الصوفية الوجه الآخر

تقليص

عن الكاتب

تقليص

المهندس زهدي جمال الدين مسلم اكتشف المزيد حول المهندس زهدي جمال الدين
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 10 (0 أعضاء و 10 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • المهندس زهدي جمال الدين
    12- عضو معطاء

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 3 ديس, 2006
    • 2169
    • مسلم

    #31
    ادعاء رؤية العوالم العلوية والسفلية:

    ولا يتوقف هذا الهذيان الذي يطالعنا به الجيلي في كتابه لحظة واحدة فهو يزعم أنه قد كشفت له الحجب فرأى العالم عاليه وسافله وشاهد الملائكة جميعاً وخاطبهم والرسل والأنبياء؛ فها هو يقول ويدعي:
    "وفي هذا المشهد (يعني بالمشهد اتصال الصوفي بأرواح المخلوقات التي وجدت في الحياة والتي لم توجد أيضاً لأن الأرواح في زعمه مخلوقة أبداً لا تفنى)، اجتماع الأنبياء والأولياء بعضهم ببعض أقمت فيه بزبيد (زبيد: مدينة من مدن اليمن المشهورة) بشهر ربيع الأول في سنة ثمانمائة من الهجرة النبوية فرأيت جميع الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين والأولياء والملائكة العالين، والمقربين، وملائكة التسخير، ورأيت روحانية الموجودات جميعها، وكشفت عن حقائق الأمور على ما هي عليه من الأزل إلى الأبد" (انظر) ويستطرد قائلاً "وتحققت بعلوم إلهية لا يسع الكون أن نذكرها فيه" (ص97 ج2).
    ويستطرد الجيلي في هذيانه وكفرياته قائلاً عن مشاهداته المزعومة في خلق السماء الثانية: "رأيت نوحاً عليه السلام في هذه السماء جالساً على سرير خلق من نور الكبرياء بين أهل المجد والثناء فسلمت عليه وتمثلت بين يديه فرد علي السلام ورحب بي وقام".
    إلى أن يقول: "وروحانية الملك الحاكم على جميع ملائكة هذه السماء عجائب من آيات الرحمن وغرائب من أسرار الأكوان لا يسعنا إذاعتها في أهل هذا الزمان" (ص100) أ.ﻫ.
    ويستطرد الجيلي مبيناً مشاهداته المزعومة في السماء الثالثة وأنه رأى يوسف عليه السلام وأنه دار بينهما هذا الحديث الذي يزعم الجيلي في آخره أنه كان يعلم هذه العلوم التي أخبره يوسف بها قبل أن يتفوه بها يوسف.
    وما هذه العلوم.. إنها هذه الكفريات والهذيانات نفسها وهذا نص عبارته في ذلك:
    "اجتمعت في هذه السماء مع يوسف عليه السلام، فرأيته على سرير من الأسرار كاشفاً عن رمز الأنوار عالماً بحقيقة ما انعقدت عليه أكلة الأحبار متحققاً بأمر المعاني، مجاوزاً عن قيد الماء والأواني فسلمت إلى تحية وافد إليه فأجاب وحياً ثم رحب بي وبيا.
    فقلت له: سيدي أسألك عن قولك [رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ](يوسف : 101 ). أي المملكتين تعني وعن تأويل أي الأحاديث تكنى.
    فقال: أردت المملكة الرحمانية المودعة في النكتة الإنسانية (يعني أن يوسف عليه السلام أجابه بأن الله أطلعه على وجود الرحمن في كيان الإنسان).
    وتأويل الأحاديث: الأمانات الدائرة في الألسنة الحيوانية.
    فقلت له يا سيدي أليس هذا المودع في التلويح حللاً من البيان والتصريح.
    فقال: اعلم أن للحق تعالى أمانة في العباد يوصلها المتكلمون بها إلى أهل الرشاد.
    قلت: كيف يكون للحق أمانة وهو أصل الوجود في الظهور والإبانة.
    فقال: ذلك وصفه وهذا شأنه وذاك حكمه وهذه عبارته، والأمانة يجعلها الجاهل في اللسان ويحملها العالم في السر والجنان، والكل في حيرة عنه، ولم يفز غير العارف بشيء منه. فقلت: وكيف ذلك.
    فقال: اعلم أيدك الله وحماك أن الحق تعالى جعل أسراره كدرر إشارات مودعة في أسرار عبارات (يعني أن سر الخلق قد صحبه الله في أسرار العبارات التي يوحيها إلي)، فهي ملقاة في الطريق دائرة على ألسن الفريق، يجهل العام إشارتها، ويعرف الخاص ما سكن عبارتها، فيؤولها على حسب المقتضى ويؤول بها إلى حيث المرتضى، وهل تأويل الأحلام إلا رشحة من هذا البحر أو حصاة من جنادل هذا القفر.
    فعلمت ما أشار إليه الصديق ولم أكن قبله جاهلاً بهذا التحقيق، ثم تركته وانصرفت في الرفيق الأعلى ونعم الرفيق" أ.ﻫ. (ص101).
    ثم يزعم الجيلي أن السماء الرابعة هي قلب الشمس وأن فيها إدريس وأن أكثر الأنبياء في دائرة هذا الفلك المكين مثل عيسى وسليمان وداود وإدريس وجرجيس.. وغيرهم.. الخ.
    أسمعتم يا مسلمون نبياً من أنبياء الله يسمى جرجيس،.. ها هو الجيلي اطلع عليه في السماء وجاءكم باسمه كما جاءكم باسم ملك يسمى توحائيل.. أنظرتم كيف يكون الكشف وعلم الغيب. هذه هي نماذجه.
    وأما السماء الخامسة عند الجيلي فهي سماء الكوكب المسمى بهرام.. وحاكم هذه السماء عزرائيل وهو روحانية المريخ صاحب الانتقام والتوبيخ.. (هكذا والله..).
    ويستطرد الجيلي فيصف السماء السادسة فهي عنده كوكب المشتري..
    ويقول "رأيت فيها موسى عليه السلام متمكناً في هذا المقام واضعاً قدمه على هذه السماء قابضاً بيمينه ساق سدرة المنتهى سكران من خمر تجلي الربوبية..".
    أي أن موسى انطبعت في مرآة علمه أشكال الأكوان وتجلت فيه ربوبية الملك الديان.. وأنه دار بينه وبين الجيلي هذا الحوار..
    يقول الجيلي بالنص:
    "فوقفت متأدباً بين يديه، وسلمت بتحقيق مرتبته عليه، فرفع رأسه من سكرة الأزل ورحب بي ثم أهل.
    فقلت له: يا سيدي قد أخبر الناطق بالجواب الصادق في الخطاب، أنه قد برزت لك خلعة لن تراني من ذلك الجناب، وحالتك هذه غير حالة أهل الحجاب، فأخبرني بحقيقة هذا الأمر العجاب.
    فقال: اعلم أنني لما خرجت من مصر أرضي إلى حقيقة فرضي، ونوديت من طور قلبي بلسان ربي من جانب شجرة الأحدية في الوادي المقدس بأنوار الأزلية [إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ].(طه : 14 ). فلما عبدته كما أمر في الأشياء، وأثنيت عليه بما يستحقه من الصفات والأسماء تجلت أنوار الربوبية لي فأخذني عني، فطلبت البقاء في مقام اللقاء، ومحال أن يثبت المحدث لظهور القديم، فنادى لسان سري مترجماً عن ذلك الأمر العظيم، فقلت: [رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ] فأدخل بانيتي في حضرة القدس عليك فسمعت الجواب من ذلك الجناب [قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ] } وهي ذاتك المخلوقة من نوري في الأزل، { فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ] بعد أن أظهر القديم سلطانه { فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ] وجذبتني حقيقة الأزل وظهر القديم على المحدث [جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً ] فلم يبق في القديم إلا القديم، ولم يتجل بالعظمة إلا العظيم، هذا على أن استيفاؤه غير ممكن وحصره غير جائز، فلا تدرك ماهيته ولا ترى ولا يعلم كنهه ولا يدري، فلما اطلع ترجمان الأزل على هذا الخطاب أخبركم به من أم الكتاب (أي أن الجيلي اطلع على هذه المكاشفة من أم الكتاب) فترجم بالحق والصواب، ثم تركته وانصرفت وقد اغترفت من بحره ما اغترفت" (ص104) أ.ﻫ.
    ويستطرد الجيلي مبيناً مشاهداته في هذه السماء فيقول:
    "ثم إني رأيت ملائكة هذه السماء مخلوقة على سائر أنواع الحيوانات فمنهم من خلقه الله تعالى على هيئة الطائر وله أجنحة لا تنحصر للحاصر، وعبادة هذا النوع خدمة الأسرار ورفعها من حضيض الظلمة إلى عالم الأنوار.
    ومنهم من خلقه الله تعالى على هيئة الخيول المسومة، وعبادة هذه الطائفة المكرمة رفع القلوب من سجن الشهادة إلى فضاء الغيوب.
    ومنهم من خلقه الله تعالى على هيئة النجائب وفي صورة الركائب، وعبادة هذا النوع رفع النفوس إلى عالم المعاني من عالم المحسوس.
    ومنهم من خلقه الله تعالى على هيئة البغال والحمير!! وعبادة هذا النوع رفع الحقير وجبر الكسير والعبور من القليل إلى الكثير.
    ومنهم من خلقه الله تعالى على صورة الإنسان وعبادة هؤلاء حفظ قواعد الأديان.
    ومنهم من خلق على صفة بسائط الجواهر والأعراض، وعبادة هؤلاء إيصال الصحة إلى الأجسام المراض.
    ومنهم من خلق على أنواع الحبوب والمياه وسائر المأكولات والمشروبات، وعبادة هؤلاء إيصال الأرزاق إلى مرزوقها من سائر المخلوقات.
    ثم إني رأيت في هذه السماء ملائكة مخلوقة بحكم الاختلاط مزجاً، فالنصف من نار والنصف من ماء عقد ثلجاً، فلا الماء يفعل في إطفاء النار ولا النار تغير الماء عن ذلك القرار" (ص105).
