رسل هولاكو الجدد

تقليص

عن الكاتب

تقليص

فارس التوحيد مسلم اكتشف المزيد حول فارس التوحيد
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 2 (0 أعضاء و 2 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فارس التوحيد
    2- عضو مشارك
    • 23 مار, 2011
    • 190
    • محاسب
    • مسلم

    رسل هولاكو الجدد

    الليبراليون العرب رسل هولاكو الجدد / يحيي البوليني
    التاريخ: 12/7/1432 الموافق 14-06-2011 |

    المختصر/ لا يجد المتابع البسيط لتحركات ومواقف وأفكار ما يسمون بالليبراليين العرب أدنى صعوبة في فهم المغزى الحقيقي لتلك الأفكار التي تدعو صراحة لتنحية الدين جانبا وتهميشه عن الواقع الاجتماعي للناس , وإلى نفي تدخل الدين نهائيا في الواقع العملي , ليعيش الناس بلا دين يحكمهم ويضع حدودا واضحة لتعاملاتهم .
    ويتشابه الليبراليون في الوطن العربي والإسلامي في سمات كثيرة أولها النرجسية الفكرية والتعالي على كل ما هو عربي أو إسلامي, ورفض كل تشريع أو قانون أو ثقافة تمت إلى العرب وإلى المسلمين بصلة , فما بين ليبرالي مسلم في مصر لا يمانع في زواج مسلمة من نصراني إلى غيره لا يجد حرجا في تسليم قيادة الدولة للنصارى أو المطالبة بقانون يلزم أن يكون رئيس الوزراء نصرانيا إلى ليبراليين لا يلتفتون لآراء العلماء في موضوعات عدة ومنها الموضوع الذي أثار جدلا في السعودية وهو قيادة المرأة للسيارة بل ويهاجمون العلماء ويستهينون بهم ويحضون على عدم التقيد أو الالتفات لأرائهم التي يعتبرونها من التراث الذي يجب التخلي عنه كشرط أساسي للتقدم الحضاري , وصولا لتونس حيث أُجلت الانتخابات أكثر من مرة خوفا من وصول الإسلاميين والإطاحة بالعلمانيين .

    إن ما نراه من تصرفات الليبراليين العرب لا نجده إلا بنوة غير شرعية لواحد ممن عادوا كل ما هو عربي أو إسلامي , والذي حض وحرض رؤساء بلاده على محاربة العرب والمسلمين واحتلالهم مرة أخرى بصورة لابد وأن تختلف عن الاحتلال السابق .

    ولهذا لا نعتبر دور الليبراليين في الدول العربية والإسلامية بكل ما ينفق عليهم بمنتهى السخاء تحت مسميات منظمات المجتمع المدني وغيرها , لا نعتبر دورهم إلا كمثل دور رسل هولاكو الذين كانوا يُرسلون كمقدمة لإحداث الاضطرابات وإشاعة الفوضى وتخذيل الجموع قبل أن ينقض جيش هولاكو عليهم ليبيدهم .
    وهولاكو هذه المرة هو الجانب الذي يظن نفسه أن له حق البقاء وحده , وأن كل جنس سواه لا يستحق الحياة وأن وجود الجنس العربي والمسلم فقط مرتبط بنفع الرجل الغربي وخدمته , كأن يكون سوقا لتصريف منتجاته وأرضا لنفاياته وحقلا لتجاربه ومشبعا لرغباته ونزواته .
    ويساعد هولاكو هذه المرة مجموعة من المنظرين الذين يعاونونه حتى لا يُظهر وجهه القبيح مرة واحدة , بل يجملون صورته تحت عدة من المفاهيم الملتوية الغامضة التي يستترون خلفها ويزينون بها حملاتهم للقضاء على الأمة العربية والإسلامية , ولكي يجتذبوا رسلا جددا من المجتمعات العربية والإسلامية يضمونهم للقطيع , ليقوموا بنفس المهمة التخريبية التي كان يقوم بها رسل هولاكو السابقين .

