لماذا يهرب غير المسلم من سماع القرآن ؟ إعجاز الرحمن في نسق القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين , سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم .. وبعد
مقدمة
بما أنني أعمل في الدعوة إلى الله عز وجل وغالباً ما أتحاور مع النصارى عبر مواقع الإنترنت فدائماً أجد أمراً لا يذهب عن تفكيري , فعندما يسمع النصراني القرآن الكريم يفر منه وكأن خلفه أسدٌ سيأكله !! فما الذي يخيفه في قلبه تجاه القرآن ؟ والغريب أن بعضهم ممن صدقوا مع أنفسهم يقول القرآن جميل وأحب أسمعه ولكن لا أفهمه !! ومن هذا الموقف ومواقف أخرى أحسست بشئ في القرآن الكريم يؤثر في الإنسان بصورة كبيرة إما يهرب منه متهماً القرآن باتهامات مشركي قريش وإما أن يستسلم له ويؤمن به !! ولكن لم يكون في عقلي تصور أو شئ محدد فلا أعرف لماذا القرآن هكذا ولا أعرف كيف وما هو في القرآن حتى يؤمن به الشخص عند سماعه !! ولكن عندما قرأت كتاب " التصوير الفني في القرآن " للشيخـ سيد قطب وجدت فيه تفسيراً لما أجده في داخلي وكأنه يتحدث عن ما بداخلي بدون أن أجد له تفسيراً دقيقاً ..
التصوير الفني في القرآن
من العنوان يتضح لنا أن هذا التصوير ليس في كتاب للتفسير وإنما بين دفتي المصحف الذي يقرأه كل مسلم ويسمعه وفيه يجد الحلاوة المنعدمة في غيره من الكتب وإن لم يكن مدركاً لكل المعاني التي يقرأها ويحبها بسبب الفقر اللُغوي الذي أصبنا به ولكن في القرآن شيئاً آخر يجذب من يسمعه ويقرأه ولعله إن عاد لكتاب تفسير حتى يحدد ما هذا فلن يجد حلاوة ما بداخله مثلما فعل مؤلف الكتاب الشيخـ سيد قطب فعندما عاد لكتب أهل العلم من المفسرين لم يجد ما كان يجده من حلاوة القرآن الذي أسلم المشوقة اللذيذة ولكن للأسف لقد طُمست تلك المعالم وذلك من إعجاز القرآن الكريم لأن لو وجدها أحد في غير القرآن الكريم لزال إعجاز القرآن الكريم ..
فبدأ المؤلف البحث ولم يكن يبحث في كتب التفسير أو غيره من كتب أهل العلم ولكن بحث فقط في القرآن ذاته فلم يجد إلا جمال العرض وتنسيق الأداء وبراعة الإخراج وكأن القرآن الكريم يجعلك تقرأ فيه وأنت تعيش في تلك الصورة التي يعرضها لك بإحساسك كاملاً ..
فبدأ المؤلف البحث ولم يكن يبحث في كتب التفسير أو غيره من كتب أهل العلم ولكن بحث فقط في القرآن ذاته فلم يجد إلا جمال العرض وتنسيق الأداء وبراعة الإخراج وكأن القرآن الكريم يجعلك تقرأ فيه وأنت تعيش في تلك الصورة التي يعرضها لك بإحساسك كاملاً ..
تأثير القرآن
لا يستطيع عاقل إنكار تأثير القرآن على الإنسان حتى وإن لم يفهمه ولكن لا يجب علينا أن ننسى أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بترتيل القرآن الكريم حيث قال :
( وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا ) المُزمل 4 ..
ترتيل القرآن وقرأته بالأحكام والضوابط التي وضعها الله سبحانه وتعالى وأوحى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما كان يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم وبصوت يُظهر جمال القرآن الكريم فهذا أمر من الله تعالى ويجب أن نلاحظ شيئاً أن هذه الآية من أوائل الآيات التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لأهمية ترتيل القرآن الكريم في أول الدعوة الإسلامية ..
