مقتطفات من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

albayaan مسلم اكتشف المزيد حول albayaan
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • albayaan
    1- عضو جديد

    • 18 ينا, 2011
    • 61
    • عامل
    • مسلم

    مقتطفات من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم

    - هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ( 1 ) بن قصي ( 2 ) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ( 3 ) بن غالب بن فهر ( 4 ) بن مالك بن النضر ( 5 ) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس ( 6 ) بن مضر ( 7 ) بن نزار ( 8 ) بن سعد ( 9 ) بن عدنان ( 10 )
    إن نسب سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم لا يختلف النسابون فيه إلى معد بن عدنان كما هو مذكور ههنا . إنما اختلف النسابون من عدنان إلى إسماعيل لكنهم أجمعوا على أنه ينتهي إلى إسماعيل . وكره الإمام مالك رفع النسب إلى آدم وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما بلغ نسبه الكريم إلى عدنان قال " ههنا كذب النسابون "
    ومضر وربيعة هم صريح ولد إسماعيل باتفاق جميع أهل النسب
    _________
    ( 1 ) مناف اسم صنم أضيف " عبد " إليه كما يقولون عبد يغوث وعبد العزى وعبد اللات
    ( 2 ) قصي يقال اسمه زيد ويقال اسمه مجمع
    ( 3 ) لؤي تصغير لأي وهو الثور الوحشي وقد يكون تصغير لأي وهو البطء . والمشهور فيه الهمز
    ( 4 ) فهر : الحجر على مقدار ملء الكف يذكر ويؤنث
    ( 5 ) النضر الذهب الأحمر
    ( 6 ) إلياس مختلف فيه فمنهم من يقول اليأس موافق للذي هو خلاف الرجا وهو مصدر يئس وبعضهم يقول فيه إلياس بكسر الهمزة
    ( 7 ) مضر : الأبيض مشتق من اللبن الماضر وهو الحامض
    ( 8 ) نزار من النزارة وهي القلة
    ( 9 ) معد من تمعد إذا أشتد
    ( 10 ) عدنان مأخوذ من عدن في المكان إذا أقام فيه ومنه جنات عدن أي جنات إقامة وخلود
  • albayaan
    1- عضو جديد

