بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أنواع التوسل غير المشروع :
و هى على ثلاث مراتب .
أحدها : أن يدعو غير الله أو يستغيث به أو يطلب منه المدد و هو ميت او غائب سواء كان من الانبياء و
الصالحين ام من الملائكة ام من الجن ام من غيرهم كأن يقول يا سيدى فلان أغثنى او اقض حاجتى او ارحمنى او اشف
مريضى و انا
استجيرك و أهلك عدوي و نحو هذا فهذا شرك اكبر مخرج من الملة و ان سماه صاحبه توسلا فهو توسل شركى من جنس
توسل المشركين بعبادة غير الله قائلين : ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى
الثانية : ان يقول للميت و الغائب : ادع الله لى او اسأل الله لى او اشفع لى فى كذا فهذا لا خلاف بين السلف انه
غير جائز
و انه من البدع التي لم يقل بها احد من علماء الامة و هو من ذرائع الشرك - فهو من الشرك الاصغر - و الفرق بينه و بين
الذي قبله واضح إذ الاول ( دعاء غير الله ) و الثاني ( مخاطبة الميت بما لم يرد في الكتاب و السنة ) . لكنه لم يدعه و لم
يسأله قضاء الحاجات و تفريج الكربات فلم يصرف له العبادة و لكنه ذريعة للغلو و بدعة ضلالة كما ذكرنا .
الثالثة :ان يقول في دعائه ( لله ) عز و جل أسألك يارب بفلان ( يقصد بذات فلان ) او بحقه او بجاهه او نحو
ذلك
فالمنقول عن ابي حنيفة و ابي يوسف النهي عنه و ليس هذا مشهورا عن الصحابة بل عدلوا عنه الى التوسل بدعاء العباس
و تركهم لهذا النوع و الذي قبله مع وجود المقتضي له و انتفاء الموانع منه و استحضارهم له يدل على انهم تركوه تعبدا لله
ففعله بدعة و لا يصح عن احد من الصحابة خلافه - و ان روى ذلك لكنه لا يصح - و هذا النوع الاخير فيه خلاف بين اهل
العلم ، قد نقل عن بعض المتقدمين فعله ( كما فى حديث العتبى المشهورة و قد ذكر ابن قدامه فى المغني في زيارة قبر النبي
صلى الله عليه و سلم نحو ذلك و رجح الشوكاني مشروعيته و قصره العز بن عبد السلام على النبي - ان صح حديث الاعمى
و هو صحيح كما سيأتي - ) لكن الصحيح ماذهب اليه ابو حنيفة و ابو يوسف و رجحه شيخ الاسلام ابن تيمية و غيرهم ،
رحمهم الله اجمعين و ذلك للدلالة التي ذكرت من خلو السنة الصحيحة منه و ترك كبار الصحابة له و الله اعلم .
مما سبق يتضح :
1 - خطأ إطلاق بعض الافاضل ( مثل الشيخ حسن البنا رحمه الله في الاصول العشرين ) القول بأن التوسل الى الله بأحد
من خلقه ليس من ( مسائل العقيدة ) بل هو ( خلاف فرعي ) في كيفية الدعاء ، إذ من انواع التوسل غير المشروع ماهو
شرك اكبر كما سبق و منه ما هو شرك اصغر و من يفعلهما يحتج بأنه توسل و يقول الخلاف في ذلك فرعي ، و لكن تصح
هذه العبارة على النوع الثالث فقط مع بيان ان الراجح المنع منه كما سبق بيانه .
2 - يتضح أيضا مما سبق ان إطلاق البعض ان التوسل بالمخلوقين شرك كله و قد يجاوز البعض فيجعله شرك اكبر خطأ
واضح ، إذ التوسل الى الله بالعمل الصالح - و هو مخلوق - و بدعاء الصالحين الاحياء - و هو ايضا مخلوق - جائز
مشروع .
و التوسل الى الله بالحق و الجاه بدعة فقط مع اثبات الخلاف فيه
و طلب الدعاء من الاموات ( من غير دعائهم ) شرك اصغر
فلا يصح الإطلاق.
