الخلق والنشوء بين ضلال النظريات وحقائق الإسلام

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 3 (0 أعضاء و 3 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    الخلق والنشوء بين ضلال النظريات وحقائق الإسلام

    الخلق والنشوء
    بين ضلال النظريات
    وحقائق الإسلام
    بقلم : د. حاتم ناصر الشرباتي

    [ مُقـــدمـــــة]


    أحمد الله تعالى حمد الشاكرين وأتوب إليه وأستغفره، أحمده تعالى حمد الشاكرين القانتين، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأصلي وأسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على هديه إلى يوم الدّين، رب اغفر لي ولوالديّ ولأساتذتي وأصحاب الفضل علي، وأنر قلبي واشرح لي صدري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، ووفقني لصالح الأعمال.

    إنّ أساس العقيدة في الإسلام قائم على إعطاء الأجوبة المقنعة لتساؤلات الإنسان عن أصل وحقيقة هذا الوجود، ويركز على حقائق ثابتة أولها الإيمان الراسخ بالله تعالى خالقا لهذا الوجود ومسيراً له، مشترطاً أن يكون هذا الإيمان آتياً عن طريق العقل وإعماله بالتفكير المستنير ليصل الإنسان عن طريقه أنّ وراء تلك الموجودات الثلاث ( الكون والحياة والإنسان ) خالقاً أوجدها من العدم وأنّ لهذه الحياة الدنيا ما قبلها وهو الله تعالى، وأنّ لها ما بعدها وهو يوم القيامة حيث يبعث الإنسان ليحاسب على ما قدمت يداه كما أوجب الإسلام الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته والملائكة والرّسل جميعاً ويوم القيامة والقدر خيره وشره من الله تعالى.

    أما الشيوعيّة فهي مبدأ مبني على المادة وليس العقل، لأنّ فكرتها الأساسية والتي تفرعت عنها كل أفكارها أنّ جميع الموجودات من كون وحياة وإنسان هي مادة فقط، وأنّ المادة هي أصل الموجودات وأنّ التّطور المادي تبعا لوسائل الإنتاج هو المحرك الفعلي والوحيد للمجتمع وعلاقاته جميعاً، وأن المادة أزلية واجبة الوجود لم يخلقها خالق، وأن ليس للمادة ما قبلها ولا يوجد بعدها شيْ، فهم ينكرون فكـرة الخلـق وبالتالي وجود خالق خلق الموجودات أي أنهم يرفضون الناحيــة

    الروحية في الأشياء من كونها مخلوقة لخالق ويعتبرون فكرة الناحية الروحية خطراً على الحياة، وبالتالي فالدّين عندهم إنما هو أفيون الشعوب المخدر لأمانيهم وتطلعاتهم وهو بالتالي من عوامل تخلف المجتمعات.

    أما نظرتهم للفكر فهي مادية أيضا، إذ هو عندهم انعكاس للواقع على الدّماغ كما تنعكس الصورة على صفحة المرآة، فالمادة عندهم هي أصل الفكر وأصل الحضارة، وهي أصل كل شيء ومن تطورها المادي توجد الأشياء ولا بد، هذه هي حتمية التّطور عندهم.

    لقد ضلّت الشيوعية الطريق لمصادمتها الفطرة التي جُبِلَ عليها الإنسان باعتمادها نظرية التّطور المادي تبعا لوسائل الإنتاج فأعمت نفسها عن حقيقة وجود خالق لهذا الكون، وأكثر ما روّج له الشيوعيون في دعم نظرياتهم حول إنكار الخلق كانت " نظريـة داروين " تلك النظريـة التي وافقت ما روجوا له من إنكار الخلق. ومع أن كثيرا ممن ابتدعوا تلك النظرية السّقيمة أو ساهم في نشرها والترويج لها قد كفر بها بعد أن أتاه اليقين واقتنع بزيفها، إلا أن نفرا ممن يستهويهم كلّ شاذ وغريب لا زال يتشدّق بها، لذا رأيت أن أقوم باستعراض تلك النظرية نقاشا ومناقشة ونقضا وأن أبين صحة وحقيقة نظرة الإسلام حول الخلق.

    لقد انهارت إمبراطورية الشيوعية وتفسخت أركانها لفساد عقيدتها القائمة على الإلحاد، فهي فكرة خيالية سقيمة لا تستند إلى الواقع وتتصادم مع الفطرة التي جُبل عليها الإنسان لجحودها وإنكارها وجود الخالق، فأي مبدأ هذا الذي ينهار بعد سبعين عاما من محاولة فرضه وتطبيقه ؟ إنه الباطل الذي يحمل جذور فنائه، لذا فليس من المستغرب أن ينهار هذا النظام وأن ينقلب رجاله ودعاته إلى الصّف المعارض له المطالب بالإجهاز عليه، فقد شهد العالم حديثا انهيار إمبراطورية الشيوعية المتمثلة بالاتحاد السوفييتي انهيارا منبئا بفشل ذريع إذ كان هذا الانهيار ناجما عن مصادمة الشيوعية لفطرة البشر وفساد وعقم أفكارها، ومن الأفكـــار

    والعقائد الفاسدة تلك كان عقيدة التّطور المادي وإنكار الخلق اللذان هما الأساس العقائدي عندهم.

    أمّا المبدأ الرأسمالي الديموقراطي فهو والشيوعية صنوان، إذ هو مبدأ كفر لا يرتكز على الإيمان بالله الخالق، لقد كان الأجدر أن يتهدم هذا النظام الفاشل لقيامه على عقيدة الكفر قبل قرينه إلا أن عمليات الترقيع والتجميل عملت على إطالة عمره وإن غدا لناظره قريب، فسيشهد العالم قريبا إن شاء الله انهيارا ثانيا سيدمر ويزيل كل إمبراطوريات الرأسمالية الديموقراطية وزوال حضارتهم واندثارها ولعنة الناس كافة لها لِما جرّت عليهم من ويلات ونكبات وانقلاب رجالها عليها وذلك لقيامها على أفكار وعقائد فاسدة، ولعجزها عن موافقة الفطرة الإنسانية، ولن ينسى البشر أن تلك الأنظمة كانت المغذي الناشر لكل فساد في العالم بما في ذلك أفكار التّطور ومعتقداته السّقيمة.

    نعــم، ستزول أنظمة الديموقراطية الفاسدة وتندرس وستصبح أثرا بعد عين لتفسح الطريق أمام نظام سماوي كامل شامل موافق لفطرة الإنسان لقيامه على الإيمان بالله تعالى خالقا ومدبراً، ويومها فقط ستعيش الإنسانية بالأمن والاستقرار والطمأنينة.



    لقد كُتب هذا البحث لأول مرّة مختصرا قبل أكثر من ثلاثين سنة ليقدم للجمعية الإسلامية في مخيم النصيرات بغزة، حيث نال المرتبة الأولى أمام الأبحاث المقدمة يومها، ومن يومها كنت أراقب وأراجع كل ما استجدّ من أبحاث في موضوع البحث فأرجع للبحث أجري عليه التعديلات والإضافات اللازمة على ضوء ما استجد من مواضيع وأبحاث.

    لقـد طُرِحت تساؤلات عدة في موضوع حياة الإنسان والتباين في وجهات النظر حوله بين الحكم الشرعي ورأي الطّب، وحول حكم أجهزة الإنعاش الطبية الحديثة ورفعها بعد الحكم بموت الإنسان طبيا خلافا لما يراه الحكم الشرعي بعـدم

    موت الإنسان، وهل يعتبر رفعها في مثل تلك الحالة قتلاً ؟ وتساؤلات أخرى حول موضوع نقل الأعضاء والتبرع بها قبل أو بعد الوفاة …. كما استجد موضوع أطفال الأنابيب بعد أن تجاوز الموضوع مرحلة الاختبارات ….. وأخيراً استجدت مسألة الاستنساخ البشري بعد أن نجح العلماء في مختبرات ( بي بي إل تيرابوتيكس B.B. L. Terabotix) الاسكتلندية في أول عملية استنساخ حيوان بالغ بإعلانهم ولادة النعجة "دللي" بطريق الاستنساخ ، ومن ثم تصريحات العالم الأمريكي (ريتشارد سيد) تصميمه على بدأ العمل في حقل الاستنساخ البشري والتوقعات بنجاح ذلك.

    لــذا فقد تمّ إجراء تعديلات وإضافات عدّة اقتضتها ما استجد من مواضيع. وحسبي أني قد بذلت الوُسع في ذلك، فمن وقف معي عند هذا الحد فقد اكتفى، ومن طلب المزيد فالباب مُشَرّعٌ أمامه، وعليه فقد قمت في نهاية الكتاب بتزويد القارئ بكشف حاوٍ لأسماء المراجع التي اعتمدتها وتلك التي اعتمدها غيري ممن سبقني إلى الكتابة في الموضوع، والتي يمكن لمن شاء الرجوع إليها رغبة في التَوَثق أو زيادة في الفائدة والتوسع.

    لقد آثرت في بحثي هذا أن تكون جميع مواضيعه مُدَعّمَة بالأدلة وموجزة في العبارة لتكون أبلغ في التأثير، وقد استدللت بأقوال وآراء علماء التّطور المادي المؤيدين لنظريات التّطور المادي المختلفة، وكذلك آراء المعارضين لها من العلماء والمفكرين مثبتا آرائهم كما وردت في كتبهم وأبحاثهم بالتفصيل أو بتصرف مني بالنّص حيث يقتضي الأمر ذلك، مشيرا لكل في موضعه.

    أما في الأبحاث المتعلقة بالفكر الإسلامي فقد تمّ الاستدلال بنصوص القرآن الكريم وما صحّ أو حَسُنَ عندي من الحديث مستبعدا أي حديث ضعيف أو موضوع، ثمّ آراء واجتهادات وتفسيرات مشاهير الفقهاء والمفسرين، إمّا حرفيا أو بتصرف مني بالنّص حيث يقتضي الأمر ذلك مشيرا لكل في موضعه.


    وإني إذ أتشرف بنشر بحثي المتواضع هذا وإخراجه من محبسه فلا أدعي لنفسي الفخر بالقيام بعمل فريد متميز، بل قد قمت بجمع ونقل وترتيب آراء من سبقني إلى ذلك حيث لم أعثر على بحث متكامل يفي هذا الموضوع الهام حقه باستكمال كافة جوانبه مضيفا وجهة نظري المعتمدة وترجيحي الرأي الأرجح في كل موضوع حيث تناولت نقاش كافة وجهات النّظر نقاشا هادفا ونقض ما يحتاج منها إلى ذلك موصلاً القارئ إلى الرأي الأرجح والأصح، فأتى الكتاب شاملاً وافياً خلافاً لكل ما نشر في الموضوع على ما أعلم.

    لقد تم تصنيف مواضيع البحث من خلال خمسة أبواب، كل باب منها يحوى عدّة فصول حسب ما يقتضيه طبيعة البحث.

    لقد جرى تقسيم الباب الأول وهو "نظريات التّطور المادي" إلى خمسة عشر فصلاً تبحث في التّطور ومذاهبه وتاريخ ومشاهير تلك المذاهب، وجرى فيه استعراض كافة المذاهب التّطورية علماً بأنه قد جرى التركيز بصورة خاصة على مذهب " داروين " وتفصيلاته باعتباره أشهرها.

    أما الباب الثاني وهو " نقض نظريات التّطور المادي " فقد جرى تقسيمه إلى خمسة فصول روعي فيه أن يكون شاملاً مستعرضاً آراء مشاهير العلماء في الموضوع.

    أما الباب الثالث وهو " الإسلام وخلق الإنسان " فقد جرى تقسيمه إلى ثلاث فصول تناولت وجهة نظر الإسلام حول خلق الإنسان، رُكز فيها على نصوص القرآن الكريم المصدر الأول في الأدلة الشرعية، كما حوى الفصل الثالث منها مواضيع: خلق آدم أبو البشر عليه السّلام وخلق زوجته حواء، وخلق عيسى بن مريم عليه السّلام، وقصة أصحاب الكهف والرقيم، وموضوع إعادة الحياة.

    أما الباب الرابع وهو "عملية الحمل والولادة وتكون الإنسان" فقد قسم إلى تسعة فصول تناولت مواضيع الزوجية والتكوين والحمل والولادة وأطوار الحمـل

    وكل ما يتعلق بخلق الإنسان حسب وجهة النظر الإسلامية، كما أُضيف إليه موضوع " من هو الأصلح للبقاء " رداً على أشهر أسس وقواعد نظريات التّطور بالصراع لبقاء الأصلح، كما أضيف إليه موضوع نسب الإنسان مرفقا بالنماذج والأمثلة.

    أمّا الباب الخامس فقد جرى تقسيمه إلى فصلين:
    الفصل الأول
    " الإدراك الفكري والتمييز الغريزي " والذي قُسّم إلى ستة فروع تناولت مواضيع التفكير وطرقه والتمييز الغريزي والفرق بينهما.

    الفصل الثاني
    " الحياة والموت والأحكام الشرعية المتعلقة بهما " وقد قُسِّم إلى ثمانية فروع تناولت مواضيع الحياة والموت وأجهزة الإنعاش الطبية ونقل الأعضاء وأطفال الأنابيب والاستنساخ البشري والأحكام الشرعية المتعلقة بكل تلك المواضيع، علما بان كل تلك المواضيع مرتبطة بموضوع الخلق والنشوء لارتباطها الوثيق بنشوء الإنسان وحياته.

    لــذا فإنّ هذا البحث المتواضع موجه لكل مهتم بمواضيع الخلق والنشوء وبشكل خاص فهو موجه:

     إلى كلّ من تقلّب وجهه في السّماء وأعمل عقله النير في التفكر في الموجودات الكونية، فتوصّل إلى حقيقة أنّ لكل تلك المخلوقات خالقاً أوجدها من العدم.
     وإلى كل من قصر عقله عن إدراك حقيقة هذه الحياة الدنيا فكفر أو ألحد أو تشكك
     وإلى كل من لا زال يبحث عن الحقيقة ليثبتها ببرهان قاطع.
     وإلى كل الباحثين عن الحقيقة بصدق وإخلاص ونزاهة.



    علهم يجدون في بحثي الذي سينشر على حلقات إن بقي في العمر بقية وما شاء الله هذا ضالتهم المنشودة، معيناً لهم على الوصول إلى الحق واليقين.

    لقد بذلت الوُسع في بحثي هذا :

     ليكون الكافي لمن رغب في الحقيقة.
     وليكون المرشد لمن نشد ضالته.
     وليكون الدليل لمن بحث عن أدلة توصله
     وليكون الجواب الشافي لكل حائر أو متسائل.
     وليكون الموسوعة الشاملة لبحث لم أجد في المكتبة كتاب أعطى هذا الموضوع حقه من كل الجوانب.
     وليكون المنارة للمبحرين المخلصين السائرين إلى الهدى بحزم وثبات، تنير لهم الطريق لتوصلهم إلى شاطئ النور والسلامة.

    فإن تحقق ما قصدت فالحمد والشكر لله تعالى وحده، وإن خفي علي شئ أدى إلى نقص، فأدعو الله تعالى الصفح والمغفرة وقد اقتضت حكمته تعالى استيلاء النقص على كافة البشر.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:21 م.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    #2
    الباب الأول

    الفصل الأول التطور

    التطـــور[1 ] Evolution

    إنّ التّطور يعني التحول أو الانتقال من حال إلى حال. جاء في "لسان العرب" :- ( الطّور هو التّارة – الحال – الحد بين ألشيئين، والجمع أطوار، والأطوار هي الحالات المختلفة والتارات والحدود واحدها طور )[ 2]، وهو في عرف علماء التطور "التحول من نوع حي إلى نوع حي آخر".

    أما جريدة " هوستن بوست Houston Post " فقد عرّفت التطور التعريف التالي: " أنه يعني ارتقاء الحياة من جهاز عضوي ذي خلية واحدة إلى أعلى درجات الارتقاء، وهو بالتالي: التغير الذي طرأ على الإنسان نتيجة حلقات من التغيرات العضوية خلال ملايين السنين."[3 ]

    ونظرية التّطور ترتكز على ثلاث قواعد رئيسية كما حددتها "الموسوعة العالمية"

    [1] إنّ الكائنات الحيّة تتبدل أشكالها جيلاً بعد جيل تبدلاً بطيئاً، وتنتج في النهاية أنسالاً تتمتع بصفات غير صفات أسلافها.


    [2] إنً هذا التّطور قديم وُجد يوم وُجدت الكائنات، وهو السّبب في وجود كلّ الكائنات الحيّة من حيوان ونبات في هذا الكون وتلك التي انقرضت، وهذا هو "التناسخReincarnation "[ ] الذي تقول به بعض الديانات.