    • 18 ينا, 2011
    • 61
    • عامل
    • مسلم

    #2
    مناقب أجداده صلى الله عليه و سلم

    - النبي صلى الله عليه و سلم من سلالة آباء كرام وكلهم سادة وقادة ولهم مكان مكين ومقام بين العز عظيم وقد اشتهروا بالحكمة والشجاعة والإقدام والكرم كما يتبين ذلك من ن ؟ ؟ ذكره بالاختصار من مناقبهم وأخبارهم
    فقد كان ( معد ) صاحب حروب وغارات على بني إسماعيل ولم يحارب أحدا إلا رجع بالنصر
    وكان ( نزار ) أجمل أهل زمانه وأرجحهم عقلا
    وكان ( مضر ) جميلا كذلك ولم يره أحد إلا أحبه ومن حكمه المأثورة : " خير الخير أعجله فاحملوا أنفسكم على مكروهها واصرفوها عن هواها فيما أفسدها فليس بين الصلاح والفساد إلا صبر فواق " والفواق ما بين الحلبتين . ومضر أول من حدا للإبل وكان من أحسن الناس صوتا
    وكان ( إلياس ) في العرب مثل لقمان الحكيم في قومه ومن حكمه : " من يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد ندامة "
    وأما ( فهر ) فإليه جماع قريش وما كان فوق فهر فلا يقال له قرشي بل يقال له كناني واسمه قريش وكان فهر كريما يفتش على حاجة المحتاج فيسدها بماله وهو الجد السادس لأبي عبيدة بن الجراح
    ( كعب ) وهو الجد الثامن لعمر بن الخطاب . كان يجمع قومه يوم العروبة أي يوم الرحمة وهو يوم الجمعة فيعظهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه و سلم وينبئهم بأنه من ولده ويأمرهم باتباعه
    ( مرة ) وهو الجد السادس لرسول الله صلى الله عليه و سلم والجد السادس أيضا لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي مرة أيضا يجتمع نسب الإمام مالك بنسب الرسول صلى الله عليه و سلم
    و ( كلاب ) اسمه حكيم وقيل عروة . ولقب بكلاب لأنه كان يكثر الصيد بالكلاب وهو الجد الثالث للآمنة أمه صلى الله عليه و سلم فهو ملتقى نسب أبيه بنسب أمه . وقيل أنه أول من سمى الأشهر العربية المستعملة إلى الآن
    و ( قصي ) اسمه زيد ويقال له مجمع وبه جمع الله القبائل من قريش في مكة بعد تفرقها فأنزلهم أبطح مكة وكان بعضهم في الشعاب ورءوس الجبال بمكة فقسم منازلهم فسمى مجمعا وهذا عمل جليل وفضل عظيم لا يتم إلا على يد ذوي النفوس الأبية والهمم العالية . وقصي أول من أوقد نار المزدلفة وكانت توقد حتى يراها من دفع من عرفة
    وله يقول مطرود وقيل إن قائله حذافة بن غانم
    أبوكم قصي كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر
    وكان إلى قصي في الجاهلية حجابة البيت وسقاية الحاج وإطعامه المسمى بإرفادة والندوة وهي الشورى لا يتم أمر إلا في بيته ولا يعقد عقد نكاح إلا في داره ولا يعقد لواء حرب إلا فيها فكان بيته عبارة عن برلمان للعرب بل هو ملجأهم في جميع المشكلات سواء كانت هذه المشكلات قومية أو شخصية
    ولما حضرته الوفاة نهى بنيه عن الخمر ولا بد أنه أدرك مضرتها فنهى أحب الناس إليه عن احتسائها
    ومن كلامه الدال على تجاربه ورجاحة عقله :
    من أكرم لئيما شاركه في لؤمه . ومن استحسن قبيحا ترك إلى قبحه . ومن لم تصلحه الكرامة أصلحه الهوان . ومن طلب فوق قدره استحق الحرمان . والحسود هو العدو الخفي
    وإذا كنا نحكم على الإنسان بكلامه فهذا يدل على أن قصيا كان يبغض اللؤم والقبح بغضا شديدا وكان شجاعا كارها للغرور والحسد
    و ( عبد مناف ) اسمه المغيرة وكان يقال له " قمر البطحاء " لحسنه وجماله وكانت قريش تسميه الفياض لكرمه وهو الجد الرابع لعثمان بن عفان والجد التاسع للإمام الشافعي
    ( هاشم ) واسمه عمرو بن عبد مناف ويقال له عمرو العلا لعلو رتبته وقد ساد قومه بعد أبيه عبد مناف وقد وقعت مجاعة شديدة في قريش بسبب جدب شديد حصل لهم فخرج هاشم إلى الشام فاشترى دقيقا وكعكا وقدم به مكة في الموسم فهشم الخبز والكعك ونحر جزرا ( 1 ) وجعل ذلك ثريدا وأطعم الناس حتى أشبعهم فسمى بذلك " هاشما " وكان يقال له " أبو البطحاء " و " سيد البطحاء " - والبطحاء مسيل الوادي - ولم تزل مائدته منصوبة في السراء والضراء وكان موسرا يؤدي الحق ويؤمن الخائف . وهو أول من سن الرحلتين لقريش : رحلة الشتاء ورحلة الصيف فكان يرحل في الشتاء إلى اليمن وإلى الحبشة وفي الصيف إلى الشام
    ( عبد المطلب ) وأمه سلمى بنت زيد النجارية . واسم عبد المطلب شيبة الحمد لأنه ولد وله شيبة مع رجاء حمد الناس له . وكان يرفع من مائدته للطير والوحوش في رؤوس الجبال وهذا إحساس لطيف ورفيق بالحيوان الأعجم ولذا كان يقال له " مطعم الطير " ويقال له " الفياض " . وكان مفزع قريش في النوائب وملجأهم في الأمور وشريفهم وسيدهم كمالا وفعالا . عاش مئة وعشرين سنة أو أكثر وقد انتهت إليه الرياسة بعد عمه المطلب . وكان يأمر أولاده يترك الظلم والبغي ويحثهم على مكارم الأخلاق وينهاهم عن دنيات الأمور . ورفض عبد المطلب في نهاية عمره عبادة الأصنام ووحده لله . وقال دغفل النسابة أن عبد المطلب كان أبيض . مديد القامة . حسن الوجه . في جبينه نور النبوة وعز الملك . يطيف به عشرة من بنيه كأنهم غاب
    وهو الذي كشف عن زمزم بئر إسماعيل وأقام سياتها [ سياقتها ؟ ؟ ] للحجاج فكانت له فخرا وعزا على قريش وعلى سائر العرب
    وكان يكرم النبي صلى الله عليه و سلم ويعظمه وهو صغير ويقول " أن لابني هذا لشأنا عظيما " وذلك مما كان يسمعه من الكهان والرهبان قبل مولده وبعده . وكانت كنية عبد المطلب " أبا الحارث " كني بذلك لأن الأكبر من ولده الذكور اسمه الحارث
    _________
    ( 1 ) جزر جمع الجزور من الإبل يقع على الذكر والأنثى


    تعليق

    • albayaan
      1- عضو جديد

      • 18 ينا, 2011
      • 61
      • عامل
      • مسلم

      #3
      أعمام رسول الله وعماته !!!

