تطبيق الشريعة وتداعيات ذلك على الإبداع الفني المعاصر ..

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الشهيدة مسلم اكتشف المزيد حول الشهيدة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الشهيدة
    مشرفة شرف المنتدى

    • 15 ديس, 2009
    • 2314
    • مترجمة
    • مسلم

    تطبيق الشريعة وتداعيات ذلك على الإبداع الفني المعاصر ..



    .. من قراءاتي حول الشريعة ..


    يقولون :

    ولكن تطبيق الشريعة يستتبع عدداً من التداعيات الحتمية التي لا قـِبلَ للأمة بها ..

    وذلك عندما يسود منطق الحلال والحرام !!

    فتتراجع في ضوئه مُختلف الأنشطة الثقافية والإعلامية والسياحية والترفيهية ..

    ويقضي بالحرمة على تسعة أعشارها !!

    وتتحول الحياة معه إلى كابوس مظلم يتنكر للفن والحب والحياة والجمال !!

    ويقتل في الأمة طاقات الإبداع الفني، ويقضي على مواردنا الإقتصادية من هذه الأنشطة !!

    كيف تتخيل دولة عصرية بلا سينما ولا مسرح ولا تليفزيون ولا دور للأوبرا ولا قصور للثقافة ولا أندية رياضية أو اجتماعية ؟!


    إن الصورة تبدو في غاية القتامة والبؤس !!




    يُتبع بالرد ..
    .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..
  • الشهيدة
    مشرفة شرف المنتدى

    • 15 ديس, 2009
    • 2314
    • مترجمة
    • مسلم

    #2


    الرد :


    هذه التداعيات لا وجود لها إلا في ذهنِ القائلين بها فحسب ..

    فإن منطق الحلال والحرام الذي يتحدثون عنه لا يُصادر هذه الأنشطة ..

    ولا يحـِّدُ من فعالياتها ..

    وإنما يسمو بها لتتحول في ظله إلى أدوات للبناء ومرتكزات لتشييد حضارة إسلامية راقية ..

    ستـُبقي الدولة الإسلامية على جميع الأنشطة الثقافية والأعلامية والدعائية والسياحية والترفيهية ..

    لكن .. تطهرها من الفجور والعربدة ..

    وتنأى بها أن تكون وسائل هدم وتدمير تدغدغ الغرائز وتوقظ الحيوان الرابض وراء جلود البشر !

    لن تصادر الدولة الإسلامية السينما ولا المسرح ولا التليفزيون ..

    لن تغلق قصور الثقافة ولا الأندية الرياضية ..

    بل ستستخدمها في بناء الإنسان بلا رهبنة ولا عربدة ..

    فتسمو بعقله وروحه ..

    وتربيهِ على الجد والإستقامة ..

    وتقدم له المتعة البريئة التي لا تستثير غرائزه ..

    والتي لا تؤزره إلى ارتكاب الفاحشة ..

    والتي لا تغريه بارتكاب الجرائم الأخلاقية والعقائدية ..

    ففي الحلال منادح واسعة ومجالاتٌ رحبة ..




    يُتبع ..

    .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

    تعليق

    • الشهيدة
      مشرفة شرف المنتدى

      • 15 ديس, 2009
      • 2314
      • مترجمة
      • مسلم

      #3


      يقول فضية شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق في حديثٍ نشرته له جريدة الوفد في يوليو 1988 م :

      أما عن السينما والمسرح وما شابههما وهل يَحرمُ أو يحلُ ارتيادهما ؟

      فإن هذه الدور ولا شك أدوات هامة للتوجيه والترفيه والتثقيف ..

      وكشأن كل أداة صالحة لأن تستعمل في النفع أو في الضرر ..

      فهي في ذاتها لا ضرر فيها ..

      كالسكين يستعمل في النفع كما يستعمل في العدوان ؛ فهي صالحةٌ لما تستثمر فيه بوصفها أداة ..

