المختصر/ البداية كانت مع خبر صغير ربما يكون معهودا في الصومال يفيد بمقتل اثنين لكنهما ليسا من من المواطنين بل من الأجانب وهنا الفارق الأجنبيان كانا كوري جنوبي و ايرلندي يحمل جواز سفر أمريكي و كان عملهما عبارة عن التبشير بالمسيحية، وعلى الفور ثارت ثائرة الغرب فقد كانت تفاصيل الحادث بشعة حيث تم فصل راس القتيليتن عن جسديهما و تم ايضا طلاء جسد الكوري باللون الأصفر لتمييزه بينما دُهن جسد الآخر باللون الأبيض و تم رمي الرأسين داخل مبنى السفارة الاميريكية المهجورة منذ فترة ليست بالقصيرة في رسالة لها مغزاها ومعناهاو بعد فترة قصيرة وصلت رسالة عبر التليكس المتوفر في أحد البنوك بالعاصمة مقديشيو إلى رئاسة جمهورية الصومال.
وكانت المفاجأة أن التليكس يحمل شعار الأمم المتحدة و يعبر عن الحزن الشديد لما حدث للكوري و الايرلندي الاميركي بل و يهدد بالباطن الحكومةالصومالية بعواقب " كثيرة " إذا لم توقف هذا فورا وبعد هذا بدأ مسلسل تجويع الصومال والذي تمثل في منع أية معونات تصل إليها.
وكان معروفا من يمنع المعونات من الوصول خاصة وأنها تاتي في طائرات تابعة للأمم المتحدة سواء من اريتريا أو اثيوبيا المجاورتين، وبالرغم من أن جمهورية جنوب السودان الوليدة مرت أيضا بنفس ظروف الجفاف الشديد نظرالعدم هطول الأمطار المعتادة في فضل الخريف إلا أن المساعدات الغربية التي"هطلت" كالأمطار على هذا البلد الذي يتخذ من الوثنية أو عدم الاعتراف بأيةديانة تشريعا لسلطاته لم تشعر الجنوبيين على الإطلاق بأية مجاعة أو نقص حتىأن مياه الشرب النظيفة كانت تأتيهم في زجاجات فاخرة مباشرة من اثيوبيا.
وكانت المشاهد الحزينة من الصومال تخبرنا بالمجاعة التي رأيناها جميعاوكانت الرسالة عبارة عما يلي: ترفضون المبشرين بالمسيحية أو التهويد فعليكم التمسك بما انتم عليه و الهلاك لكم
ثم القى الرئيس شيخ شريف بخطبة شهيرة جدا سال فيها الشعب سؤالا محددا : قال فيه انهم يريدون قتلالاسلام في بلادنا بتجويعنا و افقارنا فهل توافقون على ان نتبعهم و نتنصرلنصبح افضل حالا مثل جنوب السودان ام نتبع الرسول و صحابته و نصبر علىالفقر و العطش ليكون مصيرنا جميعا معروف و كانت الاجابة بلا تردد و بدون تفكير.
ثم جاءت الطامة الكبرى متمثلة في تدخل إسرائيل عبر اثيوبيا برسائل مفادها أن تسمح الحكومة الصومالية للشباب من سن العاشرة حتى الخامسة عشر بالذهاب إلى اثيوبيا مع دفع مبلغ مالي مغري يصل إلى 20 ألف دولار عن كل مراهق أو شاب، إضافة إلى راتب يتم إرساله لأسرته، وكان الهدف واضحا لاغراء من يتم ارسالهم إلى اثيوبيا لتهويدهم وربما تزوير تاريخهم لاثبات أنهم منأصول "الفلاشة" اليهودية ثم تصديرهم بعد ذلك لخدمة الدولة "الصهيونية".
وبسرعة وصلت الرسالة إلى الحكومة الصومالية التي قررت التدخل على عجل وطلبت من الحكومة الاثيوبية التوقف عن إرسال مثل هذه الرسائل بل وهددت بالقيام بعمليات متنوعة داخل اثيوبيا نفسها.
وكانت المفاجأة التالية في رسالتين من الأمم المتحدة والخارجيةالأمريكية واللتان تحملان مضمونا واحدا، فرسالة الأمم المتحدة يعرب فيهاالأمين العام بان كي مون عن حزنه الشديد لمقتل الكوري الجنوبي مواطنه المبشر بالمسيحية، ويطلب من الحكومة أن تحمي الموظفين الدوليين في البلاد وإلا فعليها أن تتحمل عواقب الأمر.
