بل الأساس لأي نشاط على النطاق الدولي. وليس في الأنشطة التركية المتسمة بالذكاء والحكمة ما يثير الأطراف الأخرى، ويبدو أن هناك قبول تحت المراقبة من قبل القوى الاقليمية والدولية، لكن الأتراك يؤكدون بأنه ليس لديهم ما يخفونه، فهم يعملون في النور كما يقولون، وبالتنسيق مع السلطات المحلية، وفق اتفاقات موقعة بين الطرفين، وفي إطار القانون، وما تقتضيه العلاقات الدولية من تعاون بين مختلف الشعوب والثقافات.
الدور التعليمي:
تعتبر" جامعة سراييفو الدولية " من الانجازات التعليمية الكبرى التي تقيمها تركيا خارج حدودها الحالية. وقصة هذا الصرح، كما قال رئيس قسم البحوث بالجامعة المفكر التركي الدكتور مهمت جان " للمسلم " من بنات أفكار الرئيس الراحل، علي عزت بيجوفيتش، رحمه الله " في أيامه الأخيرة – أكتوبر 2003 م -وهو طريح الفراش زاره رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، عندما كان محافظا في اسطنبول، فطلب منه علي عزت إقامة جامعة تركية في البوسنة، وقد استجاب أردوغان لطلب علي عزت وتم إنشاء مؤسسة نصفها من البوسنيين ونصفها الآخر من الأتراك، وأطلق على المؤسسة اسم، مؤسسة سراييفو لتطوير التعليم " وعن أهداف المؤسسة قال جان " الهدف الرئيسي تطوير التعليم من خلال الجامعة، وإقامة مدارس ومبيتات للطلبة ". ورغم الدور المتنامي للجامعة فإن تكاليفها لا تزيد عن 10 ملايين دولار أمريكي. ويقام حاليا صرح كبير هو مبنى الجامعة الجديد في، إليجا، بكلفة قدرها 50 مليون دولار. وتتكون الجامعة من ثلاثة كليات حاليا هي كلية الهندسة والعلوم الطبيعية، والاقتصاد والعلوم السياسية، والادارة والعلوم الانسانية. ويدرس في الكليات الثلاثة 14 تخصصا، مثل العلاقات الدولية، والاقتصاد، ودراسات عليا في الاقتصاد الإسلامي وغيرها من التخصصات.
وعن الجديد الذي أضافته الجامعة قال الدكتور مهمت جان " في العهد الشيوعي كان عندهم نظام تعليمي صارم وقوي، وكان الاتحاد السوفياتي السابق يترجم جميع البحوث العلمية ويرسلها لكل الدول الاشتراكية في ذلك الحين، وبعد انتهاء الحقبة السوفياتية وبسبب بعد الدول الاشتراكية عن الانجلزية فقدت حلقات وصل كثيرة بينهم وبين البحث العلمي " وتابع " بعد انهيار الاتحاد السوفياتي استمرت كليات الهندسة الميكانيكية والكهربائية في أداء وظائفهما بقدرات جيدة، واستمر البحث العلمي في هذا المجال، لكن في الكليات الأخرى، ولا سيما الاقتصاد حيث كانت تدرس النظرية الماركسية كان الأمر صعبا، لذلك نستطيع القول بأن الجامعة قدمت وأحضرت معها وسائل وآليات البحث وكل ما هو جديد في مجالات البحث العلمي ومقبول دوليا ومتوافق عليه أكاديميا، والكتب التي تدرس هي نفس الكتب ( تقريبا ) التي تدرس في الجامعات العالمية الشهيرة وفي أحدث نسخها " وعن عدد الطلبة في الجامعة، ذكر الدكتور جان أنهم 800 طالب ( حاليا ) أما الكادر فإن الكثير من الأكاديميين، تعلموا في الخارج، وبقوا هناك لأن النظام التعليمي وطبيعة البحث العلمي كانت مختلفة، لكنهم الآن موجودون كأساتذة في