الدولة المدنية وتحالف النصارى والعلمانيين

تقليص

عن الكاتب

تقليص

مجد الدين بن أحمد مسلم اكتشف المزيد حول مجد الدين بن أحمد
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مجد الدين بن أحمد
    0- عضو حديث

    • 21 أكت, 2010
    • 22
    • باحث
    • مسلم

    الدولة المدنية وتحالف النصارى والعلمانيين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ( الدولة المدنية وتحالف النصارى والعلمانيين )
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الأخيار الطيبين .
    مصر المحروسة تمر الآن بمشاهد كثيرة مربكة تجعل الحليم حيراناً ، أحدها تحالف النصارى مع العلمانيين، وهذا لمن تأمله أقرب للجمع بين ضدين أصل وجود أحدهما عدم الآخر ؛ فما قامت الدولة المدنية العلمانية إلا على أنقاض دولة الكنيسة ، فعلام يجتمع المشرقي مع المغربي !؟

    وبينما يعاين المصريون في حزن وأسى ما تبقى لهم من المحروسة بعد ستين عاماً من القهر المنظم ، يتسلل النصارى والعلمانيون معاً يصرخون بين الصفوف " نعم للدولة المدنية لا للدولة الدينية " .
    وهذا بلا شك نوع من إدارة الدجل في توجيه مشاعر الجماهير إلى الموضع الخطأ وصرف عقولهم وإرادتهم بعيداً عن الصواب وعودة الوعي ، وإلا فأي دولة مدنية يريد النصارى !؟ أهي دولة كنيستهم ذات السلوك الامبراطوري المفعم بالكبر والطائفية !؟

    وأي دولة دينية تلك التي يَحذر العلمانيون !؟
    أهي دولة حلفائهم الطائفيين ذات الطابع الكنسي، التي يَحرم رأسها من شاء من الأبدية ويلقيه في الجحيم ، ثم لم يكتف بجحيم السماوات حتى أقام على الأرض سجناً وجحيماً لنساء مستضعفات خالفن إرادته فأسلمن، مما حط من رتبة الدولة المصرية إلى مرتبة العصابات !؟
    انظر هنا :
    https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=33498

    ثم هؤلاء جميعاً يصرخون " نريد الدولة المدنية " وكأن الدولة التي سامت المصريين سوء العذاب عبر ستين عاماً من القهر لم تكن دولة مدنية !. يصرخون وكأنهم قد خرجوا للتو من كهوف الدولة الدينية .
    إنه مشهد مربك حقاً فلابد من تحليل مفرداته للقارئ الكريم .

    لابد إذن أن نشير إلى تاريخ هذا المصطلح " الدولة المدنية " ، الذي اجتمع عليه النصارى والعلمانيون ، وإلى الأصول التاريخية لعلاقة كل منهما به ، وهذا يستلزم النظر في نشأته وظروف تلك النشأة ، ومراد أهله منه .

    وسنبين أيضاً ومن تأصيلات فلاسفة الدولة المدنية إلى أنه لا تلازم بين أصول هذه الدولة وبين العدالة الاجتماعية والسياسية ، فقد تكون أصولاً شمولية ضاربة بجذورها في أرض الاستبداد ، المشرع المطلق فيها هو السيد الحاكم الذي يصدر القرارات والقوانين ، ولا يجوز نقده أو مساءلته عن طريق القانون .

    ولقد أصَّل الفليسوف الانجليزي توماس هوبز (1588-1679م) وهو من كبار فلاسفة الدولة المدنية لعقد إذعان يدعو إلى توحش الدولة بابتلاع السلطة الحاكمة لكافة حقوق المواطنين ، حتى سمى دولته تلك بالوحش أو التنين " leviathan " ، ويأتيك البيان إن شاء الله في حينه ، وقد تبعه على هذا الفكر فريق من رواد الدولة المدنية .
    فهذه صورة من صور الدولة المدنية تجعل الدولة البوليسية المصرية جنة أرضية وارفة الظلال .

    ولأن الدولة الدينية هي الدولة المقابلة للدولة المدنية فلابد من الإشارة إلى مصطلح الدولة الدينية ، وقد أشرنا هنا :
    (( أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يسقط الوثنية السياسية للكنيسة ))
    https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=33298
    وهنا :
    (( بولس الرسول يؤسس للدولة العلمانية ))

    https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=33413
    إلى نموذجين لمصطلح " الدولة الدينية " : الدولة الدينية المسيحية الثيوقراطية ، والدولة الدينية الإسلامية ، وأشرنا إلى بعض الفروق الأساسية ، فمن ذلك أن الدولة الدينية الإسلامية تحكمها نصوص مكتوبة معلومة تنظم الحقوق والواجبات ، وفي المقابل نجد الدولة الدينية المسيحية بلا شريعة مكتوبة ، فدينها ما يراه الملك ، وهذا في معيار الإسلام شرك بالله عز وجل .

    فالمقدس في الدولة الإسلامية هو النص الإلهي ، بينما المقدس هناك هو الملك ذاته باعتباره مرتب من الله عز وجل ترتيباً مباشراً ، كما تقدم من كلام بولس (1) ويقول الآب جاك بوسيه ( 1627- 1704) : " الله الذي يعين الملك ويضعه على العرش لكي يعمل على ازدهار المصلحة العامة وكذلك لحماية المتواضعين من الرعايا " (2)اهـ.
    فهذه إشارة لمصطلح الدولة الدينية .

