اوليفيه روا كاتب فرنسي متخصص في الحركات الاسلامية و هو موضوعي نوعا ما بالنسبة للكتاب الغربيين الآخرين
هذان مقالان منقولان يتكلمان عنه و آراؤه عايزة اعرف ايه ردكم في أن الاسلام السياسي فشل
فشلت الحركات السياسة الإسلامية والأسلمة مستمرة
يقف كتاب "عولمة الإسلام" ومؤلفه "أوليفيه روا" في صدارة كل ما أنجز عن عالم الأسلمة والحركات الإسلامية في السنوات الأخيرة، وكان على القارئ العربي أن ينتظر أربع سنوات كاملة بعد صدوره بالفرنسية، وألا يتابع الجدل الذي أثاره عالميا، قبل أن يتمكن من قراءته بالعربية في الترجمة التي أنجزتها دار الساقي في العام الماضي 2004.
فمن دون مبالغة ربما كان هذا الكتاب أهم وأول كتاب صدر في الغرب لرصد الظاهرة الإسلامية ليس بالمعنى الكلاسيكي (دراسة الحركات الإسلامية وما نتج عنها من مؤسسات وأنشطة.. ومحاولة تبني رؤية شاملة لتفسيرها) بل رصد ظاهرة الأسلمة نفسها التي تجتاح المجتمعات الإسلامية، وتتخلل شتى مسارات حركتها.
كما سبق الكتاب أيضا في تجاوز حدود التقسيمات الجغرافية وعدم الوقوف عند دراسة الظاهرة الإسلامية في الغرب أو العالم العربي والإسلامي، وهو الأول الذي يعالج قضية العلاقة بين الإسلام والتحديث ليس من باب الجدل النظري (العقيدة والنصوص الدينية)، لكن من باب ممارسات الناس الفعلية؛ إذ إن التحديث في رؤيته منفصل عن تجديد الخطاب الديني، وهو بذلك يتجاوز السؤال التقليدي عما إذا كان الإسلام مع التحديث أم ضده؟ لأنه يرى التحديث أمرا واقعا بعيدا عن جدل النظرية، ومن ثم فإن الجهد البحثي يجب أن ينصب في رصد مظاهر هذا التحديث وتحليلها.
أما أوليفيه روا مدير الأبحاث بالمركز الوطني للعلوم السياسية في باريس فهو في الأصل باحث مهتم بشئون آسيا الوسطى وأفغانستان، وهو أحد أهم المختصين بدراسة الإسلام في هذه المنطقة، ومن ثم فلم يكن بشهرة الثلاثي الفرنسي المعروف في الأوساط الأكاديمية والثقافية العربية (جيل كيبيل، فرانسوا بورجا، وألان روسيون)، ولكن عرفه العالم العربي قبل عشر سنوات تقريبا بكتابه "فشل الإسلام السياسي" الذي أعلن فيه عن فشل حركات الإسلام السياسي سواء في مشروعها الأكبر -أو روايتها الكبرى- أي إقامة الدولة الإسلامية التي وعدت بها في بلدانها، أو على مستويات أقل تتمثل في تقديم رؤية اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية خاصة بها.
حين قدم روا طرحه هذا عارضه الكثيرون -حتى من خصوم حركات الإسلام السياسي- فقد كانت الحركات الإسلامية وقتها -في أوائل التسعينيات- ملء السمع والبصر، وكانت وما زالت قادرة على أن تملأ الدنيا بحركتها وتشغل الناس.
غير أن التطورات رجحت ما ذهب إليه الخبير الفرنسى، حيث توارى مشروع إقامة الدولة الإسلامية لصالح أولويات أخرى باتت تراها هذه الحركات، ولم تعد أى منهما تنادى به.
استمرار الأسلمة
غير أن كثيرا من المراقبين والمثقفين أساء فهم ما طرحه أوليفيه روا فمد حديث الفشل على استقامته ليتحدث عن نهاية الظاهرة الإسلامية، وهو ما لم يكن يقصده الرجل، ومن ثم رأوا تعارضا بين هذا الفشل وبين كتابه الجديد "عولمة الإسلام" الذي يتحدث فيه عن استمرار ظاهرة الأسلمة وأخذها بعدا عولميا.
وبشكل عام يتحرك كتاب أوليفيه روا في المساحة بين الدين والثقافة، ويرى ضرورة رفع الحاجز بينهما.
أبرز ما يطرحه الخبير الفرنسي هو تمييزه بين نوعين من الحركات صارت إليهما الحركات الإسلامية: الأولى هي الحركات ذات الامتداد الاجتماعي والمشروع السياسي وهي جميعا (سواء كانت سلمية كالإخوان أو عنيفة كالجماعة الإسلامية المصرية، أو مقاومة كحماس) صارت أقرب إلى الأحزاب القومية في بلادها، وأصبحت أولوياتها قومية وطنية، ولم تعد تطرح فكرة إقامة الدولة الإسلامية كما كانت تفعل سابقا، ومن ثم فحظها في الاندراج داخل العملية السياسية في بلادها أكبر مثل احتمالات تطورها ديمقراطيا.
