عبر خلق شبكات علمانية ليبرالية: خطة أمريكا لسرقة الثورات العربية ومواجهة الإسلاميين!
التاريخ: 6/7/1432 الموافق 08-06-2011 |
المختصر/ قبل أن تندلع الثورات العربية وتنجح في مصر وتونس وتقوض دعائم حكم القذافي وصالح وبشار الأسد، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتبع استراتيجية أو أسلوبا بدأته منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 يقوم علي محاولة حصار القوي الإسلامية النشطة في البلدان العربية والإسلامية من جهة، وتنشيط القوي العلمانية الليبرالية ودعمها عبر وسائل مختلفة مالية وتدريبية.
ضمن هذه الخطة الأولي لمحاربة الإسلاميين جاءت خطة ما سمي (بناء شبكات مسلمة معتدلة) Building Moderate Muslim Networksالتي كشفتها مؤسسة مؤسسة "راند"RANDالبحثية التابعة للقوات الجوية الأمريكية عام 2007، التي استهدفت باختصار خلق مسلمين يوصفون بأنهم معتدلين أو صوفيين ولكن بالموصفات الأمريكية، وهي أن يمارسوا طقوس الإسلام العادية ولكن لا يؤمنون بالشريعة منهجا في حياتهم وإنما يكونوا ليبراليين وعلمانيين!
أما الجانب الأخر الأخطر فكان ما يمكن تسميته إعادة غسيل مخ الطبقة المثقفة عبر رحلات إلي أمريكا وإعانة ودعم الليبراليين منهم والمعادين للفكر الإسلامي تحديدا.
وعقب ثورة 25 يناير وظهور دور قوي للتيار الإسلامي خصوصا الإخوان والسلفيين وعودة الحديث بقوة عن الشريعة الإسلامية وحرية العمل للإسلاميين علي اختلاف أطيافهم، فضلا عن ظهور قوتهم في الشرع المصري سواء لجهة تدخل قادتهم واستعانة الجيش بهم لحل مشكلات سياسية أو طائفية، وانتهاء بدعمهم استفتاء تعديل الدستور الذي جاءت نتائجه بأغلبية 77%، زادت المخاوف الأمريكية والغربية وبدأ الشق الثاني من هذه الخطة القديمة ينشط؛ وهو دعم القوي الليبرالية العلمانية كي تكون قادرة علي منافسه الإسلاميين في الانتخابات الحرة المقبلة.
العلمانية بملعقة الديمقراطية!
من هنا بدأت تنشط الخطط الأمريكية القديمة عبر مراكز أبحاث مموله من الحكومة الأمريكية لما يسمي تدريب مصريين وتونسيين علي الديمقراطية (!) في حين أن الهدف هو إطعامهم العلمانية بملعقة الديمقراطية والسعي لخلق شبكات علمانية ليبرالية قوية قادرة علي منافسة التيارات الإسلامية في الانتخابات المقبلة والتأثير علي الشارع المصري، علما أن هذه الخطط الأمريكية – تماما مثل خطط بناء شبكات مسلمة معتدلة، لا تستثني (اليساريين) منها بل تحرص علي ضمهم لها باعتبار أن هدفهم واحد!.
من هنا مثلا، جاء إعلان "المعهد القومي الديمقراطي" National Democratic Institute، الممول من الحكومة الأمريكية مباشرة، إنه يقوم حاليا بتدريب نشطاء وسياسيين مصريين وتونسيين لمواكبة التغييرات السياسية في البلدين العربيين استعداد للانتخابات القادمة، وإنه جلب مسؤولين وسياسيين أجانب مقربين من واشنطن إلى مصر "في سلسلة من الاستشارات مع قادة سياسيين مصريين ومع نشطاء مدنيين حول التغييرات السياسية" في البلد العربي وذلك بعد سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين ابن علي.
فوفق الوثيقة التي أعدها المعهد: "رتبت الولايات المتحدة لزيارة حلفاء لها من بولندا وإندونيسيا إلى القاهرة لتعليم النشطاء وبعض السياسيين المصريين كيفية التحرك السياسي في الفترة القادمة والمتوقع فيها تنافس بين القوى الموالية للغرب وبعض الأحزاب الإسلامية والأحزاب القومية".
