شبهتهم حول آيات ورد فيها مخاطبة رسول الله

تقليص

عن الكاتب

تقليص

وليد المسلم مسلم اكتشف المزيد حول وليد المسلم
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • وليد المسلم
    مشرف عام

    • 11 يون, 2006
    • 762
    • مسلم

    شبهتهم حول آيات ورد فيها مخاطبة رسول الله

    شبهتهم حول آيات ورد فيها مخاطبة رسول الله
    بتعرض الشيطان له والجواب عنها

    زعم أعداء السنة المطهرة، والسيرة العطرة أن رسول الله  غير معصوم من الشيطان، واستدلوا على ذلك بآيات ورد فيها مخاطبة النبى  بتعرض الشيطان له بالوسوسة، وتسببه فى سهوه، نحو قوله تعالى : وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم( ) وقوله عز وجل : وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين( ) وقوله سبحانه : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته( )0

    ويجاب عن ما سبق بما يلى :
    أولاً : التعلق بظاهر الآيات السابقة على عدم عصمة رسول الله  من الشيطان لا حجة فيه لهم، إذ لم يسلط الشيطان على رسول الله ، وعلى سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، بأكثر من التعرض لهم، دون أن يكون له قدرة على إلحاق أى ضرر يضر بالدين0

    وعصمة سيدنا رسول الله  من كيد إبليس وجنوده هو وسائر الأنبياء، ثابتة لهم بكتاب الله عز وجل، فهم على رأس عباد الله المخلصين الذين لا سلطان للشيطان عليهم لقوله : إن عبادى ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلاً( ) وقد تقدم تفصيل عصمته  من الشيطان الرجيم فى قلبه وعقيدته وخلقه منذ الصغر بنزع العلقة السوداء – حظ الشيطان - من قلبه  وعلى هذا إجماع الأمة، كما قال القاضى عياض : "واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبى  من الشيطان وكفايته منه، لا فى جسمه بأنواع الأذى، ولا على خاطره بالوساوس"( )0

    وهو بذلك يبين حقيقة العصمة من الشيطان، وأنها لا تتعارض مع تعرض الشيطان لخاطره  بالوساوس0
    واستدل القاضى على ذلك بحديث ابن مسعود مرفوعاً : "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة، قالوا : وإياك يا رسول الله؟ قال : وإياى، إلا أن الله أعاننى عليه فأسلم. فلا يأمرنى إلا بخير"( )0

    وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بتصدى الشياطين له فى غير موطن رغبة فى إطفاء نوره، وإماتة نفسه الشريفة، وإدخال شغل عليه، إذ يئسو من إغوائه فانقلبوا خاسرين، كتعرضه له فى صلاته فأخذه النبى  وأسره( ) وقد سبق ذكر نماذج من هذه الأحاديث( ) التى تتفق فى ظاهرها مع الآيات التى استدل بها خصوم السيرة العطرة على عدم عصمته  من الشيطان، دون أن يفهموا حقيقة ظاهر هذه الآيات، وهو : أن المراد بقوله تعالى : وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم( ) أى يتعرض لك الشيطان بأدنى وسوسة – إذ النزغ أدنى الوسوسة، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، يكفى أمرك، ويكون سبب تمام عصمتك( )، إذ لم يسلط عليه بأكثر من التعرض له، ولم يجعل له قدرة عليه( ) وهو ما أكدته الأحاديث المشار إليها0
    ثانياً : ما يتوهم من قدرة الشيطان على النبى  حيث أسند النسيان بسبب الشيطان إلى ضمير خطابه  فى قوله تعالى : وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين( )0
    فليس فى الآية دليل على تسلط الشيطان على النبى ، لأن فعل الشيطان فى هذا النسيان، لا يعدو أكثر من شغل خاطره  وتذكيره أكثر فأكثر بحرصه على إسلام قومه، مع شدة كفرهم وعنادهم، وطعنهم فى آيات الله عز وجل، فيكون شغله وتذكيره بهذا الحرص، سبباً فى نسيان الإعراض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غير حديث القرآن الكريم، وهذا ما يقتضيه سياق الآية الكريمة : وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخضوا فى حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين( ) كما أن هذا المعنى هو ما يقتضيه واقع حال النبى  فى دعوته0

