قانون دور العبادة الموحد بين خدعة "حقوق ؟ الأقلية المسيحية " وواقعية القضاء على هوية مصر الإسلامية
بقلم : أشرف صلاح علي علي
[email protected]
مشروع قانون دور العبادة الموحد ، هو مشروع القانون الذي فاجئنا به مجلس وزراء مصر ، والذي ظننا أنه سيكون ممثلا للواقع المصري بكافة شرائحة بما سيتضمنه من وضع كل شيء في نصابه ، وإظهار الحق فيما يشاع وينشر من هضم لأقلية نصرانية ، ومن تغول للمسلمين عليهم .. الخ تلك الدعاوى الفارغة ، فإذا بهذا القانون المشبوه قد احتوى جميع معاني القضاء على هوية مصر الإسلامية ، بل والمؤامرة على الدعوة الإسلامية المباركة ، ومحاربة نشر الوعي الديني ، وفي المقابل السماح بتغول أقلية دينية فوق ما هي عليه ، بل والسعي إلى تحويل الوطن كله لحسابها ، وبيان ذلك من عدة جهات بعضها أشنع من بعض :
أولا : غياب الرقابة الدينية والمالية على الكنيسة المصرية ، على العكس من الأزهر وجميع الجهات الإسلامية كجمعيات النفع العام ونحو ذلك .
وانعدام الرقابة على الأمور الدينية أمر خطير جدا يهدف إلى القضاء على الهوية والتميز الديني الإسلامي للمصريين ، حيث يطالب بعض المسيحيون صباح مساء بتغيير مناهج التعليم الديني في مصر ، وحذف الآيات التي تنص على عدم قبول الله لما سوى الإسلام كقوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام ، وكنصه على تكفير من يدعي تعدد الآلهة على أي معنى تقلب هذا التعدد ، هذا في الوقت الذي تنعدم فيها الرقابة على مناهج التعليم الكنسي سواء في مدارسهم أو دروسهم وعظاتهم ، وليست كلمة أحد كبار الكنيسة المصرية والمرشح الأقوى لخلافة بابا المسيحيين الأنبا شنودة بأن الآية السابقة لعلها وضعت بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم منا ببعيد ، فإن كان هذا كلام رجل بهذا الحجم منهم وفي العلن وبلا حياء من المسلمين أو حتى مراعاة لخاطرهم ، فما بالك بما يدرسونه في الخفاء وبعيدا عن أعين الرقابة والمسلمين .
فبهذا القانون ستذوب الهوية الدينية للمسلمين وينعدم عندهم التميز العقدي في حين ترتفع قوة الإيمان المسيحي ، ويقوى عندهم التميز العقدي وهذه قاصمة ظهر للمسلمين فلا قائمة لدين ليس لأفراده تميز عقدي .
وأما عن انعدام الرقابة المالية فهو أمر ليس له مثيل في بلاد العالم ، وكأن الكنيسة دولة داخل دولة ، وهذا في الوقت الذي تقع فيه جمعيات النفع العام .. الخ من المنظمات الإسلامية إلى الرقابة الصارمة ، وبانعدام تلك الرقابة تتغول الكنيسة وتصبح قوة مالية يخشى منها ، وليست مجرد القوة المالية هي المعضلة وإنما ما تستخدم فيه تلك القوة المالية ،و قد رأينا مذ فترة تلك المسرحية التي أساءت للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم وغيرها فمن ينفق عليها ؟!
ثانيا : من بنود هذا القانون المشبوة : السماح ببناء كنيسة كل كيلو متر واحد ، ولو لم يوجد في هذا الكيلو متر سوى مسيحي واحد ، في الوقت الذي يقنن أقل مساحة لدار العبادة بألف متر مربع ، ومعنى هذا في ظل الكثافة المطلقة للمسلمين مع فقر غالبهم في مصر أمرين :
الأمر الأول : إن المسلم سيضطر إلى قطع كيلو متر كامل كلما أراد الصلاة في جماعة ، لأنه من المعلوم إن مسافة الكيلو متر فيها من الكثافة السكانية الإسلامية ما يستحيل معه جمعهم في مسجد واحد ، وهذا الأمر سيتكرر كل كيلو متر ، وفي الواقع فإن هذا القانون يجبر المسلم على ترك الصلاة في جماعة الأمر الذي ينذر بضياع ركيزة من ركائز التميز الإسلامي في مصر وهي صلاة الجماعة ، بل ركيزة من ركائز الإيمان حيث إن الصلاة كما هي معلوم ركن من أركان الدين ، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم من تركها كافر في قوله : " العهد الذي بيننا وبينهم – يعني الكفار – الصلاة فمن تركها فقد كفر " .