3 - اذا اعتقد الذي يقول ( اسألك بجاه النبي ) ان يعني الجاه هو ان النبي صلى الله عليه و سلم يدبر الامر و يملك الضر و
النفع فهذا الاعتقاد شرك في الربوبية و ليس في صيغة الدعاء ، فهو من الشرك العلمي الخبري الاعتقادي .
ملحوظة :
توضيحات على حديث الأعمى :
رواه الترمذي و قال حسن صحيح و النسائي و ابن ماجة و ابن خزيمة في صحيحه و الحاكم و قال على شرط البخاري و
مسلم عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه ان اعمى اتى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال يا رسول الله ادع الله أن يكشف
لى عن بصري ، قال " أو أَدَعُكْ " و في رواية " أو تصبر " قال يا رسول الله إنه قد شق عليّ ذهاب بصري ، و في
رواية : بل ادعه ، قال " فانطلق فتوضأ ثم صلِ ركعتين ثم قل اللهم أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه و سلم
نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي أن يكشف لي عن بصري ، اللهم شفعه فيّ و شفعني فيه " هو مثل قول عمر (
نتوسل اليك بنبيك ) اي بدعائه و يدل على هذا المعنى قوله في الحديث " اللهم شفعه فى" و معناه اقبل شفاعته اى دعائه فيّ
.
و اصرح من ذلك : قوله " و شفعني فيه " اي اقبل دعائي في ان تكون دعوته لي مستجابة . و لهذا صح ان يعبر عن ذلك
بقوله ( شفعني في نفسي ) و هذا كله صحيح في وجود الدعاء منه عليه الصلاة و السلام كما وعده في رواية " و إن شئت
دعوت الله لك " قال بل ادعه ، فلا يصح حمل الحديث على التوسل بذاته الكريمة فيصح - من اجل ذلك - بعد وفاته .. كلا
و اما الزيادة التي رواها الطبراني في الحديث في قصة رجل له حاجة عند عثمان بن عفان رضى الله عنه في خلافته فعلمه
عثمان بن حنيف هذا الدعاء فهي زيادة ضعيفة ، ضعفها شيخ الاسلام ابن تيمية و محدث ديار الشام الشيخ ناصر الدين الالباني
رحمهما الله .
و على تقدير صحتها يكون هذا إجتهادا من عثمان بن حنيف خالفه فيه من هو أفقه منه : عمر بن الخطاب و من معه من
أكابر الصحابة و إذا اختلفت اقوال الصحابة كان الاحتجاج بما خالف السنة منها مردودا ، و من أدلة مخالفة السنة هنا أنه لم
يعلمه الدعاء على صورته التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بل حذف منه " اللهم شفعه فيّ و شفعني فيه " لأنه لم
يكن منه دعاء صلى الله عليه و سلم .
و الخلاصة :
ان حديث الاعمى صحيح يدل عليه مشروعية التوجه بدعاء النبي صلى الله عليه و سلم و الراجح عدم الخصوصية في ذلك
بل يصح التوجه بدعاء غيره اذا علم دعائه كما قال عمر ( نتوسل اليك بعم نبيك ) و قام العباس و دعا ، فصورة هذا النوع
اذن ان يطلب الانسان الدعاء من المسلم الذي يرجى صلاحه ثم يتوضأ و يصلي ركعتين ثم يقول إنى اتوجه اليك بفلان - يعني
دعائه - في قضاء حاجتى اللهم شفعه فيّ و شفعنى فيه . فلا بأس من ذلك و ان قال اللهم اتوسل اليك بنبيك يعنى بحبى لنبيك
و اتباعي لنبيك و تصديقى به فلا بأس إذ هذا عمل صالح يتوسل به ، و مرد الصحة هنا للنية و القصد و عليه يحمل ما رواه
المروزي عن الامام احمد في دعاء له فيه توسل بالنبي صلى الله عليه و سلم .