    [3] إنّ جميع الكائنات الحية من حيوان ونبات مرتبط بعضه ببعض ارتباط صلة وقرابة، وكلها تجتمع عند الجد الأعلى للكائنات جميعا.[ 5]

    وفي وصف التّطور يقول الكاتب " بلات Platt " قي كتابه " نهر الحياة " ما يلي:
    ( حينما خرجت الكائنات الحيّة لتعيش فوق اليابسة انقلبت زعانفها أرجلاً وخياشيمها رئات وفلوسها جلوداً )[6 ]

    بقي أن نسأل: هل يحدث التّطور في عرفهم فجأة وبدون مقدمات أم أنه يحتاج إلى زمن معين، وإن احتاج إلى زمن فما هو الزمن اللازم للتّطور ؟. ويجيب على هذا التساؤل "دوبز هنسكي" الأستاذ في جامعة كولومبيا في كتابه "الوراثة وأصل الأنواع" قائلاً: ( إنّ التّطور يحتاج إلى نحو ملياري سنة وإن هناك عوامل فاعلة يمكن دراستها دراسة تجريبية )[7 ].

    يقول بعض علماء التّطور القدامى –وهم قليل- بأن هناك خالقاً هو الذي يحرك آلية التّطور لكن أكثر علماء التّطور وخاصة غير القدامى منهم يدّعون أن الحياة قد نشأت من مادة غير حيّة بدون أي تدخل الهي، أي أن المادة قد أوجدت نفسها بنفسها دون وجود خالق أوجدها، ويقف في مقدمة من قال بذلك " سير جولين هكسله " حيث يقول:

    ( إننـا نقبل كل أحداث التّطور، وتطور الحيـاة واقع وليس نظريـة وهـو أساس أفكارنا )[8 ]

    لكن هذا القول لم ينفرد به "هكسله" بل هو رأي مجمع عليه من كل العلماء المنادون بفكرة التطور المادي، فنفس الفكرة لكن بألفاظ أخرى قد وردت في كتاب "علم الحياة لك" حيث يقول:

    (إن كل علماء الحياة المحترمين يقرون بأن تطور الحياة على الأرض أمر واقع)[9 ]

    وفي تصريح لمدير إحدى الجامعات الأمريكية معبراً فيه عن رأي أكثرية الأساتذة المنادين بالتطور ورد ما يلي:

    ( لا بدّ أن يكون المرء قد اعتمد على فكرة مسبقة وتمسك بها حتى يجرؤ على أن يرفض الواقع، وإن كل من يفحص أدلة التّطور لا بدّ له من أن يعترف بأنها واقع تاريخي )[ 10]

    كما أن فريقا من رحال الآوكليروس يحملون نفس الرأي ويدعون له، وفي ذلك كتبت جريدة " ميلوكي جورنال Milwaukee Journal " (صرّح خوري كنيسة سان جاك الكاثوليكية مؤيداً التّطور بقوله: ليس هناك شكٌ بأن التّطور حقيقة واقعة)[11 ]


    لقد أصبحت فكرة التّطور مقبولة بصورة عامة في أوساط علماء الغرب، وذلك مما يمكن استنتاجه من أقواهم، ومن ذلك على سبيل المثال قول أحد رواد الفضاء نتيجة تجاربه خارج كبسولته، وقد علقت جريدة " نيويورك تايمس " الأمريكية في افتتاحية عددها الصادر بتاريخ 14 / 11 / 1966 على قوله بما يلي:
    ( إنّ كل ردود الفعل والغرائز المنطوية في أفكار الناس وأجسامهم بفعل ملايين السنين من التّطور العضوي الأرضي قد أخضعت لتجربة قاسية بتعريضها لوسط غريب ومختلف وأعني به الفضاء)[12 ]

    ويؤكد نقس الأقوال عالم تطوري شهير وهو "دوبز هنسكي " حيث يقول في كتابه " الأساس الحيوي لحرية الإنسان ": ( لقد ثبت بما لا يجعل مجال للشك حتى العقد الأخير من القرن التاسع عشر بأن التّطور أمر واقع )[ 13]

    وبنـاء عليه فالتّطور في نظر القائلين به " وهم كثير " هو حقيقة حتمية لا نقاش فيها ولا مجال لديهم للشك بها أو الطّعن بصحتها، وذلك يقتضينا دراسة تلك النّظرية بأدلتها ودراسة أقوال وأدلة من نادى بها وأقوال وأدلة من عارضها، ومن ثم نحكم على صحتها أو بطلانها على ضوء ذلك، خاصّة وأن غالبية وسائل الإعلام في بلادنا تروج لها، كما أصبحت مادة من المواد التي تفرضها دول المنطقة على طلابنا في المدارس والمعاهد والجامعات كجزء من التوجيه الثقافي الذي تفرضه عليهم سفارات وأجهزة الـدول الغربية بغطاء ما يسمى بالتعاون الثقافي، ويفرضه عليهم الكافر المستعمر تثبيتا لاستعماره الثقافي بواسطة مراكزه المتعددة وأشهرها "اليونسكو" والاتفاقات الثقافية وغيرها.

    .................................................. .................................................. .................................................. ...............
    1- البحث منقول بتصرف عن كتاب ( خلق لا تطور ) - د. احسان حقي.
    2- لسان العرب - ابن منظور - مجلد (4 ) صفحة 0 507 ).
    3- خلق لا تطور ، صفحة ( 13 ) نقلا عن: Hoston post
    4- التناسخ أو التقمص: هو اليمان بأن النفس البشرية تتقمص بعد موت صاحبها حسداً آخر ، سواء أكان هذا الجسد لإنسان أو حيوان أو نبات، وبذلك يكون لها وجود جديد أو أكثر من وجود. ومن أقدم من قال بالتناسخ الفيلسوف اليوناني " فيتاغورس " وبعض الديانات الشرقية كالهندوسية.
    5-world book encyclopedia
    6- le fleuv de la vie - Ruthe ford Platt
    7- Gennettics and the origin of species - Dobzhansky
    8- سير جوليان هكسله: من كبار علماء التطور، وكلمته المذكورة كان قد عبر فيها عن آراء زملائه في الكلمة التي القاها في البذكرى المؤية للداروينية والتي اقيمت في شيكاغو سنة 1959 .
    9-Biology for you - Vance Miller
    10 - New orlens times picayune
    11- Milwaukee journal
    12- جريدة " نيو يورك تايمز " 14 - 11 - 1966
    13- Dobznesky, genetics and the origin of species
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:21 م.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق

    • سيف الكلمة
      إدارة المنتدى

      • 13 يون, 2006
      • 6036
      • مسلم

      #3
      تاريخ المذاهب التطورية[ 1]

      إنّ مذهب التّطور بالنشوء والارتقاء هو مذهب قديم ترجع جذوره إلى آلاف السنين، فقد ظهر أثره في أقوال علماء بابل وأشور ومصر والإغريق، وقد أبدى بعض فلاسفة اليونان آراء يمكن وصفها بأنها تطورية، إلا أن أي من نظرياتهم لم تُقبل إذ كانت نشازاً بين الأصوات المنادية للإيمان وذلك نظراً لأنّ الإنسان مفطور على التدين الذي هو إحدى غرائزه الفطرية الرئيسية. وعلى سبيل المثال فقد تطرق من الفلاسفة اليونان لموضوع التّطور" اناكسمندر Anaximander " المولود سنة " 610 ق.م. " قائلاً : ( أما الإنسـان فظهر بعد الحيوانات كلها ، ولم يخلُ من التقلبات التي ظهرت عليه ، فخلق أول الأمر شنيع الصورة ناقص التركيب ، وأخذ يتقلب إلى أن حصل على صورته الحاضرة )[ 2]

      وفكرة التّطور هي فكرة مصاحبـة لفكرة الخلق التلقائي أو التّولد التلقائي أو التولد الذّاتي . (Spontaneous generation) التي هي إحدى النّظريات القديمة التي وضعت قديما لتفسير أصل نشأت الكائنات الحيّة وتقول بأن تلك الكائنات قد نشأت من تفاعل بين مواد غير حيّة . ويعود تاريخ جذور الاعتقاد بالخلق التلقائي إلى العصور الغابرة، فأرسطو[ 3] أشهر الفلاسفة الإغريق كان يؤمن بالخلق التلقائي، ( فقد لاحظ أن صغار أنواع بعض الأسماك ظهرت في برك كانت مياهها قد جفّت تماما ، فاعتقد أن صغار تلك الأسماك تنشأ من قطرات النّدى المتساقطة على أوراق

      الشّجر، وينشأ بعض آخر منها من العشب الأخضر والعشب الجاف أو من شعر الحيوانات أو من اللحم المتعفن أو من النفايات)[4 ]

      إنّ مثل تلك المعتقدات قد استندت على ملاحظات عابرة وغير دقيقة، إلا أنه نظرا لمنزلة أرسطو بين علماء العصور المظلمة كعالم ومعلم فقد ظلّت تعاليمه ونتاج أفكاره تسود خلال عهود العصور المظلمة ثمّ لعدة قرون بعد ما يسمى بعصر النّهضة. لقد ظلّ العلماء يتعلمون وينقلون عن أرسطو أكثر مما يحصلون عليه من تجاربهم واستنتاجاتهم العقلية، فقد كانت الملاحظة المباشرة والتجارب الخاصة وإعمال العقول في التّفكر من الموجودات النّادرة في تلك العصور، إذ كان السائد بينهم الانبهار والنّقل بلا تدبر عمن كان في نظرهم من المشاهير وكمثال عليه ننقل ما كتبه العالم فان هيلمونت Van Helmont في كتاب نُشر له عام 1652 متأثراً بمقولة أرسطو الآنفة الذكر: ( إنك إذا وضعت بعضاً من حبوب الحنطة مع قميص قذر في وعاء، فإنّ فئراناً تنشأ من تفاعل حبوب القمح مع القذر العالق بالقميص)[ 5]

      كما أن الاعتقاد كان سائدا عن نشأة يرقات الحشرات في اللحم المتعفن، مما أدى بالتالي إلى الاعتقاد بالخلق التلقائي، حيث أتى بعد ذلك من أثبت بالدليل فساد تلك التّرهات، وكان منهم الطبيب الإيطالي "فرانسيسكو ريديF. Redi " الذي بدت له تلك المعتقدات غير مقبولة، فقرر أن يختبر الأمر بنفسه، فقام بسلسلة من التجارب على لحوم وأسماك وحيات ميتة داخل دوارق زجاجية مكشوفة وأخرى مغطاة ، وبعد إخضاعها لعدة تجارب خرج بنتائج تجاربه التي نشرها، ومفادها: (انـه بعـد أن نشـأت الحيوانات والنباتات الأولى على أرضنا فإن جميع الكائنات


      الأخرى نشأت عن طريق التّكاثر، ولم يعد هناك خلق تلقائي)[6 ] إلا أن ريدي لم يتطرق إلى أصل النشأة الأولى للكائنات كما يوحي بذلك ما نشره.

      .................................................. ..................................................
      1- في تاريخ المذاهب التطورية وخاصة القديم منها، يمكن الإستزادة والإسهاب بالرجوع للمصادر التالية:
      - أوزبورن، من الإغريق إلى داروين0 مقدمة اسماعيل مظهر على كتاب داروين : " أصل الأنواع" 0 د.إحسان حقي، خلق لا تطور0 دائرة المعارف العربية للبستاني.
      2- دائرة المعارف العربية للبستاني.
      3- أرسطو ( 384 - 322 ق.م.) Aristotle هو الفيلسوف الإغريقي الشهير.
      4- د. عدنان بدران وآخرين، البيولوجيا، الصفحات 90- 93.
      5- المصدر السابق
      6-المصدر السابق ،الصفحات 95-97
      .................................................. ..................................................
      منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:21 م.
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق

      • سيف الكلمة
        إدارة المنتدى

        • 13 يون, 2006
        • 6036
        • مسلم

        #4
        تاريخ المذاهب التطورية - 2 -


        أما العالم البيولوجي "لويس باستور Louis Pasteur " (1822 – 1859) وفي أثناء تجاربه وبحوثه المنصبة على محاولة دراسة عملية التخمر وعلاقة ذلك بالبكتيريا وتكاثرها بغرض استنباط طريقة لمنع الحليب وغيره من السوائل من التّعرض للفساد، خرج بإثبات قاطع بفساد مقولة الخلق التلقائي مثبتا أن كل المخلوقات بلا استثناء قد وُجدت بطريقة خلق مباشر ومتقصد، ونتيجة ذلك فقد قام بالدعوة إلى الإيمان بوجود خالق خلق الموجودات جميعا من العدم كما وسنّ قوانين التكاثر والتناسل وألزم المخلوقات به.[1 ]

        لقد أصبح تأييد نظرية الخلق التلقائي محصور في قلة قليلة من النّاس، إذ أصبح من الثابت غير المطعون به أن كل النباتات والحيوانات لا تنشـأ إلا بطريقة واحدة هي التّناسل والتكاثر الذي هو السّنة الوحيدة للنشـوء. وفي القرون الوسطي وجدت كتابات في "علم الحيوان" احتوى بعضها على وصفات لإبداع مخلوقات من الجماد مثل الذباب والنمل وحتى الفئران، كما أن كثير من الناس وبعض علماء البيولوجيا كانوا يعتقدون أن نوعا من أنواع الأوز ينشأ من حيوان قشري ذي صدفتين. كما كان يشاع في كثير من بلاد العالم عن وجود شجرة تنتج خرافا.[ 2] ويحاول مؤيدي فكرة التّطور المادي الاستناد إلى ما جاء في "رسائل إخوان الصفا" حيث جاء في إحدى رسائلهم :



        ( … وأمّا النخل فهو آخر مرتبة الحيوان مما يلي الحيوانية، وذلك أن النخل نبات حيواني لأن بعض أحواله وأفعاله مباين لأحوال الحيوان وأن كان جسمه نباتا)[ 3]

        ويستطردون في نفس الرّسالة:

        ( … وفي النبات نوع آخر فعله أيضا فعل النّفس الحيوانية وإن كان جسمه نباتيا وهو " الأكشون " وذلك أن هذا النّوع في النّبات ليس له أصل ثابت في الأرض كما يكون لسائر النبات وليس له أوراق كأوراقها، بل يلتف على الأشجار والزروع والبقول والحشائش ويمتص من رطوبتها، ويتغذى كما يفعل الدود )[ 4]

        وهم يستدلون بذلك على أن المشابهة بين حالات في النبات وحالات في الحيوان قد يجوز اعتبارها خطوة تخطوها الصّور الحيّة في سبيل دور انقلابي من النشوء والتّطور تتحول به صور الحيوان والنبات. ويستدل التطوريين العرب من رسائل إخوان الصفا أنهم كانوا من المنادين بنظرية النشوء والتطور لما توحي به الفقرة التالية من شرح للانقلاب ألنشوئي:

        ( … إن أدنى الحيوان وأنقصه هو الذي ليس له إلا حاسّة واحدة وهو الحلزون، وهو دودة في جوف أنبوبة نبتت في تلك الصخور التي تكون في سواحل البحار وشطوط الأنهار وليس لها سمع ولا بصر ولا شم ولا ذوق إلا اللمس فحسب … لأن الحكمة الإلهية لم تعط الحيوان عضو لا يحتاج إليه في وقتِ جَرِّ المنفعة أو دفع المضرّة … فهذا النوع حيواني نباتي، لأنه ينبت كما ينبت بعض النبات ومن أجل أنه ليس له إلا حاسة واحدة فهو أنقص عن الحيوان رتبة، وتلك الحاسّة هي التي يشاركه النّبات فيها وذلك أن النبات لم حسُ اللمس فحسب.)[5 ]


        ومن تحليلهم لتلك العبارة خلصوا إلى استنتاجات لها في نظرهم الشّأن الأكبر والمهم في مذاهب التكوين والنّشوء، خاصّة وأن علماء التّطور يذكرون في الحلزون فقدانه كلّ الحواس عدى حاسّة اللمس التي يشترك بها كلّ من الحيوان والنبات حقائق يثبنها علم الحيوان والتاريخ الطبيعي وهو من استدلالاتهم على اشتراك بعض الحيوان والنبات في بعض الصّفات العامة ومؤيداً لما ورد في الفصل الرابع من كتاب داروين "أصل الأنواع" في موضوع "الانتخاب الطبيعي"[6 ] في حين أن إخوان الصّفا يسمون تلك الظاهرة كما ورد في النّص السابق " حكمة إلهية "وداروين يطلق عليها "انتخاباً طبيعياً" .
        .................................................. .................................................. .

