العبهر الفحواح في تواضع النبي الفواح
{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }
{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }
{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً }
أما بعد
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..
وخيْرَ الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..
وشرَّ الأمور محدثاتها ..
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
"فإن الأمة الإسلامية تعيش مرحلة حرجة من أصعب المراحل التي مرت بها في التاريخ تعيش حالةً مزريةً ،يكادُ القلبُ ينفطرُ مما يراه قد حل بها ،فهاهي الأمة قد بدلت وغيرت وحرفت وغلت وعتت وأتت ،أتت المناكرَ الفظيعةَ والأفعالَ الشنيعةَ وأصبحَ الحالُ ينادى:
ما بالُ قومي أمسوا لا يحركهم كفر وظلم وإرهاق وإكراهُ
كأنما هم تماثيل مسندة متى الجماد يعي من كان نادهُ؟
فهي تعيشُ على قوتِ عدوها ، وتتشبثُ بأعتابه وتسيرُ في ركابه ، فابتليتْ ببليتين أنكى من بعضهما،البلية الأولى:عدو خارجي كافر استباح بيضتها، وأهان شيبتها ونفض عيبتها
ذهب يقتل أبنائها رجالها وأطفالها ويستحيي أبكارها ولا يدع ثيبها. فهاهي المجازر والفجائع والفظائع والمعامع ،صرخات ولوعات وآهات وأنات مساجد تهدم على المصلين وبيوت تدك على الآمنين في فلسطين والعراق ولبنان وليبيا بل في جل بلاد المسلمين
تلك الفجائع لو يمَر حديثها بوليد قوم شاب قبل المحمل
قد يممته المخازي فهي نازلة منه بحيث تلاقى اللؤم والذام كأن أنفه من طول سجدته في حانة الغدر حرف فيه إدغام
والبلية الثانية:عدو من أبناء جلدتها يتكلمون بلسانها ويتزيون بزيها ويتمنطقون بنطاقها يدفعونها للانغماس في مستنقع عدوها بمره وشره لأنهم عبيده والعبد وما ملك لسيده حاروا عليها أغوى من غوغاء الجراد بل كانوا كذئب السوء لما رأى دما بصاحبه يوما أحال على الدم رموها بسهام من قوس واحدة فأصابوها في مقاتل عدة في حدة ولو أنه رمح إذاً لاتقيته ولكنه رمح وثان وثالث
حسبناهم قوماً ذوى نهى وأعماُلهم دلتْ على أنهم حمرُ
وكنا نراهم إخوة وهم عدى ونحسبهم شيئا ولكنهم صفرُ
ولو قيس إبليس بهم وهو جدهم لكان لهم شران وهو له شرُ
ينادون بين الناس بالسلم ويحهم وأنفاسهم نار وأكبادهم صخرُ
يقومُ على التفريقِِِِِِِ روح نضالهم فلا جامع يعلو ولم يرتفع ذكرُ
يريدون منا أن نسير بركبهم ذيولا وهل يرضى الهوان فتىً حرُ
وما ابتليت الأمة بهاتين البليتين إلا من بعد التغيير لما أمر به الملك الكبير والتنكب عن هدى البشير النذير البشير فكان لزاماً علينا نحن الدعاة إلى الله أن نذكر ونعظ ونخطب ونخاطب وندعو الناس مرة أخرى للأخلاق التي حادت عنها الأمة فقد شعر العدو بخلو الغابات من الأسود والأفعال من عادات الآباء والجدود فسلطوا علينا أبناء القرود
لأجل تلك الصدمات والكدمات والمهمات والملمات كانت إليكم هذه الكلمات بعنوان
"العبهر الفحواح في تواضعِ النبيِ الفواح"صلى وسلم عليه فالق الإصباح
المُمْتَلِىءُ الجِسمِ والعظيمُ والناعمُ الطَّويلُ من كلِّ شيءٍ عَبْهَرَ
والنَّرْجِسُ والياسَمِينُ ونَبْتٌ آخَرُ فارِسيَّتهُ بُسْتانُ عَبْهَرَ
لرَّقيقَةُ البَشَرَةِ الناصِعَةُ البياضِ والسَّمينَةُ المُمْتَلِئَةُ الجِسمِ عَبْهَرَ
. والنّاعِمُ من كلِّ شَيْءٍ . والضَّخْمُ الخَلْقِ عَبْهَرَ
قامَتْ تُرائِيكَ قَوَاماً عَبْهَرَا
مِنْهَا وَوَجُهاً وَاضِحاً وبَشَرَا
لوْ يَدْرُجُ الذَّرُّ عليهِ أَثَّرَا
الجامِعَةُ للحُسْنِ في الجِسْمِ ، والخُلُقِ عَبْهَرَ
عَبْهَرَةُ الخَلْقِ لُبَاخِيَّةٌ تَزِينُه بالخُلُقِ الظَّاهِرِ
من نِسْوَةٍ بِيضِ الوُجُوه نَوَاعِم غِيدٍ عَبَاهِرْ
وعَبْهَرنا اليوم يجمع ذلك كله ويفوقه إنه العبهرُ الفحواح في تواضعِ النبيِ الفواح صلى وسلم عليه فالق الإصباحِ.
