ركب الموجة ...! ركبته الموجة ...!
"فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ
وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ
سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ "(*)
وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ
سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ "(*)
ولطيفةُ التناقض أنّه باطلٌ مضحك، وحقيقة مادته أنّها عجز المُبطل، تفاديه عَثرة، ولزومه عِبرة، والتزامه من العَجب، وتكاثره من البطَر، وُجوده موعدة، وفضحه قاعدة، خفاؤه ابتلاء، واتباعه بلاء، مداد سوادِه سَكرة، وشمس ظلامه فكرة، فكأنّه علامةٌ تشير إلى سبيل المحجة، وإنّه باطلٌ قام على ذاتية بطلانه حجة، فلو لم يخلق الله السماوات والأرض بالحق، لافتقرت الخلائق إلى فكاكٍ من باطلٍ زك، فذاك في ابن آدم فيضٌ من رسوم الفطرة، وهو في عنقه قيدٌ إلى الحق بآثار القدرة ... وقد فُتح أمامي في قضية الركمجة(1) هذه بابٌ من التناقضات، ما لو كان مثلها ذهبًا لعُدّ رِكازًا يخمّس، فهاكم من ذلك بعضه!
ما رأي الزميل الليبراليّ في قول قائل: (إنّ القوى الشعبية قادرةٌ على الفوز بحربٍ مع جيش الدولة النظامي، وليس من الضروري أن ننتظر حتى تكون كل الظروف مواتيةً للثورة، فإنّ البدء بالتمرد يمكنه التهيئة لإيجاد هذه الظروف ... إن القوى الظالمة التي تحاول البقاء في السلطة ضد القانون قد نقضت السلام معها بالفعل.)؟؟ هه! ما رأيك في هذا الكلام إن كان من إسلاميٍّ مجاهد؟! فكيف به إن قاله ثوريٌّ مناضل؟! ما رأيك في ذاك الكلام الطيب .. أو الخبيث؟! أفتنا مأجورًا!!
وعندما يُعلم أن قائل هذا الكلام هو جيفارا(2)، فإنّه حينئذٍ إلهامٌ للمناضلين وشعلةٌ في سبيل الثائرين، فإن نقلنا أحسن من هذا الكلام عقلًا وأكثر انضباطًا، عن أحد المنظّرين للحركات الجهادية في مصر والعالم، صار هذا الكلام تطرفًا وظلامًا ورجعيةً وإرهابا .. فحسنٌ جدًّا قتال جيفارا المسلّح ضد باتستا طاغية كوبا، وقبيحةً كانت عمليات الجهاديين العسكرية ضد مبارك طاغوت مصر، وملهمةٌ حرب العصابات إذ يديرها جيفارا، وليست كذلك إذ يديرها يحيى هاشم، وليس على جيفارا جناحٌ بعد أن تُعلم ثمرةُ سعيه في كوبا حكمًا ديكتاتوريًّا لصديقه كاسترو، بينما على الجهاديين إثم المصريين حين تُتوهم ثمرة سعيهم حكمًا قد لا يُرضي النخبة الليبرالية.. وكِل بهذين المكيالين هاهنا وهاهنا هكذا من دون حد!
ثمّ ما رأي الزميل الليبرالي في قول قائل: (أظن أنني أستطيع ذكر بعضٍ من عواقب العنف الثوري، فإنّه يمهّد الطريق أمام إعادة التخطيط والبناء اللذين ذكرت، ويقضي على مؤسسات "النظام البائد" بسرعةٍ وقوة، بما يجعل أيَّ شيءٍ يبدو ممكنًا، كما وإنّه يطلق طاقة بناء المدينة الفاضلة من النفوس)؟؟ هه! ما رأيك في هذا الكلام إن كان من جهاديٍّ يُقرئ تلامذته التاريخ؟! فكيف به إن خرج من فم أستاذٍ أكاديميٍّ متخصص؟! ما رأيك في ذاك الكلام الطيب .. أو الخبيث؟! أفتنا مأجورًا!!