الأمر الثاني : صعوبة بناء واستحداث مساجد جديدة في مصر وذلك لضخامة الرسم الذي لابد من دفعه وهو 10000 جنيه مصري ، زد على ذلك فقر غالب الشعب بحيث لا يستطيعون بناء مسجد بتلك الأوصاف المحددة في القانون والتي ستجعل تكلفة المسجد عالية جدا فمن أين لمسلمي مصر الفقراء هذه المبالغ ؟ أما بالنسبة لنصارى مصر فهذا قمة المراد :
فأولا : سيحق للنصارى بناء كنيسة كل كليو متر مربع .
ثانيا : ستتغير خريطة مصر الديمغرافية وسنرى عدد الكنائس يزيد على عدد المساجد وأجراس الكنائس تشوش على صوت الآذان ، وذلك نظرا إلى القوة المالية التي عند نصارى مصر بحيث إنهم يسيطرون على ما لا يقل عن 40 : 60 % تقريبا من أموال مصر الإقتصادية ، هذا بصرف النظر عن دخل الكنيسة المصرية والذي لا يعلم قدره إلا الله حيث إنه سر من الأسرار الكونية كما هو معروف .
والعجيب أن الكنيسة الأرثوذكسية اعترضت على المسافة المقدرة وطالبت بتقليلها ، بل واعترضت على بند الرقابة حتى تم حذفه ، ولهم اعتراضات على تسع بنود أخرى ، وكأنهم لا يسعون فقط إلى التساوى مع المسلمين في بناء دور العبادة بل إلى التفوق على المسلمين بل إلى طمر مساجد مصر وإخفاءها من على الخريطة الديمغرافية لمصر ، حيث بلغ عدد المساجد في مصر وفقا للإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الأوقاف والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بـ 92.600 مسجدا، أي مسجد لكل 800 مصلي تقريبا في الوقت الذي بلغ فيه عدد الكنائس في مصر طبقا للإحصائيات الرسمية نحو 3126 كنيسة ، أما الأديرة فتكفي لنحو 24 مليون مصلي مسيحي ، حسب تقديرات الكنسية نفسها وفقا لمقال المستشار السابق والمحامي بالنقض حسين أبو عيسي ، في الوقت الذي لا يبلغ تعداد المسيحين بجميع طوائفهم في مصر من 5 : 6 % حسب أدق التقديرات فالواقع إن المظلوم في بناء دور عبادته من القديم المسلمون وليس العكس ، وهذا يفتخرون به في مدائحهم للبابا شنودة وأنه أول بابا يبنى في عهده كنائس داخل وخارج مصر لم تبن في تاريخ النصارى الأرثوذكس في تاريخ مصر ، ويذكرون هذا في أعياد جلوسه ، بل وفي ترنيماتتهم المادحة له مما يبث على قنواتهم الفضائية سواء الداخلية أو الخارجية ، ولكن أكثر المسلمين لا ينتبه إلى تلك التفصيلات .