وذكرت الوثيقة أن زيارات أخرى قام برعايتها المعهد لمسؤولين من الصرب ومن رومانيا ومن تشيلي لتعليم النشطاء المصريين تجارب تلك الدول في التحول إلى النموذج الغربي للديمقراطية.
وقال المعهد: إن من هؤلاء السياسيين الأجانب الذين زاروا مصر للقاء الأحزاب المصرية كان منهم: وزير الدفاع البولندي وعضو جبهة التضامن البولندية الموالية لواشنطن جانوسيز اونشيكفيتز ومنهم كذلك الجنرال الإندونيسي المتقاعد اجوس ودجوجو.
والملفت أن النقاشات هنا – بحسب المعهد – تركزت على كيفية تحضير منظمات المعارضة للانتخابات في وقت سريع وكيفية تعليمهم طرق التغلب على خلافاتهم وانقساماتهم الداخلية ثم كيفية التحرك في فترة انتقالية يتم توجيهها من قبل العسكريين بدون مشاركات كبيرة من الشعب.
لماذا لم يعلنوا عن أنصارهم في مصر؟
ولأن اللعبة خبيثة، فلم تفصح الوثيقة عن أسماء الأحزاب أو النشطاء المستفيدين من التمويل الأمريكي أو توقيتات التدريب، برغم أن هؤلاء معروفين وهم من القوي الليبرالية والعلمانية المعروفة، حيث يسعي المعهد القومي الديمقراطي هنا لـتعليم هؤلاء: "تطوير مهارات واستراتيجيات للحملات الانتخابية وطرق جديدة للحملات مثل التحرك من بيت إلى بيت، ومنزل لمنزل وهي الأساليب التي كان يقاومها ويرفضها كان النشطاء المصريون في السابق (لأسباب أمنية)".
المعهد الذي مقره العاصمة الأمريكية واشنطن ويتلقي تموله من هيئة المعونة الأمريكية ووزارة الخارجية، نقل عن (سيرجيو بيتار)، وهو سياسي من دولة تشيلي، قوله إنه التقى بالقادة الشباب الذين اشتركوا في المظاهرات التي أطاحت بالرئيس مبارك علاوة على قادة لبعض الأحزاب المصرية.
اللعبة نفسها في تونس
ولأن تونس شهدت عودة قوية أيضا للتيارات الإسلامية وحركة النهضة، فقد أكد المعهد في وثيقته عن أنشطته في شمال أفريقيا أن: "المعهد القومي الديمقراطي بدأ في جولة ثانية من الأبحاث ليدرس ما هي رؤية التونسيين للأحزاب السياسية، وما هي أكثر القضايا التي تقلق المواطنين هناك"، وقال أن المعهد سيقوم بإطلاع الأحزاب على نتائج أبحاثه لمساعدتهم في كتابة سياستهم واستراتيجيات الحملات لمواجهة احتياجات التونسيين"، حيث تستعد تونس لأول انتخابات ديمقراطية لها لأكثر من 20 عاما حدد موعدها في 24 يوليو المقبل، وقال المعهد إنه جلب سياسيين من دول مثل بلغاريا والمجر والبرتعال للتشاور مع الأحزاب التونسية قبيل الانتخابات.
هل ينجح الليبراليون الأمريكان؟!
لا خلاف علي أن هذه الخطة الأمريكية المتعلقة بما يسمي دعم الديمقراطية في العالم العربي ودعم قوي ليبرالية بعينها، فشلت من قبل لأسباب عديدة منها التضييق عليها من قبل الحكومات الديكتاتورية، والأهم لكشف القوي السياسية المصرية لها وعدم الانخراط في أنشطتها سوي من قبل نخبة شبابية وسياسية علمانية لا أرضية شعبية لها في مصر.
وبرغم انهيار القيود الأمريكية وانطلاق هذه الخطط الأمريكية والأوروبية في محاولة التأثير علي الساحة الداخلية لتقوية أنصارهم من العلمانيين والليبراليين، إلا أن العقبة الكبري لا تزال هي الرفض الشعبي الغالب لهؤلاء العلمانيين وتدين الشعب المصري عموما وقناعته بالشريعة.
