امتناع سعيد بن المسيب عن المبايعة فضربوه بالسياط، وبيان ضعفه.

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الشرقاوى مسلم اكتشف المزيد حول الشرقاوى
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الشرقاوى
    حارس مؤسس

    • 9 يون, 2006
    • 5442
    • مدير نفسي
    • مسلم

    امتناع سعيد بن المسيب عن المبايعة فضربوه بالسياط، وبيان ضعفه.


    بسم الله الرحمن الرحيم

    محاولة اغتيال سعيد بن المسيب
    امتنع عن مبايعة عبدالملك بن مروان فضربوه بالسياط!



    هناك شخصيات مبهرة في التاريخ، كانت مواقفهم مثار إعجاب رغم ما عانوه من ضرب وإهانة وتعذيب لا يليق بجلال علمهم ولا لما يرنون إليه من التفاف الناس حولهم.
    ومن هذه الشخصيات المبهرة كان التابعي الجليل سعيد بن المسيب.

    وسعيد بن المسيب حفظ القرآن الكريم صغيرا، ودرس الحديث الشريف علي يد أعلام من أبناء الصحابة أمثال ابن عمر وابن عباس وأبي الدرداء وغيرهم، كما حفظ الأحاديث التي رواها الصحابي الجليل أبوهريرة، بل أنه تزوج من ابنته، وأصبح الناس يقدرونه لعلمه وتقواه ودراسته لسيرة الرسول وسنته حتي قال عنه قتادة: ما رأيت أعلم بالحلال والحرام من سعيد بن المسيب.

    وكان الرجل مع فقهه وعلمه خبيرا بتفسير الأحلام ربما لشفافية روحية، وما يتمتع به من حسن تدبير وبصيرة وما أكثر ما تحدثوا عن ورعه وتقواه، وحبه للعبادة، والاعتماد علي نفسه في كسب قوت حياته، فقد رفض أعطيات بيت المال مؤثرا أن يعمل في تجارة الزيت.

    ولأنه يعرف أقدار الناس، وأن الإنسان ينطوي علي الخير والشر معا، وأن علي الإنسان أن يغلٌِب طابع الخير، فقد أحبه الناس، ورددوا قوله:
    'ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن نذكر عيوبه، فمن كان فضله أكبر من نقصه وهب نقصه لفضله'.
    وقد بلغ من فضل الرجل وحب الناس له، أن أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان، أراد أن يزوج ابنه الوليد بن عبدالملك من ابنته.. وكان معروفا عن عبدالملك أنه من أقوي خلفاء بني أمية، وكان علي علم وفقه.. بل أن عبدالملك هذا يعتبره المؤرخون المؤسس الثاني للدولة الأموية، لأنه استطاع أن يقضي علي الفتن في عصره.. وأن ينتصر علي عبدالله بن الزبير الذي كان ينازعه السلطة واستقل بالفعل بالحجاز والبصرة وغيرهما.. ويعيد توحيد البلاد الإسلامية تحت الراية الأموية.

    عبدالملك بن مروان بكل هذا الشموخ.. ومع ذلك رفض سعيد بن المسيب أن يزوج ابنه الوليد من ابنته.. مع علمه أن الوليد هذا سيخلف والده بالخلافة، وأن ابنته بذلك ستصبح ملكة متوجة.. بل أنه في عهد الوليد هذا اتسعت بقعة الامبراطورية الإسلامية إلى أماكن لم تكن تخطر علي بال سواء في الشمال الأفريقي أو أسبانيا أو في بلاد ما وراء النهر!