بل أعجب من هذا سكوت الجهات الحكومية الدينية الممثلة في الأزهر الشريف ، وعدم التعليق على هذا القانون المشبوه البتة ، وأعجب من ذلك إن مسئولا في وزارة الأوقاف قال إن رئاسة الوزراء لم تبعث لهم بنص القانون ليبدوا رأيهم فيه ؟ هكذا .. ولا أدري كيف لا تحتج وزارة الأوقاف على هذا التجاهل المهين لها في الوقت الذي تعرض نصوص القانون على الكنيسة أول بأول حتى تضع فيها ما تشاء وترفع منها ما تشاء ؟ ثم أين فضيلة المفتى الذي لا يمل من النص على خطورة السلفيين وأنهم عائق من عوائق التنمية وأنهم وأنهم .. بل وبلغ به الحال إلى الإستنجاد بأمريكا (النصرانية) عليهم ، بل في تخصيص كتاب عنهم وعن خطورتهم المزعومة ! وهم يعني السلفيين من بني ملته ودينه ، أين هو ؟! هذا في الوقت الذي يصرح فيه كبير من كبار الكنسية بل كل قساوستهم تقريبا بأنهم مستعدون للإستشهاد إذا ما قررت الدولة الرقابة على الكنائس المصرية ، بل وتصريح الأنبا بيشوي أن المسيحين سكان مصر الأصليين وأن المسلمين ضيوف عليهم ، وإصرار قطاع عريض من المسيحين على وصف مسلمي مصر بالمحتلين وخصوصا نصارى المهجر أو من يسمون أنفسهم كذبا وزورا "أقباط المهجر" ، فإن كان المفتي في عماية من الأمر فليقرأ كتاب العلامة الدكتور : محمد عمارة الفتنة الطائفية متى وأين ولماذا ؟ ولننظر ماذا سيقول بعد ذلك .
ثالثا : إن واضع هذا القانون المشبوه قد خالف الأعراف الوضعية والشرائع السماوية ، أما من جهة الأعراف الوضعية فإن المعيار العالمي لحقوق الإنسان ينص على أن توافر مباني العبادة مؤسس على الكثافة السكانية والمساحة المخصصة لكل فرد ، لا على هذا المعيار المخترع مسافة كيلو متر بين كل دور عبادة وأخرى بل وتريد الكنيسة تقليلها أيضا .
وعن مخالفتها للشرائع السماوية فإن الإسلام لم يحدد مساحة معينة لبناء المسجد بل ترك الأمر بين مفحص القطاة كما جاء في الحديث إلى مثل مساحة الحرم وأكبر لمن يستطيع .
أما المخالفة الأكبر فهي فرض رسم على بناء المسجد بل وتقنين ذلك بما يتعارض كلية مع الهدف الرئيس من بناء المساجد في الإسلام ، ما هذا ، أفي دولة نصرانية نحن أو يهودية ؟ أنسي واضع هذا القانون المشبوه أننا دولة إسلامية بل أهم دولة إسلامية على وجه الأرض ، بل رأس الإسلام في هذا الزمان ، شاء من شاء وأبى من أبى .
وعن مخالفتها للإثنين معا فيتجلى في معيار المساواة المطبقة في هذا القانون وهي مساواة من نوع خاص لم نسمع عنها في عصر من العصور وحتى الآن وفي أعتى الديمقراطيات الغربية كانجلترا ، فكيف يسوى 95 % بمن لا يزيدون في أي حال من الأحوال عن 5 % ، أي ميزان عدل هذا وأي قاعدة مساواة اعتمدت هنا ، أيعطى الواحد كالألف بعلة المساواة ؟! إن العدل والمساواة هي إعطاء كل ذي حق حقه مهما كان قليلا أو كثيرا .
رابعا : وهو مربط "الجمل" فإن أكبر ما يريده مشرع هذا القانون هو محاربة الدعوة الإسلامية بمختلف التيارات الحاملة لها ، لعلمه جيدا إن غالب التيارات الإسلامية تبث دعوتها للإسلام في تلك المساجد والزوايا ، فإذا فعل هذا فقد ضرب عدة أهداف بحجر واحد :
أولها : أضعف الإنتماء الديني التابع لما في نفس الإنسان العادي وفطرته السوية ، وذلك بالضغط الخفي عليه ليترك الجماعة والصلاة في المساجد كما سبق وأوضحنا .
ثانيها : أضعف الإنتماء الديني المنضبط الموافق لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والمتمثل بنسبة كبيرة منه في الدعوة الإسلامية بمختلف التيارات الحاملة لها .
ثالثها : إعطاء الفرصة للكنيسة ونصارى مصر بالتغول والدخول في كل كيلو متر مربع بأجراسها وترنيماتها وبالتالي إلى إضعاف أقوى عقيدة تحافظ على نقاء أي دين وهي عقيدة الولاء والبراء للمسلمين .
