ثامنًا: لقاء الراهب المسمى بحيرا بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو غلام
** "خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يسيرون ، فلا يخرج إليهم ولا يلتفت.
** قال: فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين ، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خرَّ ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة.
** ثم رجع فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به، وكان هو في رعية الإبل قال: أرسلوا إليه فأقبل وعليه غمامة تظله, فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه.
** قال: فبينما هو قائم عليهم، وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إذا عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا سبعة قد أقبلوا من الروم، فاستقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جاءنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس، وإنا قد أخبرنا خبره، بعثنا إلى طريقك هذا، فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟
** قالوا: إنما اخترنا خيره لك لطريقك هذا، قال: أفرأيتم أمرًا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا. قال: فبايعوه وأقاموا معه.
قال: أنشدكم الله أيكم وليه؟ قالوا: أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب.
======================
ومما يستفاد من قصة بحيرا عدة أمور منها:
1- أن الصادقين من رهبان أهل الكتاب يعلمون أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الرسول للبشرية، وعرفوا ذلك لما وجدوه من أمارات وأوصاف عنه في كتبهم.
2- إثبات سجود الشجر والحجر للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتظليل الغمام له وميل فيء الشجرة عليه.
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من سفره وتجواله مع عمه وبخاصة من أشياخ قريش ، حيث اطلع على تجارب الآخرين وخبرتهم ، والاستفادة من آرائهم ، فهم أصحاب خبرة ، ودراية ، وتجربة لم يمر بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنه تلك.
4- حذر بحيرا من النصارى, وناشد عمه وأشياخ مكة ألا يذهبوا به إلى الروم ، فإن الروم إذا عرفوه بالصفة يقتلونه لقد كان الرومان على علم بأن مجيء هذا الرسول سيقضي على نفوذهم الاستعماري في المنطقة ، ومن ثم فهو العدو الذي سيقضي على مصالح دولة روما ، ويعيد هذه المصالح إلى أربابها، وهذا ما يخشاه الرومان.
==========
يتبع بحول الله ماورد فى هذه القصه حتى تتم الفائده
تعليق