الجامعة بعد التغيير الذي حصل. وحول تمويل المؤسسات التعليمية التركية، نفى الدكتور مهمت جان أن تكون الدولة التركية هي من تمول هذه المشاريع، بل المجتمع الأهلي والمؤسسات الأهلية " نجمع التبرعات، ونتلقى مساعدات المجتمع الأهلي والمؤسسات الخاصة " ولأن المؤسسات التعليمية، مشروع حضاري يتجاوز تركيا، فإن القائمين على هذه المشاريع يأملون في مشاركة حضارية من قبل من يهمهم الأمر. ولم يقف الأمر عند جمع التبرعات، بل أن الرسوم التي يدفعها الطلبة كافية للتشغيل، وفي المبنى الجديد للجامعة هناك مشاريع استثمارية، مثل فندق، ومركز تجاري ملحق بالمبنى الذي كلف بناؤه 50 مليون دولار أميركي. وهناك حالات خاصة تتعلق بالطلبة الفقراء حيث تخصص منح لهذه الفيئة، كما تخصص منح للمتفوقين. أما رواتب الأساتذة فهي لا تضاهي رواتب نظرائهم في أوربا والولايات المتحدة، وهذه طبيعة المشروع الحضاري، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على تضحيات رجاله.
المشروع الحضاري:
يؤمن الأتراك بالمشروع الحضاري الإسلامي، دون الصدام مع أحد، بل التعاون والحوار دون تنازل مذل أو خوار. ويصف المفكر التركي مهمت جان ذلك " بشجرة البلوط " فهي " إذا رمت جذورها في الأرض وبدأت تصعد تستمر في الصعود ولا تعود أبدا إلى الأسفل " وتابع " في هذه الحقبة التي جاز لنا أن نسميها، ما بعد الحداثة، هناك مصطلح، الحقول الثقافية، وإذا رجعنا إلى كتاب، الجمهورية التركية الجديدة، ل غراهام فولر، نجد أنه بين الدور التركي بشكل مختصر. وإذا استعرنا بعض آليات، تشومسكي، وفوكاياما، وغيرهما ممن يتوقعون سقوط الحضارة المادية بعد عصرالحداثة، نكون قد وصلنا إلى الجدار، وتشكيل الواقع الجديد، وهو عودة الحضارات السابقة التي كانت حاضرة في حقب تاريخية متفاوتة " ويتابع " بناء على ذلك فإن أبناء الشعوب الإسلامية سيعاد ترتيبها بحيث يشكلون حقل الحضارة الإسلامية " و" سيكون مسلمو البلقان والأقليات المسلمة في العالم جزءا من حقل الحضارة الإسلامية، والدور التركي جزء هام منه " ولا يعني الاستشهاد ب تشومسكي، وفوكاياما، بصما على ماقالوه بل في النظرة الإسلامية، معطيات صحيحة واستنتاجات خاطئة. " كل بلد إسلامي سيكون له دور لتسهيل تطور هؤلاء المسلمين في البلقان من ناحية الارتباط بالحضارة الإسلامية، وبحكم الماضي العثماني في البلقان وتاريخهم وخبرتهم سيكون للاتراك دور أكبر وأسهل، فالأتراك والعرب وغيرهم من المسلمين يريدون المساعدة، ووجودهم هنا جزء من مشروع استعادة دورة الحضارة الإسلامية ". ومن ملامح هذا الوجود، توقيع عدة اتفاقات مع دول المنطقة بخصوص حرية الحركة والدخول بدون تأشيرة، وإلغاء الضرائب الجمركية، واتفاقات التجارة الحرة، والحضور الاقتصادي من خلال مشاريع اقتصادية ذات نفع عام. ومن المشاريع التي أقامها الأتراك في البوسنة على سبيل المثال لا الحصر، مشاريع مصنع الورق، ومصنع الزجاج، ومصنع الآثاث، ومشاريع البنية التحتية كاصلاح السكك الحديد، وغيرها. وهي مشاريع لها نظائر في دول البلقان الأخرى.
