ابن مريم
لقد وصف أهل الكفر الرسول الكريم بالضلال مستندين بذلك بآية من القرآن الكريم من سورة الضحى
وهى ( ووجدك ضآلاً فهدى) سورة الضحى 6 , وخيلت لهم عقولهم أن هذه الآية دليل وبرهان على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ضآلاً نعوذ بالله من ذلك وهم بالفعل لايعرفون شئ عن هذه الآية ولماذا
أُنزلت وأين نزلت وأيضا لايفقهون شيئاً عن اللغة العربية التي يتحدثونها ويدَعون أنهم يعرفون معاني الكلمات وما هذا إلا إدعاء كاذب مثل سائر اكاذيبهم , وأقول لهم انكم اذا كنتم تعرفون العربية وتفقهونها
عن ظهر قلب كما تدعون فاإن الامر أقبح لكم وأصعب لان معنى ذلك أن درجة كفركم وصلت الى المنتهى وان قلوبكم خالية حتى من ذرة واحدة للندم على كفركم وضلالكم وأنكم جعلتم من أنفسكم وقود دائم للنار عافانا الله منها. أما إذا كنتم لاتعرفون معنى الآية الكريمة التى جعلتموها حجة لكم فسوف اوضح فيما يلى مستند باأكبر العلماء المسلمين كي لايعتمد التوضيح على الاجتهاد الفردي فقط ولكي تكون بإذن الله حجة عليكم فى الدنيا وفى الاخرة.
التوضيح من نقطة البداية لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوم ضلال كانوا يعبدون الاصنام , هم كفار قريش وكما ذكر أن الكفر هو الضلال, وتوفي والده قبل ولادته بسبعة شهور ولم يترك من المال إلا خمساً من الإبل وأمته (ام ايمن)
وعندما تمت والدته فترة الحمل ولدته صلى الله عليه وسلم فى دار عمه أبى طالب فى شعيب بني هاشم,
اى مساكنهم المجتمعة فى بقعة واحدة.
وسماه جده عبد المطلب (محمداً) ولم يكن هذا الاسم شائعاً إذ ذاك عند العرب ولكن الله تعالى الهمه إياه فوافق ذلك ماجاء فى التوراة من البشارة بالنبي الذى يأتى من بعد عيسى عليه الصلاة والسلام مسمىً بهذا الاسم الشريف.لأنه قد جاء فى التوراة ماهو صريح فى البشارة بنبي تنطبق أوصافه تمام الانتباق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مسمى أو موصوفاً بعبارة ترجمتها هذا الاسم, كما جائت البشارة به صلى الله عليه وسلم على لسان نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام .
وبما انه صلى الله عليه وسلم ولد يتيم الاب تولى تربيته جده عبد المطلب فلما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانى سنين وشهرين وعشرة ايام توفى جده عبد المطلب فانتقلت رعايته الى عمه ابى طالب فبقى بكنفه.
وقد كان علماء اليهود والنصارى - رهبانهم وكهنتهم- يعرفون زمن مجيئه صلى الله عليه وسلم مما جاء من أوصافه في التوراة وما أخبر به المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فكانوا يسألون عن مولده وظهوره وقد عرفه كثيرون منهم لما رأوا ذاته الشريفة أو سمعوا بأوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ممتازاً بكمال الأخلاق، متباعداً في صغره عن السفاسف التي يشتغل بها أمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلاً، وأصحهم رأياً، وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثاً، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.
وقد حفظه الله تعالى منذ نشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلف بها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيداً أو احتفالاً، وكان لا يأكل ما ذبح على النُّصُب، و النصب هي حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيراً لفقره، ولايهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزنى ولا يسرق ولا يقتل، بل كان ملتزما لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء.
وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعد النبوة.
وكان يلبس العمامة والقميص والسراويل، ويتزر ويرتدى بأكيسة من القطن، وربما لبس الصوف والكتان، ولبس الخف والنعال وربما مشى بدونها. وركب الخيل والبغال والإبل والحمير. وكان ينام على الفراش تارة وعلى الحصير تارة وعلى السرير تارة وعلى الأرض تارة، ويجلس على الأرض، ويخصف نعله، (أي يخرزها ويصلحها) ويرقع ثوبه، وقد اتخذ من الغنم والرقيق من الإماء والعبيد بقدر الحاجة. وكان من هديه في الطعام ألا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً.
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحد قبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى . فقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.
