السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن مطهر : منع أبو بكر فاطمة إرثها، والتجأ إلى رواية انفرد بها، وكان هو الغريم لها، لأن الصدقة تحل له، لأن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) قال: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) على ما رووه عنه، والقرآن يخالف ذلك لأنه تعالى قال: { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } [النمل: 16] وقال: { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي } [مريم: 5-6].
ابن تيمية : قولك (رواية انفرد بها) كذب، بل رواه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر، عمر، عثمان، علي، طلحة، الزبير، عبد الرحمن بن عوف، العباس، أزواج النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وأبو هريرة رضي الله عنهم.
وقولك (كان الغريم لها) كذب، فإن أبا بكر (رضي الله عنه) لم يدع التركة لنفسه، وإنما هي صدقة لمستحقها، وأيضاً فتيقن الصحابة وأولهم على (رضي الله عنه) أن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لا يورث ولهذا لما ولي علي (رضي الله عنه) الخلافة لم يقسم تركة النبي (صلّى الله عليه وسلّم) ولا غيرها عن مصرفها.
ثم قوله تعالى: { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } لا يدل إذ (الإرث) اسم جنس تحته أنواع والدال على ما به الاشتراك لا يدل على ما به الامتياز، ولفظ (الإرث) يستعمل في لفظ إرث العلماء والملك وغير ذلك. قال تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا } [فاطر: 32] وقال تعالى: { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا } [الزخرف: 32] وقوله تعالى: { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ } [الأعراف: 128] وقوله تعالى: { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } [الأعراف: 137].
وأخرج أبو داود أنالنبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم) ثم يقال بل المراد أرث العلم والنبوة لا المال. وإذ معلوم أنه كان لداود (عليه السلام) أولاد كثيرة غير سليمان (عليه السلام)، فلا يختص سليمان (عليه السلام) بماله، وليس في كونه ورث ماله صفة مدح لهما، فإن البر والفاجر يرث أباه، والآية سبقت في مدح سليمان (عليه السلام) وما خص به، وارث المال من الأمور العادية المشتركة بين الناس، ومثل ذلك لا يقص علينا لعدم فائدته. وكذلك قوله تعالى: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } لأنه لا يرث من آل يعقوب أموالهم، إنما يرثهم أولادهم وذريتهم. ثم زكريا (عليه السلام) لم يكن ذا مال إنما كان نجاراً، ويحيى (عليه السلام) كان من أزهد الناس.
ابن مطهر : ولما ذكرت أن أباها وهبها فدك([2])، وقال: هاتي شاهداً. فجاءت بأم أيمن فقال: امرأة لا يقبل قولها، فجاءت بعلي فشهد لها، فقال: هذا بعلك يجره إلى نفسه.
ابني تيمية : ما هذا بأول افتراء للرافضة ولا بهتهم، ثم أن فاطمة إن كانت طلبت فدك بالإرث بطلت الهبة، وإن كانت هبة بطل افرث. ثم إذا كانت هذه هبة في مرض الموت فرسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) منـزه – إن كان يورث كما يورث غيره – أن يوصي لوارث أو يخصه في مرض موته بأكثر من حقه وإن كان في صحته فلابد أن تكون هذه هبة مقبوضة، وإلا فإذا وهب الواهب بكلام، ولم يقبض الموهوب إليه شيئاً حتى مات، كان ذلك باطلاً عند جماهير العلماء. فكيف يهب النبي صلّى الله عليه وسلّم فدك لفاطمة ولا يكون ذلك أمراً مشهوراً عند أهل بيته والمسلمين حتى تختص بمعرفته أم أيمن أو علي ، بل ذلك كذب على فاطمة في ادعائها ذلك. وإن كان النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يورث فالخصم أزواجه وعمه (رضي الله عنهم) ولا تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد بكتاب الله (تعالى) وسنة رسوله (صلّى الله عليه وسلّم) واتفاق المسلمين. وإن كان لا يورث فالخصم في ذلك المسلمون، فذلك لا تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد باتفاق المسلمين ولا رجل وامرأة. نعم يحكم في مثل ذلك بشهادة ويمين الطالب عند فقهاء الحجاز وفقهاء أهل الحديث. وشهادة الزوج لزوجته فيها قولان مشهوران للعماء هما روايتان عن أحمد (رضي الله عنه) أحدهما لا تقبل وهي مذهب أبي حنيفة ومالك والليث بن سعد والأوزاعي وإسحاق وغيرهم رضي الله عنهم. والثانية تقبل وهي مذهب الشافعي وأبي ثور وابن المنذر.
فعلى هذا لو قدر صحة القضية لما جاز للإمام أن يحكم بشهادة رجل واحد وامرأة بالاتفاق، لا سيما وأكثرهم لا يجيزون شهادة الزوج.
