العفــــــــــــــــــــــــــو

تقليص

عن الكاتب

تقليص

موحد بالله مسلم اكتشف المزيد حول موحد بالله
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • موحد بالله
    4- عضو فعال
    • 22 أكت, 2006
    • 587
    • مسلم

    العفــــــــــــــــــــــــــو

    بسم الله الرحمن الرحيم
    د. عايض القرني :


    ينبغي للإنسان أن يصدر كل ليلة عفواً عاماً قبل النوم عن كل من أساء إليه طيلة النهار بكلمة أو مقالة أو غيبة أو شتم أو

    أي نوع من أنواع الأذى، وبهذه الطريقة سوف يكسب الإنسان الأمن الداخلي والاستقرار النفسي والعفو من الرحمن

    الرحيم، وطريقة العفو العام عن كل مسيء هي أفضل دواء في العالم يصرف من صيدلة الوحي «ادفع بالتي هي

    أحسن» «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين»، يا من أراد الحياة في أبهج صورها وأبهى حُللِها

    اغسل قلبك سبع مرات بالعفو وعفّره الثامنة الغفران، قام رجل يسبُّ أبا بكر الصديق ويقول: والله لأسبنَّك سباً يدخل



    معك قبرك، فقال أبو بكر: بل يدخل معك قبرك أنت، وسبَّ رجلٌ الإمام الشعبي فقال الشعبي: إن كنتَ كاذباً فغفر الله

    لك، وإن كنتَ صادقاً فغفر الله لي. إن تحويل القلب إلى حيّات للضغينة وعقارب للحقد وأفاعي للحسد أعظم دليل على

    ضعف الإيمان وضحالة المروءة وسوء التقدير للأمور، وكما يقول شكسبير: لا توقد في صدرك فرناً لعدوك فتحترق

    فيه أنت، ما أطيب القلب الأبيض الزلال، ما أسعد صاحبه، ما أهنأ عيشه، ما ألّذ نومه، ما أطهر ضميره، ثم هل في

    هذا العمر القصير مساحة لتصفية الحسابات مع الخصوم، وتسديد فواتير العداوة مع المخالفين؟ إن العمر أقصر من ذلك

    ، وإن الذي يذهب ليقتصّ من كل من أساء إليه وينتقم من كل من أخطأ عليه سوف يعود بذهاب الأجر، وعظيم الوزر،

    وضيق الصدر، وكثرة الهم مع قرحة المعدة، وارتفاع الضغط، وقد يؤدي ذلك إلى جلطة مفاجئة أو نزيف في الدماغ


    ينقل صاحبه مباشرة إلى العناية المركّزة ليضاف لقتلانا ممن مات في قسم الباطنية صريعاً للتخمة بعد أكلة شعبية قاتلة
    ،

    إن أفضل أطباء العالم هم ثلاثة: الدكتور بهجة، وتخصصه السرور والفرح والعفو والصفح، والدكتور هادئ،

    وتخصصه أخذ الأمور بهدوء والدفع بالتي هي أحسن، والدكتور رجيم، وتخصصه عمل رجيم للجسم لمنعه من كل


    ضار ومن الإكثار من المشتهيات التي يدعو إليها الشيطان الرجيم، أيها الناس: الحياة جميلة، ألا ترون النهار بوجهه


    المشرق وشمسه الساطعة وصباحه البهيج وأصيله الفاتن وغروبه الساحر، لماذا لا تشارك الكون بهجته فتضحك كما

    تضحك النجوم، وتتفاءل كما تتفاءل الطيور، وتترفق كما يترفق النسيم، وتتلطف كما يتلطف الطّل، الحياة جميلة إذا

    أخرجتم منها الشيطان والشر والشك والشتم والشؤم والشماتة وشارون، والمشكلة أن بعضنا متشائم تريه وجه الشمس

