الصفحة الرئيسية » ركــــن الـمـقـالات » مصطفى دياباسم المقال : التنافس على الرياسة كاتب المقال: مصطفى دياب
من القائد.. ؟!
أنا.. أم أنت؟!
وإذا كنا نعمل لله، ولخدمة دين الله -تعالى-، ونبتغي الأجر من الله؛ فما الفرق؟!
إن كثيرًا من الأعمال الدعوية اليوم تتعثر -إن لم تتوقف- بسبب غامض، ومع البحث والتنقيب تعثر على الخلاف النفسي حول قضية من القائد.. ؟! ولو لم يتكلم صاحبها، ولكنه يتقاعس عن الخدمة والبذل، ويضع العوائق ويكثر من النقد الهدام والنيل من الأشخاص وافتعال المشاكل، وما ذاك إلا لمرضه بحب الرئاسة والقيادة أو الزعامة، وليس هذا فحسب، بل ربما قضى الليالي الطوال في مجالس الغيبة والنميمة وأكل لحوم العلماء والدعاة والعاملين، لا أدري كيف يكون ذلك؟! ولكن الشيطان سوَّل لهم وزيَّن لهم أعمالهم.
إننا أمام مدارس متعددة في الساحة الإسلامية فهناك "مدرسة الحاقدين"؛ الذين لا يحبون الخير للدعوة، ولا للأمة، ولا لأفراد الدعوة، وإن رأوا الخير تكاد قلوبهم تميز من الغيظ!!
وهناك مدرسة "إبليس" وشعارها: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ"، وهذه المدرسة يرى أتباعها أنهم أفضل العاملين ولا يمكن لأحد أن ينجح مثلهم أو يحقق النجاح مثلهم، ولا يمكن أن يوجد عقل يفكر ويدبر للعمل وللدين مثلهم، فلا يثقون في شباب الأمة، ولا يسمحون لهم بالتعلم والتقدم!
وهناك مدرسة أخرى "مدرسة الربانية"، وشعارها: "أي بني أنت اليوم أفضل مني"، وتلك المدرسة يخاف طلابها على الدعوة والدين، ويحرصون على استمرار مسيرة الدعوة، ويرى فيها الصغير خبرة الكبير ويوقره، ويرى الكبير نشاط وحماس الصغير؛ ولذا يعلـِّم الكبير منهم الصغير، ويتعاون فيها الجميع؛ للعمل لدين الله -تعالى-، كأنهم بنيان مرصوص.
إن هذه المشكلة تغلـَّب عليها الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ببساطة ويسر؛ وما ذاك إلا لطهارة قلوبهم ونقاءها وإخلاصها لله -عز وجل-.
لقد جهَّز معاوية -رضي الله عنه- جيشًا عظيمًا؛ لغزو القسطنطينية، وولى عليه ابنه يزيد، وانضم إليه الصحابة -رضي الله عنهم- إذ أنه أول جيش يغزو القسطنطينية، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ) (رواه البخاري)، ولكنَّ أبا أيوب -رضي الله عنه- لم يكن يريد الخروج في هذه الغزوة خاصة إذ كان يزيد صغيرًا لا خبرة له بالحرب، فقد كان عُمْرُ يزيد وقتها يقارب العشرين عامًا، بينما كان أبو أيوب شيخـًا كبيرًا يقارب الثمانين عامًا، ولم يكن رفضه لحرصه على قيادة الجيش أو الإمارة، ولكن لصغر سن يزيد وقلة خبرته، ولكن سرعان ما عاد أبو أيوب إلى رشده وصوابه، وتربيته الأولى، وندم ندمًا شديدًا فغزا معه، وهو يقول: "ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ، ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ، ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ"، فلم يعبأ بـ"من القائد".. ؟!
إنه الإخلاص والتجرد لله -عز وجل-!
ولكن ماذا نصنع نحن إذا تولى شابًا قيادة عمل فيه كبار القوم، هل شعارنا أيضًا: "ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ"؟!
وهذا الصدِّيق -رضي الله عنه- عندما دخل عليه رجل فكتب الصديق له كتابًا، وكان يومئذ هو الخليفة، فلما خرج أخذ عمر -رضي الله عنه- من الرجل الكتاب ومزقه، فقال الرجل لأبي بكر -رضي الله عنه- أمام عمر: "من الأمير؟ أنت أم هو"؟! فقال الصديق -رضي الله عنه- بصدق وطلاقة ودون تردد: "هو -إن شاء-".
لقد حاربوا شعار إبليس: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ"، ورفعوا شعار الربانيين: "أي بنيَّ أنت اليوم أفضل مني"؛ فسادوا البشر.
