بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الاعانة
وعليه التكلان
والحمد لله عظيم المنة ناصر الدين باهل الكتاب والسنة
مقدمة
فالحمد لله الذي شرع لنا من الدين والتوحيد بما ينير به قلوبنا ويذهب به احزننا وجعل قرة اعيننا في توحيدنا له فله الحمد ذي المنة والعطاء والمجد والكبرياء على ما انعم به علينا تفرد بالعبادة وحده فهو واحد احد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد
والحمد لله خالق السموات والارض جاعل الملائكة رسلا والحمد لله فالق الحب والنوى والحمد لله الذي جعل السعادة باتباع كتابه وسنة نبيه نبي الرحمة الهادي الى سبيل الرشاد والذي اخرج امة العرب من الظلمات الى النور فهو الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم بعثه الله رحمة للعالمين
فالحمد لله على ما انعم به علينا وخصنا بنبيه صلى الله عليه وسلم
والحمد لله القائل
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } سورة الأنبياء — 107}
.فالحمد لله الذي شرع لنا من الدين والتوحيد بما ينير به قلوبنا ويذهب به احزننا وجعل قرة اعيننا في توحيدنا له فله الحمد ذي المنة والعطاء والمجد والكبرياء على ما انعم به علينا تفرد بالعبادة وحده فهو واحد احد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد
والحمد لله خالق السموات والارض جاعل الملائكة رسلا والحمد لله فالق الحب والنوى والحمد لله الذي جعل السعادة باتباع كتابه وسنة نبيه نبي الرحمة الهادي الى سبيل الرشاد والذي اخرج امة العرب من الظلمات الى النور فهو الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم بعثه الله رحمة للعالمين
فالحمد لله على ما انعم به علينا وخصنا بنبيه صلى الله عليه وسلم
والحمد لله القائل
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } سورة الأنبياء — 107}
النبي صلى الله عليه وسلم لم يرسل لطائفة أو فئة معينة وإنما أرسل للناس أجمعين بل هو رحمة للعالمين :
جميع العوالم : عالم الإنس وعالم الجن وعالم الحيوان وعالم النبات وعالم البحار والجماد، ....الخ
تعريف الرحمة :
معنى الرحمة في اللغة هي الرقة والعطف والرأفة وقد تطلق على ما تقع به الرحمة كإطلاق الرحمة على الرزق أو الغيث والرّحِم علاقة القرابة من رحم الأنثى لأن منها يكون ما يُرحم ويُرَقّ له من ولد.
معنى الرحمة اصطلاحاً هي إرادة إيصالِ الخير والإحسان والرحمن والرحيم اسمان من أسماء الله تعالى والرحمن أخصُّ من الرحيم فلا يوصف به إلا الله تعالى أما الرحيم فتطلق على البشر. والرحمة رقّةٌ تعتري الراحم على المرحوم لنقصٍ يعتريه. هذا في رحمة البشر، أما الخالق سبحانه فهو الراحم لمن يستحق ومن لا يستحق والراحم في الدنيا والآخرة ويرحم فيعطي الضروريات والحاجيات وما فوق ذلك فهو الراحم مطلقاً سبحانه. والرحمة إيصال المنافع للمرحوم وإن كَرِهَتْها نفسه أو شقّت عليه كما يرحم الأب ابنه فيسقيه الدواء المرَّ ليشفى بأمر الله ويمنعه مما يضره ولو اشتهته نفسه. ولهذا كان الابتلاء من صور الرحمة منه سبحانه لعباده لأن في الصبر عليه رِفْعَةُ الدرجات وتكفير السيئات. وكان أكثر الناس بلاءً أحبهم إليه من الأنبياء والصالحين ويبتلى المرء على قدر دينه.