      - أولاد عبد المطلب عشرة ذكور : عبد الله . أبو طالب " واسمه عبد مناف " الزبير ( أمهم فاطمة بنت عمرو المخزومية ) . العباس . ضرار ( أمهما نتيلة العمرية ) حمزة . المقوم ( أمهما هالة بنت وهب ) أبو لهب وهو عبد العزى ( أمه لبنى الخزاعية ) الحارث ( أمه صفية من بني عامر بن صعصعة ) الغيداق ( أمه ممنعة ) واسمه حجل
      وست نسوة هن : صفية وأم حكيم البيضا وعاتكة وأميمة وأروى وبرة ( 1 ) أما ( عبد الله ) فهو أبو رسول الله صلى الله عليه و سلم ويكنى أبا قثم وقيل أبا محمد وقيل أبا أحمد
      وقيل أن عبد المطلب أول من خضب بالوسمة أي السواد لأن الشيب أسرع إليه وكان إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين جميع الشهر وكان صعوده للتخلي عن الناس يتفكر في جلال الله وعظمته
      ويؤثر عن عبد المطلب سنن جاء القرآن وجاءت السنة بها منها الوفاء بالنذر والمنع من نكاح المحارم وقطع يد السارق والنهي عن قتل الموءودة وتحريم الخمر والحد عليه وأن لا يطوف بالبيت عريان وتعظيم الأشهر الحرم
      وكان نديمه في الجاهلية حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وكان في جوار عبد المطلب يهودي فأغلظ ذلك اليهودي القول على حرب في سوق من أسواق تهامة فأغرى عليه حرب من قتله علم عبد المطلب بذلك ترك منادمة حرب ولم يفارقه حتى أخذ منه مائة ناقة دفعها لابن عم اليهودي . ثم نادم عبد الله بن جدعان التيمي
      _________
      ( 1 ) لم يسلم من أعمام رسول الله إلا حمزة والعباس وأسلمت عمته صفية إجماعا وهي أم الزبير بن العوام وعاشت كثيرا وتوفيت سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب ولها ثلاث وسبعون سنة

      تعليق

      • albayaan
        1- عضو جديد

        • 18 ينا, 2011
        • 61
        • عامل
        • مسلم

        #4
        نذر عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه و سلم !!!

