بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعينه و نستغفره و نعود بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا .
.. من يهده الله فلا مظل له و من يظلل فلن تجد له ولياً مرشدا ..
.. و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده و رسوله صلى الله عليه و سلم ..
.. و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
.. ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الخبير ..
أسباب نشأة وتطور العلمانية والإلحاد في أوروبا
المصدر / من كتاب : العلمانية .. نشأتها وتطورها و آثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة للدكتور : سفر الحوالي
لتحميل الكتاب
http://www.stqou.com/books/view-717.html
في البداية وقبل الدخول في الموضوع لو عقدنا مقارنة بين حال المسلمين عند تمسكهم بدينهم وحالهم عندما يبتعدوا عن تعاليم الإسلام العظيم
سنجد في الاولى كما في زمن الخلافة الإسلامية كانوا سادت العالم وأوائل الشعوب في التقدم والعلم ، أما في الثانية كما حالنا اليوم التأخر في كل شئ وما سبب ذلك إلا بعدنا عن ديننا العظيم .
الأمر في أوروبا عكس ذلك تماما فعندما سيطرة المسيحية والكنيسة بظلمها وخرافاتها وطغيانها على أوروبا ( التي أدعت زورا وبهتانا أنها دين سماوي ) غرقت في التأخر والجهل مما سبب ثورة الأوروبيين عليها فكانت العلمانية والإلحاد .
لقد ساد وهيمن على أوروبا في العصور الوسطى نظامين ألعن من بعضيهما وهما نظام الإقطاع ، وسيطرة الكنيسة على كل شيء ، وقد سبب النظامين السابقين بتأخر وجهل أوروبا إلى أبعد الحدود ، في المقابل وفي نفس الوقت نجد أن الإسلام أدى لتقدم المسلمين بشكل كبير لما يدعوا إليه من علم وعمل وتسامح ومساواة وعدل .
ما هو نظام الإقطاع ؟
" هو نظام اجتماعي اقتصادي سياسي حربي قائم على حيازة الأرض بشروط مخصوصة تحدد الروابط بين ملاك الأرض والقائمين بزراعتها أنتشر في أوروبا في العصور الوسطى "
وربما كان أبشع وأظلم النظم الاجتماعية في التاريخ ، ففي الفترة التي كان فیھا الشرق المسلم ينعم بالحیاة في ظل أفضل وأعدل مجتمع عرفه التاريخ كان الغرب المسیحي يرزح تحت نیر ھذا النظام البغیض .
بدأ نظام الإقطاع باقتطاع الملوك والأمراء مساحات من الأراضي إلى من يدينون لهم بالولاء، وذلك مدى حياتهم، ثم أصبح ذلك أمرًا وراثيًا، فأمير الإقطاعية هو الحاكم المطلق في إقطاعيته، هو المالك لكل شيء والباقون عبيد.
ولم يكن مساوئ النظام الإقطاعي في الجانب المالي فحسب، بل كان للإقطاعي سلطات أخرى حصل عليها، والمدهش حقاً هو تلك القائمة الطويلة من الواجبات التي يؤديها الرقيق للمالك، عدا خضوعه المطلق لسلطته وارتباطه المحكم بإقطاعيته:
1- ثلاث ضرائب نقدية في العام.
2- جزء من محصوله وماشيته.
3- العمل سخرة كثيراً من أيام السنة.
4- أجر على استعمال أدوات المالك في طعامه وشرابه.
5- أجر للسماح بصيد السمك أو الحيوان البري.
6- رسم إذا رفع قضية أمام محاكم المالك.
7- ينضم إلى فيلق المالك إذا نشبت حرب.
8- يفتدي سيده إذا أسر.
9- يقدم الهدايا لابن المالك إذا رقي لمرتبة الفرسان.
10- ضريبة على كل سلعة يبيعها في السوق.
11- لا يبيع سلعة إلا بعد بيع سلعة المالك نفسها بأسبوعين.
12- يشتري بعض بضائع سيده وجوباً.
13- غرامة إذا أرسل ابنه ليتعلم أو وهبه للكنيسة.
