هكذا علمتني الحياة
الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله كان أحد العلماء البارزين والدعاة المشهورين والمصلحين المعدودين ، وكانت له مع ذلك جهود سياسية واجتماعية مؤثرة ، وهو نموذج من النماذج التي تحتذى، وقدوة يقتدي بها أهل الإسلام في زماننا وفي كل زمان.
د. مصطفى السباعي.. العالم.. الداعية.. المجاهد
وقد ألف رحمه الله كتابا ماتعا قيما أسماه "هكذا علمتني الحياة" ضمنه خلاصة تجاربه وما استفاده من حياته الحافلة على شكل خواطر قليلة العبارة كبيرة الدلالة وعظيمة الفائدة.
ويقول رحمه الله بشأنها في مقدمة كتابه :
{ هذه خطرات بدأت تسجيلها وأنا في مستشفى المواساة بدمشق لنفسي حين رأيتني في عزلة عن الأهل والولد، والتدريس والتأليف، وتلك هي عادتي في السجون والأمراض والأسفار }
ثم يقول رحمه الله : { لقد دونت هذه الخواطر كما وردت، غير مرتبة ولا مبوبة، فقد كنت أرى المنظر فيوحي إلي بالخاطرة أو أكثر فأدونها، ثم أرى منظرا آخر فأدون ما خطر لي تعليقا عليه، وكنت أحيانا أتذكر ما مضى من حياتي مع الناس فأكتب ما استفدت من تجاربي معهم، وهكذا جاءت هذه الخواطر مختلطا بعضها ببعض، وقد يوحي إلي الأمر الذي أود التعليق عليه بخواطر مسلسلة فأكتبها يردف بعضها بعضا...وأيا ما كان فأنا أعرضها كما كتبتها دون أن أعيد النظر في ضم النظير إلى نظيره، والموضوع إلى شبيهه، لغرضين : الأول أن تكون صورة صادقة عن تفكيري خلال بضعة شهور قضيتها منقطعا عن الناس ما بين المستشفى والبيت، والثاني أن يكون في انتقال الخواطر من موضوع إلى موضوع، ما يلذ للقارئ متابعتها، فقد تمل النفس من موضوع واحد يتتابع فيه الكلام على نسق واحد، ولكنها تنشط حين تنتقل من معنى إلى معنى، كما تنشط التفس حين تنتقل في الحديقة من زهرة إلى زهرة ومن ثمرة إلى ثمرة. }
ويقول رحمه الله : { إن هذه الخواطر هي خلاصة تجاربي في الحياة، لم أنقل شيئا منها من كتاب، ولا استعنت فيها بآراء غيري من الناس، وأعتقد أن من حق الجيل الذي أتى بعدنا أن يطلع على تجاربنا، وأن يستفيد من خبرتنا إذا وجد فيها ما يفيد، وهذا خير ما نقدمه له من هدية، إننا لا نستطيع أن نملي عليه آراءنا إملاء، وليس ذلك من حقنا، وإنما نستطيع أن نقدم له النصح والموعظة، وخير النصح ما أعطته الحياة نفسها، وأبلغ الموعظة ما اتصل بتجارب الحياة ذاتها، والناس وإن اختلفت مشاربهم وعقولهم وطباعهم، فإنهم بلتقون على كثير من حقائق الحياة، ويجتمعون على كثير من الرغبات والحاجات والأهداف. }
وسأحاول أن أضع في هذا الموضوع بإذن الله بعض المختارات من هذه الخواطر بشكل متجدد كلما سنحت الفرصة.
سائلة المولى عز وجل أن ينفعنا وإياكم بها.
يُتبع إن شاء الله
تعليق