        1- المصدر السابق، ارجع للصفحات 90-101
        2- المصدر السابق
        3- المصدر السابق
        4-رسائل اخوان الصفا، الرسالة العاشرة، طبعة بومباي، 4:282 وما بعدها
        5- المصدر السابق
        6- المصدر السابق
        .................................................. ..................................................
        منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:21 م.
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق

        • سيف الكلمة
          إدارة المنتدى

          • 13 يون, 2006
          • 6036
          • مسلم

          #5
          تاريخ المذاهب التطورية - 3 -


          ويستندون كذلك إلى أقوال وردت في كتب " ابن مسكوية "[1 ] وهي " الفوز الأصغر" و" تهذيب الأخلاق " . كما يأولون بعض ما ورد في " مقدمة ابن خلدون " بتأويلات يذهبون بها إلى أن كلا الكاتبين كانا ممن حمل فكرة " النشوء والارتقاء " ودعى لها، كما يذهبون في ذلك نفس المذهب في استعرضهم لكتاب الجاحظ "الحيوان"، أمـــّا " أبو علي أحمد بن محمد بن مسكويه الخازن " المتوفى عام 421 هـ فيقول في كتابه" الفوز الأصغر " :

          ( إنّ أول أثر ظهر في عالمنا هذا نحو المركز بعد امتزاج العناصر الأولى أثر حركة النّفس في النبات ، وذلك أنه تميز عن الجماد بالحركة والإغتذاء وللنبات في قبول الأثر غرضاً كبيراً …. إن مرتبة النبات الأولى في قبول هذا الأثر الشريف هو لما نجم من الأرض ولم يحتج إلى بذور ولم يحفظ نوعه ببذر كأنواع الحشائش ، وذلك أنه في أفق الجماد ، والفرق بينهما هو هذا القدر اليسير من الحركة الضعيفة في قبول أثر النّفس).


          والنباتات المقصودة في هذا القول هي "الفطريات" أي النباتات التي تتكاثر بانقسام الخلايا الجرثومية التي يقول فيها علماء النبات في عصرنا هذا أنها قسم عظيم من أقسام العالَم النباتي تحتوي الفطريات والطّحالب وغيرها من النباتات البسيطة التركيب وهي " الثالوسيـات " والتي تدعى أيضاً " المشريات والبارضيات Thallophytic " وهي كما صنفها علماء النبات شعبـة من النباتات تشمل أكثر أشكال الحياة النباتية بدائية وتضم الأشنّة أو الطحالب والفطور التي لاجذور لها ولا سوق ولا أوراق، إذ هي جسم نباتي بسيط غير متخلّق الأعضاء وتتركب من خليّة واحدة أو من جرم من الخلايا المتصلة .

          ويستطرد ابن مسكويه قائلاً : ( … ولا يزال هذا الأثر يقوى في نبات آخر يليه في الشّرف والمرتبة إلى أن يصير له من القوّة في الحركة بحيث يتفرّع وينبسط ويتشعّب ويحفظ نوعه بالبذور ويظهر فيه أثر الحكمة أكثر مما يظهر في الأول، ولا يزال هذا المعنى يزداد شئ بعد شئ إلى أن يصير إلى الشـّجر الذي له سـاق وورق وثمر يحفظ نوعه ، وغراس يضعونها بها حسب حاجته إليها ، وهذا هو الوسط من المنازل الثلاث ) ويقصد بهذا مرتبة الحشائش والأعشاب. ويستطرد الكاتب قائلاً : ( إلا أنّ أول هذه المرتبة متصل بما قبله وواقع في أفقه ، وهوما كان من الشّجر على الجبال وفي البراري المنقطعة وفي الغياض وجزائر البحار ولا يحتاج إلى غرس بل ينبت لذاته وإن يحفظ نوعه بالبذور، وهو ثقيل الحركة بطئ النّشوء )

          أمّا المرتبة الثالثة : (ثم يتدرّج في هذه المرتبة ويقوى الأثر فيه ، ويظهر شرفه على ما دونه حتى ينتهي إلى الأشجار الكريمة التي تحتاج إلى عناية من استطابه التّربة إلى استعذاب الماء والهواء لاعتدال مزاجها وإلى صيانة ثمرها كالزيتون والرُمان والسفرجل والتفاح والتين وأشباهها). ومقصد ابن مسكويه بذلك "النباتات كاسيات البذور من مرتبة ذوات الفلقتين" حسب التقسيم الذي يجريه النباتيون الآن. ثم يتدرج بعد ذلك قائلاً: (إذا انتهى إلى ذلك – أي النبات – صار في الأفق الأعلى

          من النبات، وصار بحيث إذا زاد قبوله لهذا الأثر لم يبق له من صورة النبات، وقَبِلَ حينئذٍ صورة الحيوان) .

          بعد استطراد ابن مسكويه في مراتب النبات يأتي لذكر" النخل " ذاكراً حالات التّشابه التي ذكرها "إخوان الصفا" والتي مَرّ ذكرها إلى أن يصل إلى حركة النبات الانقلابية إلى الحيوان حيث يقول : (إنّ هذه المرتبة الأخيرة من النبات وإن كانت في شرفه فإنها لأول أفق الحيوان وهي أدنى مرتبة فيه وأخَسها وأول ما يرقى النبات في منزلته الأخيرة ويتميّز بها عن مرتبته الأولى، هو أن ينقلع من الأرض ولا يحتاج لإثبات عروقه فيها بما يحصل له من التّصرف بالحركة الاختيارية، وهذه المرتبة الأولى من الحيوان ضعيفة لضعف أثر الحس فيها، وإنما يظهر فيها بجهة واحدة أعني حساً واحداً هو الحس العام الذي يقال له حس اللمس كما في الصّدَف وأنواع الحلزون الذي يوجد على شواطئ الأنهار وسواحل البحار).

          كان هذا هو وصف لمراتب انتقال النبات من مرتبـة إلى أخرى كما يراها "ابن مسكويه" مطابقا لما ذكره دُعاة التّطور والنشوء من نشوء النبات من الجماد ونشوء الحيوان من النبات ونشوء الإنسـان من الحيوان، مستطرداً إلى الإنسان الناشئ من آخر سلسلة البهائم، حيث يقول في مراتب تدرج الإنسان : (مراتب القرود وأشباهها من الحيوان الذي قارب الإنسان في خلقة الإنسانية وليس بينها إلا اليسير الذي إذا تجاوزه صار إنساناً). ويوضح تسلسله للرُتب من الحيوانية إلى الإنسانية قائلاً في كتابه الثاني "تهذيب الأخلاق" :

          ( … ثم يصير من هذه المرتبة[ 2] إلى مرتبة الحيوان الذي يحاكي الإنسان من تلقاء نفسه من غير تعليم كالقرود وما أشبهها ، وتبلغ من ذكائها أن تستكفي من التأديب بأن ترى الإنسان يعمل عملاً فتعمل مثله من غير أن تحوج الإنسان إلى تعب بهـا

          ورياضة لها، وهذه غاية أفق الحيوان الذي تجاوزها وَقَبِلَ زيادة يسيره خرج منها عن أفقه وصار في أفق الإنسان الذي يقبل العقل التمييز والنُطق والآلات التي يستعملها والصّور التي تلائمها، فإذا بلغ هذه المرتبة تحرّك إلى المعارف واشتاق إلى العلوم وحدثت له قوى وملكات ومواهب من الله عز وجل يقتدر بها على الترقي والإمعان في هذه المرتبة كما كان ذلك في المراتب الأخرى التي ذكرناها، وأول هذه المراتب من الأفق الإنساني المتصل بآخر ذلك الأفق الحيواني، مراتب النّاس الذين يسكنون في أقاصي المعمورة من الأمم التي لا تتميز عن القرود إلا بمرتبة يسيرة، ثم تتزايد فيهم قوة التمييز والفهم إلى أن يصيروا إلى أواسط الأقاليم، فيحدث فيهم الذكاء وسرعة الفهم والقبول للفضائل، وإلى هذا الوضع ينتهي فعل الطبيعة التي وكلها الله عز وجل بالمحسوسات)

          هذا بعض ما ورد في كتب "ابن مسكوية" والتي يستشهد بها دعاة التّطور على قدم مذهبهم ، والملاحظ أن ابن مسكويه أيضا وكذلك "إخوان الصفا" يردون حدوث هذا التطور من المراتب النباتية إلى الحيوانية ومن ثم إلى صورة الإنسان إلى قوانين وسنن فرضها الله تعالى على المخلوقات وألزمها التّطور في نطاقها، فلا يردون ذلك إلى الصدفة العشوائية ولا إلى الخلق التلقائي.
          .................................................. ..................................................
          1- هو العلامة : أبي علي، أحمد بن محمد بن مسكويه الخازن، المتوفي سنة 421 هجرية.
          2- المقصود هنا مرتبة الحيوانات التي في نظره لمْ تُعْطَ الفهم وقوته إلاّ النذر اليسير ، وهي قبل مرتبة القرود التي أعطيت من قوة الفهم أكثر منها.
          .................................................. ..................................................
          منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:21 م.
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق

          • سيف الكلمة
            إدارة المنتدى

            • 13 يون, 2006
            • 6036
            • مسلم

            #6
            تاريخ المذاهب التطورية - 4 -

            وأما استشهادهم بأقوال " ابن خلدون " فلما جاء في كتابه " مقدمة ابن خلدون " وبالتحديد لما ورد في المقدمة الثالثة منه في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير من أحوالهم ، وهذا نصه :

            ( وقد توهم بعض النسابين ممن لا علم لديه بطبائع الكائنات أن السودان وهم ولد حام بن نوح، اختصوا بلون السّواد لدعوة كانت عليه من أبيه ظهر أثرها في لونه وفيما جعل الله الرّق في عقبه، وينقلون في ذلك خرافات من القصص، ودعاء نوح على ابنه حام قد وقع في التـوراة وليس فيه ذكر السّواد ، وإنما دعا عليه بـأن


            يكون ولده عبيدا لولد أخوته لا غير . وفي القول بنسبة السودان إلى حام[1 ] غفلة عن طبيعة الحر والبرد وأثرهما في الهواء وبما يتكون فيه من الحيوانات ، وذلك أن هذا اللون شمل أهل الإقليم الأول والثاني من مزاج هوائهم للحرارة المتضاعفة في الجنوب ، فإن الشّمس تسامت رؤسهم مرّتين في كل سنة قريبة إحداهما من الأخرى فتطول المساتمة عامة الفصول ، فيكثر الضوء لأجلها ويلح القيظ الشديد وتسود جلودهم لإفراط الحر.)[2 ]

            فيستدلون من ذلك موافقة بين مذهبهم وبين رأي ابن خلدون إذ يتقولون أنه يرى ما يرون من أثر تأثير الطبيعة في الأحياء، وهذا ما ذهب إليه " لامارك " الذي اعتبر أن العادة تغير من صفات العضويات بمثل ما يغير الطقس ، وهذا القول هو من النظريات الأولية التي بنى عليها " لامارك " مذهبه في النشوء .

            أما في المقدمة الرّابعة من كتابه في أثر الهواء في أخلاق البشر فيقول : (ولما كان السودان ساكنين في الإقليم الحار واستولى الحر على أمزجتهم وفي أصل تكوينهم كان في أرواحهم من الحرارة على نسبة أبدانهم وأقليمهم ، فتكون أرواحهم بالقياس إلى أٍرواح أهل الإقليم الرابع أشد حراً فتكون أشد تفشيا ، فتكون أسرع فرحاً وسروراً وأكثر انبساطا ويجئ الطيش على أثر هده .وكذلك يلحق بهم قليلا أهل البلاد البحرية ، لما كان هوائها متضاعف الحرارة بما ينعكس عليه أضواء بسيط البحر وأشعته كانت حصتهم من توابع الحرارة في الفرح والخفة أكثر من بلاد التلول والجبال الباردة)[3 ]



            أما في مقدمته الخامسة والتي تبحث في أثر اختلاف أحوال العمران في الخصب والجوع فيقول : (وتجد مع ذلك هؤلاء الفاقدين للحبوب والأدم من أهل القفار أحسن حالاً في جسومهم من أهل التلال المنغمسين في العيش، فألوانهم أصفى وأبدانهم أنقى وإشكالهم أتم وأحسـن وأخلاقهم أبعد عن الانحراف وأذهانهم أثقب في المعارف والإدراكات.)[ 4]

            فيقارنون بين هذا وبين أثر التحولات التي تعتمد عليها بعض نظريات النشوء، زاعمين أنها من أقوى الأسباب في استحداث الضروب التي تحدث في الأنواع بمضيها متدرجـة في قبول تلك الصفـات حالاً بعد حال. وأتى مطابقاً لما يقولـه " أندورايت Andrewnit " من احتمال أن يكون لتغاير الأغذية أثر في تغاير الأشكال الظاهرة في الحيوانات ما جاء في ختام المقدمة الخامسة حيث يقول : (ومن تأثير الأغذية في الأبدان ما ذكره أهل الفلاحة وشاهده أهل التجربة أن الدجاج إذا غذيت بالحبوب المطبوخة في بعر الإبل واتخذ بيضها ثم حضنت عليه جاء الدجاج منها أعظم ما يكون، وقد يستغنون عن تغذيتها وطبخ الحبوب بطرح ذلك البعر مع البيض المحضن فيجئ دجاجها في غاية العظم، وأمثال ذلك كثير، فادا رأينا هده الآثار من الأغذية في الأبدان فلا شك أن للجوع أيضاً آثاراً على الأبدان، لأن الضدين على نسبة واحدة في التأثير وعدمه، فيكون تأثير الجوع في نقاء الأبدان من الزيادات الفاسدة والرطوبات المختلفة المخلة بالجسم والعقل كما كان الغداء مؤثرا في وجود دلك الجسم، والله محيط بعلمه.)[5 ]

            أما في مقدمته السادسة فيقول في "تفسير حقيقة النبوة" : (ثم أنظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج ...... آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات مثل الحشائش وما لا بذر له، وآخـر أفـق النبات مثل النخل والكرم متّصل بأول أفق الحيـوان مثل الحلـزون

            والصدف ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط. ومعنى الاتصال في هذه الكائنات أنّ آخر كل أفق منها مستعدٌ بالاستعداد القريب لأن يصير أول أفق الذي بعده، واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه، وانتهى في تدريج التّكوين إلى الإنسان صاحب الفكر والرّوية، ترتفع إليه من عالم القردة[6 ] الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل، وكان ذلك في أول أفق الإنسان بعده، وهذا غاية شهودنا.)

            كان هذا بعض ما ورد في "مقدمة بن خلدون" مما يعتبره دعاة التطور غير بعيد عما ذكره داروين في ملخصه التاريخي الذي وضعه لكتابه. أما "الجاحظ" فقد أورد في كتابه "الحيوان" مشاهدات يعتبرها باحثوهم من مقومات مذهب النشـوء، منها ما قاله في التلاقح وتزاوج الضروب وإنتاج الأنسال الجديدة، حيث قال في فصل "باب القول في الجعلان والخنافس" ما يلي : (والجعل يظل دهراً لا جناح له ثم ينبت له جناحان كالنمل الذي يغبر دهراً لا جناح له ثم ينبت له جناحان وذلك عند هلكته، والدعاميص قد تغبر حيناً بلا أجنحة، ثم تصير فراشاً وبعوضاً، وليس كذلك الجراد والذبان، لأن أجنحتها تنبت على مقدار من العمر ومرور الأيام، وزعم ثمامة عن يحيى بن خالد أن البرغوث قد يستحيل بعوضة، والجعل يحرس النيام فكلما قام منهم قائم فمضى لحاجته تبعه طمعاً في أنه إنما يريد الغائط.)[7 ]
            .................................................. ...............................................
            1- ينسب القلقشندي الشهير بابن غده في كتابه " سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب" صفحة ( 12 ) إلى حام بن نوح أنه أبو السودان بجميع أجناسهم - الحبشه والنوبة والزنج - ويقول: وكان حام حسن الصورة بهي الوجه ، فغير الله لونه وألوان ذريته من أجل دعوة أبيه ، لأنّه دعا عليه بتسويد الوجه وسواد ذريته وأن يكون أولاده عبيداً لأولاد سام ويافت.
            2- مقدمة أبن خلدون، سلسلة كتاب التحرير، طبعة 1376هـ / 1966م. ، صفحة ( 76 ) 0
            3- المرجع السابق، صفحة ( 78 ) 0
            4-المرجع السابق، صفحة ( 79 )
            5-المرجع السابق، صفحة ( 82 )
            6- هكذا وردت في نسخة: سلسلة كتاب التحرير، وفي نسخة: د. علي عبد الواحد وافي 0 إلاّ أنّها وردت في نسخة الطبعة الأميرية، صفحة ( 80 ) : ( عالم القدرة )
            7- كتاب " الحيوان " للجاحظ، نشر دار صعب - بيروت، جزء (3) ، صفحة (591) 0
            .................................................. .................................................
            منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:20 م.
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق

            • سيف الكلمة
              إدارة المنتدى

              • 13 يون, 2006
              • 6036
              • مسلم

              #7
              تاريخ المذاهب التطورية - 5 -



              ويرجع دعاة فكرة النشوء إلى "القزويني"[1 ] صاحب كتاب "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" حيث يستدلون لتأييد ما يدعون إليه بما جاء في صفحة (241) من كتابه : (فأول مراتب هذه الكائنات تراب وآخرها نفس ملكية طاهرة، فإن المعادن متصلة أولها بالتراب أو الماء وآخرها بالنبات، والنبات متصل

              أوله بالمعادن وآخره بالحيوان، والحيوان متصل أوله بالنبات وآخره بالإنسان، والنفوس الإنسانية متصلة أولها بالحيوان وآخرها بالنفوس الملكية، والله تعالى أعلم بالصواب.)[2 ]

              أما ما هو نوع هذا الاتصال فالفقرة التي سبقتها في نفس الموضوع تفسّر بجلاء تام ووضوح أن ما قصده القزويني لم يكن أبداً كما أولوه وفسروه حيث يقول: (... وأنها متّصلة بعضها ببعض بترتيب عجيب ونظام بديع تعالى صانعها عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً.)[3 ] وربما يكون ما جاء في نفس الكتاب بعنوان "في النبات" ما يكون أوضح في إبعاد القزويني عما يصفوه به من الهرطقة والكفر والسّفه حيث يقول:

              (النبات متوسط بين المعادن والحيوان، بمعنى خارج عن نقصان الجمادية الصرفة التي للمعادن وغير واصل إلى كامل الحسن والحركة اللتين إختص بهما الحيوان، لكنه يشارك الحيوان في بعض الأمور لأن الباري تعالى يخلق لكل شئ من الآلات ما يحتاج إليهما في بقاء ذاته ونوعه، وما زاد على ذلك تكون ثقلاً وكلاً عليه لا يخلفه، ولا حاجة للنبات للحس والحركة بخلاف الحيوان.)[4 ]


              إنّ أشهر وأقدم نظريات النشوء بالتطور الحديثة كانت نظرية العالم الإنجليزي "ايراسموس داروين Erasmus Darwin" وهو جد صاحب نظرية التطور الشهيرة والذائعة الصيت "تشارلس داروين Charles Darwin"، ثم نظرية "كونت بوفون Conte De Buffoon" وكان ملخص النظريتين ما يلي : (إن وجـود نباتات أو حيوانات تحت تأثير وسط معين يكسبها صفات جديدة، وهذه الصفة تنتقل إلى نسليهما فتحدث انقلابات هي عوامل التطور.)