العمل الإغاثي:
يركز الأتراك على ما يصفونه ب " الإغاثة الثقافية " مع تطعيم ذلك بأنواع الإغاثات الأخرى التي يحتاجها المسلمون في العصرالراهن، وفي مقدمتها الإغاثة الثقافية، لذلك يرحبون بأي ترجمات تراثية أو فكرية للغات البلقان، ومن ذلك ترجمات الكتب التركية مثل مشروع هارون يحيا، ومكتبة طالب العلم، لاحياء التراث، والمكتبة الإسلامية، وكتب الشيخ محمد الغزالي، والشيخ يوسف القرضاوي، وكتب الدعاة من أمثال عمر خالد وغيرهم. وهي الكتب التي يمكن أن ترتقي بالطالب والانسان المسلم، إلى فهم قضايا عصره، والاطلاع على بقية انتاج الفكر الإسلامي ومن ثم العالمي برؤية واضحة للعالم. ومع ذلك لا يغفل الأتراك العمل الإغاثي العيني، فهناك مؤسسات إغاثية وحكومية ساهمت في إعادة بناء الصروح التاريخية في البلقان، مثل جسر موستار، وبناء المدارس الإسلامية في الجبل الأسود، وكوسوفا، وكذلك المساجد مثل مسجد سنان باشا الذي دمر في الحرب العالمية الثانية ولم يعاد بناؤه إلا حديثا. وهناك مشروع كلية الدراسات الإسلامية في ألبانيا وجامعة في مقدونيا. ويقول محمت جان أنه " لا توجد مشاريع كافية تتطلبها المرحلة، لكن ما يهم هو أن الناس هنا لا يشعرون بالوحدة، مثل السابق، بل عندما يجدون إخوانهم إلى جانبهم يشعرون بالقوة والأمان، الآن بهذا الحضور وهذا الوجود على قلته يشعر المسلمون في الأطراف البعيدين عن قلب العالم الإسلامي بمعنويات أفضل ". أما بلغاريا والتي تتصاعد فيها حدة الإسلاموفوبيا ، تصل نسبة المسلمين فيها إلى 20 في المائة، وفق البروفيسور مهمت جان " لديهم حزبا يشكل أحد أضلاع الائتلاف الحكومي، ولهم الحق في بناء مدارسهم ( 4 مدارس ) وقد عقد مؤخرا مؤتمر العلاقات الإسلامية في دول المنطقة، وكانت بلغاريا على رأس القائمة " ويدعو الأتراك، المسلمين في العالم للتعاون معهم وإقامة شراكة على كافة المستويات من أجل صالح المسلمين في البلقان وفي كل مكان " لا توجد عراقيل على المستويات الاقتصادية، أما على الصعيد الثقافي فإن هناك قانون يحيل الأمر للمؤسسات الدينية المحلية، وهي التي تتعاطى مع هكذا مشاريع ولا توجد مشكلة في هذا الخصوص، فالجهة الدينية الرسمية هي التي تعطي التراخيص لاقامة مثل هذه المشاريع " وتتمثل الرؤية التركية للتعاون الإسلامي، في " تطوير وتحقيق شمولية الدين، ولذلك لا بد من السماح لوجهات النظر المختلفة في خوض نقاش واجراء بحوث، لأن كل ذلك إغناء للتراث الإسلامي، وعكس النقاش بطريقة مناسبة على الواقع الموضوعي، بعيدا عن الصدام الحزبي أو الطائفي ".