    والنسيان فى هذه الحالة لا طلب عليه فى الشرع، ولا ذم بالإجماع، كما أنه لا يتعارض مع عصمته 0

    فالسهو والنسيان من الأنبياء فى الأفعال البلاغية، والأحكام الشرعية جائز فى حقهم، وهو ظاهر القرآن الكريم، والسنة النبوية، وهو مذهب جمهور العلماء من الفقهاء والمتكلمين( )0

    وفرقوا بين ذلك، وبين السهو فى الأقوال البلاغية : فأجمعوا على منعه، كما أجمعوا على امتناع تعمده، لقيام المعجزة على الصدق فى القول، ومخالفة ذلك تناقضها0

    أما السهو فى الأفعال البلاغية، فغير مناقض لها ولا قادح فى النبوة، بل غلطات الفعل، وغفلات القلب من سمات البشر، كما قال  : "إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكرونى"( ) وحالة النسيان والسهو هنا – فى الأفعال البلاغية – فى حقه  سبب إفادة علم، وتقرير شرع، كما قال  : "إنى لأَنسْىَ، أو أُنسَىَ لأَسُن"( ) أى : إنما أدفع إلى النسيان لسوق الناس بالهداية إلى طريق مستقيم، وأبين لهم ما يحتاجون أن يفعلوا إذا عرض لهم النسيان( )0
    وهذه الحالة زيادة له فى التبليغ، وتمام عليه فى النعمة، بعيدة عن سمات النقص، وأغراض الطعن، فإن القائلين بتجويز ذلك يشترطون أن الرسل لا تقر على السهو والغلط، بل ينبهون عليه، ويعرفون حكمه بالفور على قول بعضهم وهو الصحيح، وقبل انقراضهم على قول الآخرين0
    وأما ما ليس طريقه البلاغ، ولا بيان الأحكام من أفعاله ، وما يختص به من أمور دينه، وأذكار قلبه مما لم يفعله ليتبع فيه. فالأكثر من طبقات علماء الأمة على جواز السهو والغلط عليه فيها، ولحوق الفترات، والغفلات بقلبه، وذلك مما كلفه من مقاساة الخلق، وسياسات الأمة، ومعاناة الأهل، وملاحظة الأعداء، ولكن ليس على سبيل التكرار، ولا الاتصال، بل على سبيل الندور( ) كما قال  : "إنه ليغان على قلبى، وإنى لأستغفر الله، فى اليوم مائة مرة"( ) وفى رواية : "فى اليوم أكثر من سبعين مرة"( )0