      ومن ثم فهذه الدور في ذاتها مباحة بمراعاة قيود فرضها الإسلام في نصوصه وقواعده ؛

      أن تكون المواضوعات المعروضة فيها ..


      وأن يكون رُوَّادها بعيدين عن المجون وتابعه ومن كل ما تمنعه شريعة الإسلام وآدابه ..

      كتلك الروايات التي تغري بالجريمة وتحرِّضُ على الآثام وتثير الغرائز والإفساد ..

      أو تلك التي تدعو إلى عقائد باطلة وأفكار منحرفة ..

      إذ كل ما يدعو إلى هذا حرامٌ لا يحلُ لمسلمٍ أن ينتجه أو يشارك في إنتاجه ..

      كما لا تحل مشاهدته أو تشجيعه أو الدعوة إلى شي من ذلك ..

      وألا يترتب دخول هذه الدور ضياع واجب ديني أو إهمال وتضييع عمل مشروع يستفيد به الفرد والمجتمع ..

      وأن يحافظ مرتادو هذه الدور على منع الإختلاط والملاصقة بين الرجال والنساء درءاً للمفاسد ومنعاً للفتنة ..

      وعلى كل رب أسرة أن يحرص على صوْن كرامة أهل بيته ..

      وليعلم الناس جميعاً :


      ((إن الله لا يُغَيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغَّيِّروا ما بأنفسِهم)) الرعد 11




      يتبع ..
      .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

      تعليق

      • الشهيدة
        مشرفة شرف المنتدى

        • 15 ديس, 2009
        • 2314
        • مترجمة
        • مسلم

        #4



        لقد انطلقت منذ زمن حملات مسعورة تريد أن تـُخرج الفن عن دائرة الحلال والحرام بالكلية ، وتـُلحقه بالتقنية والمنجزات العلمية كما لو كان كذلك !!

        هذه الحملات قامت بالتشنيع على الإسلاميين مستفزّةً إياهم بالقول بخروج الفن بجميع صوره وأشكاله؛ غناءً ورقصاً وتمثيلاً عن دائرة الحلال والحرام !!

        وقد أدت هذه الجرأة الفجة التي لم يُسمع بمثلها على مدار التاريخ إلى غلو بعض عامة المسلمين فنبذوا كافة أشكال هذا النوع من الترفيه أو شتى صور الثقافة ..

        وهذا لا شك موقفٍ خاطئ منهم .. فالغلو لا يُنسخ بغلوٌّ مقابل .. والشطط لا يُعالج بشططٍ مماثل !!

        فلا يُقابل شطط المتحررين الذين يسعون لإخراج جميع أشكال الفن من دائرة الحل والحرمة بتحريم كل صور الترفيه !!

        وإنما القصدُ بين هذا وذلك أن يُقال :

        ما كان في ذلك حسناً لا يُغري بفاحشة ولا ينطوي على مُحرمٍ فهو حسن ، وما كان من ذلك قبيحاً لاشتماله على شيءٍ من المحرمات فهو قبيح ..

        وقد صدرت فتاوى عن مرجعيات شرعية معتبرة تفصل القول في هذه الوسائل وتبين أن منها ما يحلُ وما يحرم ..

        ومن تلك الفتواى على سبيل المثال:

        الفتوى الرسمية التي أصدرتها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة بالسعودية ..

        ونصها كما يلي :
        (( الفيديو والراديو والتليفزيون ونحوها من أجهزة الإعلام لا يُقالُ لها في نفسها حلاٌ ولا حرام لأنها آلات، وإنما الذي يُحكم عليه استعمالها، فما استُعمِلَ منها في مُحِّرمٍ محض أو في الغالب فهو محرم ، وإلا فهو حلال )) ( فتاوى إسلامية لمجموعة من العالماء:476) .

        فلا ندري من أين جاء معارضون الشريعة بمقولة :

        إن هذه الأنشطة لا مندوحة من مصادرتها جميعاً في ظل تطبيق الشريعة؟!

        أهو الجهلُ والغيبة عن الواقع ؟!

        أم هو التجاهل المُتعمد بقصدِ الإرجاف والإثارة ؟!