خامسا : إن هذا القانون سينتج عنه إشكاليات أقل ما فيها هي الفتنة الطائفية وذلك من جهات :
أولها : إن واضع هذا القانون قد جرم قطاعا عريضا من المساجد المقامة حاليا بغير هذه الشروط المخترعة ، مما ينذر بتصادمات لا أول لها ولا أخر بين الدولة والشعب .
ثانيها : إن واضع هذا القانون يضع مسلمي مصر بين خيارات أحلاها مر :
فإما السكوت عن هذا القانون وتمريرة وبالتالي القضاء على الهوية الدينية الإسلامية لمصر وتغيير الخريطة الديمغرافية لمصر في خلال خمس إلى عشر سنوات بالأكثر .
وإما الدخول في مصادمات مع الدولة لا يعلم إلا الله إلى أين تصير ، وأخشى أن يكون هذا الأخير مقصود بذاته ، وبخاصة في تلك الأونة التي سمعنا فيها نائب رئيس الوزراء وعلى قناة مصرية يصف الجماعات الإسلامية بالظلامية ، فكأن مشرع هذا القانون المشبوه يؤسس للإيقاع بهذا الفصيل لإحداث فجوة بينه وبين الدولة والشعب ، بغية القضاء عليه أو حتى تحييده سياسيا ، لأنه من المعروف إنه سيكون الأعلى صوتا في مواجهة هذا القانون المشبوه .
ثم الأخطر والأشد على أمن هذا الوطن العزيز ومواطنيه وهو الضغط على نفسية المواطن المسلم والذي يشكل ما لا يقل عن 94 % من تعداد الشعب المصري إن لم يزد ، والذي ينظر إلى نفسه وباعتراف المنصفين من علماء الملة النصرانية وعلمانييها على أن له الفضل الأول في بقاء الكنيسة المصرية إلى الآن في حيز الوجود ، حيث أنقذها من حرب الإبادة التي كانت تشنها عليه روما إبان الإحتلال الروماني لمصر ، بما فيها حفلات الغداء والعشاء والتي كانوا يلقون فيها نصارى مصر الأرثوذكس للأسود لتأكلهم أحياء ، وحفلات الشواء التي كانوا يشوون فيها النصارى كالخرفان على النار ، ثم ينظر فيرى تلك التصريحات المستفزة من تلك الطائفة سواء من رجال الدين أو العلمانيين إلى حد القول بتحريف القرآن كما مر ، بل وتصريح الأنبا بيشوي أن المسيحين سكان مصر الأصليين وأن المسلمين ضيوف عليهم ، بل ووصفهم بالمحتلين .. ، نكران للجميل وقلة حياء لا حدود لها ، ثم بعد ذلك كله يرى في كل كيلو متر مربع كنيسة وهو محروم من بناء مسجد يقيم فيه عبادته .. بعد ذلك كله ألا يحق لنا أن نقول إن هذا القانون المشبوه ببنوده المخترعة يشكل خطورة محققة على الوحدة الوطنية والأمن الإجتماعي ؟
إن بنود هذا القانون بما هي عليه تنذر بفتنة طائفية بحق ، وليست تلك الفتنة الطائفية التي يدندن بها النصارى وإخوانهم الليبراليين ومن لف لفهم ليل نهار فهذه مصطنعة كرتونية لا وجود لها ، أما التي أقصدها فهي القاصمة لاستقرار هذا الوطن العزيز والله وحده أعلم بنتائجها والتي لا تحتاج لكبير تدقيق لكي نعرف من سيكون الخاسر الأكبر فيها .
ومن هنا فإني "أصرخ" في أذن من وضع بنود هذا القانون أن يراجع نفسه ويتقي الله تعالى في مصر وأهل مصر ، ويذر هذا النوع من العبث بمقدرات الأمة المصرية بخاصة والأمة الإسلامية بعامة ، وليعلم إن مصر قبل 25 يناير ليست هي مصر بعد 25 يناير ، فلن يمر على شعبها شيء فيه غض من دينهم أو كرامتهم أو وطنيهم ، وأخيرا فإني أسأل الله تعالى أن يحفظ مصر من كيد أعدائها داخلا وخارجا ، وأن يديم عليها نعمة الإسلام والإيمان ، وأن يعيد إليها ريادتها في قيادة الأمة إلى ما فيه خير الناس جميعا مسلمين وغير مسلمين .