    فيشكو حرّها، وتخرج له الزهرة فيريك شوكها، وتشير إلى نجوم الليل فيمتعض من ظلمته، إذاً اقترح عليك أن تصدر

    الليلة مرسوماً بالعفو عن كل من أساء إليك وبعدها سوف تنام ليلة سعيدة لم يمر بك ليلة أجمل منها كما قال صديقي



    الشريف الرضي:

    يا لَيلَةَ العفو أَلاّ عُدتِ ثانِيَةً؟ *** سَقى زَمانَكَ هَطّالٌ مِنَ الدِيَم


    هنيئاً للعافين عن الناس، قبلات على رؤوس الكاظمين الغيظ، باقات ورد لمن سامح وأصلح، مع الشكر الجزيل للمقنع

    الكندي حيث يقول:


    وَلا أَحمِلُ الحِقدَ القَديمَ عَلَيهِمُ*** وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقدا


    الإنسان السوي والمؤمن الراشد يكون منزوع الدسم من السم عنده براءة اختراع لمكارم الأخلاق، مختومٌ على جبينه

    خاتم «ومن عفا وأصلح فأجره على الله»، غفر الله لنا إساءتنا للغير، وغفر الله لمن أساء إلينا وغداً نلتقي في الجنة إن

    شاء الله تحت مظلة «ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين». وقد قلتُ في قصيدتي (أنشودة الطفولة):


    فيا أيها الإنسان هاك صداقة *** أبر من الأم الرءوم وأحدبـا
    تعال نعيد الوصل عهداً مباركاً *** وخذني أخاًإذ كان آدم لي أبا
    إذا كنت قابيل العداوة والرّدى *** فإني أنا هابيل رأيا ومذهبا



  • الشرقاوى
    حارس مؤسس
    • 9 يون, 2006
    • 5442
    • مدير نفسي
    • مسلم

    #2

    ذكر الرواة بأنه كان عند ميمون بن مهران ضيف فاستعجل على جاريته بالعشاء فجاءت مسرعة ومعها قصعة مملوءة، فعثرت وأراقتها على رأس سيدها ميمون؛

    فقال: يا جارية أحرقتني،
    قالت: يا معلم الخير ومؤدب الناس ارجع إلى ما قال الله تعالى
    قال: وما قال الله تعالى؟ قالت: قال: " والكاظمين الغيظ "
    قال: قد كظمت غيظي، قالت: " والعافين عن الناس "
    قال: قد عفوت عنك،
    قالت: زد فإن الله تعالى يقول: " والله يحب المحسنين "
    قال: أنت حرة لوجه الله تعالى.


    جزاك الله خيرا اخي الحبيب ونفعنا بعلمك
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 09:54 ص.
    الـ SHARKـاوي
    إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
    ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
    فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
    فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
    ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

    تعليق

    • الشرقاوى
      حارس مؤسس
      • 9 يون, 2006
      • 5442
      • مدير نفسي
      • مسلم

      #3
      كيف أحتفظ برباطة جأشي ؟

      رباطةُ الجأش أو الشكيمة هي ما يُصطلح عليه إسلامياً بـ (الحُلْم) . فالحليمُ الرابطُ الجأش عكس الانفعالي المتشنج الغضوب ، لأ نّه يسيطر على نفسه ، ويتحكم بانفعالاته ويكظم غيظه ، وبدلاً من أن يعبّر عنه بالإحتقان السلبي ينفّس عنه بطرق أخرى ، إليك أهمّها :

      1 ـ لا تستهلك طاقة أعصابك :
      تذكّر إذا دعاك موقفٌ ما إلى الغضب هذه الحقيقة العلمية :
      إنّ العصبية الزائدة تستهلك الجهاز العصبي وتتلفه ، ولذا فإنّ أيّة حالة غضب سلبيّ تعتبر هدراً للطاقة التي يمكن توظيفها فيما هو نافع .

