على أي أساس يضع المواطنون في بلد ما دستورهم ويُصدرون قوانينهم إذا كانوا منقسمين إلى أديان مختلفة؟
يثير هذا السؤال عدة مسائل ..
المسألة الأولى :
أن دعاة العلمانية ولا سيما في بلادنا العربية في هذه الأيام، يقولون إن الحل الأمثل هو الحل الذي لجأت إليه أوربا وأمريكا وسائر الدول التي قلدتها، وهو أن تكون الدولة علمانية لا تلتزم بدين لكنها لا تمنع أحداً من ممارسة دينه في حياته الخاصة. بهذا يكون المجال العام، مجال التشريع والتنفيذ والقضاء، مجالاً مفتوحاً لكل أفراد المجتمع يشاركون فيه باعتبارهم مواطنين لا باعتبارهم منتمين إلى هذا الدين أو ذاك، ويكونون بهذا متساوين في حقوقهم السياسية.
نقول نعم إن هذا قد يحدث إذا تنازل كل المنتمين إلى الأديان أو معظمهم عن أديانهم، أو على الأقل عن جانب المجال العام منها، ورضوا بأن يحصروها في الجانب الخاص كما فعل الغربيون. وقد صار كثير من المسلمين المتأثرين تأثراً شديداً بالفكر الغربي يعدون هذا أمراً طبيعياً، بل يعدونه أمراً لازماً للدولة الحديثة. رأيت ذات مرة في التلفاز أحد هؤلاء وهو يدافع دفاعاً مستميتاً عن الدولة العلمانية، ثم تبين في المقابلة معه أنه من حرصه على أداء الحج بطريقة كاملة لم يكن يكتفي بالسؤال عن أركانه وواجباته بل كان يحرص حتى على مستحباته! فهذا إذن رجل يرى أنه يمكن أن ينكر جزءاً من الإسلام ويدعو إلى هذا الإنكار ويظل مع ذلك مسلما ربما لأنه لا يعلم أن من شرط الإيمان بالإسلام أن يؤمن الإنسان به كله ثم يجتهد في أن يطبق منه ما استطاع، وأن من أنكر بعض الدين كمن أنكره كله.
قال تعالى: { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون * أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون } (البقرة:85-86)
هذا إذا تبنت الأغلبية المسلمة الموقف العلماني.. ولكن ماذا يحدث إذا ظلّ عدد كبير منهم مستمسكاً بدينه كله؟ هل يمكن أن يقال عن أمثال هؤلاء إن لهم حقوقاً سياسية متساوية مع غيرهم من العلمانيين الذين يُشـِّرعون لهم قوانين يخالف بعضها أوامر أديانهم؟ كلا. قد يقال لماذا لا يقبلون رأي الأغلبية ويعيشون تحت قوانين يعلمون أنها مخالفة لدينهم؟ نقول هب أنهم فعلوا ذلك، فالسؤال ما يزال قائما. هل يقال عن مثلهم إن لهم حقوقا سياسية متساوية مع العلمانيين الذين يتولون التشريع له؟ كلا..
إذن فالعلمانية لا تحل مشكلة التعددية.
يُتبع إن شاء الله .....
يثير هذا السؤال عدة مسائل ..
المسألة الأولى :
أن دعاة العلمانية ولا سيما في بلادنا العربية في هذه الأيام، يقولون إن الحل الأمثل هو الحل الذي لجأت إليه أوربا وأمريكا وسائر الدول التي قلدتها، وهو أن تكون الدولة علمانية لا تلتزم بدين لكنها لا تمنع أحداً من ممارسة دينه في حياته الخاصة. بهذا يكون المجال العام، مجال التشريع والتنفيذ والقضاء، مجالاً مفتوحاً لكل أفراد المجتمع يشاركون فيه باعتبارهم مواطنين لا باعتبارهم منتمين إلى هذا الدين أو ذاك، ويكونون بهذا متساوين في حقوقهم السياسية.
نقول نعم إن هذا قد يحدث إذا تنازل كل المنتمين إلى الأديان أو معظمهم عن أديانهم، أو على الأقل عن جانب المجال العام منها، ورضوا بأن يحصروها في الجانب الخاص كما فعل الغربيون. وقد صار كثير من المسلمين المتأثرين تأثراً شديداً بالفكر الغربي يعدون هذا أمراً طبيعياً، بل يعدونه أمراً لازماً للدولة الحديثة. رأيت ذات مرة في التلفاز أحد هؤلاء وهو يدافع دفاعاً مستميتاً عن الدولة العلمانية، ثم تبين في المقابلة معه أنه من حرصه على أداء الحج بطريقة كاملة لم يكن يكتفي بالسؤال عن أركانه وواجباته بل كان يحرص حتى على مستحباته! فهذا إذن رجل يرى أنه يمكن أن ينكر جزءاً من الإسلام ويدعو إلى هذا الإنكار ويظل مع ذلك مسلما ربما لأنه لا يعلم أن من شرط الإيمان بالإسلام أن يؤمن الإنسان به كله ثم يجتهد في أن يطبق منه ما استطاع، وأن من أنكر بعض الدين كمن أنكره كله.
قال تعالى: { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون * أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون } (البقرة:85-86)
هذا إذا تبنت الأغلبية المسلمة الموقف العلماني.. ولكن ماذا يحدث إذا ظلّ عدد كبير منهم مستمسكاً بدينه كله؟ هل يمكن أن يقال عن أمثال هؤلاء إن لهم حقوقاً سياسية متساوية مع غيرهم من العلمانيين الذين يُشـِّرعون لهم قوانين يخالف بعضها أوامر أديانهم؟ كلا. قد يقال لماذا لا يقبلون رأي الأغلبية ويعيشون تحت قوانين يعلمون أنها مخالفة لدينهم؟ نقول هب أنهم فعلوا ذلك، فالسؤال ما يزال قائما. هل يقال عن مثلهم إن لهم حقوقا سياسية متساوية مع العلمانيين الذين يتولون التشريع له؟ كلا..
إذن فالعلمانية لا تحل مشكلة التعددية.
يُتبع إن شاء الله .....
تعليق