أما النوع الثاني من الحركات الإسلامية السياسية فهي التي ليس لها عمق اجتماعي في بلادها، ولا تملك أي مشروع سياسي فقد صارت حركات معولمة أقرب إلى الحركات المناهضة للإمبريالية ذات الامتداد والطرح العالمي، ويضرب مثالا بتحالف تنظيم القاعدة الذي لا يمثل مشروعا سياسيا في أي بلد بل يتحرك كجبهة أو تحالف ليس له هدف سوى منازعة أمريكا وضربها حتى ولو في عقر دارها، كما فعل بضرب برجي التجارة في نيويورك، ويرى أن هذا النوع من الحركات أبعد عن الطرح الديني، وأقرب إلى الحركات اليسارية المناهضة للعولمة، ومن ثم فمعركته مع الإمبريالية التي تمثلها الولايات المتحدة ورموزها المختلفة (الاقتصادية كبرجي التجارة، والعسكرية كالبنتاجون)، وليست الرموز الدينية المخالفة لها (كالكنائس مثلا أو حتى الفاتيكان رمز المسيحية).
مسلمو الغرب.. سؤال الأقلية
ويخصص الكاتب فصلا عن الإسلام في الغرب ليثير قضية بالغة الحساسية تتعلق بوضع الأقليات المسلمة عموما (أكثر من ثلث المسلمين يعيشون كأقلية) وفي الغرب بصفة خاصة، ويطرح سؤاله الإشكالي: هل هم أقلية دينية أم أقلية ثقافية؟.. وفي هذا الفصل يحلل أوليفيه روا الأجيال الجديدة من المسلمين، ويلاحظ كيف صاروا -بفعل التهميش والتمييز- أكثر تمسكا من آبائهم المهاجرين الأوائل بالهوية التي صارت الملاذ، وكيف صاروا الأقرب إلى القبول بطرح جماعات الإسلام السياسي العنيف والمعولم كالقاعدة.
ويلفت النظر إلى أن الغالبية العظمى من كوادر القاعدة ليسوا من المنطقة العربية أو حتى منطقة الشرق الأوسط، بل إن معظمهم ولد أو تربى وتعلم في أوربا وأمريكا، ومن ثم فهم نتاج تفاعل حركات العنف المعولمة مع الحداثة الغربية، وليسوا نتاج الإسلام التقليدي أو حتى حركات الإسلام السياسي ذات المشروع والارتباط الوطني، وهو ما غاب عن المحللين والمختصين بدراسة تنظيم القاعدة. ويعد أوليفيه روا أحد أبرز من اشتغلوا بهذا التنظيم سواء من حيث بنيته الفكرية أو قاعدته التنظيمية، وقد نشرت له دراسة مؤخرا في اللوموند ديبلوماتيك عن حقيقة هذا التنظيم.
الأسلمة في السياق العالمي
وفي فصلين آخرين يربط أوليفيه روا الحالة الإسلامية أو ظاهرة الأسلمة -ويركز على تجلياتها في الغرب- بالتطور الذي يطال الظاهرة الدينية في العالم، حيث صار التدين الإسلامي يميل إلى الفردنة وإلى الإنسانية، فقد تراجع الإسلام الجماعي، وصارت ممارسات التدين تميل إلى الفردنة من حيث انتهاء أو تراجع دور المؤسسات الدينية في حياة الفرد، وتغليب النزعة الفردية حتى على الممارسة الدينية، والتأكيد على مبدأ الخلاص الفردي، وتراجع كل ما هو جماعي في التدين حتى لم يعد الارتباط بفكرة الأمة الإسلامية الواحدة يتم إلا عبر وسيلة غارقة في الفردية ومعززة لقيم الفردنة وهي وسيلة الإنترنت التي صارت معها الأمة أمة افتراضية!.
ورصد أوليفيه روا الميل للإنسانية في حركة الأسلمة التي صارت تبعد تدريجيا عن السياسية، وتطرح في نقاشاتها قضايا أكثر إنسانية وليست سياسية، وصارت اهتماماتها تتعلق بقضايا أخلاقية واجتماعية قد لا تختلف فيها مع تيارات اليمين المسيحي والمحافظ في أوربا، مثل منع الإجهاض، ورفض الشذوذ، والدعوة للحفاظ على العائلة وغيرها من القضايا الاجتماعية وذات الطابع الأخلاقي.