      فالأطباء النفسانيون ينصحون بالاقتصاد في هذه الطاقة بتجنّب الحالات والأزمات النفسية الحادة لأ نّها تسيء إساءة بالغة للمزاج الصحيّ العام ، أي أنّ الغضب المحتدم يسمّم الجسد ويصيبه أو بعض أجهزته بأمراض خطيرة كالقرحة المعوية ، على سبيل المثال .

      إنّ الاقتصاد أو ادخار الطاقة العصبية لما هو نافع ومفيد وإيجابي ، أمر ممكن ، وهو ما يصطلح عليه بـ (تحويل الطاقة) ((1)) وهو ما يفنّد ادعاء البعض من أنّ كظم الغيظ أو العفّة ، أو الامتناع عن بعض الحلال المسموح ، أو غير ذلك من الرياضات النفسية والبدنية والروحية يعقّد الانسان ويصيبه بأمراض نفسية ، فهؤلاء لا يفرّقون بين (الكبت) الذي ينجم عن ضغوط خارجية لا سبيل لدفعها ، وبين الامتناع الذاتي الذي يزيد في المناعة .

      2 ـ تدبّر عواقب الغضب الوخيمة :
      دعنا نتأمّل في بعض ما يسببه الغضب من خسائر :
      ـ الدخول في حرب لا هوادة فيها ، قد تطيح فيها الرؤوس والأيدي ، وقد تفقأ العيون ويُثخن الجسد بالجروح .
      ـ القطيعة والهجران لمدّة طويلة((2)) ، وقد تصل العلاقة إلى مرحلة كسر العظم ونسف الجسور .
      ـ المسّ بكرامة الطرف الآخر ، والإساءة إلى مشاعره وأحاسيسه . أمّا إذا كان مؤمناً فالحرمة أعظم ، لأنّ حرمة المؤمن ـ كما في الحديث ـ أعظم عند الله من حرمة الكعبة المشرّفة .
      ـ تكسير وتحطيم الأشياء القريبة إلى متناول اليد ، كالأواني أو اللوحات الزجاجية ، وإغلاق وصفق الأبواب بعنف ، كجزء من حالة الانتقام التي يعيشها الغاضب المنفجر .
      ـ حالة من الندم الكاشف عن الضعف وهشاشة موقف الانسان الغاضب ، بل وصورته التي يرثى لها وقد ركبته حالة من الجنون التي لا تبقي شيئاً من وقاره أو هيبته .

      3 ـ غادر المشهد الذي انفجر فيه الغضب :
      لا تبقَ طويلاً في المكان الذي تندلع فيه نيران الغضب لأ نّها لا تنطفئ سريعاً لا سيما إذا كان المحرّض على الغضب ، أو الذي استثاره في نفسك يُمعن في استفزازك ويلقي مزيداً من الحطب على نيران غضبك .
      لا تدعه يتصرّف بك كما يحلو له .. ولا تستسلم لطعناته في البداية ثمّ يطفح الكيل .. لتكن لديك حاسّة أو حساسية لاستشعار الخطر قبل وقوعه ، فإذا عرفت أنّ الآخر ينوي جرّك إلى معركة .. انتقل على الفور إلى مكان آخر لتهدأ أعصابك وتبرد ، لأنّ بقاءك في المشهد أو المكان يجعل الآخر يمضي في الاستفزاز ويجعلك تحتدم أكثر .. والنتائج معروفة سلفاً .
      تأمّل في المشهد التالي وتذكّره :
      حينما بصق (عمرو بن عبد ودّ العامري) بوجه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يوشك أن يرديه قتيلاً ، لم يعجل عليّ بالانقضاض عليه ، بل استدار قليلاً ، ولما قيل له في ذلك ، قال : أردت أن أقتله غضباً لله لا غضباً لنفسي ، ولذا لم يعاجله على الفور ، وإنّما تركه برهة ثمّ صرعه .

