علم النقد الأعلى وأهميته

تقليص

عن الكاتب

تقليص

فتى يسوع مسلم اكتشف المزيد حول فتى يسوع
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 8 (0 أعضاء و 8 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فتى يسوع
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    • 3 أبر, 2008
    • 156
    • مسلم

    علم النقد الأعلى وأهميته

    لقد ذكرنا في السابق (تحت موضوع: علم النقد الأدنى وأهميته) كيف وصل علماء الكتاب المقدس إلى استنباط علم جديد (له 300 عام فقط) من جراء وجود اختلافات كثيرة بين مخطوطات الكتاب المقدس ، وهو العلم الذي أصبح اسمه علم النقد النصي.

    ولكن العلماء لم يجدوا مشاكل مختصة فقط بتحريفات واختلافات المخطوطات ، وإنما بدت للعلماء مشاكل أخر أكبر من قضية اختلاف المخطوطات ، أبرز تلك المشاكل تساؤل هام وهو هل تلك المخطوطات التي خطت كتباً وأسفاراً هي فعلاً منسوبة إلى مؤلفيها؟ هل مثلاً كتب موسى الخمسة أسفار التوراة؟ هل كتب متى إنجيل متى؟ هل كتب يوحنا إنجيل يوحنا؟ ومن هو يوحنا؟ هل فعلاً كان أحد تلامذة المسيح؟ أم أنه يوحنا آخر؟ ومتى كُتِب هذا الإنجيل؟ وهل مؤلفه شخص واحد أم عدة أشخاص؟ وهل كاتب إنجيل يوحنا كتبها بوحي من الله؟ وهكذا تساؤلاتهم مع الكثير من الأسفار الأخرى للكتاب المقدس.

    وما جعل علماء الكتاب المقدس يتجهون نحو أسئلة من هذا النوع هو اصطدامهم بتساؤلات تؤرق مضجعهم والتي سببها التشكك بما جلبته الكنيسة من كتب قد يُحتمل أن تكون مؤلفة من أشخاص لا يمتون بالوحي أيّ صلة.

    إن التساؤل حول كاتب أو مؤلف سفر ما أنشأ علماً آخر سُمي بعلم النقد الأعلى ، فعلم النقد الأعلى إلى جانب علم النقد النصي يمثلان بشكل عام علماً يسمى بعلم النقد الكتابي ، نقرأ في الموسوعة القياسية العالمية للكتاب المقدس (International Standard Bible Encyclopedia) (وهي أشهر الموسوعات المسيحية الإنجليزية) تحت عنوان "نقد الكتاب المقدس" (CRITICISM OF THE BIBLE) التالي:

    "ينقسم علم نقد الكتاب المقدس (أو علم النقد الكتابي) عادة إلى ما يسمى بـ"النقد الأدنى أو النصي" و "النقد الأعلى" . . . فـ"النقد الأدنى" يتعامل بشكل مركز مع نصوص الكتاب المقدس ، والذي يسعى للوصول إلى النصوص الحقيقية لكل سفر كما كُتبت على يد كاتبها [الأصلي] ؛ وأما "النقد الأعلى" فإنه يهتم بالمشاكل الناتجة عن الزمن والتأليف و المصادر وبساطة أو تعقد الشخصية [أي هل المؤلف واحد أم متعدد؟] و الأهمية التاريخية وما يرتبط بزمن الكتابة . . إلخ."

    [align=left]
    "Criticism of Scripture (“Biblical criticism”) is usually divided into what is called “lower or textual criticism” and “higher criticism” . . . “Lower criticism” deals strictly with the text of Scripture, endeavoring to ascertain what the real text of each book was as it came from the hands of its author; “higher criticism” concerns itself with the resultant problems of age, authorship, sources, simple or composite character, historical worth, relation to period of origin, etc."
    [/CENTER]
  • فتى يسوع
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    • 3 أبر, 2008
    • 156
    • مسلم

    #2
    ولنفهم كيف يكون تطبيق علم النقد الأعلى ، دعنا نرى مثالاً لأحد كتب وأسفار الكتاب المقدس وكيف درسه علماء الكتاب المقدس وقاموا بتحليله على مبدأ علم النقد الأعلى ؛ فمثلاً أحد الكتب المثيرة للجدل هو سفر يشوع ، فأغلب علماء اليهود والمسيحيين الأوائل كانوا ينسبون تأليف هذا السفر إلى يشوع نفسه ، وهو تلميذ النبي موسى عليه السلام والذي استلم زمام قيادة بني إسرائيل من بعده ، وهو الذي قاد بني إسرائيل لغزو فلسطين والسكن فيها.
    ولكن مع مرور الزمن و كثرة تدقيق وتمحيص العلماء اليهود والمسيحيين لهذا السفر وجد أولئك العلماء بعض المشكلات والتي تشير إلى أن يشوع في الواقع ليس له دخل بكتابة هذا السفر ، وإنما كتبه شخص آخر عاش بعد يشوع بزمن طويل.

    إليك بعض المؤشرات التي توصل إليها الكثير من علماء اليهودية والمسيحية ، والتي تدل على أن يشوع بن نون لم يكتب سفر يشوع:

    أولاً: لا يوجد أي دليل تاريخي يدل على أن يشوع هو الذي كتب هذا السفر ، فلا توجد أي شهادات معاصرة ليشوع تثبت ذلك ، ولم يظهر في أي تاريخ أي شاهد بعد يشوع بزمن قريب يشهد بذلك ، أو بلغة أخرى لايوجد أي سند متصل يثبت ذلك ، وفي ذلك نقرأ في أحد القواميس المسيحية وهو قاموس سميث للكتاب المقدس (Smith's Bible Dictionary) تحت عنوان "سفر يشوع" الآتي:

    "ليس هناك شيء يُعرف حقيقة عن كاتب السفر ، فالكُتاب اليهود و الآباء المسيحيين ينسبون بشكل عام كتابة هذا السفر إلى يشوع نفسه ، ولكن لا توجد هناك أي تأكيدات معاصرة ولا توجد أدلة تاريخية كافية على ذلك."
    Nothing is really known as to the authorship of the book. Joshua himself is generally named as the author by the Jewish writers and the Christian fathers; but no contemporary assertion or sufficient historical proof of the fact exists

    ثانياً: إن قول بعض أولئك اليهود والمسيحيين بأن يشوع هو كاتب السفر إنما هو من باب التخمين ، حيث أنهم هم أنفسهم مختلفين على شخصية الكاتب ، فمن العلماء من يقول بأن الكاتب يشوع وآخرون ينسبون السفر لعزرا ، وآخرون يظنون بأن الكاتب هو النبي أشعياء ، فهذه الاختلافات كلها تدل على أنه لا يوجد أي دليل بأن يشوع هو الكاتب ، ولو كان لديهم أدنى دليل لما اختلفوا في شخصية الكاتب ، يقول المفسر جون جل (John Gill) في مقدمته على سفر يشوع:

