الأسباب التي تعين على الصبر على البلاء
فعلى المسلمِ عندَ نزولِ البلاءِ أن يكون صابرًا على الخطوب، قائمًا بأمر الله، محتسبًا أجره عند الله، وللصبر على البلاء أسبابًا تعين عليه، وتذلِّل السبيلَ إليه، منها:
* صدقُاللجوء إلى الله –تعالى-، وكمالُ التوكّل عليه، وشدّة الضراعة وتمامُ الإنابة إليه،وصِدق التوبَة بهجرِ الخطايا والتّجافي عن الذنوب، فقد قال أمير المؤمنين علي بنأبي طالب -رضي الله عنه-: (ما نزل بلاءٌ إِلَّا بذنب، ولا رُفِع إِلَّابتوبة).
* وأيضًا عليه تحسينُ الظنِّ بالإخوَة في الدين عامّة، وبولاة الأمرِوأهلِ العلم والفضلِ خاصّة، بحملِ أقوالِهم وأعمالِهم على أحسنِ المحاملوأجملِها، وعليه الرّجوع إلى الراسخين في العلم باستيضاحِ ما يُشكل والسؤالِ عمايُجهَل.
* وعليه أيضًا الحذر من الإعجاب بالرأي، والبعدُ عن التعجّل في إطلاقِالأحكام، والتسرّع في تفسير المواقف بمجرّد الهوى أو بالوقوع تحت تأثير مايسمَّى بالتّحليلات على اختلافِ موضوعاتِها وتعدُّد مصادرِها، لا سيّما حين تصدُرعمّن لا يُعلَم كمالُ عقلِه ولا صحّة معتقَده ولا سلامَة مقصده ولا صِدق نصيحتِهولا صفاءُ طويّته، ثم هي -أي: هذه التحليلات- مبنيّة في الأعمّ الأغلَب علىالمصالِح والمطامِح والأهوَاء، ولذا يشيعُ فيها الكذِب والخطأ والظلم.
* ويجبُ أيضًاتركُ القيل والقال الذي كرِهه الله لعبادِه، كما أخبر بذلك رسول الله بقوله فيالحديث الصحيح المتّفق عليه بين الشّيخين عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه أنّ رسولالله قال: (إنَّ الله تعالى حرَّم عليكم عقوقَ الأمّهات ووأدَ البنات ومنعًا وهات،وكرِه لكم قيل وقال وكثرةَ السؤال وإضاعةَ المال)، ويدخل فيه التحديثُ بكلِّ مايسمعُه المرء، فقد زجرَ النبي عن ذلك في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبيهريرة رضي الله عنه أنّه صلوات الله وسلامه عليه قال: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدّثبكلِّ ما سمع)، وفي لفظٍ لأبي داودَ في سننِه بإسنادٍ صحيح: (كفى بالمرء إِثمًاأن يحدِّث بكلِّ ما سمِع).
وإنَّه إذا كان حَريًّا بالمسلم اتِّباعُ هذاالنّهج الراشدِ السديد كلَّ حين؛ فإنَّ اتباعَه له في أوقاتِ الشّدائدِ وأزمِنةالمِحن أشدُّ تأكّدًا وأقوى وجوبًا، وصدق سبحانه وتعالى إذ يقول: {أَمْ حَسِبْتُمْأَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِنقَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَاء وَٱلضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَٱللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214].
للشيخ: أسامة الخياط -حفظه الله-
((بتصرف))