وقد ظهر أول اختبار لهذه القوي فيما سمي جمعة الغضب الثانية التي لم يشارك فيها سوي قرابة 100 إلي 250 ألفا، وهو ما اعتبرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية : (أن الثورة الثانية أو ما عرف بـ"جمعة الغضب الثانية"، فى مصر، هي دليل جديد على فشل الليبراليين في تنظيم أنفسهم في مرحلة ما بعد الثورة والتوحد بقوة سياسية تكون قادرة على مواجهة جماعة الإخوان المسلمين).
أما أكثر ما يدفع هؤلاء للفشل فهو إدارك الشعب المصري والعربي جيدا أن أمريكا عدو حقيقي لهم لأنها تدعم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتعرقل كل الخطط العربية للتقدم، فـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" أحد مراكز الأبحاث الأمريكية التابعة للوبي الصهيوني الأمريكي مثلا والمرتبط بقوة بـ"مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب" سعي لوضع دراسات أخري عن الثورات العربية ظهر منها أن الهدف هو فقط مصالح إسرائيل.
والدراسة الأخيرة التي صدرت عن هذا المعهد (نشرة المجهر السياسي رقم 110 بتاريخ 14 أبريل 2011) وتتحدث عن التحديات التي تجابه مصر والعالم بعد ثورة 25 يناير وكتبها (ديفيد شينكر) كانت تركز علي التغير المرتقب في السياسة الخارجية المصرية تجاه أمريكا وإسرائيل واتباع "سياسة خارجية تعكس نزعة شعبوية" (أي مناهضة للغرب)
ولاحظ هنا أن هدف أي دراسة لهذا المعهد وأي جهة أمريكية أو أوروبية بها نفوذ للوبي الصهيوني تركز علي مصالح إسرائيل وهل تتضرر؟ وكيف نعالج هذا الضرر، دون أن تتحدث عن الأصول الديمقراطية والحريات وحق الاختيار التي ينادي بها الغرب لنفسه فقط !
فدراسة (شينكر) – الذي شغل سابقاً منصب كبير المساعدين للشؤون السياسية في وزارة الدفاع الأمريكية المختص بدول المشرق العربي - والمقدمة أيضا للإدارة والكونجرس تركز علي مزاعم دعم القوي الليبرالية العلمانية في مواجهة الإسلاميين خصوصا جماعة (الإسلام هو الحل)، وكذا استمرار الروابط مع الجيش المصري عبر المعونة الأمريكية كنوع من استمرار النفوذ الأمريكي في القوة المؤثرة في مصر.
وتؤكد أنه: (ينبغي على واشنطن أن تساعد القاهرة على قيام حكومة جديدة بقيادة الليبراليين، والاستثمار بقوة وبسرعة في نجاحها خشية من أن يقوم الإسلاميون - سواء من جماعة «الإخوان المسلمين» أو "حزب الوسط" أو الناشط عمرو خالد - باستغلال فشلها).
كما تدعو هذه الدراسة واشنطن لتكثيف دعمها لمنظمات ليبرالية مصرية تدعم الديمقراطية عبر تقديم التمويل لـ "المعهد الديمقراطي الوطني" و"المعهد الجمهوري الدولي"، وكذلك "المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية" - وجميعها أمريكية - للعمل مع المنظمات المصرية غير الحكومية (الليبرالية) أثناء هذه الفترة المعقدة المقبلةً.
وتدعو الدراسة أيضا إدارة أوباما لدعم (ديمقراطية ليبرالية) وأن توضح هذه الإدارة علنا أن الولايات المتحدة لا تريد (إسلاميين غير ليبراليين) في السلطة، وأنها تسعى بدلاً من ذلك إلى تعزيز الديمقراطية والليبراليين الديمقراطيين !!.
لا يمكن أن نصف ما تفعله أمريكا وأوروبا مما يسمونه دعم المصريين والتونسيين وتعليمهم الديمقراطية سوي أنه محاولة لسرقة الثورات العربية وتوجيهها لصالح أنصارها ومتلقني أفكارها الليبرالية العلمانية، وإبعاد الاسلاميين ومنع تحول مصر إلي دولة إسلامية حقيقية، فالغرب لم يعاد علي إنفاق دولار واحد إلا لمصالح محددة وأهداف معينة تعود عليه بمنافع أكبر، وهو يخشي أن تضيع الثورات العربية نفوذه في المنطقة وتهدد أمن تل أبيب، لهذا ينفقون أموالهم لحرف الثورة عن وجهتها تارة أو دعم ركوب العلمانيين والليبراليين لها.