ما أذكى هذا التحليل حين يكون صاحبه أستاذ التاريخ روبرت دارنتون(3)، متحدثًا عن الثورة الفرنسية التي "ولدت في العنف ودمغت مبادئها على عالمٍ منه"(4)! ما أذكاه!! أمّا أن يصدر مثل هذا أو دونه عن شيخٍ مجاهدٍ فهو بحرٌ من الدم تفجّر من فم إنسان!! ورائعةٌ تلك الثورة الفرنسية العنيفة بما أعقبها، وقبيحٌ عنف الجهاديين مهما أعقبه! ويُعجب المثقفين بناءُ برج إيفل في مئوية الثورة الحرة على الطريقة الفرنسية، ويعجبهم كذلك بناء السجون والمعتقلات لمئاتٍ ممن يحلمون بجهاد الطواغيت على الطريقة الإسلامية!
ونعم .. إنّي أراهن على ذكاء القارئ، أن يدرك أنّ المقام ليس مقام تقييم الجماعات الجهادية، والنظر في حكم عملياتها، والحكم على طريقة تطبيقها، إنمّا المقام هو مقامُ إلزامٍ لمن يرمى الإسلاميين قاطبةً بعدم معارضة النظام السابق، وهو يتعامى عن قومٍ بلغ صدامهم مع السلطة إلى الغاية، ولا يُعلم ولم يوجد مثل صدامهم في دعاةِ الليبرالية والعلمانية والشيوعية، المغرمين بصورة جيفارا المعجبين بنضاله، يتعامى عنهم لأنّهم لا يمثّلون الليبرالية، فإمّا أن تناضل من خلال منظومة الليبرالية أو الشيوعية، وإمّا أن تقصيك الجماعة الليبرالية، ليس فقط من حسبتها وصحبتها، بل من العمل الإسلامي كلّه، ثم تأتي لتسأل عن دور الإسلاميين في مصادمة السلطة!! عجبٌ .. وأعجب منه ما يأتي!!
يخرِجهم أحدُهم من زمرة المعارضة ومن كافة الحسابات بقوله: "هؤلاء كانوا يتحدثون عن حاكمٍ كافر، وهؤلاء كانوا يتحدثون عن إقامة الشرع الإسلامي، وكانوا يتحدثون أيضًا عن تغييره بالقوة وبالعنف، إنما ما أتكلم عنه هو الداعية الذي يقف في مواجهة الظلم والاستبداد، والذي يدعو إلى الحرية والديموقراطية"(5) ... وأنا لا أتعجب من هذا القائل إذ يجعل شرطه في الاعتداد بمعارضة الإسلامي، ألّا تكون معارضته على أساس دينه وشريعته، ولا أتعجب منه ألّا يتصور ملابسات الاضطرار إلى التغيير بالعنف، مع أنّ أشهر دعاة عدم العنف يقرّون أن "العنف المحدود لا مناص منه في بعض الحالات"(6)، ولا أتعجب كذلك ألّا يكون قرأ شيئًا من كتب منظري الجهاد، وموقفهم من ظلم واستبداد الحكام، ولا يرى أن مطالبتهم بإقامة الشرع هي مواجهةٌ للظلم ودعوى لنشر العدالة والشورى، بل لا أتعجب منه وهو يقصي المعارض الإسلامي ما لم يتبنَ المصطلح الديموقراطي، ذلك أنّ هذا القائل هو موسوعة العلوم، المتبحر في كل الفنون الأستاذ إبراهيم عيسى!
وإن أقيم لسان الأستاذ إبراهيم عيسى عربيًّا غير ذي عوج، فلسوف نتحصل من كلامه ذاك على فائدةٍ مهمة، وهي أنّ عيسى والجمع الليبرالي في مصر ليس خلافهم مع الإسلاميين في الخروج على الحاكم، فسواءً أكنتَ ترى الحاكم كافرًا أو ظالمًا، ترجحت عندك مصلحة الخروج عليه أو لم تترجح، اتبعت خلافًا قديمًا أو إجماعًا لاحقًا، هذا كلّه لا يعنيهم، فهم لا يوافقون على منطلق "الخروج على الحاكم" للمعارضة، هم فقط يلزمون من قال بحرمة أو عدم ترجح مصلحة الخروج على الحاكم بألّا يتكلم في السياسة حتى بعد زوال الحاكم!! وبعيدًا عن هذه الديكتاتورية الليبرالية! فما معنى اعتبار المصالح والمفاسد في الخروج على الحاكم؟! لماذا لم نرَ في الإسلاميين مثل حركة "كفاية"؟! وجواب ذلك في أربعة..