وكان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولهاما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .
وثبت في (( الصحيحين )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بجوامع الكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).
وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله، وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيه عن بيان المراد ولاتقصير ، ولا فحش فيه ولا تقريع ، أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أن تبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.
وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاؤه بشهيق ولا برفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلى الله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاً على أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه (سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].
وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقه سبحانه وتعالى.
وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيض من فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً والحمد لله أولاً وأخيرا
كانت عند العرب بقايا من الحنيفية التي ورثوها من دين إبراهيم عليه السلام، فكانوا مع -ما هم عليه من الشرك- يتمسكون بأمور صحيحة توارثها الأبناء عن الآباء كابراً عن كابر، وكان بعضهم أكثر تمسكاً بها من بعض، بل كانت طائفة منهم -وهم قلة- تعاف وترفض ما كان عليه قومها من الشرك وعبادة الأوثان، وأكل الميتة، ووأد البنات، ونحو ذلك من العادات التي لم يأذن بها الله، ولم يأت بها شرع حنيف، وكان من تلك الطائفة ورقة بن نوفل و زيد بن نفيل ورسولنا صلى الله عليه وسلم ، والذي امتاز عن غيره صلى الله عليه وسلم باعتزاله الناس للتعبد والتفكُّر في غار حراء، فما هو خبره صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتأمل منذ صغره ما كان عليه قومه من العبادات الباطلة والأوهام الزائفة، التي لم تجد سبيلاً إلى نفسه، ولم تلق قبولاً في عقله، بسبب ما أحاطه الله من رعاية وعناية لم تكن لغيره من البشر، فبقيت فطرته على صفائها، تنفر من كل شيء غير ما فطرت عليه.
هذا الحال الذي كان عليه صلى الله عليه وسلم دفع به إلى اعتزال قومه وما يعبدون من دون الله، وحبَّب الله إليه عبادته بعيداً عن أعين قومه وما كانوا عليه من عبادات باطلة، وأوهام زائفة، فكان يأخذ طعامه وشرابه ويذهب إلى غار حراء كما ثبت في الحديث المتفق عليه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (جاورت بحراء شهراً...) وحراء هو غار صغير في جبل النور على بعد ميلين من مكة، فكان يقيم فيه الأيام والليالي ذوات العدد، يقضي وقته في عبادة ربه والتفكَّر فيما حوله من مشاهد الكون، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك الباطلة، والتصورات الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح ولا منهج محدد يطمئن إليه و يرضاه.
وكان اختياره لهذه العزلة والانقطاع عن الناس بعض الوقت من الأسباب التي هيأها الله تعالى له ليعده لما ينتظره من الأمر العظيم، والمهمة الكبيرة التي سيقوم بها، وهي إبلاغ رسالة الله تعالى للناس أجمعين واقتضت حكمة الله أن يكون أول ما نزل عليه الوحي في هذا الغار.
فهذا ما كان من أمر تعبده صلى الله عليه وسلم، واعتزاله قومه وما كانوا عليه من العبادات والعادات، وقد أحاطه الله سبحانه بعنايته ورعايته، وهيأ له الأسباب التي تعده لحمل الرسالة للعالمين. وهو في حاله التي ذكرنا ينطبق عليه قوله تعالى في حق موسى عليه الصلاة والسلام {ولتصنع على عيني} (طه:39)إنه الإعداد لأمر عظيم تنوء الجبال بحمله، إنها الأمانة التي كان يُعدُّ لحملها إلى الناس أجمعين، ليكون عليهم شهيداً يوم القيامة،تحقيقاً لقوله تعالى {وجئنا بك شهيداً على هولاء} (النحل:89) فجزاه الله عن أمته وعن العالمين خير الجزاء، وجمعنا معه تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، والحمد لله رب العالمين .
وهذا المختصر عن بعض المراحل من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم هو تمهيد للتفسير التالي لسورة( الضحى) وما تشتمل عليه من آيات .
( تفسير سورة الضحى )
( للعالم الامام ابن القيم الجوزيه )
سورة الضحى
وهي مكية كلها بإجماعهم
اتفق المفسرون: على أن هذه السورة نزلت بعد انقطاع الوحي مدة.
ثم اختلفوا في سبب انقطاعه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن الروح، فقال: سأخبركم غدا، ولم يقل: إن شاء الله، فأحتبس عنه الوحي.
