(1/637)
________________________________________
- يقول: "لا يوجد دين في ذاته، بل يوجد تراث لجماعة معينة، ظهر في لحظة تاريخية محددة، ويمكن تطويرها للحظة تاريخية قادمة" (1).
* الموقف من التراث:
يقف اليسار من التراث موقفًا نقديًا تاريخيًا، فهو يعني إبراز مواطن التقدم في التراث من عقلانية وطبيعية وديمقراطية، وهو ما نحتاجه في قرننا هذا (2)، وحتى تعود للإنسان قيمته التي فقدها عندما اعترف بالله، يدعو اليسار الإسلامي الإنسان إلى التحرر من كل سلطة إلا من سلطة العقل والواقع، وهذا العمل يقتضي ضرب كل الأطروحات الرجعية، والانطلاق في التجديد.
ويرى حسن حنفي أن السبب في فقد الإنسان لقيمته في تراثنا الإسلامي يرجع إلى سيادة الاختيار الأشعري، وقد تكون هذه السيادة هي إحدى معوقات العصر؛ لأنها تعطي الأولوية لله في الفعل، وفي العلم والحكم وفي التقويم، في حين أن وجداننا المعاصر يعاني من أخذ زمام المبادرة هذه باسم الله مرة، وباسم السلطان مرة أخرى، ومن ثم فالاختيار البديل: هو الخيار الاعتزالي .. الذي قد يكون أكثر تعبيرًا عن حاجات العصر، وأكثر تلبية لمطالبه (3).
يريد الكاتب انتزاع السيادة من الله جل جلاله، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، وما تخفي صدورهم أعظم، ولا شك أن هذه نزعة إلحاد ماركسية
__________
(1) "التراث والتجديد" لحسن حنفي (ص 22).
(2) ماذا يعني اليسار الإسلامي (مقال) لحسن حنفي.
(3) "التراث والتجديد" لحسن حنفي (ص 21).
(1/638)
________________________________________
لا تحتاج إلى بيان وإن موهوا وخدعوا.
- وهناك تجديد على مستوى اللغة والمصطلحات (1): يرى حسن حنفي أن اللغة التقليدية في تراثنا قاصرة، وتتضمن عيوبًا كثيرة منها:
أنها لغة إلهية، تدور الألفاظ فيها حول الله .. بل إن لفظ الله لا يعبر عن معنى معين، فهو صرخة وجودية .. إذ أن الله عند الجائع هو الرغيف، وعند المستعبد هو الحرية، وعند المظلوم هو العدل، أي: أنه في معظم الحالات "صرخة المضطهدين" ثم ينتهي حنفي إلى أنه لا يمكن إيصال أي معنى بلفظ "الله"؛ لأن الله حوى كثرة من المعاني لدرجة أنه يدل على معانٍ متعارضة (2).
فلا داعي إذن طبقًا لهذا الكلام إلى استعمال لفظ الجلالة، لتحل محلها كلمات: الخبز والحرية والعدل والحب، والإشباع والإنسان الكامل!!!.
إن كل الأقنعة والتموية باسم الإسلام، قد انقشعت وها هو منهج المصطلحات الماركسية يبث سمومه بلا وجل ولا تردد، وانظر إلى قوله كذلك: "إن اللغة القديمة لغة دينية تشير إلى موضوعات دينية خالصة مثل: دين، ورسول، ومعجزة، ونبوة .. وهي لغة عاجزة عن إيصال مضمونها في العصر الحاضر!! وهي -كذلك- لغة تاريخية صورية مجردة .. ولذلك فاليسار يروم تأسيس لغة جديدة تستعمل الألفاظ التي يقبلها العصر!!.
- يقول حنفي:
إن في العصر ألفاظًا تجري مجرى النار في الهشيم مثل: الأيديولوجيا، والتقدم والحركة والتغير، والتحرر والجماهير، والعدالة .. وهي ألفاظ لها رصيد نفسي لدى الجماهير، والتي يمكن أن تعبر
__________
(1) انظر "ظاهرة اليسار الإسلامي" لمحسن الميلي (ص 62 - 64).
(2) "التراث والتجديد" (ص 129) وما بعدها.
(1/639)
________________________________________
عن ثقافة وطنية (1).
