مابين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال الى حال

تقليص
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • @سالم@
    2- عضو مشارك
    • 1 ماي, 2010
    • 133
    • امام وخطيب فى المساجد
    • مسلم

    #1

    مابين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال الى حال


    مابين طرفة عين وانتباهتها

    يغير الله من حال الى حال

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم تسليما كثيرا :-
    إن في وقائعِ اللهِ عبرا، وفي أيامِ اللهِ عظات، وإن الذي لا يتدبرُ في الحوادثِ ولا بالأيامِ ولا بتصريفِ الأمورِ لهو أحمقُ بليد.
    وقبل أيامٍ ضربَ زلزالُ عنيفُ أمريكا، ضربَها على أنفِها من الله الواحدِ الأحد، زارَها في الليل، أمست في ليلةٍ هادئةٍ، معها قوتُها وجيوشُها، ومصانعُها، وطائرتُها، ولكن لم يخبرُهم اللهُ أنه سوف يدمرُهم، أتاهم العذابُ بغتة:
    أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ.
    أتاهم في ما يقاربُ الساعةَ الثامنة، وهذا موعدُ لمن يعرفُ ذاك التوقيت بعد أن ينتهوا من أعمالِهم بالساعةِ والنصف، فلما باتوا ما بيتَهم الله، لم يخبرُهم جهازُ الإنذار، ولا الرادار أن هناكَ جزاءً لهم موعودا عند الواحدِ الأحد، بل وصل الموعودُ من الله لأمةٍ تهتكت في حدودِ الله، أتاهم في أكبرِ مدينِهم، في سانفرانسسكو، ومن يعرفُها يعلمُ أنها من أكبرِ المدن، اكتظت بالسكان، وهدرت بالمصانع فأرسل اللهُ عليها زلزالا. كم أخذ من مدة؟ اثنتي عشرةَ ثانية:

    صاروا هباءً منثورا، اثنتي عشرةَ ثانيةً فتحولت الجسورُ إلى الأرض، والقصورُ إلى الساحات، وارتفعت أصواتُ النساءِ العاهراتِ في الفنادق، وكبكبتِ الخمورُ على رؤوسِ المجرمين، وتحطمتِ السياراتُ، وتعطلتِ الطائراتُ، وفرقعتِ القطاراتُ، وتوقف الناسُ يقولون ما لنا؟
    ما لكم؟: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
    أمريكا! أتدرون ماذا فعلت؟
    صنعتِ الطائرة، قدمتِ الثلاجة، أنتجتِ البرادة، صنفتِ الصواريخ، لكنها فسدت في عالمِ الروح:
    يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ.
    ما استعدوا للقاءِ الله، نجاسةُ وعهرُ وزنىً وربىً وفحشُ ونهبُ وسلب، أمريكا! فسدت في عالمِ الروح:
    بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ.
    أمريكا! يقولُ عالمُهم مؤلفُ كتاب "الإنسانُ لا يقومُ وحدَه": إن أمريكا تسعى إلى الهاويةِ 100% لأنها ما عرفت الله. وفي كتابِ "اللهُ يتجلى في عصرِ العلم" وقد أللفَه نخبةُ من الأمريكان الذينَ أسلموا يحذرونَ شعبَهم العارَ والدمار والنار، ولكن من يعي!
    في أوكلاهوما وقد رأينا تلكَ البلدة، وأخبرنا مسلمُ أمريكيُ من تلك الولايةِ انه ثبت في التقاريرِ أن جامعةَ أوكلاهوما فيها عشرونَ ألف فتاةِ كلُهنَ حبلى من الزنى، عشرون ألف فتاةٍ يدرسنَ في تلكَ الجامعةِ كلُهنَ حبلى من الزنى.
    أي حضارة!
    إننا آثمون يومَ ما صنعنَا كما صنعوا، وإنهم آثمونَ يومَ ما أسلموا كما أسلمنا، نقصوا في الإسلامِ ونقصنا في العمل، ولا يعُفينا نقصنا، وأما هم فكفارُ ملاحدَةُ زنادقَه.
    أمريكا التي تقدمَ رجلُ فيها يشتكي رجلاً ضربَ كلبَه حين اعتدى عليه في المطار، والكلبُ عندَهم آيةُ من الآيات، يغسلونَه في الصباحِ ويقبلونَه في المساء، ينامُ على السريرِ ويستيقظُ مبكرا على الإفطار، ويركبُ السيارةَ مع أكبر أميرٍ أو مسئولٍ منهم، ضُربَ كلبُ فقدمَت عريضةُ فيه فقال العالم:
    وأين شعبُ فلسطين؟
    ضُربوا بالهروات، كُسرت رؤوسَ الآباءِ والأمهات، اسقطَ الشيوخُ على الأرصفةِ، هُدمت المساجدَ وسُحقَت الدور،دُمرَت القصورَ ولا احتجاج!
    تنصفونَ كلبا يا أعداءَ اللهِ من أنفسِكم ولا تنصفونَ شعبا كاملا!
    إن هذا درسُ للمسلمينَ عام، ودرسُ للفلسطينيينَ خاص أن هيئةَ الأممِ لن تنتج لهم نصرا ولن تقدمَ لهم طائلا.
    ولقد ظنَ الروسُ أن أفغانستانَ سوف يتقدمونَ إلى هيئةِ الأممِ، لكن كفروا بهيئةِ الأمم، لم يقدموا شكوى بل قدموا الصواريخَ، لم يقدموا عريضةَ بل حملوا الكلاشنكوف:
    هذا لمن يحتكمُ بالطاغوت، ودرسُنا اليوم:
    كيف نأخذُ عبرا من ذلكم الزلزال الذي ضرب أمريكا على أنفِها؟
    قامَ جهازُ (رختر) فسجلَ سبعةً وواحد من عشرة، ولو سجلَ عشرة لدُمرت أمريكا، قوةُ عُظمى ولكن اللهَ أعظم، صواريخُ ولكن: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
    قدرةُ الواحدِ الأحد، من الذي يعترضُ على الله! ومن الذي يريدُ أن يحاربَ الله؟ وكيف حاربوا الله؟
    حاربوا اللهَ يومَ كفروا.
    حاربوا اللهَ يوم أخرجوا الفتاةَ عاريةً عاهرةً زانيةً سافرةً في الجيشِ وفي المصانعِ وفي الوظائفِ.
    حاربوا اللهَ يومَ سيروا الدعارةَ والخمرَ والزنى والربى في العالم.
    حاربوا اللهَ يومَ قاموا مع الأقوياءَ فسلبوا حقوقَ وتراثَ وجاه الشعوب.
    قال سبحانَه: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.
    يقولُ أحدُ التقاريرِ من هناك: خرج كبارُ الموظفينَ في المدينةِ وأخبروا أهاليِهم عبر هاتفَ السيارةِ أنعم سوفَ يصلون إلى بيوتِهم بعد دقائقَ، لكن اللهَ لم يمكنَهم دقائق، كتب أن لا يصلوا فضربَهم بالزلزالِ فدمرَ القادمُ، ودُمرَ المستقبِلُ فأصبحوا شذر مذر.