    "والغين" بالغين المعجمة الغيم، والمراد هنا ما يتغشى القلب من السهو الذى لا يخلوا منه البشر( ) وذكر العلماء عدة أقوال فى المراد بالحديث منها ما يلى :
    1- قال القاضى عياض : المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذى كان شأنه الدوام عليه، فإذا افتر عنه أو غفل عد ذلك ذنباً، واستغفر منه0
    2- أن الغين همه بسبب أمته وما اطلع عليه من أحوالها بعده، فيستغفر لهم، وسببه اشتغاله بالنظر فى مصالح أمته وأمورهم، ومحاربة العدو ومداراته، وتأليف المؤلفة، ونحو ذلك فيشتغل بذلك عن عظيم مقامه، فيراه ذنباً بالنسبة إلى عظيم منزلته. وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات، وأفضل الأعمال، فهى نزول عن عالى درجته، ورفيع مقامه من حضوره مع الله تعالى ومشاهدته ومراقبته وفراغه مما سواه، فيستغفر لذلك0
    3- أن الغين هو السكينة التى تغشى قلبه، لقوله تعالى : ثم أنزل الله سكينته على رسوله( ) ويكون استغفاره إظهاراً للعبودية والافتقار، وملازمة الخشوع وشكراً لما أولاه( )0
    4- أن الغين حاله خشية وإعظام، والاستغفار شكرها، ومن ثمَّ قيل : خوف الأنبياء والملائكة خوف إجلال وإعظام، وإن كانوا آمنين عذاب الله تعالى0
    5- أن الغين ليست حالة نقص فى حاله ، بل هو كمال أو تتمة كمال ومثال ذلك : بجفن العين حين يسبل ليدفع القذى عن العين مثلاً، فإنه يمنع العين من الرؤية، فهو من هذه الحيثية نقص، وفى الحقيقة هو كمال. فهكذا بصيرة النبى  متعرضة للأغيرة الثائرة من أنفاس الأغيار، فدعت الحاجة إلى الستر على حدقة بصيرته صيانة لها، ووقاية عن ذلك( )0
    قلت : والأقوال السابقة معناها محتمل، وجائزة فى حقه ، ولا تناقض عصمته. أهـ. والله أعلم0
    وأما قوله حين نام عن الصلاة يوم الوادى لما عاد من خيبر أو من الحديبية و بطريق تبوك روايات( ) : "فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان"( ) وفى رواية قال  : "إن هذا واد به شيطان"( )0
    فهذا الحديث ليس فيه ذكر لتسلط الشيطان عليه ، ولا وسوسته له، ولا يصح الطعن فى عصمة النبى  بمقتضى ظاهر هذا الحديث، لأنه  بين على من تسلط الشيطان بقوله  : "إن الشيطان أتى بلالاً، وهو قائم يصلى، فأضجعه، فلم يزل يهدئه( ) كما يهدأ الصبى حتى نام"( )، فظهر من ذلك أن تسلط الشيطان فى ذلك الوادى، إنما كان على بلال الموكل بمراقبة طلوع الفجر ليوقظهم، كما جاء فى حديث أبى هريرة السابق، أن رسول الله  حين قفل من غزوة خيبر، سار ليلة، حتى إذا أدركه الكرى( ) عرس( ) وقال لبلال : "اكلأ( ) لنا الليل" فصلى بلال ما قدر له، ونام رسول الله  وأصحابه. فلما تقارب الفجر، استند بلال إلى راحلته مواجهة الفجر، فغلبت بلالاً عيناه، وهو مستند إلى راحلته. فلم يستيقظ رسول الله ، ولا بلال، ولا أحد من أصحابه، حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله  أولهم استيقاظاً"( )0
    فإن قيل : كيف نام النبى  عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس مع قوله  : "إن عينى تنامان، ولا ينام قلبى"( ) فجوابه من وجهين :
    1- أصحهما وأشهرهما : أنه لا منافاة بينهما، لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك طلوع الفجر وغيره مما يتعلق بالعين، وإنما يدرك ذلك بالعين، والعين نائمة، وإن كان القلب يقظان0
    2- أنه  كان له حالان : أحدهما ينام فيه القلب، وصادف هذا الموضع. والثانى : لا ينام، وهذا هو الغالب من أحواله. وهذا التأويل ضعيف، والصحيح المعتمد هو الأول( )0
    وقريب من الأول، من قال : إن القلب قد يحصل له السهو فى اليقظة لمصلحة التشريع، ففى النوم بطريق الأولى، أو على السواء( ) ويؤيد ذلك ما جاء فى رواية أبى قتادة رضى الله عنه( ) قال : "فجعل بعضنا يهمس إلى بعض! ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا فى صلاتنا؟ ثم قال : أما لكم فِىَّ أُسوَةٌ؟ ثم قال : أما إنه ليس فى النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة، حتى يجئ وقت الصلاة الأخرى. فمن فعل ذلك فليصلها حتى ينتبه لها. فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها"( )0
    والكلام فيما سبق من ظاهر تسلط الشيطان على بلال، موجه إلى أن جملة : "إن هذا وادٍ به شيطان" تنبيهاً على سبب النوم عن الصلاة، وهو تنويم الموكل بحراسة الوقت0

    أما إن جعلنا جملة : "إن هذا واد به شيطان" تنبيهاً عن سبب الرحيل عن الوادى، وعلة لترك الصلاة به، على ما جاء فى رواية مالك فى الموطأ( ) فلا اعتراض بهذا الحديث على عدم عصمة رسول الله  من الشيطان( ) أهـ0

    والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 2 أسابيع
ردود 0
129 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
ردود 0
24 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 14 أكت, 2024, 04:41 ص
ردود 0
251 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 27 سبت, 2024, 09:29 م
ردود 0
119 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة الشهاب_الثاقب, 13 أغس, 2024, 06:03 ص
ردود 3
122 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الشهاب_الثاقب
يعمل...