    ***

    ويتعجب دارسو سيرة هذا الرجل العظيم كيف يرفض زواج ابنته من رجل تدين له الدنيا كلها؟
    ولكن العجب يزول عندما تعرف أن الرجل لا يريد الدنيا ولا يسعي لها، إنما يريد لابنته أن تعيش هادئة سعيدة في ظل رجل فقير يثق في علمه وتقواه.. فالسعادة ليست في حياة القصور والسلطان، ولكن في راحة البال والثقة والإيمان بما عند الله.
    لقد زوٌج ابنته لطالب علم فقير..
    كيف؟
    قال يحيي بن سعيد:
    كان لسعيد جليس يقال له عبدالله بن وداعة فأبطأ عنه أياما، فسأل عنه وطلبه وأتاه معتذرا عن تأخره لمرض زوجته وموتها.
    فقال له: 'ألا أعلمتنا بمرضها فنعودها، أو بموتها فنشهد جنازتها' .
    ثم قال: يا عبدالله تزوج ولا تلق الله وأنت أعزب.
    فقال لسعيد: يرحمك الله ومن يزوجني وأنا فقير!؟
    فقال له سعيد: أنا أزوجك ابنتي.
    فقال عبدالله: فسكت استحياء واستعظاما
    فقال سعيد: مالك سكت.. أسخطا وإعراضا؟
    قلت: وأين أنا منها.
    فقال: فقم وادع نفرا من الأنصار فأشهدهم علي النكاح، فلما صلينا العشاء الآخرة توجه سعيد بابنته إلي الرجل الفقير ومعها الخادم والدراهم والطعام، والزوج لا يكاد يصدق ما هو فيه!

    ***

    وفي هذه الفترة كان الصراع علي أشده في المدينة، هناك من يؤيد خلافة عبدالله بن الزبير، وهناك من يؤيد خلافة الأمويين.
    وكان سعيد بن المسيب لا يؤمن لا بخلافة عبدالله بن الزبير أو عبدالملك بن مروان.. كان يري أن الخلافة لم تعد كما كانت علي عهد الخلفاء الراشدين.
    وكان الرجل معروفا عند الطرفين.. وكلا الطرفين حاول استمالته للمبايعة، ولكن الرجل رفض أن يبايع كلا الطرفين، وكان يعرف أنه سيتحمل تبعات هذا الرفض!

    ***

    حاول عامل عبدالله بن الزبير في المدينة (جابر بن الأسود) أن يجعله يبايع عبدالله بن الزبير بالخلافة، وعندما امتنع ضربه ستين سوطا!
    وعندما حاول عامل عبدالملك بن مروان بعد ذلك أن يأمره بمبايعة الوليد بن عبدالملك، لم يأبه بهذا العامل فهدده بقطع رقبته ولكنه ظل على موقفه ويصور هذا الموقف د. محمد رجب البيومي في صورة قلمية جميلة:
    '.. وهذا عامل عبدالملك على المدينة يأمره بالبيعة للوليد بن عبدالملك، فيهدده بضرب عنقه، فما يتراجع لحظة عن موضعه، ثم يطول الحوار والجدل فيعرض عليه واحدة من خصال ثلاث: أن يقرأ الوالي كتاب البيعة علي الجمهور فيسكت سعيد دون أن يقول لا أو نعم.
    أو أن يجلس في البيت لا ينهض إلى المسجد أياما حتي تنتهي البيعة.
    أو أن ينتقل من مكانه بالمسجد فلا يجده الرسول إذ يأتيه!
    وقد رفض سعيد هذه العروض، وكان له في العرض الأخيرمندوحه تقيه دون أن تخدش رأيه، ولكنه وضع نفسه موضع الزعامة الكريمة للمسلم الصادق، ليسد كل ثنية يلج بها الباطل مأربه، فهو أولا يخشي أن يخرج بالصمت عن لا ونعم، فيعلم الناس أنه بايع ولم يعارض.
    وهو ثانيا يتعاظمه أن يمكث بالبيت أياما فلا يخرج إلي الصلاة، وصوت المؤذن يلهبه ويستدعيه!!
    وهو ثالثا: يربأ بنفسه أن ينتقل من مكانه حذرا من مخلوق لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا!
    وكان سعيد يعلم حقيقة ما ينتظره من عذاب أثيم، فما أعلن مخالفته حتي جرد من ثيابه، وضرب خمسين سوطا، وطاف به الرعاع في أسواق المدينة وهم يقولون:
    هذا موقف الخزي!
    فيرد عليهم في يقين حازم:
    بل فررنا من الخزي يوم القيامة بما فعلتموه وفعلناه!'