وليس معنى هذا أن القرآن الكريم كان سبباً في إسلام كل الصحابة رضي الله عنهم ولكن في الحقيقة أن الأسباب لدخولهم الإسلام كانت عدة فمنها شخص النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر الصديق رضي الله عنه والسيدة خديجة رضي الله عنها وعلي رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه زيد رضي الله عنه فهؤلاء لم يدخلوا الإسلام بسبب سماعهم للقرآن الكريم وإنما دخلوا الإسلام لشخص النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يعرفونه ويعرفون صدقه وأمانته فلا يمكن أن يدعي شيئا كذباً على بشر فضلاً عن كذبه على الله عز وجل , البعض الآخر أسلم بسبب نبوءات كتب أهل الكتاب عن النبي صلى الله عليه وسلم كسلمان الفارسي رضي الله عنه , والبعض الآخر أسلم بسبب القرآن الكريم كالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..
بين الإيمان والإنكار
تأثير القرآن الكريم قائم لا شك ولا مجال للإنكار فعندما يسمعه الإنسان يجذبه بحلاوته وجماله الذي لا يستطيع إنسان أن يقاومه , جميعهم يشهدون له بالحق فمنهم من يؤمن به كعمر بن الخطاب ومنهم من يتهم القرآن باتهامات باطلة حتى يبرر لأنفسهِ عدم إيمانه به كالوليد بن المغيرة ..
عمر بن الخطاب
قصة إيمان عمر فيها روايات فمنها رواية عطاء ومجاهد ومنها رواية ابن إسحاق :
• أما رواية عطاء ومجاهد وقد نقلها ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بحيح تذكر أن عمر رضي الله عنه قال : ( كنت للإسلام مباعداً , وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها , وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش .. فخرجت أريد جلسائي أولئك , فلم أجد منهم أحداً , فقلت : لو أنني جئت فلاناً الخمار ! وخرجت فجئته , فلم أجده , قلت : لو أنني جئت الكعبة فطفت بها سبعاً أو سبعين ! فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة , فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي .. فقلت حين رأيته : والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول ! وقام بنفسي أنني لو دنوت منه أسمع لأروّعنَّه , فجئت من قِبَل الحجر , فدخلت تحت ثيابها , ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة . فلما سمعت القرآن رقَّ له قلبي فبكيت , ودخلني الإسلام )
• وأما رواية ابن إسحاق فهي تقول ما ملخصه : إن عمر خرج متوشحاً بسيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطاً من أصحابه قد اجتمعوا في بيت عند الصّفا , وهم قريب من أربعين بين رجال ونساء .
وفي الطريق لقيه نعيم بن عبد الله فسأله عن وجهته , فأخبره بغرضه , فحذره بني عبد مناف , ودعاه أن يرجع إلى بعض أهله : ختنه سعيد بن زيد بن عمرو , وأخته فاطمة بنت الخطاب زوج سعيد , فقد صبآ عن دينهما . فذهب إليهما عمر , وهناك سمع خبّابا يتلو عليهما القرآن , فاقتحم الباب , وبطئ بختنه سعيد , وشج َّ أخته فاطمة .. قم أخذ الصحيفة بعد حوار , وفيها سورة طه , فلما قرأ صدراً منها قال : ( ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ! ) . ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلن إسلامه فكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحابه أن عمر قد أسلم ) ..
وكل الروايات تؤكد تأثير القرآن عليه وكان السبب الرئيسي في دخوله إلى الإسلام هو سماعه للقرآن الكريم !!