    "هذا الكتاب يحمل اسم يشوع ، إما لأنه يتحدث عنه وعن أعماله وعن بطولاته في أرض كنعان [أي فلسطين] ، وإما لأنه كُتِب بيده ، أو للسببين معاً ، مع أن البعض ينسبون [تأليف هذا السفر] إلى عزرا وآخرون إلى أشعياء."
    This book bears the name of Joshua, either because it is concerning him, his actions and exploits in the land of Canaan, or because it was written by him, or both; though some ascribe it to Ezra, and others to Isaiah

    ويقول المفسر آدم كلارك في مقدمته على هذا السفر:

    "لقد انقسم المفسرون والنقاد في الرأي حول ما إذا كان هذا السفر الذي يحمل اسمه [أي يشوع] قد تم تأليفه في الحقيقة بيده."
    Commentators and critics are divided in opinion whether the book that goes under his name was actually compiled by him

    ثالثاً: في الواقع إن سبب تسمية هذا السفر بسفر يشوع ليس بالشرط لأن يشوع كتبه وإنما لأنه فقط يتحدث عن يشوع وأعماله وهذه الطريقة معهودة عند قدماء اليهود ، إلا أن المسيحيين واليهود في القرون المسيحية الأولى حينما رأوا بأن السفر قد تسمّى باسم يشوع ظنوا بأن يشوع هو المؤلف! نقرأ في أحد أشهر الموسوعات المسيحية الإنجليزية وهي الموسوعة القياسية العالمية للكتاب المقدس (International Standard Bible Encyclopedia) تحت عنوان "سفر يشوع" التالي:

    "إن الكتابات اليهودية القديمة لم تكن تضع عنواناً لأي كتاب على أساس اسم المؤلف ، وسفر يشوع لم يكن مستثنىً من تلك القاعدة لكونه أحد تلك الكتابات القديمة ، وخصوصاً إن كان من الكتب ذي الطبيعة التاريخية والتي تكون مجهولة المؤلف ، فالعنوان [هنا] يشير إلى وصف الموضوع وليس اسم المؤلف ، والذي يهدف إلى تبيين أن حياة وأعمال يشوع تُشكّل الموضوع الأساسي الذي يهتم به الكتاب."
    In the earliest Jewish literature the association of a name with a book was not intended in any case to indicate authorship. And the Book of Joshua is no exception to the rule that such early writings, especially when their contents are of a historical nature, are usually anonymous. The title is intended to describe, not authorship, but theme; and to represent that the life and deeds of Joshua form the main subject with which the book is concerned.

    رابعاً: ذكر موت يشوع في هذا السفر يؤكد على أن الكاتب ليس هو يشوع ، حيث نقرأ في سفر يشوع نفسه:

    "وَكَانَ بَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ أَنَّهُ مَاتَ يَشُوعُ بْنُ نُونٍ عَبْدُ الرَّبِّ ابْنَ مِئَةٍ وَعَشَرِ سِنِينَ.فَدَفَنُوهُ فِي تُخُمِ مُلْكِهِ فِي تِمْنَةَ سَارَحَ الَّتِي فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ شِمَالِيَّ جَبَلِ جَاعَشَ." (يشوع 24 : 29-30)

    فكيف يذكر سفر يشوع موت يشوع ودفنه إن كان الكاتب هو نفسه يشوع؟! ويحاول البعض التلصص من هذه المشكلة بأن زعموا بأن نهاية الفصل الأخير هذا كتبه ألعازر بن هارون أخي النبي موسى ، وهذا الكلام لا دليل له وإنما هو مجرد هروب من المشكلة ، وخصوصاً بأن الآية الأخيرة من هذا الفصل تذكر وفاة ألعازر نفسه! حيث نقرأ فيها:

    "ومات ألعازار بن هرون، فدفنوه في جبعة، وهي مدينة فنحاس ابنه، التي أعطيت له في جبل أفرايم." (يشوع 24 : 33)

    إلا أن أولئك المدّعين لا يتوانون عن الاعتراف بهذه المشكلة فيضيفوا قولاً غريباً وهو زعمهم بأن فنحاس ابن ألعازر الذي هو حفيد هارون هو الذي أضاف وفاة ألعازر ، وأيضاً هذا الكلام لا دليل له ، بل ويدحضها الآية الأخيرة نفسها حيث يذكر اسم فنحاس بصيغة الغائب مما يدل على أن كاتبها هو شخص آخر ، وبالتالي فإن كاتب سفر يشوع بكليته والتي تتضمن ذكر موت يشوع وموت ألعازر وذكر فنحاس بصيغة الغائب هو شخص مجهول.

    خامساً: ومما يؤكد على أن يشوع ليس هو كاتب السفر (إلى جانب ذكر موته ودفنه) هو أن يشوع دائماً يُذكر بصيغة الغائب مما يبين بأن شخصاً آخر هو الذي يكتب وليس يشوع ، فلا تجد في أي آية منها أي كلام يقول فيه مثلاً "أنا يشوع" أو ما يشبهه ، وإنما كل الذي نجد في هذا السفر ألفاظاً بصيغة الغائب مثل: "وَشَاخَ يَشُوعُ." (يشوع 13 : 1) ، "مَاتَ يَشُوعُ بْنُ نُونٍ" (يشوع 24 : 29) ، "فَبَكَّرَ يَشُوعُ فِي الْغَدِ" (يشوع 8 : 10) ، "فَقَامَ يَشُوعُ" (يشوع 8 : 3) ، "وَقَالَ يَشُوعُ" (يشوع 3 : 5) ، ولا تجد هذه الألفاظ بهذا الشكل أبداً: "أنا يشوع" ، "قلتُ" ، "قمتُ" ، "جئت" . . إلخ.