    ***

    شخصية عجيبة تلك..
    شخصية لا تخاف في الله لومة لائم..
    إنه يعيش حياته ولكن عينيه علي الآخرة.. إنه لا يريد شيئا من دنيا فانية سرعان ما تنتهي، ولكنه يريد ما عند الله من ثواب خالد خلود الحياة الآخرة.. وليس في نفاق السلطة أو الحكام ما يهيئ له حياة الخلود في الآخرة.. إنما الذي يضمن له النعيم هو البعد عن النفاق.. وأن يكون ما يجري في داخله هو نفس الذي يجري في ظاهره.


    ***

    وقد حاول عبدالملك بن مروان أن يسترضيه، عندما ذهب إلي المدينة يوما، ووقف عند باب المسجد وأرسل من يستدعي سعيد بن المسيب، ولكن سعيد رفض مقابلة الخليفة بحجة أنه ليس لديه حاجة إليه، وأن الخليفة ليس لديه حاجة إليه.
    وكرر الخليفة طلبه، وظل سعيد علي موقفه!!

    ***

    ويروي عن عمرو بن عاصم قوله:
    لما استخلف الوليد بن عبدالملك قدم المدينة، فدخل المسجد، ورأي شيخا قد اجتمع عليه الناس..
    فقال:
    من هذا الشيخ؟
    فقالوا:
    سعيد بن المسيب.
    فلما جلس، أرسل إليه فأتاه الرسول.
    فقال: أجب أمير المؤمنين.
    فقال سعيد:
    لعله أرسلك إلي غيري
    فأتاه الرسول فأخبره..
    فغضب الوليد غضبا شديدا، وهم به فقال له جلساؤه:
    يا أمير المؤمنين، فقيه المدينة، وشيخ قريش، لم يطق أباك من قبلك، وأغض عنه، ثم مازالوا به حتي تراجع.

    ***

    هذه إشارة إلي الشخصية التاريخية الجميلة التي أفاض علي الناس بعلمه وفضله وتقواه فأحبوه.
    وعاش حياته يأكل من تجارته في الزيت، ولم يمد يده لأعطيات أحد من الخلفاء أو غير الخلفاء، بل رفض أن يأخذ حقه من بيت المال.
    فأصبح مهابا.. حتي أن الخليفة عبدالملك بن مروان وهو من أقوي خلفاء بني أمية أراد أن يصاهره فيرفض، ويزوج ابنته من طالب علم فقير لا يملك من ثروات الحياة شيئا. ثم ينأي عن السياسة، فلا يبايع أحدا من المتصارعين عليها، طلبا لما عند الله، لا ما عند عباد الله.
    شخصية باهرة كهذه الشخصية لابد أن تعيش في ضمير الناس مهما اختلفت الأجيال والعصور.. تعطي ضوءا باهرا لكل من يريد طريق الصواب.. فالدنيا تنتهي وتزول.. والإنسان فيها كما يقول أعظم رجل محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كزائر استظل بظل شجرة ثم تركها.
    و.. لا يبقى إلا المواقف التي تكون قدوة للناس.. أما التعذيب والقهر والبطش، فظواهر تنتهي وتزول.. ويبقي وجه الحق ساطعا وسط حالك الظلام.


    مراجع:

    علماء في وجه الطغيان: د. محمد رجب البيومي
    العرب تاريخ وحضارة: أنتوني ناتنج.. ترجمة: محمود مسعود


    الـ SHARKـاوي
    إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
    ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
    فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
    فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
    ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!
  • باحث سلفى
    =-=-=-=-=-=

    حارس من حراس العقيدة
    • 13 فبر, 2007
    • 5183
    • مسلم (نهج السلف)

    #2




    حاول عامل عبدالله بن الزبير في المدينة (جابر بن الأسود) أن يجعله يبايع عبدالله بن الزبير بالخلافة، وعندما امتنع ضربه ستين سوطا!
    روى هذا الخبر ابن سعد في طبقاته ، قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره من أصحابنا قالوا: استعمل عبد الله بن الزبير جابر بن الأسود بن عوف الزهري على المدينة فدعا الناس إلى البيعة لابن الزبير فقال سعيد بن المسيب: لا، حتى يجتمع الناس. فضربه ستين سوطا، فبلغ ذلك ابن الزبير فكتب إلى جابر يلومه ويقول: ما لنا ولسعيد، دعه.

