تابع الأدلة العقلية على وجود الروح وتجردها:
خصائص الروح
إنَّنا نعرف الكثير من الخصائص الفيزيائية والكيمياوية في أجسامنا، فحركات المعدة والقلب فيزيائية، والترشحات والافرازات وعصارات المعدة كيمياوية. وأمثال هذه كثيرة في جسم الانسان.
فاذا كانت الروح والفكر مادية وناشئة من خواص خلايا الدماغ الفيزياوية والكيمياوية، فلماذا نرى خواصها تختلف عن خواص الجسم.
إنَّ الفكر والرّوح يربطاننا بالخارج ويخبرنا بما يحدث حولنا. أمَّا الخصائص الكيمياوية كالافرازت والعصارت، والفيزياوية كحركات العين والقلب واللسان، لاتملك مثل تلك الخصائص مطلقاً.
وبعبارة أُخرى، إنَّنا نشعر جيداً بأنَّنا مرتبطون بعالمنا الخارجي، ونعرف الكثير عنه. فهل دخل العالم الخارجي الى داخلنا؟ طبعا، لا. إذن، ماالحكاية؟
لاشك إنَّنا نرى خارطة العالم، وإن خصيصة الرّوح في الظّهور الخارجي هي التي تجعلنا ندرك العالم خارج وجودنا. إنَّك لاتجد هذه الخصيصة في أي من الظواهر الفيزياوية ولافي التفاعلات الكيماوية في أجسامنا، فتأمل!
وهذا تعني بعبارة اُخرى، أنَّ التعرف على الكائنات الخارجية العينية يتطلب نوعاً من الاحاطة العامة، وهذه ليست من وظائف خلايا الدماغ،، فهذه إنَّما تتأثر بالعوامل الخارجية. مثل سائر خلايا الجسم الاخرى.
يقول الدكتور مصطفى محمود في حواره مع صديقه الملحد (بتصرف يسير):
إن أول المؤشرات التي تساعدنا على التدليل على وجود الروح ..
أن الإنسان ذو طبيعة مزدوجة .
الإنسان له طبيعتان :
طبيعة خارجية ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات المادة ، فهي قابلة للوزن والقياس متحيزة في المكان متزمنة بالزمان دائمة التغير والحركة والصيرورة من حال إلى حال ومن لحظة إلى لحظة فالجسد تتداول عليه الأحوال من صحة إلى مرض إلى سمنة إلى هزال إلى تورد إلى شحوب إلى نشاط إلى كسل إلى نوم إلى يقظة إلى جوع إلى شبع ، وملحق بهذه الطبيعة الجسدية شريط من الانفعالات والعواطف والغرائز والمخاوف لا يكف لحظة عن الجريان في الدماغ .
ولأن هذه الطبيعة والانفعالات الملحقة بها تتصف بخواص المادة نقول إن جسد الإنسان ونفسه هما من المادة .
ولكن هناك طبيعة أخرى مخالفة تماما للأولى ومغايرة لها في داخل الإنسان .
طبيعة من نوع آخر ...... هي العقل بمعاييره الثابتة وأقيسته ومقولاته .. والضمير بأحكامه ، والحس الجمالي ، وال أنا التي تحمل كل تلك الصفات " من عقل وضمير وحس جمالي وحس أخلاقي ".
والـ أنا غير الجسد تماما وغير النفس .. التي تلتهب بالجوع والشبق .
الـ أنا هي .....
نوع آخر من الوجود لا يتصف بصفات المادة فلا هو يطرأ عليه التغير ولا هو يتحيز في المكان أو يتزمن بالزمان ولا هو يقبل الوزن والقياس .. بالعكس نجد أن هذا الوجود هو الثابت الذي نقيس به المتغيرات والمطلق الذي نعرف به كل ما هو نسبي في عالم المادة .
وأصدق ما نصف به هذا الوجود أنه روحي وأن طبيعته روحية .
ثم قال:
ولعشاق الفلسفة نقدم دليلا آخر على وجود الروح من الخاصية التي تتميز بها الحركة .