الطرح الأنسب للعولمة
ومما نلاحظه في طرح أوليفيه روا أن خصوصية الإسلام الغربي هي في خروج الدين عن نطاق الثقافة والحضارة إلى الدين النقي، فالفصل بين الثقافة والدين يظهر بالأساس عند مسلمي الغرب، خاصة من الجيل الثالث أو بين المسلمين الجدد بالطبع، فكلاهما يخوض تجربة التعرف على الإسلام أو الهجرة إليه دون ميراث ثقافي مسبق، فالجيل الثالث انقطعت صلته بثقافته الأصلية دون أن يندمج في ثقافة الغرب لأسباب كثيرة، لذلك فهو حين يخوض تجربته الدينية يبحث عن إسلام نقي غير مختلط بثقافة هي لا تمثل له شيئا ولا يعيشها.
ويشاركه في ذلك أيضا المسلم الجديد الذي ينخلع عن ثقافته الأصلية حين يغير دينه، ومن غير المتصور أن يستبدل ثقافة أخرى بها بل يبحث في الغالب عن إسلام نقي من الثقافة، وربما رأى أن المجتمعات الإسلامية لا يتحقق فيها الإسلام المنشود لاختلاط الدين فيها بالثقافة.
وربما كان هذا السبب الرئيسي لانتشار الدعوة السلفية في الغرب -على غير المتوقع- والإقبال الكثيف عليها من مسلمي الأجيال الجديدة التي نشأت وترعرعت في الغرب، وكذلك المسلمين أو المهتدين الجدد للإسلام؛ لأن الفصل بين الدين والثقافة أوضح ما يكون في السلفية التي تقوم بالأساس على إنكار الثقافة والعودة إلى رؤية محددة وواضحة وبسيطة للكون والحياة منفصلة -أو هكذا يراها السلفيون- عن الثقافات المختلفة، كما أن الدين فيها واضح ومحدد في جملة من النصوص والتفسيرات المعتمدة، وهذا ما يحتاجه بالضبط مسلمو الغرب الجدد: دين محدد واضح المعالم، مثل ذلك الذي تعرضه السلفية، أو دين تتماهى فيه الحدود تماما كما في التصوف الذي تتقارب وتتداخل فيه التجارب الروحية من دين لآخر حتى تغيب الفروق أحيانا!.
ومن ثم تكون المفارقة أن الخطابين الحاضرين والمرشحين للحضور بكثافة هما على طرفي النقيض: التصوف والسلفية! وكلاهما في رأي أوليفيه منسجمان مع العولمة.
شهادة أوليفيه روا في الإسلام السياسي
بدأ (أوليفيه روا) دراسته للإسلام السياسي بموضوعات فرعية، وجزئية: (أفغانستان: الإسلام والحداثة والسياسة) و(الأعراف والسياسة في آسيا الوسطى) تمهيداً لكتابه الأهم (تجربة الإسلام السياسي) كتتويج لدراساته (الإسلامية) التي تكاملت مع أبحاثه اللاحقة، بعد 11من سبتمبر. فانطلق من حقيقة أن التحديث الذي قامت به الدولة أساساً، أصبح أمراً واقعاً يجب الانطلاق منه لا ضده إن أردنا سياسة ناجعة، وبالتالي فالاحتجاج ضد الحداثة والغربنة، هو شبيه بالخطاب البيئي، تمّت صياغته بعد فوات الأوان.
ولقد نشأت الإسلاموية في تواصل مع السلفية وفي محاولة القطيعة معها. أما المصدر الأساسي لها فيجدها (روا) في الاخوان (حسن البنا) و"جماعت إسلامي" الباكستانية (أبو الأعلى المودودي). وقد ميزها عن السلفية بثلاث علائم: مفهومها للثورة الإسلامية، وللشريعة، ولقضية المرأة. ينظر الإسلاميون إلى السياسي، من فكرة أن الإسلام هو فكر شامل وكلي، ومن هنا يجب التحرر من الدولة الفاسدة، والحاكم المرتد. وفيما يتعلق بالمرأة، فهم يؤيدون تعلّم النساء، ومشاركتهن في الحياة العامة، شريطة أن تكون منقَّبة. ويتميزون أيضاً بجعل الشريعة مشروعاً لا مدونةً ثابتة، فيتحدث سيد قطب عن (فقه حركي) يصدر عن التأويل الذي يقوم به أولئك الذين يجاهدون من أجل الإسلام، مقابل فقه العلماء الجامد.