        يُتبع ..
        .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

        تعليق

        • الشهيدة
          مشرفة شرف المنتدى

          • 15 ديس, 2009
          • 2314
          • مترجمة
          • مسلم

          #5

          إن التيار الإسلامي المعاصر قد استطاع - رغم فقر إمكاناته -أن يُقدم بعض النماذج الإعلامية الناجحة من مسلسلات وأناشيد ومسرحيات ورسوم متحركة ونحوه، وقد تلقفها الجمهور العريض من الناس بإقبال منقطع النظير ..

          وهي مجرد نموذج لما يمكن أن يكون عليه الإعلام الإسلامي لا سيما إذا كان مدعوماً بإمكانات دولة ولم يقتصر على مجرد الجهود الذاتية ..
          ________________________

          http://www.youtube.com/watch?v=LLWLa...layer_embedded

          http://www.youtube.com/watch?v=gNravJ2XVTM

          .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

          تعليق

          • الشهيدة
            مشرفة شرف المنتدى

            • 15 ديس, 2009
            • 2314
            • مترجمة
            • مسلم

            #6


            أما إن كان الخوف والتباكي على الخنا والعربدة والفجور والتهتك فأحسب أن العقلاء جميعاً لا يرضون هذه المناكر ويتطلعون إلى يوم تتطهر فيه مرافقنا العامة من شرها ..

            فلا يمكن لشريعة سماوية أن تهادن مثل هذا الدنس، أو أن تطلق له العنان يغتال إيمان الأمة وأخلاقها، ويفسد عليها رجالها ونساءها، ويقذف بها إلى مستنقع الشهوات والشبهات !!

            --------------------------

            نقلاً من كتاب (( يسألونك عن الشريعة )) ..
            إعداد أ.د/ صلاح الصاوي
            رئيس الجامعة الدولية ..
            وأمين عام مجمع فقاء الشريعة بأمريكا ..

            انتهى النقل ..
            .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

            تعليق

            • محمد فخر الدين
              7- عضو مثابر
              حارس من حراس العقيدة

              • 11 يون, 2009
              • 1138
              • طالب مهندس
              • مسلم

              #7
              بصراحة موضوع فوق الرائع ، وردود سلسة وجميلة ...
              سأنشرها لعل وعسى ينتفع بها من يقرأها ..
              وجزاكم الله خيرًا ...

              تعليق

              • انس
                7- عضو مثابر
                حارس من حراس العقيدة

                • 30 ينا, 2010
                • 1202
                • biotechnologist
                • مسلم بكل فخر

                #8
                بقالى كثير لم اقرأ لاستاذتنا الشهيدة ...
                موضوع جميل وان شاء الله ادعمه
                وعلى الرغم من عمق الألم : ما زال قلبى تسكنه السكينة والطمأنينة والثقة بأن آخر هذه المحنة ستتمخض لصالحنا ويخسأ الفسقة والطغاة , وسيكون فرجٌ بعد الشدّة ,وفرحٌ بعد الحزن ..قد ننتظر .. واثقين أن الرياح ستدفع شراعنا !( محمد أحمد الراشد )

                تعليق

                • أبا مريم
                  1- عضو جديد
                  • 7 نوف, 2014
                  • 85
                  • محامي
                  • مسلم والحمد لله

                  #9
                  بجد موضوع جميل وفي وقته لأن بأقتراب الأسلاميين الي إعتلاء مناصب كبيره في بعض الدول العربيه وإعلان رغبتهم في تطبيق الشريعه الأسلاميه يهاجم أصحاب النفوس المريضه "والأقليات" شريعتنا بل ويهاجمون العلماء إذا ما أفتوا بشيء لا يعجبهم ثم يقولون ان الأسلام سيضيق علي الناس ويحيل حياتهم الي سجن ويهدم فنون و,و,و
                  وأرد عليهم بقول الله تعالي (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُون) [المائدة/50]
                  وحديث خير الأنام عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «أبغض الناس إلى اللَّه - عز وجل - من يبتغي في الإسلام سنّة الجاهلية».

