ها قد وصلنا لأمر هام .. أمامنا فريقان كلاهما يناقض الآخر في فكره وكلاهما يتهم الآخر ويقول عن نفسه أنه الأصح وأنه هو الذي يسير حسب منهج الله القويم .. فكيف نعرف أي الفريقين على حق .. بمعنى أصح أيهما نصدق ؟
وقلنا ننظر إلى حاله .. منافقًا هو أم لا ..
معنى النفاق :
النِّفَاق هُوَ إِظْهَار الْخَيْر وَإِسْرَار الشَّرّ وَهُوَ أَنْوَاع : اِعْتِقَادِيّ وَهُوَ الَّذِي يَخْلُد صَاحِبه فِي النَّار وَعَمَلِيّ وَهُوَ مِنْ أَكْبَر الذُّنُوب كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيله فِي مَوْضِعه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَهَذَا كَمَا قَالَ اِبْن جُرَيْج : الْمُنَافِق يُخَالِف قَوْلُهُ فِعْلَهُ وَسِرُّهُ عَلَانِيَتَهُ وَمَدْخَلُهُ مَخْرَجَهُ وَمَشْهَدُهُ مَغِيبَهُ ( ابن كثير )
فللمنافقين صفات ما إن رأيتها في الإنسان بمجملها بات هذا الإنسان منافقًا خالصًا .. وهذه الصفات كثيرة وواضحة جدًا وتشمل نواحي كثيرة جدًا وتفضح المنافق وتجعل اكتشافه سهلًا وميسرًا للجميع حتى في طريقة الكلام والنظرة التي تخرج من عينيه انتهاءًا بتصرفاته مع الآخرين ..
صفات المنافقين :
1- إذا دعوا إلى الإيمان كما آمن صحابة رسول الله عليهم الصلاة والسلام بأوامر الله ونواهيه من السفاهة فهم يقولون أن السفهاء هم صحابة رسول الله ( ولو لاحظنا أن الصحابة هم السلف الصالح ) .. فمن يدعي بلسانه أنه مؤمن ويسب كل من آمن بحق بأوامر الله ونواهيه ويسفه المؤمنين بحق فهو منافق قوله بلسانه ما ليس في قلبه واستهزائه بالمؤمنين وخداعه لمن حوله بحقيقة إيمانه , إدعائهم بأنهم رغم المفاسد والمعاصي التي يفعلونها أنهم مصلحون وهم لا يشعرون بافسادهم نتيجة جهلهم في الدين :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) } سورة البقرة
2 - يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين وإذا خلوا معهم سمعوا استهزائهم بالمؤمنين وشاركوهم هذا الاستهزاء ويبتغون العزة منهم من دون الله :
{ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) } سورة النساء .
3 - يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء بمعنى انتظار زوال دولتهم وظهور الكفار عليهم :
{ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) } سورة النساء .
4 - يظن المنافقون أنهم كما يخدعون الناس ويظهرون عكس ما يبطنون أنهم قد يخدعون الله ولكن الله يكشف ما يبطنون ويستدرجهم بخداعهم .. وهم يقومون كسالى في الصلاة وساهون فيها ولا يدرون ما يقولون فيها وينقرونها ولا يخشعون فيها ولا يذكروا الله فيها إلا قليلًا كذلك يتجنبون الصلوات التي لا يتواجد فيها الناس في المسجد إلا قليلًا كصلاة العشاء وصلاة الصبح لأنهم يراؤون الناس :
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) } سورة النساء .
5 - لا هم مع المؤمنين ظاهرًا وباطنًا ولا هم مع الكفار ظاهرًا وباطنًا فظاهره مع المؤمنين وباطنه مع الكفار ومنهم من يعتريه الشك فتارة يميل إلى هؤلاء وتارة يميل إلى هؤلاء :
{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)} سورة النساء .
6- يبتعدون عن طاعة الله ورسوله ويسارعون في تقديم أهواءهم وآراءهم ويظهرون الإيمان بألسنتهم وقلوبهم خراب خاوية :
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) } سورة المائدة .
7 - عدم الإعتقاد بوعد الله بالنصر نتيجة مرض قلوبهم وضعف إيمانهم :
{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (129) } سورة الأحزاب .
يتبع بإذن الله تعالى ( صفات المنافقين ) ..
تعليق