    سادساً: من المؤكد أن الكاتب الآخر الذي يكتب عن يشوع هو شخص عاش بعد زمن يشوع ، ويستدل العلماء بمثل هذا النص:

    "وَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «الْيَوْمَ قَدْ دَحْرَجْتُ عَنْكُمْ عَارَ مِصْرَ». فَدُعِيَ اسْمُ ذَلِكَ الْمَكَانِ «الْجِلْجَالَ» إِلَى هَذَا الْيَوْمِ." (يشوع 5 : 9)

    فقوله "إلى هذا اليوم" يدل على أن الكاتب شخص يعيش بعد يشوع بزمن طويل ويشير هذا الكاتب إلى أن اسم مدينة الجلجال كانت قد سميت بذلك في زمن يشوع واستمرت تلك التسمية إلى زمن هذا الكاتب! و هناك الكثير من النصوص التي يستخدم الكاتب فيها كلمة "إلى هذا اليوم" تعبيراً عن استمرارية ماحصل في أيام يشوع إلى زمن هذا الكاتب (راجع يشوع 4 : 9 ، 7 : 26 ، 8 : 28-29 ، 9 : 27 ، 13 : 13 ، 14 : 14 ، 16 : 10) ، بل وقد ذهب بعض العلماء والنقاد إلى أن السفر كُتب بعد يشوع بخمسمائة عام تقريباً (أي في القرن السابع قبل الميلاد ، حيث عاش يشوع بين عامي 1400-1200 قبل الميلاد) ، نقرأ في الموسوعة المسيحية العربية التي تسمى بـ"دائرة المعارف الكتابية" والتي أحد محرريها القس منيس عبدالنور تحت عنوان "يشوع – سفر يشوع":

    "أما العلماء المحدثون والنقاد ، فيثيرون بعض القضايا الصعبة التي يعتبرون أن أفضل حل لها ، هو القول بأن السفر قد كتب في القرن السابع قبل الميلاد ، بل وفي أثناء السبي البابلي."

    تعليق

    • فتى يسوع
      2- عضو مشارك

      حارس من حراس العقيدة
      • 3 أبر, 2008
      • 156
      • مسلم

      #3
      - - يتبع - -

      تعليق

      • متعلم
        5- عضو مجتهد

        حارس من حراس العقيدة
        عضو شرف المنتدى
        • 12 أكت, 2006
        • 778
        • مسلم

        #4

        جزاك الله خيرًا على هذا الموضوع والذي سبقه ..

        وإنك لتجد أخبارًا كثيرة ورصدًا حقيقيـًا لمجال تحقيق المخطوطات عند الغرب في العصر الحديث .. لكن الذي أود التعرف عليه حقـًا هو تاريخ تحقيق المخطوطات عند الغرب في العصور القديمة أو قبل عصر الطباعة ..

        فتحقيق المخطوطات ضرورة لا بد من ارتكابها ، سواء في الشرق أو الغرب ، سواء في القديم أو الحديث ..

        والطباعة ساعدت على "توحيد" الطبعات بلا شك .. فيكفي أن تشير إلى الطبعة الفلانية حتى يطمئن سامعك - وتطمئن معه - إلى أنكما تتباحثان في ذات العبارات والألفاظ .. ولم تكن هذه الإشارة متاحة قبل عصر الطباعة بطبيعة الحال ..

        لكن تحقيق المخطوطات أو التحقق منها - نصـًا وسندًا - ضرورة كما قلنا ..

        والذي نقرؤه أن الحضارة الإسلامية - في عزها - كان لها قصب السبق في هذا المجال ، إن لم يكن زمنيـًا فتقنيــًا ، أعني من حيث الآليات التي اعتمدوا عليها في تحقيق الكتب والمخطوطات .. ورأس الحربة في هذا الميدان هم أهل الحديث حسبما يجمع الباحثون ..

        إذن المسلمون مارسوا تحقيق المخطوطات في القديم .. وأما في العصر الحديث فتأخروا قليلاً في استعمال بعض الآليات بحكم تأخر دخول الطباعة إلى بلادهم وإن لم يضرهم هذا في شيء والله أعلم ..

        فماذا عن الغرب في قديمه وحديثه ؟

        في العصر الحديث الأمر سهل .. فهناك الكثير والكثير من المصادر والمراجع ، تحكي لنا قصة الغرب مع تحقيق المخطوطات سواء كانت للبايبل أو غيره ..

        لكن ماذا عن القرون الخالية ؟ .. هذا ما أود معرفته تحديدًا ..

        وأنت إذا قرأت هاتيك المصادر والمراجع التي تحدثك عن تحقيق الغرب للمخطوطات في الحديث ، تكاد تنفث في روعك أن الغرب لم يعرف تحقيق المخطوطات إلا في عصره الحديث ، وأنه جهلها تمامـًا في قرونه الخالية .. لكن هل هذه الحقيقة فعلاً ؟ .. أم أنها تصفية حسابات من الملاحدة أو البروتستانت مع الكنيسة الكاثوليكية ؟

        والنصارى يحدثوننا عن تحقيقات للمخطوطات قام بها بعض علمائهم في القرون الأولى ، كتحقيق "جيروم" مثلاً .. فهل لنا أن نقول إن عملية تحقيق المخطوطات - وهي ضرورة كما أسلفنا - كانت قائمة في تلك القرون الأولى ؟ .. وإذا كانت كذلك فبأي آليات كانوا يعلمون ؟ .. هنا لا نكاد نجد أخبارًا تذكر ..

        بعد هذه القرون الأولى وحتى أولى قرون "النهضة" لا تكاد تظفر بمرجع واحد يحدثك عن تحقيق المخطوطات في تلك القرون ، فضلاً عن الآليات المستخدمة فيها .. وكأن النصارى في تلك القرون كفوا عن تحقيق مخطوطاتهم .. لكننا نعلم أنهم - بالضرورة - كانوا ينتسخون كتبهم .. فماذا كان منهجهم - مثلاً - في اعتماد النسخة الأفضل التي سينسخون منها ؟

        كيف كانت مناهج كهنة الكاثوليك في التحقق من مخطوطاتهم ؟ .. على اعتبار أن العلم إجمالاً في الغرب كان حكرًا في القرون الخالية على هؤلاء ..

        فهل هناك مراجع جادة بحثت هذه المسألة بشيء من العلم ؟ .. هذا هو سؤالي .. وأرجو أن تجيبه ببيان وتفصيل ولو في موضوع آخر تستجمع فيه رأيك. غفر الله لنا ولكم.