    وأما السماء السابعة التي شاهدها الجيلي وجاء يقص علينا مشاهداته فهي السماء السابعة، وهي عنده زحل، ويحكى أنه شاهد فيها إبراهيم عليه السلام قائماً في هذه السماء وله منصة يجلس عليها على يمين العرش من فوق الكرسي وهو يتلو آية [الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء ].(إبراهيم : 39 )..
    ويستطرد الجيلي بعد ذلك تبجحاً أنه صعد إلى سدرة المنتهى وأنه رأى هناك الملائكة وأنها على هيئات مختلفة وأمامهم سبعة، ثم ثلاثة ثم ملك مقدم يسمى عبد الله.. وأنهم أخبروه أنهم لم يسجدوا لآدم ـ هكذا ـ..
    علماً بأن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه الكريم: [فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ] (الحجر:30-31).
    فأكد الله سبحانه سجود الملائكة بكل وجميع ولكن جاءنا الجيلي ليخبرنا بأن الملائكة هؤلاء الذين شاهدهم في السماء لم يؤمروا بالسجود لآدم فاكتشف ما لم يعلمه الله ورسوله.
    وهذا نص عبارته في ذلك:
    "ثم رأيت سبعة جملة هذه المائة متقدمة عليهم يسمون قائمة الكروبيين، ورأيت ثلاثة مقدمين على هذه السبعة يسمون بأهل المراتب والتمكين، ورأيت واحداً مقدماً على جميعهم يسمى عبد الله، وكل هؤلاء عالون ممن لم يؤمروا بالسجود لآدم.
    ومن فوقهم كالملك المسمى بالنون والملك المسمى بالقلم وأمثالهم أيضاً عالون، وبقية ملائكة القرب دونهم، وتحتهم مثل جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وأمثالهم ورأيت في هذا الفلك من العجائب والغرائب ما لا يسعنا شرحه". (ص107).
    ملحوظة هامة:(ليس في ملائكة الله عز وجل ملك يسمى عزرائيل ولم يثبت ذلك في حديث صحيح أو ضعيف ولكنه اسم يجري على ألسنة العامة، ولكن هؤلاء الجهلة يلتقطون مثل هذه الأسماء ويجعلونها كشفاً وعلماً لدنياً وروحياً وإلهاماً لهم فانظر وتعجب..).
    ولا يكتفي الجيلي ببيان كفرياته وهذيانه في السماء فينتقل إلى الأرض وهي عنده ليست أرضاً واحدة بل هو يزعم أنه شاهد سبعة أرضين وسبعة بحار ومحيطات.
    وهاك بعضاً من هذا الهذيان الذي يزعم فيه الجيلي أنه رأى فيه الخضر وموسى، وأفلاطون وأرسطو والإسكندر، إلى هذيان وكفر لا يسع المؤمن عند سماعه وقراءته إلا أن يقول (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك) وأن يقول أيضاً (الحمد لله الذي عافانا وما علينا ووقانا).
    وهاك أخي القارئ شيئاً من هذا الهذيان:
    "إن الله تعالى لما بسط الأرض جعلها على قرني ثور يسمى البرهوت وجعل الثور على ظهر الحوت في هذا البحر يسمى البهموت، وهو الذي أشار إليه الحق تعالى بقوله [لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ].(طه : 6 ).
    ومجمع البحرين هذا هو الذي اجتمع فيه موسى عليه السلام بالخضر على شطه، لأن الله تعالى كان قد وعده بأن يجتمع بعبد من عباده على مجمع البحرين، فلما ذهب موسى وفتاه حاملاً لغذائه ووصلا إلى مجمع البحرين لم يعرفه موسى عليه السلام إلا بالحوت الذي نسيه الفتى على الصخرة وكان البحر مداً، فلما جزر بلغ الماء إلى الصخرة فصارت حقيقة الحياة في الحوت، فاتخذ سبيله في البحر سرباً، فعجب موسى من حياة حوت ميت قد طبخ على النار، وهذا الفتى اسمه يوشع بن نون، وهو أكبر من موسى عليه السلام في السن سنة شمسية وقصتهما مشهورة، وقد فصلنا ذلك في رسالتنا الموسومة (بمسامرة الخليل ومسايرة الصحيب) فليتأمل فيه. سافر الإسكندرية ليشرب من هذا الماء اعتماداً على كل كلام أفلاطون أن من شرب من ماء الحياة فإنه لا يموت، لأن أفلاطون كان قد بلغ هذا المحل وشرب من هذا البحر فهو باق إلى يومنا هذا في جبل يسمى دواوند، وكان أرسطو تلميذ أفلاطون وهو أستاذ الإسكندر، صحب الإسكندر في مسيره إلى مجمع البحرين، فلما وصل إلى أرض الظلمات ساروا وتبعهم نفر من العسكر وأقام الباقون في مدينة تسمى ثُبُتْ برفع الثاء المثلثة والباء الموحدة وإسكان التاء المثناة من فوق وهو حد ما تطلع الشمس عليه، وكان في جملة من صحب الإسكندر من عسكر الخضر عليه السلام، فساروا مدة لا يعلمون عددها ولا يدركون أمدها وهم على ساحل البحر، وكلما نزلوا منزلاً شربوا من الماء، فلما ملوا من طول السفر أخذوا في الرجوع إلى حيث أقام العسكر، وقد كانوا مروا بمجمع البحرين على طريقهم من غير أن يشعروا به، فما أقاموا عنده ولا نزلوا به لعدم العلامة.
    وكان الخضر عليه السلام قد ألهم بأن أخذ طيراً فذبحه وربطه على ساقه، فكان يمشي ورجله في الماء، فلما بلغ هذا المحل انتعش الطير واضطرب عليه، فأقام عنده وشرب من ذلك الماء واغتسل منه وسبح فيه، فكتمه عن الإسكندر وكتم أمره إلى أن خرج، فلما نظر أرسطو إلى الخضر عليه السلام علم أنه قد فاز من دونهم بذلك، فلزم خدمته إلى أن مات واستفاد من الخضر هو و الإسكندر علوماً جمة".ا.ﻫ. (ص117).
    ويستطرد الجيلي شارحاً له عن طريق كشوفاته وهذيانه فيقول:
    ".. واعلم أن الخضر عليه السلام قد مضى ذكره فيما تقدم، خلقه الله تعالى من حقيقته
    [وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ](الحجر : 29 ).
    فهو روح الله، فلهذا عاش إلى يوم القيامة، اجتمعت به وسألته، ومنه أروي جميع ما في هذا البحر المحيط (جميع الصوفية يزعمون أن كل ما ينقلونه من علومهم يسمعونه من الخضر، وقد زاد الجيلي أن الخضر مخلوق من روح الله.. ولا يعلم هذا الجاهل أن آدم هو الذي أمر الله جبريل أن ينفخ فيه وجبريل هو روح الله وليس الخضر خلقاً خاصاً).
    واعلم أن هذا البحر المحيط المذكور، وما كان منه منفصلاً عن جبل (ق) مما يلي الدنيا فهو مالح وهو البحر المذكور، وما كان منه متصلاً بالجبل فهو وراء المالح، فإنه البحر الأحمر الطيب الرائحة وما كان من وراء جبل (ق) متصلاً بالجبل الأسود فإنه البحر الأخضر، وهو من الطعم كالسم القاتل، ومن شرب منه قطرة هلك، وفني لوقته، وما كان منه وراء الجبل بحكم الانفصال والحيطة والشمول بجميع الموجودات فهو البحر الأسود الذي لا يعلم له طعم ولا ريح ولا يبلغه أحد، بل وقع به الأخبار، فعلم وانقطع عن الآثار فكتم.
    وأما البحر الأحمر الذي نشره كالمسك الأذفر فإنه يعرف بالبحر الأسمى ذي الموج الأنمى، رأيت على ساحل هذا البحر رجالاً مؤمنين، ليس لهم عبادة إلا تقريب الخلق إلى الحق، قد جبلوا على ذلك، فمن عاشرهم أو صاحبهم عرف الله بقدر معاشرتهم، وتقرب إلى الله بقدر مسايرتهم، وجوههم كالشمس الطالع والبرق اللامع، يستضيء بهم الحائر في تيهات القفار، ويهتدي بهم التائه في غيابات البحار، إذا أرادوا السفر في هذا البحر نصبوا شركاً لحيتانه، فإذا اصطادوا ركبوا عليها لأن مراكب هذا البحر حيتانه، ومكتسبه لؤلؤه ومرجانه، ولكنهم عند أن يستووا على ظهر هذا الحوت ينتعشون بطيب رائحة البحر فيغمى عليهم، فلا يفيقون إلى أنفسهم، ولا يرجعون إلى محسوسهم ما داموا راكبين في هذا البحر، فتسير بهم الحيتان إلى أن يأخذوا حدها من الساحل، فتقذف بهم في منزل من تلك المنازل، فإذا وصلوا إلى البر وخرجوا من ذلك البحر، رجعت إليهم عقولهم، وبان لهم محصولهم فيظفرون بعجائب وغرائب لا تحصر، أقل ما يعبر عنها، بأنها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" (ص118) .
    وفي ختام هذا الهذيان يقول الجيلي:
    "وأما البحر السابع فهو الأسود القاطع، لا يعرف سكانه، ولا يعلم حيتانه، فهو مستحيل الوصول غير ممكن الحصول، لأنه وراء الأطوار وآخر الأكوار والأدوار، لا نهاية لعجائبه، ولا آخر لغرائبه، قصر عنه المدى فطال، وزاد على العجائب حتى كأنه المحال، فهو بحر الذات الذي حارت دونه الصفات، وهو المعدوم الموجود والموسوم والمفقود والمعلوم والمجهول والمنقول والمحتوم والمعقول، وجوده فقدانه، أوله محيط بآخره وباطنه مستو على ظاهره، لا يدرك ما فيه، ولا يعلمه أحد فيستوفيه، فلنقبض العنان عن الخوض فيه والبيان
    [وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ] وعليه التكلان" (ص118) أ.ﻫ.
    وهكذا يكون الهذيان مختوماً بقوله تعالى [وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ]. (الأحزاب : 4 ).أعرفتم الحق الذي يدعونا إليه الجيلي ومن على شاكلته من هؤلاء الملاحدة والزنادقة؟ إنه هذا الهذيان الذي لا أول له ولا آخر.