14- ضريبة مع أذن المالك إذا تزوج هو أو أحد أبنائه من خارج الضيعة.
15- حق الليلة الأولى! وهي أن يقضي السيد مع عروس رقيقه الليلة الأولى، وكان يسمح له أحياناً أن يفتديها بأجر، وقد بقي بصورته هذه في بافاريا إلى القرن الثامن عشر.
16- وراثة تركته بعد موته.
17- ضريبة سنوية للكنيسة، وضريبة تركات للقائد الذي يدافع عن المقاطعة .
وقد أدى النظام الإقطاعي إلى تحول أغلب أوروبا إلى مجتمعات ريفية فقيرة، واندثرت المدنية في الكثير من الأقطار الأوروبية، كما انحصر المجتمع إلى عدة طبقات:[/ SIZE]
1- السيد المالك: هو المسيطر الفعلي وصاحب النفوذ القوي في هذا النظام، وقد كان يملك حقوقاً لا حصر لها في حين ليس عليه أي واجبات حيث ( كان من حقه أن يضرب رقيق أرضه أو يقتله في بعض الأماكن أو الأحوال دون أن يخشى عقاباً، وكانت له في أملاكه كل السلطات القضائية والعسكرية، وكان يستفيد فوق ما يجب من الغرامات التي تفرضها محاكم الضيعة... وكان في وسع السيد الإقطاعي أن يمتلك أكثر من ضيعة واحدة... وقد يكون له قصر حصين في كل واحدة منها، وكان قصره يهدف إلى حماية سكانه أكثر مما يهدف إلى راحتهم... يحيط به خندق عميق عريض وسور متصل عال وأبواب حديدية؛ وفي وسطه برج حجري دائري يسكن فيه السيد وأسرته، وكانت جدرانه الحجرية المنيعة عماد قوة الملاك ضد مستأجريهم وضد الملك.
وكان الرجل الذي يمنعه كبرياؤه من أن يكون رقيق أرض، ولكنه أضعف من أن يعد لنفسه وسائل الدفاع العسكرية، يؤدي مراسم الولاء لشريف إقطاعي، يركع أمامه وهو أعزل عاري الرأس، ويضع يديه في يدي الشريف، ويعلن أنه رجل ذلك الشريف، ثم يقسم على بعض المخلفات المقدسة... أن يظل وفياً للسيد إلى آخر أيام حياته، ثم يرفعه السيد ويقبل ) .
2- رجل الدين: كان رجل الدين بسلطته الروحية سيداً إقطاعياً إلى حد ما، وكان يملك الإقطاعيات، ويتحلى بالألقاب الإقطاعية ، ويورث مرتبته لذريته.
يقول ديورانت: ( أصبحت الكنيسة أكبر ملاَّك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا، فقد كان "دير فلدا" مثلاً، يمتلك (15000) قصر صغير، وكان دير "سانت جول" يملك ألفين من رقيق الأرض، وكان الكوين فيتور -أحد رجال الدين- سيداً لعشرين ألفاً من أرقاء الأرض، وكان الملك هو الذي يعين رؤساء الأساقفة والأديرة، وكانوا يقسمون يمين الولاء كغيرهم من الملاك الإقطاعيين، ويلقبون بالدوق والكونت وغيرها من الألقاب الإقطاعية... وهكذا أصبحت الكنيسة جزءاً من النظام الإقطاعي ) .
35]- []العبد[/COLOR]: أباحت الكنيسة استرقاق المسلمين والأوروبيين الذين لم يعتنقوا الدين المسيحي، وكان آلاف من الأسرى الصقالبة أو المسلمين يوزعون عبيداً على الأديرة، وكان القانون الكنسي يقدر ثروة أراضي الكنيسة في بعض الأحيان بعدد من فيها من العبيد لا بقدر ما تساوي من المال، فقد كان العبد يعد سلعة من السلع كما يعده القانون الزمني سواء بسواء، وحرم على عبيد الكنائس أن يوصوا لأحد بأملاكهم، وحرم البابا جريجوري الأول على العبيد أن يكونوا قساوسة، أو أن يتزوجوا من المسيحيات الحرائر ) .