      4 ـ استبدل كلماتك الغاضبة :
      المتصاعد على اللسان ـ أثناء الغضب ـ الكلمات البذيئة ، ولأنّ الغضب يحتاج إلى مهدّئات ، فإن بإمكانك أن تنفّس عنه بالكلمات ولكنّ الكلمات التي تعبّر عن طيب أخلاقك ولا تجعلك تندم على ما قلت في سورة الغضب ، قل لمن يثير غضبك : «سامحك الله .. «غفر الله لك .. «عفا الله عنك لم فعلت ذلك .. «لا حول ولا قوّة إلاّ بالله .. «إنّا لله وإنّا إليه راجعون .. «أستغفر الله وأتوب إليه .. «أصلحك الله وأصلحني .. إلخ .

      5 ـ نفّس عن غضبك بشكل آخر :
      استخدام الكلمات السابقة لون من ألوان التنفيس الإيجابي عن الغضب ، وهناك طرق أخرى سنأتي عليها ، ولكننا نريد أن نذكر أن دعاة التنفيس عن الغضب بأيّ شكل من الأشكال غير مصيبين ، لأ نّهم يرون أنّ الاحتقانات النفسية لها آثار سلبية ، كمن يحبس النار التي تحرق أعصابه في داخله ، ولذا فهم يشجّعون الغاضب على الانفجار باكياً ، أو تكسير الأشياء المحيطة ، واطلاق الكلمات النابية حتى تهدأ فورته وثورته .

      إنّ تعبير القرآن الكريم عن عملية السيطرة على النفس أثناء الغضب بـ (كظم الغيظ) ذو دلالة موحية بأنّ الغضب يكاد يطفح كما القدر الذي يغلي ، ولكنك تكظمه باغلاق فوهته ، أو كالذي يمسك القربة من فمها حتى لا يندلق ماؤها ، ولذا قيل (كظم القربة) أي منع ماءها أو لبنها من السيلان .
      وهذا يعني أنّ اجتثاث الغضب غير ممكن ـ لمنافعه التي ذكرنا بعضها ـ ولكنّ الإمساك بزمامه لئلاّ يفلت ممكن .
      فمن أساليب التنفيس الأخرى أن تلجأ إلى الله وتذكره وتتذكر أن كظم غيظك عن الناس سيكف غضب الله عنك ، ولذا فقد ورد أنّ الذكر عند الغضب واجب .
      أمّا إذا استطعت أن تتوضأ وتصلي ركعتين فإن هذا الذكر سيفعل فعلاً أكبر في تبريد داخلك الساخن المتلاطم بأمواج الغضب .

      فلقد مرّ (مالك الأشتر) بأحد الأسواق ذات يوم ، فأراد أحد الباعة أن يهزأ به ولم يكن يعرفه ، فرماه ببندقة ، فالتفت جاره إليه مؤنباً : أتعرف مَنْ هذا ؟ وأخبره بمكانته ومقامه ، فما كان من الرجل إلاّ أن ركض خلف (مالك) ليطلب الصفح والمغفرة منه ، وإذا بمالك قد دخل مسجداً قريباً ووقف ليصلّي ولم يكن الوقت وقت صلاة ، فلمّا فرغ من صلاته انكبّ الشخص الذي اعتدى عليه ، عليه يقبّله ويعتذر إليه ، فما كان من مالك إلاّ أن قال له : أتدري لماذا جئت أصلّي ؟ قال : لا ، قال : لأستغفر لك ربّي !

      6 ـ اتقِ الغضب بأن لا تغضب :
      ويمكنك أيضاً في حال اندلاع غضب شخص آخر أن لا تنجر إلى غضبه ، بل أن تمتصّ غضبه بعدم الردّ عليه بالمثل ، أو أن تقول له : «هدّئ من روعك ، «لا تتلف أعصابك .. الأمر لا يستحق كل ذلك ، «لِمَ هذا الانفعال .. لنؤجل الحديث في هذا لوقت نكون فيه أكثر هدوءاً . كلّ ذلك من أجل أن لا تهبط معه إلى الدرك الأسفل من الغضب .
      قال الحواريون لـ (عيسى) (عليه السلام) : «بِمَ نتقي الغضب ؟ قال : بأن لا تغضبوا !