منقول : http://www.facebook.com/notes/ashraf...93234324087087
بقلم : أشرف صلاح علي علي
[email protected]
مشروع قانون دور العبادة الموحد ، هو مشروع القانون الذي فاجئنا به مجلس وزراء مصر ، والذي ظننا أنه سيكون ممثلا للواقع المصري بكافة شرائحة بما سيتضمنه من وضع كل شيء في نصابه ، وإظهار الحق فيما يشاع وينشر من هضم لأقلية نصرانية ، ومن تغول للمسلمين عليهم .. الخ تلك الدعاوى الفارغة ، فإذا بهذا القانون المشبوه قد احتوى جميع معاني القضاء على هوية مصر الإسلامية ، بل والمؤامرة على الدعوة الإسلامية المباركة ، ومحاربة نشر الوعي الديني ، وفي المقابل السماح بتغول أقلية دينية فوق ما هي عليه ، بل والسعي إلى تحويل الوطن كله لحسابها ، وبيان ذلك من عدة جهات بعضها أشنع من بعض :
أولا : غياب الرقابة الدينية والمالية على الكنيسة المصرية ، على العكس من الأزهر وجميع الجهات الإسلامية كجمعيات النفع العام ونحو ذلك .
وانعدام الرقابة على الأمور الدينية أمر خطير جدا يهدف إلى القضاء على الهوية والتميز الديني الإسلامي للمصريين ، حيث يطالب بعض المسيحيون صباح مساء بتغيير مناهج التعليم الديني في مصر ، وحذف الآيات التي تنص على عدم قبول الله لما سوى الإسلام كقوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام ، وكنصه على تكفير من يدعي تعدد الآلهة على أي معنى تقلب هذا التعدد ، هذا في الوقت الذي تنعدم فيها الرقابة على مناهج التعليم الكنسي سواء في مدارسهم أو دروسهم وعظاتهم ، وليست كلمة أحد كبار الكنيسة المصرية والمرشح الأقوى لخلافة بابا المسيحيين الأنبا شنودة بأن الآية السابقة لعلها وضعت بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم منا ببعيد ، فإن كان هذا كلام رجل بهذا الحجم منهم وفي العلن وبلا حياء من المسلمين أو حتى مراعاة لخاطرهم ، فما بالك بما يدرسونه في الخفاء وبعيدا عن أعين الرقابة والمسلمين .
فبهذا القانون ستذوب الهوية الدينية للمسلمين وينعدم عندهم التميز العقدي في حين ترتفع قوة الإيمان المسيحي ، ويقوى عندهم التميز العقدي وهذه قاصمة ظهر للمسلمين فلا قائمة لدين ليس لأفراده تميز عقدي .
وأما عن انعدام الرقابة المالية فهو أمر ليس له مثيل في بلاد العالم ، وكأن الكنيسة دولة داخل دولة ، وهذا في الوقت الذي تقع فيه جمعيات النفع العام .. الخ من المنظمات الإسلامية إلى الرقابة الصارمة ، وبانعدام تلك الرقابة تتغول الكنيسة وتصبح قوة مالية يخشى منها ، وليست مجرد القوة المالية هي المعضلة وإنما ما تستخدم فيه تلك القوة المالية ،و قد رأينا مذ فترة تلك المسرحية التي أساءت للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم وغيرها فمن ينفق عليها ؟!
ثانيا : من بنود هذا القانون المشبوة : السماح ببناء كنيسة كل كيلو متر واحد ، ولو لم يوجد في هذا الكيلو متر سوى مسيحي واحد ، في الوقت الذي يقنن أقل مساحة لدار العبادة بألف متر مربع ، ومعنى هذا في ظل الكثافة المطلقة للمسلمين مع فقر غالبهم في مصر أمرين :
الأمر الأول : إن المسلم سيضطر إلى قطع كيلو متر كامل كلما أراد الصلاة في جماعة ، لأنه من المعلوم إن مسافة الكيلو متر فيها من الكثافة السكانية الإسلامية ما يستحيل معه جمعهم في مسجد واحد ، وهذا الأمر سيتكرر كل كيلو متر ، وفي الواقع فإن هذا القانون يجبر المسلم على ترك الصلاة في جماعة الأمر الذي ينذر بضياع ركيزة من ركائز التميز الإسلامي في مصر وهي صلاة الجماعة ، بل ركيزة من ركائز الإيمان حيث إن الصلاة كما هي معلوم ركن من أركان الدين ، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم من تركها كافر في قوله : " العهد الذي بيننا وبينهم – يعني الكفار – الصلاة فمن تركها فقد كفر " .