    أما مصطلح " الدولة المدنية " فهو مصطلح غربي خالص ، سواء باعتبار الظهور أو الجذور أو الجوهر ، أما باعتبار الظهور فقد ظهر على خلفية التمرد على الدولة الدينية المسيحية التي قامت على نظرية الحكم الإلهي للحاكم ، حتى أصبح هذا التمرد معياراً لمدنية الدولة .
    أما باعتبار الأصول فجذور هذا المصطلح تجدها في الحضارة الاغريقية القديمة ، والحق أن ثالوث العقل الغربي هو : الحضارة الاغريقية ، والعسكرية الرومانية ، ومسيحية بولس ، وتظل القراءة الصحيحة لهذا العقل رهن النظر في هذا الإرث التراكمي .

    أما باعتبار جوهر المصطلح فإنه يعنى بأصل قيام الممالك والمدن والجمهوريات ببحث أساس الفلسفة السياسية للسلطة والسيادة التي تضمن تنفيذ القوانين في هذه التجمعات الإنسانية ؛ يعني من أين تستمد هذه السلطة الحاكمة سلطتها وسيادتها!؟
    فبينما كان أساس هذه السلطة في الدولة الدينية المسيحية هو الحق الإلهي للملوك وأن الملك مرتب مباشرة من الله عز وجل ، نجد فلاسفة الدولة المدنية قد شيدوا أساس السلطة على نظرية العقد الاجتماعي .
    وقبل أن نتكلم عن طبيعة هذا العقد وصوره ، والفرق بينه وبين عقد الدولة الإسلامية ، نود أن نشير إلى العلاقة بين الدولة المدنية والكنيسة ، لعل هذا يساعد الكنيسة المصرية على تبين موقع سلوكهم الطائفي من الدولة المدنية التي يطالبون بها .

    ( العلاقة بين الدولة المدنية والكنيسة )
    لقد عاشت أوربا أحداثاً حالكة السواد وانحطاطاً سياسياً مزرياً في ظل السلطة المطلقة للكنيسة ؛ فلم يكن بد من تحطيم هذه السلطة المطلقة بالبحث في أساس فلسفي لقيام الدول يسقط نظرية الحكم الإلهي ويغل يد الكنيسة عن الدولة ، لقد كان تمرداً متفاوت المراتب اختلف فيه موقف فلاسفة الدولة المدنية من سلطة الكنيسة ما بين الإلغاء التام لهذه السلطة أو الحد منها وتقييدها .

    وحتى نفرغ لصقور الدولة المدنية ، فلنبدأ بحمائمها الذين طالبوا بتقييد سلطة الكنيسة لا تقويضها .
    يقول جون لوك ( 1632- 1704) وهو من أهم فلاسفة الدولة المدنية : " كل ما أريد قوله هو أياً كان مصدر السلطة فإن السلطة مادامت ذات طابع كنسي فيجب أن تكون مقيدة بحدود الكنيسة ، إذ ليس في إمكانها بأي حال من الأحوال أن تمتد إلى الشؤون الدنيوية ؛ لأن الكنيسة ذاتها منفصلة عن الدولة ، ومتميزة عنها تماماً ، فالحدود بينهما ثابتة ومستقرة ، ومن يخلط بين هذين المجتمعين كمن يخلط بين السماء والأرض وهما متمايزان أشد التمايز متضادان أشد التضاد ، إذ هما في أصلهما وغايتهما وأعمالهما وفي كل شيء متمايزان تماماً ومتباينان بلا حدود " (3)اهـ.

    أنت تلحظ هنا اعترافاً صريحاً بسلطة الكنيسة ، وأنها سلطة منفصلة ومتميزة عن سلطة الدولة ، ولكنه يعود ويرسم حدود هذه السلطة بدقة ويحددها بقضايا الإيمان وأشكال العبادة والخلاص .
    يقول لوك : " أود أن أقول أن سلطة الحاكم لا تمتد إلى تأسيس أي بنود تتعلق بالإيمان أو بأشكال العبادة استناداً إلى قوة القوانين "(4) اهـ.

    ويقول لوك : " الكنيسة والدولة إذا قنع كل منهما بالبقاء في داخل حدوده ، الدولة ترعى الرفاهية الداخلية للدولة ، والكنيسة تشتغل بخلاص النفوس ، فإنه من المحال أن يحدث بينهما شقاق " (5)اهـ.

    وفي المقابل تجده يشدد في حرمان مجتمع الكنيسة من عناصر القوة المادية أو المالية باعتبار أن هذه القوة من سلطة الحاكم المدني وأدواته في إدارة الدولة ، يقول لوك : " كما لا ينبغي لهذا المجتمع الكنسي، بل ليس في إمكانه أن ينشغل بامتلاك الخيرات المدنية والدنيوية ، ولا يمكن من استخدام القوة في أي مناسبة مهما تكن ؛ لأن القوة تخص الحاكم المدني ، وملكية الخيرات البرانية(6) تقع تحت سلطان تشريعه "(7) اهـ.