    تعليق

    • المهندس زهدي جمال الدين
      12- عضو معطاء

      حارس من حراس العقيدة
      عضو شرف المنتدى
      • 3 ديس, 2006
      • 2169
      • مسلم

      #32

      الباب الثاني

      الصوفية في الميزان

      الفصل الأول

      إبليس عندهم من أهل الجنة

      فمن المعلوم يقيناً عند كل مسلم أن إبليس هو رأس الشر والبلاء وأنه عدو لآدم وذريته منذ امتنع عن السجود لآدم وطرده الله بسبب ذلك من رحمته وجعل الله عليه اللعنة إلى يوم يبعثون وأنه يكون في الآخرة في جهنم كما قال تعالى:
      [وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)].(إبراهيم:22).
      والشيطان في هذه الآية هو إبليس بإجماع المفسرين وكذلك قوله تعالى: [فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101)]. (الشعراء:94-101).
      ولا شك أن جنود إبليس يستحيل أن يدخلوا النار ولا يدخل هو معهم إذ كيف يدخل الجنود ويبقى رأس الجند من الناجين.
      ولعل قائلاً يقول ولماذا هذا التطويل في بيان أن إبليس من أهل الجحيم، إن هذا أمر بديهي معلوم عند جميع أبناء الإسلام.
      وأقول: إن هذا الأمر البديهي المعلوم من الدين بالضرورة التي يعتبر جاحداً وناكراً وكافراً مرتداً من نفاه هو ما أثبت ابن عربي تبعاً في زعمه لسهل بن عبد الله التستري ضده، وهو أن إبليس من الناجين وأنه لن يدخل النار أبداً وأنه أعني إبليس التقى في زعم ابن عربي بسهل بن عبد الله التستري الصوفي كان من كبار مشايخهم في القرن الثالث فناقشه في هذه المسألة وبين له أنه من الناجين، وأنه لن يدخل النار وأن الله سبحانه وتعالى سيغير ما أثبته في القرآن لأن الله لا يجب عليه شيء وما دام أنه لا يجب عليه شيء ولا يقيده قيد، فإنه قد قضى بنجاة إبليس يوم القيامة، وتبرئته من جميع التهم المنسوبة إليه والعفو التام عنه..
      انظروا يا مسلمين هذا الكشف الصوفي ما أعظمه وأطرفه بل ما أفجره وأكفره.. إن ما أتعب النبي محمداً صلى الله عليه وسلم فيه نفسه طيلة ثلاثة وعشرين عاماً من بيان قصة إبليس وآدم، ومن لعن إبليس دائماً، واستفتاح صلاته بالاستعاذة منه، وقوله صلى الله عليه وسلم له عندما خنقه [ألعنك بلعنة الله.. ألعنك بلعنة الله.. ألعنك بلعنة الله..] وذلك عندما جاء إبليس اللعين هذا بشهاب من نار ووضعه في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي..
      هذا الذي أتعب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ومن بعده سائر الصحابة والمسلمين؛.. جاء ابن عربي اليوم ليبين لنا عن شيخه المزعوم التستري أنه كان خطأً في خطأ، وأنه يوم القيامة يكون في الجنة مع من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.. وأن هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة..
      ويعني ابن عربي بذلك القول الأشاعرة لأنهم يقولون (لا يجب على الله شيء) وما دام لا يجب عليه شيء فيجوز أن يدخل إبليس الجنة..
      وهذا الجائز العقلي عن الأشاعرة جعله ابن عربي ممكناً وواقعاً لأن شيخه القشيري التقى بإبليس وناقشه في هذه المسألة وتحقق منه أنه سيكون يوم القيامة من الفائزين الفالحين..
      وهذا نص الحكاية المزعومة وتعقيب ابن عربي عليها بنصها من كتاب اليواقيت والجواهر..
      "وذكر الشيخ محيي الدين في الباب الثالث والتسعين ومائتين أيضاً ما يؤيد اعتقاد أهل السنة والجماعة من أن الحق تعالى لا يجب عليه شيء وهو أن سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه قال لقيت إبليس مرة فعرفته وعرف مني أنني عرفته فوقع بيني وبينه مناظرة فقال لي وقلت له وعلا بيننا الكلام وطال النزاع بحيث إنه وقف ووقفت حائراً وحرت فكان آخر ما قال لي:
      يا سهل إن الله تعالى قال ورحمتي وسعت كل شيء نعم ولا يخفى عليك أنني شيء ولفظة كل تقتضي الإحاطة والعموم إلا ما خص وشيء أنكر النكرات فقد وسعتني رحمته أنا وجميع العصاة فبأي دليل تقولون إن رحمة الله لا تنالنا.
      قال سهل: فو الله لقد أخرسني وحيرني بلطافة سياقه وظفره بمثل هذه الآية وفهمه منها ما لم أكن أفهمه وعلمه من دلالتها ما لم أكن أعلمه فبقيت حائراً متفكراً وأخذت أردد الآية في نفسي فلما جئت إلى قوله تعالى فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة إلى آخر النسق فسررت بها وظننت أني قد ظفرت بحجة وظهرت عليه بما يقصم ظهره.
      فقلت له: تعال يا ملعون، إن الله تعالى قد قيدها بنعوت مخصوصة تخرجك عن ذلك العموم فقال سأكتبها للذين يتقون إلى آخر النسق.
      فتبسم إبليس وقال: يا سهل، التقييد صفتك لا صفته تعالى.
      ثم قال: يا سهل ما كنت أظن أن يبلغ بك الجهل بالله ما رأيت وما ظننت أنك ههنا ليتك سكت. قال سهل: فرجعت إلى نفسي وغصصت بريقي وأقام الماء في حلقي وما وجدت له جواباً ولا سددت وجهه باباً وعلمت أنه طمع في مطمع وانصرف وانصرفت ووالله ما أدري بعد هذا ما يكون فإن الله تعالى ما نص بما يرفع هذا الإشكال فبقي الأمر عندي على المشيئة منه في خلقه لا أحكم عليه بذلك إلا بما حكم به على نفسه من حيث وجود الإيمان به. انتهى كلام سهل.
      قال الشيخ محيي الدين: وكنت قديماً أقول ما رأيت أقصر حجة من إبليس ولا أجهل منه فلما وقفت له على هذه المسألة التي حكاها عنه سهل رضي الله عنه تعجبت وعلمت أن إبليس قد علم علماً لا جهل فيه فله رتبة الإفادة لسهل في هذه المسألة. انتهى فقد بان لك أن الله تعالى خلق العالم كله من غير حاجة إليه لا موجب أوجب ذلك عليه" أ.ﻫ (اليواقيت والجواهر ص60 ج1).
      وأظن الآن أنه قد وضح للقارئ تماماً ما هو الكشف الصوفي، وأنه عملية هدم منتظمة للدين الحنيف الذي جاء به سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فما دام إبليس من الناجين فليس هناك شيء ثابت في هذا الدين.
      ولا عجب فيما رووا عن إبليس، فإن أستاذهم الحلاج وأحد كبرائهم قال في إبليس ما لم يقله أحد منهم في جبريل؛ إذ جعله سيد الملائكة أجمعين ذلك لأنه أبى أن يسجد إلا لله.. لأن عبادته لله خاصة فقط وبذلك كان أعظم الموحدين.

      الـرد عـلى بن عـربـي

      في دعواه إيمان فرعون

      لشيخ الإسلام بن تيمية


      رسالة في الرد على ابن عربي في دعوى إيمان فرعون.
      هذا سؤال أجاب عنه الشيخ الإمام العلامة الأوحد شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني.
      بسم الله الرحمن الرحيم وبه التوفيق
      الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
      ما تقول السادة العلماء رضي الله عنهم في قول فرعون عند الغرق آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين سورة يونس 90 هل فيه دليل على إيمانه وإسلامه وما يجب على من يقول إنه مات مؤمنا والحالة هذه.

      الجواب
      الحمد لله
      كفر فرعون وموته كافرا وكونه من أهل النار هو مما علم بالاضطرار من دين المسلمين بل ومن دين اليهود والنصارى فإن أهل الملل الثلاثة متفقون على أنه من أعظم الخلق كفرا ولهذا لم يذكر الله تعالى في القرآن قصة كافر كما ذكر قصته في بسطها وتثنيتها ولا ذكر عن كافر من الكفر أعظم مما ذكر من كفره واجترائه وكونه أشد الناس عذابا يوم القيامة.

      ولهذا كان المسلمون متفقين على أن من توقف في كفره وكونه من أهل النار فإنه يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا فضلا عمن يقول إنه مات مؤمنا والشك في كفره أو نفيه أعظم منه في كفر أبي لهب ونحوه وأعظم من ذلك في أبي جهل وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث ونحوهم ممن تواتر كفرهم ولم يذكر باسمه في القرآن وإنما ذكر ما ذكر من أعمالهم ولهذا لم يظهر عن أحد بالتصريح بأنه مات مؤمنا إلا عمن فيه من النفاق والزندقة أو التقليد للزنادقة والمنافقين ما هو أعظم من ذلك كالاتحادية الذين يقولون إن وجود الخالق هو وجود الخلق حتى يصرحون بأن يغوث ويعوق ونسرا وغيرها من الأصنام هي وجودها وجود الله وأنها عبدت بحق وكذلك العجل عبد بحق وأن موسى أنكر على هارون من نهيه عن عبادة العجل وأن فرعون كان صادقا في قوله أنا ربكم الأعلى وأنه عين الحق وأن العبد إذا دعا الله تعالى فعين الداعي عين المجيب وأن العالم هويته ليس وراء العالم وجود أصلا.

      ومعلوم أن هذا بعينه هو حقيقة قول فرعون الذي قال [ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) ] .سورة غافر 36 ـ37.
      ولقد خاطبت بعض الفضلاء مرة بحقيقة مذهبهم وأنه حقيقة قول فرعون فذكر لي رئيس من رؤسائهم أنه لما دعاه إلى هذا القول وبينه قال قلت له هذا قول فرعون فقال له ونحن على قول فرعون وما كنت أظن أنهم يقرون أو يعترفون بأنهم على قول فرعون.
      قال: إنما قلت ذلك استدلالا.. فلما قال ذلك قلت له مع إقرار الخصم لا يحتاج إلى بينة.
      وهم مع هذا الكفر والتعطيل الذي هو شر من قول اليهود والنصارى يدعون أن هذا العلم ليس إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء الذي يدعونه وأن خاتم الأنبياء إنما يرى هذا العلم من مشكاة خاتم الأولياء وأن خاتم الأولياء يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى خاتم الأنبياء وهو في الشرع مع موافقته له في الظاهر مشكاة له في الباطن ولا يحتاج أن يكون متبعا للرسول لا في الظاهر ولا في الباطن وهذا مع أنه من أقبح الكفر وأخبثه فهو من أفسد الأشياء في العقل كما يقال لمن قال فخر عليهم السقف من تحتهم لا عقل ولا قرآن لأن الخرور لا يكون من أسفل.
      وكذلك الاستفادة إنما يستفيد المتأخر من المتقدم ثم خاتم الأولياء الذين يدعونهم ضلالهم فيه من وجوه حيث ظنوا أن للأولياء خاتما وأن يكون أفضلهم قياسا على خاتم الأنبياء ولم يعلموا أن أفضل الأولياء من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وهم السالفون من الأولياء لا الآخرون إذ فضل الأولياء على قدر إتباعهم للأنبياء واستفادتهم منهم علما وعملا وهؤلاء الملاحدة يدعون أن الولي يأخذ من الله بلا واسطة والنبي يأخذ بواسطة، وهذا جهل منهم فإن الولي عليه أن يتبع النبي ويعرض كل ما له من محادثة وإلهام على ما جاء به النبي فإن وافقه وإلا رده إذ ليس هو بمعصوم فيما يقضي له.
      وقد يلبسون على بعض الناس بدعواهم أن ولاية النبي أفضل من نبوته وهذا مع أنه ضلال فليس هو مقصودهم فهم مع ضلالهم فيما ظنوه من خاتم الأولياء ومرتبته يختلفون في عينه بحسب الظن وما تهوى الأنفس لتنازعهم في تعيين القطب الفرد الغوث الجامع ونحو ذلك من المراتب التي يدعونها وهي معلومة البطلان بالشرع والعقل، ثم يتنازعون في عين الموصوف بها وهذا باب واسع والمقصود هنا أن هؤلاء الاتحادية من أتباع صاحب فصوص الحكم وصاحب الفتوحات المكية ونحوهم هم الذين يعظمون فرعون ويدعون أنه مات مؤمنا وأن تغريقه كان بمنزلة غسل الكافر إذا أسلم.

      ويقولون ليس في القرآن ما يدل على كفره ويحتجون على إيمانه بقوله[وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)]. سورة يونس 90 وتمام القصة تبين ضلالهم فإنه قال سبحانه [آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)] سورة يونس 91.
      وهذا استفهام إنكار وذم ولو كان إيمانه صحيحا مقبولا لما قيل له ذلك وقد قال موسى عليه السلام [وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)] سورة يونس 88 .[ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)]. سورة يونس 89.
      فاستجاب الله دعوة موسى وهارون فإن موسى كان يدعو وهارون يؤمن أن فرعون وملأه لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم وقد قال تعالى:

      [أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)] . سورة غافر 82 ـ85.

      فأخبر سبحانه وتعالى أن الكفار لم يك ينفعهم إيمانهم حين رأوا البأس وأخبر أن هذه سنته التي قد خلت في عباده ليبين أن هذه عادته سبحانه في المستقدمين والمستأخرين كما قال سبحانه وتعالى:
      [وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)] .سورة النساء 18.

      ثم إنه سبحانه وتعالى قال بعد قوله [آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)]. سورة يونس 91 ـ92.
      فجعله الله تعالى عبرة وعلامة لمن يكون بعده من الأمم لينظروا عاقبة من كفر بالله تعالى ولهذا ذكر الله تعالى الاعتبار بقصة فرعون وقومه في غير موضع وقد قال سبحانه وتعالى:

      [كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)]. سورة ق 12 ـ14.
      فأخبر سبحانه أن كل واحد من هؤلاء المذكورين فرعون وغيره كذب الرسل كلهم إذ لم يؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض كاليهود والنصارى بل كذبوا الجميع وهذا أعظم أنواع الكفر فكل من كذب رسولا فقد كفر ومن لم يصدقه ولم يكذبه فقد كفر فكل مكذب للرسول كافر به وليس كل كافر مكذبا به إذ قد يكون شاكا في رسالته أو عالما بصدقه لكنه يحمله الحسد أو الكبر على ألا يصدق وقد يكون مشتغلا بهواه عن استماع رسالته والإصغاء إليه فمن وصف بالكفر الخاص الأشد كيف لا يدخل في الكفر ولكن ضلالهم في هذا نظير ضلالهم في قوله مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي وقد علم أن كل رسول نبي وكل نبي ولي ولا ينعكس وقال سبحانه وتعالى:
      [كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14)]. سورة ص 12 14.
      وقال تعالى[وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)]. سورة الحاقة 9 ـ10.
      ثم إن الله تعالى أخبر عن فرعون بأعظم أنواع الكفر من جحود الخالق ودعواه الإلهية وتكذيب من يقر بالخالق سبحانه ومن تكذيب الرسول ووصفه بالجنون والسحر وغير ذلك.