        كان عبد المطلب نذر حين لقي من قريش العنت ( 1 ) في حفر بئر زمزم لئن ولد له عشرة نفر وبلغوا معه حتى يمنعونه لينحرن أحدهم عند الكعبة لله تعالى . وقد ارتاب بعضهم في حكاية هذا النذر لكنا لا نرى مندوحة من ذكرها لأنها وردت في أمهات كتب التاريخ التي استقينا منها فقد رواها ابن إسحاق ونقلها الطبري وابن الأثير وطبقات ابن سعد
        لما بلغ أولاد عبد المطلب عشرة وعرف أنهم سيمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه وقالوا كيف نصنع ؟ قال يأخذ كل رجل منكم قدحا ثم يكتب فيه اسمه . ففعلوا وأتوه بالأقداح فدخلوا على هبل في جوف الكعبة وكان أعظم أصنامهم وهو على بئر يجمع فيه ما يهدى إلى الكعبة فقال عبد المطلب لصاحب القداح اظرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه وأخبره بنذره الذي نذر وكان عبد الله أصغر بني أبيه وأحبهم أليه فلما أخذ صاحب القداح يضرب قام عبد المطلب يدعو الله تعالى ثم طرب صاحب القداح فخرج قدح عبد الله فأخذ عبد المطلب بيده ثم أقبل إلى ( أساف ونائلة ) وهما الصنمان اللذان ينحر الناس عندهما . فقامت قريش من أنديتها فقالوا ماذا تريد أن تصنع ؟ قال أذبحه . فقالت قريش وبنوه والله لا ندعك تذبحه أبدا حتى تعذر فيه ولئن فعلت هذا لا يزال الرجل منا يأتي بابنه حتى يذبحه . فقال له المغيرة ابن عبد الله بن عمرو بن المخزوم : والله لا تذبحه حتى تعذر فيه فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه . وقالت له قريش وبنوه لا تفعل وانطلق إلى كاهنة بالحجر فسلها فإن أمرتك بذبحه ذبحته وأن أمرتك بمالك وله فيه فرج قبلته . فانطلقوا حتى أتوها بخيبر فقص عليها عبد المطلب خبره فقالت لهم ارجعوا اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله فرجعوا عنها ثم غدوا عليها فقالت نعم قد جاءني الخبر فكم دية الرجل عندكم ؟ قالوا عشرة من الإبل وكانت كذلك . قالت ارجعوا إلى بلادكم فزيدوا في الإبل عشرا ثم اضربوا أيضا حتى يرضى ربكم وإن خرجت على الإبل فانحروها فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم
        فخرجوا حتى أتوا مكة ثم قربوا عبد الله وعشرا من الإبل فخرجت القداح على عبد الله فزادوا عشرا فخرجت القداح على عبد الله فما برحوا يزيدوا عشرا وتخرج القداح على عبد الله حتى بلغت الإبل مائة ثم ضربوا فخرجت القداح على الإبل . فقال من حضر قد رضي ربك يا عبد المطلب . فقال عبد المطلب لا والله حتى أضرب ثلاث مرات فضربوا ثلاثا فخرجت القداح على الإبل فنحرت ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا سبع
        إن خروج القداح على عبد الله في كل مرة حتى بلغت الإبل مئة من غرائب الصدف ولولا معارضة قرش وبنيه ومشورة الكاهنة لذهب عبد الله فربانا لنذر عبد المطلب ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يحفظ أبا محمد حتى يظهر رسول الله صلى الله عليه و سلم
        قد التجأ عبد المطلب إلى هذا النذر لما عارضه عدي بن نوفل بن عبد مناف في حفر زمزم وأذاه وقال له : " ا عبد المطلب أتستطيل علينا وأنت فذ لا ولد لك ؟ " فقال " أبا لقلة تعيرني فو الله لئن أتاني الله عشرة من الولد ذكورا لأنحرن أحدهم عند الكعبة " وقيل سفه عليه وعلى ابنه ناس من قريش ونازعوهما وقاتلوهما فاشتد بذلك بلواه وكان معه ولده الحارث ولم يكن له سواه فنذر ذلك النذر الذي ذكرناه
        انصرف عبد المطلب بعد أن نحر الإبل آخذا بيد ابنه عبد المطلب فمر به على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي وهي عند الكعبة فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله ؟ قال مع أبي قالت له مثل الإبل التي نحرت عنك وقع علي الآن . فأبى وقال إن معي أبي لا أستطيع خلافه ولا فراقه وكان عبد الله أحسن رجل رؤى في قريش وكان ذا عفة وسماحة . وكانت ولادة عبد الله نحو سنة 545 م
        _________
        ( 1 ) العنت : الوقوع في أمر شاق

        تعليق

        • albayaan
          1- عضو جديد

          • 18 ينا, 2011
          • 61
          • عامل
          • مسلم

          #5
          زواج عبد الله

          خرج عبد المطلب بعبد الله يريد تزويجه حتى أتى بن عبد مناف بن زهرة وهو يومئذ سيد بني زهرة سنا وشرفا فزوجه ابنته آمنة بنت وهب ( 1 ) وهو يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا فحملت برسول الله صلى الله عليه و سلم ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه نفسها فقال لها " مالك لا تعرضين علي اليوم ما كنت عرضت علي بالأمس ؟ " فقالت له فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة . وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر واتبع الكتب أنه كائن لهذه الأمة نبي . وكان تزويج عبد الله من آمنة بعد حفر زمزم بعشر سنين وكان اسم عبد الله عبد الدار فلما كان في السنة التي فدي فيها قال عبد المطلب " هذا عبد الله " فسماه يومئذ كذلك
          وبعد زواج عبد الله بقليل خرج من مكة قاصدا الشام في تجارة ثم لما أقبل من الشام نزل بالمدينة وهو مريض وبها أخواله من بني النجار فأقام بها حتى توفي لشهرين من الحمل بابنه محمد صلى الله عليه و سلم ودفن في دار النابغة الجعدي وله خمس وعشرون سنة وهذا هو المشهور . وقيل ثمان وعشرون سنة . وترك عبد الله جاريته أم أيمن بركة الحبشية وخمسة جمال وقطعة من غنم . وقد رثته آمنة بهذه الأبيات :
          عفا جانب البطاء من آل هاشم ... وجاور لحدا خارجا في الغماغم
          دعته المنايا دعوة فأجابها ... وما تركت في الناس مثل ابن هاشم
          عشية راحوا يحملون سريره ... تعاوره أصحابه في التزاحم
          فإن تك غالته المنون وريبها ... فقد كان معطاء كثير التراحم
          _________
          ( 1 ) تجتمع آمنة هي وعبد الله في كلاب

          تعليق

          • albayaan
            1- عضو جديد

            • 18 ينا, 2011
            • 61
            • عامل
            • مسلم

            #6
            قصة الفيل !!!