                  تعليق

                  • sara94
                    2- عضو مشارك
                    • 9 سبت, 2011
                    • 220
                    • طالبة
                    • مسلم

                    #10
                    هل يمكن تقييم الفن أخلاقيا ؟ ـ إيمان القدوسي

                    إيمان القدوسي | 10-12-2011 15:28

                    مع صعود التيار الإسلامي سوف يبرز السؤال عن الموقف من الفنون والآداب ، وسواء كان السؤال بحسن نية أو لا فإنه من المهم الإجابة عليه ، هذا السؤال ليس قاصرا علي الحالة الإسلامية بل هو أحد أسئلة النهضة التي اختلف حولها كثيرا عالميا ومحليا .

                    هناك اتجاهان رئيسيان يحمل كل منهما بذور فلسفته الخاصة ، الاتجاه الليبرالي الذي يتبني فكرة (الفن للفن) ويحرر الفن من كل قيد وبالتالي لا يمكن تقييمه أخلاقيا ويري أن الفن هو انعكاس وتصوير للسلوك البشري كما هو في الواقع بخيره وشره وربما يفضل تسليط الضوء علي المسكوت عنه والمخفي والشائن في السلوك بشكل أكبر لمناقشته وكشفه تمهيدا لإيجاد حلول له في مراحل لاحقة .

                    ثم الاتجاه المحافظ والذي يري أن (الفن للحياة)ولذلك لابد أن يسهم في ترقيتها و نشر القيم الإيجابية بين أفراد المجتمع ومن أنصار هذا الاتجاه عالميا الأديب الفرنسي الشهير (فيكتور هوجو ) والذي يقول (عندما يكون الفن في خدمة الأخلاق فلاشك أنه سيكون أكثر جمالا )

                    والأديب الروسي الشهير (ليو تولستوي ) يقول ( أوضح أن الفن ينبغي أن يوجه الناس أخلاقيا وأن يعمل علي تحسين أوضاعهم ولابد أن يكون بسيطا يخاطب عامة الناس )

                    أما المفكر الإسلامي الدكتور (محمد عمارة ) فهو صاحب اجتهادات كثيرة في هذا الصدد ويقول في تعريف الفن ( الفن مهارة تتعلق بالذوق والوجدان وكي يكون الفن جميلا لابد أن تكون له رسالة أخلاقية فمجرد المهارة لا تضمن ولا تتضمن الجمال )



                    نعم (مجرد المهارة لا تضمن ولا تتضمن الجمال ) كثيرا ما خبرت ذلك المعني لكوني مهتمة بمتابعة الأدب وشغوفة بقراءة القصص منذ الصغر ، أحيانا أشرع في قراءة رواية نالت شهرة ومدحا وكتبت بمهارة أدبية عالية ولكن محتواها يؤذيني ويصدمني فهي في النهاية لم تنقل لنفسي أية قيمة جمالية بل فتحت أمامي أبوابا للقبح وجعلت الحياة تزداد سوادا أمام عيني ولعل آخر ما قرأته من هذا النوع هي رواية ( عبده خال ) الفائزة بجائزة البوكر ( ترمي بشرر ) فرغم موهبته الساطعة وتمكنه اللغوي المذهل إلا أن الرواية صادمة وخالية من أي بقعة نور أو خير ، ورغم أن هدفه النهائي يقول أن أصحاب المعاصي هم أول من تؤذيهم معاصيهم وكأنها ترمي بشررها عليهم وتحرقهم بذنوبهم فيخسرون الدنيا والآخرة وهو معني جيد إلا أن الأحداث كلها لا تضمن ولا تتضمن أية جمال .



