قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- : هديه - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء
كان - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه، وربما صلى الصلوات بوضوء واحد، وكان يتوضأ بالمد تارة وبثلثيه تارة وبأزيد منه تارة، وذلك نحو أربع أواق بالدمشقي إلى أوقيتين وثلاث.
وكان من أيسر الناس صبا لماء الوضوء، وكان يحذر أمته من الإسراف فيه، وأخبر أنه يكون في أمته من يتعدى في الطهور وقال: «إن للوضوء شيطانا يقال له: الولهان؛ فاتقوا وسواس الماء». ومر على سعد وهو يتوضأ فقال: «لا تسرف في الماء». فقال: وهل في الماء إسراف؟ قال: «نعم، وإن كنت على نهر جار».
وصح عنه أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وفي بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا، وكان يتمضمض ويستنشق تارة بغرفة، وتارة بغرفتين، وتارة بثلاث، وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق؛ فيأخذ نصف الغرفة لفمه ونصفها لأنفه، ولا يمكن في الغرفة إلا هذا، وأما الغرفتان والثلاث فيمكن فيهما الفصل والوصل؛ إلا أن هديه صلى الله عليه وسلم كان الوصل بينهما، كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «تمضمض واستنشق من كف واحدة. فعل ذلك ثلاثا». وفي لفظ: «تمضمض واستنثر بثلاث غرفات». فهذا أصح ما روي في المضمضة والاستنشاق، ولم يجئ الفصل بين المضمضة والاستنشاق في حديث صحيح البتة، لكن في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين المضمضة والاستنشاق، ولكن لا يروى إلا عن طلحة عن أبيه عن جده، ولا يعرف لجده صحبة. وكان صلى الله عليه وسلم يستنشق بيده اليمنى ويستنثر بيده اليسرى.
وكان يمسح رأسه كله، وتارة يقبل بيديه ويدبر، وعليه يحمل حديث من قال: «مسح برأسه مرتين». والصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه، بل كان إذا كرر غسل الأعضاء وأفرد مسح الرأس، وهكذا جاء عنه صريحا، ولم يصح عنه - صلى الله عليه وسلم - خلافه البتة؛ بل ما عدا هذا: إما صحيح غير صريح كقول الصحابي: توضأ ثلاثا ثلاثا. وكقوله: مسح برأسه مرتين. وإما صريح غير صحيح: كحديث ابن البيلماني عن أبيه عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فغسل كفيه ثلاثا». ثم قال: «ومسح برأسه ثلاثا». وهذا لا يحتج به، وابن البيلماني وأبوه مضعفان، وإن كان الأب أحسن حالا. وكحديث عثمان الذي رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم: «مسح رأسه ثلاثا». وقال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة، ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة؛ ولكن كان إذا مسح على ناصيته كمل على العمامة.
فأما حديث أنس الذي رواه أبو داود: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة». فهذا مقصود أنس به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقض عمامته حتى يستوعب مسح الشعر كله، ولم ينف التكميل على العمامة، وقد أثبته المغيرة بن شعبة وغيره؛ فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه، ولم يتوضأ صلى الله عليه وسلم إلا تمضمض واستنشق، ولم يحفظ عنه أنه أخل به مرة واحدة. وكذلك كان وضوؤه مرتبا متواليا، ولم يخل به مرة واحدة البتة. وكان يمسح على رأسه تارة، وعلى العمامة تارة، وعلى الناصية والعمامة تارة. وأما اقتصاره على الناصية مجردة فلم يحفظ عنه كما تقدم.
كان - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه، وربما صلى الصلوات بوضوء واحد، وكان يتوضأ بالمد تارة وبثلثيه تارة وبأزيد منه تارة، وذلك نحو أربع أواق بالدمشقي إلى أوقيتين وثلاث.
وكان من أيسر الناس صبا لماء الوضوء، وكان يحذر أمته من الإسراف فيه، وأخبر أنه يكون في أمته من يتعدى في الطهور وقال: «إن للوضوء شيطانا يقال له: الولهان؛ فاتقوا وسواس الماء». ومر على سعد وهو يتوضأ فقال: «لا تسرف في الماء». فقال: وهل في الماء إسراف؟ قال: «نعم، وإن كنت على نهر جار».
وصح عنه أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وفي بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا، وكان يتمضمض ويستنشق تارة بغرفة، وتارة بغرفتين، وتارة بثلاث، وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق؛ فيأخذ نصف الغرفة لفمه ونصفها لأنفه، ولا يمكن في الغرفة إلا هذا، وأما الغرفتان والثلاث فيمكن فيهما الفصل والوصل؛ إلا أن هديه صلى الله عليه وسلم كان الوصل بينهما، كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «تمضمض واستنشق من كف واحدة. فعل ذلك ثلاثا». وفي لفظ: «تمضمض واستنثر بثلاث غرفات». فهذا أصح ما روي في المضمضة والاستنشاق، ولم يجئ الفصل بين المضمضة والاستنشاق في حديث صحيح البتة، لكن في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين المضمضة والاستنشاق، ولكن لا يروى إلا عن طلحة عن أبيه عن جده، ولا يعرف لجده صحبة. وكان صلى الله عليه وسلم يستنشق بيده اليمنى ويستنثر بيده اليسرى.
وكان يمسح رأسه كله، وتارة يقبل بيديه ويدبر، وعليه يحمل حديث من قال: «مسح برأسه مرتين». والصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه، بل كان إذا كرر غسل الأعضاء وأفرد مسح الرأس، وهكذا جاء عنه صريحا، ولم يصح عنه - صلى الله عليه وسلم - خلافه البتة؛ بل ما عدا هذا: إما صحيح غير صريح كقول الصحابي: توضأ ثلاثا ثلاثا. وكقوله: مسح برأسه مرتين. وإما صريح غير صحيح: كحديث ابن البيلماني عن أبيه عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فغسل كفيه ثلاثا». ثم قال: «ومسح برأسه ثلاثا». وهذا لا يحتج به، وابن البيلماني وأبوه مضعفان، وإن كان الأب أحسن حالا. وكحديث عثمان الذي رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم: «مسح رأسه ثلاثا». وقال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة، ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة؛ ولكن كان إذا مسح على ناصيته كمل على العمامة.
فأما حديث أنس الذي رواه أبو داود: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة». فهذا مقصود أنس به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقض عمامته حتى يستوعب مسح الشعر كله، ولم ينف التكميل على العمامة، وقد أثبته المغيرة بن شعبة وغيره؛ فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه، ولم يتوضأ صلى الله عليه وسلم إلا تمضمض واستنشق، ولم يحفظ عنه أنه أخل به مرة واحدة. وكذلك كان وضوؤه مرتبا متواليا، ولم يخل به مرة واحدة البتة. وكان يمسح على رأسه تارة، وعلى العمامة تارة، وعلى الناصية والعمامة تارة. وأما اقتصاره على الناصية مجردة فلم يحفظ عنه كما تقدم.
تعليق