            من الحوادث المهمة التي وقعت عام مولده صلى الله عليه و سلم حوالي سنة 570 م قدوم أبرهة الأشرم ملك اليمن إلى مكة لهدم الكعبة وهذه خلاصتها :
            إن الحبشة ملكوا اليمن بعد حمير فلما صار الملك إلى أبرهة بن الصياح الأشرم بنى كنيسة عظيمة بصنعاء يقال لها القليس ( 1 ) لم ير مثلها في زمنها بناها بالرخام وجيد الخشب المذهب وقصد أن يصرف حج العرب إليها ويبطل الكعبة فلما تحدث العرب بذلك غضب رجل من النساءة من بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن ملك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر
            النساءة الذين كانوا ينسؤون المشهور على العرب في الجاهلية فيحلون الشهر من أشهر الحرم ويحرمون مكانه الشهير من أشهر الحل ويؤخرون ذلك الشهر ففيه أنزل الله تبارك وتعالى { إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله } قال ابن هشام ليواطئوا ليوافقوا . . وكان أول من نسأ الشهور على العرب فأحلت منها ما أحل وحرمت منها ما حرم القلمس وهو حذيفة بن عبد الله بن فقيم . . . وأول الأشهر الحرم " محرم " . . فخرج الكناني حتى أتى القليس " الكنيسة " وتقوط فيها ليلا ثم خرج فلحق بأرضه فلما أخبر بذلك أبرهة غضب وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ( وسمى هذا العام بعام الفيل ) فلما وصل إلى الطائف بعد أن هزم من تعرض له من العرب بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود إلى مكة فساق أموال أهلها وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم وأحضرها إلى أبرهة وأرسل أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفهم ثم قال له إن الملم يقول أني آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فقال له عبد المطلب والله ما نريد حربه ولا لنا بذلك منه طاقة . هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم فإن لم يمنعه منه فهو بيته وحرمته وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه . ثم أنطلق عبد المطلب مع رسول أبرهة إليه فلما استؤذن لعبد المطلب قالوا لأبرهة هذا سيد قريض فأذن له . فلما رآه أبرهة أجله وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال له . حاجتك ؟ فذكر عبد المطلب أباعره التي أخذت له فقال أبرهة : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلمتك أتكلمني عن مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه ؟ قال له عبد المطلب : أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه فرد أبرهة على عبد المطلب الإبل فأنصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز بالجبال والشعاب تخوفا عليهم معرة الجيش ( 2 ) وقد كانوا أكثر من قريش عددا . ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجيشه . فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :
            لا هم أن العبد يمنع رحله ... فامنع حلالك ( 3 )
            لا يغلبن صليبهم ومحالهم ... غدوا محلك ( 4 )
            إن كنت تاركهم وقبلتنا ... فأمر ما بدا لك
            فما تهيأ أبرهة لدخول مكة وهيأ فيه " محمودا " وهو مجمع لهدم البيت فكانوا كلما وجهوا الفيل إلى مكة برك ولم يبرح وإذا وجهوه إلى سائر الجهات قام يهرول . ويقال كان عدد الفيلة في هذه الموقعة ثلاثة عشر فيلا . وبينما هم كذلك أرسل الله طيرا أبابيل ( 5 ) أمثال الخطاطيف مع كل طائر ثلاثة أحجار واحد في منقاره واثنان في رجليه فقذفتهم بها وهي مثل الحمس والعدس ولا تصيب أحدا منهم إلا هلك . وليس كلهم أصابت . ثم أرسل الله تعالى سيلا فألقاهم في البحر والذي سلم منهم ولى هاربا مع أبرهة إلى اليمن يبتدر الطريق وأصيب أبرهة بتساقط أعضائه وخرجوا به معهم تتساقط أعضاؤه حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وقيل أو ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام . ولما مات أبرهة ملك مكانه يكسوم
            ونظرا لأهمية هذا الحديث صار العرب يؤرخون به إذ لو تغلب أبرهة على قريش وتم له هدم الكعبة لأدخلت الديانة المسيحية مكة وأرغم العرب على اعتناقها لأن اليمن كانت تابعة لأمراء الحبشة المسيحين وأرغم كثير من أهلها سواء من عباد الأصنام أو اليهود على اعتناق المسيحية . وكانت قريش تؤرخ السنين بموت قصى بن كلاب لجلالة قصى . فلما كان عام الفيل أرخت به....
            _________
            ( 1 ) القليس مشتق من قلس الشيء إذا ارتفع
            ( 2 ) معرة الجيش شدته
            ( 3 ) لا هم أصله " اللهم " فإن العرب تحذف الألف واللام وتكتفي بما يبقى . والحلال بكسر الحاء جمع حله وهي جماعة البيت . والحلال بفتح الحاء خلاف الحرام
            ( 4 ) المحال اتقوه والشدة . والغدو أصله الغد
            ( 5 ) الأبابيل الجماعات ولم يتكلم لها العرب بواحد قال بعضهم واحده آبيل وآبول