      7 ـ أطفئ غضب الآخرة :
      الرابطة بين الدنيا وبين الآخرة وثيقة .. والجسر بينهما موصول في كلّ لحظة ، فكلّ ما تعمله في الدنيا له منعكسٌ في الآخرة .. إنّ الله يغضب من معصيتك وذنوبك واجترائك عليه ، وغضبه ليس كغضبنا فالمعصية لا تضرّه ، لكنّه انتقام من الذين يتجبّرون ويجحدون ، وبإمكانك أن تطفئ غضب الربّ بأن تطفئ نيران غضبك عن الآخرين.
      «أوحى الله إلى موسى (عليه السلام) : أن يا موسى أمسِك غضبك عمّن ملّكتُك عليه أكُفّ عنك غضبي .
      إنّها ليست واحدة بواحدة ، فهما ليسا متساويين ، لأ نّني إذا كففت عن الناس غضبي فقد أجنّبهم شرور هذا الغضب ، أمّا إذا رفع الله سخطه وغضبه عنِّي ، جنّبني النار التي سجّرها لغضبه .

      8 ـ عضّ على شفتيك :

      جاء أحدهم وهو يستشيط غضباً إلى أحد العلماء ، فقال له : أتدري ما صنع فلان ؟
      قال له : ماذا صنع ؟
      قال له : يسبّني في كل مجلس .
      قال له : لا تسبّه .
      قال الغاضب : إنّه يطعنني وتريدني أن لا أصرخ ؟!
      قال له : عضّ على شفتيك !

      قد يكون في هذه الوصفة شيء من الصعوبة على الغاضب الذي يقف أمام مَنْ يشتمه أو يسيء إليه ، ساكتاً أو لا مبالياً ، أو يردّ عليه بألفاظ مهذّبة ، لكنّ التمرين يجعلها ـ كما يجعل كل الأشياء الصعبة ـ سهلة يسيرة ، وإلاّ فهل تتصور أنّ الحُلُم ورباطة الجأش هي خصلة وراثية ، أم أنّها عادة مكتسبة وممارسة عملية ؟!

      9 ـ تذكّر قصص الكاظمين الغيظ :
      للقصّة الموحية والمعبّرة أثرها في النفس خاصّة إذا كانت نابعة عن موقف اسلامي رصين . فهي قادرة على أن تولّد مواقف مماثلة .
      ذكر الرواة بأنه كان عند ميمون بن مهران ضيف فاستعجل على جاريته بالعشاء فجاءت مسرعة ومعها قصعة مملوءة، فعثرت وأراقتها على رأس سيدها ميمون؛

      فقال: يا جارية أحرقتني،
      قالت: يا معلم الخير ومؤدب الناس ارجع إلى ما قال الله تعالى
      قال: وما قال الله تعالى؟ قالت: قال: " والكاظمين الغيظ "
      قال: قد كظمت غيظي، قالت: " والعافين عن الناس "
      قال: قد عفوت عنك،
      قالت: زد فإن الله تعالى يقول: " والله يحب المحسنين "
      قال: أنت حرة لوجه الله تعالى.
      !!


      وفي رواية أخرى ، جاء شخص من إحدى القبائل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له : أوصني يا رسول الله . فقال له : هل أنت مستوص بما أنا موصيك به ؟
      فقال : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله . فقال له : لا تغضب .
      فلمّا رجع إلى قبيلته رآها تعدّ العدّة لقتال قبيلة أخرى ، وبدلاً من أن ينساق مع الغضب الجارف للقتال تذكّر وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لقومه : إذا كنتم تريدون قتالهم فأنا أدفع لكم الديّة أو الفدية حتى تكفّوا عنهم ، وبذلك حقن دماء الفريقين ، وقديماً قيل : «عندما يتزوّج الغضب من الثأر ينجبان الشرارة .