فالحركة لا يمكن رصدها إلا من خارجها .
لا يمكن أن تدرك الحركة وأن تتحرك معها في نفس الفلك وإنما لا بد من عتبة خارجية تقف عليها لترصدها .. ولهذا تأتي عليك لحظة وأنت في( أسانسير) متحرك لا تستطيع أن تعرف هل هو واقف أم متحرك لأنك أصبحت قطعة واحدة معه في حركته .. لا تستطيع ادراك هذه الحركة إلا إذا نظرت من باب الأسانسير إلى الرصيف الثابت في الخارج .
ونفس الحالة في قطار يسير بنعومة على القضبان .. لا تدرك حركة مثل هذا القطار وأنت فيه إلا لحظة شروعه في الوقوف أو لحظة إطلالك من النافذة على الرصيف الثابت في الخارج .
وبالمثل لا يمكنك رصد الشمس وأنت فوقها ولكن يمكنك رصدها من القمر أو الأرض .. كما لا يمكنك رصد الأرض وأنت تسكن عليها وإنما تستطيع رصدها من القمر .
لا تستطيع أن تحيط بحالة إلا إذا خرجت خارجها .
ولهذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لولا أن الجزء المدرك فينا يقف على عتبة منفصلة وخارجة عن هذا المرور الزمني المستمر " أي على عتبة خلود " .ولو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثواني كل لحظة لما استطعنا أن ندرك هذه الثواني أبدا ، ولا نصرم إدراكنا كما تنصرم الثواني بدون أن يلاحظ شيئا .
وهي نتيجة مذهلة تعني أن هناك جزءا من وجودنا خارجا عن إطار المرور الزمني " أي خالد " هو الذي يلاحظ الزمن من عتبة سكون ويدركه دون أن يتورط فيه ولهذا لا يكبر ولا يشيخ ولا يهرم ولا ينصرم .. ويوم يسقط الجسد ترابا سوف يظل هذا الجزء على حاله حيا حياته الخاصة غير الزمنية ..
هذا الجزء هو الروح .
يتبع ..
خصائص الروح
إنَّنا نعرف الكثير من الخصائص الفيزيائية والكيمياوية في أجسامنا، فحركات المعدة والقلب فيزيائية، والترشحات والافرازات وعصارات المعدة كيمياوية. وأمثال هذه كثيرة في جسم الانسان.
فاذا كانت الروح والفكر مادية وناشئة من خواص خلايا الدماغ الفيزياوية والكيمياوية، فلماذا نرى خواصها تختلف عن خواص الجسم.
إنَّ الفكر والرّوح يربطاننا بالخارج ويخبرنا بما يحدث حولنا. أمَّا الخصائص الكيمياوية كالافرازت والعصارت، والفيزياوية كحركات العين والقلب واللسان، لاتملك مثل تلك الخصائص مطلقاً.
وبعبارة أُخرى، إنَّنا نشعر جيداً بأنَّنا مرتبطون بعالمنا الخارجي، ونعرف الكثير عنه. فهل دخل العالم الخارجي الى داخلنا؟ طبعا، لا. إذن، ماالحكاية؟
لاشك إنَّنا نرى خارطة العالم، وإن خصيصة الرّوح في الظّهور الخارجي هي التي تجعلنا ندرك العالم خارج وجودنا. إنَّك لاتجد هذه الخصيصة في أي من الظواهر الفيزياوية ولافي التفاعلات الكيماوية في أجسامنا، فتأمل!
وهذا تعني بعبارة اُخرى، أنَّ التعرف على الكائنات الخارجية العينية يتطلب نوعاً من الاحاطة العامة، وهذه ليست من وظائف خلايا الدماغ،، فهذه إنَّما تتأثر بالعوامل الخارجية. مثل سائر خلايا الجسم الاخرى.
يقول الدكتور مصطفى محمود في حواره مع صديقه الملحد (بتصرف يسير):
إن أول المؤشرات التي تساعدنا على التدليل على وجود الروح ..
أن الإنسان ذو طبيعة مزدوجة .