            تعليق

            • albayaan
              1- عضو جديد

              • 18 ينا, 2011
              • 61
              • عامل
              • مسلم

              #7
              مولده صلى الله عليه و سلم !!

              ولد النبي صلى الله عليه و سلم في فجر يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول ( وأهل مكة يزورون موضع مولده في هذا الوقت ) في عام الفيل ولأربعين سنة خلت من حكم كسرى أنوشروان خسرو بن قياذ بن فيروز 20 أغسطس سنة ( 570 ) بمكة ( 1 ) في الدار التي صارت تدعى لمحمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج . وكانت قبل ذلك لعقيل بن أبي طالب ونزل على يد الشفا أم عبد الرحمن بن عوف فهي قابلته رافعا بصره إلى السماء واضعا يده بالأرض وكانت أمه تحدث أنها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل وكان يطوف بالبيت تلك الليلة فجاء إليها فقالت له يا أبا الحارث ولد لك مولود عجيب فذعر عبد المطلب وقال أليس بشرا سويا ؟ فقالت نعم ولكن سقط ساجدا ثم رفع رأسه وأصبعيه إلى السماء فأخرجته ونظر إليه وأخذه ودخل به الكعبة وعوذه ودعا له ثم خرج ودفعه إليها . وهو الذي سماه محمدا . . فقيل كيف سميت بهذا الاسم وليس لأحد من آبائك فقال أني لأرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم . وكانت تلك السنة التي حمل فيها برسول الله صلى الله عليه و سلم سنة الفتح والابتهاج فإن قريشا كانت قبل ذلك في جدب وضيق في تلك السنة . . . ومن عجيب ولادته ما روى من ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة [ من ؟ ؟ ] شرفاته وذلك إشارة إلى أنه لم يبق من ملوكهم المستنين بالملك إلا أربعة عشر ملكا فهلك عشرة في أربع سنين وهلك أربعة إلى زمن عثمان رضي الله عنه . وغيض بحيرة طبرية وخمود نار فارس وكان على ما يقال لها ألف عام لم تخمد كما رواه البيهقي وأبو نعيم والخرائطي في الهواتف وابن عساكر . ومن ذلك أيضا ما وقع من زيادة حراسة السماء بالشهب وقطع رصد الشياطين ومنعهم من استراق السمع . ولقد أحسن الشقراطيسي حيث قال :
              ضاءت لمولده الآفاق واتصلت ... بشرى الهواتف في الإشراق والطفل
              وصرح كسرى تداعى من قواعده ... وانقض منكسر الأرجاء ذا ميل
              ونار فارس لم توقد وما خمدت ... مذ ألف عام ونهر القوم لم يسل
              خرت لمبعثه الأوثان وانبعثت ... ثواقب الشهب ترمى الجن بالشهب
              وينسب بعضهم ذلك إلى أنه حدث في ذلك الوقت زلزال عظيم . قال اليعقوبي في تاريخه : " وأصابت الناس زلزلة عمت جميع الدنيا الخ " . ويروى أن الرشيد أراد هدم إيوان كسرى فقال له وزيره يحيى بن خالد البرمكي يا أمير المؤمنين لا تهدم بناء هو آية الإسلام . وقال البوصيري في الهمزية :
              وتدعى إيوان كسرى ولولا ... آية منك ما تداعى البناء
              وغدا كل بيت نار وفيه ... كربة من خمودها وبلاء
              وعيون للفرس غارت فهل كا ... ن ( كان ) لنيرانهم بها إطفاء
              _________
              ( 1 ) كان علماء الجغرافيا من الإغريق يطلقون على اسم مكة ما كورابا
              Makoraba

              تعليق

              • albayaan
                1- عضو جديد

                • 18 ينا, 2011
                • 61
                • عامل
                • مسلم

                #8
                مرضعاته صلى الله عليه و سلم !!