      ومن المعلوم بالاضطرار أن الكفار العرب الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم مثل أبي جهل وذريته لم يكونوا يجحدون الصانع ولا يدعون لأنفسهم الإلهية بل كانوا يشركون بالله ويكذبون رسوله، وفرعون كان أعظم كفرا من هؤلاء قال الله تعالى:
      [وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)]. سورة غافر 23ـ 28 إلى قوله تعالى:[ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)] سورة غافر 36 ـ 37.

      أخبر الله سبحانه وتعالى أن فرعون ومن ذكر معه قال إن موسى ساحر كذاب وهذا من أعظم أنواع الكفر ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أمر بقتل أولاد الذين آمنوا معه لينفروا عن الإيمان معه كيدا لموسى قال تعالى [وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37)]. سورة غافر 37 .
      فدل على أنه من الكافرين الذين كيدهم في تباب فوصفهم بالتكذيب وبالكفر جميعا وإن كان التكذيب مشتملا مستلزما للكفر كما أن الرسالة مستلزمة للنبوة والنبوة مستلزمة للولاية ثم أخبر عن فرعون أنه طلب بقتل موسى وقال وليدع ربه وهذا تنبيه على أنه لم يكن مقرا بربه ولهذا قال في تمام الكلام[وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)]. سورة القصص 38.

      وهذا جحد صريح لإله العالمين وهي الكلمة الأولى.
      ثم قال بعد ذلك لما ذكره الله تعالى بقوله[فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)]. سورة النازعات 21 ـ24.
      ثم قال الله تعالى:[فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)] سورة النازعات 25ـ 26.
      قال كثير من العلماء أي نكال الكلمة الآخرة ونكال الكلمة الأولى فنكل الله تعالى به على الكلمتين باعترافه وجعل ذلك عبرة لمن يخشى ولو كان هذا ممن لم يعاقب على ما تقدم من كفره ولم يكن عقابه عبرة بل من آمن، غفر الله له ما سلف ولم يذكره بكفر ولا بذم أصلا بل يمدحه على إيمانه ويثني عليه كما أثنى على من آمن بالرسل وأخبر أنه نجاهم وفرعون هو أكثر الكفار ذكرا في القرآن، وهو لا يذكره سبحانه إلا بالذم والتقبيح واللعن ولم يذكره بخير قط.

      وهؤلاء الملاحدة المنافقون يزعمون أنه مات طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث بل يزعمون أن السحرة صدقوه في قوله ما علمت لكم من إله غيري وأنه صح قوله أنا ربكم الأعلى وأنه كان عين الحق وقد أخبر سبحانه وتعالى عن جحوده لرب العالمين قال لما قال له موسى عليه السلام:
      [وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)]. سورة الأعراف 104ـ 105.
      [قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)].سورة الشعراء 23ـ 29.
      فتوعد موسى بالسجن إن اتخذ إلها غيره، وهؤلاء مع تنظيمهم لفرعون يشاركون في حقيقة كفره وإن كانوا مفارقين له من جهة أخرى فإن عندهم ما ثم موجود غير الله أصلا ولا يمكن أحد أن يتخذ إلها غيره لأنه أي شيء عبد العابد من الأوثان والأصنام والشياطين فليست عندهم غير الله أصلا وهل يقال هي الله لهم في ذلك قولان وإخباره سبحانه وتعالى عن تكذيب فرعون وغير ذلك من أنواع كفره كثير في القرآن وكذلك إخباره عن عذابه في الآخرة فإن هؤلاء الملاحدة يزعمون أنه ليس في القرآن آية تدل على عذابه ويقولون إنما قال سبحانه:

      [يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)].سورة هود 98 .
      قالوا فأخبر أنه يوردهم ولم يذكر أنه دخل معهم قالوا وقد قال سبحانه وتعالى:

      [النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)]. سورة غافر 46.
      فإنما يدخل النار آل فرعون لا فرعون وهذا من أعظم جهلهم وضلالهم فإنه حيث ذكر في الكتاب والسنة آل فلان كان فلان داخلا فيهم كقوله تعالى:
      [إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)] . سورة آل عمران 33.
      وقوله تعالى:
      [إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34)]. سورة القمر 34.
      وقول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم صل على آل أبي أوفى وقوله لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود .

      ومنه قوله تعالى:
      [وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)] . سورة البقرة 49.

      وقوله تعالى: [كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)]. سورة آل عمران 11.

      وقوله تعالى: [وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42)]. سورة القمر 41 ـ42.

      وقوله تعالى:[ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)].سورة غافر 46.

      متناول له ولهم باتفاق المسلمين وبالعلم الضروري من دين المسلمين وهذا بعد قوله تعالى حكاية عن مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه[وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)] . سورة غافر 28.
      والذي طلب قتله هو فرعون فقال المؤمن بعد ذلك:
      [وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42)]. سورة غافر 41 ـ42.

      والداعي إلى الكفر هو كافر كفرا مغلظا فهذا فيه ووصفهم أيضا بالكفر إلى قوله تعالى:
      [فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)] .سورة غافر 45ـ 46.

      ثم قال تعالى:
      [وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48)].سورة غافر 47ـ 48.

      ومعلوم أن فرعون هو أعظم الذين استكبروا ثم هامان وقارون وأن قومهم كانوا لهم تبعا وفرعون هو متبوعهم الأعظم الذي قال ما علمت لكم من إله غيري وقال أنا ربكم الأعلى وقد قال تعالى:
      [وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)]. سورة القصص 39 ـ42.

      وهذا تصريح بأنه نبذه وقومه في اليم عقوبة الذي هو الكفر وأنه أتبعه وقومه في الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين هو وقومه جميعا.
      وهذا موافق لقوله تعالى:
      [وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)] . سورة هود 96ـ 99.

      فأخبر سبحانه وتعالى أنهم اتبعوا أمره وأنه يقدمهم لأنه إمامهم فيكون قادما لهم لا سائقا لهم وأنه يوردهم النار فإذا كان التابع قد ورد النار فمعلوم أن القادم الذي يقدمه وهو متبوعه ورد قبله ولهذا قال تعالى بعد ذلك:
      [وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)] . سورة القصص 42.

      [الفتاوى 2/378:379] ا.ﻫ. [الفتاوى 2/367].

      تعليق

      • المهندس زهدي جمال الدين
        12- عضو معطاء

        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى
        • 3 ديس, 2006
        • 2169
        • مسلم

        #33
        الفصل الثاني

        ابن عربي وعقيدة وحدة الوجود


        لا يزكي ابنَ عربي إلا جاهل بحاله، أو من هو على دينه وقد قام علماء المسلمين الصادقين في كل وقت يردون إفك هؤلاء المجرمين.
        وها هو ابن تيمية يرد على إفك ابن عربي وعقيدته وحدة الوجود:
        يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فيهم:
        'حتى يبلغ الأمر بأحدهم إلى أن يهوى المردان، ويزعم أن الرب تعالى تجلى في أحدهم، ويقولون: هو الراهب في الصومعة؛ وهذه مظاهر الجمال؛ ويقبل أحدهم الأمرد، ويقول: أنت الله.
        ويذكر عن بعضهم أنه كان يأتي ابنه، ويدعي أنه الله رب العالمين، أو أنه خلق السماوات والأرض، ويقول أحدهم لجليسه: أنت خلقت هذا، وأنت هو، وأمثال ذلك.
        فقبح الله طائفة يكون إلهها الذي تعبده هو موطئها الذي تفترشه؛ وعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً.

        ومن قال: إن لقول هؤلاء سرًا خفيًا وباطن حق، وأنه من الحقائق التي لا يطّلع عليها إلا خواص خواص الخلق: فهو أحد رجلين ـ إما أن يكون من كبار الزنادقة أهل الإلحاد والمحال، وإما أن يكون من كبار أهل الجهل والضلال.
        فالزنديق يجب قتله، والجاهل يعرف حقيقة الأمر، فإن أصر على هذا الاعتقاد الباطل بعد قيام الحجة عليه وجب قتله.
        ولكن لقولهم سر خفي وحقيقة باطنة لا يعرفها إلا خواص الخلق.
        وهذا السر هو أشد كفرًا وإلحادًا من ظاهره؛ فإن مذهبهم فيه دقة وغموض وخفاء قد لا يفهمه كثير من الناس'. [الفتاوى 2/378:379].

        ويقول أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
        " وأقوال هؤلاء شر من أقوال اليهود والنصارى، فيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى, ولهذا يقولون بالحلول تارة، وبالاتحاد أخرى، وبالوحدة تارة، فهو مذهب متناقض في نفسه، ولهذا يلبسون على من لم يفهمه، فهذا كله كفر باطنًا وظاهرًا بإجماع كل مسلم، ومن شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام, فهو كافر كمن يشك في كفر اليهود والنصارى ". [الفتاوى 2/368].

        وقال أيضًا: 'ولا يتصور أن يثني على هؤلاء إلا كافر ملحد، أو جاهل ضال'. [الفتاوى 2/367].

        ولما سئل شيخ الإسلام عن كتاب فصوص الحكم قال:
        " ما تضمنه كتاب 'فصوص الحكم' وما شاكله من الكلام: فإنه كفر باطنًا وظاهرًا؛ وباطنه أقبح من ظاهره، وهذا يسمى مذهب أهل الوحدة، وأهل الحلول، وأهل الاتحاد، وهم يسمون أنفسهم المحققين، وهؤلاء نوعان:
        نوع يقول بذلك مطلقًا، كما هو مذهب صاحب الفصوص ابن عربي وأمثاله: مثل ابن سبعين، وابن الفارض، والقونوي والششتري والتلمساني وأمثالهم ممـن يقول: إن الوجود واحد، ويقولون: إن وجود المخلوق هو وجود الخالق، لا يثبتون موجودين خلق أحدهما الآخر، بل يقولون: الخالق هو المخلوق، والمخلوق هو الخالق.
        ويقولون: إن وجود الأصنام هو وجود الله، وإن عبّاد الأصنام ما عبدوا شيئًا إلا الله. ويقولون: إن الحق يوصف بجميع ما يوصف به المخلوق من صفات النقص والذم.

        ويقولون: إن عبّاد العجل ما عبدوا إلا الله، وإن موسى أنكر على هارون لكون هارون أنكر عليهم عبادة العجل، وإن موسى كان بزعمهم من العارفين الذين يرون الحق في كل شيء، بل يرونه عين كل شيء، وأن فرعون كان صادقًا في قوله: أنا )ربكم الأعلى(, بل هو عين الحق، ونحو ذلك مما يقوله صاحب الفصوص. ويقول أعظم محققيهم: إن القرآن كله شرك؛ لأنه فرّق بين الرب والعبد؛ وليس التوحيد إلا في كلامنا.

        فقيل له: فإذا كان الوجود واحدًا، فلم كانت الزوجة حلالاً والأم حرامًا؟! فقال: الكل عندنا واحد، ولكن هؤلاء المحجوبين قالوا: حرام. فقلنا: حرام عليكم". [الفتاوى 2/364: 365].

        وقال ابن تيمية أيضًا: 'وقد صرّح ابن عربي وغيره من شيوخهم بأنه هو الذي يجوع ويعطش، ويمرض ويبول ويَنكح ويُنكح، وأنه موصوف بكل عيب ونقص؛ لأن ذلك هو الكمال عندهم، كما قال في الفصوص؛ فالعلي بنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستقصى به جميع الأمور الوجودية، والنسب العدمية: سواء كانت ممدوحة عرفًا وعقلاً وشرعًا، أو مذمومة عرفًا وعقلاً وشرعًا وليس ذلك إلا لمسمى الله خاصة'. [الفتاوى 2/265].