الوليد بن المغيرة
منبع التأثير في القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
] اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ , خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ , اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ , الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ , عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ , كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى , أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى , إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى , أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى , عَبْدًا إِذَا صَلَّى , أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى , أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى , أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى , أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى , كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ , نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ , فَلْيَدْعُ نَادِيَه , سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ , كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [
والحمد لله رب العالمين
أما الإنكار فمثال ذلك الوليد بن المغيرة عندما سمع القرآن الكريم وكـأنما رقَّ له فقالت قريش : صبأ والله الوليد , ولتصبونَّ قريش كلهم . فأوفدوا إليه أبا جهل يثبر كبرياءه واعتزازه بنسبه وماله ويطلب إليه أن يقول في القرآن قولاً يعلم به قومه أنه له كاره . قال : ( فماذا أقول فيه ؟ فوالله ما منكم رجل أعلم مني بالشعر ولا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن والله ما يشه الذي يقوله شيئاً من هذا . والله : إن لقوله لحلاوة , وإن عليه لطلاوة , وإنه ليحطم ما تحته , وإنه ليعلوا وما يعلى ) قال أبو جهل : والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه . قال : فدعني أفكَّ فيه . فلما فكَّر قال : إن هذا إلا سحر يؤثر . أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله ومواليه ؟ ..
وخلى كلامه من الحقيقة بعد أن رأى جاذبية القرآن الكريم فكيف هذا القرآن وما يُحدثه في قلب كل من يستمع له ويكون منه حائراً لا يستطيع ان يرسى لبر هذه الحيرة إلا إن شهد شهادة حق لهذا الكتاب العظيم الذي أنزله من خلق السماوات بعظمتها والأرض بوسعها ! وحال الوليد كحال لسان غيره ممن أرادوا إنكار الحق المبين ولقد رد عليهم القرآن الكريم (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فصلت 26 , فالغلبة عند هؤلاء المتكبرين ليست بالحوار كما أمرنا القرآن الكريم بالحوار ولكن الغلبة بـ (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ ) فنتيجة ذلك كما يزعمون (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فلم يقولوا ما قالوه هذا إلا لما أحسوه من روعة وجمال القرآن في أعماقهم ..
فعظمة القرآن الكريم أمام مشركي مكة كأن نملة أمام مبناً عالي فلا أعتقد أن تلك النملة الصغيرة قد تفكر يوماً في بناء مثل هذا ! فالقرآن الكريم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه المشركون وقد تحداهم القرآن الكريم بأن يأتوا بعشر سور مثله قال تعالى : ] قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات [ وعندما عجزوا تحداهم القرآن بسورة واحدة ! فقال تعالى : ] قل فأتوا بسورة مثله [ ولم يأتوا ولو بسورة واحدة !
وتأثير القرآن يظهر غالباً بالبكاء فكما ذكرت من قبل في رواية إسلام عمر رضي الله عنه وكما ذكر القرآن الكريم في صدد الحديث عن أهل الكتاب فيقول :
] وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ , وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ[ المائدة 82, 83 ..
ولم يكن الأمر للإنسان فحسب بل أيضاً للجماد الذي نرآه جامداً لا يتحرك ولكن الله عز وجل وصفه بالتصدع والخشية من الله عز وجل فيقول الله عز وجل ] لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [ الحشر 21 , فالإنسان بالرغم من أن خلق الله عز وجل له العقل إلا أنه كان ظلوماً جهولاً ولكن المؤمن حين يسمعه يكون " تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ " ويطمئن قلبه " أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" ولكن كانوا يعترفون بالحق دائماً فهم من قالوا " لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ " وكان الهدف من قولهِم هذا " لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " ..
وخلى كلامه من الحقيقة بعد أن رأى جاذبية القرآن الكريم فكيف هذا القرآن وما يُحدثه في قلب كل من يستمع له ويكون منه حائراً لا يستطيع ان يرسى لبر هذه الحيرة إلا إن شهد شهادة حق لهذا الكتاب العظيم الذي أنزله من خلق السماوات بعظمتها والأرض بوسعها ! وحال الوليد كحال لسان غيره ممن أرادوا إنكار الحق المبين ولقد رد عليهم القرآن الكريم (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فصلت 26 , فالغلبة عند هؤلاء المتكبرين ليست بالحوار كما أمرنا القرآن الكريم بالحوار ولكن الغلبة بـ (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ ) فنتيجة ذلك كما يزعمون (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فلم يقولوا ما قالوه هذا إلا لما أحسوه من روعة وجمال القرآن في أعماقهم ..