الأمر الثاني : صعوبة بناء واستحداث مساجد جديدة في مصر وذلك لضخامة الرسم الذي لابد من دفعه وهو 10000 جنيه مصري ، زد على ذلك فقر غالب الشعب بحيث لا يستطيعون بناء مسجد بتلك الأوصاف المحددة في القانون والتي ستجعل تكلفة المسجد عالية جدا فمن أين لمسلمي مصر الفقراء هذه المبالغ ؟ أما بالنسبة لنصارى مصر فهذا قمة المراد :
فأولا : سيحق للنصارى بناء كنيسة كل كليو متر مربع .
ثانيا : ستتغير خريطة مصر الديمغرافية وسنرى عدد الكنائس يزيد على عدد المساجد وأجراس الكنائس تشوش على صوت الآذان ، وذلك نظرا إلى القوة المالية التي عند نصارى مصر بحيث إنهم يسيطرون على ما لا يقل عن 40 : 60 % تقريبا من أموال مصر الإقتصادية ، هذا بصرف النظر عن دخل الكنيسة المصرية والذي لا يعلم قدره إلا الله حيث إنه سر من الأسرار الكونية كما هو معروف .
والعجيب أن الكنيسة الأرثوذكسية اعترضت على المسافة المقدرة وطالبت بتقليلها ، بل واعترضت على بند الرقابة حتى تم حذفه ، ولهم اعتراضات على تسع بنود أخرى ، وكأنهم لا يسعون فقط إلى التساوى مع المسلمين في بناء دور العبادة بل إلى التفوق على المسلمين بل إلى طمر مساجد مصر وإخفاءها من على الخريطة الديمغرافية لمصر ، حيث بلغ عدد المساجد في مصر وفقا للإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الأوقاف والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بـ 92.600 مسجدا، أي مسجد لكل 800 مصلي تقريبا في الوقت الذي بلغ فيه عدد الكنائس في مصر طبقا للإحصائيات الرسمية نحو 3126 كنيسة ، أما الأديرة فتكفي لنحو 24 مليون مصلي مسيحي ، حسب تقديرات الكنسية نفسها وفقا لمقال المستشار السابق والمحامي بالنقض حسين أبو عيسي ، في الوقت الذي لا يبلغ تعداد المسيحين بجميع طوائفهم في مصر من 5 : 6 % حسب أدق التقديرات فالواقع إن المظلوم في بناء دور عبادته من القديم المسلمون وليس العكس ، وهذا يفتخرون به في مدائحهم للبابا شنودة وأنه أول بابا يبنى في عهده كنائس داخل وخارج مصر لم تبن في تاريخ النصارى الأرثوذكس في تاريخ مصر ، ويذكرون هذا في أعياد جلوسه ، بل وفي ترنيماتتهم المادحة له مما يبث على قنواتهم الفضائية سواء الداخلية أو الخارجية ، ولكن أكثر المسلمين لا ينتبه إلى تلك التفصيلات .