                أول من أرضعه صلى الله عليه و سلم من النساء أمه آمنة ثم ثويبة الأسلمية جارية أبي لهب التي أعتقها حين بشرته بولادته أياما قبل قدوم حليمة وخولة بنت الأزور وأم أيمن وامرأة سعدية غير حليمة وثلاث نسوة من العواتك
                وأكثرهن إرضاعا له حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية وكان من عادة العرب إذا ولد لهم مولود يلتمسون له مرضعة من غير قبيلتهم ليكون أنجب للولد وأفصح له فجاءت نسوة من بني سعد إلى مكة يلتمسن الرضعى ومعهن حليمة السعدية في سنة شديدة القحط فكل امرأة أخذت رضيعا الا حليمة وقد كانت تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها الحارث بن عبد العزى وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر يلتمس الرضعاء . قالت وهي سنة شهباء ( 1 ) لم تبق لنا شيئا فخرجت على أتان لي قمراء ( 2 ) معنا مشارف ( 3 ) لنا والله ما تبض ( 4 ) بقطرة وما ننام ليلنا من صبينا ( 5 ) الذي معناه من بكائه من الجوع . ما في ثديي ما يغنيه وما في شارفنا ما يغذيه ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج . فخرجت على أتان تلك فلقد أدمت ( 6 ) بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا ( 7 ) حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فتأباه إذا قيل لها أنه يتيم وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول يتيم وما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نتركه لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا فقلت والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه . فقال لا بأس عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل لنا فيه بكرة فذهبت إليه فأخذته وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره فما أخذته رجعت به إلى رحلي فما وضعته في حجري أقبل على ثديي بما شاء من لبن فشرب حتى روى وشرب معه أخوه حتى روى ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك وقام زوجي إلى شارفنا فإذا إنها لحافل ( 8 ) فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا فبتنا بخير ليلة وقال صاحبي حين أصبحنا تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة فقلت والله أني لأرجو ذلك ثم خرجنا وركبت أتاني وحملته عليها معي فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء من حمرهم حتى إن صواحبي ليقلن لي يا ابنة أبي ذؤيب ويحك أربعي علينا ( 9 ) أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها فأقول لهن بلى والله إنها لهي فيقلن والله إن لها شأنا ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فكانت غنمي تروح على حين قدمنا به معنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا ( 10 ) فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته فلم نزل بها حتى ردته معنا
                _________
                ( 1 ) سنة شهباء يعني الجدب والقحط لأن الأرض تكون في بيضاء
                ( 2 ) على أتان لي قمراء الأتان الأنثى من الحمير والقمراء التي في لونها بياض
                ( 3 ) المشارف - بضم الميم - : الناقة المسنة
                ( 4 ) ما نبض معناه لا ترشح
                ( 5 ) اسم هذا الصبي عبد الله بن الحارث وهو أخو رسول الله من الرضاعة وأخوته غيره أنيسة بنت الحارث وجذامة بنت الحارث وهي الشيماء غلب ذلك على أسمها فلا تعرف في قومها إلا به وهم لحليمة
                ( 6 ) أدمت بالركب أي أطلت عليهم المسافة لتمهلهم عليها مأخوذ من الشيء الدائم
                ( 7 ) العجف بفتح العين والجيم الهزال
                ( 8 ) الحافل الممتلئة الضرع من اللبن
                ( 9 ) أربعي علينا أي أعطفي علينا بالرفع وعدم الشدة في السير
                ( 10 ) حتى كان غلاما جفرا . أي غليظا شديدا

                تعليق

                • albayaan
                  1- عضو جديد

                  • 18 ينا, 2011
                  • 61
                  • عامل
                  • مسلم

                  #9
                  شق الصدر !!