المصدر: علامات
التاريخ: 6/7/1432 الموافق 08-06-2011 |
المختصر/ قبل أن تندلع الثورات العربية وتنجح في مصر وتونس وتقوض دعائم حكم القذافي وصالح وبشار الأسد، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتبع استراتيجية أو أسلوبا بدأته منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 يقوم علي محاولة حصار القوي الإسلامية النشطة في البلدان العربية والإسلامية من جهة، وتنشيط القوي العلمانية الليبرالية ودعمها عبر وسائل مختلفة مالية وتدريبية.
ضمن هذه الخطة الأولي لمحاربة الإسلاميين جاءت خطة ما سمي (بناء شبكات مسلمة معتدلة) Building Moderate Muslim Networksالتي كشفتها مؤسسة مؤسسة "راند"RANDالبحثية التابعة للقوات الجوية الأمريكية عام 2007، التي استهدفت باختصار خلق مسلمين يوصفون بأنهم معتدلين أو صوفيين ولكن بالموصفات الأمريكية، وهي أن يمارسوا طقوس الإسلام العادية ولكن لا يؤمنون بالشريعة منهجا في حياتهم وإنما يكونوا ليبراليين وعلمانيين!
أما الجانب الأخر الأخطر فكان ما يمكن تسميته إعادة غسيل مخ الطبقة المثقفة عبر رحلات إلي أمريكا وإعانة ودعم الليبراليين منهم والمعادين للفكر الإسلامي تحديدا.
وعقب ثورة 25 يناير وظهور دور قوي للتيار الإسلامي خصوصا الإخوان والسلفيين وعودة الحديث بقوة عن الشريعة الإسلامية وحرية العمل للإسلاميين علي اختلاف أطيافهم، فضلا عن ظهور قوتهم في الشرع المصري سواء لجهة تدخل قادتهم واستعانة الجيش بهم لحل مشكلات سياسية أو طائفية، وانتهاء بدعمهم استفتاء تعديل الدستور الذي جاءت نتائجه بأغلبية 77%، زادت المخاوف الأمريكية والغربية وبدأ الشق الثاني من هذه الخطة القديمة ينشط؛ وهو دعم القوي الليبرالية العلمانية كي تكون قادرة علي منافسه الإسلاميين في الانتخابات الحرة المقبلة.
العلمانية بملعقة الديمقراطية!
من هنا بدأت تنشط الخطط الأمريكية القديمة عبر مراكز أبحاث مموله من الحكومة الأمريكية لما يسمي تدريب مصريين وتونسيين علي الديمقراطية (!) في حين أن الهدف هو إطعامهم العلمانية بملعقة الديمقراطية والسعي لخلق شبكات علمانية ليبرالية قوية قادرة علي منافسة التيارات الإسلامية في الانتخابات المقبلة والتأثير علي الشارع المصري، علما أن هذه الخطط الأمريكية – تماما مثل خطط بناء شبكات مسلمة معتدلة، لا تستثني (اليساريين) منها بل تحرص علي ضمهم لها باعتبار أن هدفهم واحد!.
من هنا مثلا، جاء إعلان "المعهد القومي الديمقراطي" National Democratic Institute، الممول من الحكومة الأمريكية مباشرة، إنه يقوم حاليا بتدريب نشطاء وسياسيين مصريين وتونسيين لمواكبة التغييرات السياسية في البلدين العربيين استعداد للانتخابات القادمة، وإنه جلب مسؤولين وسياسيين أجانب مقربين من واشنطن إلى مصر "في سلسلة من الاستشارات مع قادة سياسيين مصريين ومع نشطاء مدنيين حول التغييرات السياسية" في البلد العربي وذلك بعد سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين ابن علي.
فوفق الوثيقة التي أعدها المعهد: "رتبت الولايات المتحدة لزيارة حلفاء لها من بولندا وإندونيسيا إلى القاهرة لتعليم النشطاء وبعض السياسيين المصريين كيفية التحرك السياسي في الفترة القادمة والمتوقع فيها تنافس بين القوى الموالية للغرب وبعض الأحزاب الإسلامية والأحزاب القومية".
وذكرت الوثيقة أن زيارات أخرى قام برعايتها المعهد لمسؤولين من الصرب ومن رومانيا ومن تشيلي لتعليم النشطاء المصريين تجارب تلك الدول في التحول إلى النموذج الغربي للديمقراطية.