    وقف رئيسُهم (بوش) قبل أيامٍ ونظر إلى العِماراتِ وهي منكسةُ فقال: خطأ من علماء الهيئةِ يومَ ما قرءوا تقاريرَ التربةِ والقشرةِ ألرضية.
    قلنا يا (بوش) ويلَك من الله! لأمرُ أعظمُ من ذلك، القدرةُ من السماء: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ.
    أنتمُ الذين تسببتم في هذا، وهذا قليلُ من عقابِ الله:
    وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ.
    وقال سبحانَه: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً.
    واللهُ يقولُ وهو يصنفُ الأقوامَ على مسرحِ الحياةِ كما يقولُ بعضُ المفكرين: كلما كشفت أمةٌ ووقفت على المسرح أهلكَها، ثم يرفعُ الستارُ عن أمةٍ أخرى فيهلِكُها، ثم يقولُ اللهُ في الأخير: وعادا!
    يعني اسمعوا يا امةَ محمدٍ، يا أمةَ الإسلام، يا أيتُها الأمةُ الخالدةُ أسمعوا إلى العقوبات:
    وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ.
    وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ.
    انظروا إلى الأحقاف، أنظروا إلى سواحلِ اليمن، انظروا إلى قُرى قومَ ثمود، انظروا إلى أراضي المؤتفكات:
    وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ. ومن؟ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ.
    هذا موجز وإليكم التفصيل:
    فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
    من ينجينا من الزلازلِ والفتن!
    من ينجينا من البراكينِ والمدلهماتِ!من ينجينا من عذابِ الله ومن لعنةِ الله ومن عقابِ الله ومن أخذِ الله!
    من ينجينا من نارٍ تلظى!
    الأيمان، لا ينجينا إلا الأيمان، المساجد، الصلواتُ الخمس، القرآن، سنةُ محمدٍ عليه الصلاةُ والسلام، التواصي بالمعروف، التناهي عن المنكر، فعلُ الخير، هذا هو النجاة:
    إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً.
    ولكن نسألُ الذين ينهارونَ وينهالونَ وينسحقونَ ويسرعون إلى حضارةِ الغربِ بأرواحِهم ونقولُ لهم:
    أتريدونَ أن يتحولَ المجتمعُ المسلمِ إلى مجتمعٍ كمجتمعِ أمريكا! أو فرنسا أو إسرائيل!
    أتريدونَ أن يبقى الإنسانُ نهبا وسلبا وخوفا وتمزقا!
    واللهِ لقد عاشوا الويلاتَ في قلوبِهم، فاضطربوا ومُرِضوا واهتموا واغتموا، ومن أرادَ الوثائق فليراجع كتاب الأمريكي: دع القلق وأبدأ الحياة، ووللهِ لقد عاشوا التوترَ في أعصابِهم، وعاشوا الانهيارَ الخُلقي العجيب.
    امراةُ تستضيف رجلا مع زوجِها فيفعلُ بها الفاحشةَ في بيتِ زوجِها وهو يعلمُ ولا ينكر، فتاةُ تسافرُ من أبيها وتعودُ حبلى بلا زواج.
    خمرُ يسكبُ ويشربُ كما يشربُ الماء.
    زنىً وفحشُ يعلنُ في الصحفِ والمجلات والأفلامِ والمسلسلات.
    أشرطةُ الفيديو وأفلامُ الجنسِ تعرضُ على العالم.
    وبعضُ الناسِ طمسَ اللهُ على قلبِه ينادي بحضارتِهم!!! أي حضارة!
    وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى.
    يا من طالعَ الصحفَ وسمعَ الأحداث، يا من أستمعَ إلى الأخبارَ أعلم أن كلَ ما تم في العالمِ فبقضاءِ وقدرٍ من الواحدِ الأحد، وفيه عظاةُ ودروسُ ولكن من الناس كما قال الله:
    وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ.
    أقولُ ما تسمعونَ وأستغفرُ الله العظيم الجليلً لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التوابُ الرحيم.
    الحمدُ للهِ ربِ العالمين، وليُ الصالحين، ولا عدوانا إلا على الظالمين، والصلاةُ والسلامُ على إمامِ المتقين، وقدوةِ الناسِ أجمعين، وعلى آله وصحبِه والتابعين.