بدايةً .. ليس صحيحًا أن الإسلاميين لم يوجد فيهم مثل حركة "كفاية"، فقد تأسست الحركة المصرية من أجل التغيير أو "حركة كفاية" سنة 2004م خليطًا من عدةِ قوى سياسية، من أحزاب الوفد والوسط والتجمع والناصري والكرامة والأمل وجماعة الإخوان المسلمين وغيرهم، ومعلومٌ أنّ حزب الوسط وجماعة الإخوان المسلمين يندرجون تحت مظلة الإسلاميين، وقد بدأ الانفصال في سنة 2006م باستشعار الإسلاميين محاولة تهميشهم، وتهميش قضية الصراع العربي مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وتخوُّف العلمانيين من سيطرة الإسلاميين على الحركة، واستشعار بعضهم أنّ مظاهرات الإسلاميين ضد احتلال العراق وفلسطين بإيحاءٍ من النظام الحاكم لتفقد الحركة الدعم الغربي، واختلاف الطرفين تجاه تصريحات وزير الثقافة فاروق حسني المضادة لحجاب المرأة المسلمة، فالإسلاميون عارضوها بشدة وبعضٌ من العلمانيين في الحركة يؤيدون الوزير.. وهكذا ليس صحيحًا أن الإسلاميين ليس فيهم مثل حركة كفاية، وإن حدثت في النهاية المفارقة لعدم إمكانية التوافق!
الأمر الثاني أنّ سياسة مبارك كانت تراعي –أو كانت جزءًا من- سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، ومن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م وغزو العراق سنة 2003م، فإنّ "الأهداف السياسية للولايات المتحدة في المنطقة مترابطة –وأحيانًا متضاربة- وتشمل الحد من تهديد الإرهاب، والضغط من أجل الإصلاح السياسي الديموقراطي، واحترام حقوق الإنسان"(7)، وعليه فإنّ نظام مبارك يعطي إذنًا بإعادة إصدار جريدة الدستور سنة 2005م، وتُترك صفحاتها تنشر سبًّا للرئيس المخلوع وولده، فإن معظم الديكتاتوريات "تعلم أنّ هناك فائدةً تُرتجى من ترك بعض الأصوات الليبرالية البارزة مع وسائلها الخاصة، لتعطي للعالم الخارجي انطباعًا خاطئًا عن حريةٍ وتعدديةٍ في الداخل"(8)، فأمريكا والمنظمات الحقوقية ستطالب بحرية الصحفيين، وقد تنادي بحرية مدوّنٍ مغمورٍ أو صحافيٍّ مبتدئٍ إن وصلهم صوته، ولكنّها لم تُر تطالب أن يكون للإسلاميين نشاطٌ سياسيٌّ خالص، وإن طالبت فسرعان ما ستقتنع أن هذا يندرج تحت استراتيجية الحد من تهديد الإرهاب أكثر من كونه تابعًا للإصلاح السياسي وحقوق الإنسان! وهذا لا يعني أننا لا نشكر صحافيًّا رأى فرصةً لقول كلمة الحق فقالها، وإنما نطالب هذا الصحافي ألّا يدّعي لنفسه بطولةً على الإسلاميين، إذ لو تقدّم لمثل موقعهم لكان صَمُوتًا، ولو تقدم أحد الإسلاميين لمثل موقعه لكان سجينًا!