    ويقول أيضاً : " إن السلطة الكنسية سواء أدارها شخص واحد أو عدة أشخاص هي هي في كل مكان إنها لا تشرع للأمور المدنية وليس لها أية قوة قهرية ولا علاقة لها بالثروات والدخول "(8) اهـ.

    ولأن لوك هو أكثر فلاسفة الدولة المدنية اعتدالاً وتسامحاً مع الكنيسة ، فلابد لنا إذن من مقارنة لطيفة بين عبارات لوك القاطعة " كما لا ينبغي لهذا المجتمع الكنسي، بل ليس في إمكانه " في تحريم امتلاك الكنيسة للقوة بعناصرها المادية والسياسية والمالية وبين سلوك الكنيسة المصرية التي خرج قساوستها بالسلاح " الرشاشات " للاستيلاء على مزيد من أراضي الدولة ، وضمها لأملاك الأديرة المترامية الأطراف .
    ولابد هنا من المقارنة بين حدود لوك التي رسمها للكنيسة وبين استقلال الكنيسة المصرية بمحابس خاصة مستقلة عن سلطة الدولة .
    والمقارنة بين نص لوك على أن ما هو قانوني لا يجوز للكنيسة أن تمنعه أو تحرمه وبين منازعة رأس الكنيسة المصرية لأرفع سلطات الدولة القضائية .
    هذا رأي فليسوف الاعتدال والتسامح مع الكنيسة ، فلنر رأي الصقور .

    ( صقور الدولة المدنية )
    لقد بنى هؤلاء الفلاسفة وهم من كبار منظري الدولة المدنية موقفهم من الكنيسة على أنه لا يمكن التأكيد على مدنية الدولة إلا بإلغاء سلطة الكنيسة بالكلية ، ولقد بلغ تأصيلهم لدمج الكنيسة في الدولة إلى شيء أبعد من التأميم ، وإليك بعض أقوالهم .
    يقرر الفليسوف الهولندي باروخ سبينوزا (1632ـ 1677م) موقفه من تنظيم شئون الكنيسة فيقول : " وإن أحداً ليس له الحق أو القدرة إلا باسم السلطة أو بموافقة منها على تنظيم هذه الأمور أو اختيار القائمين على شعائر العبادة أو تحديد أسس عقائد الكنيسة وإقامتها ، أو إصدار حكم على الأعمال والعبادات التي تتسم بالتقوى أو القبول داخل الكنيسة أو الحرمان منها أو رعاية حاجات الفقراء "(9) اهـ.

    فانظر كيف غل يد الكنيسة عن العقائد والعبادات ومن يقيمها، وتحديد ما هو خير وتقوى من الأعمال وما هو شر، وتأمل كيف كسر سلاح الحرمان الذي يتسلح به رأس الكنيسة المصرية في مواجهة من يعارضه ، وتأمل كيف حرم سبينوزا الكنيسة حتى من رعاية الفقراء حتى لا يكون لها تأثير اجتماعي بين الناس ، ثم انظر كيف حرمها من تفسير النص الإلهي إذ يقول : " ومجمل القول أننا سواء نظرنا إلى الأمر من زاوية الحقيقة أو سلامة الدولة أو مصلحة الدين يجب أن نسلم بأن القانون الإلهي أي المنظم لشئون الدين يعتمد مباشرة على مشيئة السلطة العليا الحاكمة ، وبأن هذه هي التي يجب أن تقوم بمهمة تفسيره وحمايته " (10)اهـ.

    ويقول : " عندما قلت سابقاً : إن لأصحاب السلطة الحق في تنظيم كل شيء وأن كل قانون رهن بإرادتهم ، لم أكن أعني القانون المدني وحده بل كنت أعني أيضاً القانون المتعلق بالشئون الدينية الذي ينبغي أن يكونوا هم أيضاً المفسرين له والمدافعين عنه ، وسأحاول في هذا الفصل أن أوضح ذلك وأبينه صراحة ؛ لأن كثيراً من الكتاب يرفضون الاعتراف للسلطة العليا الحاكمة بحقها في تنظيم الشئون الدينية ويأبون عليها تفسير القانون المقدس " (11)اهـ.

    وعلى نفس خطى سبينوزا مضى الفليسوف الانجليزي توماس هوبز (1588-1679م) ، ولقد اعتنى توماس في كتابه " المواطن " الذي وضعه عام 1642م بتأصيل فكرة مدنية الدولة وإسقاط سلطة الكنيسة وإخضاعها خضوعاً تاماً لحاكم الدولة ، يقول توماس : " إن الكنيسة المسيحية والدولة المسيحية شيء واحد وهيئة واحدة رئيسها الحاكم ، ولهذا فإن حق الحاكم أن يفسر الكتاب المقدس ، وأن يفصل في المنازعات الدينية وأن يحدد أشكال العبادات العامة " (12)