        تعليق

        • فتى يسوع
          2- عضو مشارك

          حارس من حراس العقيدة
          • 3 أبر, 2008
          • 156
          • مسلم

          #5
          بارك الله فيك أخونا المتعلم وشكراً على الملاحظات القيمة

          بالنسبة لعلم النقد الكتابي بشقيه: علم النقد الأعلى وعلم النقد الأدنى (أو النصي) ، فهو علم كما بينت ظهر قبل ثلاثة قرون تقريباً ، وإلا فهذا العلم له جذور في التاريخ المسيحي ، فكما ذكرتَ بالنسبة لعلم النقد النصي بأنّ جيروم في رسالته إلى أغسطينوس ذكر ملاحظته على تحريف اليهود للعهد القديم ، وكذلك أوريجينوس أرسل رسالة إلى أفريكانوس يتحدث فيه عن تحريف اليهود للعهد القديم ، وهكذا كان كل من يترجم أو يجمع مخطوطات الكتاب المقدس كان يلاحظ اختلافات بين المخطوطات ، وأوضح عمل أقيم في هذا المضمار ما قام به الهولندي الكاثوليكي إراسموس Erasmus والذي عاصر مارتن لوثر وعمل نسخته الشهيرة Textus Receptus للعهد الجديد والتي أصبحت النص اليوناني الذي اعتمدت عليه نسخة الفاندايك العربية ونسخة الملك جايمس الإنجليزية ، وعلى غرار سؤالك بالنسبة للخلاف البروتستانتي الكاثوليكي فمارتن لوثر كفّر إراسموس وسماه بالحية والكاذب وفم الشيطان (مع العلم أيضاً أن إراسموس ابن زنا والعياذ بالله) ، ومع كل ذلك فإن البروتسانت على مدى قرون سابقة كانوا يتبعون نسخة الملك الجايمس التي اعتمد على نسخة إراسموس!! (راجع الويكابيديا الإنجليزية لمعرفة المزيد عن إراسموس وخلافه مع مارتن) ، وكان المترجمون أو الناسخون الأوائل ينتقون من الألفاظ والنصوص ما يناسب فكرهم ولم تكن تستند إلى ضوابط.

          وكذلك علم النقد الأعلى موجودة جذوره حينما كان آباء الكنيسة يختلفون حول بعض أسفار العهد القديم أو العهد الجديد في صحة نسبتها إلى كاتبيها كرسالة برنابا ورؤيا بطرس والرسالة إلى العبرانيين ورسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة وسفر الرؤيا وغيرها ، ويجدر الإشارة إلى أن مشكلتهم مع كتبة الأسفار هو عدم وجود سند متصل إلى الكتبة وإنما مجرد التخمين والادعاء.

          ولكن لم يكن ظهور علمي النقد الأعلى والأدنى كعلوم لها ضوابطها ودراساتها وتمحيصاتها وقواعدها إلا قبل ثلاثة قرون فقط.

          وأما بالنسبة للقرآن الكريم والحديث الشريف فكما هو معلوم أنه منذ فجر الإسلام وعندنا علم الرجال وعلم مصطلح الحديث وغيرها من علوم الرواية والأسانيد ، رحم الله علماء الإسلام وجزاهم الله عنا خير الجزاء.

          تعليق

          • متعلم
            5- عضو مجتهد

            حارس من حراس العقيدة
            عضو شرف المنتدى
            • 12 أكت, 2006
            • 778
            • مسلم

            #6
            جزاكم الله خيرًا أخانا الكريم .. وكنت قد كتبت سؤالي قبل أن تضع مشاركتك التي أشرت فيها بأنك ستتابع موضوعك .. فأعتذر عن المقاطعة غير المقصودة .. وسأكمل معك مناقشة مسألتنا بعد إكمال موضوعك الشيق بإذن الله.

            تعليق

            • فتى يسوع
              2- عضو مشارك

              حارس من حراس العقيدة
              • 3 أبر, 2008
              • 156
              • مسلم

              #7
              جزاك الله خير الجزاء أخونا المتعلم

              ولنكمل موضوعنا السابق

              تعليق

              • فتى يسوع
                2- عضو مشارك

                حارس من حراس العقيدة
                • 3 أبر, 2008
                • 156
                • مسلم

                #8
                إن ما رأيناه من الستة نقاط المتعلقة بقضية كتابة سفر يشوع إنما هي من علم النقد الأعلى (Higher Criticism) ، وهذا العلم يستفيد كثيراً من علم النقد النصي (Textual Criticism) والذي يسمى أيضاً بعلم النقد الأدنى (Lower Criticism) (الذي هو عبارة عن دراسة الاختلافات بين المخطوطات) ، وإحدى الأمثلة التي تجسد العلاقة بين علمي النقد الأعلى والنقد النصي هي يشوع 5 : 1 ، فهذه الآية حينما نقرأها حسب نسخة الفاندايك فإنها تقول:

                "وَعِنْدَمَا سَمِعَ جَمِيعُ مُلُوكِ الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ غَرْباً, وَجَمِيعُ مُلُوكِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ عَلَى الْبَحْرِ, أَنَّ الرَّبَّ قَدْ يَبَّسَ مِيَاهَ الأُرْدُنِّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى عَبَرْنَا, ذَابَتْ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ تَبْقَ فِيهِمْ رُوحٌ بَعْدُ مِنْ جَرَّاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ."

                فكلمة "حتى عبرنا" تشير إلى أن كاتب سفر يشوع كان حاضراً وقت الأحداث التي ذُكرت في السفر ، والتي يستدل بها المدافعون عن الرأي القائل بأن يشوع هو كاتب السفر.

                ولكن علم النقد النصي يكشف لنا زيف هذا الاستدلال ، وذلك لأن هذا النص ما هو إلا ناتج من نواتج التحريف ، وذلك لأن المخطوطات العبرية القديمة لهذا النص ليست فيها كلمة "عبرنا" وإنما "عبروا" ، فهذه هي إحدى محاولات النساخ لتغيير وتحريف ألفاظ الكتاب المقدس لمحاولة إثبات كون هذا السفر كتبه يشوع بعد أن انعدمت الأدلة على ذلك ، نقرأ في الموسوعة اليهودية (1901-1906) (Jewish Encyclopedia) تحت عنوان "يشوع – معلومات كتابية" ("JOSHUA – BIBLICAL DATA"):

                "لقد حاول [العالم] كيل (Keil) في تفسيره أن يدافع عن هذا الرأي [القائل بأن الكاتب حضر أحداث سفر يشوع] باستخدام دلالة العبارة "حتى عبرنا" (يشوع 5 : 1) والتي تبين بأن الرواية من المفترض أن يكون كاتبها شاهد عيان ؛ ولكن المخطوطات القديمة تبين بأن هذه القراءة خاطئة."
                Keil in his commentary has endeavored to defend this view by urging the force of = "until we had passed over" (Josh. v. 1) as demonstrating that the narrative must have been written by an eyewitness; but the ancient versions show this reading to be erroneous

                ولذلك نجد بأن الكثير من النسخ العربية والإنجليزية قد عدّلت كلمة "عبرنا" إلى "عبروا" ، فنقرأ الآية في الترجمة العربية المشتركة على هذا النحو:

                "ولما سمع ملوك الأموريين الذين في غربي الأردن ، وملوك الكنعانيين الذين على ساحل البحر المتوسط ، بأن الرب جفف مياه الأردن قدام بني إسرائيل حتى عبروا ، ذابت قلوبهم خوفاً وخارت عزائمهم أمام بني إسرائيل."
                وهذا التعديل أيضاً قامت به عدة نسخ عربية أخرى مثل نسخة كتاب الحياة ونسخة الأخبار السارة والترجمة اليسوعية ، وشاركتها في هذا التعديل أيضاً بعض النسخ الإنجليزية كالنسخة القياسية المنقحة (Revised Standard Version) و الأخبار السارة (Good News Bible) ونسخة الدواي ريمز الكاثوليكية (Douay-Rheims Bible) وغيرها.