والثاني: لقلة النظافة في بعض أصحابه. وقد ذكرنا هذين القولين في سورة [مريم: 65].
والثالث: لأجل جرو كان في بيته، قاله زيد بن أسلم.
وفي مدة احتباسه عنه أقوال قد ذكرناها في [مريم: 66].
وروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث جندب قال: قالت امرأة من قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى شيطانك إلا قد ودعك، فنزلت {وَٱلضُّحَىٰ * وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } جندب هو ابن سفيان، والمرأة يقال لها: أم جميل، امرأة أبي لهب.
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَٱلضُّحَىٰ * وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ * وَلَلاٌّخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلاٍّولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ * فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }
وفي المراد بالضحى أربعة أقوال:
أحدها: ضوء النهار، قاله مجاهد.
والثاني: صدر النهار، قاله قتادة.
والثالث: أول ساعة من النهار إذا ترحلت الشمس، قاله السدي، ومقاتل.
والرابع: النهار كله، قاله الفراء.
وفي معنى سجى خمسة أقوال:
أحدها: أظلم.
والثاني: ذهب، رويا عن ابن عباس.
والثالث: أقبل، قاله سعيد بن جبير.
والرابع: سكن، قاله عطاء، وعكرمة، وابن زيد. فعلى هذا: في معنى «سكن» قولان:
أحدهما: استقر ظلامه. قال الفراء: «سجى» بمعنى أظلم وركد في طوله. كما يقال: بحر ساج، وليل ساج إذا ركد وأظلم. ومعنى ركد: سكن. قال أبو عبيدة: يقال ليلة ساجية، وساكنة، وشاكرة. قال الحادي:
يا حبذا القمراء والليل الساج وطرق مثل ملاء النساج
قال ابن قتيبة: «سجى» بمعنى سكن، وذلك عند تناهي ظلامه وركوده.
والثاني: سكن الخلق فيه، ذكره الماوردي.
والخامس: امتد ظلامه، قاله ابن الأعرابي.
قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } وقرأ عمر بن الخطاب، وأنس، وعروة، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن أبي عبلة، وأبو حاتم عن يعقوب «مَا وَدَعَكَ» بتخفيف الدال. وهذا جواب القسم. قال أبو عبيدة: ما ودعك من التوديع كما يودع المفارق و «ما ودَعَكَ» مخففة من ودعه يدعه {وَمَا قَلَىٰ } أي: أبغض.
قوله تعالى: {وَلَلاْخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلاْولَىٰ } قال عطاء: خير لك من الدنيا. وقال غيره: الذي لك في الآخرة أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا.
قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ } في الآخرة من الخير {فَتَرْضَىٰ } بما تعطى. قال علي والحسن: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى. قال ابن عباس: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ما يفتح على أمته من بعده كفرا كفرا، فسر بذلك، فأنزل الله عز وجل: «وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى».
قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَاوَىٰ } فيه قولان:
أحدهما: جعل لك مأوى، إذا ضمك إلى عمك أبي طالب فكفاك المؤونة، قاله مقاتل.
والثاني: جعل لك مأوى لنفسك أغناك عن كفالة أبي طالب، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ } فيه ستة أقوال:
أحدها: ضالا عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور، منهم الحسن، والضحاك.
والثاني: أنه ضل وهو صبي صغير في شعاب مكة، فرده الله الى جده عبد المطلب، رواه أبو الضحى عن ابن عباس.
والثالث: أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها الى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمن الله عليه بذلك، قاله سعيد بن المسيب.
والرابع: أن المعنى: ووجدك في قوم ضلال، فهداك للتوحيد والنبوة، قاله ابن السائب.
والخامس: ووجدك نسيا، فهداك إلى الذكر ومثله: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلاْخْرَىٰ } [البقرة: 282] قاله ثعلب.
والسادس: ووجدك خاملا لاتذكر ولا تعرف، فهدى الناس إليك حتى عرفوك، قاله عبد العزيز بن يحيى، ومحمد بن علي الترمذي.
قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً } قال أبو عبيدة: أي: ذا فقر وأنشد:
وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل
أي: يفتقر قال ابن قتيبة: العائل: الفقير، كان له عيال، أو لم يكن. يقال: عال الرجل، إذا افتقر وأعال: إذا كثر عياله.
قوله تعالى {فَأَغْنَىٰ } قولان.