أما الرسالة الأخرى الأمريكية فكانت أكثر عجبا ففيها تطلب أمريكا علناأن يدخل "موظفون" من جمعيات مسيحية و يهودية "تنشط في أمريكا نفسها" إلى البلاد مصحوبين بحراس أمنين تدفع تلك الجمعيات نفقاتهم ليؤدون عملهم بحرية.
وقررت الحكومة الصومالية أن ترسل إلى الخارجية الأمريكية عبر الحكومةالقطرية تتساءل عن نوعية العمل الذي ينوي هؤلاء الموظفون القيام به فيالصومال فتأتي الرسالة بالرد الأعجب، وعن طريق وزارة الخارجية القطرية أيضاليوضح أن هؤلاء الموظفين سيسعون لإقامة مراكز ثقافية لإطلاع الشباب الصوماليين على الثقافة الغربية وتعليمهم اللغة الانجليزية الصحيحة ومايرغبون من لغات أخرى.
وبالطبع الهدف كان واضحا من وراء الكلمات فليست هناك مراكز ثقافية اوشيء من هذا القبيل انما كلها مراكز تبشير رسمية تحت مسمى الثقافة و تعليم اللغات كما ابدت الحكومة الاميريكية اسفها الشديد على مقتل الايرلندي الاميريكي و الذي ذكرت اسمه مما يدل على انها تعرف بامره من لحظة دخوله الى الاراضي الصومالية.
ثم وصلت رسالة أخرى إلى الصوماليين مفادها أنكم رفضتم كل أوجه المساعدةالتي عرضناها عليكم و "نحن نخشى عليكم من تواصل قتل بعضكم البعض و لكننامضطرون الى ترككم لمصيركم لان بلدكم ليست امنة بالشكل الكامل".
ووصلت رسائل مشابهة إلى الحكومة القطرية التي تمد الصومال بالمساعدات اللازمة تتحدى فيها أن تتمكن من إيصال المساعدات الحيوية إلى هذا البلد، بلتفيد بأنه لو حاولت الدوحة إيصال سفن مساعدات فإن قراصنة سيستولون عليهاويقتلون كل من فيها.
كما أفادت الرسائل بأن دول الغرب كانت ستساعد الصوماليين بتجربة علميةلحقن السحاب كي يمطر على البلاد مما يخفف من موسم الجفاف، وتختم الرسائلبأن كل ذلك انتهى بمجرد عدم موافقة الصوماليين على أساليب المساعدة التيقدمها الغرب.
و هنا قررت الدول العربية وبسرية تامية القيام بحملة ضخمة تتمثل في مساعدات رسمية و شعبية لمساعدة الشعب الصومالي على تجاوز محنته.
ورغم الخلافات الداخلية بين الصوماليين أنفسهم على أسلوب التعامل مع تهديدات الغرب بتجويع وتفقير البلاد، والتي تمثلت بإستقالة الحكومة السابقةبرئاسة نور حسن حسين وتعيين الحكومة الحالية التي يترأسها محمود محمدجوليد تلك الخطوة التي تعارضها دول افريقية كثيرة وعلى رأسها الجارالأثيوبي القوي إلا أن الحكومة الصومالية أبدت تماسكا قويا تجاه أزمةالمجاعة.
وقررت الاستعانة بالدول الخليجية الثرية لمعاونتها كما طلبت من تلك الدول استخدام نفوذها لدى واشنطن لإيقاف المضايقات المعروفة، وتوقيف حملاتالتنصير والتهويد المستمرة لاستغلال الفقر والنقص والحرمان الواضح التي يعاني منها الشعب الصومالي حاليا، كما طلبت من الحكومة الاثيوبية إيقاف استغلال أديس أبابا كبوابة للتدخل الصهيوني في شئون الصومال الداخلية.
وما اثار ارتياح الصوماليين مؤخرا وخفف عنهم الكثير من أحزانهم كان تنوع المساعدات التي هبت عليهم من كل حدب و صوب من بلاد العالمين الإسلامي والعربي، إضافة إلى البدء في إقامة مشروعات استثمارية بالبلاد لإيجاد المزيدمن فرص العمل لأغلب الذين ليس لديهم عمل وهم كثيرون للغاية
تعليق