فشل الفكر والسياسات: يلاحظ روا أن الفشل يحيط التجربة الإسلاموية في كل اتجاه:هذه التجربة لم تقدم خياراً بديلاً جديّاً للنظم القائمة. فعلى الرغم من تأكيد الإسلامويين على ضرورة السلطة السياسية، غير أن نقاشهم يضع المؤسسات جانباً لصالح نقاش حول صفات القادة وفضائلهم. ويطرحون مفهومي: الأمير والشورى ويرفضون تحديدهما. فليس شكل المؤسسة المهم، بل الطريقة التي تتوارى بها المؤسسة خلف تطبيق المبادئ الإسلامية. وبما أن الأنموذج السياسي الإسلاموي، لا يمكن أن يتحقق، في الواقع، الاَّ في الإنسان، وليس في المؤسسات، فإن ذلك وحده يكفي لجعل المدينة الإسلاموية مشروعاً مستحيلاً؛ بل،إن منطق الإسلامويين يقود إلى التبشير بنهاية الدولة: الغاية ليست الدولة وإنما التقوى. والتقوى ممارسة فردية وليست (ممارسة اجتماعية). كما أن تجاربهم السياسية لم تستطع أن تخلق واقعاً يتجاوز القومي والقبلي أو الجهوي، إلى الأممي الإسلامي. بل إنها حافظت على بقاء عدة مراكز لها ، وتبرز لديهم الخلافات والتباينات، ويبقى الإطار القومي هو الإطار الغالب. ففي إيران التي رفعت راية الثورة الإسلامية، مارست سياسة قوة إقليمية قبل أي شيء آخر، وحاولت تحويل المجموعات الشيعية ـ في الخارج إلى أدوات تهويل في استراتيجيتها.
الاقتصاد الإسلامي المستحيل: إن التيار الإسلاموي لم يقدم تعبيراً اقتصادياً مناسباً وبديلاً، فالخميني في مؤلفه "توضيح المسائل" يعامل المسائل الاقتصادية كأعمال فردية تخضع للتحليل الأخلاقي. متفقاً بذلك مع بقية الإسلاميين في اعتقادهم بلزوم توافق النشاط الاقتصادي مع الغاية الخلقية التي يحددها القرآن. والإسلاميون الراديكاليون يقدمون، على وجه العموم، رؤية اشتراكية شعبوية للاقتصاد "تعترف بالملكية الخاصة، لكنها تريد ضمان العدالة"، ولا بد للحد من شهوة تملك الإنسان الذي ليس له سوى الانتفاع بالأرض والأرزاق، أما ملكيتها العليا فلله وحده.. وتُستخدم الزكاة للحد من المراكمة ، ولخدمة المعوزين. ويوجد اليوم - برأي (روا) - مخططان متحققان من الاقتصاد الإسلامي: هناك الرؤية الإسلامية الدولتية الاجتماعية، التي تجسدت في إيران الخميني. وهناك الرؤية التقوية المحافظة التي نُفذت جزئياً في باكستان، وفي بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في الشرق الاوسط. وينتهي (روا) إلى التأكيد على أنه ليس هناك فكر إسلامي حول المؤسسة الاقتصادية، لأن كل شيء لديه يستند على الفضيلة الفردية أو التقوى، واقتصاد يقوم على فضيلة الفاعلين، لا يمكن إلاَّ أن يكون وهماً، جميلاً جداً، إلاَّ أنه غير فعال، ينتج عنه نقيضه: استغلال السلطة، المضاربة، والفساد، التي يعتبرها (روا) الجرح النازف للأنظمة الاقتصادية الإسلامية.
المجتمع الكئيب: وفي النهاية، فإن الطوبى التي تحملها الإسلاموية، يجدها (روا) لاتتعدى أن تكون وسطاً كئيباً شاحباً لاحياة فيه، وهو شيء لا يُقاس مع زهو وغنى الحياة في الحضارة الإسلامية الكلاسيكية، التي عرفت الموسيقى والفلسفة والشعر.. والعلمانية ، على حد تعبير (روا). فالسلفية الجديدة تدعو إلى إنشاء مسرح خاو، يجاهد فيه المؤمن لتحقيق المثال الأخلاقي، والمتنفس الوحيد في مثل هذا المسرح، هو العائلة التي هي حيز المتعة الوحيد بالنسبة للرجال وحدهم. والحال أن المتداول في الأسرة المدينية نقيض نمط الحياة الإسلامي: إنه نتاج غربي. لهذا يتنبأ (روا) أن لا ينتج عن الإسلاموية إلاَّ الاستلاب، بل الامتثال، والسأم. إنه إرهاص مجتمع مصاب بالفصام، وهو شأن كافة النزعات الطهرانية، سوف يمارس المحرمات (المخدر. الكحول، الجنس..الخ) في الخفاء. ولكن حتَّام أن تقبل الشبيبة بالسأم، وهي تجد أن النمط الآخر من العيش، في متناول يدها!ويصل (روا) إلى ذروة استنتاجاته التي تقفل الدائرة أمام الإسلاموية حيث يتنبأ لها أن تصبح عامل علمنة للمجتمعات المسلمة، ذلك لأنها ترد الديني إلى النطاق السياسي، الذي سيفرض استقلاله بعد أن يفرِّغ النطاق الديني من قيمته كمفارق للمادة، وكملاذ ، بسبب مماهاته للسلطة الجديدة.