    ولكنهم رغم تحفظهم الشديد في إظهار حقيقة نواياهم , إلا أنهم في بعض المرات يتحدثون دون مواربة مستغلين عدم قراءة العربي والمسلم لما ينشر وعدم اكتراثهم بما يقرئون ثم نسيانهم السريع لما قرءوا , وأيضا لاطمئنان هؤلاء المنظرين الغربيين لوجود ذلك الطابور الخامس الذي يحتكر كلمة النخب المثقفة ويحتكر الرأي في الوسائل الإعلامية , والذين يقفون دوما على أهبة الاستعداد للدفاع عن السيد الغربي ولي نعمتهم لتزداد حينها مكافئاتهم ولتكتنز خزائنهم .
    وممن أعلنوا مخططاتهم بكل وضوح ليبين للجميع - ومنهم بالطبع رسل هولاكو المنتشرين في كل الدول العربية والإسلامية - دورهم المنوط بهم فعله في بلادهم , إنه ذلك الرجل البالغ من العمر 95 عاما , والذي يوصف بأنه أحد أكبر العلماء في مسألة الشرق الأوسط وهو برنارد لويس الأستاذ الفخري لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برنستون الامريكية والمتخصص في تاريخ الإسلام والتفاعل بين الإسلام والغرب .
    فقد أعلن في مقابلة مع إحدى وكالات الإعلام بتاريخ 20 مايو عام 2005 عن النوايا الحقيقية والنصائح التي يجب على رؤسائه أن يتعاملوا بها مع المسلمين , والتي لم تختلف أفعال السياسيين بعدها عن ما نصحهم به , فقال في المقابلة ما نصه:
    "إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون, لا يمكن تحضرهم, وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسيفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات, وتقوِّض المجتمعات, ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم, وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية, وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان. إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية, ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم, ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك, إما أن نضعهم تحت سيادتنا, وإما ندعهم ليدمروا حضارتنا, ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية, وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية دون مجاملة ولا لين ولا هوادة ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة, لذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها, واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها, قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها".
    هذا هو ما يفعله رسل هولاكو الليبراليون العرب في كل قطر عربي ومسلم يتحدثون ويتشدقون عن الخدعة الوهمية التي طالما كرروها ونشروها واتخذوها منهجا وهي " تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية " , وهذه هي مقدمة الاحتلال الجديد الذي ربما يتغير عن النمط السابق من الاحتلال باستغلال الثورات العربية الحديثة لإحلال أنظمة أخرى بدلا من الأنظمة الشمولية المستبدة التي انتهت مرحلتها بأنظمة أخرى يكون للنخب المثقفة - رسل هولاكو - النصيب الأكبر في إدارتها مستغلين العبارات البراقة والكلمات المعسولة والمفاهيم المغلوطة وإشعال قضايا صغيرة وتكبيرها والنفخ فيها لاستعداء جموع الناس على كل القيم والمفاهيم المستقاة من الشرع ومن العرف إلى مفاهيم غربية غريبة كقضية قيادة المرأة للسيارة التي أخذت أبعادا أكبر من حجمها, ونظر إليها العلماء والمتخصصون نظرة اختلفت عن نظرة الناس لها فرأوها حصان طروادة , كمقدمة لاحتلال فكري وهذا ما لم يفهمه كثير ممن نظروا للأمر على أنه تعنت ضد المرأة فحسب .
  • nimo1810
    10- عضو متميز

    حارس من حراس العقيدة
    • 4 مار, 2009
    • 1804
    • وردة في بستان من حدائق الرحمن
    • مسلم

    #2
    يطلق عليهم أيضا
    التخلفيون الجدد أو الظلاميون الجدد
    صورة خاتم المرسلين سيدنا محمد :sallah: ستبقى مشرقة مهما حاول المشككون تشويهها.
    وكذلك سيبقى نور القرآن الكريم مضيئاً براقا مهما حاول الملحدون الإساءة إليه.
    يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( التوبة )

    تعليق

    • فارس الميـدان
      مشرف عام أقسام
      المذاهب الفكرية الهدامة
      ومشرف عام قناة اليوتيوب

      • 17 فبر, 2007
      • 10117
      • مسلم

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة فارس التوحيد
      إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون, لا يمكن تحضرهم
      أى حضارة تتحدثون عنها يا معدومي العقل .. ؟!

      هل الحضارة هى التنكر لبديهيات العقل والكفر بخالق الكون العظيم .. ؟!

      هل الحضارة هى الإيمان بالعبثية والفوضوية والعدمية والعشوائية .. ؟!