    و هذا إسناد متروك ، فمحمد بن عمر هو الواقدي متروك الحديث و قد تفرد به .

    و هو كما هو واضح ضعيف جدًا ، و يُخالف ما يليه حيث جاء في الرواية الأخرى أنه لا يريد أن يبايع بيعتين في الإسلام !
    و هذا يدل على أنه بايع عبد الله بن الزبير .
    ــــــــــــ
    وعندما حاول عامل عبدالملك بن مروان بعد ذلك أن يأمره بمبايعة الوليد بن عبدالملك، لم يأبه بهذا العامل فهدده بقطع رقبته ولكنه ظل على موقفه ويصور هذا الموقف د. محمد رجب البيومي في صورة قلمية جميلة:
    '.. وهذا عامل عبدالملك على المدينة يأمره بالبيعة للوليد بن عبدالملك، فيهدده بضرب عنقه، فما يتراجع لحظة عن موضعه، ثم يطول الحوار والجدل فيعرض عليه واحدة من خصال ثلاث: أن يقرأ الوالي كتاب البيعة علي الجمهور فيسكت سعيد دون أن يقول لا أو نعم.
    أو أن يجلس في البيت لا ينهض إلى المسجد أياما حتي تنتهي البيعة.
    أو أن ينتقل من مكانه بالمسجد فلا يجده الرسول إذ يأتيه!
    وقد رفض سعيد هذه العروض، وكان له في العرض الأخيرمندوحه تقيه دون أن تخدش رأيه، ولكنه وضع نفسه موضع الزعامة الكريمة للمسلم الصادق، ليسد كل ثنية يلج بها الباطل مأربه، فهو أولا يخشي أن يخرج بالصمت عن لا ونعم، فيعلم الناس أنه بايع ولم يعارض.
    وهو ثانيا يتعاظمه أن يمكث بالبيت أياما فلا يخرج إلي الصلاة، وصوت المؤذن يلهبه ويستدعيه!!
    روى الفسوي في المعرفة والتاريخ قال :
    حَدَّثَنَا زيد بن بشر الحضرمي ، حَدَّثَنَا ضمام عن بعض أهل المدينة قَال : لما كانت بيعة سليمان بن عبد الملك مع بيعة الوليد كره سَعِيد بن المسيب أن يبايع بيعتين ، فكتب صاحب المدينة إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن سَعِيد بن المسيب كره أن يبايع لهما جميعًا. فكتب عبد الملك إلى صاحب المدينة : وما كان حاجتك إلى رفع هذا عن سَعِيد بن المسيب ، ما كنا نخاف منه. فأما إذا ظهر ذلك وأنتشر في الناس فأدعه إلى ما دخل فيه من دخل في هذه البيعة ، فإن أبي فأجلده مِئَة سوط ، واحلق رأسه ولحيته ، وألبسه ثيابًا من شعر ، وأوقفه على الناس في سوق المسلمين لئلا يجترىء علينا غيره فلما علم من كان من قريش سألوا الوالي أن لا يعجل عليه حتى يخوفوه بالقتل فعسى أن يجيب ، فأرسلوا مولى له كان في الحرس فقالوا : اذهب فأخفه بالقتل وأخبره أنه مقتول لعل ذلك يخيفه حتى يدخل فيما دخل فيه الناس. فجاءه مولاه ، وهو على مسجده يصلي ، فبكى المولى ، فقال له سَعِيد : ما يبكيك ويحك ؟ قَال : يبكيني ما يراد بك قد جاء كتاب فيك إن لم تبايع قتلت فجئتك لتتطهر وتلبس ثيابًا طاهرة وتفرغ من عهدك. قَال : ويحك قد وجدتني أصلي على مسجدي فتراني كنت أصلي ولست بطاهر وثيابي غير طاهرة ، وأما ما ذكرت من العهد فإني أضل ممن أرسلك إن كنت بت ليلةً ولم أفرغ من عهدي ، فإذا شئت فإني لم أكن لأبايع بيعتين في الاسلام بعد حديث سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قَال : إذا كانتا بيعتين فأقيلوا الحدثى منهما. فانطلق معه. فلما أتى الوالي دعوه فأبى أن يجيب. فأمره بلبس ثياب من شعر ، وأمره بالتجريد فجلد مِئَة سوط وحلق رأسه ولحيته ووقف فقَال : لو كنت أعلم أنه ليس شَيء إلاَّ هذا ما نزعت ثيابي طائعًا ولا أجبت إلى ذلك. فقال ضمام : فبلغني أن هشام بن إسماعيل كان إذا خطب الناس يوم الجمعة يحول إليه سَعِيد بن المسيب وجهه ما دام يذكر الله حتى إذا رفع يمدح عبد الملك ويقول فيه ما يقول أعرض عنه سَعِيد بوجهه فلما فطن له هشام أمر حرسيًا أن يخضب وجهه إذا تحول عنه ، ففعل ذلك به ، فقال سَعِيد لهشام ، وأشار إليه بيده فقال ، هي ثلاث. فما تمر به إلاَّ ثلاثة أشهر حتى عزل هشام.