ولما جهَّز الصديق جيش أسامة كان فيه أكابر الصحابة ومعهم عمر -رضي الله عنهم جميعًا-، ومع ذلك لم يتمرد أحد، ولم يعترض أحد، بل استأذن الصديق أسامة في أن يبقي له عمر حتى يشد من أزره؛ فأذن له أسامة.
أما أبو عبيدة -رضي الله عنه- الذي كان يحب أن يعمل بعيدًا عن الأضواء غير راغب في زعامة ولا قيادة، فقد استوى الأمر عنده أن يكون جنديًا أو قائدًا كما استوى كذلك عند خالد -رضي الله عنه-، وما ذاك إلا لأن قلوبهم مخلصة لله -عز وجل-، تعمل لله ولدين الله متجردة مع سلامة القلب، فخالد -رضي الله عنه- عندما يأتيه خبر عزله وتولي أبي عبيدة يقول له: "جزاك الله عني خيرًا واعلم يا أبا عبيدة أني جندي من جنودك، ويتساوى الأمر لدي سواء أكنتُ أميرًا للجيوش أو جنديًا فيها"، ثم يقول كلمته المخلصة التي تكتب بماء الذهب: "ووالله ما للدنيا نعمل، ولا سلطان الدنيا نريد، كلنا في الله إخوة"، وأردف قائلاً: "أنا لا أقاتل من أجل عمر"!
وهذا مبدأ عظيم..
فتذكر أخي أنك لا تعمل من أجل فلانـًا ولا فلان، ولكن عملك كله لله، ولذا لابد من الصبر والاستمرار مهما كانت الصعاب والعقبات؛ فما "للدنيا نعمل ولا سلطان الدنيا نريد". لقد صغرت الدنيا في أعينهم فـَعظـَم قدرهم في أعين الناس.
نعم لابد من تعميق هذا المعنى، وتربية الجيل عليه: "إنا لا نقاتل من أجل فلان"، ولذلك لن نهتم من القائد ومن المسئول ما لم يأمر بإثم؛ خاصة أنه ربما قد كُلـِّف أو عُيِّن أو أُمِّر علينا فيجب علينا أن نتطاوع ونلين في أيدي إخواننا؛ لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (تَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا) (متفق عليه).
من القائد.. ؟!
أنا.. أم أنت؟!
وإذا كنا نعمل لله، ولخدمة دين الله -تعالى-، ونبتغي الأجر من الله؛ فما الفرق؟!
إن كثيرًا من الأعمال الدعوية اليوم تتعثر -إن لم تتوقف- بسبب غامض، ومع البحث والتنقيب تعثر على الخلاف النفسي حول قضية من القائد.. ؟! ولو لم يتكلم صاحبها، ولكنه يتقاعس عن الخدمة والبذل، ويضع العوائق ويكثر من النقد الهدام والنيل من الأشخاص وافتعال المشاكل، وما ذاك إلا لمرضه بحب الرئاسة والقيادة أو الزعامة، وليس هذا فحسب، بل ربما قضى الليالي الطوال في مجالس الغيبة والنميمة وأكل لحوم العلماء والدعاة والعاملين، لا أدري كيف يكون ذلك؟! ولكن الشيطان سوَّل لهم وزيَّن لهم أعمالهم.
إننا أمام مدارس متعددة في الساحة الإسلامية فهناك "مدرسة الحاقدين"؛ الذين لا يحبون الخير للدعوة، ولا للأمة، ولا لأفراد الدعوة، وإن رأوا الخير تكاد قلوبهم تميز من الغيظ!!
وهناك مدرسة "إبليس" وشعارها: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ"، وهذه المدرسة يرى أتباعها أنهم أفضل العاملين ولا يمكن لأحد أن ينجح مثلهم أو يحقق النجاح مثلهم، ولا يمكن أن يوجد عقل يفكر ويدبر للعمل وللدين مثلهم، فلا يثقون في شباب الأمة، ولا يسمحون لهم بالتعلم والتقدم!
وهناك مدرسة أخرى "مدرسة الربانية"، وشعارها: "أي بني أنت اليوم أفضل مني"، وتلك المدرسة يخاف طلابها على الدعوة والدين، ويحرصون على استمرار مسيرة الدعوة، ويرى فيها الصغير خبرة الكبير ويوقره، ويرى الكبير نشاط وحماس الصغير؛ ولذا يعلـِّم الكبير منهم الصغير، ويتعاون فيها الجميع؛ للعمل لدين الله -تعالى-، كأنهم بنيان مرصوص.