الإنسان له طبيعتان :
طبيعة خارجية ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات المادة ، فهي قابلة للوزن والقياس متحيزة في المكان متزمنة بالزمان دائمة التغير والحركة والصيرورة من حال إلى حال ومن لحظة إلى لحظة فالجسد تتداول عليه الأحوال من صحة إلى مرض إلى سمنة إلى هزال إلى تورد إلى شحوب إلى نشاط إلى كسل إلى نوم إلى يقظة إلى جوع إلى شبع ، وملحق بهذه الطبيعة الجسدية شريط من الانفعالات والعواطف والغرائز والمخاوف لا يكف لحظة عن الجريان في الدماغ .
ولأن هذه الطبيعة والانفعالات الملحقة بها تتصف بخواص المادة نقول إن جسد الإنسان ونفسه هما من المادة .
ولكن هناك طبيعة أخرى مخالفة تماما للأولى ومغايرة لها في داخل الإنسان .
طبيعة من نوع آخر ...... هي العقل بمعاييره الثابتة وأقيسته ومقولاته .. والضمير بأحكامه ، والحس الجمالي ، وال أنا التي تحمل كل تلك الصفات " من عقل وضمير وحس جمالي وحس أخلاقي ".
والـ أنا غير الجسد تماما وغير النفس .. التي تلتهب بالجوع والشبق .
الـ أنا هي .....
نوع آخر من الوجود لا يتصف بصفات المادة فلا هو يطرأ عليه التغير ولا هو يتحيز في المكان أو يتزمن بالزمان ولا هو يقبل الوزن والقياس .. بالعكس نجد أن هذا الوجود هو الثابت الذي نقيس به المتغيرات والمطلق الذي نعرف به كل ما هو نسبي في عالم المادة .
وأصدق ما نصف به هذا الوجود أنه روحي وأن طبيعته روحية .
ثم قال:
ولعشاق الفلسفة نقدم دليلا آخر على وجود الروح من الخاصية التي تتميز بها الحركة .
فالحركة لا يمكن رصدها إلا من خارجها .
لا يمكن أن تدرك الحركة وأن تتحرك معها في نفس الفلك وإنما لا بد من عتبة خارجية تقف عليها لترصدها .. ولهذا تأتي عليك لحظة وأنت في( أسانسير) متحرك لا تستطيع أن تعرف هل هو واقف أم متحرك لأنك أصبحت قطعة واحدة معه في حركته .. لا تستطيع ادراك هذه الحركة إلا إذا نظرت من باب الأسانسير إلى الرصيف الثابت في الخارج .
ونفس الحالة في قطار يسير بنعومة على القضبان .. لا تدرك حركة مثل هذا القطار وأنت فيه إلا لحظة شروعه في الوقوف أو لحظة إطلالك من النافذة على الرصيف الثابت في الخارج .
وبالمثل لا يمكنك رصد الشمس وأنت فوقها ولكن يمكنك رصدها من القمر أو الأرض .. كما لا يمكنك رصد الأرض وأنت تسكن عليها وإنما تستطيع رصدها من القمر .
لا تستطيع أن تحيط بحالة إلا إذا خرجت خارجها .
ولهذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لولا أن الجزء المدرك فينا يقف على عتبة منفصلة وخارجة عن هذا المرور الزمني المستمر " أي على عتبة خلود " .ولو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثواني كل لحظة لما استطعنا أن ندرك هذه الثواني أبدا ، ولا نصرم إدراكنا كما تنصرم الثواني بدون أن يلاحظ شيئا .
وهي نتيجة مذهلة تعني أن هناك جزءا من وجودنا خارجا عن إطار المرور الزمني " أي خالد " هو الذي يلاحظ الزمن من عتبة سكون ويدركه دون أن يتورط فيه ولهذا لا يكبر ولا يشيخ ولا يهرم ولا ينصرم .. ويوم يسقط الجسد ترابا سوف يظل هذا الجزء على حاله حيا حياته الخاصة غير الزمنية ..
هذا الجزء هو الروح .
يتبع ..
تعليق