هذان مقالان منقولان يتكلمان عنه و آراؤه عايزة اعرف ايه ردكم في أن الاسلام السياسي فشل
فشلت الحركات السياسة الإسلامية والأسلمة مستمرة
يقف كتاب "عولمة الإسلام" ومؤلفه "أوليفيه روا" في صدارة كل ما أنجز عن عالم الأسلمة والحركات الإسلامية في السنوات الأخيرة، وكان على القارئ العربي أن ينتظر أربع سنوات كاملة بعد صدوره بالفرنسية، وألا يتابع الجدل الذي أثاره عالميا، قبل أن يتمكن من قراءته بالعربية في الترجمة التي أنجزتها دار الساقي في العام الماضي 2004.
فمن دون مبالغة ربما كان هذا الكتاب أهم وأول كتاب صدر في الغرب لرصد الظاهرة الإسلامية ليس بالمعنى الكلاسيكي (دراسة الحركات الإسلامية وما نتج عنها من مؤسسات وأنشطة.. ومحاولة تبني رؤية شاملة لتفسيرها) بل رصد ظاهرة الأسلمة نفسها التي تجتاح المجتمعات الإسلامية، وتتخلل شتى مسارات حركتها.
كما سبق الكتاب أيضا في تجاوز حدود التقسيمات الجغرافية وعدم الوقوف عند دراسة الظاهرة الإسلامية في الغرب أو العالم العربي والإسلامي، وهو الأول الذي يعالج قضية العلاقة بين الإسلام والتحديث ليس من باب الجدل النظري (العقيدة والنصوص الدينية)، لكن من باب ممارسات الناس الفعلية؛ إذ إن التحديث في رؤيته منفصل عن تجديد الخطاب الديني، وهو بذلك يتجاوز السؤال التقليدي عما إذا كان الإسلام مع التحديث أم ضده؟ لأنه يرى التحديث أمرا واقعا بعيدا عن جدل النظرية، ومن ثم فإن الجهد البحثي يجب أن ينصب في رصد مظاهر هذا التحديث وتحليلها.
أما أوليفيه روا مدير الأبحاث بالمركز الوطني للعلوم السياسية في باريس فهو في الأصل باحث مهتم بشئون آسيا الوسطى وأفغانستان، وهو أحد أهم المختصين بدراسة الإسلام في هذه المنطقة، ومن ثم فلم يكن بشهرة الثلاثي الفرنسي المعروف في الأوساط الأكاديمية والثقافية العربية (جيل كيبيل، فرانسوا بورجا، وألان روسيون)، ولكن عرفه العالم العربي قبل عشر سنوات تقريبا بكتابه "فشل الإسلام السياسي" الذي أعلن فيه عن فشل حركات الإسلام السياسي سواء في مشروعها الأكبر -أو روايتها الكبرى- أي إقامة الدولة الإسلامية التي وعدت بها في بلدانها، أو على مستويات أقل تتمثل في تقديم رؤية اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية خاصة بها.
حين قدم روا طرحه هذا عارضه الكثيرون -حتى من خصوم حركات الإسلام السياسي- فقد كانت الحركات الإسلامية وقتها -في أوائل التسعينيات- ملء السمع والبصر، وكانت وما زالت قادرة على أن تملأ الدنيا بحركتها وتشغل الناس.
غير أن التطورات رجحت ما ذهب إليه الخبير الفرنسى، حيث توارى مشروع إقامة الدولة الإسلامية لصالح أولويات أخرى باتت تراها هذه الحركات، ولم تعد أى منهما تنادى به.
استمرار الأسلمة
غير أن كثيرا من المراقبين والمثقفين أساء فهم ما طرحه أوليفيه روا فمد حديث الفشل على استقامته ليتحدث عن نهاية الظاهرة الإسلامية، وهو ما لم يكن يقصده الرجل، ومن ثم رأوا تعارضا بين هذا الفشل وبين كتابه الجديد "عولمة الإسلام" الذي يتحدث فيه عن استمرار ظاهرة الأسلمة وأخذها بعدا عولميا.
وبشكل عام يتحرك كتاب أوليفيه روا في المساحة بين الدين والثقافة، ويرى ضرورة رفع الحاجز بينهما.
أبرز ما يطرحه الخبير الفرنسي هو تمييزه بين نوعين من الحركات صارت إليهما الحركات الإسلامية: الأولى هي الحركات ذات الامتداد الاجتماعي والمشروع السياسي وهي جميعا (سواء كانت سلمية كالإخوان أو عنيفة كالجماعة الإسلامية المصرية، أو مقاومة كحماس) صارت أقرب إلى الأحزاب القومية في بلادها، وأصبحت أولوياتها قومية وطنية، ولم تعد تطرح فكرة إقامة الدولة الإسلامية كما كانت تفعل سابقا، ومن ثم فحظها في الاندراج داخل العملية السياسية في بلادها أكبر مثل احتمالات تطورها ديمقراطيا.