عبهر يقول:
الدين قامت على الأخلاقِ دعوتُه وتلكَ لاشكَ من أسمى مزاياه
من قام يدعو الناسَ إلى نهجٍٍ بلا خلقٍ فإنه من أبطلِِ البطلانِ دعواه
ومنْ تواضعَ للرحمنِ كرمه ومنْ ترفعَ بغياً حطه الله
عبهر يقول:
يا قوم هبوا فإن الوقتََ قد حانا لنمنح الناس شيئا من مزايانا
أو أن نقيم لما تحويه دعوتنا من الفضائل بين الناس برهانا
وأن نكشف الستر عما بات مختبئاً عن أعين الناس أحقابا وأزمانا
وان نكف عن الأقوال أنفسنا فالله عن كثرة الأقوال ينهانا ولم يك القول يوما ما بنافعنا وربما جاء منه الضر أحيانا
فلنترك القول لا نجعله عدتنا ولنجعل الفعل بعد اليوم ميزانا
عبهر يقول:الأخلاقَ الأخلاق هي القطران والأعداء جربى وفى القطران للجربى شفاء
عبهر يقول لكل من يحب الرسول
أعد علي حديث المصطفى اعد ونور القلب بالإيمان والرشد
واقصص علي حكايات بها عبر لمن أراد جلاء الهم والكمد
فسيرة المصطفى نور يضيء لنا سبيلنا للعلى والنصر والمدد
وهو مع ذا عبهر يلقى بكلماتٍ شديداتٍ قوياتٍ كالطاماتِ فوقَ رأسِ المجرمِ العاتي من يسبُ رسولَ البرياتِ ويطعنُ فى زوجاته الطاهراتِ البريئاتِ يقول له:
اخسأ لعنتَ فخائب ما ترتجى من باطلٍ فيها وسعيُكَ أخيبُ
تبت يداكَ فليس يُغنى عنكَ ما تأتى به من فتنةٍ أو تكسبُ
عند الثنيةِ من منى سلف لك شيطاُنها المرجومُ شيخك خنزبُ
أتعود تزعمُ أن جدك حيدر هيهات أنت إلى قريظة تنسبُ
والعرقُ دساس فخالكَ رستم ُ الفاسدُ الباغي وعمكَ أخطبُ
يا قابعاً في قم حسبكَ ضلةً وغوايةً فيما تريدُ وترغبُ
نموتَ وشبتَ على القبائحِ والأذى والخبثِ والعهرِ فأنتَ جدكَ مرحبُ
ورثتَ الضغائنَ صاغراً عن صاغرٍ فأنتَ الوريثُ لكلِ ما يستغربُ
عبهر يقول لكل من يسب الرسول:
يابنَ السفاحِ شهادةً مقبولةً مثل الشهادةِ بالكتابِ المنزلِ
إن التي ولدتكَ تخبرُ أنها ولدتكَ من نُطَفٍ لعدةِ أفحلِ
وهو مع قوته وشدته ينظر بعين يملؤها الحب والعطف والحكمة والرحمة يخبر عن حاله مع أخلاق رسول الله فيقول:
إني رأيتُ خصالَ الخيرِ في الناسِ قد فرقتْ وقد جمعتْ فيه الخصالُ المفرقة
وقد أصبحتْ في كل غربٍ ومشرقٍ مغربةً أخلاقُه وُمشرقة
سأتركُ نعتَ الناسِ إلا نعوتَه وإلا فأمُ الشعرِ منى مطلقة
عبهر يقول:والذي خلق الضب وانبت الحب وأنشأ ما درج ودب لم ير مثل رسول الله تواضعا ولا خفضا للجناح ولا إخباتا ولا إنابة ولا رجوعا للحق ولا امتثالا للحق منه عرض عليه ربه أن يكون عبدا رسولا أم نبيا ملكا فاختار أن يكون عبدا رسولا
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ فَقَالَ جِبْرِيلُ إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ يَا محمد أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْدًا رَسُولًا قَالَ جِبْرِيلُ تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَامحمد قَالَ بَلْ عَبْدًا رَسُولًامسند أحمد:7160قال الشيخ الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين
تواضعَ في ذاتِ الإله وإنما تواضعه عن ذي الجلالِ جَلالُ
"يا عائشةُ لو شئتُ لسارتْ معي جبالُ الذهب، جاءني ملك إن حجزته لتساوي الكعبة فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت نبياً عبداً وإن شئت نبياً ملكاً؟ قال: فنظرت إلى جبريل قال: فأشار إلي: أن ضع نفسك، قال: فقلت: نبياً عبداً".
قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئاً يقول: "آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد".
تواضعَ فاستعلى على النجم ِراقياً وأكبره الرائي وحاشاه منْ كبرِ
جَميلُ السَجايا كُلَّما اِزدادَ رِفعَةً تَواضَعَ حَتّى قيلَ ماذا التَواضُعُ
وَفيهِ مَع القَدرِ العَليِّ تواضُعٌ وَفيهِ عَنِ الفِعلِ الدَنيِّ تَرفُّعُ
عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد: أنه رأى رسول الله مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى
كان النبى اشد الناس تواضعا
يَرْكَبُ الْحِمَارَ ، وَيَلْبَسُ الصُّوفَ ، وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ ، وَيَأْتِى مَدْعَاةَ الضَّعِيفِ، يُؤْتَى بِالتَّمْرِ فِيهِ دُودٌ فَيُفَتِّشُهُ يُخْرِجَ السُّوسَ مِنْهُ
عَنْ ثَابِتٍ ، قَالَ : أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكِ قَدَحَ خَشَبٍ ، غَلِيظًا ، مُضَبَّبًا بِحَدِيدِ ، فَقَالَ : يَا ثَابِتُ ؛
هَذَا قَدَحُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
كان النبى اشد الناس تواضعا
يمر على الصبيان فيسلم عليهم،و يمر على النساء فيسلم عليهن
إن كانت الأمة تأخذ بيده صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أكل لعق أصابعه الثلاث
وكان يكون في بيته في خدمة أهله ولم يكن ينتقم لنفسه قط .
وكان - صلى الله عليه وسلم - يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله ويعلف البعير ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشى مع الأرملة واليتيم في حاجتهما ، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه، ولو إلى أيسر شيء
عن أنس بن مالك قال : كانت امرأة في عقلها شيء قالت :يا رسول الله إنَّ لي إليك حاجة ، فقال :يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك ، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها ثم رجع أخرجه مسلم (2326) ك الفضائل
يَزيدُ عَلى عُظمِ المَرامِ تَواضُعاً وَيَدنو عَلى بُعدِ المَقامِ تَوَدَّدا
تَواضَعَ مِن مَجدٍ لَهُم وَتَكَرُّمٍ وَكُلُّ عَظيمٍ لا يُحِبُّ التَعَظُّما
وكان صلى الله عليه وسلم لين الخلق، كريم الطبع، جميل المعاشرة، طلق الوجه بساماً، متواضعاً من غير ذلة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب، رحيماً بكل مسلم، خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ - أو تحرم عليه النار - تحرم على كل قريب هين لين سهل"رواه الترمذي،
وعن جابر بن عبد الله قال: كنا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، نجني الكباث فقال: عليكم بالأسود منه فإنه أطيبه فاني كنت أجنيه إذ كنت أرعى الغنم؛ قلنا: وكنت ترعى الغنم يا رسول الله؟ قال: نعم، وما من نبيٍ إلا قد رعاها.
و كانَ يقول : "لو دعيت إلى ذراع - أو كراع - لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع - أو كراع - لقبلت" رواه البخاري
كان رسول الله سماء من التواضع ما جاوزتها جوزاء
عَظيم ان تواضع عَن علو كَبير ليس يَرضى الكبرياء
وحسبك أن الناس جادوا تصنّعا وجُودُك طبعٌ ليس فيه تصنّع
وأنك تَدْنُو كُلَّ يومٍ تواضُعاً وأنت من الجَوْزَاءِ أعلى وأرفعُ
بادي التَّواضعِ للزُّوّارِ من كَرمٍ إنَّ التَواضعَ أقصَى غايةِ الشّرَف
له شِيمةٌ لم يُعْطِها اللّهُ غيَرهُ من النّاسِ حتّى ظَلّ وهْو وَحيدها
يَزيدُ بإفْراطِ التّواضُعِ رفْعةً وتلك مَعالٍ في مَعالٍ يَشيدها
وَسدتَ تَواضعاً وَنهىً وَحلماً وَلا بدع إِذا سادَ الحَليمُ
عن أنس رضي الله عنه: «ما كان شخص أحبَّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا، لِمَا يعلمون من كراهيته لذلك».