        ويعتذر شيخ الإسلام عن الإفاضة في بيان عقيدة هؤلاء القوم والتحذير منهم قائلاً: 'ولولا أن أصحاب هذا القول كثروا وظهروا وانتشروا، وهم عند كثير من الناس سادات الأنام، ومشايخ الإسلام، وأهل التوحيد والتحقيق. وأفضل أهل الطريق، حتى فضلوهم على الأنبياء والمرسلين، وأكابر مشايخ الدين: لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد هذه الأقوال، وإيضاح هذا الضلال.

        ولكن يعلم أن الضلال لا حد له، وأن العقول إذا فسدت لم يبق لضلالها حد معقول، فسبحان من فرّق بين نوع الإنسان؛ فجعل منه من هو أفضل العالمين، وجعل منه من هو شر من الشياطين، ولكن تشبيه هؤلاء بالأنبياء والأولياء، كتشبيه مسيلمة الكذاب بسيد أولي الألباب، وهو الذي يوجب جهاد هؤلاء الملحدين، الذين يفسدون الدنيا والدين'. [الفتاوى 2/357: 358].

        وقال في وجوب إنكار هذه المقالات الكفرية، وفضح أهلها: " 'فهذه المقالات وأمثالها من أعظم الباطل، وقد نبهنا على بعض ما به يعرف معناها وأنه باطل، والواجب إنكارها؛ فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين أولى من إنكار دين اليهود والنصارى، الذي لا يضل به المسلمون، لا سيما وأقوال هؤلاء شر من أقوال اليهود والنصارى وفرعون، ومن عرف معناها واعتقدها كان من المنافقين، الذين أمر الله بجهادهم بقوله تعالى: [ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ], والنفاق إذا عظم كان صاحبه شرًا من كفار أهل الكتاب، وكان في الدرك الأسفل من النار.

        وليس لهذه المقالات وجه سائغ، ولو قُدر أن بعضها يحتمل في اللغة معنى صحيحًا فإنما يحمل عليها إذا لم يعرف مقصود صاحبها، وهؤلاء قد عرف مقصودهم، كما عرف دين اليهود والنصارى والرافضة، ولهم في ذلك كتب مصنفة، وأشعار مؤلفة، وكلام يفسر بعضه بعضًا.

        وقد علم مقصودهم بالضرورة، فلا ينازع في ذلك إلا جاهل لا يلتفت إليه، ويجب بيان معناها وكشف مغزاها لمن أحسن الظن بها، وخيف عليه أن يحسن الظن بها أو أن يضل، فإن ضررها على المسلمين أعظم من ضرر السموم التي يأكلونها ولا يعرفون أنها سموم، وأعظم من ضرر السُرّاق والخونة، الذين لا يعرفون أنهم سراق وخونة.

        فإن هؤلاء: غاية ضررهم موت الإنسان أو ذهاب ماله، وهذه مصيبة في دنياه قد تكون سببًا لرحمته في الآخرة، وأما هؤلاء: فيسقون الناس شراب الكفر والإلحاد في آنية أنبياء الله وأوليائه، ويلبسون ثياب المجاهدين في سبيل الله، وهم في الباطن من المحاربين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويظهرون كلام الكفار والمنافقين، في قوالب ألفاظ أولياء الله المحققين، فيدخل الرجل معهم على أن يصير مؤمنًا وليًا لله، فيصير منافقًا عدوًا لله'. [الفتاوى 2/359].

        شبهات المدافعين عنه:

        والمدافعون عن ابن عربي إما أن يكونوا جاهلين بحاله، أو هم على شاكلته في الكفر والزندقة, ومما دافعوا به عن قولهم: إن كلماته وعباراته جاءت على وجه الشطح والسكر وغلبة الوجد، أو أنها عبارات دقيقة ومعاني عميقة لا يعلمها إلا المتخصصون الراسخون في العلم, أو أنها مدسوسة عليه... وكل هذه الأقوال من الكذب والتلبيس.

        فأما أنها شطح وغلبة سكر، وكتبها في غير صحو ووعي فكذب؛ فإنها كتب مدونة، مقسمة الأبواب منسقة الفصول, مسبوكة العبارة، ومن طالعها لم يشك في مكر وخبث مصنفها, وقد ملأ كل صفحة فيها بكفره.
        وأما قولهم: كتب بلغة لا يفهمها إلا أهلها؛ فكذب مبين، فإنها مكتوبة شعرًا ونثرًا بعربية فصيحة بمعانٍ محددة ومفصلة, ظاهرها وباطنها الكفر والزندقة، ولا يخفى معناها إلا على جاهل لا علم له بلغة العرب، وقد علم ما فيها علماء الإسلام ممن قرءوها، وخبروها، وعلموا مراد صاحبها على الحقيقة.

        ورحم الله نور الدين البكري الشافعي إذ يجيب على هذه الشبهة بقوله: " وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها فهو كافر بقوله ضال بجهله، ولا يعذر بتأويله لتلك الألفاظ إلا أن يكون جاهلاً للأحكام جهلاً تامًا عامًا ولا يعذر بجهله لمعصيته؛ لعدم مراجعة العلماء والتصانيف على الوجه الواجب من المعرفة في حق من يخوض في أمر الرسل ومتبعيهم, أعني معرفة الأدب في التعبيرات, على أن في هذه الألفاظ ما يتعذر أو يتعسر تأويله، بل كلها كذلك، وبتقدير التأويل على وجه يصح في المراد فهو كافر بإطلاق اللفظ على الوجه الذي شرحناه". [مصرع التصوف ص 144].

        وقال أبو حامد الغزالي: " فإن الألفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل اقتضى ذلك بطلان الثقة بالألفاظ, وسقط به منفعة كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم". [إحياء علوم الدين 1/37].

        وأما أنها مدسوسة عليه فكذب، وقد شهد معاصروه عليه بها، وما زال المدافعون عنه يفخرون بنسبة الفتوحات والفصوص إليه ويمتدحونه بها.
        وفي الختام نسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

        الرمزية و التأويل في فكر ابن عربي


        لستأنا ولست هو.. فمن أنا ومن هو
        فيا هوقل أنت أنا.. ويا أنا هل أنت هو
        لاوأنا ما هو أنا.. ولا هو ما هو هو
        لو كانهو ما نظرت.. أبصارنا به له
        ما فيالوجود غيرنا.. أنا هو وهو هو
        فمنلنا بنا لنا .. ومن له به له

        وقد ذكر الشيخ الأديب علي الطنطاوي ـ رحمه الله ـ حادثة طريفة في معرض رده على من أنكروا عليه بأنه يقول بكفر الكلام الموجود في كتب ابن عربي ما نصه: " أما قوله في أنني لا أعرف شيئًا عن ابن عربي وعن عقيدة وحدة الوجود فأخبره ولا فخر في ذلك أن الذي جلب كتاب الفتوحات من قونيا ونقله من النسخة المكتوبة بخط ابن عربي نفسه والمخطوطة الآن في قونيا هو: جدنا الذي قدم من طنطا إلى دمشق سنة 1250ﻫ, فإن كان أخطأ فإني أسأل له المغفرة, وإنني قابلت مع عمي الشيخ عبد القادر الطنطاوي نسخة الفتوحات المطبوعة على هذا الأصل المنقول صفحة صفحة.. وأنا أستغفر الله على ما أنفقت من عمري في قراءة مثل هذه الضلالات ". [منقول من كتاب فتاوى علي الطنطاوي].

        وقال الباحث الموسوعي الدكتور عبد الوهاب المسيري: " العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية. ومن أكثر الكتب انتشارًا الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي, وأشعار جلال الدين الرومي. وقد أوصت لجنة الكونجرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية ". [http://www.elmessiri.com/ar]

        ما هذا العبث من هذا المخرف (محي الدين بن عربي الضالالفاسق)... وأين هذه التجليات؟!! حقا لقد وضعتم الكلمات في غير مواضعها...ذكرتنيبالحلاج الكافر الذي أمر بقتله حينما قال (هو أنا وأنا هو ليت شعري من المكلف) لقدأوقع نفسه في ترهات بسبب علم الكلام ونظرية الحلول والإتحاد التي مؤداها أن اللهسبحانه يحل في الأشخاص والأماكن بزعمهم وأنه سبحانه وتعالى لا يحده مكان بمعنىالجهة وأنه جل في علاه لم يستو على العرش كما أخبر وهكذا وقعوا في الكفر والشركالصريح حتى قال الحلاج وناقل الكفر للعظة ليس بكافر(ما الكلب والخنزير إلا إلهنا وماالله إلا راهب في كنيسة) لعنه الله لعنا كبيرا إلى يوم الدين وأمر بإعدامه وأعدمويوم القيامة يعامله الله سبحانه بما يستحق...

        معلوم عن ابن عربي انه : الشيخ الأكبر حقا لكن في الإلحاد. كل كلامه عن الاتحاد ...وأن الله تنزهت أسماءه اتحد مع خلقه حتى أصبح هو لا يدرى "أهو هو أم هو الله " كما يقول في البيت الثاني ......
        وهذا والله اكفر من قول النصارى في الله واكفر من قول اليهود أيضا.

        يا خالق الأشياء في نفسه..أنت لما تخلقه جامع
        تخلق مالا يتناهى كونه.. فيك فأنت الضيق الواسع

        لستأنا ولست هو... فمن أنا ومن هو
        فياهوقل أنت أنا.. ويا أنا هل أنت هو
        لاوأنا ماهو أنا .. ولا هو ما هو هو
        لو كانهو ما نظرت .. أبصارنا به له
        مافىالوجود غيرنا .. أنا هو وهو هو
        فمنلنا بنا لنا .. ومن له به له

        تعليق

        • المهندس زهدي جمال الدين
          12- عضو معطاء

          حارس من حراس العقيدة
          عضو شرف المنتدى
          • 3 ديس, 2006
          • 2169
          • مسلم