تحياتي و شكرا لكم و السلام عليكم
السلام عليكم
أنواع التوسل غير المشروع :
و هى على ثلاث مراتب .
أحدها : أن يدعو غير الله أو يستغيث به أو يطلب منه المدد و هو ميت او غائب سواء كان من الانبياء و
الصالحين ام من الملائكة ام من الجن ام من غيرهم كأن يقول يا سيدى فلان أغثنى او اقض حاجتى او ارحمنى او اشف
مريضى و انا
استجيرك و أهلك عدوي و نحو هذا فهذا شرك اكبر مخرج من الملة و ان سماه صاحبه توسلا فهو توسل شركى من جنس
توسل المشركين بعبادة غير الله قائلين : ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى
الثانية : ان يقول للميت و الغائب : ادع الله لى او اسأل الله لى او اشفع لى فى كذا فهذا لا خلاف بين السلف انه
غير جائز
و انه من البدع التي لم يقل بها احد من علماء الامة و هو من ذرائع الشرك - فهو من الشرك الاصغر - و الفرق بينه و بين
الذي قبله واضح إذ الاول ( دعاء غير الله ) و الثاني ( مخاطبة الميت بما لم يرد في الكتاب و السنة ) . لكنه لم يدعه و لم
يسأله قضاء الحاجات و تفريج الكربات فلم يصرف له العبادة و لكنه ذريعة للغلو و بدعة ضلالة كما ذكرنا .
الثالثة :ان يقول في دعائه ( لله ) عز و جل أسألك يارب بفلان ( يقصد بذات فلان ) او بحقه او بجاهه او نحو
ذلك
فالمنقول عن ابي حنيفة و ابي يوسف النهي عنه و ليس هذا مشهورا عن الصحابة بل عدلوا عنه الى التوسل بدعاء العباس
و تركهم لهذا النوع و الذي قبله مع وجود المقتضي له و انتفاء الموانع منه و استحضارهم له يدل على انهم تركوه تعبدا لله
ففعله بدعة و لا يصح عن احد من الصحابة خلافه - و ان روى ذلك لكنه لا يصح - و هذا النوع الاخير فيه خلاف بين اهل
العلم ، قد نقل عن بعض المتقدمين فعله ( كما فى حديث العتبى المشهورة و قد ذكر ابن قدامه فى المغني في زيارة قبر النبي
صلى الله عليه و سلم نحو ذلك و رجح الشوكاني مشروعيته و قصره العز بن عبد السلام على النبي - ان صح حديث الاعمى
و هو صحيح كما سيأتي - ) لكن الصحيح ماذهب اليه ابو حنيفة و ابو يوسف و رجحه شيخ الاسلام ابن تيمية و غيرهم ،
رحمهم الله اجمعين و ذلك للدلالة التي ذكرت من خلو السنة الصحيحة منه و ترك كبار الصحابة له و الله اعلم .
مما سبق يتضح :
1 - خطأ إطلاق بعض الافاضل ( مثل الشيخ حسن البنا رحمه الله في الاصول العشرين ) القول بأن التوسل الى الله بأحد
من خلقه ليس من ( مسائل العقيدة ) بل هو ( خلاف فرعي ) في كيفية الدعاء ، إذ من انواع التوسل غير المشروع ماهو
شرك اكبر كما سبق و منه ما هو شرك اصغر و من يفعلهما يحتج بأنه توسل و يقول الخلاف في ذلك فرعي ، و لكن تصح
هذه العبارة على النوع الثالث فقط مع بيان ان الراجح المنع منه كما سبق بيانه .
2 - يتضح أيضا مما سبق ان إطلاق البعض ان التوسل بالمخلوقين شرك كله و قد يجاوز البعض فيجعله شرك اكبر خطأ
واضح ، إذ التوسل الى الله بالعمل الصالح - و هو مخلوق - و بدعاء الصالحين الاحياء - و هو ايضا مخلوق - جائز
مشروع .
و التوسل الى الله بالحق و الجاه بدعة فقط مع اثبات الخلاف فيه
و طلب الدعاء من الاموات ( من غير دعائهم ) شرك اصغر
فلا يصح الإطلاق.