      هل الحضارة هى الإيمان بالفلسفة الوضعية الإلحادية الأُحادية الجانب .. ؟!

      هل الحضارة هى الكفر بوجود الروح الإلهية وإعتبار أن الإنسان مجرد حيوان جاء إلى الكون الذى تكون صدفة بلا هدف أو قيمة .. ؟!

      هل الحضارة هى الإباحية والشذوذ ومبدأ البقاء للأقوى والكفر بالأخلاق .. ؟!

      هل الحضارة هى زنا المحارم والبغاء والعرى .. ؟!

      هل الحضارة هى مبدأ أن البشر ليسوا أكثر من مجموعة حيوانات ذكية .. ؟!

      هل الحضارة هى إبادة الشعوب العربية والإسلامية لأنها تتمسك بخصوصيتها الثقافية .. ؟!

      هل هذه هى الحضارة يا معدومي العقل .. ؟!

      هل هذه هى الحضارة يا أولاد القرود .. ؟!
      الحمد لله الذى جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى .. الإمام أحمد ..

      تعليق

      • فارس الميـدان
        مشرف عام أقسام
        المذاهب الفكرية الهدامة
        ومشرف عام قناة اليوتيوب

        • 17 فبر, 2007
        • 10117
        • مسلم

        #4



        العلمانية .. جاهلية العصر الحديث

        هذه كلمات للمفكر الإسلامى مراد هوفمان حول حضارة الغرب البائسة التى يريدون إبادتنا من أجلها:

        على الرغم من النمو الهائل للإسلام فى العالم المسيحى .. فإنه سوف يواجه على الأرجح فى القرن الواحد والعشرين مواقف مختلفة: (وثنية جديدة – لا أدرية – إلحاداً – شركاً من نوع جديد – عصبية ... إلخ) .. بالإضافة إلى ظهور أناس يعبدون اصناماً جديدة مثل: (الكوكايين-التنجيم- بوريس بيكر- كلوديا شيفر) ..

        فى تقديرى .. لن يكون الصراع فيما بعد بين المسلمين والمسيحيين .. أو المسيحيين واليهود .. ولكن بين الأقلية التى تؤمن بالله .. المسلمين لله بالمعنى الأصلى للكلمة .. والأكثرية التى أصبحت لا تستريح لفكرة وجود الله ولا تجد لها معنى .. هؤلاء الناس الذين تنحصر عندهم الحقيقة فى حواسهم الخمسة .. فالدين عندهم خرافات .. أفيون الشعوب .. وعلامة على خداع النفس .. يكشف عن إختلال المنطق وحاجة للشجاعة ونقص فى الذكاء ..

        لا يوجد فرق أساسى فى هذا المجال بين المجتمعات الشيوعية سابقاً .. التى تعرضت لسياسة إلحادية فاعلة .. والبلاد الغربية التى لم يشجع الإلحاد فيها علناً .. ولكن تحت سيطرة المادية والإستهلاك المطلقين .. أصبح الإلحاد الطابع العام للحياة ..

        فى الواقع لقد تشرب الغرب وإستنشق كلاً من: كارل ماركس .. تشارلز دارون .. فردريك نيتشه .. سيجموند فرويد .. وهوبز الذى قال: (الإنسان ذئب لأخيه الإنسان) .. ومعهم كل الفلسفة الوضعية بطريقة مبتذلة ..

        سلكت البلاد الإسلامية .. إلى حد ما .. الطريق نفسه بعد إستعمار الغرب لها .. حيث هجر أكثر أهل الفكر فى تركيا ميراثهم الإسلامى تماماً فى سبيل الحداثة الأوروبية .. وذلك فى غضون جيلين من كمال أتاتورك .. لدرجة أن من أولادهم من لا يعرف شيئاً عن الإسلام ولا يستطيع قراءة الفاتحة ..

        بالطبع ما يزالون يحتفلون بعيد الفطر .. دون أن يصوموا رمضان .. مثلهم فى ذلك مثل المسيحيين فى أوروبا وأمريكا الذين يحتفلون بأعياد الميلاد .. دون أن يجزموا بوجود الله أو المسيح .. ولا يتعارض ذلك عندهم مع إعتبار أنفسهم مسيحيين .. فالمسيحية تعنى فقط إمتنان الرأى العام لإنتشار حضارة إنسانية قامت على التراث المسيحى بقدر مساو للتراث الإغريقى والرومانى .. ومازالت مراسم التعميد و الزواج والدفن تتم بطريقة سطحية .. فهى لن تضر .. وقد تفيد بشكل أو بآخر ..