وقال المعهد: إن من هؤلاء السياسيين الأجانب الذين زاروا مصر للقاء الأحزاب المصرية كان منهم: وزير الدفاع البولندي وعضو جبهة التضامن البولندية الموالية لواشنطن جانوسيز اونشيكفيتز ومنهم كذلك الجنرال الإندونيسي المتقاعد اجوس ودجوجو.
والملفت أن النقاشات هنا – بحسب المعهد – تركزت على كيفية تحضير منظمات المعارضة للانتخابات في وقت سريع وكيفية تعليمهم طرق التغلب على خلافاتهم وانقساماتهم الداخلية ثم كيفية التحرك في فترة انتقالية يتم توجيهها من قبل العسكريين بدون مشاركات كبيرة من الشعب.
لماذا لم يعلنوا عن أنصارهم في مصر؟
ولأن اللعبة خبيثة، فلم تفصح الوثيقة عن أسماء الأحزاب أو النشطاء المستفيدين من التمويل الأمريكي أو توقيتات التدريب، برغم أن هؤلاء معروفين وهم من القوي الليبرالية والعلمانية المعروفة، حيث يسعي المعهد القومي الديمقراطي هنا لـتعليم هؤلاء: "تطوير مهارات واستراتيجيات للحملات الانتخابية وطرق جديدة للحملات مثل التحرك من بيت إلى بيت، ومنزل لمنزل وهي الأساليب التي كان يقاومها ويرفضها كان النشطاء المصريون في السابق (لأسباب أمنية)".
المعهد الذي مقره العاصمة الأمريكية واشنطن ويتلقي تموله من هيئة المعونة الأمريكية ووزارة الخارجية، نقل عن (سيرجيو بيتار)، وهو سياسي من دولة تشيلي، قوله إنه التقى بالقادة الشباب الذين اشتركوا في المظاهرات التي أطاحت بالرئيس مبارك علاوة على قادة لبعض الأحزاب المصرية.
اللعبة نفسها في تونس
ولأن تونس شهدت عودة قوية أيضا للتيارات الإسلامية وحركة النهضة، فقد أكد المعهد في وثيقته عن أنشطته في شمال أفريقيا أن: "المعهد القومي الديمقراطي بدأ في جولة ثانية من الأبحاث ليدرس ما هي رؤية التونسيين للأحزاب السياسية، وما هي أكثر القضايا التي تقلق المواطنين هناك"، وقال أن المعهد سيقوم بإطلاع الأحزاب على نتائج أبحاثه لمساعدتهم في كتابة سياستهم واستراتيجيات الحملات لمواجهة احتياجات التونسيين"، حيث تستعد تونس لأول انتخابات ديمقراطية لها لأكثر من 20 عاما حدد موعدها في 24 يوليو المقبل، وقال المعهد إنه جلب سياسيين من دول مثل بلغاريا والمجر والبرتعال للتشاور مع الأحزاب التونسية قبيل الانتخابات.
هل ينجح الليبراليون الأمريكان؟!
لا خلاف علي أن هذه الخطة الأمريكية المتعلقة بما يسمي دعم الديمقراطية في العالم العربي ودعم قوي ليبرالية بعينها، فشلت من قبل لأسباب عديدة منها التضييق عليها من قبل الحكومات الديكتاتورية، والأهم لكشف القوي السياسية المصرية لها وعدم الانخراط في أنشطتها سوي من قبل نخبة شبابية وسياسية علمانية لا أرضية شعبية لها في مصر.
وبرغم انهيار القيود الأمريكية وانطلاق هذه الخطط الأمريكية والأوروبية في محاولة التأثير علي الساحة الداخلية لتقوية أنصارهم من العلمانيين والليبراليين، إلا أن العقبة الكبري لا تزال هي الرفض الشعبي الغالب لهؤلاء العلمانيين وتدين الشعب المصري عموما وقناعته بالشريعة.
وقد ظهر أول اختبار لهذه القوي فيما سمي جمعة الغضب الثانية التي لم يشارك فيها سوي قرابة 100 إلي 250 ألفا، وهو ما اعتبرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية : (أن الثورة الثانية أو ما عرف بـ"جمعة الغضب الثانية"، فى مصر، هي دليل جديد على فشل الليبراليين في تنظيم أنفسهم في مرحلة ما بعد الثورة والتوحد بقوة سياسية تكون قادرة على مواجهة جماعة الإخوان المسلمين).
