مقدمة
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً (النساء : 82 )
نعم:
[أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا] سورة النساء: 82.
تعطي الآية معياراً صحيحاً للتحقق من صحة نسبة أي كتاب لله عز وجل، فالبشر من طبعهم الخطأ والنسيان، والتخليط بعد تقادم الأيام، ولذا تأتي كتاباتهم منسجمة مع هذه الطبائع البشرية.
ولو طبقنا هذا المعيار على كتاب النصارى (المقدس) ، فإنا سنرى آثار هذه الطبائع تتجلى في أخطائهم وتخالفهم وتناقضهم في الأحداث والأحكام التي يوردونها في كتاباتهم. ووجود التناقض يدحض دعوى إلهامية هذه الكتب ، واعتبارها جزء من كلمة الله التي أوحاها إلى بعض تلاميذ المسيح .
ويعترف النصارى ضمناً بصحة هذا المعيار ، لذا نرى شراح (الكتاب المقدس) يعمدون إلى تفسير التناقضات والصعوبات التي تواجه النص ، ويتأولونها بعيداً عن الحقيقة التي ينطق بها النص ، ليقينهم بأن بقاء التناقض يعني بشرية الكتب ونفي إلهاميتها وقداستها .
إن الله قادرٌ على أن يحفظ كلمته، ولكنه سبحانه وتعالى اختار بحكمته أن يحفظ كتابه الأخير، ودستوره الأبدي، وكلمته إلى الإنس والجن، وليس المؤقت.
وإليكم الأدلة من الكتاب المقدس على أن الله سبحانه وتعالى قد أوكل حفظ كتبه القديمة لعباده ولم يتكفَّل هو بحفظها:
(وَالآنَ أَصْغُوا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الشَّرَائِعِ وَالأَحْكَامِ الَّتِي أُعَلِّمُهَا لَكُمْ لِتَعْمَلُوا بِهَا، فَتَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا لاِمْتِلاَكِ الأَرْضِ الَّتِي يُوَرِّثُهَا لَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لاَ تزيدوا عَلَى الكلام الذي أنا أوصيكم به، وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْه ُ، لتحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها.) تثنية 4: 2.
(وَإِنَّنِي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا: إِنْ زَادَ أَحَدٌ شَيْئاً عَلَى مَا كُتِبَ فِيهِ، يَزِيدُهُ اللهُ مِنَ الْبَلاَيَا الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا، 19وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدٌ شَيْئاً مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا، يُسْقِطُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، اللَّتَيْنِ جَاءَ ذِكْرُهُمَا فِي هَذَا الْكِتَاب.) رؤيا يوحنا 22:" 18ـ19.
فلقد أمر الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب ـ في كتابهم ـ بعدم التحريف في نصوص الكتاب المقدس وذلك في أكثر من موضع:
1 ـ شهادة النبي إرميا: 23 :36
» 36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا. «.
سفر ارميا 8 :8 »8كَيْفَ تَقُولُونَ: نَحْنُ حُكَمَاءُ وَشَرِيعَةُ الرَّبِّ مَعَنَا؟ حَقًّا إِنَّهُ إِلَى الْكَذِبِ حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ الْكَاذِبُ. «.
2 ـ شهادة سيدنا موسى عليه السلام: التثنية 31 :25-29 » 25أَمَرَ مُوسَى اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ قَائِلاً: 26«خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ. 27لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلْبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ الْيَوْمَ، قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي! 28اِجْمَعُوا إِلَيَّ كُلَّ شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي مَسَامِعِهِمْ بِهذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمِ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. 29لأَنِّي عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسِدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ، وَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ لأَنَّكُمْ تَعْمَلُونَ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ». «.
سفر التثنية 4 :2 »2لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ، لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا.«.
والسؤال الذي يفرض نفسه هل حافظ أهل الكتاب على تعاليم الرب القدير ؟؟ . ارميا:14:14»14فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «بِالْكَذِبِ يَتَنَبَّأُ الأَنْبِيَاءُ بِاسْمِي. لَمْ أُرْسِلْهُمْ، وَلاَ أَمَرْتُهُمْ، وَلاَ كَلَّمْتُهُمْ. بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ وَبَاطِل وَمَكْرِ قُلُوبِهِمْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ «.
ومن هذه النصوص يتضح لكم أن الله فرض علي اليهود فروضاً محدَّدة ، وحدَّدَ عقوبة المخالف. فهو إذاً بعلمه الأزلي يعلم أنه سيتم التحريف بالزيادة والنقصان، ويكفي أن تطلع على الصفحة الأولى من الكتاب المقدس لتقرأ الكلمة التالية(منقحة) والسؤال الآن منقحة من ماذا؟.
ولقد استخرجت من الكتاب (المقدس) ألف تناقض واختلاف وبعثت بها إلى فطاحل القساوسة ومنهم من آثر السلامة ولم يرد ومنهم من جاء رده هزيلاً كالدكتور منيس عبد النور رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر وبعثت إليه بردودي عليه بقولي: عيب يا دكتور منيس، مما يثبت أن هذه التناقضات وتلك الاختلافات ليست من عند الله سبحانه وتعالى وصدق الله العظيم إذ يقول:
(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً).
تعليق