فتى زاده عز المهابة ذلة وَكُلُّ عَزيزٍ عِندَهُ مُتواضِعُ
{ هَوِّنْ عَلَيْك إنِّي لَسْت بِمَلِكٍ إنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ}فطابت نفسه وهدأ روعه وارتاحت انفاسه واطمئن قلبه
وَاللَه قلدك المهابة وَالبَها مننا وَأَنتَ بِما حبت خَليق
عَنْ أَبِى رِفَاعَةَ الْعَدَوِىِّ قَالَ : انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَخْطُبُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لاَ يَدْرِى مَا دِينُهُ فَأَقْبَلَ إِلَىَّ وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ فَأُتِىَ بكرسي خِلْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا فَجَعَلَ يُعَلِّمُنِى مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ وَأَتَمَّ آخِرَهَا.
وَلَهُ التَواضُع صَحَّ عَن شَرَفٍ لَهُ شَهِــــــــدتَ لَهُ بِكَمالِهِ الدارانِ
قَد كانَ يَخصِفُ نَعلَهُ في بَيتِهِ وَكَــــــــــــذاكَ يَرقَعُ مخلَقُ القُمصانِ
وَنَهى الصَّحابَةَ أَن يُقامَ لَهُ وَأَن يُطرى وَأَن يُطوى لَهُ عَقبانِ
رَكِبَ الحِمارَ بِغَيرِ سَرجٍ موكِفاً وَاللّيفُ كانَ لَهُ مِن الأَرسانِ
وَقَضى اليَتامى وَالأَرامِلَ حَقَّهُم وَكَـــــــذاكَ حاجَة أَعبُدٍ وَقِيانِ
وَأَجابَ دَعوَةَ مَن دَعا وَلَو أَنَّهُ عَبـــــــــــدٌ يُبـــــــاعُ بِأَحقَرِ الأَثمانِ
بِالأَرضِ مَأكَلُهُ وَمَجلِسُهُ بِلا فَرشٍ كَفِعلِ العبدِ ذي الخضعانِ
وَرَآهُ إِنسان فَأرعدَ هَيبَــــــــةً قـــــــــــــــــــــالَ الجَليل القَدرِ لِلرُّعبانِ
لَأنا اِبنُ آكِلَةِ القَديدِ فَلا ترع لَيسَ التَجَبُّرُ يا فَتى مِن شاني
وَلَقَد أَتى مَلكٌ فَخَيَّرَهُ عَلى ما شاءَ مِن أَمرَينِ يُشتَرَطانِ
إِن شاءَ عَبداً مُرسَلاً أَو إِن يَشَأ مَلكاً رَسولاً كانَ ذا سُلطانِ
فَاِختارَ عَبداً مُرسَلاً مُتَواضِـــــــــــــــعاً لِلَّـــــــــهِ رَبِّ العِزَّةِ الدَيّانِ
دخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة له، فالتفت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد شيئًا يَرُدُّ البصرَ إلا جلودًا قد سطع ريحها، ورسول الله مضطجع قد أثرت حبال السرير في جنبه الشريف - صلى الله عليه وسلم فتدمع عينا عمر رضي الله عنه فيقول صلى الله عليه وسلم: ما بك يا عمر ؟ فيقول: أنت رسول الله وخِيرته من خلقه على هذا، وكسرى وقيصر في الديباج والحرير وما تعلم؟! فاستوى صلى الله عليه وسلم جالسًا وقال: أفي شك أنت يا بن الخطاب ؟! أولئك أقوام عُجِّلَت لهم طيباتهم في الدنيا.
أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الأخرى
وعن عمر قال : رأيت الحسن والحسين على عاتقي النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : نعم الفرس تحتكما فقال النبي صلى الله عليه و سلم : نعم الفارسان هما
رسول يحمل الأطفال لطفا ........ ويجعل عاتقيه لهم حصانا
يلين لكل ذي ضعف وعجز ....... وكم لان لذي جهل فلانا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ مُتَّكِئًا عَلَى يَدِي فَطَافَ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ فاحتبى فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَيْنَ لَكَاعٌ ادْعُوا لِي لَكَاعًا فَجَاءَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَام فَاشْتَدَّ حَتَّى وَثَبَ فِي حَبْوَتِهِ فَأَدْخَلَ فَمَهُ فِي فَمِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ ثَلَاثًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا رَأَيْتُ الْحَسَنَ إِلَّا فَاضَتْ عَيْنِي
وَتَواضُعاً سَنَّ التَواضُعَ لِلوَرى مَعَ رُتبَةٍ يَنحَطُّ عَنها الكَوكَبُ
شَمائِلُهُ تَنبيك عَن حُسن خلقه فَقُل ما تَشا في وَصف تِلكَ الشَمائِل
نبيُّ هُدىً سَنَّ التَواضع عَن عُلا فَحَلَّ مِن العَليا بِأَعلى المَنازِلِ
هذا هو الصديق يأتيه جواري الحي بأغنامهن فيحلبها لهن و يودع أسامة ويأخذ بلجام فرسه هو يمشي على قدمه في الأرض وهو يكلم أسامة ، فيقول أسامة : يا خليفة رسول الله! أنزل أو تركب؟ قال: لا والله لا تنزل ولا أركب، وما علي أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله -وكأن أبا بكر ما غبر قدمه إلا تلك الساعة، وهو منذ أن عرف لا إله إلا الله مغبر قدمه ورأسه وجسمه في سبيل الله عز وجل، فرضي الله عنه وأرضاه، ثم قال: يا أسامة ! أتأذن لي بـعمر لأستعين به؟ قال: نعم، فأذن له فعاد من الجيش.
لَبِسَ التَواضُعَ حُلَّةً وَمَشى إِلى رُتَبِ الجَلالِ مُسَدَّدِ الأَقدامِ
ولما عزل خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: والله لو وَلَّى علىَّ أمير المؤمنين عبداً أسود اللون لسمعت له وأطعت، ما دام يقودني بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وعمار يشترى علفا ويحمله على ظهره وهو أمير الكوفة يحدوه صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة
وعمر بن عبد العزيز ينتظر ثيابه حتى تجف وهو أمير المؤمنين ولما قيل له: لوأوصيت بدفنك بجوار عمر رضي الله عنه في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: والله لأن ألقى الله بكل ذنب غير الشرك أحب إليَّ من أن أرى نفسي أهلا لتلك المنزلة، (اللهم إن عمر ليس أهلاً لأن ينال رحمتك لكن رحمتك أهل أن تنال عمر).
ينسى صنائعه والله يظهرها إن الكريم إذا أخفيته ظهرا
وأحمد عليه رحمة رب العالمين كثيرا ما يقول نحن قوم مساكين ولما قيل له ما أكثر الداعين لك تغرغرت عيناه بالدموع وقال أخاف أن يكون هذا استدراجا من رب العالمين.
ويأتيك الإمام مالك يبرق بثوب التواضع يرفل عزا فيقول: ما رأيت مسلما إلا ظننت أنه خير مني .
وكذا السحائب قلما تدعو إلى معروفها الرواد إن لم تبرق
واسمع إلى ابن القيم وهو يحدث عن شيخه ابن تيمية رحمه الله فيقول: كان كثير ما يردد مالي شيء ما مني شيء ولا في شيء أنا المكدّي وابن المكدّي وهكذا كان أبي وجدي ويكتب بخط يده :
أنا الفقير إلى رب البريات .............. أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي .......... والخير إن ياتينا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ........... ولا عن النفس لي دفع المضرات
والفقر لي وصف ذات لا زم أبداً ....... كما الغني أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم ......... وكلهم عنده عبد له آتي
يثني عليه في وجهه فيقول: والله إني لإلى الآن أجدد إسلامي في كل وقت وما أسلمت بعد إسلاماً جيدا رحمه الله.
كأن القائل يعنيه حين قال :
فصعدت في درج العلا حتى إذا ........ جئت النجوم صعدت فوق الفرقد
وإبراهيم النخعي كان يهاب هيبة الملوك ويقول مع ذا تواضعا إن زمانا صرت فيه فقيه الكوفة لزمان سوء ،وكان ابن القَيِّم رحمه الله يقول عن نفسه:
بُنَيُّ أبي بكرٍ كثيرٌ ذُنُوبُهُ ... فَلَيْسَ عَلَى مَنْ نَالَ مِنْ عِرْضِهِ إِثْمُ
بُنَيُّ أبي بكر جَهُولٌ بِنَفْسِهِ ... جَهُولٌ بِأَمْرِ الله، أَنَّى له العِلْمُ؟!