                    هناك من لايهتم بتلك القضية برمتها علي أساس أن القصص والفنون عامة يمكن الاستغناء عنها وهي ليست من أولويات الحياة ، ولكن كيف نفسر أن ثلث القرآن الكريم جاء في قالب قصصي ؟ وأن ( القصص القرآني ) ترك في نفوسنا أعمق الأثر ، مائة كتاب عن التضحية والفداء لا تحدث مفعول قصة فداء سيدنا اسماعيل عليه السلام وهويضع رقبته تحت السكين امتثالا لأمر الله ويقول لأبيه إبراهيم عليه وعلي نبينا أفضل السلام ( يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين )

                    ولا ننسي قصة سيدنا يوسف عليه السلام والتي امتلأت بمواقف الغيرة والحسد والإيذاء والظلم والبهتان والإغواء وكل ما يعتمل في النفوس من مشاعر متضاربة مرتبكة وجاء ذلك في أرقي صورة وأعف لفظ وأبلغه .

                    للأدب والفنون وظائف عدة فضلا عن ضرب الأمثلة وتجسيد القدوة هناك أيضا إثراء العاطفة واتساع الوجدان مما يهمش غرائز الشر والعنف والعدوان في النفس البشرية ، من وظائف الفنون أيضا تكوين ثقافة جمعية متفق عليها وطابع حضاري مميز .



                    شخصيا أفضل التيار الواقعي في الأدب بعيدا عن الشطحات غير المفهومة وأري الأدب مرآة للمجتمع تسلط الضوء علي همومه وبشكل غير مباشر تحسن الفضائل في نفوس المتلقين ولكن هناك دائما ذوقا وحسا مرهفا في طريقة عرض القضايا الإنسانية وبصفة عامة كل ما يحدث خلف الأبواب المغلقة يجب ستره ولا داعي للتعرض له إلا بالإشارة الذكية كما نفعل في حياتنا الواقعية ، مثلا عندما نحضر حفل زفاف فإننا نعود لنصف العروس والعريس والحفل وما حدث من طرائف ولكننا أبدا لا ندخل خلف العروسين لنطلع علي ما يحدث بينهما في غرفة نومهما وهذا الحد هو ما يلزمنا في واقعية الأدب .



                    كنت قد قرأت رواية هي من عيون الأدب العالمي ( الأرض الطيبة ) للأديبة (بيرل بيك )التي كانت أول من حصلت علي جائزة نوبل للآداب، كانت تصف استعداد بطل الرواية وهو فلاح صيني للزواج ، لقد اغتسل (لونج وانج ) بالماء والصابون ثم ارتدي ثوب العمل في الحقل وجلس يغسل الثوب الجيد الوحيد الذي يملكه وفي تلك الأثناء خرج عليه أبيه الذي يعيش معه ،كان الأب مستاءا ومذهولا وهو يؤنب ابنه ( ماهذا الإسراف والسفه؟ هل تستحم وتغسل ثوبك في يوم واحد ؟ ) رد عليه الابن بخجل ( لقد استخدمت ماء الاستحمام في الغسيل وباقي الصابون أيضا ) صرخ الأب ( صابون ؟ وتستخدم أيضا الصابون ؟ ومن أجل ماذا ؟ كل هذه الاستعدادات من أجل عرسك الليلة علي تلك العبدة ؟ ألا يكفي أنني سوف أتحمل فما جديدا يأكل ؟ ) رد الابن مدافعا ( ويدان تعملان أيضا ) ثم ذهب و أحضر عروسه من بيت مخدوميها في صمت وكان بيده سلة بها بعض اللحم والفاكهة التي كانت هدية منهم وهذا أيضا لم يعجب أبيه الذي ظل يغمغم ( سوف تطعمها لحم وفاكهة أيضا ؟ كأنك تزوجت أميرة!! )

                    إن هذا الوصف الواقعي قد نقل لنا أجواء الفقر التي تقف علي حافة المجاعة ، وطبيعة العلاقات في هذا البيت بشكل رائع ولكنه وقف بنا أمام مخدع العروسين ولم يشأ أن يتلصص عليهما وهذا في نظري وصف أكثر روعة وأبلغ أثرا من أصحاب الأسلوب الرخيص الذين يعوضون قصور الموهبة بالإثارة المفتعلة .