              ثم تبعهم العالم الطبيعي الفرنسي "جان باتيست لامارك Jean Baptiste Lamark" الذي نشر كتاباً في تأييد نظرية وراثة الصفات المكتسبة مشترطاً وجود ضرورات كوسيلة للتطور.[5 ]

              وبعد ذلك ظهر أستاذ علم الحياة الألماني "اوغست وايزمن Augest Weissma" حيث حاول الوصول إلى نتيجة التطور بطريق الصفات المكتسبة، فحاول تربية فئران بلا ذنب بعد ان قطع أذناب فئراناً قبل تلاقحها .....)[ 6]

              إن العلماء المختصين استنادا لتحقيقاتهم العلمية وبعد إعمالهم عقولهم في تجاربهم، قد رفضوا وبصورة قاطعة نظرية التحول الوراثي للصفات المكتسبة، وأثبتوا فسادها بالأدلة العلمية، إلا أن تلك النظرية لم تتلاشى تماماً بالرغم من تحول الكثير عنها وقيامهم بنقضها ومهاجمتها، فقد بقي لها أنصار ومؤيدون ودعاة، منهم من حمل النظرية على علاتها، ومنهم من طفق يدعمها بأدلة ومنهم من حاول إدخال التحسينات عليها مع الإبقاء على أصلها.

              لقد أثار العالم الكيميائي السويدي "سفانت آرهينوس Savante Arrthenius " نظريته أن أصل الحياة قد أتى من الفضاء الخارجي (Panspermia) بطريق إنتقال وحدات شبه جرثومية من كوكب إلى آخر عن طريق الضغط الإشعاعي، وقد نُظر إلى تلك النظرية أنها قد تأثرت بقصص الخيال العلمية وأنه ليس لها أدلة تدعمها، وأنها هرطقة، لذا فلم ترد تلك النظرية في سياق التسلسل التاريخي للمذاهب التطورية إلا نادراً.[7 ]



              أما "هيلر Heller " (1772–1844) وهو عالم فرنسي وصاحب النظرية الحاملة لاسمه فتقول نظريته بأن الأنواع المختلفة من الكائنات الحيّة تنشأ استجابة لظروف البيئة فظروف البيئة تتغير باستمرار مما يسبب تغيرات في الكائنات الحيّة، فإذا كانت التغيرات ملائمة للبيئة فإن الأفراد تعيش وتتكاثر مكونة نوعاً جديداً وإذا كانت التغيرات غير ملائمة فإن أفراد هذا النوع تهلك وتنقرض.)[8 ]

              أمـا في روسيا فقد ظهر فيها العالم البيولوجي الروسي "ايفان فـلاديميروفيتش ميتشورين Ivan Vladimirovich Michorin" (1855–1935) والذي رفض قانون الوراثة الذي وضعه الراهب "مندل Mendel "[9 ] ووضع مذهباً في التطور العضوي سمي "الميتشورينية Michurinism" نسبة له، وهو مذهب في التطور العضوي تعتبر شكلاً من أشكال اللاماركية، والذي يقول بأن الصفات المكتسبة تنتقل بالوراثة إلى الذرية.[10 ] وظهر بعده في روسيا من أتباع اللاماركية العالم البيولوجي "ترو فيم دينبوفيتش ليسينكو Trofim Denisovich Lysenko" (1898–1976) والذي عمل بتشجيع من ستالين على إنتاج أنماط جديدة من المحاصيل في فترة شكى الاتحاد السوفييتي خلالها من أزمة خطيرة في الإنتاج الزراعي (1927–1929) فوضع مذهبا في التطور العضوي نُسبَ إليه إذ أطلق عليه اسم "الليسينكورية Lysenkorism " وهو مذهب في التطور العضوي وضعه عام 1930، ويعتبر امتداداً وتطويراً لًٍ "الميتشورينية“ والمذهب يقوم على إنكار وجود المورثات (Genes) والهرمونات النباتية ودور الصبغيات (Chromosomes) المتخصص، ويقـوم على قاعدة أساسية هـي الوحدة بين المتعضي (Organism)


              وبيئته، مؤكداً أن جميع أجزاء المتعضي تُسْهم فيما ندعوه الوراثة وأن في إمكان البيئة أن تتحكم في هذه الوراثة.[ 11]

              لقد كتب الأستاذ "دوديسـويل Dowd swell" في كتابه "آلية التطور" المطبوع سنة 1960: (إن آخر جديد في النظرية اللاماركية[ 12] هو ما جرى في روسيا سنة 1948 تحت إشراف الأستاذ ليسينكو حيث استبعدت تلك النظرية من الميدان العلمي، ولكن استبعادها جرى على أسباب عقدية "أيدلوجية" أكثر من كونها علمية)[13 ] ثم أعقبت مجلة " تايم Time" ذاكرة الخبر التالي في عددها الصادر في تشرين ثاني سنة 1965 ما يلي: (إن الأستاذ ليسينكو أعفي من منصبه، وأن الشيوعيون أيضاً رفضوا هذه النظرية علمياً، لأن الوراثة تحددها "المولدات" وهذه تبقى ثابتة خلال الكائن الحي مدى حياته) والمولدات أو "المضادات Antigens" هي البروتينيات التي ينتجها الجسم في حال تسرب الأجسام الغريبة إليه ، وتدعى أيضاً "الأجسام المضادة Antibody " وهي تتميز بقدرتها على جعل الأجسام الغريبة عديمة الضرر.[14 ]

              إلا أن كلا المذهبين "الميتشورينيـة والليسينكووية" يصنفان ضمن قائمة المدرسة اللاماركية التي يطلقون عليها حديثاً اسم "اللاماركية المُحْدَثَةNeo Lamamrkism" وهي كل تلك النظريات التي نشأت عن اللاماركية في الشطر الأخير من القرن التاسع عشر والتي تعتمد على التأكيد على أثر البيئة المباشر في التطـور العضوي للحيوانات والنباتات . ومن أبرز دعاة تلك النظرية "الفريد ماتيو جيبـار Giard" (1846-1908) في فرنسـا و "إدوارد دينكر كوب Cope" (1840–1897) في الولايات المتحدة الأمريكية.[ 15]

              .................................................. .................................................. .................................................. .................
              (1) زكريا بن محمد بن محمود القزويني(600-682)، صاحب كتاب:" عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات.".
              (2) القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، طبعة دار الآفاق الجديدة- بيروت، صفحة (241).
              (3) المصدر السابق، صفحة (241).
              (4) المصدر السابق، صفحة (281).
              (5) [1] Jean Batiste De Mont: chevalier de Lamark.
              (6) يمكن الرجوع إلى الرد على تلك الطريقة إلى كتاب " علم الحياة " المطبوع سنة 1966 م.
              Milltown, Mark, A. Hall S. Lesser: Review text in Biology.
              (7) جولدزبي، البيولوجيا، جزء(1) ، صفحة (10-11)
              (8) المصدر السابق، صفحة (123).
              (9) ] غر يغور جوهان مندل Gregory Johann Mendel (1822 – 1884) راهب وعالم نبات نمساوي، يعد مؤسس علم الوراثة (genetics) أجرى في حديقة الدير الذي يقيم فيه تجارب على نباتي البازيلا والفول أدت إلى اكتشافه قواعد الوراثة الأساسية والتي يطلق عليها اسم (قوانين مندل) أو (المندلية) (Mendel's Laws ).
              (10) موسوعة المورد العربية – المجلد الثاني – صفحة ( 1182 ).
              (11) المصدر السابق، صفحة (1054).
              (12)[2] اللاماركية نسبة إلى عالم النبات "لاماركLamark" القائل بالتحول الفجائي، وهو صاحب كتاب (فلسفة الحيوان).
              [13] W.H. Dowdesweell: The mechanism of Evolution.
              (14) موسوعة المورد العربية، مجلد (1)، صفحة (388*)
              (15)المصدر السابق، مجلد (2)، صفحة (1025).
              .................................................. .................................................. .
              منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:20 م.
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق

              • سيف الكلمة
                إدارة المنتدى

                • 13 يون, 2006
                • 6036
                • مسلم

                #8
                تاريخ المذاهب التطورية - 6 -

                لقد وضع "هيربرت سبنسرHerbert Spenser " الأسس والبراهين المرتكزة عليها قواعد نظرية النشوء والارتقاء في أواخر القرن التاسع عشر، مؤكداً أن قانون الارتقاء عامة ينحصر في التغاير من حال التّجانس التركيبي إلى التنافر فيه، وتلك النظرية هي نفس "نظرية داروين" إلا أن النظرية قد نسبت إلى "شارلس روبرت وارنج داروين Charles Darwin" المولود سنة 1809 والمتوفى سنة 1882 وأخذت اسمه، فداروين كان أشهر وأجرأ من تكلم بها وكتب عنها، وكان أشهر الكتب التي اشتهرت في ذلك هو كتابه "أصل الأنواعThe Origin of Species " الذي ظهر سنة 1859م.

                بعد أن نشر داروين كتابه المذكور، نشر بعده عدة كتب في التطور والنباتات، وفكر أن يطبق نظريته على الإنسان، فأكب على المعلومات التي استجمعها يرتبها ويجمع بينها، ويستخلص منها النتائج التي قد يستطيع أن يثبت منها أن الإنسان ناشئ من صورة دنيا هي اقرب إلى القردة العليا منها إلى أي صورة من صور الأحياء. وقد فرغ من كتابة فصول كتابه الجديد في ثلاث سنوات، ونشره في شباط سنة 1871م، أي بعد 13 عاماً من نشر كتابه الأول "اصل الأنواع" فكان الكتاب الثاني "نشوء الإنسان Evolution of Man ".

                لقد ثارت عاصفة هوجاء حول الكتابين، وجرى معارضة ونقض الأفكار التي حوتها كتب داروين من قبل علماء وباحثين، إلا أنه بعد داروين والعاصفة التي ثارت حول نظريته نشر" اوزبورن Osborn "كتابه المعروف" من الإغريق إلى داروين From the Yreeks to Darwin " شارحاً تأريخ تدرج الفكر في التأمل في تطور الأشياء، محاولاً البرهنة على خطأ نظرية "الخلق المسـتقل Sjecal Creation"، واثبات نظرية داروين القائلة بتطور المخلوقات (Evolution).

                إلا أنّه حتى داروين الذي اشـتهرت النظرية باسـمه لم يكن أول من حاول البحث في نفـس الموضوع، ولم يكن مبتدعاً لنظرية جديدة ، فقد سـبقه العالم الفرنـسي "كونت بوفونConte de Buffoon" الذي كان أول من كتب في الموضوع بأسلوب علمي، وقد تبعه "لامارك Lamark " سنة (1809م) أي قبل ظهور كتاب داروين بخمسين سنه، وكان قد نشر كتابه "فلسفة الحيوان" ثم أتبعه كتاب "تأريخ الفقاريات الطبيـعي" فأيد في كلا الكتابين نظرية أن الأنواع جميعاً– بما فيها الإنسـان– ناشـئة من أنواع أخر، وركّز في بحوثه أن ضروب التحول في العالم العضوي وغيره ناشـئ عن سـنن طبيعية صرفة، وتوالى بعد ذلك العلماء والباحثين متجهين نفـس الاتجاه، وكان أشـهرهم قبل ظهور داروين:

                01 جفروي سانتيلير 1795 A.G. Sant Lieer
                02 د. ويلز 1813 D. Wills
                03 وليم هيربرت 1822 W. Heirbert
                04 جرانت 1826 Grant
                05 باتريك ماتيو 1831 Partik Matio
                06 فون بوخ ليوبولد 1836 V. B. Leopold
                07 فون باير 1837 Von Baer
                08 دوماليوس دالوى 1846 Domallius Daliwah
                09 رتشارد أوين 1849 Richard Owen
                10 هيربرت سبينسر 1858 Heirbert Spinser
                11 هوكر 1859 Sir Josef Dalton Hooker
                حتى ظهر داروين بكتابيه: الأول سنة 1859، والثاني سنة 1871، فكان ظهور داروين ونظريته أكثر ما شاع وأجرأه، إذ حاول إثبات فكرة التطور وإخراجها إلى حيز النظريات، لـذا فقد نسبت النظرية له واشتهرت باسمه .


                لم يكن داروين ونظريته آخر المطاف، بل لقد حمل الفكرة فلاسفة وعلماء وأدباء كثيرون بعده وروّجوا لها في كتبهم وفي محاضراتهم وفي جميع وسائل الإعلام، كان منهم " البروفيسـور ماندير A.E. Maunder " الذي يعلق على نظرية التطور العضوي قائلاً:

                (لقد ثبت صدق هذه النظرية حتى أننا نستطيع أن نعتبرها أقرب شئ إلى الحقيقة)[1 ] أما العالم التطوري الشهير " جورج سـمبسون Gaylord Simpson" فيقول : (إن نظرية النشـوء والارتقاء حقيقة ثابتة أخيراً وكلياً، وليسـت بقياس أو فرض بديل صيغ للبحث العلمي)[2 ]

                أما محرر "دائرة المعارف البريطانيـة" فيعتقد أن نظريـة الارتقاء في الحيوان حقيقة، وأن هذه النظرية قد حظيت بموافقة عامة بين العلماء والمثقفين بعد داروين.[3 ]

                أما " ر. س. ليل R.S.Lille " فيدلي برأيه قائلاً : (ظلّت نظرية الارتقاء تحصل على تأييد متزايد يوما بعد يوم بعد داروين حتى أنه لم يبق شك لدى المفكرين والعلماء في أن هذه هي الوسـيلة المنطقية الوحيدة التي تستطيع أن تفسّر عملية الخلق وتشرحها)[4] 4
                ولقد بلغ بِ "سير آرثر كيت" الذي يعتبر محامياً متحمساً للنظرية وأحد أبرز الشخصيات الداعية لها، أنّه لم يعتبرها مجرد ملاحظة أو نظرية أو تسلسل منطقي، بل لقد اعتبرها عقيدة حيث يقول : (ان نظرية الارتقاء هي عقيدة أساسية في المذهب العقلي)[ 5] وهو إذ يفسر إيمانه بتلك العقيدة يعترف بأنها عقيدة بلا أدلة ولا براهين!!! ملمحاً إلى الأسباب الخفية الدّافعة لاعتناقها : (إن نظرية النشوء والارتقاء لا زالت بدون براهين وستظل كذلك، والسبب الوحيد الذي في أننا نؤمن بها هو آن البديل الوحيد الممكن لها هو الإيمان بالخلق المباشر، وهذا غير وارد على الإطلاق)[6 ]

                أما الدارويني الملحد " جوليان هُكسـلي J.Huxley " فيقول عن النظرية :

                (هكذا يضع علم الحياة الإنسان في مركز مماثل لما أنعم عليه كسيد للمخلوقات كما تقول الأديان..... من المسلم به أن الإنسان في الوقت الحاضر سيد المخلوقات ولكن قد تحل محله القطة أو الفأر)[7 ] وهو يزعم بأن الإنسان قد اختلق فكرة "الله" إبان عصر عجزه وجهله، أما الآن فقد تعلم وسيطر على الطبيعة بنفسه ولم يعد بحاجة إليه، فهو العابد والمعبود في آن واحد، إلى أن يقول : (بعد نظرية داروين لم يعد الإنسان يستطيع تجنب اعتبار نفسه حيواناً)[ 8]

