ملحدون في الجنة
بقلم يوسف المصري
أغمض عينيه المرهقتين قليلاً لعله يستمتع ببضع ساعات من النوم ...فمنذ نعوم أظافره لم يتعود على النوم في الطائرات ...دائماً يشعر بالقلق و يشعر بأن شيئاً ما سيئاً سوف يحدث, و لكن هذه المرة حاول أن ينام متمتماً ببعض الكلمات الغير مسموعة و كأنما يردد شيئاً ما يحفظه عن ظهر قلب...
" سيدي..تريد الوجبة نباتية أليس كذلك؟"
فتح عينيه فجأة لينظر إلى المضيفة الجميلة التي تبتسم له ابتسامة عمل روتينية فاكتفى بتحريك رأسه لأسفل بمعنى الإيجاب فاعتدل في مكانه يرتدي نظارته الطبية و يفكر في اللوحات التي تخبئها حقائبه..
لأول مرة سيشعر بإحساس الثراء الفاحش و تمنى في قلبه أن تحوز تصميماته للمدينة الجديدة إعجاب ( يوهان كراوش) الملياردير المعروف الذي طلب منه أغرب تصميم في التاريخ...
طلب منه تصميم للجنة التي تتحدث عنها الأديان في الأرض يشمل معظم تصورات الأديان حيث هناك كل وسائل الترفيه و المتعة فلا يشكو أي مواطن فيها من نقص أي شيء و تكون المتعة القصوى لديه قبل أن يطلبها
يريد المدينة أجمل من دبي و جزر الكاريبي و نيويورك و شرم الشيخ....لقد سهر ليالي كثيرة جداً كي يصمم هذه المدينة هو و طاقمه في ذلك الوقت القصير..لم يكن يعنيه غرابة الطلب أو غرابة الطالب نفسه , المهم هو المال و المال فقط فهو المتحكم في كل الأمور حالياً
" دكتور (بيرت)... يا لها من معجزة "
التفت الدكتور (بيرت) ناحية اليمين لينظر نحو رجل أصلع الرأس روسي الملامح ذو نظرات باردة بدا فيهما سعادة باردة
و لكنه عرفه على الفور إنه " سيرجي ياكوف" ضابط الأمن الروسي الذي كان جاره يوماً ما في بريطانيا منذ سنوات مضت .
لم يعرف الدكتور(بيرت)ماذا يجب أن يفعل هل يقوم لتحيته أم ينتظره و لكن انتظاره لم يدم طويلاً فقد اكتفى ( سيرجي) بالتلويح من بعيد فرد ( بيرت) بابتسامة صفراء تذكر معها الأيام الأليمة حينما كان (سيرجي) دائم التعذيب لزوجته فتستيقظ عائلة (دكتور بيرت) بأكملها على صوت الضرب المزعج و المرعب كثيراً و لكن لماذا يتجه هو الأخر إلى أستراليا؟؟ ... فرد في نفسه لعله في مهمة خاصة أمنية و قطع حبل أفكاره الصوت الإليكتروني لقائد الطائرة و هو يعلن الهبوط أخيراً بمطار ملبورن في أستراليا...
نزل الدكتور ( بيرت ) مسرعاً مرتبكاً يبحث في المطار عن أي وجه مألوف أو حتى لافتة بإسمه
و سرعان ما وجد فتاة ذات ملامح صينية تحمل لافتة باسمه الدكتور المهندس ( بيرت)
توجه إليها مبتسما ..و هو يقبض على لوحاته و كأنما روحه بداخلها.
" أهلاً بك يا دكتور في ملبورن" رددت الفتاة بلكنة إنجليزية متقنة فرد بارتباكه المعهود و بصوت يكاد يكون مسموعاً " شكراً" .
" مستر يوهان سيقابلك غداً و يتمنى لك إقامة رائعة في هذا الفندق و يدعوك لأن تتجول في المدينة كما تشاء اليوم و يؤكد لك أنك لن تجد فندق أفضل منه"
" أعرف تماماً أن السيد ( يوهان) ينفق بلا حساب .. عموما بلغيه شكري على ضيافته الكريمة و أني أتشوق للقائه غداً"
***
تعليق