                فانظر كيف ساعد علم النقد النصي علم النقد الأعلى وآزره ، فلو أغفلنا علم النقد النصي في المسألة لكانت نتائج علم النقد الأعلى مختلفة.

                ولكن في بعض الأحيان قد يتحير العلماء بين النقد الأعلى والنقد النصي ، وذلك كما حصل في إنجيل يوحنا ، وبالذات آية في نهاية إنجيل يوحنا ، والتي هي:

                "هَذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهَذَا وَكَتَبَ هَذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ." (يوحنا 21 : 24)

                لا شك بأن كاتب هذه الآية ليس يوحنا تلميذ المسيح والذي يُنسب إليه إنجيل يوحنا ، ولكن هل هذه الآية تختص بعلم النقد النصي أم أنها تختص بعلم النقد الأعلى؟ إن اعتبرنا هذه الآية على أنها عبارة عن إضافة أضافها شخص ما على ما كتبه يوحنا فإنه من اختصاصات النقد النصي ، وأما إذا استنتجنا من هذه الآية بأن كاتب هذه الآية هو الذي كتب كل إنجيل يوحنا بحيث أنه كان يجمع معلوماته من كتابة أخرى كتبها يوحنا أو غيره فإن هذا يجعله من اختصاصات النقد الأعلى (راجع موضوعنا "من هو مؤلف إنجيل يوحنا؟ وتلاعب للبابا شنودة")

                تعليق

                • فتى يسوع
                  2- عضو مشارك

                  حارس من حراس العقيدة
                  • 3 أبر, 2008
                  • 156
                  • مسلم

                  #9
                  علم النقد الأعلى والبحث عن مؤلفي الأسفار (من الذي كتب سفر القضاة وأستير والملوك الأول

                  إن الكثير من المسيحيين لا يعلمون بأن علماء المسيحية يقرّون بأنهم لا يعلمون من هم كتبة بعض الأسفار ، فتجد العلماء (سواءاً أكانوا مفسرين أو علماء الكتاب المقدس) يقولون لك بأن هذا السفر أو ذاك مجهول مؤلفه ، وأن أسفاراً أخرى لا يعلمون بالضبط من هو المؤلف فربما النبي الفلاني أو النبي العلّاني أو كاتب غير معروف!

                  فأسفار مثل سفر القضاة وأستير والملوك الأول والثاني وأخبار الأيام الأول والثاني لا يعلم أولئك العلماء من كتبها ؛ وأسفار أخرى مثل صموئيل الأول والثاني وأيوب يشكّون في مؤلفها ، فتجدهم يضعون احتمالية بين أكثر من ثلاثة أو أربعة أسماء لعل أحدهم يكون هو المؤلف! ولاشك بأن كتباً هكذا حالها كيف يضمنون نسبتها إلى الله إذا لم يكونوا يعلمون من الذي كتبها وأتى بها إلى الوجود؟!

                  دعني أعطيك أقوال المفسرين عن هوية أولئك الكتبة والمؤلفين حتى تعلم مدى المعاناة التي يعانيها علماء المسيحية والتي لا يعلم عنها شيئاً أكثر المسيحيين ؛ فعن سفر القضاة يخبرنا المفسر الكبير آدم كلارك (Adam Clarke) بكل صراحة بأن المؤلف مجهول ثم وضع نفسه في دوامة من الاحتماليات والظنون ، حيث يقول:

                  "إن مؤلف سفر القضاة غير معروف ؛ ولكن البعض يفترض بأن كل قاض كتب قصته الخاصة ثم جُمعت كل تلك القصص المتفرقة في كتاب واحد ، وهذا احتمال مستبعد جداً ، وآخرون ينسبون السفر لفنحاس أو لصموئيل أو لحزقيا والبعض لعزرا. ولكن الواضح أنها من عمل شخص واحد ، ولشخص عاش بعد وقت القضاة (راجع القضاة 2 : 10 وغيرها) وأغلب الظن أنها لصموئيل."
                  Who the author of the Book of Judges was, is not known; some suppose that each judge wrote his own history, and that the book has been compiled from those separate accounts; which is very unlikely. Others ascribe it to Phinehas, to Samuel, to Hezekiah, and some to Ezra. But it is evident that it was the work of an individual, and of a person who lived posterior to the time of the judges, (see Jdg 2:10, etc.), and most probably of Samuel

                  وأما المفسران كيل وديلتزتش في تفسيرهما على العهد القديم أشارا في مقدمتهما على سفر القضاة بأن المؤلف ربما يكون صموئيل أو نبي شاب ينتمي إلى مدرسته!

                  وأما المفسر جون جِل فإنه في مقدمة تفسيره على سفر القضاة ، فيقول:

                  "ليس من المؤكد من هو كاتب هذا السفر ، البعض ينسبه إلى الملك حزقيا ، وآخرون إلى عزرا ، ولكن الكتبة اليهود بشكل عام لديهم رأي بأن الذي كتبه هو صموئيل ، وهذا أغلب الظن."
                  It is not certain who was the penman of this book; some ascribe it to King Hezekiah, others to Ezra; but the Jewish writers are generally of opinion that it was written by Samuel, which is most likely

                  وأما دائرة المعارف الكتابية التي أشرف عليها مجموعة علماء مسيحيين من بينهم القس منيس عبدالنور فإننا نقرأ تحت عنوان "قضاة – سفر القضاة": "الكاتب وتاريخ الكتابة: لا يُعلم على وجه اليقين كاتب هذا السفر."

                  تعليق

                  • فتى يسوع
                    2- عضو مشارك

                    حارس من حراس العقيدة
                    • 3 أبر, 2008
                    • 156
                    • مسلم

                    #10
                    هذا عن سفر القضاة المجهول مؤلفه فماذا عن سفر أستير؟ إن سفر أستير هو أكثر الأسفار اعترافاً وعجزاً عن ذكر أي شخص يكون مؤلفه! ولذلك فإن أغلب المفسرين يُعرضون عن التحدث عن شخصية المؤلف إلا القليل منهم والذين أكثر ما يقومون به هو الاعتراف بعدم معرفة المؤلف ، فالمفسران كيل وكيلتزتش يقولان عن مؤلفه:

                    "ليست هناك معلومات مؤكدة يُمكن الاعتماد عليها بخصوص مؤلف هذا السفر."
                    No certain information concerning the author of this book is obtainable

                    وأما المفسر ألبرت بارنز فيقول في مقدمة تفسيره على هذا السفر:

                    "ليس هناك من أهمية لتحديد من هو مؤلف سفر "أستير" ، فهو لم يكن عزرا ، وربما يكون مردخاي أو باحتمالية أكبر يكون شاباً معاصراً لمردخاي."
                    There are no means of determining who was the author of “Esther.” He was not Ezra. He may have been Mordecai, or, more probably, a younger contemporary of Mordecai’s

                    وأما أحد التفاسير العربية المعروفة وهو التفسير التطبيقي للكتاب المقدس فيذكر بأن المؤلف "غير معروف. يحتمل أن يكون مردخاي (9: 29). ويقول البعض إنه عزرا أو نحميا لتشابه أسلوب الكتابة."