وهذه اللغة مفتوحة وعقلانية، أما ألفاظ "الله والجنة والنار والآخرة والحساب والعقاب" فهي ألفاظ قطعية صرفة، لا يمكن التعامل معها دون فهم أو تفسير أو تأويل، ويضيف قائلاً: بأن الألفاظ يجب أن يكون لها مقابل في الواقع الحسي، فألفاظ "الجن والملائكة والشياطين؛ بل والخلق والبعث والقيامة" ألفاظ تجاوزها الحس والمشاهدة، ولا يمكن استعمالها؛ لأنها لا تشير إلى واقع ولا يقبلها كل الناس.
وفي نظر اليسار أن ذلك سينقل عصرنا من "مرحلة التمركز حول الله إلى مرحلة التمركز حول الإنسان، وتلك مهمة التراث والتجديد في أول محاولاته من أجل إعادة بناء علم أصول الدين، على أنه علم الإنسان (2)، إننا إذا فعلنا كل ذلك أمكننا التغيير والتجديد ما دمنا قد تخلينا عن لغة اللاهوت، وتخلصنا من كل المفاهيم الغيبية المعيقة للتقدم والانطلاق.
- وإنها لجرأة -وأي جرأة- يعلنها اليسار الإسلامي على الله، والوحي والإسلام، باسم الإنسان والعقل والتجديد (3).
* الفهم المقاصدي للشريعة (4):
الشريعة عند أصحاب اليسار جاءت لتحقيق بعض المقاصد العامة والمقاصد العليا التي جاءت الشريعة لتحقيقها في نظرهم خمسة هي: الإنسانية، والعدل الاجتماعي، والحرية السياسية، المبدئية، التقدم المستمر
__________
(1) المصدر السابق (ص 140) وما بعدها.
(2) "التراث والتجديد" (ص 140).
(3) "ظاهرة اليسار الإسلامي" (ص 64) محسن الميلي.
(4) أنظر "ظاهرة اليسار الإسلامي" (ص 64، 68).
(1/640)
________________________________________
نحو الأفضل، لكن ما الوسائل المعتمدة في تحقيق هذه المقاصد؟ هل يحددها الوحي أم يختارها الإنسان؟!
لدى اليسار أن المصلحة أصل مستقل في التشريع، وأنه لا سلطة إلا لضرورة الواقع الذي نعيش فيه، لقد أصبح الواقع هو المجدد للاختيارات والقوانين، أما دور الشرع فثانوي؛ لأن اختياراتنا هي التي تحدد طبيعة القوانين، وذلك يعني أن القوانين والأحكام المنزلة في القرآن، والواردة في السنة قابلة للتأويل والتعطيل، ونحن في كل ذلك نستلهم روح الشريعة ومقاصدها .. ولعلنا لا نكون بعيدين عن المادية التاريخية إن لم نقل من أكبر ممثليها والداعين إليها" (1).
* العلمانية والوحي:
انظر إلى هذا الكفر الصريح، يقول حسن حنفي: "إن العلمانية هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ تظهر في لحظات تخلف المجتمعات وتوقفها عن التطور" (2).
* أما الرؤية الاقتصادية:
فأبرز أهدافهم أن يصلوا إلى إقامة المجتمع الاشتراكي، إقامة مجتمع بلا طبقات، وبعض الملكية الفردية، مع تبني أسلوب الملكية الجماعية، وتشجيع العمل النقابي والإصلاح الزراعي.
- وهم يعتمدون الثورة الاشتراكية، يقول حسن حنفي:
"بالنسبة لنا: الاشتراكية قضية مبدأ دائم، وليست قضية نظام عابر يتغير بتغير الحكام، وتظل الجماهير الإسلامية في كلتا الحالتين فاترة لا يعنيها الأمر في شيء،
__________
(1) مجلة اليسار الإسلامي - العدد الأول (ص 15 - 21) حوار مع حسن حنفي.
(2) "التراث والتجديد" (ص 72).
(1/641)
________________________________________
هذا إضافة إلى أن الإسلام ذاته ضد تجميع رأس المال في أيدي القلة {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، ويرفض الملكية الخاصة والمجتمع الطبقي، ويقول بالمساواة، ويرفض الاستغلال والاحتكار .. ويعطي الإمام حق التأميم والمصادرة للمال المستغل لصالح المسلمين، مهمة اليسار الإسلامي إعادة توزيع ثروة المسلمين بين المسلمين، كما شرع الإسلام، طبقًا للعمل والجهد والعرق (1).
هكذا؟! لو أردتم شرع الإسلام لتركتم هذا التلفيق المريب، ورفض حكم الله في الاقتصاد وغيره؟!.
______________________________
(1) "ماذا يعني اليسار الإسلامي" (34 - 35).