          #34
          الفصل الثالث


          الإيمان بالغيب في الكتاب والسنة

          من أصول الدين وقواعد الإيمان أن تعتقد أن الغيب علمه لله تعالى وحده سبحانه وتعالى وأنه يطلع وسبحانه تعالى على ما شاء من الغيب من شاء من أنبيائه ورسله فقط وأن الأنبياء لا يعلمون من الغيب إلا ما أعلمهم الله إياه كما قال سبحانه وتعالى لرسوله:[ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) ] (الأعراف:188).
          وقال جل وعلا: [عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)] (الجن:26-28).
          وأمر رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أنه ليس ملكاً ولا يملك خزائن الله ولا يعلم الغيب قال تعالى: [قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ](الأنعام : 50 ).
          وهذا الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما قاله نوح عليه السلام قبل ذلك.
          قال تعالى على لسان نوح عليه السلام: [وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ] (هود : 31 )].
          وفي صحيح البخاري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله].
          وهذا الحديث يقرر قوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ] (لقمان : 34 ).
          وفي صحيح البخاري أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب وهو يقول: {لا تدركه الأبصار} ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب وهو يقول {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله}.
          فهذه الآيات والأحاديث ومثلها كثير جداً قاطع بأنه لا يعلم أحد في السماوات والأرض الغيب إلا الله لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وأنه لا يعلم أحد من هؤلاء الغيب إلا ما أطلعه الله سبحانه عليه، فهاهم الملائكة يخلق الله آدم ولا يعلمون الحكمة من خلقه، ويعرض الله عليهم مسميات معينة ويقول لهم أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، فيقولون سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، ويعلم الله آدم النبي الأسماء فيعلمها لهم، وآدم نبي مكلم كما جاء في الحديث الشريف، وهؤلاء الأنبياء لا يعلمون الغيب بنص القرآن وبمئات بل بآلاف الوقائع، فنوح لم يعلم أن ابنه ليس من أهله وأن زوجته على غير دينه، وإبراهيم لم يعلم بأنه يولد له ولد من زوجته سارة إلا بعد أن جاءته الملائكة ولقد جاءته الملائكة في صورة بشر فذبح لهم عجلاً وقربه إليهم وهو لا يعلم حقيقتهم حتى أعلموه، ولم يكن يعرف مقصدهم حتى أعلموه أنهم ذاهبون لتدمير قرى لوط، وأما لوط فإنه ساءته رؤية الملائكة علماً أنهم قد أتوا لإنجائه وإنجاء أهله، ولم يعلم حقيقة أمرهم إلا بعد أن علموه ولم يكن له كشف خاص، ولا علم خاص يستطيع أن يعرف من القوم، وأما محمد صلى الله عليه وسلم فقد حدث له مئات بل آلاف الوقائع التي تدل يقيناً أنه لم يكن يعلم في الغيب إلا ما أعلمه الله إياه..
          فقد ظن أن جبريل الذي أتاه في الغار شيطان وقال لخديجة لقد خفت على نفسي، ولم يعرف أنه الملك حتى أتى ورقة بن نوفل فأخبره أن الكلام الذي جاء به يشبه الكلام الذي نزل على الأنبياء من قبله.. ولم يدر بخلد النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيؤذى ويخرج من مكة أبداً علماً بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد مكث يتعبد في غار حراء سنوات طويلة، وعند الصوفية أن من لف رأسه بخرقه وجلس في مكان مظلم رأى الله، وعرف كل شيء وشاهد الكون أعلاه وأسفله.. بل النبي محمد صلى الله عليه وسلم مكث ثلاث عشرة سنة في مكة لا يعلم أين سيهاجر بعد ذلك، وبعد الهجرة خرج إلى أبي سفيان ففاته واصطدم بجيش المشركين وجاءه المشركون في المدينة المرة تلو المرة يزعمون أنهم قد آمنوا ويطلبون منه أن يرسل لهم من يعلمهم القرآن فكان يرسل معهم خيرة القراء، فيغدرون بهم في الطريق..
          فغدر المشركون بأربعين رجلاً من المسلمين مرة واحدة، وسبعة مرة، ولو علم رسول الله ما يكون من أمر الله بل لو علم أن هؤلاء الكفرة الأعراب يكذبون عليه لما أسلم لهم أصحابه وحبس المشركون يوماً وليلة في مكان ليس فيه ماء لأن السيدة عائشة رضي الله عنها قد فقدت عقداً لها ولو كان هناك كشف صوفي على ما يصوره الصوفية ويزعمونه لعلموا أين عقد السيدة عائشة الذي كان تحت بعيرها ولم يفطن إليه أحد من المسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم..
          ورمى المنافقون السيدة عائشة بالزنا ـ شرفها الله وحماها وبرأها ولعن الله من سبها ـ .. ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً كاملاً لا يدري ما يقول، وكان يستفتي أصحابه ويسأل علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، وبريرة خادمته ومولاته هل رأوا على عائشة شيئاً.. ولم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلم حقيقة الأمر حتى أنزل الله سبحانه وتعالى براءتها من السماء.. هذا إلى العشرات والمئات من الوقائع التي تبين أن رسول الله وأكرم خلق الله من البشر على الله لم يكن يطلع على شيء من الغيب إلا ما أطلعه الله بحكم النبوة..
          الغيب في المعتقد الصوفي:
          ولكن الصوفية منذ القدم.. منذ نشأتهم في الإسلام وإلى يومنا هذا عمدوا إلى هذا الأصل الأصيل من أصول الدين فهدموا بل اقتلعوا جذوره من قلوب من يسير في طريقهم وينتهج منهجهم هذا الأصل فهدموه جعله الله أول صفة في كتابه للمتقين حيث يقول تبارك وتعالى في سورة البقرة الثانية في القرآن بعد الفاتحة: [الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) ].
          جعل الله صفة الإيمان بالغيب أول صفة للمتقين المهتدين بالقرآن والسنة وذلك حتى يوحد المؤمنون طريق التلقي فلا يتلقون غيباً إلا من الله ومن أقامه للأخبار بالغيب عنه وهم رسله، وأنبياؤه فقط، جاء المتصوفة فكان أول هدم لهم في الإسلام أن يهدموا هذا الأصل فأقاموا شيئاً سموه (الكشف الصوفي) وهو يعني عندهم رفع الحجب أمام قلب الصوفي وبصره ليعلم ما في السماوات جميعاً، وما في الأرض جميعاً، فلا تسقط ورقة إلا بنظره ولا تقع قطرة ماء من السماء إلا بعلمه ولا يولد مولود، أو يعقد معقود، أو يتحرك ساكن أو يسكن متحرك إلا بعلم الصوفي.. هكذا والله؛ رأينا في الصفحات الماضية النقول من كتب القوم وكلها تنص على أن الصوفي لا يقف أمامه حجاب، ولا يوصد أمامه باب، ولا يعجزه علم شيء في الأرض ولا في السماء. فهو يعلم ما يكتب في اللوح المحفوظ ساعة بساعة، بل هو يعلم بأي لغة وأي قلم كتب اللوح المحفوظ، وماذا في أم الكتاب، وماذا كان منذ الأزل وماذا سيكون إلى الأبد، لا أقول قد ساوى الصوفية أنفسهم بالأنبياء بالغيب أو ساووا أنفسهم بالخضر الذي يزعمون النقل عنه لا والله بل جعلوا كل زنديق منهم ممن لا وزن له في خلق ولا علم جعلوا هؤلاء هم الله علماً بكل شيء، وإحاطة بما في السماوات والأرض..
          وفي الصفحات القادمة سيرى القارئ أن أي زندقة وأي كفر في الأرض لم يجرؤ كاتبوه ومؤيدوه أن يكتبوا مثل هذا ولكن الصوفية سبقوا كل الكفار في كل الملل والنحل والأقوام وكتبوا بأقلامهم ما لم يجرؤ أحد بتاتاً أن يكتبه أو يسطره فيما علمناه من الكفرة والزنادقة والملاحدة..
          لقد ترقى المتصوفة في قضية الكشف عندهم فزعموا أولاً أن الصوفي يكشف له معان في القرآن والحديث لا يعلمها علماء الشريعة الذين سموهم بعلماء الظاهر والقراطيس والآثار التي ينقلونها عن الموتى..، وأما هم فيلتقون بالرسول صلى الله عليه وسلم يقظة أحياناً، ومناماً أحياناً ويسألونه ويستفيدون منه هذه العلوم ثم ترقوا فقالوا إن لنا علوماً ليست في الكتاب والسنة نأخذها عن الخضر الذي هو على شريعة الباطن وهو الذي يمد الأولياء بهذه الشريعة، فموسى ومحمد والأنبياء على شريعة ظاهرة، وأما الخضر فهو على شريعة باطنة يجوز فيها ما لا يجوز في الظاهر، فقد قتل الغلام بغير ذنب، وكسر السفينة لمن حملهم بغير نوال، وبنى الجدار إحساناً منه لمن أساء إليهم..
          ومثل هذا ينكره أهل الظاهر كما أنكره موسى، ونحن في الباطن على شريعة الخضر وهو يلتقي بنا ونتعلم منه علوماً خاصة ينكرها أهل الظاهر لجهلهم..
          والعجيب أنه كان من هذا الدين الباطن الذي زعموا أخذه عن الخضر إتيان (الحمارة) والزنا، وشرب الخمر واللواط، والتعري، والصراخ في الطرقات، وسب المؤذنين للصلاة، وسب الأنبياء والإدعاء بأن كل مخلوق هو الله وإلقاء السلام على الكلاب والخنازير، والترحم على إبليس ومحاولة الوصول إلى مقامه، وجعل فرعون أعلم من موسى بالله وتبرئة قوم نوح من الشرك، وجعل الرسول محمد هو الله المستوي على العرش..
          هذه الأشياء قليلة جداً من هذا الدين الباطني الذي زعم المتصوفة أنهم نالوه عن طريق الكشف الصوفي، وهو رفع الحجب عن القلوب والأبصار لرؤية الحق على ما هو عليه، وأن الخضر عليه السلام هو مبلغ كل هذا لهم، وتارة يترقون في هذا الكذب أو بالأحرى يهوون إلى أسفل سافلين في دعاوي الكذب هذه فيزعمون أنهم تلقوا هذه العلوم من ملك الإلهام كما تلقى محمد صلى الله عليه وسلم علومه من ملك الوحي، وأخرى يزعمون أنهم تلقوا علومهم هذه التي أشرنا إلى بعضها آنفاً من الله رأساً وبلا وساطة وأنها انطبعت في نفوسهم من الله رأساً وأنهم مطالعون الأمر في الأزل بأرواحهم، والأمر في الأبد يرونه كما يكون عليه الحال يرونه كذلك بأرواحهم بغير وساطة وأن همتهم تصل السماوات وما فوقها والأرض وما تحتها..
          ولقد وسع المتصوفة دائرة كشفهم هذه فزعموا أنهم يعلمون أسرار الحروف المقطعة من القرآن بطريق الكشف، وقصص الأنبياء يروونها على حقيقتها ويجتمعون بالأنبياء ويسألونهم عن تفاصيل قصصهم وما كان منهم.. فيفيدون فوائد كثيرة دونها كثيراً ما هو موجود فعلاً في القرآن.
          وأما الجنة والنار، فهم وإياها دائماً رأي العين، بل هي ساقطة أصلاً من عيونهم لأن النار وما النار، لو بصق أحدهم عليها لأطفأها كما قال أبو يزيد وغيره منهم..
          وأما الجنة فالنظر إليها شرك وكفر لأنهم ينظرون إلى الله فقط..
          ولذلك قال قائلهم معيباً على الصحابة عندما قرأ [ منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة] قال.. أف.. أليس منكم أحد يريد الله..
          وقال آخر عن قوله تعالى: [ إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون] قال.. ألهاهم عنه..
          باختصار لقد اكتشف المتصوفة بزعمهم للقرآن معاني غير التي يعرفها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعلماء الأمة على مر العصور.
          لقد اكتشفوا هم عن طريق كشفهم الشيطاني أن للقرآن معاني أخرى وأن فيه علوماً كثيرة جداً لا يعلمها غيرهم.. وما هذه العلوم.. إنها كل الفلسفات القديمة، والخزعبلات والخرافات التي عند فلاسفة الإغريق، وكهنة الهنادك والهندوس، وشياطين المجوس وإباحية المانوية والمزدكية، وخرافات القصاص من كل لون وجنس كل هذا وهذا جعله المتصوفة كشفاً وحقيقة صوفية ومعاني للقرآن الكريم ولحديث النبي الشريف..
          ومن أراد منهم أن لا ينسب هذه الخرافات والخزعبلات إلى القرآن والحديث، ورأى أنه تحقق بعلوم أكثر بكثير مما فيهما قال:
          خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله.. فجعل نفسه أعظم معرفة وتحقيقاً مما لدى الأنبياء.. وذلك لما رأى أنه قد جمع من الخرافات والخزعبلات والأساطير شيئاً نهى الرسل الصادقون عن افترائه وتناقله وتداوله..
          هذه هي حقيقة الكشف الصوفي الذي زعم أصحابه أنه ثمرة العبادة والتقوى والاتصال بالله والملائكة والأنبياء والخضر، وأنه نتيجة حتمية لسباحة أرواحهم في الأزل والأبد، والسماوات السبع وما فوقها والأراضين السبع وما تحتها..
          لقد أتونا بعد هذه السياحة الشيطانية بعشرات المجلدات والخرافات والخزعبلات بعد أن لبسوها وخلطوها ببعض العلم الذي جاء به الرسل فخلطوا الأمر على عامة المسلمين، وأضلوا من لا علم لهم بالكتاب والسنة، وظنوا فعلاً أن هؤلاء الناس صالحون وأن علومهم هذه قد أتوا بها فعلاً من الغيب، وخاصة أنهم رأوهم أحياناً تجري على أيديهم بعض الحيل الشيطانية، وبعض الكرامات الإبليسية من خرق العادات أو الإخبار ببعض المغيبات ما هو عند الهندوس والمجوس والدجال وابن صياد أمثاله وأكثر منه مئات المرات، لقد أوهم العامة ما جرى على يد هؤلاء من هذه الكرامات الإبليسية التي هي حقاً أمثال شيطانية من ما يجري للكفار والمنافقين والدجالين، فظنوا أن هؤلاء من أهل الله حقاً، وأن الحجب ترتفع عنهم صدقاً وأن علومهم هذه آتية من الغيب يقيناً وبذلك راجت يوماً بضاعة هؤلاء الزنادقة وصرفوا المسلمين عن دينهم الحق وعقيدتهم المستقيمة.