بُنَيُّ أبي بكر غدا مُتَصَدِّرَاً ... يُعَلِّمُ عِلْمَاً وَهُو لَيْسَ ُلهُ عِلْمُ
ويأتي ابن المبارك على سقاية والناس يشربون منها فدنا منها ليشرب ولم يعرفه الناس فزحموه ودفعوه ، فلما خرج قال : ما العيش إلا هكذا ، يعني حيث لم نُعرف ولم نُوَقَّر.
أيها الجيل:التواضع التواضع
سيروا كما ساروا لتجنوا ما جنوا واقفوا خطى الأخيار حيث يمموا
أيها الجيل:
لحنُ الكلامِ معيبُ واللحنُ بالقلبِ ذنبُ منْ أقبحِ اللحنِ عندي كبر‘ وتيه‘ وعجب‘
التواضع التواضع تواضعا في تقبل وحى الله وأوامره لا على أنها آصار وأغلال بل تقبل الفرح الجزلان المحب المنقاد المستسلم المعظم لأمر الله
التواضع التواضع في قبول الحق من كل احد صغيرا أو كبيرا عظيما أو حقيرا وليا أو أميرا حبيبا أو بغيضا الحق أحق أن يتبع ولزوم الحق ينزلك منازل الأخيار
إلى من عمى في شمس نهاره، وعثر في ذيل اغتراره، وسقط سقوط الذباب على الشراب، وتهافت تهافت الفراش على الشهاب إن العجب أكذب ومعرفة النفس أصوب- كما قيل- ولا شيء والله أنفع لها من الافتقار إلى باريها .
بقدر الصعود يكون الهبوط ........... فإياك والنفخة العاتية
وكن في مكان إذا ما وقعت .......... تقوم ورجلاك في عافية
هذا وما كان من توفيق وسداد فمن الله وحده لا شريك له وما كان من خطا أو نسيان أو زلل فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء
تشبه بالرسول تفز بدنيا ......... وأخرى والشقي من استهانا
فأخلاق الرسول لنا كتاب ........ وجدنا فيه أقصى مبتغانا
وعزتنا بغير الدين ذل ........... وقدوتنا شمائل مصطفانا
أسأل الله أن ينفع بها المسلمين وأن يغفر لي ولهم أجمعين.
فيا سامعا لكل شكوى، ويا عالما بكل نجوى.يا سابغ النعم، ويا دافع النقم، ويا فارج الغمم، ويا كشف الظلل، ويا أعدل من حكم، ويا حسيب من ظلم، ويا ولي من ظُلم.
يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث ولا الدهور، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما يظلم عليه الليل ويشرق عليه النهار.
كم من نعمة أنعمت بها علينا قل لك عندها شكرنا، وكم من بلية ابتليتنا بها قل عندها صبرنا، فيا من قل عند نعمته شكرنا فلم يحرمنا، ويا من قل عند بلائه صبرنا فلم يخذلنا أقذف في قلوبنا رجائك، اللهم اقذف في قلوبنا رجائك، اللهم اقذف في قلوبنا رجائك حتى لا نرجو أحدا غيرك.اللهم إنا نسألك إيمانا ثابتا، ويقينا صادقا حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا، اللهم لا نهلك وأنت رجائنا، اللهم لا نهلك وأنت رجائنا احرسنا بعينك التي لا تنام وبركنك الذي لاايرام.يا سامعا لكل شكوى، ويا عالما بكل نجوى، يا كاشف كربتنا، ويا مستمع دعوتنا، ويا راحم عبرتنا، ويا مقيل عثرتنا.يا رب البيت العتيق أكشف عنا وعن المسلمين كل شدة وضيق، واكفنا والمسلمين ما نطيق وما لا نطيق، اللهم فرج عنا وعن المسلمين كل هم غم، وأخرجنا والمسلمين من كل حزن وكرب.يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا منزل القطر، يا مجيب دعوت المضطر، يا سامعا لكل نجوى أحفظ إيمان وأمن بلادنا، ووفق ولاة الأمر لما فيه صلاح الإسلام والعباد.يا كاشف كل ضر وبلية، ويا عالم كل سر وخفية نسألك فرجا قريبا للمسلمين، وصبرا جميلا للمستضعفين، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدا، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد أبدا. اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
تعليق