أما النوع الثاني من الحركات الإسلامية السياسية فهي التي ليس لها عمق اجتماعي في بلادها، ولا تملك أي مشروع سياسي فقد صارت حركات معولمة أقرب إلى الحركات المناهضة للإمبريالية ذات الامتداد والطرح العالمي، ويضرب مثالا بتحالف تنظيم القاعدة الذي لا يمثل مشروعا سياسيا في أي بلد بل يتحرك كجبهة أو تحالف ليس له هدف سوى منازعة أمريكا وضربها حتى ولو في عقر دارها، كما فعل بضرب برجي التجارة في نيويورك، ويرى أن هذا النوع من الحركات أبعد عن الطرح الديني، وأقرب إلى الحركات اليسارية المناهضة للعولمة، ومن ثم فمعركته مع الإمبريالية التي تمثلها الولايات المتحدة ورموزها المختلفة (الاقتصادية كبرجي التجارة، والعسكرية كالبنتاجون)، وليست الرموز الدينية المخالفة لها (كالكنائس مثلا أو حتى الفاتيكان رمز المسيحية).
مسلمو الغرب.. سؤال الأقلية
ويخصص الكاتب فصلا عن الإسلام في الغرب ليثير قضية بالغة الحساسية تتعلق بوضع الأقليات المسلمة عموما (أكثر من ثلث المسلمين يعيشون كأقلية) وفي الغرب بصفة خاصة، ويطرح سؤاله الإشكالي: هل هم أقلية دينية أم أقلية ثقافية؟.. وفي هذا الفصل يحلل أوليفيه روا الأجيال الجديدة من المسلمين، ويلاحظ كيف صاروا -بفعل التهميش والتمييز- أكثر تمسكا من آبائهم المهاجرين الأوائل بالهوية التي صارت الملاذ، وكيف صاروا الأقرب إلى القبول بطرح جماعات الإسلام السياسي العنيف والمعولم كالقاعدة.
ويلفت النظر إلى أن الغالبية العظمى من كوادر القاعدة ليسوا من المنطقة العربية أو حتى منطقة الشرق الأوسط، بل إن معظمهم ولد أو تربى وتعلم في أوربا وأمريكا، ومن ثم فهم نتاج تفاعل حركات العنف المعولمة مع الحداثة الغربية، وليسوا نتاج الإسلام التقليدي أو حتى حركات الإسلام السياسي ذات المشروع والارتباط الوطني، وهو ما غاب عن المحللين والمختصين بدراسة تنظيم القاعدة. ويعد أوليفيه روا أحد أبرز من اشتغلوا بهذا التنظيم سواء من حيث بنيته الفكرية أو قاعدته التنظيمية، وقد نشرت له دراسة مؤخرا في اللوموند ديبلوماتيك عن حقيقة هذا التنظيم.
الأسلمة في السياق العالمي
وفي فصلين آخرين يربط أوليفيه روا الحالة الإسلامية أو ظاهرة الأسلمة -ويركز على تجلياتها في الغرب- بالتطور الذي يطال الظاهرة الدينية في العالم، حيث صار التدين الإسلامي يميل إلى الفردنة وإلى الإنسانية، فقد تراجع الإسلام الجماعي، وصارت ممارسات التدين تميل إلى الفردنة من حيث انتهاء أو تراجع دور المؤسسات الدينية في حياة الفرد، وتغليب النزعة الفردية حتى على الممارسة الدينية، والتأكيد على مبدأ الخلاص الفردي، وتراجع كل ما هو جماعي في التدين حتى لم يعد الارتباط بفكرة الأمة الإسلامية الواحدة يتم إلا عبر وسيلة غارقة في الفردية ومعززة لقيم الفردنة وهي وسيلة الإنترنت التي صارت معها الأمة أمة افتراضية!.
ورصد أوليفيه روا الميل للإنسانية في حركة الأسلمة التي صارت تبعد تدريجيا عن السياسية، وتطرح في نقاشاتها قضايا أكثر إنسانية وليست سياسية، وصارت اهتماماتها تتعلق بقضايا أخلاقية واجتماعية قد لا تختلف فيها مع تيارات اليمين المسيحي والمحافظ في أوربا، مثل منع الإجهاض، ورفض الشذوذ، والدعوة للحفاظ على العائلة وغيرها من القضايا الاجتماعية وذات الطابع الأخلاقي.