                    ونقرأ في دائرة المعارف الكتابية (والتي أحد مشرفيها هو القس منيس عبدالنور) تحت عنوان "أستير":

                    "كاتب السفر: من هو كاتب هذا السفر؟ في الحقيقة نحن لا نجد إجابة قاطعة على هذا السؤال ، لا من محتويات السفر ولا من أي تقليد موثوق به. ورغم أن الكثيرين يؤيدون الرأي القائل بأن مردخاى هو كاتب هذا السفر ، إلا أن الكلمات الختامية في نهاية السفر (أستير 10 : 3) والتي تلخص أعمال حياته والبركات التي نالها ، تضعف من هذا الرأي ، فهذه الكلمات توحي بأن حياة ذلك البطل المرموق قد انتهت قبل إتمام كتابة هذا السفر."

                    وسفر أستير هذا ليس فقط لا يُعرف من هو مؤلفه بل ولا يحتوي هذا السفر على أي كلمة لاسم الله ، وهنا يقتبس المفسر ألبرت بارنز قول باكستر الذي يقول:

                    "لقد كان اليهود قبل قراءة سفر أستير يرمونه إلى الأرض لأنه لم يكن يحتوي على اسم الله."
                    "the Jews used to cast to the ground the book of Esther before they read it, because the name of God was not in it"

                    وفي الحقيقة فإن سفر أستير هو من أغرب الكتب التي أذهلتني ، فهو كتاب لا يُعرف من صاحبه ، وليست فيه كلمة "الله" بتاتاً! بل وليست ضمن مخطوطات البحر الميت أي مخطوطة لسفر أستير مما يدل على أن قدماء اليهود لم يكونوا يؤمنوا بإلهامية هذا السفر ، فلا أدري كيف قبِل المسيحيون هذا السفر ليكون من كلام الله؟

                    وأما عن سفري الملوك الأول والثاني فإن آدم كلارك يخبرنا بأن:

                    "مؤلف هذين السفرين غير معروف."

                    ويكتفي كيل وكيلتزتش في تفسيرهما على العهد القديم (وبالذات في مقدمة تفسيرهما على سفر الملوك الأول) بالقول:

                    "إن المؤلف هو نبي عاش وقت النفي البابلي."
                    "The author was a prophet living in the Babylonian exile"

                    وأما التفسير التطبيقي للكتاب المقدس فليس له إلا الإقرار بعدم معرفة الكاتب مع فتح باب الاحتماليات فيذكر التفسير بأن الكاتب "غير معروف. يحتمل أن يكون إرميا أو جماعة من الأنبياء."

                    وأما سفري أخبار الأيام الأول والثاني فيشير المفسران كيل وكيلتزتش إلى أن الكثير من أحبار اليهود وآباء الكنيسة المسيحية والتفاسير القديمة يعزون كتابة هذين السفرين إلى عزرا ، ويبين المفسران كيل وكيلتزتش بأن السبب وراء هذه الإحالة إلى عزرا هو مجرد أن نهاية سفر أخبار الأيام الثاني هو نفس بداية سفر عزرا (والذي ينسبون كتابته أيضاً لعزرا).

                    ولكن كيل وكيلتزتش أنفسهما يردان على هذا الاستنتاج بقولهما: "بالطبع إنه ليس بدليل قوي" لأنه من المحتمل أن كاتب سفر عزرا اقتبس من سفر أخبار الأيام الثاني نصه الأخير ليبدأ به كتابة كتابه.

                    وكلام كيل وكيلتزتش يؤكده المفسر ألبرت بارنز حيث ذكر بأن لغة سفري أخبار الأيام الأول والثاني ومضمونهما يدلان على أن السفرين قد كُتبا في وقت متأخر عن عزرا ، وبالطبع مثل بقية الكُتب لا نعلم من هو مؤلف سفري أخبار الأيام.

                    ونفس مشكلة اللغة تكشف عن حقيقة زمن مؤلف سفر نشيد الإنشاد والذي ينسبه أوائل اليهود والمسيحيين إلى سليمان ، ولذلك يسمونه بسفر أناشيد سليمان ، فسليمان عاش في القرن العاشر قبل الميلاد وأما سفر نشيد الإنشاد فإن لغته تدل على أن هذا الكتاب لم يكتب إلا في القرن الثالث قبل الميلاد أي بعد سليمان بسبعمائة سنة تقريباً ، و في ذلك تقول الموسوعة القياسية العالمية للكتاب المقدس:

                    "الانتقادات المتزايدة تضع تأليف كتاب نشيد الأناشيد في فترة ما بعد نفي بابل فالكثير يضعها في فترة اليونانيين ، من بين أولئك العلماء الذين أرّخوا نشيد الأناشيد في القرن الثالث قبل الميلاد هم غراتز و كونِن و كرونيل و بود و كاوتزج و مارتينيو و تشين , فالجدل الرئيسي الذي جعلهم يضعون النشيد إلى العهد البطليمي (اليوناني) المبكر هو لغة الشعر."

                    والسؤال الهام الموجه للضمير الإنساني: كيف نقبل كتباً وننسبها إلى الله ونحن لا نعلم من الذي ألفها؟ إن الأمانة مع الله تلزمنا بأن لا ننسب إلى الله إلا ما هو مؤكد حتى لا نفتح أبواب الكذب عليه تعالى.

                    تعليق

                    • فتى يسوع
                      2- عضو مشارك

                      حارس من حراس العقيدة
                      • 3 أبر, 2008
                      • 156
                      • مسلم

                      #11
                      - - يتبع - -
                      وسوف نتحدث إن شاء الله عن أسفار ألفها أكثر من مؤلف

                      تعليق

                      • فتى يسوع
                        2- عضو مشارك

                        حارس من حراس العقيدة
                        • 3 أبر, 2008
                        • 156
                        • مسلم

                        #12
                        أسفار كتبها أكثر من مؤلف مجهول


                        إن النتائج التي نجدها من علم النقد الأعلى ليست فقط محاولة معرفة من هو الكاتب الحقيقي لسفر ما أو معرفة الزمن الذي كُتب فيه السفر ، وإنما أيضاً معرفة ما إذا كان كاتب السفر هو شخص واحد أو أكثر كما بيناه سابقاً مع إنجيل يوحنا ، والذي كما رأيت فإن كاتباً أصلياً (مهما يكن هذا الشخص) كتب بعض الفصول ثم زاد عليها كاتب آخر فصولاً أخرى ، والذي بذلك تطور إنجيل يوحنا فأصبح ما هو عليه اليوم.