بل أعجب من هذا سكوت الجهات الحكومية الدينية الممثلة في الأزهر الشريف ، وعدم التعليق على هذا القانون المشبوه البتة ، وأعجب من ذلك إن مسئولا في وزارة الأوقاف قال إن رئاسة الوزراء لم تبعث لهم بنص القانون ليبدوا رأيهم فيه ؟ هكذا .. ولا أدري كيف لا تحتج وزارة الأوقاف على هذا التجاهل المهين لها في الوقت الذي تعرض نصوص القانون على الكنيسة أول بأول حتى تضع فيها ما تشاء وترفع منها ما تشاء ؟ ثم أين فضيلة المفتى الذي لا يمل من النص على خطورة السلفيين وأنهم عائق من عوائق التنمية وأنهم وأنهم .. بل وبلغ به الحال إلى الإستنجاد بأمريكا (النصرانية) عليهم ، بل في تخصيص كتاب عنهم وعن خطورتهم المزعومة ! وهم يعني السلفيين من بني ملته ودينه ، أين هو ؟! هذا في الوقت الذي يصرح فيه كبير من كبار الكنسية بل كل قساوستهم تقريبا بأنهم مستعدون للإستشهاد إذا ما قررت الدولة الرقابة على الكنائس المصرية ، بل وتصريح الأنبا بيشوي أن المسيحين سكان مصر الأصليين وأن المسلمين ضيوف عليهم ، وإصرار قطاع عريض من المسيحين على وصف مسلمي مصر بالمحتلين وخصوصا نصارى المهجر أو من يسمون أنفسهم كذبا وزورا "أقباط المهجر" ، فإن كان المفتي في عماية من الأمر فليقرأ كتاب العلامة الدكتور : محمد عمارة الفتنة الطائفية متى وأين ولماذا ؟ ولننظر ماذا سيقول بعد ذلك .
ثالثا : إن واضع هذا القانون المشبوه قد خالف الأعراف الوضعية والشرائع السماوية ، أما من جهة الأعراف الوضعية فإن المعيار العالمي لحقوق الإنسان ينص على أن توافر مباني العبادة مؤسس على الكثافة السكانية والمساحة المخصصة لكل فرد ، لا على هذا المعيار المخترع مسافة كيلو متر بين كل دور عبادة وأخرى بل وتريد الكنيسة تقليلها أيضا .
وعن مخالفتها للشرائع السماوية فإن الإسلام لم يحدد مساحة معينة لبناء المسجد بل ترك الأمر بين مفحص القطاة كما جاء في الحديث إلى مثل مساحة الحرم وأكبر لمن يستطيع .
أما المخالفة الأكبر فهي فرض رسم على بناء المسجد بل وتقنين ذلك بما يتعارض كلية مع الهدف الرئيس من بناء المساجد في الإسلام ، ما هذا ، أفي دولة نصرانية نحن أو يهودية ؟ أنسي واضع هذا القانون المشبوه أننا دولة إسلامية بل أهم دولة إسلامية على وجه الأرض ، بل رأس الإسلام في هذا الزمان ، شاء من شاء وأبى من أبى .
وعن مخالفتها للإثنين معا فيتجلى في معيار المساواة المطبقة في هذا القانون وهي مساواة من نوع خاص لم نسمع عنها في عصر من العصور وحتى الآن وفي أعتى الديمقراطيات الغربية كانجلترا ، فكيف يسوى 95 % بمن لا يزيدون في أي حال من الأحوال عن 5 % ، أي ميزان عدل هذا وأي قاعدة مساواة اعتمدت هنا ، أيعطى الواحد كالألف بعلة المساواة ؟! إن العدل والمساواة هي إعطاء كل ذي حق حقه مهما كان قليلا أو كثيرا .
رابعا : وهو مربط "الجمل" فإن أكبر ما يريده مشرع هذا القانون هو محاربة الدعوة الإسلامية بمختلف التيارات الحاملة لها ، لعلمه جيدا إن غالب التيارات الإسلامية تبث دعوتها للإسلام في تلك المساجد والزوايا ، فإذا فعل هذا فقد ضرب عدة أهداف بحجر واحد :
أولها : أضعف الإنتماء الديني التابع لما في نفس الإنسان العادي وفطرته السوية ، وذلك بالضغط الخفي عليه ليترك الجماعة والصلاة في المساجد كما سبق وأوضحنا .
ثانيها : أضعف الإنتماء الديني المنضبط الموافق لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والمتمثل بنسبة كبيرة منه في الدعوة الإسلامية بمختلف التيارات الحاملة لها .
ثالثها : إعطاء الفرصة للكنيسة ونصارى مصر بالتغول والدخول في كل كيلو متر مربع بأجراسها وترنيماتها وبالتالي إلى إضعاف أقوى عقيدة تحافظ على نقاء أي دين وهي عقيدة الولاء والبراء للمسلمين .
خامسا : إن هذا القانون سينتج عنه إشكاليات أقل ما فيها هي الفتنة الطائفية وذلك من جهات :
أولها : إن واضع هذا القانون قد جرم قطاعا عريضا من المساجد المقامة حاليا بغير هذه الشروط المخترعة ، مما ينذر بتصادمات لا أول لها ولا أخر بين الدولة والشعب .