    وقد رد هذا الفريق بحدة على أنصار الرأي الأول القائلين بالفصل بين سلطة الكنيسة وسلطة الدولة ، يقول سبينوزا : " أما أنصار الدعوة المعارضة التي تفرق بين القانون الوضعي والقانون الديني ويجعلون الأول من حق الحاكم وحده ، والثاني من حق الكنيسة الشاملة فقد قدموا حججاً لن أقف عندها لأنها تافهة لا تستحق الرد "(13) اهـ.
    هل هذه هي الدولة المدنية التي يطالب بها نصارى مصر !؟ سبحان الله ألم تكن الدولة الإسلامية في جميع مراحلها أرحم بالكنيسة وأهلها من بني جلدتهم !؟.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
    يتبع إن شاء الله .
    كتبه
    مجد الدين بن أحمد الآبار


    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) انظر مقالي " بولس الرسول يؤسس للدولة العلمانية " .
    (2) كتاب الطاغية للدكتور إمام عبد الفتاح إمام ص57 .
    (3) رسالة في التسامح ص 36.
    (4) المصدر السابق ص 26.
    (5) المصدر السابق ص 65.
    (6) يعني الظاهرة مقابل الباطنة .
    (7) رسالة في التسامح ص 30.
    (8) المصدر السابق ص 60.
    (9) رسالة في اللاهوت والسياسة ص 429.
    (10) المصدر السابق ص 431.
    (11) المصدر السابق ص 421.
    (12) الموسوعة الفلسفية لعبد الرحمن بدوي (2/554) .
    (13) رسالة في اللاهوت والسياسة ص428 .
    مدونتي
    لواء الإسلام
  • _الساجد_
    مشرف قسم النصرانية

    • 23 مار, 2008
    • 4599
    • مسلم

    #2
    أحسن الله إليك ..
    نقل الموضوع إلى قسم نقد العلمانية و مبادئ الفكر اللاديني و الإلحادي
    .................................................. ...
    هناك عدة نقاط نرجو من كل باحث حق أن يدرسها ويتشربها جيداً حتى يكون على وعي تام بكل (الهراء) السياسي و(التخليط) بين المفاهيم .. ولا أدري هل هذا مقصود أم أنه نوع من سطحية ثقافة المثقفين أم أنه - كالعادة - أصحاب الصوت العالي هم أتفه الناس فكراً .. وأضعفهم حجة ..

    الدولة الدينية: ببساطة هي أن يحكم الحاكم برأيه باعتباره أنه صورة الله في الأرض ..
    فحلال الحاكم يعتبر حلال الرب وحرام الحاكم يعتبر حرام الرب ..
    لا مراجعة لا محاسبة .. طبقية فوقية لـ " رجال الدين " ..
    نختصرها في جملة لا يفهمها كثير من الناس وهي " هيمنة المؤسسة الدينية على مقادير الشعب " ..

    الدولة المدنية: أن يحكم الحاكم بشورى المحكومين ..
    فحلال الرب هو حلال الحاكم .. وحرام الرب هو حرام الحاكم ..
    تقوم على مبدء الشورى - العدالة الاجتماعية - الرقابة الشعبية - المحاسبة الذاتية - مبدأ من أين لك هذا .. ونختصرها في جملة أيضاً لا يفهمها كثير من الناس وهي " حكم الشعب بواسطة الشعب " ..
    وعليه ..

    أولاً: الدولة الإسلامية كما جاء بها الإسلام على مر عصورها تقوم على " مباديء الدولة المدنية " ومن شذ عن هذا هم الروافض إيرانيين وشيعة إمامية ..

    ثانياً: الكنيسة بدورها الحالي تمثل الدولة الدينية بحذافيرها .. بتفاصيلها .. بأركانها ..

    ثالثاً: العلمانية شيء والمدنية شيء آخر مختلف تماماً، فأهم مباديء العلمانية :
    1. فصل الدين عن الدولة .
    2. الامة هي مصدر التشريع والسلطات .
    3. تقديس حرية الفرد في الفكر والضمير والتعبير والعبادة .
    4. احترام كافة الاديان والمعتقدات والوقوف بمسافة واحدة من كل الطوائف والمذاهب .
    5. تحقيق المساوات امام القانون .
    6. ممارسة العمليات الانتخابية الحرة النزيهة .
    7. اشاعة قيم التسامح والتوافق والتراضي .
    8. اقامة حكم مبني على رضا المحكومين .

    بالنظر في النقاط الثمانية بحيادة تام سنجد أن الدولة الإسلامية تتفق في جميع العناصر إلا في النقطة الأولى وهي نقطة ممطوطة واسعة المعنى وهكذا كل أصحاب القوانين المفصلة بحيث يمكن لك أن "تحشر" فيها أي معنى ويصبح مقبولاً ..
    النقطة الأولى تعني: فصل " تشريع الدين " عن " تشريع الدولة "
    بمعنى أن " ما يكرهه الدين " لا يشترط أن " يكرهه قانون الدولة "
    وأن " عقوبات الدين المدنية " لا يجب أن تطبق كـ " عقوبات الدولة المدنية " ..

    هذه النقطة هي الفرق الوحيد بين الدولة المدنية (الإسلامية) والدولة المدنية (العلمانية) ..

    تعليق

    • مجد الدين بن أحمد
      0- عضو حديث

      • 21 أكت, 2010
      • 22
      • باحث
      • مسلم

      #3
      بسم الله الرحمن الرحيم


      أخي الكريم بارك الله فيك


      لا يخفاك الفرق بين التفسير الخاص للفظ وبين الحقيقة التاريخية له .