      وفي رواية مماثلة : أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل من البادية ، فقال : إنِّي أسكن البادية فعلّمني جوامع الكلم . فقال له : آمرك أن لا تغضب ، فأعاد عليه الأعرابي طلبه ثلاث مرّات ، والجواب في كلّ مرّة نفس الجواب ، حتى رجع الرجلُ إلى نفسه ، فقال : لا أسألُ عن شيء بعد هذا ، ما أمرني رسول الله إلاّ بالخير !

      الكفّ عن الغضب هو الوصية التي كان يكررها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على مَنْ يطلب منه النصيحة ، لأنّ الغضب مفتاح الكثير من الشرور .

      10 ـ اعمل بالوصايا المجرّبة :
      في الحديث الشريف : «أيّما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك فإنّه سيذهب عنه رجز الشيطان ، وأيّما رجل غضب على ذي رحم فليدنُ منه فليلمسه فإنّ الرحم إذا مسّت سكنت .

      وهذه الوصفة النفسية هي من ارقى الوصفات الطبية لعلاج الغضب : دعونا نتأمّل فيها جيِّداً :
      إنّ الغاضب وهو قائم تشبّ النيران في قامته المنتصبة كلّها ، وإنّ الجلوس أو الاخلاد إلى الأرض ، وعدم التطلع في وجه مَنْ يغضب عليه ، وذكر الله كل ذلك يتظافر على إخماد نيران الغضب .. فالوصية هي نفسها التي يطلبها الأطباء من مرضاهم حادي المزاج بأن يسترخوا حتى يزول التشنج والتوتر والانفعال . وكذلك الاضطجاع ، فإن تغيير الحالة من القيام إلى الجلوس إلى الاضطجاع سوف يقلل من درجة الاشتعال تمهيداً لاطفائها بعكس ما لو بقي الغاضب واقفاً مشدود الأعصاب متوتراً هائجاً ، فإنّه بذلك يزداد اشتعالاً .

      ثمّ أنّ مسّكَ لأخيك أو صديقك أو حبيبك أو أمّك أو أبيك سوف يسرّب شحنات غضبك ويبدّدها من نفسه ، وكأ نّك بتلك اللمسة ترسل إليه رسالة مودة واعتذار ، والمسّ قد يعني أن تمسكه من يده أو كتفه أو تضع يدك على رأسه أو تحتضنه ، وبذلك تردم الهوّة أو الفاصلة التي أحدثها الغضب بينك وبينه . وفي بعض الحِكَم الدينية : «لا تغرب الشمسُ على غضبكم أي لا تدعوه يستمرّ طويلاً ، وكما ذكرنا سابقاً ليبادر أحدكما إلى رأب الصدع وإعادة المياه إلى مجاريها .

      11 ـ خذ قسطك الكافي من النوم :
      ثبت علمياً وبالتجربة أنّ الذي ينام قليلاً يظلّ عكر المزاج طوال النهار ، بل تتوتر أعصابه ويغدو شديد الانفعال لأسباب بسيطة ، وأنّ الذين ينامون جيداً لا ينفعلون بسرعة ، مما يبدو أن للنوم علاقة قيمة باسترخاء الأعصاب وتوترها ، وبالتالي بحالات الغضب التي قد لا يعرف لها سبب واضح .