________________________________________
* وهو يهدم أصول الدين على طريقة الفكر الماركسي:
- يقول: "لا يوجد دين في ذاته، بل يوجد تراث لجماعة معينة، ظهر في لحظة تاريخية محددة، ويمكن تطويرها للحظة تاريخية قادمة" (1).
* الموقف من التراث:
يقف اليسار من التراث موقفًا نقديًا تاريخيًا، فهو يعني إبراز مواطن التقدم في التراث من عقلانية وطبيعية وديمقراطية، وهو ما نحتاجه في قرننا هذا (2)، وحتى تعود للإنسان قيمته التي فقدها عندما اعترف بالله، يدعو اليسار الإسلامي الإنسان إلى التحرر من كل سلطة إلا من سلطة العقل والواقع، وهذا العمل يقتضي ضرب كل الأطروحات الرجعية، والانطلاق في التجديد.
ويرى حسن حنفي أن السبب في فقد الإنسان لقيمته في تراثنا الإسلامي يرجع إلى سيادة الاختيار الأشعري، وقد تكون هذه السيادة هي إحدى معوقات العصر؛ لأنها تعطي الأولوية لله في الفعل، وفي العلم والحكم وفي التقويم، في حين أن وجداننا المعاصر يعاني من أخذ زمام المبادرة هذه باسم الله مرة، وباسم السلطان مرة أخرى، ومن ثم فالاختيار البديل: هو الخيار الاعتزالي .. الذي قد يكون أكثر تعبيرًا عن حاجات العصر، وأكثر تلبية لمطالبه (3).
يريد الكاتب انتزاع السيادة من الله جل جلاله، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، وما تخفي صدورهم أعظم، ولا شك أن هذه نزعة إلحاد ماركسية
__________
(1) "التراث والتجديد" لحسن حنفي (ص 22).
(2) ماذا يعني اليسار الإسلامي (مقال) لحسن حنفي.
(3) "التراث والتجديد" لحسن حنفي (ص 21).
(1/638)
________________________________________
لا تحتاج إلى بيان وإن موهوا وخدعوا.
- وهناك تجديد على مستوى اللغة والمصطلحات (1): يرى حسن حنفي أن اللغة التقليدية في تراثنا قاصرة، وتتضمن عيوبًا كثيرة منها:
أنها لغة إلهية، تدور الألفاظ فيها حول الله .. بل إن لفظ الله لا يعبر عن معنى معين، فهو صرخة وجودية .. إذ أن الله عند الجائع هو الرغيف، وعند المستعبد هو الحرية، وعند المظلوم هو العدل، أي: أنه في معظم الحالات "صرخة المضطهدين" ثم ينتهي حنفي إلى أنه لا يمكن إيصال أي معنى بلفظ "الله"؛ لأن الله حوى كثرة من المعاني لدرجة أنه يدل على معانٍ متعارضة (2).
فلا داعي إذن طبقًا لهذا الكلام إلى استعمال لفظ الجلالة، لتحل محلها كلمات: الخبز والحرية والعدل والحب، والإشباع والإنسان الكامل!!!.
إن كل الأقنعة والتموية باسم الإسلام، قد انقشعت وها هو منهج المصطلحات الماركسية يبث سمومه بلا وجل ولا تردد، وانظر إلى قوله كذلك: "إن اللغة القديمة لغة دينية تشير إلى موضوعات دينية خالصة مثل: دين، ورسول، ومعجزة، ونبوة .. وهي لغة عاجزة عن إيصال مضمونها في العصر الحاضر!! وهي -كذلك- لغة تاريخية صورية مجردة .. ولذلك فاليسار يروم تأسيس لغة جديدة تستعمل الألفاظ التي يقبلها العصر!!.
- يقول حنفي:
إن في العصر ألفاظًا تجري مجرى النار في الهشيم مثل: الأيديولوجيا، والتقدم والحركة والتغير، والتحرر والجماهير، والعدالة .. وهي ألفاظ لها رصيد نفسي لدى الجماهير، والتي يمكن أن تعبر
__________
(1) انظر "ظاهرة اليسار الإسلامي" لمحسن الميلي (ص 62 - 64).
(2) "التراث والتجديد" (ص 129) وما بعدها.
(1/639)
________________________________________
عن ثقافة وطنية (1).