http://almoslim.net/node/115370
يولي ما يطلق عليهم في الأدبيات السياسية المعاصرة " العثمانيون الجدد " اهتماما بالغا بالتعليم، كأحد أهم ركائز النهضة المرجوة للأمة. وقد أقاموا لهذا الغرض شبكة من المدارس، والمعاهد، والجامعات، ليس في البلقان فحسب، بل في القوقاز وآسيا الوسطى. وهم لا يعتبرون ذلك خدمة لتركيا التاريخية، بل إسهاما حضاريا يخدم الحضارة الإسلامية، وينفض عنها غبار السنيين، ويقدمها للعالم بعيدا عن الصورة المشوهة والانطباعات الذاتية، التي حاول البعض رسمها للإسلام والمسلمين، في مختلف أنحاء المعمورة. وإن كان التعليم هو السمة البارزة للنشاط التركي في " الجمهورية الجديدة "، فإن ذلك لا يعني غياب الدورالسياسي والاقتصادي المكمل، بل الأساس لأي نشاط على النطاق الدولي. وليس في الأنشطة التركية المتسمة بالذكاء والحكمة ما يثير الأطراف الأخرى، ويبدو أن هناك قبول تحت المراقبة من قبل القوى الاقليمية والدولية، لكن الأتراك يؤكدون بأنه ليس لديهم ما يخفونه، فهم يعملون في النور كما يقولون، وبالتنسيق مع السلطات المحلية، وفق اتفاقات موقعة بين الطرفين، وفي إطار القانون، وما تقتضيه العلاقات الدولية من تعاون بين مختلف الشعوب والثقافات.
الدور التعليمي:
تعتبر" جامعة سراييفو الدولية " من الانجازات التعليمية الكبرى التي تقيمها تركيا خارج حدودها الحالية. وقصة هذا الصرح، كما قال رئيس قسم البحوث بالجامعة المفكر التركي الدكتور مهمت جان " للمسلم " من بنات أفكار الرئيس الراحل، علي عزت بيجوفيتش، رحمه الله " في أيامه الأخيرة – أكتوبر 2003 م -وهو طريح الفراش زاره رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، عندما كان محافظا في اسطنبول، فطلب منه علي عزت إقامة جامعة تركية في البوسنة، وقد استجاب أردوغان لطلب علي عزت وتم إنشاء مؤسسة نصفها من البوسنيين ونصفها الآخر من الأتراك، وأطلق على المؤسسة اسم، مؤسسة سراييفو لتطوير التعليم " وعن أهداف المؤسسة قال جان " الهدف الرئيسي تطوير التعليم من خلال الجامعة، وإقامة مدارس ومبيتات للطلبة ". ورغم الدور المتنامي للجامعة فإن تكاليفها لا تزيد عن 10 ملايين دولار أمريكي. ويقام حاليا صرح كبير هو مبنى الجامعة الجديد في، إليجا، بكلفة قدرها 50 مليون دولار. وتتكون الجامعة من ثلاثة كليات حاليا هي كلية الهندسة والعلوم الطبيعية، والاقتصاد والعلوم السياسية، والادارة والعلوم الانسانية. ويدرس في الكليات الثلاثة 14 تخصصا، مثل العلاقات الدولية، والاقتصاد، ودراسات عليا في الاقتصاد الإسلامي وغيرها من التخصصات.