أحدهما: رضاك بما أعطاك من الرزق، قاله ابن السائب، واختاره الفراء.
وقال: لم يكن غناه عن كثرة المال، ولكن الله رضاه بما آتاه.
والثاني: فأغناك بمال خديجة عن أبي طالب، قاله جماعة من المفسرين.
قوله تعالى: {فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } فيه قولان:
أحدهما: لاتحقر، قاله مجاهد.
والثاني: لاتقهره على ماله، قاله الزجاج. {وَأَمَّا ٱلسَّائِلَ } ففيه قولان:
أحدهما: سائل البر قاله الجمهور، والمعنى: إذا جاءك السائل، فإما أن تعطيه، وإما أن ترده ردا لينا، ومعنى {فَلاَ تَنْهَرْ } لا تنهره يقال:
نهره وانتهره: إذا استقبله بكلام يزجره.
والثاني: أنه طالب العلم، قاله يحيى بن آدم في آخرين.
قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ } في النعمة ثلاثة أقوال:
أحدهما: النبوة.
والثاني: القرآن، رويا عن مجاهد.
والثالث: أنها عامة، في جميع الخيرات، وهذا قول مقاتل. وقد روي عن مجاهد قال: قرأت على ابن عباس. فلما بلغت و«الضحى» قال: كبر إذا ختمت كل سورة حتى تختم، وقد قرأت على أبي بن كعب فأمرني بذلك. قال علي بن أحمد النيسابوري: ويقال: إن الأصل في ذلك أن الوحي لما فتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال المشركون: قد هجره شيطانه وودعه، اغتم لذلك، فلما نزل و«الضحى» كبر عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتخذه الناس سنة.
ارجوا من الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت فى جعل القارئ من الفئة الذين
يشككون فى صفات الرسول صلى الله عليه وسلم فهم معنى الآية الكريمة ( ووجدك ضآلا ًفهدى )
وأرجوا أن يكون هذا الموضوع شعاع فى طريق الباحثين عن الحقيقة وطريق الهداية فطريق الحق يبدا بخطوة وأختم قولي بآيات قرآنية نورانية قد بين بها الله عز وجل الفرق بين الحق والضلال من سورة النساء 174---134
والسلام على من اتبع الهدى
لقد وصف أهل الكفر الرسول الكريم بالضلال مستندين بذلك بآية من القرآن الكريم من سورة الضحى
وهى ( ووجدك ضآلاً فهدى) سورة الضحى 6 , وخيلت لهم عقولهم أن هذه الآية دليل وبرهان على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ضآلاً نعوذ بالله من ذلك وهم بالفعل لايعرفون شئ عن هذه الآية ولماذا
أُنزلت وأين نزلت وأيضا لايفقهون شيئاً عن اللغة العربية التي يتحدثونها ويدَعون أنهم يعرفون معاني الكلمات وما هذا إلا إدعاء كاذب مثل سائر اكاذيبهم , وأقول لهم انكم اذا كنتم تعرفون العربية وتفقهونها
عن ظهر قلب كما تدعون فاإن الامر أقبح لكم وأصعب لان معنى ذلك أن درجة كفركم وصلت الى المنتهى وان قلوبكم خالية حتى من ذرة واحدة للندم على كفركم وضلالكم وأنكم جعلتم من أنفسكم وقود دائم للنار عافانا الله منها. أما إذا كنتم لاتعرفون معنى الآية الكريمة التى جعلتموها حجة لكم فسوف اوضح فيما يلى مستند باأكبر العلماء المسلمين كي لايعتمد التوضيح على الاجتهاد الفردي فقط ولكي تكون بإذن الله حجة عليكم فى الدنيا وفى الاخرة.
التوضيح من نقطة البداية لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوم ضلال كانوا يعبدون الاصنام , هم كفار قريش وكما ذكر أن الكفر هو الضلال, وتوفي والده قبل ولادته بسبعة شهور ولم يترك من المال إلا خمساً من الإبل وأمته (ام ايمن)
وعندما تمت والدته فترة الحمل ولدته صلى الله عليه وسلم فى دار عمه أبى طالب فى شعيب بني هاشم,
اى مساكنهم المجتمعة فى بقعة واحدة.