إن هذه المشكلة تغلـَّب عليها الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ببساطة ويسر؛ وما ذاك إلا لطهارة قلوبهم ونقاءها وإخلاصها لله -عز وجل-.
لقد جهَّز معاوية -رضي الله عنه- جيشًا عظيمًا؛ لغزو القسطنطينية، وولى عليه ابنه يزيد، وانضم إليه الصحابة -رضي الله عنهم- إذ أنه أول جيش يغزو القسطنطينية، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ) (رواه البخاري)، ولكنَّ أبا أيوب -رضي الله عنه- لم يكن يريد الخروج في هذه الغزوة خاصة إذ كان يزيد صغيرًا لا خبرة له بالحرب، فقد كان عُمْرُ يزيد وقتها يقارب العشرين عامًا، بينما كان أبو أيوب شيخـًا كبيرًا يقارب الثمانين عامًا، ولم يكن رفضه لحرصه على قيادة الجيش أو الإمارة، ولكن لصغر سن يزيد وقلة خبرته، ولكن سرعان ما عاد أبو أيوب إلى رشده وصوابه، وتربيته الأولى، وندم ندمًا شديدًا فغزا معه، وهو يقول: "ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ، ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ، ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ"، فلم يعبأ بـ"من القائد".. ؟!
إنه الإخلاص والتجرد لله -عز وجل-!
ولكن ماذا نصنع نحن إذا تولى شابًا قيادة عمل فيه كبار القوم، هل شعارنا أيضًا: "ما عليَّ مَنْ استـُعمِل عليَّ"؟!
وهذا الصدِّيق -رضي الله عنه- عندما دخل عليه رجل فكتب الصديق له كتابًا، وكان يومئذ هو الخليفة، فلما خرج أخذ عمر -رضي الله عنه- من الرجل الكتاب ومزقه، فقال الرجل لأبي بكر -رضي الله عنه- أمام عمر: "من الأمير؟ أنت أم هو"؟! فقال الصديق -رضي الله عنه- بصدق وطلاقة ودون تردد: "هو -إن شاء-".
لقد حاربوا شعار إبليس: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ"، ورفعوا شعار الربانيين: "أي بنيَّ أنت اليوم أفضل مني"؛ فسادوا البشر.
ولما جهَّز الصديق جيش أسامة كان فيه أكابر الصحابة ومعهم عمر -رضي الله عنهم جميعًا-، ومع ذلك لم يتمرد أحد، ولم يعترض أحد، بل استأذن الصديق أسامة في أن يبقي له عمر حتى يشد من أزره؛ فأذن له أسامة.
أما أبو عبيدة -رضي الله عنه- الذي كان يحب أن يعمل بعيدًا عن الأضواء غير راغب في زعامة ولا قيادة، فقد استوى الأمر عنده أن يكون جنديًا أو قائدًا كما استوى كذلك عند خالد -رضي الله عنه-، وما ذاك إلا لأن قلوبهم مخلصة لله -عز وجل-، تعمل لله ولدين الله متجردة مع سلامة القلب، فخالد -رضي الله عنه- عندما يأتيه خبر عزله وتولي أبي عبيدة يقول له: "جزاك الله عني خيرًا واعلم يا أبا عبيدة أني جندي من جنودك، ويتساوى الأمر لدي سواء أكنتُ أميرًا للجيوش أو جنديًا فيها"، ثم يقول كلمته المخلصة التي تكتب بماء الذهب: "ووالله ما للدنيا نعمل، ولا سلطان الدنيا نريد، كلنا في الله إخوة"، وأردف قائلاً: "أنا لا أقاتل من أجل عمر"!
وهذا مبدأ عظيم..
فتذكر أخي أنك لا تعمل من أجل فلانـًا ولا فلان، ولكن عملك كله لله، ولذا لابد من الصبر والاستمرار مهما كانت الصعاب والعقبات؛ فما "للدنيا نعمل ولا سلطان الدنيا نريد". لقد صغرت الدنيا في أعينهم فـَعظـَم قدرهم في أعين الناس.
نعم لابد من تعميق هذا المعنى، وتربية الجيل عليه: "إنا لا نقاتل من أجل فلان"، ولذلك لن نهتم من القائد ومن المسئول ما لم يأمر بإثم؛ خاصة أنه ربما قد كُلـِّف أو عُيِّن أو أُمِّر علينا فيجب علينا أن نتطاوع ونلين في أيدي إخواننا؛ لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (تَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا) (متفق عليه).