وثالثهم أنّ تعامل نظام مبارك مع الإسلاميين ليس كتعامله مع الليبراليين، وأسباب ذلك لا أحسبها تحتاج دقيق نظرٍ لاستنباطها لأطيل المقام بذكرها، أمّا مثال ذلك فانظر موقف مبارك من "البرلمان الموازي" الذي قامت بتشكيله بعض أحزاب المعارضة والمرشحين الخاسرين عقيب تزوير انتخابات نوفمبر 2011م، وكذلك "حكومة الظل" التي قرر أحد أحزاب المعارضة تشكيلها، كان تعليق مبارك في الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشورى بتاريخ 19 ديسمبر 2011م هو "خليهم يتسلوا ..!!"، أمّا لو قام بذلك إسلاميّون، بل لو خططوا لذلك، بل لو تُصوِّرت منهم نيةٌ للقيام بذلك، لاستضيفوا مؤقتًا في أقرب مقرٍّ لأمن الدولة، ثمّ جهّزت لهم تهمة التسلية بقلب نظام الحكم، واختير "لتنظيمهم" اسمٌ مناسبٌ كتنظيم "الوعد" مثلًا، ونوّه لأخبار هذا التنظيم في بعض الصحف القومية والمستقلة، ثم يكون مثواهم أحد المعتقلات لا يدرون متى يخرجون، ولا يعلم أهلوهم أين يمكثون، وقد يلبثون هكذا إلى يوم يبعثون!
وأخيرًا وأكثر الأربعة أهميةً أنّ الإسلاميين هم أصحاب مشروع بناء، همهم إقامة بناءٍ دينيٍّ واجتماعيٍّ وأخلاقي في أرض الواقع، ويسعون –مقتصدين أو ظالمي أنفسهم- في تنظيرٍ للجانب السياسي والاقتصادي والقانوني والتعليمي، يتحيّنون فرصةً تمكنهم من نقل هذا الشق النظري بدوره إلى أرض الواقع ليبدأ التمحيص ويصح البناء، وأيّ حكيمٍ يقوم على رؤية بناءٍ ومشروع نهضة، فلابد أن يحسب خطواته ويزن أموره بميزان المصالح والمفاسد، حفاظًا على رصيده من الضياع، وسعيًا وراء المزيد من المكاسب النبيلة، ومثل هذا يختلف عمّن نذر نفسه للهدم فحسب -مثل حركة كفاية- فليس عنده ما يبكي عليه ... وهذا الفرق بين عامل البناء ومعول الهدم –وفي كلٍّ خير- يدركه المتهجمّون على الإسلاميين جيدًا، بل هو من الوضوح بحيث يدركه الأستاذ إبراهيم عيسى نفسه، إلّا أن هذا الفرق يُراعي عندهم مع كل من سوى الإسلاميين، وهاك المثال باختصار!
الدكتور أحمد زويل بعد تخرجه من مصر، سافر إلى الولايات المتحدة وبنى مجده العلمي هناك، وحصل على جائزة نوبل فأعيد بذلك اكتشاف زويل في وطنه الأم، ثم أتى بمشروع نهضةٍ علميةٍ يسعى لتحقيقه، فقوبل بالعنت والتضييق، وما لبث أن أصبح غرضًا ترميه الأقلام في الصحف القومية، فما كان من الرجل إلا أن ترك ذلك وعاد لمعمله وجامعته ليُكمل بناء مجده العلمي، فلما قربت انتخابات الرئاسة قبل الثورة، وتردد اسم الدكتور زويل كمرشحٍ محتمل، لم يقل الأستاذ إبراهيم عيسى وقتها إنّ زويل لم يصطدم بالنظام، ولم يحارب ورضي بما سُمح له به، وإنما وصفه بأنه (شخصيةٌ مثقفةٌ وجماهيريةٌ من طرازٍ فريد، ومخططٌ استراتيجي، ومن البنائين العظام لمشروعات نهضةٍ وتقدم ...إلخ)(9)، فهل ذنب الإسلاميين أن عيسى غافلٌ عن بنائهم؟! أم ذنبهم أنّه لا يعترف ببنائهم ولا يعترف لهم بحقّهم في الاختلاف؟!