وسماه جده عبد المطلب (محمداً) ولم يكن هذا الاسم شائعاً إذ ذاك عند العرب ولكن الله تعالى الهمه إياه فوافق ذلك ماجاء فى التوراة من البشارة بالنبي الذى يأتى من بعد عيسى عليه الصلاة والسلام مسمىً بهذا الاسم الشريف.لأنه قد جاء فى التوراة ماهو صريح فى البشارة بنبي تنطبق أوصافه تمام الانتباق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مسمى أو موصوفاً بعبارة ترجمتها هذا الاسم, كما جائت البشارة به صلى الله عليه وسلم على لسان نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام .
وبما انه صلى الله عليه وسلم ولد يتيم الاب تولى تربيته جده عبد المطلب فلما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانى سنين وشهرين وعشرة ايام توفى جده عبد المطلب فانتقلت رعايته الى عمه ابى طالب فبقى بكنفه.
وقد كان علماء اليهود والنصارى - رهبانهم وكهنتهم- يعرفون زمن مجيئه صلى الله عليه وسلم مما جاء من أوصافه في التوراة وما أخبر به المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فكانوا يسألون عن مولده وظهوره وقد عرفه كثيرون منهم لما رأوا ذاته الشريفة أو سمعوا بأوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ممتازاً بكمال الأخلاق، متباعداً في صغره عن السفاسف التي يشتغل بها أمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلاً، وأصحهم رأياً، وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثاً، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.
وقد حفظه الله تعالى منذ نشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلف بها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيداً أو احتفالاً، وكان لا يأكل ما ذبح على النُّصُب، و النصب هي حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيراً لفقره، ولايهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزنى ولا يسرق ولا يقتل، بل كان ملتزما لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء.
وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعد النبوة.
وكان يلبس العمامة والقميص والسراويل، ويتزر ويرتدى بأكيسة من القطن، وربما لبس الصوف والكتان، ولبس الخف والنعال وربما مشى بدونها. وركب الخيل والبغال والإبل والحمير. وكان ينام على الفراش تارة وعلى الحصير تارة وعلى السرير تارة وعلى الأرض تارة، ويجلس على الأرض، ويخصف نعله، (أي يخرزها ويصلحها) ويرقع ثوبه، وقد اتخذ من الغنم والرقيق من الإماء والعبيد بقدر الحاجة. وكان من هديه في الطعام ألا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً.
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحد قبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى . فقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.
وكان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولهاما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .
وثبت في (( الصحيحين )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بجوامع الكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).
وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله، وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيه عن بيان المراد ولاتقصير ، ولا فحش فيه ولا تقريع ، أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أن تبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.
وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاؤه بشهيق ولا برفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلى الله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاً على أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه (سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].
وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقه سبحانه وتعالى.
وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيض من فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً والحمد لله أولاً وأخيرا
كانت عند العرب بقايا من الحنيفية التي ورثوها من دين إبراهيم عليه السلام، فكانوا مع -ما هم عليه من الشرك- يتمسكون بأمور صحيحة توارثها الأبناء عن الآباء كابراً عن كابر، وكان بعضهم أكثر تمسكاً بها من بعض، بل كانت طائفة منهم -وهم قلة- تعاف وترفض ما كان عليه قومها من الشرك وعبادة الأوثان، وأكل الميتة، ووأد البنات، ونحو ذلك من العادات التي لم يأذن بها الله، ولم يأت بها شرع حنيف، وكان من تلك الطائفة ورقة بن نوفل و زيد بن نفيل ورسولنا صلى الله عليه وسلم ، والذي امتاز عن غيره صلى الله عليه وسلم باعتزاله الناس للتعبد والتفكُّر في غار حراء، فما هو خبره صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتأمل منذ صغره ما كان عليه قومه من العبادات الباطلة والأوهام الزائفة، التي لم تجد سبيلاً إلى نفسه، ولم تلق قبولاً في عقله، بسبب ما أحاطه الله من رعاية وعناية لم تكن لغيره من البشر، فبقيت فطرته على صفائها، تنفر من كل شيء غير ما فطرت عليه.
هذا الحال الذي كان عليه صلى الله عليه وسلم دفع به إلى اعتزال قومه وما يعبدون من دون الله، وحبَّب الله إليه عبادته بعيداً عن أعين قومه وما كانوا عليه من عبادات باطلة، وأوهام زائفة، فكان يأخذ طعامه وشرابه ويذهب إلى غار حراء كما ثبت في الحديث المتفق عليه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (جاورت بحراء شهراً...) وحراء هو غار صغير في جبل النور على بعد ميلين من مكة، فكان يقيم فيه الأيام والليالي ذوات العدد، يقضي وقته في عبادة ربه والتفكَّر فيما حوله من مشاهد الكون، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك الباطلة، والتصورات الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح ولا منهج محدد يطمئن إليه و يرضاه.