4- رقيق الأرض: لم يكن رقيق الأرض عبداً بمعنى الكلمة، لكن حاله لا يختلف عن العبد في شيء، والفارق بينهما أن العبد -في الأصل- إما أسير مغلوب وإما مخالف للسيد في الدين أو الجنس أو المذهب، بعكس الرقيق الذي هو أصيل في الإقطاعية، وينتمي إلى الدين والجنس اللذين ينتمي إليهما سيده.
والأصل في رقيق الأرض أنه رجل يفلح مساحة من الأرض يمتلكها سيد أو بارون، وكان في وسع المالك أن يطرده متى شاء، وكان من حقه في فرنسا أن يبيع الرقيق مستقلاً عن الأرض، أما في إنجلترا فقد حرم من مغادرة الأرض، وكان الذين يفرون من أرقاء الأرض يعاد القبض عليهم بنفس الصرامة التي يعاد بها القبض على العبيد، وهذا الصنف هو الصنف الغالب في الإقطاعيات، بل هو في الحقيقة يمثل مجموع سكان أوروبا تقريباً ( الأكثرية الساحقة من مجموع السكان ) باستثناء النبلاء ورجال الدين.
وقد كان انقسام المجتمع إلى هذه الطبقات سبب رئيسي وهو الحروب الصليبية، التي أثقلت أوروبا بالكثير من الأموال، ففرض الملوك الكثير من الضرائب على الإقطاعيين، وبدورهم لم يجد الإقطاعيين موردًا لتحصيل الضرائب إلا فرض الضرائب كذلك على ما يملكون من عبيد تحت أيديهم.
وأدى هذا إلى مزيد من الاستغلال للأرقاء من قبل أسيادهم، كي يعوض الأسياد عن الضرائب التي فرضتها الحكومة المركزية على إقطاعياتهم، ولم يَدُر ببال الملوك أن يفكروا في شأن الأرقاء، بل كان كل همهم أن تأتي الضريبة كاملة من أي طريق.
يتبع ...
الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعينه و نستغفره و نعود بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا .
.. من يهده الله فلا مظل له و من يظلل فلن تجد له ولياً مرشدا ..
.. و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده و رسوله صلى الله عليه و سلم ..
.. و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
.. ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الخبير ..
أسباب نشأة وتطور العلمانية والإلحاد في أوروبا
المصدر / من كتاب : العلمانية .. نشأتها وتطورها و آثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة للدكتور : سفر الحوالي
لتحميل الكتاب
http://www.stqou.com/books/view-717.html
في البداية وقبل الدخول في الموضوع لو عقدنا مقارنة بين حال المسلمين عند تمسكهم بدينهم وحالهم عندما يبتعدوا عن تعاليم الإسلام العظيم
سنجد في الاولى كما في زمن الخلافة الإسلامية كانوا سادت العالم وأوائل الشعوب في التقدم والعلم ، أما في الثانية كما حالنا اليوم التأخر في كل شئ وما سبب ذلك إلا بعدنا عن ديننا العظيم .
الأمر في أوروبا عكس ذلك تماما فعندما سيطرة المسيحية والكنيسة بظلمها وخرافاتها وطغيانها على أوروبا ( التي أدعت زورا وبهتانا أنها دين سماوي ) غرقت في التأخر والجهل مما سبب ثورة الأوروبيين عليها فكانت العلمانية والإلحاد .
لقد ساد وهيمن على أوروبا في العصور الوسطى نظامين ألعن من بعضيهما وهما نظام الإقطاع ، وسيطرة الكنيسة على كل شيء ، وقد سبب النظامين السابقين بتأخر وجهل أوروبا إلى أبعد الحدود ، في المقابل وفي نفس الوقت نجد أن الإسلام أدى لتقدم المسلمين بشكل كبير لما يدعوا إليه من علم وعمل وتسامح ومساواة وعدل .