      فلو قال أحد أن مرادي بالدولة المدنية هو كذا وكذا بناء على المعنى اللغوي مثلاً فهذا يظل تصوراً خاصاً به .


      فيكون هذا أشبه بتعريب اللفظ أو أسلمته ، أو حتى بناء الاصطلاح الإسلامي للدولة المدنية .


      لكن عليه أن يبين الفروق بين تصوره وبين تصور الآخرين حتى لا تختلط على الناس المعاني .


      ورأيي الشخصي أن هذه محاولة محفوفة بالمخاطر ، وليس هناك ما يضطرنا إليها .


      ولابد مع ذلك أن يقر بأن نظريته هذه لن تغير الحقيقة التاريخية المرتبطة بنشأة هذا اللفظ واستعماله .


      إذ لا يمكن للباحث الحر ـ الذي تنشده ـ أن ينكر وجود ما اتفق الناس على وجوده .




      ولا يخفاك أخي الكريم أن العبرة في تمييز الأشياء بالأصول الفارقة بينها وإلا فإن الأشياء المتباينة أشد التباين قد تتفق في بعض المعاني .


      أضرب لك مثالاً :


      الدولة الروسية في أيام القيصر دولة شمولية مستبدة .


      الدولة الروسية أيام ستالين دولة شمولية مستبدة .


      الأولى دولة دينية قطعاً أساس السلطة فيها هو الحق الإلهي .


      والثانية ليست كذلك قطعاً ، فهي دولة دينية يحكمها عقد قائم على دكتاتورية البروليتاريا .


      فمع اتفاقهما في معنى واحد وهو الاستبداد إلا أن بينهما من الاختلاف ما بين السماء والأرض .


      والذي نريد أن نوضحه أن المعتبر في الدولة المدنية هو العقد الأرضي الذي تشكله ـ عندهم ـ عوامل القوة في المجتمع ، بغض النظر عن شكل هذا العقد .




      وكذلك الفرق الإسلامية ، فإن بينها وبين أهل السنة مواضع اتفاق قطعاً ، ولكننا عندما نميز بينها نبحث عن الأصول الفارقة .


      فالدولة الدينية لها أصول مميزة وفارقة .


      والدولة المدنية لها أصول مميزة وفارقة .


      وإن تشابها في بعض المعاني .



      لكن يا أخي الكريم إذا أردت أن تطاع فمر بالمستطاع ، فإذا قلنا للناس أن الدولة الإسلامية في كل عصورها لم تكن دولة دينية فكأننا نغير جلدنا ، ولن يصدقنا أحد .


      فإذا كانت الدولة هي الأقليم والشعب والسلطة ، فالذي يربط هذه الأشياء ببعضها في الدولة الإسلامية هو الدين .


      وإذا قلنا أن المفهوم الشائع عن وظيفة الدولة أنها الحارس ، فإن الدولة الإسلامية هي التي تحرس الملة والأمة .


      فكيف لا تكون دولة دينية .



      لكن إذا بينا حقيقة الفرق بين الدولة الدينية في المسيحية والدولة الدينية في الإسلام عقيدة وشريعة ، كان خطابنا دعوياً صادقاً ومتوازناً ، وبل كان جزء من هدم العقيدة الباطلة .



      ثم يا أخي الحبيب تقول : ( ثالثاً: العلمانية شيءوالمدنية شيء آخر مختلف تماماً، فأهم مباديء العلمانية :

      1. فصل الدين عن الدولة .(




      فقولك أيها الفاضل الكريم " العلمانية شيءوالمدنية شيء آخر مختلف تماماً " هذا إنما يكون باعتبار الاصطلاح الخاص عن الدولة المدنية ، أو بناء على النظرة الإسلامية المقترحة لمفهوم الدولة الدينية ، أما باعتبار تاريخ المصطلح والاستعمال الشائع له ؛ فإن الدولة المدنية ما قامت إلا لفصل الدين عن الدولة، فهي دولة علمانية قطعاً .


      ولعل فيما يأتي مزيد بيان .


      أخي الحبيب جزاكم الله خيراً على هذه الإفادات التي تثري الموضوع وتضفي عليه القيمة .
      مدونتي
      لواء الإسلام

      تعليق

      • nimo1810
        10- عضو متميز

        حارس من حراس العقيدة
        • 4 مار, 2009
        • 1804
        • وردة في بستان من حدائق الرحمن
        • مسلم

        #4
        جزاكم الله خيرا موضوع مفيد
        صورة خاتم المرسلين سيدنا محمد :sallah: ستبقى مشرقة مهما حاول المشككون تشويهها.
        وكذلك سيبقى نور القرآن الكريم مضيئاً براقا مهما حاول الملحدون الإساءة إليه.
        يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( التوبة )

        تعليق

        • مجد الدين بن أحمد
          0- عضو حديث

          • 21 أكت, 2010
          • 22
          • باحث
          • مسلم

          #5
          الدولة المدنية وتحالف النصارى والعلمانيين (2) .

          وجزاكم أخي الكريم وبارك الله فيكم .

          بسم الله الرحمن الرحيم
          الدولة المدنية وتحالف النصارى والعلمانيين (2)
          الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الأخيار الطيبين .