الايات التي نزلت في رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ورد في كتاب الله تعالى وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة في أربعة مواضع هي: قال الله تعالى:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيْظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )
يقول سيد قطب رحمه الله: (هي رحمة الله تعالى نالته ونالتهم فجعلته صلى الله عليه وسلم رحيماً بهم ليناً معهم ولو كان فظاً غليظ القلب ما تألَّفت حوله القلوب ولا تجمَّعت حوله المشاعر. فالناس في حاجةٍ إلى كنفٍ رحيمٍ وإلى رعايةٍ فائقةٍ وإلى بشاشةٍ سمحة وإلى ودٍّ يسعهم وحلمٍ لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم. في حاجةٍ إلى قلبٍ كبيرٍ يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمّه، ويجدون عنده دائماً الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا، وهكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا كانت حياته مع الناس. ما غضب لنفسه قطّ ولا ضاق صدره بضعفهم البشري ولا احتجز لنفسه شيئاً من أعراض هذه الحياة بل أعطاهم كل ما ملكت يداه في سماحةٍ نديةٍ ووسعهم حلمه وبره وعطفه وودُّه الكريم. وما من واحدٍ منهم عاشره أو رآه إلا امتلأ قلبه بحبه نتيجةً لما أفاض عليهم صلى الله عليه وسلم من نفسه الكبيرة الرحيبة. وكان هذا كله رحمةً من الله به وبأمته )
قال الله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتْمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالـمُـؤْمِنِيْنَ رَءُوفٌ رَحِيْمٌ )
وقال الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ الله وَالَّذِيْنَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُم)
قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ )
فهذه الآيات الكريمات الثلاث دلت على وصفه من عند ربه سبحانه بالرحمة وهي وإن كانت في سياق الحديث عن رحمته صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين إلا أنها تشملهم وغيرهم كما ستأتي شواهد على ذلك .
يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: (فجاءت هذه الآية مشتملة على وصف جامع لبعثة محمد صلى الله عليه وسلم ومزيتها على سائر الشرائع مزية تناسب عمومها ودوامها وذلك كونها رحمة للعالمين. وصيغت بأبلغ نظم إذ اشتملت هاته الآية بوجازة ألفاظها على مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ومدح مرسله تعالى، ومدح رسالته بأن كانت مظهر رحمة الله تعالى للناس كافة وبأنها رحمة الله تعالى بخلقه، فهي تشتمل على أربعة وعشرين حرفاً بدون حرف العطف الذي عطفت به، ذكر فيها الرسول ومرسله والمرسل إليهم والرسالة وأوصاف هؤلاء الأربعة مع إفادة عموم الأحوال واستغراق المرسل إليهم وخصوصية الحصر وتنكير(رحمة) للتعظيم فهذه اثنا عشر معنىً خصوصياً واعلم أن انتصاب (رحمة) على أنه حال من ضمير المخاطب يجعله وصفاً من أوصافه. فإذا انضم إلى ذلك انحصار الموصوف في هذه الصفة صار من قصر الموصوف على الصفة. ففيه إيماء لطيف إلى أن الرسول اتحد بالرحمة وانحصر فيها. ومن المعلوم أن عنوان الرسولية ملازم له في سائر أحواله، فصار وجوده رحمة وسائر أكوانه رحمة. ووقوع الوصف مصدراًيفيد المبالغة في هذا الاتحاد بحيث تكون الرحمة صفة متمكنة من إرساله. وتفصيل ذلك يظهر في مظهرين: الأول تخلق نفسه الزكية بخلق الرحمة والثاني إحاطة الرحمة بتصاريف شريعته) يقول سيد قطب رحمه الله: (إن المنهج الذي جاء مع محمدٍ صلى الله عليه وسلم منهجٌ يسعد البشرية كلها ويقودها إلى الكمال المقدَّر لها في هذه الحياة. ولقد جاءت هذه الرسالة للبشرية حين بلغت سن الرشد العقلي، جاءت كتاباً مفتوحاً للعقول في مُقْبِل الأجيال شاملاً لأصول الحياة البشرية التي لا تتبدل مستعداً لتلبية الحاجات المتجددة التي يعلمها الخالق. ولقد وضع هذا الكتاب أصول المنهج الدائم