    و هذا الأثر فيه مبهمين وضمام قد يروي ما لا يتابع عليه .
    ــــــــــــــ
    روى البلاذري في أنساب الأشراف عن محمد بن سعد عن الواقدي حيث قال:

    حدثني محمد بن سعد عن الواقدي قال: ضرب هشام بن اسماعيل في سنة ست وثمانين سعيد بن المسيب ستين سوطاً، وطاف به في ثياب من شعر حتى بلغ به رأس الثنية، فلما كروا به قال: إلى أين تكرون بي ؟ قالوا: إلى السجن، قال: والله لولا إني ظننته الصلب ما لبست هذا التبان أبداً، فرده إلى السجن، وحبسه، وكتب إلى عبد الملك بخلافه وتركه البيعة للوليد وسليمان من بعده وذلك حين مات عبد العزيز بن مروان بمصر، فكتب عبد الملك إليه يلومه فيما صنع ويقول: كان سعيد والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم أنه ما عند سعيد شقاق ولا خلاف.
    قال الواقدي: وكان الذي دخل بالكتاب إلى عبد الملك في ضرب سعيد قبيصة بن ذؤيب، وكان على السكة والخاتم، فقال: يا أمير المؤمنين كيف يفتات عليك هشام بمثل هذا، ويضرب ابن المسيب، ويطوف به والله لا يكون أبداً أمحك ولا ألج منه حين فعل به ما فعل، أو سعيد ممن يخاف فتفه وغوائله ؟ قال عبد الملك: قد كتبت إليه أعلمه بكراهتي لما صنع به، وكتبت إلى سعيد أعتذر إليه، فلما قرأ سعيد كتاب عبد الملك قال: حكم الله بيني وبين من ظلمني، قال: وصنعت لسعيد ابنته طعاماً كثيراً حين حبس، وبعثت به إليه، فأرسل إليها لا تعودي لمثل هذا، فإني لا أدري ما قدر حبسي، وإنما غاية هشام بن إسماعيل أن يذهب بمالي فلا تزيديني علي القوت الذي كنت آكله في بيتي، وكان يصوم الدهر، وكان الوليد سيء الرأي في هشام، فلما ولي عزله عن المدينة، وأمر أن يوقف للناس، فدعا سعيد ولده ومواليه فقال: إن هذا الرجل قد كان أساء إلينا، فلا يذكرنه أحد منكم بسوء، ولا يعرضن له ولا يؤذينه بكلمة، فقد تركنا مجازاته لله والرحم، وإن كان ما علمته سيء النظر لنفسه، فأما كلامه فلا أكلمه أبداً.
    قال: وأرسل هشام إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أكفني أمر ابن المسيب فإنه رجل عند الناس كما علمت، فقال: لا بأس عليك منه، فقال: إنه حقود قال: أما ما صنعت به فلن يخرج من قلبه، ولكنك لن ترى منه سوءاً.
    وقال محمد بن سعيد لأبيه: خل بيننا وبينه، فقال سعيد: لا يعرض له، فإنك إن فعلت لم أكلمك بكلمة أبداً، وحج الوليد، فدخل مسجد المدينة، فأخرج الناس ولم يجترىء أحد على إخراج سعيد، وقيل له هذا أمير المؤمنين، فقال: لا والله لا قمت إلا في الوقت الذي كنت أقوم فيه، وجعل عمر بن عبد العزيز يعدل بالوليد عنه، وإن عليه لريطتين ما تساويان خمسة دراهم، وذلك لكراهة عمر أن يراه فينكر جلوسه، وحانت من الوليد التفاتة، فقال: من الجالس ؟ قيل: سعيد بن المسيب، ولو علم بمكان أمير المؤمنين لقام إليه، فقال الوليد: قد عرفت حاله، ونحن نأتيه، فنسلم عليه، فجاء الوليد حتى وقف على رأسه وقال: : كيف أنت أيها الشيخ وهو جالس فقال: بخير والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين، وكيف حاله ؟ فقال الوليد: خير حال والحمد لله، فانصرف وهو يقول لعمر: هذا بقية الناس، فكان عمر إذا حلف يقول: لا والذي صرف عن سعيد شر الوليد ما كان كذا، ولأفعلن كذا،
    وهو أثر متروك للواقدي .