          انظر ما تقدم معنا من قول هوبز " الكنيسة المسيحية والدولة المسيحية شيء واحد " وتأمل عدم تحرجه من النص على مسيحية الدولة ، فمع تطرفه في تأميم سلطة الكنيسة لصالح السلطة العامة في الدولة ، لم يجد تعارضاً بين مدنية هذه الدولة وبين هويتها المسيحية ، طالما أن الأساس للسلطة ومصدر سيادتها هو العقد وليس الكنيسة .


          إن هذا يدلنا على مبلغ توحش العلمانيين المصريين وهم يتربصون بالنص على الهوية الإسلامية للدولة في صدر المادة الثانية من الدستور : " مصر دولة مسلمة " بحجة مدنية الدولة .

          ولم يشفع لهذه المادة لدى هؤلاء العلمانيين ، النصُ على الهوية المسيحية في بعض دساتير الدول المدنية الأوربية .

          ولم يشفع لها لدى هؤلاء نص كثير من الأحزاب العلمانية في أوربا على هويتها المسيحية .

          ولم يشفع لها أن الرئيس في امريكا يحلف على الإنجيل ، وهذا نص غير مكتوب على الهوية المسيحية للدولة ، وامريكا هي الأب الروحي لكثير من هؤلاء العلمانيين المصريين .

          وبرغم تأكيد أوباما على مسيحيته إلا أن أصوله الإسلامية كانت الشبح المخيف الذي هدد بإبعاده عن كرسي الرئاسة .

          فهذا كله يدلك على بعضِ من تعسف هؤلاء مع صدر المادة الثانية من الدستور المصري .


          بل لا يقدح في مدنية الدولة عند هوبز وغيره من فلاسفة الدولة المدنية أن تمتد يد مشرعها إلى النص الديني لينتقي منه ما يريد .

          فمع أن سبينوزا قد أصَّل للنظر العقلي في الموروث الديني "الكتاب المقدس"، وأخضع نصه للنقد ، إلا أنه لم يمانع من النظر في الوحي كمصدر للتشريع طالما أن الوحي لن يكون له قوة الأمر إلا بإرادة من له الحق في الحكم (1).


          ويقول هوبز : " ولم يترك المسيح قوانين تلزمنا في هذا العالم ، بل ترك نظريات لإعدادنا للعالم القادم ، وهي لا تتحول إلى قوانين ملزمة إلا إذا أمر المشرعون الذين أعطاهم الله السلطة على الأرض بطاعتها " (2)اهـ.

          لاحظ هنا أمرين :

          الأول : قوله بأن المسيح عليه السلام لم يترك لهم قوانين منظمة للحياة على الأرض ، وإنما ترك لهم مبادئ عامة تتعلق بالإعداد إلى العالم الآخر ، وضع هذا في مقابلة الشريعة الإسلامية التي أحكمت نصاً واستدلالاً نظام الحياة على الأرض . قال تعالى : (( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ )) [سورة الأنعام :38 ] ، ثم تأمل مبلغ الغبن الذي لحق بالمسلمين بمحاكاة النصارى في فصل الدين عن الدولة .

          الثاني : مع أن هذه القوانين متعلقة بالعالم الآخر فقط ، إلا أنها لن تكتسب صفة الإلزام إلا باختيار المشرع الوضعي لها .

          إن هذا يدلك بوضوح على أصل فارق ومميز للدولة المدنية ، وهو انفصال القاعدة القانونية عن القاعدة الدينية أو الأخلاقية في المجتمع ؛ طالما أن القاعدة القانونية لا تستمد الإلزام من الدين أو الأخلاق ، وإنما من الإرادة الانتقائية للمشرع الوضعي .

          ويدلك أيضاً على أن تطرف هؤلاء الفلاسفة في التأكيد على مدنية الدولة لم يحل بين الإرادة الانتقائية للمشرع الوضعي وبين النظر في النص الديني كمصدر من مصادر التشريع .


          فإذا كان هذا هو رأي فلاسفة الدولة المدنية في مواجهة الكنيسة ذات التاريخ المظلم والتراث المهين للبشرية ، فبأي شيء نفسر سلوك العلمانيين المصريين وهم يقاتلون بشراسة لإسقاط المادة الثانية من الدستور " الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " بحجة مدنية الدولة !؟.


          تأمل كل هذا التكتل في طلب إسقاط المادة الثانية مع علمهم بأن الإرادة الانتقائية للمشرع الوضعي هي سمة التشريع في الدولة المصرية ، ومن ثم فلن يحرك وجود هذه المادة شعرة في مدنية الدولة ، أما المعارضة بين هذه المادة وبين دستورية القوانين ، أو ما يعرف بالطعن على القوانين بعدم الدستورية لمخالفة المادة الثانية، فلم يفد شيئاً ذا بال ، وكل الشواهد حولنا تؤكد أنه أقرب للتوهم من الحقيقة .


          إن أصل الالتزام في الدولة الإسلامية هو طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو محل التعاقد بين الحاكم والمحكومين ، وهذا الالتزام هو أصل طاعة ولي الأمر قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) [سورة النساء 59]

          وهذا يدلك على ما في إحلال الالتزام بطاعة المشرع الوضعي محل الالتزام بطاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم من المعاندة والمناقضة للإسلام . وهنا يجب التنبيه على أمور :

          الأول : أن هذا الإحلال لا ينسب لأحد ما لم يقر به .