أما أكثر ما يدفع هؤلاء للفشل فهو إدارك الشعب المصري والعربي جيدا أن أمريكا عدو حقيقي لهم لأنها تدعم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتعرقل كل الخطط العربية للتقدم، فـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" أحد مراكز الأبحاث الأمريكية التابعة للوبي الصهيوني الأمريكي مثلا والمرتبط بقوة بـ"مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب" سعي لوضع دراسات أخري عن الثورات العربية ظهر منها أن الهدف هو فقط مصالح إسرائيل.
والدراسة الأخيرة التي صدرت عن هذا المعهد (نشرة المجهر السياسي رقم 110 بتاريخ 14 أبريل 2011) وتتحدث عن التحديات التي تجابه مصر والعالم بعد ثورة 25 يناير وكتبها (ديفيد شينكر) كانت تركز علي التغير المرتقب في السياسة الخارجية المصرية تجاه أمريكا وإسرائيل واتباع "سياسة خارجية تعكس نزعة شعبوية" (أي مناهضة للغرب)
ولاحظ هنا أن هدف أي دراسة لهذا المعهد وأي جهة أمريكية أو أوروبية بها نفوذ للوبي الصهيوني تركز علي مصالح إسرائيل وهل تتضرر؟ وكيف نعالج هذا الضرر، دون أن تتحدث عن الأصول الديمقراطية والحريات وحق الاختيار التي ينادي بها الغرب لنفسه فقط !
فدراسة (شينكر) – الذي شغل سابقاً منصب كبير المساعدين للشؤون السياسية في وزارة الدفاع الأمريكية المختص بدول المشرق العربي - والمقدمة أيضا للإدارة والكونجرس تركز علي مزاعم دعم القوي الليبرالية العلمانية في مواجهة الإسلاميين خصوصا جماعة (الإسلام هو الحل)، وكذا استمرار الروابط مع الجيش المصري عبر المعونة الأمريكية كنوع من استمرار النفوذ الأمريكي في القوة المؤثرة في مصر.
وتؤكد أنه: (ينبغي على واشنطن أن تساعد القاهرة على قيام حكومة جديدة بقيادة الليبراليين، والاستثمار بقوة وبسرعة في نجاحها خشية من أن يقوم الإسلاميون - سواء من جماعة «الإخوان المسلمين» أو "حزب الوسط" أو الناشط عمرو خالد - باستغلال فشلها).
كما تدعو هذه الدراسة واشنطن لتكثيف دعمها لمنظمات ليبرالية مصرية تدعم الديمقراطية عبر تقديم التمويل لـ "المعهد الديمقراطي الوطني" و"المعهد الجمهوري الدولي"، وكذلك "المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية" - وجميعها أمريكية - للعمل مع المنظمات المصرية غير الحكومية (الليبرالية) أثناء هذه الفترة المعقدة المقبلةً.
وتدعو الدراسة أيضا إدارة أوباما لدعم (ديمقراطية ليبرالية) وأن توضح هذه الإدارة علنا أن الولايات المتحدة لا تريد (إسلاميين غير ليبراليين) في السلطة، وأنها تسعى بدلاً من ذلك إلى تعزيز الديمقراطية والليبراليين الديمقراطيين !!.
لا يمكن أن نصف ما تفعله أمريكا وأوروبا مما يسمونه دعم المصريين والتونسيين وتعليمهم الديمقراطية سوي أنه محاولة لسرقة الثورات العربية وتوجيهها لصالح أنصارها ومتلقني أفكارها الليبرالية العلمانية، وإبعاد الاسلاميين ومنع تحول مصر إلي دولة إسلامية حقيقية، فالغرب لم يعاد علي إنفاق دولار واحد إلا لمصالح محددة وأهداف معينة تعود عليه بمنافع أكبر، وهو يخشي أن تضيع الثورات العربية نفوذه في المنطقة وتهدد أمن تل أبيب، لهذا ينفقون أموالهم لحرف الثورة عن وجهتها تارة أو دعم ركوب العلمانيين والليبراليين لها.
المصدر: علامات
تعليق