وعن الجديد الذي أضافته الجامعة قال الدكتور مهمت جان " في العهد الشيوعي كان عندهم نظام تعليمي صارم وقوي، وكان الاتحاد السوفياتي السابق يترجم جميع البحوث العلمية ويرسلها لكل الدول الاشتراكية في ذلك الحين، وبعد انتهاء الحقبة السوفياتية وبسبب بعد الدول الاشتراكية عن الانجلزية فقدت حلقات وصل كثيرة بينهم وبين البحث العلمي " وتابع " بعد انهيار الاتحاد السوفياتي استمرت كليات الهندسة الميكانيكية والكهربائية في أداء وظائفهما بقدرات جيدة، واستمر البحث العلمي في هذا المجال، لكن في الكليات الأخرى، ولا سيما الاقتصاد حيث كانت تدرس النظرية الماركسية كان الأمر صعبا، لذلك نستطيع القول بأن الجامعة قدمت وأحضرت معها وسائل وآليات البحث وكل ما هو جديد في مجالات البحث العلمي ومقبول دوليا ومتوافق عليه أكاديميا، والكتب التي تدرس هي نفس الكتب ( تقريبا ) التي تدرس في الجامعات العالمية الشهيرة وفي أحدث نسخها " وعن عدد الطلبة في الجامعة، ذكر الدكتور جان أنهم 800 طالب ( حاليا ) أما الكادر فإن الكثير من الأكاديميين، تعلموا في الخارج، وبقوا هناك لأن النظام التعليمي وطبيعة البحث العلمي كانت مختلفة، لكنهم الآن موجودون كأساتذة في الجامعة بعد التغيير الذي حصل. وحول تمويل المؤسسات التعليمية التركية، نفى الدكتور مهمت جان أن تكون الدولة التركية هي من تمول هذه المشاريع، بل المجتمع الأهلي والمؤسسات الأهلية " نجمع التبرعات، ونتلقى مساعدات المجتمع الأهلي والمؤسسات الخاصة " ولأن المؤسسات التعليمية، مشروع حضاري يتجاوز تركيا، فإن القائمين على هذه المشاريع يأملون في مشاركة حضارية من قبل من يهمهم الأمر. ولم يقف الأمر عند جمع التبرعات، بل أن الرسوم التي يدفعها الطلبة كافية للتشغيل، وفي المبنى الجديد للجامعة هناك مشاريع استثمارية، مثل فندق، ومركز تجاري ملحق بالمبنى الذي كلف بناؤه 50 مليون دولار أميركي. وهناك حالات خاصة تتعلق بالطلبة الفقراء حيث تخصص منح لهذه الفيئة، كما تخصص منح للمتفوقين. أما رواتب الأساتذة فهي لا تضاهي رواتب نظرائهم في أوربا والولايات المتحدة، وهذه طبيعة المشروع الحضاري، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على تضحيات رجاله.
المشروع الحضاري:
يؤمن الأتراك بالمشروع الحضاري الإسلامي، دون الصدام مع أحد، بل التعاون والحوار دون تنازل مذل أو خوار. ويصف المفكر التركي مهمت جان ذلك " بشجرة البلوط " فهي " إذا رمت جذورها في الأرض وبدأت تصعد تستمر في الصعود ولا تعود أبدا إلى الأسفل " وتابع " في هذه الحقبة التي جاز لنا أن نسميها، ما بعد الحداثة، هناك مصطلح، الحقول الثقافية، وإذا رجعنا إلى كتاب، الجمهورية التركية الجديدة، ل غراهام فولر، نجد أنه بين الدور التركي بشكل مختصر. وإذا استعرنا بعض آليات، تشومسكي، وفوكاياما، وغيرهما ممن يتوقعون سقوط الحضارة المادية بعد عصرالحداثة، نكون قد وصلنا إلى الجدار، وتشكيل الواقع الجديد، وهو عودة الحضارات السابقة التي كانت حاضرة في حقب تاريخية متفاوتة " ويتابع " بناء على ذلك فإن أبناء الشعوب الإسلامية سيعاد ترتيبها بحيث يشكلون حقل الحضارة الإسلامية " و" سيكون مسلمو البلقان والأقليات المسلمة في العالم جزءا من حقل الحضارة الإسلامية، والدور التركي جزء هام منه " ولا يعني الاستشهاد ب تشومسكي، وفوكاياما، بصما على ماقالوه بل في النظرة الإسلامية، معطيات صحيحة واستنتاجات خاطئة. " كل بلد إسلامي سيكون له دور لتسهيل تطور هؤلاء المسلمين في البلقان من ناحية الارتباط بالحضارة الإسلامية، وبحكم الماضي العثماني في البلقان وتاريخهم وخبرتهم سيكون للاتراك دور أكبر وأسهل، فالأتراك والعرب وغيرهم من المسلمين يريدون المساعدة، ووجودهم هنا جزء من مشروع استعادة دورة الحضارة الإسلامية ". ومن ملامح هذا الوجود، توقيع عدة اتفاقات مع دول المنطقة بخصوص حرية الحركة والدخول بدون تأشيرة، وإلغاء الضرائب الجمركية، واتفاقات التجارة الحرة، والحضور الاقتصادي من خلال مشاريع اقتصادية ذات نفع عام. ومن المشاريع التي أقامها الأتراك في البوسنة على سبيل المثال لا الحصر، مشاريع مصنع الورق، ومصنع الزجاج، ومصنع الآثاث، ومشاريع البنية التحتية كاصلاح السكك الحديد، وغيرها. وهي مشاريع لها نظائر في دول البلقان الأخرى.