                أما "د. هـ. سكوت" المشهور كدارويني شديد التّعصب فيقول : (إن نظرية النشوء جاءت لتبقى، ولايمكن أن نتخلى عنها ولو أصبحت عملاً من أعمال الاعتقاد)[ 9]


                أما الفيلسوف الملحد الشهير "برتراند راسل Bertrand Russell " فيشيد بالأثر الدارويني مركزاً على الناحية الميكانيكية في النظرية، حيث يقول : (إنّ الذي فعله جـاليلاي ونيوتن من أجل الفلك فعله داروين من أجل علم الحياة)[10 ]

                لقد سُـخِرَ لنشـر نظريات التطور عموماً، ونظريــــة داروين تحديداً، معظم وســائل الإعلام العالمية، ونُشر حولها العديد من المقالات والأبحاث في الجرائد والمجلات والكتب والموســوعات، وقام بتدريسها أساتذة المدارس والمعاهد والجامعات، ورَوَجَت لها الجرائد والمجلات والإذاعات وكل وسـائل الإعلام، وتبنى شـرحها كثير من الأساتذة والعلماء في شـرق العالم وغربه على السواء، فانتشرت في أوروبا وانتقلت بعدها إلى جميع بقاع العالم، وما زالت تلك النظرية تُدَرَسَ في كثير من الجامعات العالمية، كما أنها قد وَجَدَت أتباعاً لها في العالم الإســلامي من الذين تربوا وتثقفوا تربية وثقافة غربية حيث درسوا في جامعات أوروبية وأمريكية، وبالأخص "جامعة السوربون" الفرنسية.
                .................................................. .................................................. ....(1) الاسلام يتحدى، صفحة (49)، نقلاً عن: p Ibid : 113
                (2) المصدر السابق، نقلا عن : Mening of Evolution p. 127
                (3) المصدر السابق، نقلاً عن : دائرة المعارف البريطانية (1958 )
                (4 ) المصدر السابق، نقلا عن: Organic Evolation P.150
                (5) المصدر السابق، نقلا عن: Revolt against reason P.112
                (6) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، صفحة (211)
                (7) المصدر السابق، صفحة ( 211 )
                (8)المصدر السابق، صفحة ( 212)
                (9) المصدر السابق، صفحة (212 )
                (10) المصدر السابق، صفحة ( 212 )
                .................................................. .................................................. ....
                منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
                التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:20 م.
                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                وينصر الله من ينصره

                تعليق

                • سيف الكلمة
                  إدارة المنتدى

                  • 13 يون, 2006
                  • 6036
                  • مسلم

                  #9
                  الخلق والنشوء
                  بين ضلال النظريات
                  وحقائق الإسلام
                  ***
                  أشهر المذاهب التطوريّة


                  إنّ أشهر من إقترن اسمه بفكرة التطور العضوي هو " تشـارلس داروين Charles Darwin " إلا أنه وكما أسلفنا في الفصل السابق لم يكن أول من ابتدع الفكرة، بل لقد سبقه إلى ذلك كثير من علماء الإغريق الأقدمين، مثل " أناكسيماندر Anaximander " و "أمـبيدوكلـس Ampedocles " و "أرسطو Aristole ". كما أن النظريات التطورية الحديثة تختلف إحداها عن الأخرى في المضمون وأحياناً تتضارب، وأشهر المذاهب التطورية هي :

                  "1" نظرية "لامارك" في الاستعمال وعدم الاستعمال :

                  لقد وضع هذه النظرية العالم الفرنسـي " لامارك Lamark " وافترض فيها تعرض البيئة للتغيير، وأن الاسـتعمال أو عدم الاسـتعمال قد تُبَدِل من صفات الأفراد، وافترض فيها أن الصفات التي يكتسـبها الفرد أثناء حياته تنتقل إلى ذريته بالوراثـة Heredity، وقد ضرب لذلك مثلاً عنق الزرافة، فهذا العنق وصل إلى درجة غير عادية من الطول، وَفُسِّرَ ذلك بأنّ الزرافة تمد عنقها لتصل إلى أوراق الشّجر العالية، ومن ثمّ زاد العنق تدريجياً في الطول، وازداد بتوالي الأجيال حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن، ومن ناحية أخرى ضمرت أجنحة بعض الطيور نتيجة عدم استعمالها في الطيران.

                  من المعلوم أن النظرية اللاماركية في توارث الصفات المكتسبة قد جوبهت بالرّفض من علماء الأحياء لافتقارها إلى البرهان والأدلة، وقد سدَّد "وايزمان Weismann " ضربة إلى هذا المذهب بنظريته حول الخلايا الجرثومية.[ 1]


                  "2" نظرية داروين في الانتخاب الطبيعي :

                  وسنسهب في استعراض وشرح تلك النظرية قدر الإمكان في الفصل التالي، ومذهب داروين يعتمد ويرتكز على المشاهدات التالية:

                  01 التناحر بين المخلوقات على البقاء . Struggle for existence
                  02 البقاء للأصلح . Survival for the fittest
                  03 الوراثة وتأثيرها . Heredity
                  04 الانتخاب الطبيعي . Natural Selection
                  05 التجاوب أو الملائمة مع البيئة أو عدم الملائمة. Environmental
                  06 أصل الأنواع . The Origin of Species

                  هذا ولم يَدَّعِِِ داروين أن يكون شـرحه لقواعد نظريته التي نتجت عن تلك المشاهد ذات نهائية، إنما لمس منذ البداية ضعف وهزال الأدلة التي قَدَّمَها، وقد تنبأ أنّ كثيراً مما كتب قد يثبت أنه هراء، ولكنه يرجو أن يظلّ الهيكل ثابتاً.[ 2] وهذا ما حدث بالفعل إذ أنّ "يوهانسنJohannsen" (1855-1927) قد سَدَّدَ ضربة إلى البند الخامس من المشاهدات التي اعتمدها داروين، حيث أثبت أن الملائمة للبيئة أو عدمها ليستا مما يُوَرِث التطور العضوي، كما سَدَّدَ العالم الهولندي "هيجو دي فريز Hugo de Vries " (1848-1935) ضربة إلى المشاهدات الرئيسية التي اعتمدها داروين وهي "الانتخاب الطبيعي" في إثبات نشوء النّوع وارتقائه، وعزا ذلك إلى "الطفرةmutation " أو التنوع غير المستمر.[ 3]


                  "3" نظرية "وايزمان" حول البلازم الجرثومي:[ 4]

                  صاحب هذا المذهب هو عالم الأحياء "اوغست وايزمان August Weissman" (1834–1914)[ ] الذي حاول نقض النظرية اللاماركية عن طريق إثبات أن الصفات التي يرثها الفرد عن أبويه إنما تأتي عن طريق الخلايا الجرثومية ولا دخل للخلايا الجسمية فيها، وأن الخلايا الجرثوميـة لا تخضع لمؤثرات البيئـة التي تتطلب من بعض التراكيب استعمالاً أو إهمالاً، فالحداد مثلاً يستعمل ذراعيه كثيراً فتنمو عضلاتها ومن ثمّ تغلظان وتقويان، ولكنَّ ابنه إذا لم يمارس الحدادة حرفةً فلن يكون في قوّة أبيه الحدّاد، وتتلخص تلك النظرية بما يلي :

                  1. تنقسم خلايا الجسم الحي إلى نوعين: خلايا جسدية Somatic cells تحتوي على البلازم الجسدي، وخلايا جرثومية Germ cells تحتوي على البلازم الجرثومي .
                  2. تكمن الخلايا الجرثومية داخل الجسم ولكنها ليست جزءاً منه.
                  3. تنشأ الخلايا الجرثومية منحدرة مباشرة من الخلايا الجرثومية التي سبقتها.
                  4. البلازم الجرثومي في تسلسل مستمر ويقوم الجسد بصيانته.
                  5. تنشأ التنوعات عن امتزاج الصفات المختلفة المستمدة من الوالدين.
                  6. تنشأ الموجهات من البلازم الجرثومي، وتنتقل خلال الخلايا الجرثومية إلى الأجزاء المختلفة من الجسد النامي، ويتم بهذه الطريقة تنويع الكائن الحي.
                  7. لا ينشأ طراز جديد من الكائنات إلا نتيجة لطراز متغير من الخلية الجرثومية.

                  ومن ثمّ فان نظرية وايزمان تناقض تماماً نظريتي -لامارك وداروين-، إذ الأخيران يعتقدان أنّ مرد التّنوع هو الجسد ثم ينتقل إلى الخلايا الجرثومية، أما وايزمان فقد أبرز أهمية الوراثة في حدوث التطور مغفلاً تأثير البيئة.
                  .................................................. .................................................. ....
                  1- فؤاد خليل وآخرين، علم الحيوان العام، صفحة (1108).......
                  - د. مصطفى عبد العزيز وآخرين، النبات العام، صفحة (1001) .
                  2- المرجع ، الفصل السادس، باب مشكلات النظرية .
                  3- علم الحيوان العام، صفحة (1108) -- النبات العام، صفحة ( 1002)
                  4- علم الحيوان العام، صفحة (1108) -- النبات العام، صفحة ( 1001)
                  .................................................. .................................................. ....
                  منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
                  التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:20 م.
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق

                  • سيف الكلمة
                    إدارة المنتدى

                    • 13 يون, 2006
                    • 6036
                    • مسلم

                    #10
                    الخلق والنشوء
                    بين ضلال النظريات
                    وحقائق الإسلام
                    ***
                    أشهر المذاهب التطوريّة -2-


                    "4" نظرية الطفرة أو " مذهب دي فريز"[ 1]

                    وضع عالم النبات الهولندي " هيجو دي فريز Hugo de Vreis " عام 1901م، نظريته حول "الطّفرة" في تفسـير نشـوء النّوع وارتقاؤه ناقضاً بذلك نظرية داروين واعتمادها "الانتخاب الطبيعي" والاختلافات الصغيره المستمرة الحادثة عن الاستعمال أو عدمه والتي اعتمد عليها كل من داروين ولامارك، وحاول إثبات أنّ التطور العضوي ناجم عن التنوع غير المستمر أو ما يسمى "الطفرة Mutation" التي تعني وجود تغيير مفاجئ أو تنوع مفاجئ يختلف به النتاج عن الأصل بشكل واضح، فيحدث في بعض الأحيان أن تظهر أنواع جديدة –لا يرجع نشوءها إلى تأثير عوامل البيئة – بل تنتقل الصفات الجديدة منها إلى ما يليها من أجيال حسب قوانين الوراثة المعروفة، وذلك ما يسمى بالطفرة.

                    "5" نظرية التّطور الكيماوي أو "مذهب اوبارين وهولدين"[2 ]

                    هناك نظرية أخرى عن أصل الحياة والنشوء ابتدعها في عشرينات القرن العشرين كل من العالم البيوكيميائي الروسي "الكسندر أوبارينAlexander Oparin " والعالم البيوكيميائي الإنجليزي " هولدين J.B.S.Haldne ". وتتلخص النظرية بأن الأشياء الحية قد نشأت عن طريق " التّطور الكيماوي Chemical Evolution "، فمن العناصر والمركبات البسيطة التي كانت موجودة في الجو القديم للأرض وبحارها تكونت جزئيات أكبر، ثم تبع ذلك تجميع لمركبات أكثر تعقيداً وفي النهاية ظهرت وحدة كيماوية كانت قادرة على وحدات مثلها، وهكذا فقد بدأت الحياة.

                    وملخص النظرية برمتها أن الحياة قد حصلت تبعاً للقوانين الفيزيائية، إذ تنفي أن هناك عملاً خاصاً بالخلق أو قوة غامضة وراءه، أو خارقاً للطبيعة.



                    وفي رأي أوبارين وهو من اشتهرت النظرية باسمه : (لا يوجد فرق أساسي بين الكائن الحي والمادة التي لا حياة فيها، وأن المجموعة المعقدة للظواهر والخصائص المميزة للحياة لا بدّ أنها ظهرت عن طريق تطور المادة)[3 ]

                    وقد حاول كل من "ستانلي ميلرStanley Miller " وأستاذه العالم الكيميائي "هـارولـد يوري Harold Urey " عام 1952 مساندة تلك النظرية ودعمها عن طريق إجراء تجارب معينة بتكوين جو مشابه للجو البدائي للأرض حيث اشتهرت تلك المحاولة باسم " تجربة ميلر Miller's Experiment "، إلا أن تلك النظرية وما رافقها من محاولات وتجارب لم تشتهر، لأن العلماء قد نظروا إلى كل من المحاولة والنظرية أنها لا زالت افتراضية.[ 4]، وقد أطلق على تلك النظرية اسم "نظرية أوبارين وهولدن The Oparin-Haldane theory".

                    نـرى من استعراض المذاهب الخمسة اختلافاً واضحاً فيما بين تلك المذاهب في تعليل حدوث التّطور، إلا أنّ كل تلك المذاهب قد اتفقت وأجمعت على حدوث التّطور العضوي، وأنها حقيقة ثابتة مع وجود الاختلاف البين في تعليل كيفية حدوث هذا التطور العضوي.

                    إن تلك المذاهب هي أشهر المذاهب التطورية – مع وجود غيرها – وكل أصحاب المذاهب التطورية قد دارت نظرياتهم في حدود تلك النظريات التي ذكرنا، مع أن أكثرهم كان أقرب إلى مذهب داروين. وكما أسلفنا فإن داروين لم يكن السّباق في ذلك وإن برز واشتهر بين العامة عن الجميع، فقد كان هناك من سبقه، كما كان هناك من زامنه، وكذلك من أتى بعده، لذا فسنستعرض باختصار أشهر من ارتبط اسمه بنظريات التطور العضوي، وهـــــم :



                    1. كونت بوفون : جورج لويس لكلارConte De Baffon عالم فرنسي ولد سنة 1707م، وتوفي في باريس سنة 1788م، له كتاب في التاريخ الطبيعي ظهر في عدة مجلدات من سنة 1749 ولغاية سنة 1788، أي سنة وفاته، وعالج الكثير من مشكلات الحيوان.

                    2. لامارك : جان باتيست بيير أنطوان ده مونت شيفالييه Jean Baptiste Lamark (1744–1829) عالم نباتي وبيولوجي فرنسي، درس الظواهر الجوية وعلم النبات، له كتاب في نباتات فرنسـا في ثلاثة مجلدات، وظهر كتابه "فلسـفة الحيوان" في باريس سنة 1808 في ثمانية مجلدات، وله أيضاً كتاب "تاريخ الفقاريات الطبيعي"، له مذهب في التـطـور العضوي يقول بأن التغيرات التي تكتسبها المتعضيات خلال حياتها تنتقل بالوراثة إلى الذرية، علاوة على قانون الاستعمال وعدمه بالنسبة لأعضائها، ويدعى هذا المذهب نسـبة لواضعه بِ "اللاماركية Lamarkism".

                    وفي الشطر الأخير من القرن التاسع عشر برزت عن اللاماركية مدرسة جديدة اطلق عليها اسم "اللاماركية المحدثه Neo-Lamarkism" قوامها التأكيد على أثر البيئة المباشـر في التطور العضوي للحيوانات والنباتات. ومن أبرز دعاة تلك النظرية "الفريد ماتيو جييار Girad "(1846–1908م) في فرنسا، و"إدوارد دينكر كوب Cope" (1840–1897) في الولايات المتحدة.

                    3. سفانت أرهينيوس Savant Arrthenius عالم كيميائي سويدي، أثار نظريه بأن أصل الحياة أتى من الفضاء الخارجيPanspermia بطريق انتقال وحدات شـبه جرثـومية من كوكب إلى آخر عن طريق الضغط الإشـعاعي، وَيُنْظَر إلى تلك النظرية أنها قد تأثرت كثيراً بقصص الخيال


                    العلمية، وأنه ليس لها من الأدلة ما يدعمها، وأنها مجرد هرطقة، لــذا فان تلك النظرية ترد فقط في سياق التسلسل التاريخي للمذاهب التطورية.

                    4. وليم هايد وولاستون(1766–1828) W. H. Wollaston كيميائي وفيزيائي وفيلسوف إنجليزي، نبغ في الكيمائيات والبصريات، يُعَدُّ واحداً من أغزر العلماء إنتاجا وأبعدهم أثراً، أدّت دراساته للبلاتين إلى اكتشاف عنصرين شقيقين هما "البلاديومPalladium" عام 1803 و"الرّوديوم Rhodium" عام 1803 أيضاً.

                    وقد أكثر داروين من الاسـتشـهاد بأقوال " وولاستون " في أكثر من موضع من كتابه " أصل الأنواع " . ولا يخفى على كل من قرأ الكتاب أنّ داروين إنما وضع كتابه المذكور بمشاركة عدد ممن أشار إليهم من أمثال: وولاستون، الفريد والاس، وطسون ود. أساغري وآخرين .