    أما بعدُ عبادَ الله، فاللهُ يذكرُ لنا ما فعلَ بالقرى يوم كفرت بـأنعمِ الله، يوم عطلت حدودَ الله، يومض تنكرت لشرعِ الله، أسمع إلى قولِ اللهِ تبارك وتعالى:
    لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرىً ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ.
    سـبأ قريةُ تسكنُ في اليمن لهم سدُ عظيمُ يملأهُ اللهُ كل سنةٍ بالماء، أنبتَ لهم أنوعَ الثمرات مثلما أنبت لنا اليوم أنواعَ الخيرات، سلوا العالم كيف نعيشُ من رغد! سلوا الدنيا أي بلدٍ أسعدُ من بلادِنا!
    أمنُ ورخاء، سهولةُ ويسر، فواكهُ الدنيا، ثمراتُ الدنيا، ملابسُ الدنيا، أدواتُ الدنيا:
    رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.
    عاشوا في سبأَ كما عِشنا:
    جنتانِ عن يمينٍ وشمال، لكل رجلِ في سبأ بستانان عن اليمينِ وعن الشمال.
    ذكرَ المفسرونَ أن عذقَ النخلةِ في سبأ كان لا يحملُه إلا فرسانِ اثنان.
    النخلةُ تطلعُ في السنةِ مرتين.
    الماءُ ينهمرُ كالسلسالِ من تحتِ أرجلِهم.
    ظلل اللهُ عليهم بالغمامِ فلا يرونَ الشمسَ إلا نزهةً.
    المرأةُ تحملُ الإناءَ وتمرُ من تحتِ الشجرِ المثمر فيمتلئُ من كثرةِ ما يتساقطُ فيه.
    الطيورُ التي ترفرفُ على الرؤوس.
    النسيمُ والعليل، الرخاءُ والسعة، كلُ شيءٍ.
    لكن ماذا فعلوا؟
    عطلوا أمر اللهِ، اللهُ يقول: آمنوا بالله، فيقولونَ كفرنا.
    يقول الله أسمعوا، قالوا سمعنا وعصينا.
    كما يفعلُ بعضُ الناسِ اليوم، يسكنُ فلة، سيارةُ فاخرة، منصبُ مرتفع، مال وشيكات وأبناء، جارُ للمسجد لا يصلي في المسجد قد طبع اللهُ على قلبِه، مجرمُ يعينُ على فسادِ قلبِه بنفسِه:
    تقولُ له أستمعِ القرآنَ، قال لا بل شريطُ غنائي.
    أنظر إلى آياتِ اللهِ في الكون، قال لا بل فيديو مهدم.
    أستمع إلى التلاوةِ، قال لا بل أغنيةُ ماجِنة.
    أقرأ في كتبِ الإسلام، قال لا بل مجلةُ هابطة.
    سبحان الله، هذا لأنَه لا يرى إلا بعينِه التي يرى فيها الحيوان:
    أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً.
    قال اللهُ لأهل سبأ آمنوا، قالو كفرنا، فماذا أرسل اللهُ عليهم؟
    أأرسلَ عليهم جيشا من السماء! لا بل هم أقلُ وأذلُ من ذلك، ماذا فعل اللهُ بهم؟ أرسل عليهم فأرة.
    يقولُ المفسرون: أرادَ اللهُ أن يخوفَ قومَ فرعونَ فأرسلَ عليهم قملا وضفادعا وجرادا.
    وأرادَ أن يهلكَ نمرودا أبنُ كنعان فأرسل عليه بعوضةً دخلت في دماغِه فقتلته.
    وأراد أن يهلك سبأً فأرسل عليهم فأرة ثم قال سبحانَه:
    وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ.
    مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز.
    نخرتِ الفأرةُ سدَهم، وفي الصباحِ تدكدكَ السدُ فاجتاحَ الماءُ الهائج بأمواجٍ كالجبالِ مزارعَهم، وبيوتَهم ومطارحَهم، وأشجارَهم، فأصبحوا يولولونَ ويبكونَ في رؤوسِ الجبال، لماذا؟
    فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ.
    ويقولُ سبحانَه: فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ.
    كلُ القبائل أعظمُها من اليمن، وأنتم وأجدادكم (الأزد) كانوا في سبأ، فتفرقَ جدنا الأزدي أربعة أقسام، لأنا جدنا عصا الله، فلا نريد نحن أن نعصي ربنا، أبناء عمومتنا في عُمان، والابن الآخر في العراق وهم المناذرة، والابن الثالث في الشام وهم الغساسنة، والرابع نحن في الجنوب ومنا (الأوس والخزرج) أنصار محمد (صلى الله عليه وسلم):

