إن من اعظم و أدق المسائل التي يقف المسلم خاضعا ذليلا امامه هي مسألة الهداية والايمان , فالمسلم الحق يأخذ بجميع اسباب الهداية التي وصانا بها الله في كتابه العزيز و النبي عليه الصلاة والسلام في سنته المباركة و حتى بعد الاخذ بها يعلم يقينا بأنها اسباب لا تنفع إلا اذا فتح الله بصيرة العبد و كشف عنه الغشاوة , فالكل لهم آذان و ابصار و افئدة , لكن شتانا بين عين الكافر و عين المؤمن ! او سمع الكافر و سمع المؤمن ! و اسمع
قال الطبري في تفسيره:
فالمؤمن يسأل الله طوال حياته ان يثبته الله و ان ينير قلبه و أن لا يُعطل سمعه ولا بصره , و قبل كل هذا لا بد ان يكون المرء طالبا للحق متجردا من هواه و نزوات نفسه ، أي محبا للحق خاضعا له يكفيه الدليل الواحد لإتباع الحق , لا يتنطع في النبش في مسائل لا طائل منها بعد ان عرف ان طريق الحق ذاك , والقران الكريم في ايات كثيرة اخبرنا عن نفوس تأبى الايمان و لو آتاهم الله اوضح الايات والبراهين و ذلك لإختيارهم الكفر عن سبق اصرار و مكابرة , قال تعالى؛ (( وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)) فهؤلاء اختاروا الكفر بملئ إراداتهم و قالوا لا نريد ايات ولا براهين بل نريد الكفر وحده فكفروا بالايات قبل ان تأتيهم اصلا ! أليس هذا عجيبا ؟ يعني هم اسوء من الطائفة التي قالت (وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا)) على الاقل هؤلاء علقوا ايمانهم بمجيئ اية و لو زورا و كذبا .. فالمولى عز وجل قال بعدها((قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ))
وطائفة أخرى كرهوا الايمان و تبعاته و مُلزماته فأعرضوا عنها لأنها تتعارض مع ما يحبون من شهوات و تحرر فكري و سلوكي قال تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام :((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ؟)) فكيف يُلزم الله اقواما كرهوا الايمان بأن يؤمنوا ؟ و الأدهى من ذلك بأنهم عميان اصلا ! فهل ترجوا لهذه الطائفة هداية ؟
والطائفة الأكثر سذاجة و سفاهة هي التي ذكرهم الله تعالى في قوله : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ))! و هذا نراه واقعا , يعني مجرد انه ما هُدي الى الايمان والاسلام بدء بالطعن و التكذيب ! أي قياس باطل هذا ؟ ألأنكم ما اهتديتم للحق صار الحق باطلا و إفكا قديما .. ألأنكم لا تريدون الاسلام صار الاسلام خرافة من اساطير الاولين؟
نسأل الله ان يرينا طريق الرشاد.... و ان يُجنبنا و اهلينا عبادة الالحاد و جميع مِلل الكفر والعناد .... امين.