      12 ـ استحضر صورة الغاضب :
      أشعِر نفسك بكراهة الغضب .. تمثّل صورتك في حالات غضبك وانفعالك ، ولو أن كاميرا التقطت لك صوراً متحركة وأنت في سورة الغضب لأنكرت شخصك ، وقلت إنّ الذي في الفيلم هو ليس أنت . لماذا تشعر بالقرف من حالة الهيجان الثائر الشبيه بحالة حيوان يريد أن يفترس آخر ؟

      لأن تصرّفك بهذه الطريقة مخجل ، ولأ نّك ستندم عليه ، ولأ نّك في حلبة الغضب ستكون المصروع حتى ولو كنت صارعاً ، ولذا قيل : «أوّل الغضب جنون وآخره ندم . وقيل أيضاً : «من ركبه الغضب ركب حصاناً وحشياً .

      13 ـ كافئ نفسك إذا نجحت في لجم الغضب :
      اعطِ لنفسك نقطة أو علامة نجاح في كلّ حالة غضب تجتازها .. إبدأ أوّلاً بمكافحة حالات الغضب الصغير .. امتصها بسرعة .. إحمل دِلاءَ الماء السابقة (النقاط المارّة الذكر) واسكبها أو بعضها على بداية الحريق من قبل أن يصعب عليك احتواؤه .. لا تجعل رياح الغضب تصعّد من ألسنة اللهب .
      وفي كل مرّة تخرج فائزاً في السيطرة على أعصابك ، قل لنفسك : الحمدُ لله .. أنا الآن أقوى من السابق !

      إنّ خيط الغضب بيدك .. امسك به ولا تتركه كخيوط الطائرة الورقية .. فلا تمدّ فيه .. وتجنب حالات الاحتكاك والصدام حتى البسيط منها ، ففي هذه الحالات هناك طرفان .. أحدهما أنت .. فإذا لم يكن الآخر حليماً حصيفاً حكيماً ... فكن أنت ذاك .

      (1) المراد بتحويل الطاقة هو تخزينها وتوظيفها في مجالات العطاء الخيِّر ، بدلاً من إنفاقها أو التفريط بها في الغضب والاسترسال في الشهوات . أي أن هذه الغرائز تستنفد الطاقة العصبية ، فإذا تصرّفنا بحُلم واعتدال تحوّلت هذه الطاقة إلى المزيد من الإنتاج والإبداع والإبتكار .

      (2) في أدبياتنا الاسلامية وثقافتنا الأخلاقية أنّ المؤمن لا يجوز له أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، أي لا يحقُّ له هجران أو مقاطعة أخيه المؤمن أكثر من ثلاثة أيام ، وبعدها عليه أن يعيد المياه إلى مجاريها حتى ولو كان هو المعتدى عليه .
      (3) آل عمران / 134 .



      م ن ق و ل بتصرف
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 09:54 ص.
      الـ SHARKـاوي
      إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
      ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
      فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
      فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
      ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

      تعليق

      • موحد بالله
        4- عضو فعال
        • 22 أكت, 2006
        • 587
        • مسلم

        #4
        جزاك الله كل خير اخي الشرقاوي
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 09:54 ص.



        تعليق

        • amr_naguib
          7- عضو مثابر

          حارس من حراس العقيدة
          • 21 أغس, 2006
          • 1162
          • Engineer
          • مسلم

          #5
          جزاكم الله خيرا أخي الموحد و أستاذنا الشرقاوي
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 09:54 ص.
          أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 15 يون, 2024, 04:22 م
          ردود 0
          18 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة وداد رجائي
          بواسطة وداد رجائي
          ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 ينا, 2021, 05:31 ص
          ردود 2
          164 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة *اسلامي عزي*
          بواسطة *اسلامي عزي*
          ابتدأ بواسطة د. نيو, 27 نوف, 2020, 06:25 م
          ردود 4
          102 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د. نيو
          بواسطة د. نيو
          ابتدأ بواسطة أحمد محمد أحمد السبر, 23 يول, 2020, 06:53 م
          ردود 0
          63 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة أحمد محمد أحمد السبر
          ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 20 ديس, 2019, 11:46 م
          ردود 3
          87 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عاشق طيبة
          بواسطة عاشق طيبة
          يعمل...