ما هو نظام الإقطاع ؟
" هو نظام اجتماعي اقتصادي سياسي حربي قائم على حيازة الأرض بشروط مخصوصة تحدد الروابط بين ملاك الأرض والقائمين بزراعتها أنتشر في أوروبا في العصور الوسطى "
وربما كان أبشع وأظلم النظم الاجتماعية في التاريخ ، ففي الفترة التي كان فیھا الشرق المسلم ينعم بالحیاة في ظل أفضل وأعدل مجتمع عرفه التاريخ كان الغرب المسیحي يرزح تحت نیر ھذا النظام البغیض .
بدأ نظام الإقطاع باقتطاع الملوك والأمراء مساحات من الأراضي إلى من يدينون لهم بالولاء، وذلك مدى حياتهم، ثم أصبح ذلك أمرًا وراثيًا، فأمير الإقطاعية هو الحاكم المطلق في إقطاعيته، هو المالك لكل شيء والباقون عبيد.
ولم يكن مساوئ النظام الإقطاعي في الجانب المالي فحسب، بل كان للإقطاعي سلطات أخرى حصل عليها، والمدهش حقاً هو تلك القائمة الطويلة من الواجبات التي يؤديها الرقيق للمالك، عدا خضوعه المطلق لسلطته وارتباطه المحكم بإقطاعيته:
1- ثلاث ضرائب نقدية في العام.
2- جزء من محصوله وماشيته.
3- العمل سخرة كثيراً من أيام السنة.
4- أجر على استعمال أدوات المالك في طعامه وشرابه.
5- أجر للسماح بصيد السمك أو الحيوان البري.
6- رسم إذا رفع قضية أمام محاكم المالك.
7- ينضم إلى فيلق المالك إذا نشبت حرب.
8- يفتدي سيده إذا أسر.
9- يقدم الهدايا لابن المالك إذا رقي لمرتبة الفرسان.
10- ضريبة على كل سلعة يبيعها في السوق.
11- لا يبيع سلعة إلا بعد بيع سلعة المالك نفسها بأسبوعين.
12- يشتري بعض بضائع سيده وجوباً.
13- غرامة إذا أرسل ابنه ليتعلم أو وهبه للكنيسة.
14- ضريبة مع أذن المالك إذا تزوج هو أو أحد أبنائه من خارج الضيعة.
15- حق الليلة الأولى! وهي أن يقضي السيد مع عروس رقيقه الليلة الأولى، وكان يسمح له أحياناً أن يفتديها بأجر، وقد بقي بصورته هذه في بافاريا إلى القرن الثامن عشر.
16- وراثة تركته بعد موته.
17- ضريبة سنوية للكنيسة، وضريبة تركات للقائد الذي يدافع عن المقاطعة .
وقد أدى النظام الإقطاعي إلى تحول أغلب أوروبا إلى مجتمعات ريفية فقيرة، واندثرت المدنية في الكثير من الأقطار الأوروبية، كما انحصر المجتمع إلى عدة طبقات:[/ SIZE]
1- السيد المالك: هو المسيطر الفعلي وصاحب النفوذ القوي في هذا النظام، وقد كان يملك حقوقاً لا حصر لها في حين ليس عليه أي واجبات حيث ( كان من حقه أن يضرب رقيق أرضه أو يقتله في بعض الأماكن أو الأحوال دون أن يخشى عقاباً، وكانت له في أملاكه كل السلطات القضائية والعسكرية، وكان يستفيد فوق ما يجب من الغرامات التي تفرضها محاكم الضيعة... وكان في وسع السيد الإقطاعي أن يمتلك أكثر من ضيعة واحدة... وقد يكون له قصر حصين في كل واحدة منها، وكان قصره يهدف إلى حماية سكانه أكثر مما يهدف إلى راحتهم... يحيط به خندق عميق عريض وسور متصل عال وأبواب حديدية؛ وفي وسطه برج حجري دائري يسكن فيه السيد وأسرته، وكانت جدرانه الحجرية المنيعة عماد قوة الملاك ضد مستأجريهم وضد الملك.