    نريد أن ننتسب إلى الأنصار لا إلى جدنا الظالم الأول الذي كفر بأنعم الله.
    نريد أن نكون مؤمنين مصلين صائمين صادقين ليحشرنا الله مع أبناء عمومتنا سعد ابن معاذ، وسعد ابن عبادة، وأبي ابن كعب، ومعاذ ابن جبل، وحسان ابن ثابت، ولأن لا يحشرنا الله مع الظلمة الأزد الأول، وأنمار وقحطان ويشجب، لأنهم شجبوا شريعةَ الله.
    فصلتُنا بالواحد الأحدُ أيها المسلمون:
    وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.
    اللهم صلي على عبدِك ورسولِك محمد، وأرضى على أصحابِه الأطهار، ونحن معهم بمنك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.
    اللهم أصلحِ الشعوب، اللهم ردنا إليك ردا جميلا.
    اللهم لا تعمي أبصارَنا، ولا تسلط علينا بذنوبِنا ما لا يخافك فينا ولا يرحمنا.
    سبحان ربِك ربُ العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

عن الكاتب

تقليص

@سالم@ مسلم اكتشف المزيد حول @سالم@

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 18 يول, 2007, 01:29 م
ردود 7
3,937 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة سيف الكلمة
بواسطة سيف الكلمة
ابتدأ بواسطة طبيب أثري, 24 يون, 2016, 06:37 ص
رد 1
1,217 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة shaimaa mohamed
بواسطة shaimaa mohamed
ابتدأ بواسطة دال على الخير, 15 أبر, 2014, 09:59 ص
ردود 2
3,725 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة محب المصطفى
بواسطة محب المصطفى
ابتدأ بواسطة عبد الفتاح الهادي, 21 يون, 2013, 11:05 م
ردود 3
1,386 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة سيف الكلمة
بواسطة سيف الكلمة
ابتدأ بواسطة love_knight4, 2 يول, 2007, 04:39 م
ردود 0
1,504 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة love_knight4
بواسطة love_knight4
ابتدأ بواسطة عماد المهدي, 14 مار, 2009, 05:25 م
ردود 0
2,017 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عماد المهدي
بواسطة عماد المهدي
ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 6 أغس, 2006, 12:57 م
ردود 3
2,615 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة احمد الجبلي
بواسطة احمد الجبلي
ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 29 سبت, 2006, 05:35 ص
ردود 3
6,237 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة solema
بواسطة solema
ابتدأ بواسطة النيسابوري, 5 أكت, 2013, 10:05 م
ردود 0
1,025 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة النيسابوري
بواسطة النيسابوري
ابتدأ بواسطة BHR2010, 8 نوف, 2012, 05:05 م
ردود 4
1,063 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أنور علي
بواسطة أنور علي
ابتدأ بواسطة ام رهام, 9 ماي, 2009, 07:40 ص
ردود 0
1,141 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة ام رهام
بواسطة ام رهام
ابتدأ بواسطة أحمد., 22 ماي, 2013, 07:16 ص
ردود 7
2,546 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أحمد.
بواسطة أحمد.
ابتدأ بواسطة المستغفر, 27 ماي, 2007, 06:29 م
رد 1
2,746 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة محب عيسى بن مريم
ابتدأ بواسطة أكرمنى ربى بالاسلام, 29 ماي, 2020, 04:02 م
ردود 20
2,258 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة جابر الحارث
بواسطة جابر الحارث
ابتدأ بواسطة The Truth, 13 مار, 2010, 05:04 ص
ردود 3
3,085 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أبو مريم
بواسطة أبو مريم

مواضيع من نفس المنتدى الحالي

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة kanrya, 16 ينا, 2011, 06:29 م
ردود 342
57,472 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة نصرة الإسلام
ابتدأ بواسطة العبادي محمد, 10 فبر, 2015, 12:04 ص
ردود 173
17,882 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة العبادي محمد
ثابت: صحح أقوالك
بواسطة ام مريم
ابتدأ بواسطة ام مريم, 2 ماي, 2007, 03:57 م
ردود 167
44,003 مشاهدات
1 رد فعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة رسالة حق, 30 أكت, 2006, 06:04 م
ردود 126
23,421 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة نصرة الإسلام
ابتدأ بواسطة محب المصطفى, 22 ينا, 2014, 07:44 م
ردود 117
13,820 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة محب المصطفى
بواسطة محب المصطفى
يعمل...