    ــــــــــــ
    و الراجح من كل هذا ما قاله الشيخ علي الصلابي في كتابه الدولة الأموية عوامل الأزدهار وتدعيات الإنهيار :
    فكان موقف سعيد بن المسيب هو الامتناع عن البيعة لأن ذلك التزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في نظره لأنه نهى عن البيعة لاثنين، فلا بد من تنفيذ ذلك، مهما كلفه الامتناع من ثمن باهظ. قال عمران بن عبد الله: دعي سعيد للبيعة للوليد وسليمان بعد عبد الملك بن مروان فقال: لا أبايع لاثنين ما اختلف الليل والنهار. قال: فقيل له: أدخل من الباب واخرج من الباب الآخر، قال: والله لا يقتدي بي أحد من الناس.


    أدوات للباحثين على الشبكة: البحث في القرآن الكريم هنا تفاسيره هنا القرآن بعدة لغات هنا سماع القرآن هنا القراءات القرآنية هنا
    الإعجاز العلمي هنا بحث في حديث بإسناده هنا و هنا معاجم عربية هنا معاجم اللغات هنا
    كتب وورد
    هنا المكتبة الشاملة هنا كتب مصورة هنا و هنا وهنا وهنا وهنا وهنا و هنا وهنا وهناوهنا وهنا وهنا وهنا وهنا كتب مخطوطة هنا
    للتأكد من الأخبار العصرية موقع فتبينوا

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
    ردود 0
    24 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وداد رجائي
    بواسطة وداد رجائي
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 ينا, 2021, 05:31 ص
    ردود 2
    170 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
    ابتدأ بواسطة د. نيو, 27 نوف, 2020, 06:25 م
    ردود 4
    103 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة د. نيو
    بواسطة د. نيو
    ابتدأ بواسطة أحمد محمد أحمد السبر, 23 يول, 2020, 06:53 م
    ردود 0
    65 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة أحمد محمد أحمد السبر
    ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 20 ديس, 2019, 11:46 م
    ردود 3
    92 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة عاشق طيبة
    بواسطة عاشق طيبة
    يعمل...