          الثاني : أن الأصل في إصدار وتلقي الأحكام عند المصريين هو الأمر الواقع لا الالتزام بطاعة المشرع الوضعي ، فما سمعنا عن أحد تلقى أحكام الزواج والطلاق والميراث والبيع والشراء وغير ذلك من الأحكام على سبيل الالتزام بطاعة المشرع الوضعي .

          الثالث : أن مصر دولة إسلامية وذلك باعتبار السكان ، وباعتبار ظهور الشعائر الإسلامية ، وباعتبار أن هذا الظهور مستمد من الإرادة العامة للسكان ، لم يجرؤ أحد عبر التاريخ على كبته أو دفعه .

          فاجتماع هذه الثلاث مؤكد لإسلامية الدولة ، لذا فالتوسع الهائل في بناء الكنائس والذي يكاد يصل لكنيسة لكل قبطي ، سيؤدي حتماً إلى فتنة عارمة ، لأنه نوع من المنازعة الظاهرة في الهوية الإسلامية ، وهذا خطر جداً وخطأ كنسي كبير .


          إن الحفاظ على المادة الثانية للدستور قضية مصيرية في حياة الأمة المصرية ، لكن لماذا ؟

          والسؤال بصيغة أخرى : ما القيمة الحقيقية للمادة الثانية من الدستور في ظل دولة علمانية إرادة مشرعها الوضعي هي الخصم والحكم !؟

          وبصيغة ثالثة : علام يتقاتل الإسلاميون والعلمانيون على هذه المادة التي لن تنفع الإسلاميين كثيراً ولن تضر بالعلمانيين كثيراً !؟

          والحق أن كلاً من السؤال والجواب ذو شجون ، فإن هذه المادة هي كل ما تبقى من نصيب الإسلام من النظام العام ، يعني أنها كل ما تبقى من الحماية القانونية للقيم العليا في الإسلام … الدائرة الضيقة من القيم العليا للإسلام .

          وحتى نقف على أثر سقوط هذه الحماية على الفرد والمجتمع لابد أن نتعرف على طبيعة النظام العام في الدولة المدنية .


          ( الدولة المدنية والنظام العام )
          وضع منتسكيو عام 1748م كتابه " روح القوانين " وناقش فيه قضية ارتباط القوانين بظروف المجتمع من حيث السكان والدين السائد والعادات وتقاليد الشعوب وميولها وطبيعة الثروة فيها ، إذن فهي دراسة تتعلق بأمرين :
          الأول : تاريخ القاعدة القانونية وتطورها .

          الثاني : الفلسفة التي تقوم عليها القاعدة القانونية .

          وفي النظام القانوني لأي دولة هناك ما يعرف بالنظام العام ، وهو أشبه بالمراقب العام في النظام القانوني، باعتباره الأساس الذي تقوم عليه حماية المجتمع وصيانته ، يقول الدكتور السنهوري : " تعتبر القاعدة القانونية من النظام العام إذا قصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد "(3) اهـ.

          والنظام العام يتكون من قواعد بعضها مكتوب وبعضها غير مكتوب ، ولذلك فهو أداة قضائية مرنة ولكنها مضبوطة .


          ويقول الأستاذ كريستوف فيبيرا :" كل مجتمع يلزم أعضاءه باحترام مجموعة تضيق وتتسع من القواعد التي لها الأولوية المطلقة ، والتي يطلق عليها عبارة "النظام العام " ، فكلمة النظام (Ordre) توعز بفكرة التوجيه والأمر والترتيب ، وإضافة العمومي أو العام إليها تبرز أسبقية المصلحة العامة على المصلحة الشخصية الخاصة "(4) اهـ.


          وباعتبار أن النظام العام يتعلق بالمصالح العليا للدولة فإنه يتغير من دولة إلى أخرى بحسب النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل دولة .

          وباعتبار أننا نتكلم عن الدولة المدنية فإن القيمة الوحيدة الثابتة هي إرادة المشرع الوضعي باعتباره أداة التعبير عن إرادة المجتمع ونظامه العام ؛ وماعدا إرادة المشرع الوضعي فكل شيء قابل للتغيير ؛ فإن قواعد النظام العام تضيق وتتسع بحسب إرادة المجتمع ؛ بحيث يصبح ما جرمه القانون بالأمس حماية للنظام العام غير مجرم اليوم بحسب النظام العام الجديد .


          وانظر إلى التطور الهائل الذي طرأ على المجتمعات الأوربية عبر دولها المدنية تعرف ذلك ، فعلى سبيل المثال فقد وسع لوك من دائرة التسامح الديني واعتبره وسيلة الحاكم في الدولة المدنية لحفظ النظام والأمن ، فضيق إلى أبعد حد الوصف بالهرطقة والمخالفة في العبادة ، ومع أن توسعه هذا قد استفاد منه الوثنيون ، إلا أنه حرم الملاحدة من هذا التوسع وطردهم عن دائرته فيقول : " واخيراً لا يمكن التسامح على الإطلاق مع الذين ينكرون وجود الله ، فالوعد والعهد والقسم من حيث هي روابط المجتمع البشري ليس لها قيمة بالنسبة للملحد فإنكار الله حتى لو كان بالفكر فقط يفكك جميع الأشياء ، هذا بالإضافة إلى أن أولئك الملحدين الذين يدمرون كل الأديان ليس من حقهم أن يستندوا إلى الدين لكي يتحدوا " (5)اهـ.


