أحبائي فى الله
السلام عليكم
سوف أتحدث هنا عن النجاح الدعوي ولن يكون الحديث عن التأصيل الشرعي لأهمية الدعوة ووجوبها وإنما هي قوا عد تنير درب الداعية في كسب قلوب الناس وتجعل لديه قوة في التأثير فيهم ليبلغ أثره أرجاء المعمورة وينقش على جدار الحياة أثره الدعوي ويرى بصمته يبلغ مداها الآفاق بإذن الله تعالى.
أقوى ثلاثة أسهم لاختراق قلوب المدعوين:
السهم الأول:
الحب وأعني بالحب العلاقة الوجدانية التي تكون متجهة من قلب وروح الداعية إلى قلب المدعو مهما كان حاله بحيث يكون حبا بلا حدود وبلا شروط وخالٍ من القيود بحيث لا يكون الحب لمن يستجيب وينقاد ويحرم هذا الحب لمن يخالف ويعارض وهذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم الحب لكل الناس حتى من كان يُعاديه ويُخالفه ومع هذا شعاره الحب لهم ولأجلهم فهو يخشى عليهم ولوج النار والتلطخ بقذارة الشرح والآثام ويسعى إن يُلبسهم ثياب النقاء والصفاء والطهر والعفاف حتى كان إن يُهلك نفسه صلى الله عليه وسلم من أجل هدايتهم والتضحية من أجل إنقاذهم
وتأمل معي قول الله تعالى يصف حاله { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً}
الحب الحقيقي هو ان تواجه الأعداء بالحب الصادق الذي ينبع من داخلك كداعية يعمل لأجل الله. والحب من صفات الكريم تبارك وتعالى فالله يحب جل وعلا حبا يليق بعظمته وجلاله سبحانه وتعالى ففي القرآن الكريم قول الحق { يأتي الله بقوم يحبهم ويُحبونه} وبينا كان يحبه قومه وصحابته وأهل بيته جميعاً فقد قال لمعاذ رضي الله عنه : ( والله إني أحبك يامعاذ ) وأمر أحد الصحابة رضي الله عنهم بأن يُخبر الشخص الذي أحبه بأن يخبره بحبه إياه وإذا كان شعار الداعية الحب لمن حوله فسوف تكون دعوته مؤثرة شعر بذلك أو لم يشعر.
فإذا أردت أخي وأختي الداعية النجاح في حياتك الدعوية فالله الله في الحب الحقيقي لكل أحد ولا يعني أن تحب الإنسان وفعله فالمهم أ تحب من تريد دعوته وعندها سترى ثمرة هذا الحب الذي يشع من جوانحك فيطير ليصل لكل أحد دون اختيارك أو اختياره.
السهم الثاني:
الوفاء وداعية لا يعرف الوفاء يحتاج أن يتنحى عن الطريق ويفسح لغيره فلا مكان في هذا الزمن لغير الأوفياء والوفاء خلق رفيع بل وعظيم لا يتحلى به إلا الأقوياء العظماء رجالا ونساء
فالوفاء يمنع الإنسان من الغدر والخيانة ويعوده على الصبر والفضيلة ويُكسبه ثقة الناس ويرفع قدره بينهم وإذا شعر المدعو بأن الداعية وفياً لدعوته حريصاً على المدعوين وفياً لهم فهذا يجعل المسافة تقصر بينهم والحواجز تتهدم والجسور تتواصل وعندها سوف ترى وتشعر بالأثر الذي يحيا به الأوفياء
ولهذا يقول أبي تمام:
إذا جاريت في خلق دنيــئاً فأنت ومن تجاريه سواءُ رأيت الحر يجتنب المخازي ويحميه عن الغدر الوفاء لقد جربت هذا الـدهر حتى أفادتني التجارب والعناء فلا والله ما في العيش خيرٌ ولا الدنيا إذا ذهب الوفاء
والداعية الذي يترسم خُلق الأوفياء في دعوته مع مدعويه يلمس عمق التواصل بينه وبينهم ويرى أثر هذه الصفة فهو لا يتخلى عنهم لأقل سبب أو ينسى محاسنهم عند حدوث زلل سواء كان بعمد أو دون عمد فهو يحفظ الود ويراعى وقت الجد ويُحسن في الآخرين القصد فيلتمس لهم الأعذار ويوجههم دون جرحهم ويأخذ على أيديهم برفقٍ ولين وبحزمٍ دون ضعف وهذه الأمور لا يتمكن منها إلا الأوفياء.
السهم الثالث:
الالتزام يقول زيج زيجلار: يفشل الناس أحياناً, وليس ذلك بسبب نقص القدرات, ولكن بسبب نقص في الالتزام. وهنا أعني بالالتزام هو دوام الاستمرار لبلوغ الهدف مهما كانت الظروف خاصة أو عامة فعلى قدر التزام الداعية بدعوته يكون الأثر على الآخرين ولهذا كان التوجيه الرباني للمصطفى عليه الصلاة والسلام قوله { يا أيها المدثر قم فأنذر } وقوله تعالى { فاستقم كما أُمرت}
ومن هذا نستخلص أن الالتزام هو القوة التي تدفعنا لنستمر حتى بالرغم من الظروف الصعبة, وهو القوة الدافعة التي تقودنا لإنجاز أعمالا عظيمة.
ولهذا يقول الدكتور روبرت شولر في كتابه قوة الأفكار:
أبذل قصارى جهدك وابدأ صغيرا ولكن فكر على مستوى كبير , عليك باجتياز العواقب , واستثمر كل ما عندك , وكن دائماً مسعدا للتصرف , وتوقع العقبات ولكن لا تسمح لها بمنعك من التقدم.
وذكر الدكتور إبراهيم الفقي في كتابه مفاتيح النجاح مثلا قديماً وهو:
الناجحون لا يتراجعون والمتراجعون لا ينجحون.
وكان محمد ابن المنكدر وهو من التابعين رضي الله عنهم يقول جاهدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت والمعنى أن حياته كلها التزام بمدأ قطعه على نفسه وهو المجاهدة ,
ولما ورد عن أحد السلف قوله جاهدت نفسي على قيام الليل سنة ثم تلذذت بعدها عشرين سنة. 7
ثمار إيجابية لهذه الأسهم أخي وأختي الداعية إذا طبقت هذه القواعد فسوف يكون لها ثمار إيجابية على دعوتك إلى الله وستشعر بثمارها اليانعة وتستظل بأوراقها الوارفة
واليك بعض هذه الثمار لتكون عونا لك بإذن الله على نجاحك الدعوى:
1- كسب قلوب الآخرين والتأثير فيهم إيجابياً.
2- دوام التواصل بين الداعية والمدعو واستمرارية العلاقة بينهما.
3- حب المدعو للداعية وسرعة الاستجابة لتوجيهاته.
4- الثبات على المبدأ الذي يسير به الداعية مهما تكالبت عليه الصعاب.
5- التخلي عن رغبات النفس والتي تتنازع مع دعوة الداعية وتؤثر عليها.
6- التحلي بروح عالية ونفسية ذات همة قوية تقود للفعالية في الناس.
7- خلق جو عالي من الألفة والتوافق بين الأطراف الدعوية.
تعليق