          تعليق

          • المهندس زهدي جمال الدين
            12- عضو معطاء

            حارس من حراس العقيدة
            عضو شرف المنتدى
            • 3 ديس, 2006
            • 2169
            • مسلم

            #35
            الفصل الرابع

            الطريقة البرهانية ـ الدسوقية

            وهذه مخالفات الطريقة البرهانية للشريعة الإسلامية .

            المخالفة الأولى:

            يزعم محمد عثمان عبده البرهاني شيخ الطريقة أن ملك الموت عزرائيل قال له أنه لا يقبض روح من قرأ ورد البرهانية المسمى بالحزب السيفى !! وذلك في كتابه قبس من نور لمؤلفه الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني ص 74 –75 حيث يقول :
            " ذهب أحد المريدين إلى المستشفى للعلاج وذهبت له ومعه أحد أبناء الطريقة فقلت إن هذا الفتى من أقاربي اعتنى به فلن أستطيع أن أعوده كل يوم فجاء عزرائيل ملك الموت لقبض روحه فقال له إلى أين قال أريد ان اقبض روح هذا المريد فقال لا تقبض روحه لأن الشيخ أوصاني بالمحافظة عليه فقال له ملك الموت عزرائيل إذا لم ترد موته اقرأ له الحزب السيفى من أوراد الطريقة سبع مرات كل يوم فقرأ له الحزب السيفي فرأى المريض الجنة ورتبته فيها فقال لأخيه الذي يقرأ له الحزب السيفي حفاظاً عليه من الموت أستحلفك بالله ورسوله أن تكف عن قراءتك لي الحزب السيفى لأنني أريد أن أموت فأدخل الجنة " .

            أما الرد على ذلك الإفك والدجل والسخف من وجوه متعددة :
            أولاً:
            هذا كذب وافتراء في أعلى مقاماته لا يقبله عاقل ناهيك ان يكون مسلماً ويكفي في إبطاله قوله تعالى:[وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)] سورة الصف (7) .

            ثانياً :
            هل يمكن لغير الميت أن يرى ملك الموت ؟ ويكفي في إبطال ذلك الكفر قوله تعالى:
            [فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ منْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبصِرُونَ (85)]. سورة الواقعة( 83 – 85) .
            ثالثاً :
            هل يمكن إذا جاء أجل الإنسان أن يؤخر؟ يقول الله تعالى في إبطال ذلك الإفك [يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)]. سورة نوح (4).
            ويقول أيضاً [وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61)]. سورة النحل (61) .
            رابعاً :
            هل يجوز لملك الموت أن يسمع كلام المريد البرهاني لأمر الشيخ وأن يترك قبض روحه ؟ يقول تعالى عن ملائكته في تكذيب ذلك الدجل والإلحاد : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)].سورة التحريم6 .
            خامساً :
            إن هذا الحزب السيفي من أوراد الطريقة البرهانية بدعة وضلاله ولا يوجد في أوراد وأذكار النبي صلى الله عليه ما يسمى بالحزب السيفى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :” إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " رواه أبو داود والبيهقي .
            سادساً :
            هل يرى الإنسان الجنة قبل أن يموت والمريد البرهاني يزعم أنه رأى الجنة ورتبته فيها .
            ومعلوم أن الجنة لا يراها من كان من أهلها إلا بعد الموت وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ) رواه النسائي .
            سابعاً :
            كيف يزعم هؤلاء المفترون أنهم من أصحاب الجنة وقد انعقد الإجماع أنه لا يشهد لأحد بنار أو جنة إلا من شهد له القرآن والسنة بذلك ، وشيوخ البرهانية وأتباعها لا يوجد دليل يفيد بذلك خاصة وأن أصل طريقتهم تختلف مع الكتاب والسنة . وقد قال الله تعالى في نفي ذلك [الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)]. سورة النجم (32).

            المخالفة الثانية:

            " يزعم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني أن السيد على الميرغني قبض روح أحد مريديه وقد أعادها له هو وأحياه مرة أخرى وكان النبي صلى الله عليه وسلم شاهداً وحاضراً للمشهد وذلك في كتابه "قبس من نور" ص56 ، حيث يقول "قمت بتعليم أحد المريدين في الطريقة الأوراد والإرشاد وبعثت به إلى بلدة ما يرشد وكان في هذه البلدة أبناء الطريقة الختمية فلم يعجب ذلك السيد على الميرغني فقبض روحه فجاءني أحد الأخوان وقال لي أدركنا يا عم الشيخ فإن الرجل قبض روح أخينا فثرت ثورة شديدة وطرت أنا وعبده سبيكه بروحينا فوجدته ميتاً ومكفناً ينتظر الدفن ووجدت السيد على واقفاً وممسكاً بروح المرشد فقلت له لماذا قبضت روح المرشد فقال أنا حر وهذا الملك ملكي أفعل فيه ما أشاء فقلت له لست حراً وأنا شريك لك في الملك قال لست شريكاً لي ، قلت أيفعل كل واحد منا ما يريد فعله ، قال نعم قلت له أتعي ما تقوله جيداً ، قال نعم أعيه جيداً فناديت سيدي إبراهيم ورفعت يدي لأضربه وأسلب ما عنده من ولاية وفي هذه اللحظة حضر مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتجفنا ارتجافا شديداً وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أعاد الروح للمريد فاخذ يسير هنا وهناك ثم حدثت مشكلة وهي ان الروح ترتبط بالرزق وكان السيد علي قد شطب رزقه قبل قبض روحه وهو الآن فقير يعيش على أرزاق غيره وكثيراً ما يأتي إلي فأقول له اصبر الرجل قد شطب رزقك ) إلى هنا انتهى هذا السخف والاستخفاف بعقول الأمة وهذا الكذب والافتراء الذي لم يقل به حتى إبليس وأما الرد على هذا فمن وجوه متعددة .
            أولاً :
            إن منهج التصوف يمثل طرقا للضلالة والغي ففي هذا يقول تعالى : [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)].سورة الأنعام( 153).
            وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود "إن على كل سبيل شيطان يدعو إليه " رواه مسلم وقد أمر الله تعالى بالاعتصام وان يكون الطريق واحد يقول تعالى : [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)].سورة آل عمران ( 103 ).
            وفي قوله تعالى : [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)]. سورة الأنعام ( 153 ).
            ولكن يأبى المتصوفة إلا أن يصدق فيهم قوله تعالى : [مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)]. سورة الروم ( 31-32 ).
            والمتصوفة في منهجهم كل طائفة ترى إن طريقتها هي الصواب والأخرى على باطل والدليل على ذلك ما جاء في هذه القصة الباطلة وذلك كما يقول " لما ذهب المرشد البرهاني يبشر بطريقته في منطقة الختمية لم يعجب ذلك السيد علي ؟ فقبض روحه إلى آخر الحكاية وإلا لو كانت الطريقة البرهانية حقا فلماذا لم يعجب ذلك السيد علي .

            ثانياً :
            يزعم البرهاني أنه لما أخبر بقبض روح مريده طار بروحه هو وعبده سبيكة ولم يبين لنا كيف كان هذا الطيران وهو يزعم أنه طار بروحه ولا يوجد دليل لهذا النوع من الطيران في الدنيا إلا في المنام وذلك لقوله تعالى : [اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ]. (الزمر: 42 ).
            وهو لم يقل أنه كان في المنام حتى يقول بأن هذا أضغاث أحلام ليرفع عنه الملام وبهذا يتضح بطلان ما يقوله في ادعائه للطيران.

            ثالثاً : من الذي يتولى قبض الأرواح في مفهوم الشرع ؟ أهو السيد على أم ملك الموت والجواب معلوم بالفطرة لكل مسلم بأنه ملك الموت وذلك لقوله تعالى: [قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)]. سورة السجدة (11).
            فياله من افتراء عظيم .

            رابعاً :
            يدعي السيد على أن الملك ملكه يفعل ما يشاء ويدعي البرهاني أنه شريك له في الملك وهذا يكذبه صريح قوله تعالى : [وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)]. سورة التكوير (29). وقوله تعالى: [فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)]. سورة يس (83) .

            خامساً :
            يزعم أن السيد علي لما رفض أن يعيد له روح مريده رفع يده ليضربه ويسلب منه الولاية وذلك بحكم أنه ولي أيضاً وبهذا يفهم أن الولاية عند أهل التصوف تمثل مجتمعاً إجرامياً يضرب فيهم بعضهم بعضاً ويسلب بعضهم بعضاً وقد قال تعالى في صفات أولياءه [الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)]. سورة آل عمران( 134).

            سادساً :
            يزعم أنه في تلك اللحظة حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وردّ للمريد روحه وهذا كذب وافتراء واضح قال تعالى : [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) ]. سورة (الصف(7).
            والسؤال هنا كيف ومتى التقى النبي صلى الله عليه وسلم بالسيد علي ومحمد عثمان عبده البرهاني وهذا معلوم من حيث البعد التاريخي لوفاته صلى الله عليه وسلم وبين السيد علي والبرهاني ثم إنه معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يقوم من قبره إلا في يوم القيامة ، وهذا لما ورد في حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنا أول من تنشق الأرض عن جمجمته يوم القيامة ولا فخر " رواه أحمد .

            سابعا:
            ً يزعم البرهاني أنه أعاد لمريده روحه وهذا أيضاً من جنس الكذب والافتراء إذ أن الميت إذا مات فلا سبيل لرجوعه لدنيا وهذا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى وذلك في قوله : [أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31)]. سورة يس (31).
            ولقوله تعالى أيضاً: [وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)]. سورة مريم (98).

            ثامناً :
            يزعم البرهاني أن السيد علي شطب رزق مريده فهل السيد هو مقسم الأرزاق يقول تعالى في إبطال ذلك الكفر [ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)]. سورة الذاريات (58). ويقول سبحانه : [وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)]. طه 132.
            ويقول تعالى [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)]. سورة هود(6).

            تاسعاً :
            يزعم البرهاني أن مريد بعد أن أعيدت له روحه مرة أخرى بعد موته وشطب رزقه يعيش على أرزاق غيره ، والسؤال هنا لمحمد عثمان عبده البرهاني هل تلك الأرزاق من الناس خارجة عن دائرة الرزق أم أنها تندرج تحت مسمى الرزق ، فإن كان لا يدري فتلك مصيبة وإن كان يدري فالمصيبة أعظم .