هذا جزء من المناظرة الشيقة لشيخ الاسلام ابن تيمية مع الرافضي لبن مطهر من مجمل موضوع المناظرات الشيقة مع فقهاء عصره والتي يمكن تحميلها على الرابط التالي :
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=5857
ابن مطهر : منع أبو بكر فاطمة إرثها، والتجأ إلى رواية انفرد بها، وكان هو الغريم لها، لأن الصدقة تحل له، لأن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) قال: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة) على ما رووه عنه، والقرآن يخالف ذلك لأنه تعالى قال: { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } [النمل: 16] وقال: { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي } [مريم: 5-6].
ابن تيمية : قولك (رواية انفرد بها) كذب، بل رواه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر، عمر، عثمان، علي، طلحة، الزبير، عبد الرحمن بن عوف، العباس، أزواج النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وأبو هريرة رضي الله عنهم.
وقولك (كان الغريم لها) كذب، فإن أبا بكر (رضي الله عنه) لم يدع التركة لنفسه، وإنما هي صدقة لمستحقها، وأيضاً فتيقن الصحابة وأولهم على (رضي الله عنه) أن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لا يورث ولهذا لما ولي علي (رضي الله عنه) الخلافة لم يقسم تركة النبي (صلّى الله عليه وسلّم) ولا غيرها عن مصرفها.
ثم قوله تعالى: { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } لا يدل إذ (الإرث) اسم جنس تحته أنواع والدال على ما به الاشتراك لا يدل على ما به الامتياز، ولفظ (الإرث) يستعمل في لفظ إرث العلماء والملك وغير ذلك. قال تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا } [فاطر: 32] وقال تعالى: { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا } [الزخرف: 32] وقوله تعالى: { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ } [الأعراف: 128] وقوله تعالى: { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } [الأعراف: 137].
وأخرج أبو داود أنالنبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم) ثم يقال بل المراد أرث العلم والنبوة لا المال. وإذ معلوم أنه كان لداود (عليه السلام) أولاد كثيرة غير سليمان (عليه السلام)، فلا يختص سليمان (عليه السلام) بماله، وليس في كونه ورث ماله صفة مدح لهما، فإن البر والفاجر يرث أباه، والآية سبقت في مدح سليمان (عليه السلام) وما خص به، وارث المال من الأمور العادية المشتركة بين الناس، ومثل ذلك لا يقص علينا لعدم فائدته. وكذلك قوله تعالى: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } لأنه لا يرث من آل يعقوب أموالهم، إنما يرثهم أولادهم وذريتهم. ثم زكريا (عليه السلام) لم يكن ذا مال إنما كان نجاراً، ويحيى (عليه السلام) كان من أزهد الناس.
ابن مطهر : ولما ذكرت أن أباها وهبها فدك([2])، وقال: هاتي شاهداً. فجاءت بأم أيمن فقال: امرأة لا يقبل قولها، فجاءت بعلي فشهد لها، فقال: هذا بعلك يجره إلى نفسه.
ابني تيمية : ما هذا بأول افتراء للرافضة ولا بهتهم، ثم أن فاطمة إن كانت طلبت فدك بالإرث بطلت الهبة، وإن كانت هبة بطل افرث. ثم إذا كانت هذه هبة في مرض الموت فرسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) منـزه – إن كان يورث كما يورث غيره – أن يوصي لوارث أو يخصه في مرض موته بأكثر من حقه وإن كان في صحته فلابد أن تكون هذه هبة مقبوضة، وإلا فإذا وهب الواهب بكلام، ولم يقبض الموهوب إليه شيئاً حتى مات، كان ذلك باطلاً عند جماهير العلماء. فكيف يهب النبي صلّى الله عليه وسلّم فدك لفاطمة ولا يكون ذلك أمراً مشهوراً عند أهل بيته والمسلمين حتى تختص بمعرفته أم أيمن أو علي ، بل ذلك كذب على فاطمة في ادعائها ذلك. وإن كان النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يورث فالخصم أزواجه وعمه (رضي الله عنهم) ولا تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد بكتاب الله (تعالى) وسنة رسوله (صلّى الله عليه وسلّم) واتفاق المسلمين. وإن كان لا يورث فالخصم في ذلك المسلمون، فذلك لا تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد باتفاق المسلمين ولا رجل وامرأة. نعم يحكم في مثل ذلك بشهادة ويمين الطالب عند فقهاء الحجاز وفقهاء أهل الحديث. وشهادة الزوج لزوجته فيها قولان مشهوران للعماء هما روايتان عن أحمد (رضي الله عنه) أحدهما لا تقبل وهي مذهب أبي حنيفة ومالك والليث بن سعد والأوزاعي وإسحاق وغيرهم رضي الله عنهم. والثانية تقبل وهي مذهب الشافعي وأبي ثور وابن المنذر.
فعلى هذا لو قدر صحة القضية لما جاز للإمام أن يحكم بشهادة رجل واحد وامرأة بالاتفاق، لا سيما وأكثرهم لا يجيزون شهادة الزوج.
هذا جزء من المناظرة الشيقة لشيخ الاسلام ابن تيمية مع الرافضي لبن مطهر من مجمل موضوع المناظرات الشيقة مع فقهاء عصره والتي يمكن تحميلها على الرابط التالي :
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=5857