ثانيها : إن واضع هذا القانون يضع مسلمي مصر بين خيارات أحلاها مر :
فإما السكوت عن هذا القانون وتمريرة وبالتالي القضاء على الهوية الدينية الإسلامية لمصر وتغيير الخريطة الديمغرافية لمصر في خلال خمس إلى عشر سنوات بالأكثر .
وإما الدخول في مصادمات مع الدولة لا يعلم إلا الله إلى أين تصير ، وأخشى أن يكون هذا الأخير مقصود بذاته ، وبخاصة في تلك الأونة التي سمعنا فيها نائب رئيس الوزراء وعلى قناة مصرية يصف الجماعات الإسلامية بالظلامية ، فكأن مشرع هذا القانون المشبوه يؤسس للإيقاع بهذا الفصيل لإحداث فجوة بينه وبين الدولة والشعب ، بغية القضاء عليه أو حتى تحييده سياسيا ، لأنه من المعروف إنه سيكون الأعلى صوتا في مواجهة هذا القانون المشبوه .
ثم الأخطر والأشد على أمن هذا الوطن العزيز ومواطنيه وهو الضغط على نفسية المواطن المسلم والذي يشكل ما لا يقل عن 94 % من تعداد الشعب المصري إن لم يزد ، والذي ينظر إلى نفسه وباعتراف المنصفين من علماء الملة النصرانية وعلمانييها على أن له الفضل الأول في بقاء الكنيسة المصرية إلى الآن في حيز الوجود ، حيث أنقذها من حرب الإبادة التي كانت تشنها عليه روما إبان الإحتلال الروماني لمصر ، بما فيها حفلات الغداء والعشاء والتي كانوا يلقون فيها نصارى مصر الأرثوذكس للأسود لتأكلهم أحياء ، وحفلات الشواء التي كانوا يشوون فيها النصارى كالخرفان على النار ، ثم ينظر فيرى تلك التصريحات المستفزة من تلك الطائفة سواء من رجال الدين أو العلمانيين إلى حد القول بتحريف القرآن كما مر ، بل وتصريح الأنبا بيشوي أن المسيحين سكان مصر الأصليين وأن المسلمين ضيوف عليهم ، بل ووصفهم بالمحتلين .. ، نكران للجميل وقلة حياء لا حدود لها ، ثم بعد ذلك كله يرى في كل كيلو متر مربع كنيسة وهو محروم من بناء مسجد يقيم فيه عبادته .. بعد ذلك كله ألا يحق لنا أن نقول إن هذا القانون المشبوه ببنوده المخترعة يشكل خطورة محققة على الوحدة الوطنية والأمن الإجتماعي ؟
إن بنود هذا القانون بما هي عليه تنذر بفتنة طائفية بحق ، وليست تلك الفتنة الطائفية التي يدندن بها النصارى وإخوانهم الليبراليين ومن لف لفهم ليل نهار فهذه مصطنعة كرتونية لا وجود لها ، أما التي أقصدها فهي القاصمة لاستقرار هذا الوطن العزيز والله وحده أعلم بنتائجها والتي لا تحتاج لكبير تدقيق لكي نعرف من سيكون الخاسر الأكبر فيها .
ومن هنا فإني "أصرخ" في أذن من وضع بنود هذا القانون أن يراجع نفسه ويتقي الله تعالى في مصر وأهل مصر ، ويذر هذا النوع من العبث بمقدرات الأمة المصرية بخاصة والأمة الإسلامية بعامة ، وليعلم إن مصر قبل 25 يناير ليست هي مصر بعد 25 يناير ، فلن يمر على شعبها شيء فيه غض من دينهم أو كرامتهم أو وطنيهم ، وأخيرا فإني أسأل الله تعالى أن يحفظ مصر من كيد أعدائها داخلا وخارجا ، وأن يديم عليها نعمة الإسلام والإيمان ، وأن يعيد إليها ريادتها في قيادة الأمة إلى ما فيه خير الناس جميعا مسلمين وغير مسلمين .
منقول : http://www.facebook.com/notes/ashraf...93234324087087
تعليق