وكان الرجل الذي يمنعه كبرياؤه من أن يكون رقيق أرض، ولكنه أضعف من أن يعد لنفسه وسائل الدفاع العسكرية، يؤدي مراسم الولاء لشريف إقطاعي، يركع أمامه وهو أعزل عاري الرأس، ويضع يديه في يدي الشريف، ويعلن أنه رجل ذلك الشريف، ثم يقسم على بعض المخلفات المقدسة... أن يظل وفياً للسيد إلى آخر أيام حياته، ثم يرفعه السيد ويقبل ) .
2- رجل الدين: كان رجل الدين بسلطته الروحية سيداً إقطاعياً إلى حد ما، وكان يملك الإقطاعيات، ويتحلى بالألقاب الإقطاعية ، ويورث مرتبته لذريته.
يقول ديورانت: ( أصبحت الكنيسة أكبر ملاَّك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا، فقد كان "دير فلدا" مثلاً، يمتلك (15000) قصر صغير، وكان دير "سانت جول" يملك ألفين من رقيق الأرض، وكان الكوين فيتور -أحد رجال الدين- سيداً لعشرين ألفاً من أرقاء الأرض، وكان الملك هو الذي يعين رؤساء الأساقفة والأديرة، وكانوا يقسمون يمين الولاء كغيرهم من الملاك الإقطاعيين، ويلقبون بالدوق والكونت وغيرها من الألقاب الإقطاعية... وهكذا أصبحت الكنيسة جزءاً من النظام الإقطاعي ) .
35]- []العبد[/COLOR]: أباحت الكنيسة استرقاق المسلمين والأوروبيين الذين لم يعتنقوا الدين المسيحي، وكان آلاف من الأسرى الصقالبة أو المسلمين يوزعون عبيداً على الأديرة، وكان القانون الكنسي يقدر ثروة أراضي الكنيسة في بعض الأحيان بعدد من فيها من العبيد لا بقدر ما تساوي من المال، فقد كان العبد يعد سلعة من السلع كما يعده القانون الزمني سواء بسواء، وحرم على عبيد الكنائس أن يوصوا لأحد بأملاكهم، وحرم البابا جريجوري الأول على العبيد أن يكونوا قساوسة، أو أن يتزوجوا من المسيحيات الحرائر ) .
4- رقيق الأرض: لم يكن رقيق الأرض عبداً بمعنى الكلمة، لكن حاله لا يختلف عن العبد في شيء، والفارق بينهما أن العبد -في الأصل- إما أسير مغلوب وإما مخالف للسيد في الدين أو الجنس أو المذهب، بعكس الرقيق الذي هو أصيل في الإقطاعية، وينتمي إلى الدين والجنس اللذين ينتمي إليهما سيده.
والأصل في رقيق الأرض أنه رجل يفلح مساحة من الأرض يمتلكها سيد أو بارون، وكان في وسع المالك أن يطرده متى شاء، وكان من حقه في فرنسا أن يبيع الرقيق مستقلاً عن الأرض، أما في إنجلترا فقد حرم من مغادرة الأرض، وكان الذين يفرون من أرقاء الأرض يعاد القبض عليهم بنفس الصرامة التي يعاد بها القبض على العبيد، وهذا الصنف هو الصنف الغالب في الإقطاعيات، بل هو في الحقيقة يمثل مجموع سكان أوروبا تقريباً ( الأكثرية الساحقة من مجموع السكان ) باستثناء النبلاء ورجال الدين.
وقد كان انقسام المجتمع إلى هذه الطبقات سبب رئيسي وهو الحروب الصليبية، التي أثقلت أوروبا بالكثير من الأموال، ففرض الملوك الكثير من الضرائب على الإقطاعيين، وبدورهم لم يجد الإقطاعيين موردًا لتحصيل الضرائب إلا فرض الضرائب كذلك على ما يملكون من عبيد تحت أيديهم.
وأدى هذا إلى مزيد من الاستغلال للأرقاء من قبل أسيادهم، كي يعوض الأسياد عن الضرائب التي فرضتها الحكومة المركزية على إقطاعياتهم، ولم يَدُر ببال الملوك أن يفكروا في شأن الأرقاء، بل كان كل همهم أن تأتي الضريبة كاملة من أي طريق.
يتبع ...
تعليق