                    نعود لسؤالنا الأصلي : هل يمكن تقييم الأدب أخلاقيا ؟

                    لابد أن يأتي المعيار الأدبي والفني أولا ثم المعيار الأخلاقي ، يجب أن يكون ما نقيمه عملا أدبيا بمعني الكلمة وبالمعايير الفنية المتفق عليها ثم نتساءل بعد ذلك عن الهدف والرسالة ويكون التقييم بناءا علي ذلك .

                    أما عن التساؤل عن أدب نجيب محفوظ فهو سؤال يحمل الكثير من سوء النية و إن شئنا لنقل أنه سؤال مفخخ وسياسي أكثر منه أدبي في ظل الأجواء التي نعيشها اليوم

                    نجيب محفوظ أديب مصري عالمي وقامة أدبية سامقة وحاصل علي جائزة نوبل للآداب وهو أفضل من عبر عن المجتمع المصري في قاهرة المعز وأنجح من شرح النفسية الحضرية للطبقة الوسطي ،وليس هناك شك في موهبة محفوظ واقتداره كما أنه لا يحتاج إعادة تقييمه لسببين أنه حصل علي أرفع وسام أدبي والثاني أنه قد لقي ربه وأفضي لما قدم ، ولذلك جعلوا منه مقياسا ومعيارا لمدي تقدير الفن وتذوق الآداب .

                    ورغم ذلك تبقي للقارئ حريته الشخصية في التقييم وذائقته الأدبية الخاصة ويسع أيا منا أن يقول (لا أقرأ محفوظ )أو (لا أقرأ الأدب من أصله ) أو (قرأته ولم يعجبني ) أو أي رأي آخر .

                    والحقيقة أن رواية ( أولاد حارتنا ) التي تثير الجدل دائما ليست أبدا أفضل ما كتب محفوظ ففيها من فجاجة المباشرة واجتهاد الطالب المجرب ما يقلل شأنها الأدبي أما دلالاتها الدينية والأخلاقية فقد كثرت فيها التأويلات التي تترك في النفس رفضا ونفورا من تلك الرواية المتهافتة، وبعيدا عن لغط (أولاد حارتنا ) التي رفض محفوظ نفسه إعادة طبعها وكاد يتبرأ منها في أواخر أيامه فإن المتتبع لكتاباته يلمس نفسا معذبة بالتأثر بتيارات الشك السائدة في عصره والباحثة عن اليقين الذي تربي في ظله في أروقة وحواري مصر القديمة حيث تتعانق المآذن وتتجاوب أصوات التسابيح والابتهال، كان محفوظ مؤرقا ببحثه الفلسفي الدائب عن سر الإنسان وجوهر الإيمان وقد قرأت له رواية صغيرة ليست شهيرة بعنوان ( العائش في الحقيقة ) تدور في العصر الفرعوني في زمن (إخناتون ) وتناقش قضية الإيمان بالله وتستقر به علي شاطئ اليقين .، وهي في نظري من أجمل ما كتب . ، أتمني أن ينجح أبناء التيار الإسلامي في تقديم أدبا يحقق الحسنيين ويبلغ الذروة في الفن والأخلاق ويري العالم كيف يكون الفن للحياة نبراسا ورائدا .
                    http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=90065

                    تعليق

                    مواضيع ذات صلة

                    تقليص

                    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                    ابتدأ بواسطة أحمد هاني مسعد, منذ 2 يوم
                    ردود 0
                    18 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة أحمد هاني مسعد
                    ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
                    ردود 0
                    15 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة أحمد الشامي1
                    بواسطة أحمد الشامي1
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 أكت, 2024, 01:29 ص
                    رد 1
                    12 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                    ابتدأ بواسطة محمد,,, 3 أكت, 2024, 04:46 م
                    رد 1
                    36 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة الراجى رضا الله
                    ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 29 سبت, 2024, 08:36 م
                    ردود 0
                    387 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة أحمد الشامي1
                    بواسطة أحمد الشامي1
                    يعمل...