                        إن التوراة (وهي أول خمسة أسفار في العهد القديم: التكوين والخروج واللاويون والأرقام والتثنية) يزعم قدماء اليهود والمسيحيون بأن كاتبها هو النبي موسى ، ولكن العلم النقدي يكشف لنا أبعاداً أخرى لهذا السفر.

                        فهذا السفر ليس فقط لم يُكتب على يد موسى وإنما أيضاً لم يكتبه شخص واحد ، وإليك ما يؤيد الرأي القائل بأن موسى لم يكتب أسفار التوراة الخمسة:

                        1) ذكر وفاة موسى ودفنه: فخاتمة التوراة (أواخر الآيات من آخر سفر وهو سفر التثنية) نقرأ فيها موت موسى ودفنه وعمره حينما مات بل وتذكر ما حصل بعد وفاته من بكاء بني إسرائيل عليه:

                        "فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ.وَدَفَنَهُ فِي الجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ مُقَابِل بَيْتِ فَغُورَ. وَلمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلى هَذَا اليَوْمِ.وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ وَلمْ تَكِل عَيْنُهُ وَلا ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ.فَبَكَى بَنُو إِسْرَائِيل مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ ثَلاثِينَ يَوْماً. فَكَمُلتْ أَيَّامُ بُكَاءِ مَنَاحَةِ مُوسَى." (التثنية 34 : 5-8)
                        لاشك بأن موسى لم يكتب هذا الكلام وإنما شخص آخر كتبه مما يدل بأن التوراة كتبها شخص غير موسى ، حتى أن المدافعين عن نسبة هذه التوراة إلى موسى يقرّون بأن موسى لم يكتب هذه الكلمات وإنما يزعمون بأن يشوع بن نون أضاف خاتمة التوراة ، وهذا الكلام ليس له أي دليل تاريخي سوى التخمين ، والذي يرد عليه الآية التي تلحق بالآيات التي ذكرت موت موسى ، فهذه الآية تقول:

                        "وَيَشُوعُ بْنُ نُونٍ كَانَ قَدِ امْتَلأَ رُوحَ حِكْمَةٍ إِذْ وَضَعَ مُوسَى عَليْهِ يَدَيْهِ فَسَمِعَ لهُ بَنُو إِسْرَائِيل وَعَمِلُوا كَمَا أَوْصَى الرَّبُّ مُوسَى." (التثنية 34 : 9)

                        فهذه الآية دلالة صريحة بأنها ليست من كتابة يشوع وإنما شخص آخر يتحدث عن يشوع! ولذلك فإن المفسر الكبير آدم كلارك يضع إحتمالية أخرى وهي أن هذه الخاتمة من إضافة عزرا ، حيث يقول آدم كلارك في مقدمة تفسيره على سفر التكوين:

                        "هذه الكلمات الأخيرة لا يمكن أن تكون قد أضيفت من موسى نفسه ، فهناك احتمالية كبيرة أن تكون من عمل عزرا."
                        "These last words could not have been added by Moses himself, but are very probably the work of Ezra."

                        لاحظ قول آدم كلارك "احتمالية كبيرة" يعني مجرد احتمالية وتخمين ، فليس لآدم كلارك أي دليل على هذا القول ، فهو بنفسه يشير بأن سبب استنتاجه هذا هو أن اليهود يقولون بأن عزرا هو الذي رتّب أسفار العهد القديم! فهل أولاً يا سيد كلارك قول اليهود حجة؟ ثم هل قال اليهود بأن عزرا هو الذي أضاف هذه الخاتمة؟ بالطبع لا وإنما هذا من قبيل التخمين فقط! فالغريق يتمسك بقشة.

                        2) مقدمة سفر التثنية تدل على أن الكاتب شخص جمع أقوال موسى: إضافة إلى هذه النصوص التي تثبت عدم كتابة موسى لكتب التوراة الخمسة ، ما جاء في مقدمة سفر التثنية (وسفر التثنية هو آخر كتب التوراة الخمسة) ، فمقدمة سفر التثنية تبين بأن كاتب هذا السفر إنما هو مؤرخ عاش بعد زمن موسى يفتتح سفره بأنه يسجل أقوال موسى ، وإليك مقدمة سفر التثنية:

                        "1 هَذَا هُوَ الكَلامُ الذِي كَلمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيل فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي البَرِّيَّةِ فِي العَرَبَةِ قُبَالةَ سُوفٍ بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَل وَلابَانَ وَحَضَيْرُوتَ وَذِي ذَهَبٍ. 2 أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ حُورِيبَ عَلى طَرِيقِ جَبَلِ سَعِيرَ إِلى قَادِشَ بَرْنِيعَ. 3 فَفِي السَّنَةِ الأَرْبَعِينَ فِي الشَّهْرِ الحَادِي عَشَرَ فِي الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ كَلمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَاهُ الرَّبُّ إِليْهِمْ. 4 بَعْدَ مَا ضَرَبَ سِيحُونَ مَلِكَ الأَمُورِيِّينَ السَّاكِنَ فِي حَشْبُونَ وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ السَّاكِنَ فِي عَشْتَارُوثَ فِي إِذْرَعِي. 5 فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ ابْتَدَأَ مُوسَى يَشْرَحُ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ قَائِلاً:" (التثنية 1 : 5)

                        فكاتب سفر التثنية كما ترى يتحدث عن موسى بصيغة الغائب ويبيّن لنا بأنه ناقل لكلام موسى ، وهذا الكاتب كما رأينا هو الذي أنهى نفس السفر بذكر وفاة موسى.

                        3) الكاتب شخص عاش في فلسطين: من المعلوم أن موسى لم يدخل فلسطين أرض الميراث وإنما مات في الجهة الشرقية من نهر الأردن (وهي ما تسمى اليوم بدولة الأردن) ، وذلك قبل دخول بني إسرائيل فلسطين ، بينما تقع فلسطين في الجهة الغربية من نهر الأردن ، فكاتب الأسفار الخمسة يشير إلى موقع موسى أنه خلف نهر الأردن ، وهذا يدل على أن الكاتب حينما كان يكتب الأسفار الخمسة كان في فلسطين ، إليك النص من مقدمة سفر التثنية:

                        "هَذَا هُوَ الكَلامُ الذِي كَلمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيل فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ." (التثنية 1 : 1)

                        فقوله "في عبر" المقصود بها "خلف" أو "ما وراء" والتي تعني "في الضفة المقابلة" كما يتبين من لوقا 8 : 22 ويوحنا 1 : 28 ، ويعلّق المفسر المسيحي آدم كلارك على هذا النص في تفسيره بقوله:

                        "أي بقرب أو مقابل المكان الذي وصل إليه الإسرائيليون بعد موت موسى."
                        "i.e near or opposite to the place where the Israelites passed over after the death of Moses."