                    5. هيللر (1772 – 1844 ) Heller عالم فرنسي. صاحب النظرية المعروفة باسمه والتي تقول بأنّ الأنواع المختلفة من الكائنات الحيّة تنشأ استجابة لظروف البيئة، والتي تتغير باستمرار مما يسبب تغيرات في الكائنات الحيّة، فإذا كانت التغيرات ملائمة للبيئـة فإنّ الأفراد تعيـش وتتكاثر مكونة نوعاً جديداً، وإذا كانت التغيرات غير ملائمة للبيئة فإنّ أفراد هذا النوع تهلك وتنقرض.

                    6. آتيين جفروي ( 1772 – 1844) A.G.Sant lieer عالم فرنسي. قدم إلى مصر سنة 1791 في بعث استعماري مرافقاً الكافر المستعمر نابليون بونابرت في غزوه الصليبي لمصر، ومكث بها حتى جلاء الغـزاة الكفـرة عنها سنة 1801م. من أشهر كتبه "فلسفة التشريح" سنة 1818 و "مبـادئ فلسفـة الحيـوان" سنة 1837 و"تـاريخ الثدييات" في ثلاثة مجلدات بين السنوات (1818 – 1842). وله رسالة نشـرها ابنه واعتمدها دعاة التطور تقول بأنّ الصور المتماثلة لم تكن منذ بدأ الخليقة على ما هي عليه الآن. وكان جل اعتماده في تعليل أسباب التحول على حالات الحياة أو البيئة المؤثرة.​


                    .................................................. .................................................. ..............................

                    1-علم الحيوان العام، صفحة (1108) -- النبات العام، صفحة ( 1001)
                    2- وايزمان أو فايزمان أو فايتسمان.
                    3- علم الحيوان العام، صفحة (1110) -- النبات العام، صفحة ( 1002-1003)
                    4- جولدزبي- ريتشارد، البيولوجيا، الصفحات (12-25)، الجزء الأول، الترجمة العربية.​
                    التعديل الأخير تم بواسطة الراجى رضا الله; 11 ماي, 2024, 04:41 ص. سبب آخر: ضبط محتوى النص ، تم الاستعانه بنفس الموضوع على منتدى التوحيد
                    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                    وينصر الله من ينصره

                    تعليق

                    • سيف الكلمة
                      إدارة المنتدى

                      • 13 يون, 2006
                      • 6036
                      • مسلم

                      #11
                      الخلق والنشوء
                      بين ضلال النظريات
                      وحقائق الإسلام
                      ***
                      أشهر المذاهب التطوريّة


                      7. سير جون ريتشاردسون ( 1782 – 1865 ) Sir J.Richardson عالم طبيعي درس الطب والجراحة، والتحق بالبعث القطبي الأول إلى القطب الشمالي بإمرة فراكلين (1819–1822) له أبحاث كثيره في التطور وفي حيوانات القطب الشمالي، ويعد ريتشاردسون من المشاهير في فكرة التطور، وقد أكثر دعاة التطور من الاستشهاد بأقواله، ونقل عنه داروين كثيراً في كتابه "أصل الأنواع".

                      8. سانتيلير : ايزيدور جفروي (1805–1861) E.G.Sant lie عالم فرنسي، ولد في باريس وتوفي فيها، من كبار علماء وظائف الأعضاء أخذ عن أبيه "أتيين" علم المواليد "التاريخ الطبيعي" ثم عكف على دراسة الأسباب الطبيعية التي تساعد على ظهور الشواذ الخلقية ونشـوئها، نشر العديد من المؤلفات في علم الحيوان وتاريخ العضويات الطبيعي. ومن أشهر كتبه: "تأريخ النظام الطبيعي في الإنسان والحيوان" سنة 1837. وكتاب "إيلاف الحيوانات النافعة واستيحاشها" سنة 1854.

                      حاول في خطبة ألقاها عام 1850، وظهرت في مجلة "عالم الحيوان" في يناير عام 1851 إثبات صحة اعتقاده في أنَّ الصفات النوعية تبقى ثابتة في كل نوع ما دام باقيا في بيئة تحفظ عليه مؤثرات ظروف واحدة وتتحول إذا اختلفت تلك الظروف، وأن ملاحظة الحيوانات البريـة


                      تثبت تحول الأنواع، وآن التجارب التي تناولت حيوانات أليفة أو حيوانات رجعت إلى الاستيحاش والبرية بعد إيلافها تزيد ذلك بياناً، وإن التجارب تثبت عدا ذلك، وانّ التحولات الناتجة قد يحتمل أن تكون ذات قيمة نوعية.

                      9. د. ويلز D.Wills هو أول من قرّر صراحة ولأول مرّة مبدأ الانتخاب الطبيعي في خطبة له ألقاها في "المجمع الملكي" عام 1813. إلا أنه أطلقها على السلالات البشرية وقصرها على بعض صفاتها دون البعض الآخر، وقام بنشر خطبته بعد أن نشر مقالتين له: الأولى في ظاهرة "النّدى" والثانية بعنوان "الرؤيا الفريدة" سنة 1818.

                      10. لايل : سير تشارلس (1797-1830) Sir Charles Lyall عالم جيولوجي بريطاني. قام بالاشتراك مع د.هـ وكر بالإطلاع على أفكار كل من "داروين ووولاس" وتشجيعهما على نشر نظريتهما وربما يكونا قد قاما بمهمة إعدادها بالاشتراك مع آخرين. أشهر كتبه : "مبادئ الجيولوجية" (1830)، نقض فيه مذهب "النكبات الجيولوجية Catastrophist" وأقام مذهبه في هذا العلم على أساس التطور التدريجي. انتخب سنة 1850 رئيساً للمجمع الجيولوجي ورئيساً لجماعة تقدم العلوم البريطانية في سنة 1864.

                      11. جرانتGrant أحد مشاهير نظرية التطور العضوي. له مقالات عدّه في موضوع الانتخاب العضوي نُشرت في الجرائد والمجلات في الأعوام (1826–1834م)، فقد نشر في مجلته المعروفة "جريدة أدنبرة الفلسفية" سنة 1826 (مجلد 14 صفحة 339) مُعْتَقَده في أنّ الأنواع متولدة من أنواع أخر، وأنها ارتقت بدوام تكيف الصفات، وجهر بذلك الرأي عينه في خطابه الخامس والخمسين الذي طبع في مجلة " اللانست" سنة 1834.


                      12. وليم هيربرت William Heirbert أسقف مانشستر، برز حوالي العام 1820 كداعية تطوري. ورد في كتابه المطبوع سـنة (1822) "مقـررات فـلاحة البساتين"، وفي كتابه "الفصيلة النرجسية" المطبوع عام 1837 صفحة (19) وصفحة (339) : (إنّ التجارب في فن زراعة الحدائق قد أثبت بما لا سبيل إلى دفعه أنّ في الأنواع النباتية مجموعة ضروب أرقى وأثبت صفات من غيرها) ثم أطلق نظريته على عالم الحيوان معتقداً أنّ أنواعاً خاصة من كل جنس قد خلقت أصلاً وبها قابلية التّشكل وأنها أُنتجَت بالمهاجنة ثم بالتحول عن الأنواع الحالية.

                      13. بــاتريك مـاتـيوPatrick Matio عالم جيولوجي ألماني. صاحب كتاب "خشب السفن البحرية والأشجار الخشبية" المطبوع سنة 1831. قال بنفس الأفكار التي وردت في كتاب "أصـل الأنواع"، ودعى لنفـس الأفكار التي حملها كل من "داروين وألفريد ولاس"، إلا أنّ أفكاره تلك قد وردت ضمن فصول شتى في سياق مواضيع كتابه، فظلّت أفكاره مجهولة حتى نبه إليها في "سجل جاردنز" في أبريل1860، ليس هناك فروق تذكر بين مذهبه ومذهب داروين – كما يقول الأخير – حيث يذكر في كتابه "أصل الأنواع": (وليست الفروق بين مذهبه ومذهبي بذات شأن، فالظاهر أنه يحدس أنّ العالم كان يخلوا من سكانه في أدوار متعاقبة ثم يعمر بعد ذلك، وأنه تعقيباً على ذلك تتولد صور أخرى جديدة من غير فطر عفني أو جرثومة سابقة. ولا أقطع أني فهمت بعض عباراته، غير أني تبينت أنه يعزو لفعل الحياة تأثيراً كبيراً كذلك قد وضحت له قدرة الانتخاب الطبيعي الفعالة كل الوضوح )[ ]


                      14. فون بوخ ليوبولدV.B.Leopold عالم ألماني. ولد في بروسيا عام 1774، وتوفي في برلين عام 1858. اشتهر كداعية تطور عام 1836 حيث يقول في كتابه "وصف جزر كناري الطبيعي": (إن الضروب تستحيل ببطء أنواعاً ثانية لا تكون بعد ذلك قابلة للمهاجنة) وقال بنفس الأفكار في كتبه الأخرى: "سياحة في نرويجولابلاند" (1810) - "سلاسل الجبال في روسيا" (1840) - "مقالات في العمونياتAmmonites ".

                      15. فون باير (1792 – 1872) Von Baer عالم طبيعي بروسي. تَخَصّصَ في علم الأجنّة، له نظريات في التطور الطبيعي الجنيني، أظهر في عام 1859 نظرية قائمة على سنن الاستيطان وانّ الصور المتباينة تبايناً كلياً في الوقت الحاضر متولدة من صورة سفلية واحدة. أشهر كتبه : "توالد الأسماك وتدرج وجودها" عام 1835 و "تطور الصور الأحيائية" عام 1837.


                      16. دالوي دوماليوس Daliwah Domallius جيولوجي صاحب رسـالة في التطور المقرون بتحول الصفات، عُرِفَ كصاحب مدرسة تطورية في عام 1831، وقد نشر هذه الرّسالة في العام 1846 مجدداً بيَّنَ فيها رأيه في أنّ القول بنشوء أنواع جديدة بالتسلسل المقرون بتحول الصفات أرجح من القول بأنها خُلقت مُستقلة، وقد أُثبِتَت تلك الرسالة في "سجل مجمع بروكسيل الملكي" (صفحة 581. جزء 13).

                      17. ريتشارد أوين (1820–1892) Richard Owenعالم إنجليزي من المبرزين في علوم التشريح والحيوان والأحفوريات، أشهر كتبه: "طبيعة الأطراف" (1849). "تشريح الفقاريات" زواحف جنوبي أفريقيا الأحفورية" (1861). يصنفه المؤرخون بين مشاهير دعاة التطور إلا أنّ المُراجِِعَ لنصوص كتبه وخطبه المتعددة يجد أن هذا العالم متأرجح بين نظرية الانتخاب الطبيعي والخلق المستقل، وفي ذلك يقول داروين: (… إنّ كثير من القراء يجدون

                      كما أجد في جدليات الأستاذ أوين من الغموض والتنافر ما يعذر فهمه عليهم ويعنتهم في التلفيق بين أطرافها.)[ ]

                      ومما يرجح القول بأنه ربما عدل عن دعوته لفكرة الانتخاب الطبيعي إلى الإيمان بالخلق لما ورد في خطبة له ألقاها في "الجمعية البريطانية" عام (1858): (إنَّ حالات مثل حالة "القطا الأحمر Red Grouse"، إذا وعاها العالِم بالحيوان ليستدل بها على خلق ذلك الطير خلقاً خاصاً واختصاصه بتلك الجزائر[ ] يظهر قصوره دائماً عن إدراك السّر الخفي في وجود ذلك الطير في تلك البقعة واختصاصها به دون بقاع الأرض كافة، مستنجداً بفضل اعترافه بذلك القصور، إنّ كلاً من الطير والجزائر مدينان بأصلهما لسبب خلاق عظيم الحول).​
                      التعديل الأخير تم بواسطة الراجى رضا الله; 11 ماي, 2024, 04:44 ص. سبب آخر: ضبط محتوى النص ، تم الاستعانه بنفس الموضوع على منتدى التوحيد
                      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                      وينصر الله من ينصره

                      تعليق

                      • سيف الكلمة
                        إدارة المنتدى

                        • 13 يون, 2006
                        • 6036
                        • مسلم

                        #12
                        الخلق والنشوء
                        بين ضلال النظريات
                        وحقائق الإسلام
                        ***
                        أشهر المذاهب التطوريّة -4-


                        18. هيربرت سبنسر (1820–1903) Herbert Spenser فيلسوف إنجليزي، صاحب "الفلسفة التركيبية Synthetic philosophy " وقد ألّفَ في موضوعها العديد من الكتب منها "مبادئ علم الاجتماع" – "مبادئ علم الأحياء" – "مبادئ الأخلاق" – "الفلسفة التركيبية". آمن قبل داروين بتطور الأنواع من أشكال بسيطة إلى أشكال معقدة. له نظرية مشهورة في التطور بالانتقال من حال التجانس إلى حال التنافر والاختلاف نشرها في جريدة "الليدار" شهر آذار عام 1852، وأعيد طبعها في كتابه "المقـالات"عام 1858. وهو من أبرز القائلين بِ "الدّاروينية الاجتماعية Social Darwinisim" وهي نظرية في التطور الاجتماعي والثقافي نشأت في القرن التاسع عشر واستمدت اسمها مـن صلتهـا بدراسات داروين البيولوجيّة، والواقع أنّ الفكرة القائلة بأنّ



                        حياة الإنسان في المجتمع تمثل صراعاً من أجل الوجود يحكمه مبدأ "بقاء الأصلح" لم يستحدثها داروين ولكن دراساته منحتها الشُّهرة.

                        ويعتبر "هيربرت سبنسر" و "وليم غراهام" من أبرز القائلين بالداروينية الاجتماعية، إذ ذهبا إلى أن الجماعات كائنات حيّة تتطور بمثل الطريقة التي يتم بها تطور الأفراد، وقد استُخدِمَت تلك النظرية لتوطيد دعائم الاستعمار ولتبرير التمايز الطبقي على أساس من التفاوت الفطري بين الأفراد والأقوام فقد استخدمت لتأييد السياسات الكافرة المجرمة من استعمارية وعنصرية وعرقية، ولتعزيز الزّعم القائل بتفوق بعض الشّعوب والأمم مثل: الأنكلوسكسونية أو الآرية أو اليهوديّة على غيرها تفوقاً بيولوجياً وثقافياً، وقد اضمحلّت هذه النظرية خلال القرن العشـرين بعد أن ثبت أنها لا تقوم على أي أساس علمي سليم.

                        وفي عام (1850) أي قبل ظهور كتاب "أصـل الأنـواع" بتسع سنين كان هيربرت سبنسر يضع أسس نظريته عن التطور الاجتماعي ويربط ذلك بالتطور العضوي، وذلك في أول كتبه وهو كتاب "Social statics" مما يعني أن تفكير سبنسر كان مستقلاً عن داروين في بداية الأمر، والأرجح أنّ اتصاله بالتفكير التطوري كان أقدم من ذلك إذ يرجع إلى عام (1840) بالذات حين قرأ كتاب "سير تشارلز ليل" عن "مبادئ الجيولوجيا Principles of Geology" الذي تعرف فيه على تفكير لامارك التطوري، ولكن مع أنّ فكرة التطور كانت تدور في ذهنه منذ ذلك الحين فإنّها لم تصبح الفكرة المركزية في كل تفكيره إلا في العام (1857) وهو يراجع بعض مقالاته لكي ينشرها في كتاب، ففي تلك المقالات يظهر بوضوح دعوى التطور التي تقوم على "قانون باير في الفسيولوجيا Beer physiological low" الخاص بنمو وظهور المادة العضويـة من حـالــة


                        التجانس إلى حالة التغاير، أي من البقاء الموحد المطرد – كما هو الحال في الخلية الجنينية الأولى التي تحمل كل وظائف الحياة – إلى الكائن العضوي الكامل بكل بنائه ووظائفه المعقدة المتفاضلة. ولكن سبنسر لم يتمكن من الرّبط بطريقة محكمة بين النظريتين البيولوجية والاجتماعية في حدود وألفاظ الصراع العام الكلي والبقاء للأصلح – وهما المبدءان الأساسيان في النظرية الداروينية – وفي عام (1863) أي بعد ظهور كتاب داروين بأربع سنوات ظهر كتاب سبنسر عن "المبادئ الأولى First Principles" الذي يعتبر المدخل الأساسي لكل فلسفته الاجتماعية حيث يعرض كل نظريته عن التطور العام.

                        19 – وليم غراهام سَـمْنَر (1840–1910) William Graham Sumner عالم اقتصاد واجتماع أمريكي، يعتبر من أبرز القائلين بالداروينية الحديثة الاجتماعية ، عُرِفَ بايمانه الشـديد بسياسة "دَعْهُ يعمل" أي سياسة عدم التّدخل وبالحريّة الفردية التي نادى بها المبدأ الرأسمالي وبعدم التكافؤ الفطري بين النّاس.

                        20 – ســير يـوسف دالتون هوكر Sir Joseph Dalton Hooker عالم إنجليزي. (1817 – 1910) تخرّج طبيباً ثم عكف على دراسة علم النبات. زار القطب الجنوبي لإجراء أبحاث على نباتاته ثم رافق بعثاً إلى جبال همالايا عام (1847). أشهر كتبه "مذكرات بعث جبال هملايا" (1854) و "علم النبات" (1862). وقد قام عام (1859) بطبع كتابه "مجموعة استراليا النباتية" وقال في الجزء الأول منه بصحة تسلسل الأنواع وتحول صفاتها، وحاول إثبات مقولته بمشـاهدات طبيعية عديدة.