العمل الإغاثي:
يركز الأتراك على ما يصفونه ب " الإغاثة الثقافية " مع تطعيم ذلك بأنواع الإغاثات الأخرى التي يحتاجها المسلمون في العصرالراهن، وفي مقدمتها الإغاثة الثقافية، لذلك يرحبون بأي ترجمات تراثية أو فكرية للغات البلقان، ومن ذلك ترجمات الكتب التركية مثل مشروع هارون يحيا، ومكتبة طالب العلم، لاحياء التراث، والمكتبة الإسلامية، وكتب الشيخ محمد الغزالي، والشيخ يوسف القرضاوي، وكتب الدعاة من أمثال عمر خالد وغيرهم. وهي الكتب التي يمكن أن ترتقي بالطالب والانسان المسلم، إلى فهم قضايا عصره، والاطلاع على بقية انتاج الفكر الإسلامي ومن ثم العالمي برؤية واضحة للعالم. ومع ذلك لا يغفل الأتراك العمل الإغاثي العيني، فهناك مؤسسات إغاثية وحكومية ساهمت في إعادة بناء الصروح التاريخية في البلقان، مثل جسر موستار، وبناء المدارس الإسلامية في الجبل الأسود، وكوسوفا، وكذلك المساجد مثل مسجد سنان باشا الذي دمر في الحرب العالمية الثانية ولم يعاد بناؤه إلا حديثا. وهناك مشروع كلية الدراسات الإسلامية في ألبانيا وجامعة في مقدونيا. ويقول محمت جان أنه " لا توجد مشاريع كافية تتطلبها المرحلة، لكن ما يهم هو أن الناس هنا لا يشعرون بالوحدة، مثل السابق، بل عندما يجدون إخوانهم إلى جانبهم يشعرون بالقوة والأمان، الآن بهذا الحضور وهذا الوجود على قلته يشعر المسلمون في الأطراف البعيدين عن قلب العالم الإسلامي بمعنويات أفضل ". أما بلغاريا والتي تتصاعد فيها حدة الإسلاموفوبيا ، تصل نسبة المسلمين فيها إلى 20 في المائة، وفق البروفيسور مهمت جان " لديهم حزبا يشكل أحد أضلاع الائتلاف الحكومي، ولهم الحق في بناء مدارسهم ( 4 مدارس ) وقد عقد مؤخرا مؤتمر العلاقات الإسلامية في دول المنطقة، وكانت بلغاريا على رأس القائمة " ويدعو الأتراك، المسلمين في العالم للتعاون معهم وإقامة شراكة على كافة المستويات من أجل صالح المسلمين في البلقان وفي كل مكان " لا توجد عراقيل على المستويات الاقتصادية، أما على الصعيد الثقافي فإن هناك قانون يحيل الأمر للمؤسسات الدينية المحلية، وهي التي تتعاطى مع هكذا مشاريع ولا توجد مشكلة في هذا الخصوص، فالجهة الدينية الرسمية هي التي تعطي التراخيص لاقامة مثل هذه المشاريع " وتتمثل الرؤية التركية للتعاون الإسلامي، في " تطوير وتحقيق شمولية الدين، ولذلك لا بد من السماح لوجهات النظر المختلفة في خوض نقاش واجراء بحوث، لأن كل ذلك إغناء للتراث الإسلامي، وعكس النقاش بطريقة مناسبة على الواقع الموضوعي، بعيدا عن الصدام الحزبي أو الطائفي ".
http://almoslim.net/node/115370
تعليق