3 - اذا اعتقد الذي يقول ( اسألك بجاه النبي ) ان يعني الجاه هو ان النبي صلى الله عليه و سلم يدبر الامر و يملك الضر و
النفع فهذا الاعتقاد شرك في الربوبية و ليس في صيغة الدعاء ، فهو من الشرك العلمي الخبري الاعتقادي .
ملحوظة :
توضيحات على حديث الأعمى :
رواه الترمذي و قال حسن صحيح و النسائي و ابن ماجة و ابن خزيمة في صحيحه و الحاكم و قال على شرط البخاري و
مسلم عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه ان اعمى اتى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال يا رسول الله ادع الله أن يكشف
لى عن بصري ، قال " أو أَدَعُكْ " و في رواية " أو تصبر " قال يا رسول الله إنه قد شق عليّ ذهاب بصري ، و في
رواية : بل ادعه ، قال " فانطلق فتوضأ ثم صلِ ركعتين ثم قل اللهم أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه و سلم
نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي أن يكشف لي عن بصري ، اللهم شفعه فيّ و شفعني فيه " هو مثل قول عمر (
نتوسل اليك بنبيك ) اي بدعائه و يدل على هذا المعنى قوله في الحديث " اللهم شفعه فى" و معناه اقبل شفاعته اى دعائه فيّ
.
و اصرح من ذلك : قوله " و شفعني فيه " اي اقبل دعائي في ان تكون دعوته لي مستجابة . و لهذا صح ان يعبر عن ذلك
بقوله ( شفعني في نفسي ) و هذا كله صحيح في وجود الدعاء منه عليه الصلاة و السلام كما وعده في رواية " و إن شئت
دعوت الله لك " قال بل ادعه ، فلا يصح حمل الحديث على التوسل بذاته الكريمة فيصح - من اجل ذلك - بعد وفاته .. كلا
و اما الزيادة التي رواها الطبراني في الحديث في قصة رجل له حاجة عند عثمان بن عفان رضى الله عنه في خلافته فعلمه
عثمان بن حنيف هذا الدعاء فهي زيادة ضعيفة ، ضعفها شيخ الاسلام ابن تيمية و محدث ديار الشام الشيخ ناصر الدين الالباني
رحمهما الله .
و على تقدير صحتها يكون هذا إجتهادا من عثمان بن حنيف خالفه فيه من هو أفقه منه : عمر بن الخطاب و من معه من
أكابر الصحابة و إذا اختلفت اقوال الصحابة كان الاحتجاج بما خالف السنة منها مردودا ، و من أدلة مخالفة السنة هنا أنه لم
يعلمه الدعاء على صورته التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بل حذف منه " اللهم شفعه فيّ و شفعني فيه " لأنه لم
يكن منه دعاء صلى الله عليه و سلم .
و الخلاصة :
ان حديث الاعمى صحيح يدل عليه مشروعية التوجه بدعاء النبي صلى الله عليه و سلم و الراجح عدم الخصوصية في ذلك
بل يصح التوجه بدعاء غيره اذا علم دعائه كما قال عمر ( نتوسل اليك بعم نبيك ) و قام العباس و دعا ، فصورة هذا النوع
اذن ان يطلب الانسان الدعاء من المسلم الذي يرجى صلاحه ثم يتوضأ و يصلي ركعتين ثم يقول إنى اتوجه اليك بفلان - يعني
دعائه - في قضاء حاجتى اللهم شفعه فيّ و شفعنى فيه . فلا بأس من ذلك و ان قال اللهم اتوسل اليك بنبيك يعنى بحبى لنبيك
و اتباعي لنبيك و تصديقى به فلا بأس إذ هذا عمل صالح يتوسل به ، و مرد الصحة هنا للنية و القصد و عليه يحمل ما رواه
المروزي عن الامام احمد في دعاء له فيه توسل بالنبي صلى الله عليه و سلم .
تحياتي و شكرا لكم و السلام عليكم
تعليق