            المخالفة الثالثة:

            يزعم محمد عثمان عبده البرهاني أن الشيخ إبراهيم الدسوقي تكلم مع الله في عالم الأرواح وطلب منه أن يزيد له في جسمه حتى يملاً النار وحده ولا يدخلها أحد وذلك في كتابه تبرئة الذمة في نصح الأمة لمحمد عثمان البرهاني ص 314 " حيث يقول وطلب سيدي إبراهيم الدسوقي في عالم الأرواح أن يزداد له في جسمه فزيد ثم طلب أن يزداد أكثر فأكثر فزيد وهكذا حتى سأله الجبار جل وعلا عما يريد من كبر جسمه فقال يارب أنت قلت وقولك الحق في كتابك العزيز [وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ]. وأنا أريد أن أملأ جهنم لوحدي حتى لا يصلاها أحد فقال جل وعلا أتتكرم على كريم يا إبراهيم إنا شفعناك في سبعين ألف مع كل فرد منهم سبعون ألفاً وكل هذا غير من أخذ طريقتك وغير من دخل مقامك وزارك ".
            أولاً :
            إدعاءه أن الله تكلم مع إبراهيم الدسوقي في عالم الأرواح وهذا بعد انتقاله من الدنيا فإذا اتفقنا جدلاً على أن هذا قد حدث فمن الذي أخبر محمد عثمان عبده البرهاني بما كان في ذلك العالم بين الدسوقي وبين الله كما يزعم . إن هذا يمثل منتهى الوضوح في الكذب وقد قال تعالى [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)].سورة الصف (7).
            ثانياً :
            ماذا يمثل إبراهيم الدسوقي أهو ملك أم رسول حتى يكلمه الله ؟ يقول الله تعالى في إبطال ذلك: [وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)]. سورة الشورى 51.
            ثالثًاً :
            ما طلبه إبراهيم الدسوقي من الله أن يزد له في جسمه أكبر فأكبر حتى يسأله الله عن سبب طلبه يمثل اتهاماً لله عز وجل بالجهل تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا قال تعالى :
            [أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)].سورة الملك 14.
            وقال تعالى : [وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)]. سورة طه 7 .
            رابعاً :
            سؤال إبراهيم الدسوقي لله كي يملأ النار وحده وهو يعلم أن الله قال وقوله الحق : [ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ]. (هود : 119 ) يمثل سوء أدب مع الله في آداب السؤال ويمثل أيضاً جهل الدسوقي، هذا لأن الله إذا وعد وعداً فإنه لا يخلفه وذلك لقوله تعالى: [رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ]. (آل عمران: 9 ) وإذا قال قولاً فإنه لا يبدله وذلك لقوله تعالى: [مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)]. سورة ق 29.
            خامساً:
            يزعم البرهاني أن الله شفع إبراهيم الدسوقي في سبعين ألفاً وهذا كذب وافتراء يلعب به شيوخ المتصوفة على كثير من البسطاء وضعاف العقول فإن الشفاعة من أحكام القيامة وقبل قيام الساعة لا يعلم الشافع من المشفوع فيه إلا من شهد له القرآن والسنة بذلك من النبيين وغيرهم في مقام العموم والدليل على أنها يوم القيامة ما جاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أول شافع ومشفع يوم القيامة ولا فخر " رواه مسلم ولن تكون إلا بعد تحديد الله للشافع والإذن له والرضا عن المشفوع فيه وذلك لقوله تعالى [اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)]. سورة البقرة 255 ولقوله تعالى [فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)]. سورة النجم 26 .

            المخالفة الرابعة:

            أباطيل التمائم والأحجبة عند المتصوفة وعند أهل الطريقة البرهانية يقول محمد عثمان عبده البرهاني شيخ الطريقة في كتابه قبس من نور ص 89 ، وحدث أن جماعة من الرجال زاروا الكباشي وكان ولياً من أولياء الله وطلبوا منه حجاباً فقال لأحدهم أحضر لي ورقة فأحضر له ورقة فكتب فيها الكباشي الروب الروب (اللبن) وملأ الورقة بكتابه هذه الكلمة ولم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بهولاء الجماعة يسيرون فوق الماء بأقدامهم .
            ويقول في ص 83 – 84 في نفس المصدر : فمثلاُ أنا محمد عثمان البرهاني قرأت الاسم ورددته مرات كثيرة فتنزلت ملائكة هذا الاسم بعد ستين سنة ثم أبرمت اتفاقاً فعندما أعطى هذا الاسم لمريد من المريدين فبدلاً أن تنزل عليه الملائكة بعد ستين سنة كما فعلت أنا فإنها ستنزل عليه بعد خمس عشرة سنة وعندما تقرأ الاسم الإلهي واحداً وأربعين يوماً تنزل عليك ملائكة الاسم وتستطيع أن تسخر ملائكته وتتعامل معها إلى أن يقول وقد جاءني أحد الجيران يشكو من كثرة عدد السارقين فرسمت له حجاباً وقد سرقت بقرته وقلت له ما عليك إلا أن تقرأ هذا القسم وسيأتي إليك الملك طارش وهو :" يا معشر الجن يا معاشر العمار فلان بن فلان من سيدي إبراهيم أخذ القسم بإذن من شيخه من سيدي إبراهيم من النبي صلى الله عليه وسلم لخدمة الطريقة أو لخدمة نفسه فبايعوه بالخدمة والطاعة فأخذ الرجل الحجاب وعلقه داخل الحجرة فعادت البقرة المسروقة إلى حجرته " هذا في ص 86 -87 من لكتابه قبس من نور لمحمد عثمان عبده البرهاني .
            وأما الرد على ذلك الإفك المبين وتلك الشعوذة والضلال فمن وجوه:
            أولا:
            أن شريعة الإسلام قد جعلت تلك التمائم والأحجبة من أنواع الشرك لأنها تتنافى مع عبادة التوكل والإيمان بالقدر حيث يقول تعالى: [قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)]. سورة التوبة 51 ويقول تعالى أيضاً:
            [وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)]. الأنعام 17.
            ومن هنا كان قوله صلى الله عليه وسلم من حديث بن مسعود ( إنما الرقى والتمائم والتولة شرك ) رواه أبو داود وفي رواية أخرى عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ) رواه أحمد .
            ثانياً :
            إن جميع هؤلاء المتصوفة من أتباع الشيوخ يعلقون التمائم المغلفة بجلود سميكة ولا يعلمون ما كتب فيها وهي تحتوي على مثل هذا الدجل كما في الحجاب الذي كتب فيه الشيخ الروب الروب وقد يخلطون بعض الآيات القرآنية مع بعض الكلمات الشيطانية وقد أوضح محمد عثمان البرهاني أنواعاً من الأحجبة والتمائم في كتابه تبرئة الذمة ص 290 ورسم صورة لحجاب أي التميمة مكتوب فيها (الحمد لله رب العالمين جبروت بحق صرف إست غير المغضوب عليهم ولا الضالين ملك أهل جسم دوذخ أهل شقاوات واخترامات) وهذا كله من تلبيس الحق بالباطل ومن أنواع السحر التي توحي به الشياطين لهؤلاء المضلين .
            ثالثاً :
            يزعم هذا المفتري البرهاني انه تنزلت عليه ملائكة وعقدت معه اتفاقاً للتعامل مع الأحجية والتمائم وأن هناك ملكاً يقسم عليه بعد تعليق الحجاب بالقسم المذكور وان اسمه طارش يأتي لمساعدة صاحب الحجاب.
            ويكفي أن يرد على ذلك الضلال بقوله تعالى : [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)]. سورة الصف 7 ، وأن الملائكة عالم غيبي نؤمن بوجوده ولا نراه وذلك في حديث أركان الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته.. إلى آخر الحديث ) رواه مسلم وإنهم لا يمارسون ذلك الدجل والباطل لقوله تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)].سورة التحريم 6.
            وليعلم الشيخ البرهاني وجميع من يصدق ذلك أن من يزعم محمد عثمان البرهاني عقد معهم اتفاقاً للأحجبة بما فيهم من زعم أنه من الملائكة وأن اسمه طارش ما هو إلا شيطان رجيم كما قال تعالى [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)]. (الأنعام 112)
            وكما قال تعالى ايضاً [ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) ]. سورة الأنعام 121.

            المخالفة الخامسة:

            أوراد وأذكار شيطانية في منهج الطرية البرهانية . إنه من المعلوم أن الله تعالى قد أمر بعباده الذكر فقال [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)]. سورة الأحزاب(41-42) وقال تعالى:
            [وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)]. سورة الأحزاب 35 .
            ولكن الذكر يتأسى فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)]. سورة الأحزاب 21.
            وذكر النبي صلى الله عليه وسلم معروف كان عبارة عن تلاوة القرآن والتسبيح والاستغفار والصلاة عليه ولكن الصوفية يختلفون معه ويخترعون أوراداً ما أنزل الله بها من سلطان ليس لها معنى وهي وحي شياطينهم قد كشفنا عنها من خلال هذه الرسائل ومن أذكار الطريقة البرهانية الباطلة والتي هي من تلبيس إبليس ما جاء في كتاب مجموعة أوراد الطريقة البرهانية تأليف الشيخ إبراهيم محمد عثمان عبده البرهاني ص 210 في الحزب الكبير يقول الذكر " الم نووا فلووا عما نووا ثم لووا عما نووا فغمط فوقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فهم لا .).
            وفي صفحة 28 يقول الذاكر ( وكان الله قوياً عزيزاً بها بها بها بهيا بهيا بهيا بهيات بهيات بهيات القديم الأزلي).
            وفي صفحة 26 يقول الذاكر البرهاني (وكرب كدٍ كدٍ كردد كردد كرده كرده ده ده ده الله ). والناظر لهذه الأباطيل يجد فيها آيات من سور مختلفة غير مرتبة كما رتبت في كتاب الله العزيز حيث توجد كل آية في سورتها وهذه مخالفة لهدى النبي صلى الله عليه وسلم في ترتيب القرآن وما أجمعت عليه الأمة أما تلك الطلاسم الأخرى فما هي إلا من وحي الشياطين ونعوذ بالله من شر الشياطين فهذه بعض مخالفات الطريقة البرهانية والله نسأل السداد والقبول .وأن يثبتنا على دينه وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
            وهذه الوقفات
            هي وقفات للشيخ السوداني محمد مصطفى عبد القادر ـ السودان
            نفع الله به..من مقالاته وكتاباته وردوده على الصوفية.
            b





























            تعليق

            • احمد الحوينى
              0- عضو حديث
              • 10 ديس, 2011
              • 19
              • تأمين سلامة الطيران
              • مسلم سنى سلفى

              #36
              السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أستاذنا ممكن استئذن انى اقوم بعمل هذا الموضوع فى ملف pdf وأنشره بعد وضعه هنا فى المنتدى ؟

              تعليق

              • المهندس زهدي جمال الدين
                12- عضو معطاء

                حارس من حراس العقيدة
                عضو شرف المنتدى
                • 3 ديس, 2006
                • 2169
                • مسلم

                #37
                المشاركة الأصلية بواسطة احمد الحوينى
                السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أستاذنا ممكن استئذن انى اقوم بعمل هذا الموضوع فى ملف pdf وأنشره بعد وضعه هنا فى المنتدى ؟

                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                بارك الله بك وجزاك خيرا وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

                تفضل الدراسة كاملة في ملف وورد

                http://www.mediafire.com/?dfn7qk1zixtbf30

                تعليق

                • احمد الحوينى
                  0- عضو حديث
                  • 10 ديس, 2011
                  • 19
                  • تأمين سلامة الطيران
                  • مسلم سنى سلفى

                  #38
                  المشاركة الأصلية بواسطة المهندس زهدي جمال الدين
                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                  بارك الله بك وجزاك خيرا وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

                  تفضل الدراسة كاملة في ملف وورد

                  http://www.mediafire.com/?dfn7qk1zixtbf30
                  جزاك الله خيرا مهندسنا

                  تعليق

                  مواضيع ذات صلة

                  تقليص

                  المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                  ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
                  ردود 0
                  24 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة وداد رجائي
                  بواسطة وداد رجائي
                  ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 ينا, 2021, 05:31 ص
                  ردود 2
                  170 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                  بواسطة *اسلامي عزي*
                  ابتدأ بواسطة د. نيو, 27 نوف, 2020, 06:25 م
                  ردود 4
                  103 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة د. نيو
                  بواسطة د. نيو
                  ابتدأ بواسطة أحمد محمد أحمد السبر, 23 يول, 2020, 06:53 م
                  ردود 0
                  65 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة أحمد محمد أحمد السبر
                  ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 20 ديس, 2019, 11:46 م
                  ردود 3
                  92 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة عاشق طيبة
                  بواسطة عاشق طيبة
                  يعمل...