أحوال الدعاء لغير المسلمين ..
ميزانُ المؤمنِ في دوافعِهِ وعواطفهِ هو الشرع، فإذا جاءت الشريعةُ بحكمٍ نحّى الصادقونَ عاطِفتَهم وأهواءَهم ورغباتهم وقدموا أمر الله ووقفوا عنده، واستدبروا ما سوى ذلك وراء ظهورهم، وتمثلوا بين أعينهم:
((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)) ..
وما أجمل قول سفيان بن عيينة رحمه الله: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر، فعليه تعرض الأشياء، على خلقه وسيرته وهديه، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها فهو الباطل) [1]
وقد أحببت في هذا البحث المختصر أن أبين مسألة تكثر الحاجة إليها في هذا الزمن؛ لكثرة مخالطة غير المسلمين ومعاشرتهم، وهي الحالات التي يجوز فيها الدعاء لهم، والحالات التي يمنع فيها من الدعاء لهم ..
وقد قسمت البحث إلى أربعة أقسام تمثِّل أربع حالات هي:
الحالة الأولى : الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة:
لا يتطرق شكٌ لمن نظر في نصوصِ الشرع حُرمة الإستغفار للكافر والترحم عليه، وقد نقل النووي الإجماع على ذلك[2]، بل عد القرافي المالكي وابن علان الشافعي أن من الكفر الإسغفار للكافر إذا تيقن موته على شركه؛ "لأن القواطع السمعية دلت على تعذيب كل واحد ممن مات كافرا بالله تعالى"، كقوله تعالى: ((إن الله لا يغفر أن يشرك به))[3].
لا يتطرق شكٌ لمن نظر في نصوصِ الشرع حُرمة الإستغفار للكافر والترحم عليه، وقد نقل النووي الإجماع على ذلك[2]، بل عد القرافي المالكي وابن علان الشافعي أن من الكفر الإسغفار للكافر إذا تيقن موته على شركه؛ "لأن القواطع السمعية دلت على تعذيب كل واحد ممن مات كافرا بالله تعالى"، كقوله تعالى: ((إن الله لا يغفر أن يشرك به))[3].
وإذا شك في إسلامه فلا يستغفر له كذلك؛ لأن الأصل فيه الكفر وعدم الإسلام [4].
ومن أدلة تحريم الاستغفار:
قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ
أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) ..
قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ
أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) ..
وقوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِلَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) ..
قال ابن كثير: أي: لكم في إبراهيم وقومه أسوة حسنة تتأسون بها إلا في استغفار إبراهيم لأبيه، فإنه إنما كان عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ..
وذلك أن بعض المؤمنين كانوا يدعون لآبائهم الذين ماتوا على الشرك ويستغفرون لهم، ويقولون: إن إبراهيم كان يستغفر لأبيه..
فأنزل الله، عز وجل :
(( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إ براهيم لأواه حليم ))[5].
فأنزل الله، عز وجل :
(( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إ براهيم لأواه حليم ))[5].
وفي صحيح مسلم: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي) ..
قال النووي: وفيه النهي عن الإستغفار للكفار.. [6]
وكذلك ما ورد عن أبي بردة،عن أبيه قال: كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله،
فكان يقول لهم: "يهديكم الله ويصلح بالكم"[7]
ورواه البيهقي بلفظ: ا جتمع المسلمون واليهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشمته الفريقان جميعا، فقال للمسلمين: "يغفر الله لكم، ويرحمنا الله وإياكم" وقال لليهود: "يهديكم الله، ويصلح بالكم" [8]
قال السندي: والحديث يدل على أن الكافر لا يُدعى له بالرحمة، بل يُدعى له بالهداية، وصلاح البال [9]
يتبع بإذن الله ..
___________________
(1) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1 / 79).
(2) المجموع (5 / 120)، و ينظر: أضواء البيان (3 / 428)، البحر الرائق (1 / 350)، حاشية البجيرمي على الخطيب (2 / 241).
(3) الفروق للقرافي (4 / 260)، الفتوحات الربانية (7/238).
(4) ينظر: الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2 / 421).
(5) تفسير القرآن العظيم (8/87)، وينظر: أضواء البيان (3 / 428).
(6) شرح النووي على مسلم (7 / 45).(7) أخرجه أحمد (32 / 356)، وأبو داود (5038)، والترمذي (2739) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(8) أخرجه البيهقي في "الشعب" (9352). وقال: تفرد به عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه، وهو ضعيف.
(9) مسند أحمد ط الرسالة (32 / 357).
(2) المجموع (5 / 120)، و ينظر: أضواء البيان (3 / 428)، البحر الرائق (1 / 350)، حاشية البجيرمي على الخطيب (2 / 241).
(3) الفروق للقرافي (4 / 260)، الفتوحات الربانية (7/238).
(4) ينظر: الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2 / 421).
(5) تفسير القرآن العظيم (8/87)، وينظر: أضواء البيان (3 / 428).
(6) شرح النووي على مسلم (7 / 45).(7) أخرجه أحمد (32 / 356)، وأبو داود (5038)، والترمذي (2739) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(8) أخرجه البيهقي في "الشعب" (9352). وقال: تفرد به عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه، وهو ضعيف.
(9) مسند أحمد ط الرسالة (32 / 357).
تعليق