                        21 – بادن باول (1896–1911) Baden Baul عالم إنجليزي دعى إلى دراسة الطبيعيات والرّياضة. له كتب كثيرة أشهرها "توافق الحقائق الطبيعية والإلهية" – "حقيقة الفلسفة الإستنتاجية" – "نظرة تاريخية في تقدم الطبيعيات والرياضيات". قام عام (1855) بنشر عدة مقالات في موضوع وحدة العوالم وتولد الأنواع التي وصفها بأنها "ظـاهرة مطردة لا ظـاهرة اتفاقية" واتفق مع "سير جون هرشل" أنها ظاهرة طبيعية قياسـية ليست راجعة إلى أي معجزة.

                        22 – داروين : ايرازمـوس (1731 – 1802) Erasmus Darwin طبيب وشاعر بريطاني. جد تشارلس داروين. عُرِفَ بآرائه ونظرياته العلمية التي كان لها شأن مذكور في تاريخ نظرية التطور. يعتبر هو والكونت بوفون من أوائل ومشاهير المنادين بنظريات التطور المادي على أسس وقواعد علمية. من أشهر آثاره: "الحديقة النباتية" – "هيكل الطبيعة أو أصل المجتمع" – "معبد الطبيعة Temple of nature" الذي صدر عام (1803).

                        23 – داروين : تشارلس روبرت وانجCharles Darwin عالم طبيعة بريطاني. ولد في 12/2/1809، خامس أولاد "روبرت وارنج داروين" وحفيد داعية التطور "ايرازموس داروين". كان فاشلاً في تحصيله العلمي، درس الطب وتوجه إلى دراسة الأحياء المائية، فشل في دراسة التشريح فالتحق بكلية اللاهوت في كامبردج عام (1827). ألحقه أسـتاذه "هنسلو" ليرافق البعث العلمي في سفينة "البيجل" سنة (1831).
                        بدأ يفكر في نظريات التطور منذ عام (1837)، زار خلال رحلته البحرية والتي امتدت حتى العام (1836) جزر الرأس الأخضر، جزر ازور، سواحل أمريكا الجنوبية، فجمع المعلومات عن نباتاها وحيواناتها وطبيعتها الجيولوجية، فكانت تلك الرحلة نواة لنظرياته.

                        أشهر كتبه كان كتاب "أصـل الأنواع" المطبوع عام (1859). ويطلقون على مذهبه في التطور اسم "الدّاروينية Darwinism"، وهذا المذهب يرد أصل الأنواع جميعاً وتطورها إلى أنّ الكائنات الحيَّة تنزع إلى إنتاج مواليد تختلف اختلافا طفيفاً عن آبائها، وأنّ عملية الاصطفاء الطبيعي تفضي إلى بقاء الأصلح أو الأكثر تكيفاً مع البيئة، وبأن كل ذلك يؤدي في النهاية إلى ظهور أنواع جديدة لم تكن معروفة من قبل.

                        وقد قام داروين بشرح مذهبه هذا في كتابه "أصل الأنواع" الذي أثار عند نشره عام (1859) عاصفة هوجاء في الدّوائر العلمية والفلسفية والدينية، فَهَلَلَ له قوم وَسَفَهَهُ أقوام وقد اشتهر كتابه كمرجع لتفسير مقولات "التطور Evolution".

                        وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشـرين ظهرت "الداروينية المحدثة Neo-Darwinism". وهي تطوير لنظرية داروين، وقوام هذا التطوير بأن الإصطفاء الطبيعي[1 ] هو العامل الأساسي في عملية التطور العضوي، وبأنّ الصفات المكتسبة لا يمكن أن تورث. ويعتبر "اوغست وايزمان Wissman " من أبرز القائلين بالداروينية المحدثة.​


                        .................................................. .................................................. ....
                        (1) Natural selection​
                        التعديل الأخير تم بواسطة الراجى رضا الله; 11 ماي, 2024, 04:47 ص. سبب آخر: ضبط محتوى النص ، تم الاستعانة بنفس الموضوع على منتدى التوحيد
                        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                        وينصر الله من ينصره

                        تعليق

                        • سيف الكلمة
                          إدارة المنتدى

                          • 13 يون, 2006
                          • 6036
                          • مسلم

                          #13
                          الخلق والنشوء
                          بين ضلال النظريات
                          وحقائق الإسلام
                          ***
                          أشهر المذاهب التطوريّة -5-


                          24 – الفريد روسل وولاس (1848–1935) Alfred Russel Wallace عالم طبيعي انجليزي. زميل داروين وأحد أشهر من ساعده في وضع نظريته، سَلَّمَ إلى داروين عام (1858) مذكرات وأبحاث في موضوع التطور أرسلت إلى "جمعية لينيه العلمي" ونشرت في المجلد الثالث من صحيفته العلمية. ساهم بالاشتراك مع تشارلز ليل ود. هوكر وآخرين في بلورة النظرية واعداد كتاب "أصل الأنواع". قضى أربع سنوات على ضفاف نهر الأمازون، وثماني سنين في جزر الملايو منقباً في مشكـلات العلم الطبيعي. صدر له: "عالم الحياة" – "تاريخ جزر الملايـو الطبيعي" عام (1869) – "تمهيد لنظرية الإنتخاب الطبيعي" (1867) – "طبيعـة المناطق المعتدلة" (1878)– "المذهب الدارويني". ومقالات مجموعة عنوانها: "نظرات علمية وإجتماعية".

                          25 – هوجو دي فريز ( 1848 – 1935 ) Hugo de Vreis عالم تطوري هولندي. صاحب نظرية النشوء والارتقاء عن طريق "الطّفرة mutation" التي وضعها عام (1901) مخالفاً بذلك مذهبي داروين ولامارك، ملخصها أنّ الطّفرة[1 ] هو تغير أو تحول مفاجئ يطرأ على الكروموسات أو الجينات فيؤدي إلى مواليد جديدة ذات خصائص لم تكن لأي من الأبوين المنتجين. والطفرة أمرٌ نادرٌ حدوثه إلا أن في الإمكان إحداثه صنعياً عن طريق التعريض لأشعة إكس – حسب نظريتهم -. ويعتبر عالم النبات دي فريز هو أول من افترض وجود عامل الطفرة، ولقد أجرى العالم الأمريكي "هرمان مولر" تجارب في هذا الحقل على ذبابة الفاكهة.


                          26 – أوغســت وايزمان (1834–1914) Augest Weissman عالم بيولوجي ألماني. يعد أحد مؤسسي علم الوراثة، وأحد مؤسسي الداروينية المحدثة، وصاحب نظرية التطور عن طريق البلازم الجرثومي. من آثاره المترجمة إلى اللغة الإنجليزية "نظرية النشوء والارتقاءThe Evolution theory". عام (1904).

                          27 – آرنست هاينريتش هيكل (1834-1914) Ernst Heinrich Heakel عالم بيولوجي وفيلسوف نشوئي ألماني. أيّدَ نظرية داروين تأييداً حماسياً. يُعزى إليه اكتشافات هامة في المُضغيات[2 ] وفي علم الحيوان أيضاً. له أقوال وتصريحات رعناء في محاولة التّدليل على صحة نظرية التطور العضوي يلقبونه: "رسول التحرر الفكري".

                          28 – توماس هنري هكسلي (1825 – 1895) Thomas Henry Huxley عالم بيولوجي بريطاني، جَد جوليان هكسلي، وأيضاً جد الروائي والشاعر الإنجليزي اولدس هكسلي. يُعَدُ من كبار علماء التشريح في القرن العشرين. التقى بشارلس داروين عام (1851)، حتى إذا أصدر داروين كتابه "أصل الأنواع" عام (1859) سارع هكسلي إلى تأييد الداروينية والدفاع عنها والعمل على نشرها بين الجمهور، وكان قد التحق بالبحرية الإنجليزية كمساعد جراح، ولم يعد إلى إنجلترا إلا سنه (1850). أشهر كتبه: "مرتبة الإنسان في الطبيعة".



                          يعتبر ثوماس هكسلي أقوى أنصار داروين في ذلك الحين لدرجة أن داروين نفسه كان يصغه بأنه "وكيله العام" بينما كان هكسلي يصف نفسه بأنه "كلب داروين الحارس" وقد كرّس جهوده ووقته وعلمه لجمع كل ما يمكن من أدلة وبراهين في مجالات الجيولوجيا ودراسات الإنسان القديم والبيولوجيا والأنتر بيولوجيا، بل وأيضاً من الانتقادات التي وُجِهَت إلى "الكتاب المقدّس" ذاته لتعضيد نظرية داروين، وأفلح إلى حد بعيد في الدفاع عنها ونشرها، خاصة وقد كانت له قدرة فائقة على المناقشة والجدل، وذلك فضلاً عن شخصيته العدوانية التي لم يكـن داروين يتمتـع بمثلها، وبذلك تولى الدّفاع عن النظرية خلال معظم المصادمـات العديدة التي وقعت بين الكنيسة ودعاة التطور حينها حول القضية الداروينية ومشكلات نظريات التطور.

                          ولعلّ أشهر حالات الصدام الدرامي حول الداروينية كان اللقاء الذي تم أثناء اجتماع "الرابطة البريطانيةBritish Association" في أكسفورد عام (1860)، وكانت الداروينية هي موضوع المؤتمر، وكان يقوم بدور "المدفع الضخم" - حسب تعبير داونز – على الجانب المعارض للفكرة الداروينية أسقف أكسفورد "صمويل ويلبر فورس Wilberforce" الذي التفت – في ختام خطاب طويل عنيف حاول به تحطيم نظرية داروين – إلى هكسلي الذي كان يجلس على المنصّة وقال له بسخرية: أحبُ أن أسأل الأستاذ هكسلي إذا كان ينتمي إلى القرود من ناحية جده أو جدته؟ وقد همس هكسلي إلى أحد أصدقائه: لقد أوقعه الله بين يدي، ثم نهض ليجيب على السؤال حيث قال:

                          إذا سألت عما إذا كنت أختار بين الانحدار من ذلك الحيوان المسكين ذي الذكاء المحدود والمشية المنحنية وبين الانحدار من صلب رجل على درجة عالية من المقدرة والمهارة ويحتل مكانة مرموقة، ولكنـه يسـتغل هـذه الملكـات في الاستهزاء بالباحثين

                          المتواضعين عن الحقيقة والعمل على هدمهم، فأنني لا أتردد في الإجابة على هذا السؤال: ليس للإنسان أن يخجل أن يكون قرداً، وإذا كان لي جدٌ أخجل أن أذكره فإنّهُ لا بدّ وأن يكون هذا الجد إنساناً له عقل قلق متقلب وتفكير غير مستقر ولا يقنع بالنجاح في مجال نشاطه، وإنما يلقي بنفسه في المشـاكل العلميـة التي ليس له بها معرفة حقيقية، وكل ما يفلح أن يفعله هو أن يضفي عليها ستاراً من الغموض عن طريق الخطابة الجوفاء، وأن يصرف انتباه مستمعيه عن النقطة موضوع الخلاف وذلك بالاتجاه إلى الاستطرادات البليغة والاعتماد في حذق ومهارة على العاطفة اليدينية.[ 3]

                          29 – جـوليان هكسلي (1887 –1975) Juliann Huxley عالم بيولوجي بريطاني حفيد توماس هنري هكسلي، وفق إلى اكتشافات هامة في علم الأحياء "البيولوجيا"، وقد أكثر من التأليف في موضوع النّشوء والتطور، ونهج نهج جده في تأييد الداروينية والدفاع عنها والعمل على نشرها بين الجمهور، وعني بدراسة سلوك الإنسان السيكولوجي والأخلاقي والاجتماعي، وكان له خطاب طويل في مدح الداروينية في الذكرى المؤوية للداروينية التي أقيمت في شيكاغو عام (1959)، إلا أنّ جوليان هكسـلي قد خالف نظرية سبنسر عن الصراع والتنافس كما سيرد لاحقاً.[4 ]

                          30 – ايفان فلاديميروفيتش ميتشورينIvan Vladimirovich Michurin عالم بيولوجي روسي (1855-1975) رفض قانون الوراثة الذي وضعه الراهب "مندل" ووضع مذهباً في التطور العضوي سمي نسبة إليه "الميتشورينية Michurinism" وهو مذهب في التطور العضوي يعتبــر


                          شكلاً من أشكال اللاماركية والذي يقول بأنّ الصفات المكتسبة تنتقل بالوراثة إلى الذرية.

                          31 – تروفيم دينيسوفتش ليسينكو(1898-1976) Trofim Denisovich Lysnko عالم بيولوجي سوفييتي، عمل بتشجيع من ستالين على إنتاج أنماط جديدة من المحاصيل في فترة شكى الاتحاد السوفييتي خلالها أزمة خطيرة في الإنتاج الزراعي (1927-1929)، وضع مذهباً في التطور العضوي نسب إليه إذ أطلق عليه اسم: "الليسنكووية Lusenkoism" وهو مذهب في التطور العضوي وضعه حوالي العام (1930) يعتبر تطويراً لِ "الميتشورينية". والمذهب يقوم على إنكار وجود "المورثات Genes" والهرمونات النباتية ودور "الصبغيات Chromosomes" المتخصص، ويقوم على قاعدة أساسية هي "الوحدة بين المتعضي organism وبيئته"، مؤكداً أن جميع أجزاء المتعضي تُسهم فيما ندعوه الوراثة وأنّ في إمكان البيئة أن تتحكم في هذه الوراثة.
                          .................................................. .................................................. ....
                          لقد جرى استعراض أسماء مشاهير أصحاب النظريات والقائلين بالتطور العضوي حسب التواريخ الزمنية لظهورهم. إلا داروين الجد الذي ذُكر قبل اسم حفيده تشارلس داروين لكي يسهل على القارئ الرّبط بين الاسمين.
                          أمّا المصادر التي تم النقل عنها فهي كثيرة، ونظراً لأن النقل عن معظمهم جرى عن أكثر من مصدر فلم يجري الإشارة إلى تلك المصادر في محله، إلا أنّ أهمها كان :

                          - أصل الأنواع – داروين
                          - موسوعة المورد العربية – منير البعلبكي
                          - البيولوجيا – ريتشارد جولدزبي
                          - البيولوجيا – د. عدنان بدران وآخرين
                          - دائرة المعارف العربية للبستاني
                          - من الإغريق إلى داروين – أوزبورن
                          - خلق لا تطور – د. إحسان حقي .


                          .................................................. .................................................. ....
                          1- الطفرة Mutation : ا لافتجاء أو التغاير الأحيائي.
                          2- المضغيات: علم الأجنّة.
                          3- R.Y.Mwnetor books,Books that change the worldDowns
                          4-أنظر الفصل العاشر، " عصور التقدم البشري الأولى.​
                          التعديل الأخير تم بواسطة الراجى رضا الله; 11 ماي, 2024, 04:48 ص. سبب آخر: ضبط محتوى النص ، تم الاستعانة بنفس الموضوع على منتدى التوحيد
                          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                          وينصر الله من ينصره

                          تعليق

                          • سيف الكلمة
                            إدارة المنتدى

                            • 13 يون, 2006
                            • 6036
                            • مسلم

                            #14
                            الخلق والنشوء
                            بين ضلال النظريات
                            وحقائق الإسلام
                            ***

                            داروين ونظريته حول خلق الإنسان[1 ]



                            إنّ أشهر من ضلّ وشطّ في نظرته إلى أصل الخلق والنشوء كان "تشارلس وارنج داروين Darwin " الذي برز بفكرته عام (1859) حول أصل الأنواع ونشوء الإنسان مُنكراً أنّ وراء هذا الكون خالقاً خلقه ومعللاً الوجود بالتطور Evolution، تلك الفكرة التي ما أن نشرها حتى أحدثت عاصفة هوجاء من النّقاش والجدل حولها، فأيدها قوم وعارضها أو رفضها ونقضها أقوام، تلك النظرية التي سنتعرض لشرحها باختصار والتي تقول:

                            طوال عهود من الزمان موغلة في القِدَم تنشأت صنوف مختلفة من الأحياء، ومضت متطورة ضاربة في سبيل الارتقاء، كما فَنيت غيرها وبادت واندثرت منقرضة لعجزها عن مسايرة مقتضيات التطور – كلياً أو جزئياً-، أمّا من فَنيَ وبادَ من الأحياء فقد احتلَ مكانه غيره من الكائنات لأنها أصلح للبقاء منها، وذلك لقدرتها على تحصيل الرّزق أو مقاومة أفاعيل الطبيعة مثل الحر والرّطوبة والجفاف وغير ذلك. وهذه الصورة المتفوقة خلال بعض الأزمان عادت فأخلت السَّبيل لغيرها من الصّور الحيَّة لَمْا نَضَبَ فيها معين التَّكَيُف التي من شأنها أن توائم بين حاجات حياتها وبيئتها التي تعيش فيها.