وكان اختياره لهذه العزلة والانقطاع عن الناس بعض الوقت من الأسباب التي هيأها الله تعالى له ليعده لما ينتظره من الأمر العظيم، والمهمة الكبيرة التي سيقوم بها، وهي إبلاغ رسالة الله تعالى للناس أجمعين واقتضت حكمة الله أن يكون أول ما نزل عليه الوحي في هذا الغار.
فهذا ما كان من أمر تعبده صلى الله عليه وسلم، واعتزاله قومه وما كانوا عليه من العبادات والعادات، وقد أحاطه الله سبحانه بعنايته ورعايته، وهيأ له الأسباب التي تعده لحمل الرسالة للعالمين. وهو في حاله التي ذكرنا ينطبق عليه قوله تعالى في حق موسى عليه الصلاة والسلام {ولتصنع على عيني} (طه:39)إنه الإعداد لأمر عظيم تنوء الجبال بحمله، إنها الأمانة التي كان يُعدُّ لحملها إلى الناس أجمعين، ليكون عليهم شهيداً يوم القيامة،تحقيقاً لقوله تعالى {وجئنا بك شهيداً على هولاء} (النحل:89) فجزاه الله عن أمته وعن العالمين خير الجزاء، وجمعنا معه تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، والحمد لله رب العالمين .
وهذا المختصر عن بعض المراحل من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم هو تمهيد للتفسير التالي لسورة( الضحى) وما تشتمل عليه من آيات .
( تفسير سورة الضحى )
( للعالم الامام ابن القيم الجوزيه )
سورة الضحى
وهي مكية كلها بإجماعهم
اتفق المفسرون: على أن هذه السورة نزلت بعد انقطاع الوحي مدة.
ثم اختلفوا في سبب انقطاعه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن الروح، فقال: سأخبركم غدا، ولم يقل: إن شاء الله، فأحتبس عنه الوحي.
والثاني: لقلة النظافة في بعض أصحابه. وقد ذكرنا هذين القولين في سورة [مريم: 65].
والثالث: لأجل جرو كان في بيته، قاله زيد بن أسلم.
وفي مدة احتباسه عنه أقوال قد ذكرناها في [مريم: 66].
وروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث جندب قال: قالت امرأة من قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى شيطانك إلا قد ودعك، فنزلت {وَٱلضُّحَىٰ * وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } جندب هو ابن سفيان، والمرأة يقال لها: أم جميل، امرأة أبي لهب.
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَٱلضُّحَىٰ * وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ * وَلَلاٌّخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلاٍّولَىٰ * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ * فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }
وفي المراد بالضحى أربعة أقوال:
أحدها: ضوء النهار، قاله مجاهد.
والثاني: صدر النهار، قاله قتادة.
والثالث: أول ساعة من النهار إذا ترحلت الشمس، قاله السدي، ومقاتل.
والرابع: النهار كله، قاله الفراء.
وفي معنى سجى خمسة أقوال:
أحدها: أظلم.
والثاني: ذهب، رويا عن ابن عباس.
والثالث: أقبل، قاله سعيد بن جبير.
والرابع: سكن، قاله عطاء، وعكرمة، وابن زيد. فعلى هذا: في معنى «سكن» قولان:
أحدهما: استقر ظلامه. قال الفراء: «سجى» بمعنى أظلم وركد في طوله. كما يقال: بحر ساج، وليل ساج إذا ركد وأظلم. ومعنى ركد: سكن. قال أبو عبيدة: يقال ليلة ساجية، وساكنة، وشاكرة. قال الحادي:
يا حبذا القمراء والليل الساج وطرق مثل ملاء النساج
قال ابن قتيبة: «سجى» بمعنى سكن، وذلك عند تناهي ظلامه وركوده.
والثاني: سكن الخلق فيه، ذكره الماوردي.
والخامس: امتد ظلامه، قاله ابن الأعرابي.
قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } وقرأ عمر بن الخطاب، وأنس، وعروة، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن أبي عبلة، وأبو حاتم عن يعقوب «مَا وَدَعَكَ» بتخفيف الدال. وهذا جواب القسم. قال أبو عبيدة: ما ودعك من التوديع كما يودع المفارق و «ما ودَعَكَ» مخففة من ودعه يدعه {وَمَا قَلَىٰ } أي: أبغض.