فعظمة القرآن الكريم أمام مشركي مكة كأن نملة أمام مبناً عالي فلا أعتقد أن تلك النملة الصغيرة قد تفكر يوماً في بناء مثل هذا ! فالقرآن الكريم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه المشركون وقد تحداهم القرآن الكريم بأن يأتوا بعشر سور مثله قال تعالى : ] قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات [ وعندما عجزوا تحداهم القرآن بسورة واحدة ! فقال تعالى : ] قل فأتوا بسورة مثله [ ولم يأتوا ولو بسورة واحدة !
وتأثير القرآن يظهر غالباً بالبكاء فكما ذكرت من قبل في رواية إسلام عمر رضي الله عنه وكما ذكر القرآن الكريم في صدد الحديث عن أهل الكتاب فيقول :
] وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ , وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ[ المائدة 82, 83 ..
ولم يكن الأمر للإنسان فحسب بل أيضاً للجماد الذي نرآه جامداً لا يتحرك ولكن الله عز وجل وصفه بالتصدع والخشية من الله عز وجل فيقول الله عز وجل ] لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [ الحشر 21 , فالإنسان بالرغم من أن خلق الله عز وجل له العقل إلا أنه كان ظلوماً جهولاً ولكن المؤمن حين يسمعه يكون " تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ " ويطمئن قلبه " أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" ولكن كانوا يعترفون بالحق دائماً فهم من قالوا " لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ " وكان الهدف من قولهِم هذا " لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " ..
منبع التأثير في القرآن
عندما سمع عُمر بن الخطاب القرآن الكريم رضي الله عنه وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن القرآن الكريم قد أكتمل حينذاك ولم يكن الإعجاز التشريعي " التشريع المُحكم " قد أكتمل ولم يكن الإعجاز الكوني قد أكتشفه البشر , ولم تكن رحمة التشريعات في الحدود قد اكتملت وطُبقت ولم يكن الإعجاز الغيبي قد تم ! فما في تلك السور القلائل التي تجعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبكي ؟ وجعلت الوليد بن المغيرة يمدح في القرآن ؟ وما الذي جعل الكافرين قبل المؤمنين يحبونها بل ويسعون لتلك السور!
ومع أن عدد الذين دخلوا الإسلام كانوا قلة , إلا أن الكثرة الكثيرة أسلمت بعد أن ظهر المسلمون وظهر الإسلام بصورة كاملة بتطبيق النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام منهجاً وعقيدة , فبعد أن دخلوا في دين الله أفرداً في مكة دخلوا في دين الله أفواجاً في المدينة ..
نعود لما كنا نقوله أن القرآن الكريم رغم انه لم يكن يحتوي على الصور الإعجازية كاملة في القرآن الكريم إلا أن نبع التأثير القرآني كان موجوداً في تلك السور , فالوليد بن المغيرة سمع سورة المدثر وهي ثالث السور نزولاً في القرآن الكريم ومع ذلك كان التأثير موجوداً ! وسورة العلق أيضاً هي أول السور التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما من يقرأها يقول أنها سجع كُهان أو حكمة السجاع ولكن في السجع تكون الجمل متناثرة فهل الأمر نفسه في سورة العلق ؟
الجواب : لا , فهذا نسق متناسق ..
ومع أن عدد الذين دخلوا الإسلام كانوا قلة , إلا أن الكثرة الكثيرة أسلمت بعد أن ظهر المسلمون وظهر الإسلام بصورة كاملة بتطبيق النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام منهجاً وعقيدة , فبعد أن دخلوا في دين الله أفرداً في مكة دخلوا في دين الله أفواجاً في المدينة ..