                            لقد ظهرت الحيـاة أول ما ظهرت في تلك الصورة الهلامية التي نسميها: الجبلة Protoplasm"[ 2] وهي المادة الحيّة الأولى التي هي الذّخيرة أو

                            الأصل الذي تعود إليه كل صور الحياة من نبات أو حيوان. فأبسط صور الحياة هو عبارة عن شذرّة صغيرة من الجبلة أو البروتوبلازم تتضمن جسماً مستديراً هو "النواة Nucleus" علاوة على الجبلة وهي ما يسميه الأحيائيون "الخلية Cell" والتي ليس في استطاعة العين المجردة رؤيتها دون الاستعانة بالمجهر، وكل الأحياء على إطلاق القول إمّا أن تتألف من خلية واحدة أو من خلايا متعددة ، والإنسان نفسه لا يتعدى أن يكون توليفة من عدد لا يحصى من الخلايا المختلفة، كما أن الحيوانات تنقسم إلى قسمين من ناحية تركيبها :

                            1. وحيدة الخلية، وتسمى " الأوالى أو البرزويات " Protozoa
                            2. متعددة الخلايا، وتسمى " المتزويات " ####zoa

                            إلا أنّ كافة الموجودات قد نشأ من أصل واحد وهو "وحيد الخليّة Protozoa "، وذلك يعني أنّ متعددة الخلايا كانت في أول أمرها بسيطة التّركيب، مثل: حيوان "المرجان Corals"، "قناديل البحر Jelly-fish"، "شقائق البحر Sea-anemones" وما إلى ذلك، وشجرة الأحياء التي اعتمدها أصحاب النظرية والتي سنثبتها لاحقاً[3 ] تؤكد بوضوح تام أنّ أصل الحيوانات جميعاً يعود إلى الجبلّة حسب ما قرروه في نظريتهم.

                            عقيب ذلك ظهرت صور جديدة من الحيوان الدودي الصورة أو "الحيوانات الدودية Worms " التي نشأ منها " الرّخويات Mollusks " مثل: المحارOysters والحلازين Spirally والحبّاراتCattle-fish التي هي نوع من هي نوع من الأسماك fish . ثم ظهرت " الشوكياتRachidians" والتي تعرف أيضا باسم: "Echinodermata" مثل: "نجوم البحرstar fish " و "قنافذ البحر sea-urchins"

                            و"خيار البحر sea-cucumber " . ثم تلي ذلك " القشريات Crustaceans" مثل: السراطينCrabs والجمبري Prawn ، ثم بعد ذلك ظهرت "الحشرات Insects".
                            ثمَّ بعد ذلك ظهرت صور جديدة من الحيوان هي عشائر ذات صفات مستحدثة دَلَّ وجودها على انقلاب كبير في سير الحياة، فكل الحيوانات التي ذكرنا من قبل كانت رخوة القوام لينة الأجسام معدومة العظام، ولو أنّ بعضاً منها مثل السراطين وقنافذ البحر والمحار قد اختصت بأصداف تقي ذواتها من العطب، أمــــا الصور الجديدة فكان لها حبل متين يمتد على طول الجسم ويسمى علمياً "الرِّتمة Notochord" وكان ظهور هذا الحبل أول مدارج التطور نحو تكوين واستحداث "الفقار أو الصلبOxon-loin" المؤلف من أجزاء عظمية كلٌ منها يسمى "فقّارة vertebro"، أي أنّ طبيعة العيش اقتضت استحداث تطور أو انقلاب جديد بظهور "العظام Bones" فظهرت أولاً الحيوانات ذات الرّتمة، وقد سميت علمياً "الرّتميات أو الحبليات Phylum chordate" فكانت سهمية الشّكل ومن أهل الماء وأشهرها "الاطريف" الذي يسمى أيضاً "السهيم أو الحريب March trefoil" ومن السهيم ظهرت "الأسماك Fishes".

                            لقد بدأ ظهور الأسماك بالصورة ذات الهيكل الغضروفي "Cartilage" ثم ظهر بعد ذلك "الأسـماك ذات الهيكل العظمي الصلب Skeleton " المسماة علمياً "Bony fish " مثل: "الصمون Salmon" و "القد Cod" و "الفرخ Perch"، كما تفرع من الحريب صور أخرى مثل السباذج والجلكيات Sea squids وهي نوع من الأحياء لا رتمة لها، أي ليس لها حبل ظهري إلا عندما تكون صغيرة وفي أول عهدها بالحياة.


                            .................................................. .................................................. .................................................. .............
                            (1) كتاب " أصل الأنواع " ، تشارلس داروين، ترجمة اسماعيل مظهر، طبعة مطبعة النهضة، الصفحات (39-45) وتسمى فيما بعد (المرجع).
                            [2] أما الجبلة فهي البروتوبلازم Protoplasm: وهي مادة لزجة تُعتبر قوام الخلايا الحية، وعليها يعتمد النمو والتكاثر وعمليات حياتية أخرى. تتألف الجبلة من: النواة، الحشوة، الغشاء البلازمي أو المصْلي. والنواة هي جسم شبه كروي يشتمل على صبغيات chloromosemes، وتؤلف الحشوة سائر الوحدة البروتوبلازمية وتشتمل عادة على حبيبيات ذات أحجام مختلفة. أما الغشاء البلازمي فيشكل سطح الوحدة، ويقع عادة بين الغلاف الخارجي القاسي نسبياً وبين مادة الحشوة ذات القوام الهلامي.
                            أمّا الخلية Cell فهي الوحدة البنيوية الصغرى التي تتألف منها جميع الحيوانات والنباتات، وهي كتلة من البروتوبلازما، صغيرة مجهري عادةً، يحيط بها غشاء نصف مُنفذ يشتمل على (النواة nucleus ) وعلى (الحشوةcytoplasm ) وعلى مواد أحرى غير حية، وتضم النواة (الصبغيات chromosomes) والمورثات ( Genes ).
                            والكائن الحي قد يكون وحيد الخلية كالأميبة ( ameba )، وقد يتألف من ملايين الخلايا، ويقدرون عدد الخلايا الموجودة في جسم الإنسان بآلف مليار خلية.
                            أما النواة nucleus فهي الجزء المركزي الموجب الشحنة من الذرة، والذي تدور حوله الإلكترونات ( الشحنات السالبة ) في مداراتها المستقلة. تشتمل النواة على كامل الكتلة الذرية تقريباً لكنها لا تشغل غير حيز صغير جداً من حجم الذّرة، وتتألف النواة من بروتونات ونيوترونات، ألا أن نواة الهيدروجين تتألف من بروتون واحد فقط.
                            أما الصبغيات أو الكروموسات chloromosomes: فهي تلك الجسيمات الخيطية التي توجد أزواجا في نواة الخلية الحيوانية أو النباتية، والكروموسات بالغة الأهمية لأنها تحمل المورثات أو الجينات genes التي تحدد الصفات الوراثية المميزة، وعددها ثابت في كل نوع من الأنواع ( species )، ففي خلية الإنسان 23 زوجاً منها، وفي خلية الحصان 30 زوجاً، وفي خلية الأضاليا 32 زوجاً.
                            أما المورثات أو الجينات (Genes ) فكل جينة جزء من الكروموسوم يحدد الصفات الوراثية المميزة في الحيوانات والنباتات. ومن الصفات التي تتحكم فيها الجينات الحجم والوزن واللون ( كلون العينين مثلاً )، ولا يرى العلماء حتمية أن تكون الجينات جميعها في الكروموسات فقط، بل يقولون أنّ لديهم تثبت وجود بعضها في الحشوة أيضاً، وعلى كل حال فالجينات تتألف في المقام الأول من حمض نووي يدعى (د.ن.أ. ) أي (حامض ديوكسي ريبونيو كلييك) Deoxyribonucleic acid ( D.N.A.) وهو حمض نووي يتواجد في نوى الخلايا خاصة وتتألف منه الجينات أو المورثات، وهذا الحمض يتحكم تحكماً كبيراً في عمليات الوراثة، وقد حدد العالم الحيوي الكيميائي البريطاني ( فرنسيس كريك Crick ) طبيعة البيئة الجزئية ( molecular ) بِ ( D.N.A.) فاعتُبر هذا التحديد أعظم كشف بيولوجي وفق إليه العلماء خلال هذا القرن. ن. اعتبر العلماء ( حمض الريبونيوكلييك ) المعروف بِ ( ر. ن . أ) ( RNA ) ( Ribonucleic acid ) بأنه الحمض النووي الوثيق الصلة بِ (DNA) وأن (RNA) له أثر كبير في السيطرة على النشاطات الكيميائية .
                            (3) المرجع ، صفحة (41) والرجوع أيضاً إلى شجرة الأحياء المثبتة بعد هذا الفصل، وجدول تطور الأحياء الوارد في الفصل التاسع من الكتاب.
                            .................................................. .................................................. ....
                            منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي ، الناشر: مكتبة الايمان ، المنصورة ، مصر.
                            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:19 م.
                            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                            وينصر الله من ينصره

                            تعليق

                            • سيف الكلمة
                              إدارة المنتدى

                              • 13 يون, 2006
                              • 6036
                              • مسلم

                              #15
                              بالتحليل لما سبق بالنسبة لنظرية دارون وبشكل عام لتفسير ظاهرة الحياة على وجه الأرض

                              هنالك ثلاثة احتمالات لا رابع لها

                              إما أن تكون المخلوقات مخلوقة لخالق أو أن الكائنات الحية أصبحت حية صدفة بحسب نظريات التطور

                              الأول: أن تكون الحياة نشأت على الأرض جراء تفاعل حصل بمحض الصدفة نشأت عنه الخلية الأولى ومنها نشأت الخلايا اللاحقة وبدأت تنتقل من مرحلة لمرحلة ومن طور لطور بناء على ما يسمى بالطفرة، فتنتقل الدودة مثلا بالطفرة إلى سلحفاة ومنها إلى أفعى ومنها إلى تمساح وهكذا

                              الثاني: أن تكون الحياة بدأت لكل نوع من الأنواع ابتداء صدفة لا عن طريق التطور والطفرات بل ابتداء أن يوجد على الأرض جنس الانسان من غير تطور ولكن صدفة لأن القول بغير الصدفة يعني القول أن الخلق لخالق إذ لا ثالث لهذين الاحتمالين

                              وهذا القول منقوض إذ أن العقل يحيل قيام الصدفة لخلية واحدة فكيف بكل هذه الأنواع العديدة أن تحدث الحياة لكل واحد منها صدفة

                              كما أننا بحاجة لصدفتين: إحداهما ينشأ عنها مذكر والثاني مؤنث، وهذا مستحيل وسيتأكد ذلك بعد قليل ان شاء الله

                              والثالث أن تكون الحياة من صنع الخالق وكل كائن حي خلق ابتداء من قبل هذا الخالق

                              لنرجع قليلا للوراء ونحلل تكذيب الاحتمال الأول والثاني لنثبت صدق الثالث:

                              قلنا أن الحياة نشأت على الأرض بعد أن أصبحت الأرض صالحة لقيام مثل هذه الحياة عليها

                              لا قيام للحياة بلا ماء، وبالتالي فطالما أن حرارة الأرض تفوق المائة درجة مئوية فالمياه متبخرة ولا إمكانية للحياة

                              لن نعول كثيرا على حكاية الماء،

                              لكننا سنفرض أن الحياة التي نشأت منذ ثلاثة مليارات من الأعوام، بدأت بالخلية التي نشأت صدفة

                              لكننا نشاهد بالحس ان أي جنس على سطح الأرض، من نبات أو حيوان أو بشر لا يمكن أن يستمر في الحياة إلا بالتكاثر الذي يحفظ النوع، أي لا بد من ذكر وأنثى

                              الخلية الأولى االتي بدأت منها الحياة والتي نشأت صدفة لا بد أن تحتاج لأنثى من نفس النوع لتستمر الحياة على الأرض

                              فنحن لسنا بحاجة لصدفة واحدة حتى تبدأ الحياة بل لا بد من صدفتين الأولى أن الخلية الأولى نشأت مذكرة والثانية نشأت مؤنثة

                              والصدفة الثالثة المستحيلة أن تكون الخلية الأولى والثانية قد تقابلتا لتتزاوجا وتستمر الحياة من ذلك

                              فلا بد إذن أن تكوت الحياة نشأت في نفس السنتمتر المربع من الكرة الأرضية لتستطيع الخلية الأولى التزاوج مع الثانية

                              وإلا لو نشأت الخلية الأولى في المكسيك والثانية في الهند لما استطاعتا التزاوج وبالتالي لما استمرت الحياة

                              لننتقل خطوة للأمام ولنفرض أن الصدفة حصلت

                              حتى تنتقل الخلية إلى الطور الأعلى منه لا بد من حدوث الطفرة

                              لكننا بحاجة لطفرتين

                              طفرة تنتج الكائن الأعلى الذكر والثانية لتنتج الكائن الأعلى المؤنث

                              والصدفة الثالثة أن يكون وجود الطفرتين في مكان قريب لتستطيع تلك الكائنات من الالتقاء للتزاوج وليستمر النوع الجديد

                              مثال لتقريب الفكرة

                              هب أن القردة تطورت وحصلت الطفرة لينتج الانسان

                              نحن لسنا بحاجة فقط لذكر حتى يأتي نوع الانسان

                              بل نحن بحاجة لذكر وأنثى

                              ولأن تكون الطفرتان قد حدثتا في مكانين قريبين بحيث يسهل على الذكر أن يقابل الأنثى ليتزاوجا ويستمر النوع

                              ونحن بحاجة لأن توجد الانثى والذكر في نفس الفترة الزمنية التي يعيشها الانسان عادة

                              أي أن تحدث الطفرتان في خلال مائة عام مثلا، لأن الانسان يعيش في المتوسط مائة عام ( فرضا ) وبالتالي فلا بد أن تحدث كل هذه الأمور صدفة في نفس الوقت

                              طفرة مذكرة

                              طفرة مؤنثة

                              نفس الفترة الزمنية

                              في مكان متقارب ليحصل اللقاء

                              فلئن كان هذا ممكنا لنوع من الأنواع مثلا كالانسان فكيف لنا أن نصدق بحدوث كل هذه الطفرات بهذه الشروط الأربعة : الجنس: ذكر وأنثى، المكان المتقارب والزمان الواحد، حتى يستمر النوع لمليارات الكائنات الحية التي في كوكب الأرض؟

                              مليارات الكائنات الحية المتعددة الأنواع كلها كيف يمكن لنا أن نقول أنها تطورت عن بعضها البعض صدفة في ضمن نظام الطفرة الذي يحصل مرة كل مائة ألف سنة ، فكيف لنا أن نصدق أن طفرة تحدث كل مائة ألف سنة تحدث صدفة لنفس النوع الجديد ومذكر ومؤنث وفي ضمن مكان وزمان محدد؟

                              خذ الذبابة على سبيل المثال

                              تعيش في المتوسط خمسة أيام

                              إذن نحن بحاجة لطفرتبن ( تحصل الواحدة منهما في العادة مرة كل مائة ألف سنة ) تحصل الطفرتان في خلال خمسة أيام، وإحداهما مذكر والثانية مؤنث وفي نفس المنطقة القريبة!!

                              هل تريد لنا أن نصدق كل هذا

                              بعض الكائنات الحية حياتها بالغة القصر

                              والمشكلة أنه المفروض أن كل الكائنات الأرقى انحدرت من هذه الكائنات الأحقر، فالانسان يعود بعد سلاسل طويلة إلى الهسهسة التي تعمر أياما قليلا

                              فلو لم تحصل هذه الصدف التي يستحيل عقلا تصديقها لما استمرت الحياة لتبلغ الانسان

                              وكل هذا في غضون مليارات ثلاثة فقط من السنين؟

                              انا شخصيا أرحم لعقلي مليارات المرات أن يقر بأن الخلق مخلوق لخالق على أن يصدق بكل هذه المصادفات وكل هذه النظريات التي لا ترقى لمستوى البحث

                              اللهم تجاوز عن سيئات البطن الذي حمله تسعاً

                              ABC


                              ويمكنك نقل كتاب ( موسوعة الخلق والنشوء )، وأي كتاب من كتبي من خلال الموقع الشخصي:

                              http://sharabati.tripod.com/main.htm

                              أو من خلال : مكتبة العقاب


                              http://www.alokab.com/almaktaba/inde...on=file&id=524
                              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 أكت, 2020, 07:19 م.
                              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                              وينصر الله من ينصره

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 2 يوم
                              ردود 0
                              8 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة الراجى رضا الله
                              ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 2 يوم
                              ردود 0
                              6 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة الراجى رضا الله
                              ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, منذ 3 أسابيع
                              ردود 0
                              9 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة الراجى رضا الله
                              ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 10 أكت, 2024, 01:41 ص
                              رد 1
                              9 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة الراجى رضا الله
                              ابتدأ بواسطة الراجى رضا الله, 10 أكت, 2024, 01:28 ص
                              رد 1
                              12 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة الراجى رضا الله
                              يعمل...