قوله تعالى: {وَلَلاْخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلاْولَىٰ } قال عطاء: خير لك من الدنيا. وقال غيره: الذي لك في الآخرة أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا.
قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ } في الآخرة من الخير {فَتَرْضَىٰ } بما تعطى. قال علي والحسن: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى. قال ابن عباس: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ما يفتح على أمته من بعده كفرا كفرا، فسر بذلك، فأنزل الله عز وجل: «وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى».
قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَاوَىٰ } فيه قولان:
أحدهما: جعل لك مأوى، إذا ضمك إلى عمك أبي طالب فكفاك المؤونة، قاله مقاتل.
والثاني: جعل لك مأوى لنفسك أغناك عن كفالة أبي طالب، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ } فيه ستة أقوال:
أحدها: ضالا عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور، منهم الحسن، والضحاك.
والثاني: أنه ضل وهو صبي صغير في شعاب مكة، فرده الله الى جده عبد المطلب، رواه أبو الضحى عن ابن عباس.
والثالث: أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها الى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمن الله عليه بذلك، قاله سعيد بن المسيب.
والرابع: أن المعنى: ووجدك في قوم ضلال، فهداك للتوحيد والنبوة، قاله ابن السائب.
والخامس: ووجدك نسيا، فهداك إلى الذكر ومثله: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلاْخْرَىٰ } [البقرة: 282] قاله ثعلب.
والسادس: ووجدك خاملا لاتذكر ولا تعرف، فهدى الناس إليك حتى عرفوك، قاله عبد العزيز بن يحيى، ومحمد بن علي الترمذي.
قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً } قال أبو عبيدة: أي: ذا فقر وأنشد:
وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل
أي: يفتقر قال ابن قتيبة: العائل: الفقير، كان له عيال، أو لم يكن. يقال: عال الرجل، إذا افتقر وأعال: إذا كثر عياله.
قوله تعالى {فَأَغْنَىٰ } قولان.
أحدهما: رضاك بما أعطاك من الرزق، قاله ابن السائب، واختاره الفراء.
وقال: لم يكن غناه عن كثرة المال، ولكن الله رضاه بما آتاه.
والثاني: فأغناك بمال خديجة عن أبي طالب، قاله جماعة من المفسرين.
قوله تعالى: {فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } فيه قولان:
أحدهما: لاتحقر، قاله مجاهد.
والثاني: لاتقهره على ماله، قاله الزجاج. {وَأَمَّا ٱلسَّائِلَ } ففيه قولان:
أحدهما: سائل البر قاله الجمهور، والمعنى: إذا جاءك السائل، فإما أن تعطيه، وإما أن ترده ردا لينا، ومعنى {فَلاَ تَنْهَرْ } لا تنهره يقال:
نهره وانتهره: إذا استقبله بكلام يزجره.
والثاني: أنه طالب العلم، قاله يحيى بن آدم في آخرين.
قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ } في النعمة ثلاثة أقوال:
أحدهما: النبوة.
والثاني: القرآن، رويا عن مجاهد.
والثالث: أنها عامة، في جميع الخيرات، وهذا قول مقاتل. وقد روي عن مجاهد قال: قرأت على ابن عباس. فلما بلغت و«الضحى» قال: كبر إذا ختمت كل سورة حتى تختم، وقد قرأت على أبي بن كعب فأمرني بذلك. قال علي بن أحمد النيسابوري: ويقال: إن الأصل في ذلك أن الوحي لما فتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال المشركون: قد هجره شيطانه وودعه، اغتم لذلك، فلما نزل و«الضحى» كبر عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتخذه الناس سنة.
ارجوا من الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت فى جعل القارئ من الفئة الذين
يشككون فى صفات الرسول صلى الله عليه وسلم فهم معنى الآية الكريمة ( ووجدك ضآلا ًفهدى )
وأرجوا أن يكون هذا الموضوع شعاع فى طريق الباحثين عن الحقيقة وطريق الهداية فطريق الحق يبدا بخطوة وأختم قولي بآيات قرآنية نورانية قد بين بها الله عز وجل الفرق بين الحق والضلال من سورة النساء 174---134
والسلام على من اتبع الهدى
تعليق