                        فإذا كان الكاتب يصف موسى على أنه في الضفة المقابلة فالكاتب إذن كان في فلسطين التي لم يدخلها موسى ، ويعلق آدم كلارك على مقدمة سفر التثنية (الآيات 1-5) وذلك في تفسيره على الآية الأولى منها:

                        "إن الخمسة آيات الأُوَل من هذا الفصل تحتوي على مقدمة لبقية السفر؛ فهي لا يبدو عليها أنها من كتابة موسى وإنما أضيفت ربما على يد يشوع أو عزرا."

                        "The five first verses of this chapter contain the introduction to the rest of the book: they do not appear to be the work of Moses, but were added probably either by Joshua or Ezra."

                        يا آدم كلارك من فضلك حدّد من الذي أضافها؟ يشوع أم عزرا؟ لا شك بأن ادعاء آدم كلارك هنا ليس له أي دليل وإنما هي مجرد زعم ومحاولة لحفظ ماء الوجه في نسبة الأسفار الخمسة إلى موسى ، فكلمة "في عبر الأردن" وردت في سفر التثنية في أربعة مواضع أخرى غير مقدمة السفر (وهي التثنية 3 : 8 ، 4 : 46 و 47 و 49) ، فهل يا آدم كلارك ستزعم بأن كل تلك الآيات أيضاً من إقحامات عزرا أو يشوع أو غيرهم؟! لا شك بأن هذه النصوص تبين بأن كاتب الأسفار الخمسة هو شخص مجهول عاش في فلسطين في فترة ما بعد زمن موسى.

                        4) الكاتب عاش بعد دخول الإسرائيليين فلسطين أرض الميراث: إلى جانب خاتمة التوراة التي تُثبت كون موسى لم يكتب هذه التوراة ، نجد نصوصاً أخرى تدل أيضاً مراراً وتكراراً على أن كاتب التوراة ليس بموسى ؛ من ذلك هذا النص:

                        "وَفِي سَعِيرَ سَكَنَ قَبْلاً الحُورِيُّونَ فَطَرَدَهُمْ بَنُو عِيسُو وَأَبَادُوهُمْ مِنْ قُدَّامِهِمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ كَمَا فَعَل إِسْرَائِيلُ بِأَرْضِ مِيرَاثِهِمِ التِي أَعْطَاهُمُ الرَّبُّ." (التثنية 2 : 12)

                        فقوله: "كما فعل إسرائيل بأرض ميراثهم" تدل على أن الكاتب شخص عاش بعد زمن موسى عليه السلام ، ذلك لأن الإسرائيليين لم يدخلوا أرض ميراثهم فلسطين إلا في زمن يشوع الذي خلف موسى بعد وفاته.

                        5) الكاتب عاش بعد زمن تحوّل اسم مدينة لايش إلى دان: ومما يؤكد هذا النص ودلالته على أن كاتب الأسفار الخمسة عاش بعد زمن موسى (بل وبعد دخول الإسرائيليين فلسطين أرض الميراث والميعاد) ما ورد في سفر التكوين 14 : 14:

                        "فَلَمَّا سَمِعَ أبْرَامُ أنَّ أخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إلَى دَانَ."

                        فإذا كان موسى كتب هذه الآية فكيف يسمي المدينة باسم "دان" لأن مدينة دان (وهي مدينة في شمال فلسطين) لم تتسم بهذا الاسم إلا حينما غزاها قبيلة دان (إحدى قبائل بني إسرائيل الاثني عشر) وسكنوا بها والذي كان بعد موت موسى بسنين! وقد كان اسم مدينة دان أيام موسى لايش ، حيث نقرأ ذلك في سفر القضاة:

                        "وَدَعُوُا اسْمَ الْمَدِيْنَةِ دَانَ بِاسْمِ دَانَ أَبِيْهِمِ الَّذي وُلِدَ لإِسْرائِيْلَ. وَلَكِنَّ اسْمَ الْمَدِينَةِ أَوَّلاً لاَيِشُ." (القضاة 18 : 29)

                        لاشك بأن كاتب أسفار التوراة شخص عاش بعد أن تغيّر اسم مدينة لايش إلى دان مما يدل على أن كاتب التوراة ليس بموسى.

                        ولأن هذه النصوص التي ذكرتها تهز مصداقية الرأي القائل بأن موسى هو كاتب الأسفار الخمسة حاول المفسر آدم كلارك (في مقدمة تفسيره على سفر التكوين) بالزعم بلا دليل بأن هذه النصوص أضافها شخص ما!

                        تعليق

                        • فتى يسوع
                          2- عضو مشارك

                          حارس من حراس العقيدة
                          • 3 أبر, 2008
                          • 156
                          • مسلم

                          #13
                          - - يُتبع - -

                          تعليق

                          • ابنة صلاح الدين
                            مشرفة قسم القضايا التاريخية

                            • 14 أغس, 2006
                            • 4619
                            • مسلمة

                            #14
                            قرأت جزء من الموضوع وسأكمل الباقى بإذن الله
                            تسجيل متابعة
                            فإما سطور تضيء الطريق ... وإما رحيل يريح القلــــم

                            تعليق

                            • فتى يسوع
                              2- عضو مشارك

                              حارس من حراس العقيدة
                              • 3 أبر, 2008
                              • 156
                              • مسلم

                              #15
                              أهلا وسهلا أختنا الكريمة المهاجرة وشكرا على المتابعة وننتظر منك ملاحظاتك جزاك الله خيرا

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ أسبوع واحد
                              ردود 0
                              61 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة أحمد الشامي1
                              بواسطة أحمد الشامي1
                              ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ أسبوع واحد
                              ردود 0
                              16 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة أحمد الشامي1
                              بواسطة أحمد الشامي1
                              ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
                              ردود 0
                              102 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة أحمد الشامي1
                              بواسطة أحمد الشامي1
                              ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 26 أغس, 2024, 04:22 م
                              ردود 0
                              49 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة أحمد الشامي1
                              بواسطة أحمد الشامي1
                              ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 22 أغس, 2024, 05:40 ص
                              ردود 0
                              53 مشاهدات
                              0 ردود الفعل
                              آخر مشاركة أحمد الشامي1
                              بواسطة أحمد الشامي1
                              يعمل...