فلو عومل الإسلاميون بمثل معاملة الدكتور زويل، لسهل أن يُفهم معنى أن مصلحة محاولة الخروج على الحاكم أو نفع كلمةٍ أو فائدة مظاهرة، قد تُترك لأنها غالبًا ما تكون أدنى بكثيرٍ من المفسدة المترتبة على رد فعل الحاكم تجاه الإسلاميين، فالمفسدة هنا متعلقة بالدعوة والأرواح والحريات والأعراض وما شابه، وهنا أمرٌ ينبغي التفطن له، أن من لم ير الخروج مثلًا في مظاهرات 25 يناير، لم يكن ذلك تآمرًا مع النظام السابق أو رضًا به أو طمعًا في بقائه، كحال أهل الفن والتمثيل الذين وضع أكثرهم في قوائم سوداء، وإنما موقف الإسلاميين مختلفٌ تمامًا، لا يجادل في ذلك من ذاق طعم الإنصاف، فموقف من لم ير الخروج منهم مبنيّ على قراءةٍ للتاريخ والواقع، ونظرٍ في ميزان المصالح والمفاسد، ومن تكن هذه نظرته فلا يُعاب عليه ما اجتهد فيه، ولا يُلام على تراجعه عن رأيه أثناء الثورة لتلاحق الأحداث وتغير المقدمات التي بنى عليها حكمه، ولا يُرفض منه اعتذاره عن خطئه في ترجيحه بعد الثورة، لا يرفض ذلك إلا مستبدٌّ برأيه يرى نفسه محتكرًا للصواب!
غير أنّ اشتغال الإسلاميين بالبناء الذي يؤدي إلى الهدم غير المباشر، لا يعني غياب جمعهم عن المشاركة في هدم النظام الظالم مباشرة، فلو تكلمنا بلسان الثورة، فسبقَ الإلزام بأنّ الجماعات الجهادية قامت بأقصى درجات التصادم والهدم، بما لم يتحقق في فصيلٍ سياسيٍّ آخر، ولو تكلمنا بلسان الرغبة والدافع، فأكثر من أوذي في هذا العهد البائد، وتعرض للتعذيب والتنكيل والقتل وأكثر من ذلك، هم الإسلاميون بشتى اتجاهاتهم لا ينازعهم في ذاك أحد، ولو تكلّمنا بلسان السياسة فلا شكّ أن أقوى خصمٍ سياسيّ كان في مقابلة النظام السابق –إن لم يكن الخصم الوحيد- هو جماعة الإخوان المسلمين، وقد شاركت مع حزب الوسط في حركة كفاية قبل أن يحدث الانفصال، ولو تكلمنا بلسان القاضي لقلنا بثلاثة إطاراتٍ –تجدها في الوجوه الأربعة المذكورة أعلاه- تحكم مشاركة الإسلاميين في عملية هدم النظام السابق وهي تميزهم عن غيرهم وتفرض عليهم قيودًا لا تلزم غيرهم.
ولكن ماذا عن الموقف من المظاهرات؟! ألم يكن في السلفيين من لا يرى الخروج فيها؟! هل ستكتفي بالأوجه الأربعة السابقة كجواب على الموقف من المظاهرات؟! ... لا! فقضية المظاهرات تحتاج لمزيدٍ من التفصيل والتمثيل، لأنها أقرب إلى الاستحضار، وأكثر تردادًا في لقاءات الإعلام .. ونكون بذلك قد انتهينا من نقض حيثيات اتهام الإسلاميين بركوب الموجة من خلال سلوكهم قبل الثورة، ويبقى النظر في موقفهم من الموجة إذ أقدمت، ثم نبحث في مقارنةٍ ظالمةٍ بين شيخٍ شهيرٍ وسياسيٍّ اشتهر، ونبحث عمن ركبته الموجة! وسوف –بإذن الله- نرى!
---------------
(*) الأنعام: 136.
(1) لفظٌ منحوتٌ من ركوب الموج.
(2) Guevara E. - Guerrilla warfare – P. 7&8 in short.
(3) Darnton R. – What was revolutionary about the French revolution? – P. 16.
(4) Darnton R. – What was revolutionary about the French revolution? – P. 13.
(5) هذا كلام الصحافي إبراهيم عيسى في لقائه مع الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، على قناة التحرير "عند الدقيقة 13 تقريبًا"، منقول بتصرف بنقل الكلام إلى الفصحى، واللقاء كاملًا متاح على اليوتيوب.
(6) Sharp G. - From dictatorship to democracy: a conceptual framework for liberation – P.28.
(7) The Kefaya Movement: A Case Study of a Grassroots Reform Initiative – A report prepared by the RAND Corporation – P.6.
(8) Bradley J. - Inside Egypt: The land of the pharaohs on the brink of a revolution – P.9.
(9) انظر مقاله: الطريق إلى رئاسة مصر.