لحياةٍ إنسانيةٍ متجددةٍ وترك للبشرية أن تستنبط الأحكام الجزئية التي تحتاج إليها ارتباطات حياتها النامية المتجددة واستنباط وسائل تنفيذها كذلك بحسب ظروف الحياة وملابساتها دون اصطدامٍ بأصول المنهج الدائم. وكفل للعقل البشري حرية العمل بكفالة حقه في التفكير وبكفالة مجتمع يسمح لهذا العقل بالتفكير ثم ترك له الحرية في دائرة الأصول المنهجية التي وضعها لحياة البشر كيما تنمو وترقى وتصل إلى الكمال المقدر لحياة الناس في هذه الأرض. ولقد دلت تجارب البشرية حتى اللحظة على أن ذلك المنهج كان وما يزال سابقاً لخطوات البشرية في عمومه قابلاً لأن تنمو الحياة في ظلاله نمواً مطرداً وهو يقودها دائماً ولا يتخلف عنها، ولا يقعد بها ولا يشدُّها إلى الخلف، لأنه سابقٌ دائماً على خطواتها متسعٌ دائماً لكامل خطواتها. وهو في تلبيته لرغبة البشرية في النمو والتقدم لا يكبت طاقتها في صورة من صور الكبت الفردي أو الجماعي ولا يحرمها الاستمتاع بثمرات جهدها وطيبات الحياة التي تحققها. وقيمة هذا المنهج أنه متوازنٌ متناسقٌ لا يعذب الجسد لتسموَ الروح، ولا يهمل الروحَ ليستمتعَ الجسد، ولا يقيِّد طاقات الفرد ورغباته الفردية ليحقق مصلحة الجماعة أو الدولة، ولا يطلق للفرد نزواته وشهواته الطاغية المنحرفة لتؤذي حياة الجماعة أو تسخرها لإمتاع فردٍ أو أفراد. وكافة التكاليف التي يضعها هذا المنهج على كاهل الإنسان ملحوظٌ فيها أنها في حدود طاقته ولمصلحته وقد زود بالاستعدادات والمقدرات التي تعينه على أداء تلك التكاليف وتجعلها محببةً لديه مهما لقي من أجلها الآلام لأنها تلبي رغبة من رغباته أو تصرف طاقةً من طاقاته. ولقد كانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رحمةً لقومه ورحمةً للبشرية كلها من بعده والمبادئ التي جاء بها كانت غريبةً في أول الأمر على ضمير البشرية لبُعد ما كان بينها وبين واقع الحياة الروحية والواقعية من مسافة، ولكن البشرية أخذت من يومها تقترب شيئاً فشيئاً من آفاق هذه المباديء فتزول غرابتها في حسها وتتبناها وتنفذها ولو تحت عنوانات أخرى. لقد جاء الإسلام لينادي بإنسانيةٍ واحدةٍ تذوب فيها الفوارق الجنسية والجغرافية لتلتقي في عقيدة واحدة ونظام اجتماعي واحد. وكان هذا غريباً على ضمير البشرية وواقعها وتفكيرها يومذاك. والأشراف يعدون أنفسهم من طينةٍ غير طينة العبيد ولكن ها هي ذي البشرية في خلال نيفٍ وثلاثة عشر قرناً تحاول أن تقفو خطى الإسلام فتتعثر في الطريق لأنها لا تهتدي بنور الإسلام الكامل. ولقد جاء الإسلام ليسوي بين جميع الناس أمام القضاء والقانون في الوقت الذي كانت البشرية تفرق الناس طبقات وتجعل لكل طبقةٍ قانوناً بل تجعل إرادة السيد هي القانون أحياناً. وغير هذا وذاك يشهد بأن الرسالة المحمدية كانت رحمةً للبشرية وأن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما أرسل رحمةً للعالمين. من آمن به ومن لم يؤمن به على السواء. فالبشرية كلها قد تأثرت بالمنهج الذي جاء به طائعةً أو كارهة، شاعرةً أو غير شاعرة، وما تزال ظلال هذه الرحمة وارفةً لمن يريد أن يستظل بها ويستروح فيها نسائم السماء الرخيّة في هجير الأرض المحرق وخاصة في هذه الأيام. وإن البشرية اليوم لفي أشد الحاجة إلى حسِّ هذه الرحمة ونداها وهي قلقةٌ حائرةٌ شاردةٌ في متاهات المادية وجحيم الحروب وجفاف الأرواح والقلوب)إن هذه التفصيلات الواسعة من كلامه رحمه الله تبين مدى كون بعثته صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ولهذا فهو نبي الرحمة بها بُعِث وبها تخلّق.
المقاييس لابن فارس 2/ 498
لسان العرب لابن منظور 12/230
المقاييس لابن فارس 2/498
سورة آل عمران / الآية 159
في ظلال القرآن لسيد قطب (4/501)
سورة التوبة / الآية 128
سورة الفتح / الآية 29
سورة الأنبياء / الآية 107
التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (17/166)
في ظلال القرآن لسيد قطب(4/ 2403
يتبع
تعليق