        على الرغم من أنه مازال الكثير من الناس يشعرون بتعاطف تجاه العادات الوثنية المصاحبة لإحتفالات أعياد الميلاد .. فإنه حتى عندما يخاطب المستشار الكاثوليكى هلموت كول الشعب الألمانى فى هذه المناسبة .. فالله أو المسيح غالباً لا يجىء لهما ذكرهما .. فقد إنحصر الإيمان المسيحى فى الأصوليين الذين يحاولون .. دون جدوى .. إحياء الكنسية من أسفل ..

        عوض الغرب خسارته لله بإيمان لا حد له بالتقدم .. الذى جعل العالم يبدو أكثر إستنارة وعقلانية .. أكثر تحرراً وإنسانية .. أصبحت عملية الحداثة على طريقة الحياة الأمريكية النموذج الذى يجب تشكيل العالم عليه ..

        لا يهضم رجل الشارع الغربى .. بصرف النظر عن مستوى تعليمه .. إلا أن يعيش العالم كله مثله .. فى مأكله ومشربه وملبسه وعاداته .. يلبس الجينز .. يأكل الهمبورجر .. ويشرب الكولا .. يشاهد cnn .. إن عاجلاً أو آجلاً ..

        تسلطت هذه الفكرة بعد إنهيار المعسكر الشيوعى عام 1990 م .. مما حدا بفرانسيس فوكوياما .. رئيس قسم تخطيط السياسة .. أن ينشر مقالته التى جعلها بعد ذلك كتاب (نهاية التاريخ) ..

        كانت الرسالة واضحة: فقط البلاد المتخلفة والنائية سوف تعجز لفترة بسيطة عن إستيعاب التفوق المطلق للمنهج الغربى بما فيه من عقلانية .. تحرر .. فردية .. تسامح .. برلمانية .. حقوق الإنسان ..

        بكلمات أخرى .. يعتقد الغرب بصفة عامة أن أسلوب الحياة الأمريكى سيفرض نفسه على العالم ..

        عندما يطالب هاز كونج بأخلاقيات عالمية .. أو عندما يدعو فيلفريد سميث لتنمية لاهوت عالمى .. فإنهما فى إعتقادى يفكران فى أساس أوروبى لذلك ..

        إذا لم يرد العالم الإسلامى أن يعيش فى مثل تلك الثقافة الواحدة .. وجب عليه أن يبذل جهداً هائلاً ليحقق دار إسلام القرن الحادى عشر .. حيث تصبح كلمة الله قانوناً .. وتزدهر الحضارة الإسلامية من جديد .. فى عالم يشعر فيه المسلم أنه فى بيته .. ليس كمواطن .. ولكن كمؤمن وعضو فى الأمة الواحدة .. عالم يمارس فيه المسلمون التكنولوجيا بعد تهذيبها من اللاإنسانية .. عالم يصعد فيه المدح والثناء للواحد الأحد .. وله كل التسليم والخضوع ..

        عالم لا يستبد فيه الإقتصاد وكفاءة التشغيل والإنتاجية والتكنولوجيا العالية ومعدل التنيمة .. والحصول على أقصى ربح .. وإنما تتحكم فيه متطلبات البشرية .. المادية والعاطفية والروحية ..

        بإختصار .. إذا أردنا نحن المسلمين أن نُنترك وشأننا .. فعلينا أن نجاهد جهاداً جباراً لنحمى حقنا فى الإختلاف الثقافى .. فى عالم يسعى لفرض النموذج الغربى ..

        الحوار بين الشمال والجنوب فى إتجاه واحد .. فقد ربح الغرب سباق الإعلام من زمان .. ليعرض أفكاره على المسلمين بالجملة .. ويتحكم فى حياتهم كالطاعون ..

        رغم كوارث المائة عام الماضية يبدو بطريقة لا تصدق أن الإيمان الأبله للغرب بالإله الجديد (التقدم) مازال سائداً ..

        هل لم يستطيع الناس أن يتحققوا أن الحكم المستنير للعقلانية والإنسانية .. لم يمنع حربين عالميتين وحشيتين .. إستخدمت فيهما قنابل الغاز والقنابل النووية .. والقصف الإستراتيجى على المدنيين فى مدن مثل درسدن .. (*)

        (*) والسبب فى ذلك نظرية دارون المادية .. هشام ..