          ولكن ما ضاق بالأمس على الملاحدة وسعهم اليوم ، فإن النظام العام في أوربا أوسع صدراً اليوم معهم مما كان قبل ، لكن النظام العام الآن لم يتقبل بعد فكرة سب الله ، يعني إنكار الله ممكن لكن سبه لا ، لذا فقد منعت الحكومة البريطانية عرض فيلم يمس شخصية المسيح عليه السلام في بريطانيا ـ وهو الإله في عقيدتهم ـ بحجة أنه يسئ إلى النظام العام - حماية لمشاعر المسيحيين من الإساءة – ثم أيدت محكمة حقوق الإنسان الأوربية حكم المنع لنفس الحجة " مخالفة النظام العام "

          أما سب النبي صلى الله عليه وسلم فهو مسموح في نظامهم العام داخل في حرية التعبير .


          وانظر هذا المثال هنا :

          http://magdaldenebnahmadalabbar.makt...g.com/1510355/

          مدنية-يترفع-عنها-البهائم/

          فلاشك أن هذا الزواج الفريد في دائرة الحكم الألمانية كان مجرماً في النظام العام الألماني سابقاً وما كان في وسع أحد من عامة الناس أن يعلن عنه فضلاً عن حكام الدولة .

          وقد عرضت القناة الإخبارية الرئيسية للتليفزيون السويسري أن المادة 213 من قانون العقوبات السويسري سوف تلغي مستقبلاً ، ووفقاً للقانون الذي سيتم عرضه على البرلمان فإن زنا المحارم لن يعاقب عليه إذا تم بالتراضي بين الطرفين ، فالأب يستطيع في المستقبل أن ينجب من ابنته بطريقة شرعية تماماً " انتهى الخبر .

          إن هذا القانون الجديد هو تعبير عن نظام عام جديد قرر المجتمع من خلاله محو التصور الأخلاقي فضلاً عن الديني لعملية زنا المحارم من مفردات هذا النظام .


          لعلك تلحظ معي أمراً في غاية الخطورة ، فإن المشرع الوضعي يعبر عن النظام العام للمجتمع ويصيغه ، ولكنه لا يحتكر تشكيله ، بل الأديب والروائي والشاعر والمخرج السينمائي أقدر على إعادة تشكيل النظام العام من القانوني الذي يتكلم بلغة لا يملك كل الناس مفرداتها .

          ولقد بذل العلمانيون المصريون من أيام اللورد كرومر " صبيان اللورد كرومر " جهداً كبيراً لهدم ثوابت الإسلام ، ولكن في الثلاثين عاماً الأخيرة كانوا يسابقون الزمان ، وهذا هو أصل شعورهم الطاغي والمحموم والعصبي بأنه قد حان وقت قطاف الثمرة ، المادة الثانية ، ما تبقى للإسلام من النظام العام .

          وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

          يتبع إن شاء الله
          كتبه

          مجد الدين بن أحمد الآبار

          ـــــــــــــــــــــــ
          (1) انظر رسالة في اللاهوت والسياسة ص 425.
          (2) الموسوعة الفلسفية لعبد الرحمن بدوي (2/429) .
          (3) مصادر الحق للسنهوري (1/81) .
          (4) مسألة من ورقة الشيخ عبد الله بن بيه المقدمة لمؤتمر : ( نحن والآخر ) في : 12/7/1427م
          (5) رسالة في التسامح (ص57) .
          مدونتي
          لواء الإسلام

          تعليق

          • مجد الدين بن أحمد
            0- عضو حديث

            • 21 أكت, 2010
            • 22
            • باحث
            • مسلم

            #6
            أرجو من الأخ المشرف الكريم تصغير الخط شوية في المشاركة السابقة وجزاكم الله خيراً
            مدونتي
            لواء الإسلام

            تعليق

            مواضيع ذات صلة

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            ابتدأ بواسطة عادل خراط, 22 أكت, 2021, 08:29 م
            ردود 0
            136 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة عادل خراط
            بواسطة عادل خراط
            ابتدأ بواسطة عبد الصمد حدوش, 25 سبت, 2019, 06:15 م
            ردود 0
            123 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة عبد الصمد حدوش
            ابتدأ بواسطة نصرة الإسلام, 17 ديس, 2015, 09:36 ص
            ردود 28
            6,103 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة فارس الميـدان
            ابتدأ بواسطة قلب ينبض بحب الله, 7 أبر, 2015, 09:03 ص
            ردود 6
            2,968 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة قلب ينبض بحب الله
            ابتدأ بواسطة اسامة النميرى, 3 يون, 2013, 10:59 ص
            ردود 39
            8,898 مشاهدات
            0 ردود الفعل
            آخر مشاركة قلب ينبض بحب الله
            يعمل...