الطرح الأنسب للعولمة
ومما نلاحظه في طرح أوليفيه روا أن خصوصية الإسلام الغربي هي في خروج الدين عن نطاق الثقافة والحضارة إلى الدين النقي، فالفصل بين الثقافة والدين يظهر بالأساس عند مسلمي الغرب، خاصة من الجيل الثالث أو بين المسلمين الجدد بالطبع، فكلاهما يخوض تجربة التعرف على الإسلام أو الهجرة إليه دون ميراث ثقافي مسبق، فالجيل الثالث انقطعت صلته بثقافته الأصلية دون أن يندمج في ثقافة الغرب لأسباب كثيرة، لذلك فهو حين يخوض تجربته الدينية يبحث عن إسلام نقي غير مختلط بثقافة هي لا تمثل له شيئا ولا يعيشها.
ويشاركه في ذلك أيضا المسلم الجديد الذي ينخلع عن ثقافته الأصلية حين يغير دينه، ومن غير المتصور أن يستبدل ثقافة أخرى بها بل يبحث في الغالب عن إسلام نقي من الثقافة، وربما رأى أن المجتمعات الإسلامية لا يتحقق فيها الإسلام المنشود لاختلاط الدين فيها بالثقافة.
وربما كان هذا السبب الرئيسي لانتشار الدعوة السلفية في الغرب -على غير المتوقع- والإقبال الكثيف عليها من مسلمي الأجيال الجديدة التي نشأت وترعرعت في الغرب، وكذلك المسلمين أو المهتدين الجدد للإسلام؛ لأن الفصل بين الدين والثقافة أوضح ما يكون في السلفية التي تقوم بالأساس على إنكار الثقافة والعودة إلى رؤية محددة وواضحة وبسيطة للكون والحياة منفصلة -أو هكذا يراها السلفيون- عن الثقافات المختلفة، كما أن الدين فيها واضح ومحدد في جملة من النصوص والتفسيرات المعتمدة، وهذا ما يحتاجه بالضبط مسلمو الغرب الجدد: دين محدد واضح المعالم، مثل ذلك الذي تعرضه السلفية، أو دين تتماهى فيه الحدود تماما كما في التصوف الذي تتقارب وتتداخل فيه التجارب الروحية من دين لآخر حتى تغيب الفروق أحيانا!.
ومن ثم تكون المفارقة أن الخطابين الحاضرين والمرشحين للحضور بكثافة هما على طرفي النقيض: التصوف والسلفية! وكلاهما في رأي أوليفيه منسجمان مع العولمة.
شهادة أوليفيه روا في الإسلام السياسي
بدأ (أوليفيه روا) دراسته للإسلام السياسي بموضوعات فرعية، وجزئية: (أفغانستان: الإسلام والحداثة والسياسة) و(الأعراف والسياسة في آسيا الوسطى) تمهيداً لكتابه الأهم (تجربة الإسلام السياسي) كتتويج لدراساته (الإسلامية) التي تكاملت مع أبحاثه اللاحقة، بعد 11من سبتمبر. فانطلق من حقيقة أن التحديث الذي قامت به الدولة أساساً، أصبح أمراً واقعاً يجب الانطلاق منه لا ضده إن أردنا سياسة ناجعة، وبالتالي فالاحتجاج ضد الحداثة والغربنة، هو شبيه بالخطاب البيئي، تمّت صياغته بعد فوات الأوان.
ولقد نشأت الإسلاموية في تواصل مع السلفية وفي محاولة القطيعة معها. أما المصدر الأساسي لها فيجدها (روا) في الاخوان (حسن البنا) و"جماعت إسلامي" الباكستانية (أبو الأعلى المودودي). وقد ميزها عن السلفية بثلاث علائم: مفهومها للثورة الإسلامية، وللشريعة، ولقضية المرأة. ينظر الإسلاميون إلى السياسي، من فكرة أن الإسلام هو فكر شامل وكلي، ومن هنا يجب التحرر من الدولة الفاسدة، والحاكم المرتد. وفيما يتعلق بالمرأة، فهم يؤيدون تعلّم النساء، ومشاركتهن في الحياة العامة، شريطة أن تكون منقَّبة. ويتميزون أيضاً بجعل الشريعة مشروعاً لا مدونةً ثابتة، فيتحدث سيد قطب عن (فقه حركي) يصدر عن التأويل الذي يقوم به أولئك الذين يجاهدون من أجل الإسلام، مقابل فقه العلماء الجامد.