        هل إستراتيجية مبنية على الردع المتبادل مع التهديد بالإبادة النووية تُعد عقلانية .. ؟!

        يمكننى أن أستمر ولكننى لن أفعل ..

        يمكن للمفكرين الغربيين أن يستنتجوا .. وقليل منهم فعلوا .. أن الأحداث الرهيبة للقرن الحالى .. نفت إمكانية أن تعتمد الأخلاق على التقدم .. تسليم الإنسان للأوامر الأخلاقية الإلهية .. ولا شىء غير ذلك .. يمكن أن يضبط الأعمال الأخلاقية للأفراد والجماعات ..

        معلوم أن الأفكار العلمية تصبح مقبولة بعد سنوات كثيرة من إحكامها وإتقانها .. لذلك ليس من المستغرب أن عامة الملحدين واللاأدريين فى الغرب يتبعون بفخر أفكاراً فلسفية من القرن التاسع عشر .. متجاهلين تعارضها مع نتائج أبحاث حديثة .. يصدق هذا بصفة خاصة على الفيزياء والمايكرو والماكرو وأبحاث المخ ..

        سوف يذهل كثير من الأكاديميين (المفكرين) عندما يعلمون عدد علماء الطبيعة والطب والبيولوجى المتفوقين الذين يعتقدون فى وجود قوة عليا مفكرة خلقت الأكوان ..

        تطور الفيزياء لمرحلة ما بعد العلم الحديث .. والذى فتح الباب أمام الحقيقة الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) .. بدأ على يد ماكس بلانك (1947م) مكتشف النظرية الكمية .. ألبرت أينشتين مكتشف النظرية النسبية (1955م) .. فرنر هايزنبرج (1976م) الذى أعلم فى عام (1927م) مبدأ عدم التأكد أو عدم التحديد (مبدأ الشك) إستحالة تحديد وضع وسرعة الإلكترون فى الوقت نفسه .. فإما أن يظهر كجزىء أو كموجه ..

        دمر هؤلاء الألمان العمالقة مع زملاء لهم مثل: نيلز بوهر .. وماكس بورن .. آرثر إدنجتون .. إروين شرودر على سبيل المثال لا الحصر المبادى التقليدية للمادة والزمن والفراغ .. ليمهدوا لإعادة دخول الدين فى العلم ..

        لخص ريتشارد سوينبرن نظرية الإحتمالات قائلاً: [إنه من غير المقبول لأقصى الحدود عدم وجود الله] إهـ ..

        فى الحقيقة .. أكثر الفيزيائيين المذكورين وكارل فريدريش فون فايساكر معهم تحولوا بالمصطلح الفلسفى إلى مثاليين ما بعد الأفلاطونية .. فيعتقدون بوجود العالم الروحى ..

        لا أريد أن أزعم أن رجل الشارع غفل عن تلك الثورة كلياً .. ولكن ما إقتبسته منها هو أكثر قليلاً من أن كل شىء نسبى .. وكل الإدراكات تقع تحت تأثير نفسى .. والمنطق البشرى قادر فقط على تحديد أبعاده المتماثلة مع الإدراك الحسى .. كما ألح ديفيد هيوم فى (تساؤل حول الفهم الإنسانى) .. إيمانويل كانت (نقد العقل الخالص) .. لودفيج فيتجنشتاين (بحث المنطلق الفلسفى) كل فى زمانه ..

        وفى الحقيقة .. الفيزياء الحديثة التى أخطأ العامة مغزاها لم تؤد لتواضع المفكرين .. مثلما كان من أبى الحسن الأشعرى (*) .. ولا للإعتراف بأن أحدث ما عرفناه عن بدء الكون والحياة على الأرض ينسجم مع ما جاء فى القرآن فى ذلك المجال .. بل رأى الإنسان الحديث شكه .. لا أدريته .. وفرديته .. رأى هذه الأمور تتأكد بإنهيار الماركسية .. الداروينية والفرويدية .. فصاغ ذلك الفيلسوف يورجن هابريماس: [أصبحت الأخلاقيات الحديثة تجسيداً لمبدأ الذاتية .. بكلمات أخرى .. إستمر الناس فى الإعتقاد (بطرقة الدين الزائف) .. أنه لا خلاص خارج العلوم (التجريبية) .. وإستمروا على خطئهم فى إقامة ذلك العلم القاطع على مادية ووضعية القرن التاسع عشر التى عفا عليها الزمان] إهـ ..