نعود لما كنا نقوله أن القرآن الكريم رغم انه لم يكن يحتوي على الصور الإعجازية كاملة في القرآن الكريم إلا أن نبع التأثير القرآني كان موجوداً في تلك السور , فالوليد بن المغيرة سمع سورة المدثر وهي ثالث السور نزولاً في القرآن الكريم ومع ذلك كان التأثير موجوداً ! وسورة العلق أيضاً هي أول السور التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما من يقرأها يقول أنها سجع كُهان أو حكمة السجاع ولكن في السجع تكون الجمل متناثرة فهل الأمر نفسه في سورة العلق ؟
الجواب : لا , فهذا نسق متناسق ..
بسم الله الرحمن الرحيم
] اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ , خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ , اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ , الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ , عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ , كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى , أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى , إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى , أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى , عَبْدًا إِذَا صَلَّى , أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى , أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى , أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى , أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى , كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ , نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ , فَلْيَدْعُ نَادِيَه , سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ , كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [
بدأ في بداية السورة الاستقراء فهي من أول السور نزولاً فاستفتحها بالبسملة وباسم الله , " باسم ربك " فليختر من صفات الرب الصفة التي بها معنى البدء " الذي خلق " بدأ من المرحلة الأولية وهي خلق الإنسان وليس هذا فحسب بل وبدأ مما لا يُنظر حتى بالعين المجردة ! " خلق الإنسان من علق " شيئاً حقير وصغير جداً فجعله الله إنساناً كريماً كرمه الله وأسجد له الملائكة , وبعد هذا نقله من كونه مخلوق من علق إلى كرم الله عز وجل " اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ , الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ , عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " فنقله من المنشأ إلى المصير ولكَ أن تتخيل ما مر به الإنسان بين النقطة التي لا يراها الإنسان بالعين المجردة وكونه إنساناً كاملاً وكل ما في جسمه مُعقد التركيب , لا وكل جزء منه مُعقد كان لا يُرى بالعين المجردة والآن أكمل الله خلقه إنساناً كاملاً يفكر ويعقل الأمور !! وكل هذا لم يكن هباءاً ولكن ذكره العلي القدير لسببٍ جلي !
" كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى , أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى "
فمع عظمة خلق الله وانه خالق الإنسان ومُعلمه إلا أن الإنسان يطغى ! كان من المتوقع أن يدرك الإنسان فضل الله عز وجل عليه من قبل ولادته ووجوده في الحياة إلى مماتهِ ولكن وللأسف لم يدرك هذا كله وطغى ! وأعتقد بأنه قد استغني عن من خلق السماوات والأرض وما بينهما !
وبعد هذا أعقب الله عز وجل ما فعله الكافر وطغيانه بقوله " إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى " فتخيل انك تمشي في طريق وهذا الطريق سوف يودي إلى شخص أنت تَسبهُ فهل ستتمادى في سبه ؟ فليس لك إلا خيارين إما أن تعود عن الطريق وهذا لا تستطيع فعله لأنك ستموت وتبعث وستعود إلى الله عز وجل والحساب سيكون بما فعلت وإما أن تراجع نفسك فيما تقول وما تفعل وما تؤمن لأنك ستعود إلى الله عز وجل وستحاسب فليس لك إلا خيارا واحدا !! وانتقلت الآيات من كونه ظالماً لنفسهِ إلى ما سواه " أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى , عَبْدًا إِذَا صَلَّى " فلم يكتفي بما يفعله مع نفسهِ ولكنه ينهى عبداً يصلي عن صلاته إنها لكبيرة أن يُنهى العبد عن الصلاة فأكمل الله عز وجل " أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى , أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى" فلم يقتصر الأمر عن نهيه عن الصلاة ولكن نهاه عن الأمر بالمعروف أيضاً ! فأنزل الله تهديداً آخر لكل طاغياً بعد أن قال الله عز وجل " إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى" فيقول " أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى , أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى " ويأتي بعد ذلك اللفظ الشديد والتصوير التي تقشعر له الأبدان من قوته ..