وهذه اللغة مفتوحة وعقلانية، أما ألفاظ "الله والجنة والنار والآخرة والحساب والعقاب" فهي ألفاظ قطعية صرفة، لا يمكن التعامل معها دون فهم أو تفسير أو تأويل، ويضيف قائلاً: بأن الألفاظ يجب أن يكون لها مقابل في الواقع الحسي، فألفاظ "الجن والملائكة والشياطين؛ بل والخلق والبعث والقيامة" ألفاظ تجاوزها الحس والمشاهدة، ولا يمكن استعمالها؛ لأنها لا تشير إلى واقع ولا يقبلها كل الناس.
وفي نظر اليسار أن ذلك سينقل عصرنا من "مرحلة التمركز حول الله إلى مرحلة التمركز حول الإنسان، وتلك مهمة التراث والتجديد في أول محاولاته من أجل إعادة بناء علم أصول الدين، على أنه علم الإنسان (2)، إننا إذا فعلنا كل ذلك أمكننا التغيير والتجديد ما دمنا قد تخلينا عن لغة اللاهوت، وتخلصنا من كل المفاهيم الغيبية المعيقة للتقدم والانطلاق.
- وإنها لجرأة -وأي جرأة- يعلنها اليسار الإسلامي على الله، والوحي والإسلام، باسم الإنسان والعقل والتجديد (3).
* الفهم المقاصدي للشريعة (4):
الشريعة عند أصحاب اليسار جاءت لتحقيق بعض المقاصد العامة والمقاصد العليا التي جاءت الشريعة لتحقيقها في نظرهم خمسة هي: الإنسانية، والعدل الاجتماعي، والحرية السياسية، المبدئية، التقدم المستمر
__________
(1) المصدر السابق (ص 140) وما بعدها.
(2) "التراث والتجديد" (ص 140).
(3) "ظاهرة اليسار الإسلامي" (ص 64) محسن الميلي.
(4) أنظر "ظاهرة اليسار الإسلامي" (ص 64، 68).
(1/640)
________________________________________
نحو الأفضل، لكن ما الوسائل المعتمدة في تحقيق هذه المقاصد؟ هل يحددها الوحي أم يختارها الإنسان؟!
لدى اليسار أن المصلحة أصل مستقل في التشريع، وأنه لا سلطة إلا لضرورة الواقع الذي نعيش فيه، لقد أصبح الواقع هو المجدد للاختيارات والقوانين، أما دور الشرع فثانوي؛ لأن اختياراتنا هي التي تحدد طبيعة القوانين، وذلك يعني أن القوانين والأحكام المنزلة في القرآن، والواردة في السنة قابلة للتأويل والتعطيل، ونحن في كل ذلك نستلهم روح الشريعة ومقاصدها .. ولعلنا لا نكون بعيدين عن المادية التاريخية إن لم نقل من أكبر ممثليها والداعين إليها" (1).
* العلمانية والوحي:
انظر إلى هذا الكفر الصريح، يقول حسن حنفي: "إن العلمانية هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ تظهر في لحظات تخلف المجتمعات وتوقفها عن التطور" (2).
* أما الرؤية الاقتصادية:
فأبرز أهدافهم أن يصلوا إلى إقامة المجتمع الاشتراكي، إقامة مجتمع بلا طبقات، وبعض الملكية الفردية، مع تبني أسلوب الملكية الجماعية، وتشجيع العمل النقابي والإصلاح الزراعي.
- وهم يعتمدون الثورة الاشتراكية، يقول حسن حنفي:
"بالنسبة لنا: الاشتراكية قضية مبدأ دائم، وليست قضية نظام عابر يتغير بتغير الحكام، وتظل الجماهير الإسلامية في كلتا الحالتين فاترة لا يعنيها الأمر في شيء،
__________
(1) مجلة اليسار الإسلامي - العدد الأول (ص 15 - 21) حوار مع حسن حنفي.
(2) "التراث والتجديد" (ص 72).
(1/641)
________________________________________
هذا إضافة إلى أن الإسلام ذاته ضد تجميع رأس المال في أيدي القلة {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، ويرفض الملكية الخاصة والمجتمع الطبقي، ويقول بالمساواة، ويرفض الاستغلال والاحتكار .. ويعطي الإمام حق التأميم والمصادرة للمال المستغل لصالح المسلمين، مهمة اليسار الإسلامي إعادة توزيع ثروة المسلمين بين المسلمين، كما شرع الإسلام، طبقًا للعمل والجهد والعرق (1).
هكذا؟! لو أردتم شرع الإسلام لتركتم هذا التلفيق المريب، ورفض حكم الله في الاقتصاد وغيره؟!.
______________________________
(1) "ماذا يعني اليسار الإسلامي" (34 - 35).
تعليق