فشل الفكر والسياسات: يلاحظ روا أن الفشل يحيط التجربة الإسلاموية في كل اتجاه:هذه التجربة لم تقدم خياراً بديلاً جديّاً للنظم القائمة. فعلى الرغم من تأكيد الإسلامويين على ضرورة السلطة السياسية، غير أن نقاشهم يضع المؤسسات جانباً لصالح نقاش حول صفات القادة وفضائلهم. ويطرحون مفهومي: الأمير والشورى ويرفضون تحديدهما. فليس شكل المؤسسة المهم، بل الطريقة التي تتوارى بها المؤسسة خلف تطبيق المبادئ الإسلامية. وبما أن الأنموذج السياسي الإسلاموي، لا يمكن أن يتحقق، في الواقع، الاَّ في الإنسان، وليس في المؤسسات، فإن ذلك وحده يكفي لجعل المدينة الإسلاموية مشروعاً مستحيلاً؛ بل،إن منطق الإسلامويين يقود إلى التبشير بنهاية الدولة: الغاية ليست الدولة وإنما التقوى. والتقوى ممارسة فردية وليست (ممارسة اجتماعية). كما أن تجاربهم السياسية لم تستطع أن تخلق واقعاً يتجاوز القومي والقبلي أو الجهوي، إلى الأممي الإسلامي. بل إنها حافظت على بقاء عدة مراكز لها ، وتبرز لديهم الخلافات والتباينات، ويبقى الإطار القومي هو الإطار الغالب. ففي إيران التي رفعت راية الثورة الإسلامية، مارست سياسة قوة إقليمية قبل أي شيء آخر، وحاولت تحويل المجموعات الشيعية ـ في الخارج إلى أدوات تهويل في استراتيجيتها.
الاقتصاد الإسلامي المستحيل: إن التيار الإسلاموي لم يقدم تعبيراً اقتصادياً مناسباً وبديلاً، فالخميني في مؤلفه "توضيح المسائل" يعامل المسائل الاقتصادية كأعمال فردية تخضع للتحليل الأخلاقي. متفقاً بذلك مع بقية الإسلاميين في اعتقادهم بلزوم توافق النشاط الاقتصادي مع الغاية الخلقية التي يحددها القرآن. والإسلاميون الراديكاليون يقدمون، على وجه العموم، رؤية اشتراكية شعبوية للاقتصاد "تعترف بالملكية الخاصة، لكنها تريد ضمان العدالة"، ولا بد للحد من شهوة تملك الإنسان الذي ليس له سوى الانتفاع بالأرض والأرزاق، أما ملكيتها العليا فلله وحده.. وتُستخدم الزكاة للحد من المراكمة ، ولخدمة المعوزين. ويوجد اليوم - برأي (روا) - مخططان متحققان من الاقتصاد الإسلامي: هناك الرؤية الإسلامية الدولتية الاجتماعية، التي تجسدت في إيران الخميني. وهناك الرؤية التقوية المحافظة التي نُفذت جزئياً في باكستان، وفي بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في الشرق الاوسط. وينتهي (روا) إلى التأكيد على أنه ليس هناك فكر إسلامي حول المؤسسة الاقتصادية، لأن كل شيء لديه يستند على الفضيلة الفردية أو التقوى، واقتصاد يقوم على فضيلة الفاعلين، لا يمكن إلاَّ أن يكون وهماً، جميلاً جداً، إلاَّ أنه غير فعال، ينتج عنه نقيضه: استغلال السلطة، المضاربة، والفساد، التي يعتبرها (روا) الجرح النازف للأنظمة الاقتصادية الإسلامية.
المجتمع الكئيب: وفي النهاية، فإن الطوبى التي تحملها الإسلاموية، يجدها (روا) لاتتعدى أن تكون وسطاً كئيباً شاحباً لاحياة فيه، وهو شيء لا يُقاس مع زهو وغنى الحياة في الحضارة الإسلامية الكلاسيكية، التي عرفت الموسيقى والفلسفة والشعر.. والعلمانية ، على حد تعبير (روا). فالسلفية الجديدة تدعو إلى إنشاء مسرح خاو، يجاهد فيه المؤمن لتحقيق المثال الأخلاقي، والمتنفس الوحيد في مثل هذا المسرح، هو العائلة التي هي حيز المتعة الوحيد بالنسبة للرجال وحدهم. والحال أن المتداول في الأسرة المدينية نقيض نمط الحياة الإسلامي: إنه نتاج غربي. لهذا يتنبأ (روا) أن لا ينتج عن الإسلاموية إلاَّ الاستلاب، بل الامتثال، والسأم. إنه إرهاص مجتمع مصاب بالفصام، وهو شأن كافة النزعات الطهرانية، سوف يمارس المحرمات (المخدر. الكحول، الجنس..الخ) في الخفاء. ولكن حتَّام أن تقبل الشبيبة بالسأم، وهي تجد أن النمط الآخر من العيش، في متناول يدها!ويصل (روا) إلى ذروة استنتاجاته التي تقفل الدائرة أمام الإسلاموية حيث يتنبأ لها أن تصبح عامل علمنة للمجتمعات المسلمة، ذلك لأنها ترد الديني إلى النطاق السياسي، الذي سيفرض استقلاله بعد أن يفرِّغ النطاق الديني من قيمته كمفارق للمادة، وكملاذ ، بسبب مماهاته للسلطة الجديدة.
تعليق