فمع أن الله عز وجل بدأ بالإنسان منذ أن كان شيئاً لا يُرى وفجأة الإنسان يقرأ ويتعلم فكذلك الأمر بعد أن كان الإنسان الطاغي متكبراً ورأسه مرفوعة من الكبرياء فجعلها الله عز وجل أول ما يؤخذ منه المتكبر " كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ , نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ " صورة لأخذ الطاغي سريعاً , من ناصيته أي أعلى الرأس , وبعد ذلك قال الله عز وجل " فَلْيَدْعُ نَادِيَه , سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ " قد يُتخيل للقارئ معركة بين الزبانية وأهل ناديه وهي معركة تشغل عقولنا وجميعنا يعلم نتيجتها ولكن كيف ؟ هذا ما يشغل بالنا , فليس لنا إلا طريقا واحداً " كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ " فلتتخيل ما سيحدث من تلاقي بشر بملائكة العذاب ووصفهم وقوتهم وطاعتهم معروفة ..
" كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى , أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى "
فمع عظمة خلق الله وانه خالق الإنسان ومُعلمه إلا أن الإنسان يطغى ! كان من المتوقع أن يدرك الإنسان فضل الله عز وجل عليه من قبل ولادته ووجوده في الحياة إلى مماتهِ ولكن وللأسف لم يدرك هذا كله وطغى ! وأعتقد بأنه قد استغني عن من خلق السماوات والأرض وما بينهما !
وبعد هذا أعقب الله عز وجل ما فعله الكافر وطغيانه بقوله " إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى " فتخيل انك تمشي في طريق وهذا الطريق سوف يودي إلى شخص أنت تَسبهُ فهل ستتمادى في سبه ؟ فليس لك إلا خيارين إما أن تعود عن الطريق وهذا لا تستطيع فعله لأنك ستموت وتبعث وستعود إلى الله عز وجل والحساب سيكون بما فعلت وإما أن تراجع نفسك فيما تقول وما تفعل وما تؤمن لأنك ستعود إلى الله عز وجل وستحاسب فليس لك إلا خيارا واحدا !! وانتقلت الآيات من كونه ظالماً لنفسهِ إلى ما سواه " أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى , عَبْدًا إِذَا صَلَّى " فلم يكتفي بما يفعله مع نفسهِ ولكنه ينهى عبداً يصلي عن صلاته إنها لكبيرة أن يُنهى العبد عن الصلاة فأكمل الله عز وجل " أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى , أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى" فلم يقتصر الأمر عن نهيه عن الصلاة ولكن نهاه عن الأمر بالمعروف أيضاً ! فأنزل الله تهديداً آخر لكل طاغياً بعد أن قال الله عز وجل " إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى" فيقول " أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى , أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى " ويأتي بعد ذلك اللفظ الشديد والتصوير التي تقشعر له الأبدان من قوته ..
فمع أن الله عز وجل بدأ بالإنسان منذ أن كان شيئاً لا يُرى وفجأة الإنسان يقرأ ويتعلم فكذلك الأمر بعد أن كان الإنسان الطاغي متكبراً ورأسه مرفوعة من الكبرياء فجعلها الله عز وجل أول ما يؤخذ منه المتكبر " كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ , نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ " صورة لأخذ الطاغي سريعاً , من ناصيته أي أعلى الرأس , وبعد ذلك قال الله عز وجل " فَلْيَدْعُ نَادِيَه , سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ " قد يُتخيل للقارئ معركة بين الزبانية وأهل ناديه وهي معركة تشغل عقولنا وجميعنا يعلم نتيجتها ولكن كيف ؟ هذا ما يشغل بالنا , فليس لنا إلا طريقا واحداً " كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ " فلتتخيل ما سيحدث من تلاقي بشر بملائكة العذاب ووصفهم وقوتهم وطاعتهم معروفة ..
والحمد لله رب العالمين
تعليق