        (*) يقصد عندما تحول الإمام / أبو الحسن الأشعرى من مذهب الإعتزال إلى مذهب الإمام / أحمد إبن حنبل فى العقائد .. هشام ..

        إنه لأمر مزعج قلة من يهمهم شأن ما أصاب مجتمعاتهم فى الغرب .. فقدان المعنى .. وغياب أى هدف أسمى فى الحياة .. مع إزدياد الفراغ .. نقص روحى ينذر بتحويل الوجود الفردى إلى مهمة يائسة عديمة المعنى .. حقاً كما قال برافيس منصور: [الإلحاد يجبى ضريبته من كل نفس فى الغرب] إهـ ..

        كما لو كان الإنحطاط المأساوى لأخلاق الغرب وتضامنه غير واضحين: الجريمة .. إدمان الكحوليات والمخدرات .. الشذوذ المعلن .. الإساءة للأطفال .. إرتفاع معدلات الطلاق (إن كان هناك زواج أصلاً) .. الإباحية الشديدة .. قد يكون الأسوأ فى ذلك الشباب ليعيشوا فرادى رجالاً نساءاً .. ولا يستطيع أحد أن يقدر حجم الخسارة لجيل نشأ دون وجود أحد والديه ..

        يصاحب هذه الورطة ويعقدها روح تشككية بعيدة عن الإطمئنان واليقين ..

        تأكد الناس أن المستقبل لا يحمل ما يتوقعونه .. تلا إنهيار الشيوعية فترة قصيرة لإنتصار الغرب .. وبدلاً من أن ينعم العالم بالسلام .. إنتكس إلى قوميات وشوفينيات القرن التاسع عشر .. وما تسببه من حروب مسعورة مثل تلك التى شنها الأرثوذكس اليونانيون والصرب ضد كل من كرواتيا والبوسنة والهرسك .. والتى شنها الروس على المسلمين فى القوقاز ..

        ولم يسترح الناس أيضاً عندما تحققوا أن العالم المسمى بالمتحضر غير قادر على كبح تدمير البيئة سواء بسبب نوع الوقود أو الزيادة المتناهية فى الإستهلاك .. يُلهب الدخان والضباب فوق المدن الكبرى مخيلاتنا بيوم القيامة .. ولكن لا يمكن كبح جماح الهدونيزم .. (*)

        (*) مذهب فلسفى يقول: إن اللذة هى الخير فى الحياة وحدها: (دعنا نأكل ونشرب فإننا غداً نموت) ..

        لقد إستنزف الإنحلال قوة إرادة الغرب .. ولا تستطيع الطبيعة أو البيئة أن تحل محل الدين فى بواعثه وأهدافه ومرجعيته الشاملة .. ولا يمكن أن تمد الإنسانية بقيم تجمعها ..
        الحمد لله الذى جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى .. الإمام أحمد ..

        تعليق

        • فارس التوحيد
          2- عضو مشارك
          • 23 مار, 2011
          • 190
          • محاسب
          • مسلم

          #5
          اخى فى الله " هشام "
          جزيت خيراً على الأضافات المميزة والممتعة
          فى انتظار المزيد

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 22 أكت, 2021, 08:29 م
          ردود 0
          136 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة عادل خراط
          بواسطة عادل خراط
          ابتدأ بواسطة عبد الصمد حدوش, 25 سبت, 2019, 06:15 م
          ردود 0
          123 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة عبد الصمد حدوش
          ابتدأ بواسطة نصرة الإسلام, 17 ديس, 2015, 09:36 ص
          ردود 28
          6,104 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة فارس الميـدان
          ابتدأ بواسطة قلب ينبض بحب الله, 7 أبر, 2015, 09:03 ص
          ردود 6
          2,968 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة قلب ينبض بحب الله
          ابتدأ بواسطة اسامة النميرى, 3 يون, 2013, 10:59 ص
          ردود 39
          8,898 مشاهدات
          0 ردود الفعل
          آخر مشاركة قلب ينبض بحب الله
          يعمل...