                  قالت حليمة فرجعنا فوالله أنه بعد مقدمنا بأشهر مع أخيه لفي بهم لنا ( 1 ) خلف بيوتنا إذا أتانا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه ( 2 ) قالت فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه قائما منقعا وجهه ( 3 ) فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له مالك يا بني ؟ قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيئا لا أدري ما هو ؟ قالت فرجعنا إلى خبائنا وقال لي أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت ما أقدمك به ما ظئر ( 4 ) وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك فقلت قد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي وتخوفت الأحداث عليه فأديته عليك كما تحبين . قالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك قالت فلم تدعني حتى أخبرتها . قالت أفتخوفت عليه الشيطان ؟ قلت نعم . قالت كلا : والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره ؟ قلت بلى . قالت رأيت حين حمله به أنه خرج مني نور أضاء لي به قصور بصرى ( 5 ) من أرض الشام ثم حملت به فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف ولا أيسر منه ووقع حين ولدته وأنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء . دعيه عنك وانطلقي راشدة
                  كان أو ما شق صدره عليه الصلاة و السلام في السنة الثالثة من عمره وقيل في الرابعة وذلك لتطهيره وإخراج حظ الشيطان منه ويقول مؤرخو الأفرنج ( 6 ) ومنهم الأستاذ نيكلوسن في كتابه أدب العرب صفحة ( 147 - 148 ) طبعة 1908 وكذا الأستاذ موير في كتابه حياة محمد : إن هذه نوبة صرعية وهذا مردود لأنه لم تشاهد فيه علامات الصرع طول عمره
                  وإلى قصة إرضاعه صلى الله عليه و سلم يشير الهمزية حيث يقول :
                  وبدت في رضاعه معجزات ... ليس فيها عن العيون خفاء
                  إذ أبته ليتمه مرضعات ... قلن ما في اليتيم عنا غناء
                  فأتته من آل سعد فتاة ... قد أبتها لفقرها الرضعاء
                  أرضعته لبانها فسقتها ... وبنيها ألبانهن الشاء
                  أصبحت شولا عجافا وأمست ... ما بها شائل ولا عجفاء
                  أخصب العيش عندها بعد محل ... إذ غدا للنبي منها غذاء
                  يا لها منة لقد ضوعف الأج ... ر ( الأجر ) عليها من جنسها والجزاء
                  وإذا سخر الإله أناسا ... لسعيد فإنهم سعداء
                  _________
                  ( 1 ) البهم بفتح الباء الصغار من الغنم واحدتها بهمة
                  ( 2 ) فهما يسوطانه . يقال سطت اللبن والدم وغيرهما أسوطه إذا ضربت بعضه ببعض وحركته . واسم العود الذي يضرب به المسوط
                  ( 3 ) منتقعا وجهه . أي متغيرا
                  ( 4 ) يا ظئر . أصل الظئر الناقة التي تعطف على ولد غيرها فتدر عليه فسميت المرأة التي ترضع ولد غيرها ظئرا بذلك
                  ( 5 ) بصرى بضم الباء مدينة من أرض الشام
                  ( 6 ) [ يقول ذلك " بعض " مؤرخي الإفرنج من المعاندين . دار الحديث ]

                  تعليق

                  • albayaan
                    1- عضو جديد

                    • 18 ينا, 2011
                    • 61
                    • عامل
                    • مسلم

                    #10
                    الحض على قتله صغيرا !!!

                    وكانت حليمة كلما مر بها جماعة من اليهود وحدثتهم بشأنه صلى الله عليه و سلم حضوا على قتله ولكما عرضته على العرافيى [ العرافين ؟ ؟ ] في الأسواق صاحوا بقتله وكانوا يقولون اقتلوا هذا الصبي فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم . وعن حليمة رضي الله عنها أنه مر بها جماعة من اليهود فقالت ألا تحدثوني عن ابني هذا ؟ حملته أمه كذا ووضعته كذا ورأت عند ولادته كذا وذكرت لهم كل ما سمعته من أمه وكل ما رأته هي بعد أن أخذته وأسندت الجميع إلى نفسها كأنها هي التي حملته ووضعته . فقال أولئك اليهود بعضهم لبعض اقتلوه . فقالوا أو يتيم هو ؟ فقالت لا . هذا أبوه وأنا أمه . فقالوا لو كان يتيما قتلناه لأن ذلك عندهم من علامات نبوته . وعن حليمة أيضا رضي الله عنها أنها نزلت به صلى الله عليه و سلم بسوق عكاظ وكان سوقا للجاهلية بين الطائف ونخلة المحل المعروف كانت العرب إذا قصدت الحج أقامت بهذا السوق شهر شوال يتفاخرون ويتناشدون الأشعار ويبيعون ويشترون . فلما وصلت حليمة به سوق عكاظ رآه كاهن من الكهان فقال يا أهل عكاظ اقتلوا هذا الغلام فإن له ملكا . فمالت به وحادت عنه الطريق فأنجاه الله . وقد رأت حليمة السعدية من النبي صلى الله عليه و سلم الخير والبركة وأسعدها الله بالإسلام هي وزوجها وبنيها ...

                    تعليق

                    • albayaan
                      1- عضو جديد

                      • 18 ينا, 2011
                      • 61
                      • عامل
                      • مسلم

                      #11
                      وفاة آمنة !!!!!

                      بعد أن ردت حليمة رسول الله صلى الله عليه و سلم خرجت به أمه مرة إلى المدينة سنة 575 - 576 لزيارة أخواله من بني النجار أي أخوال جده عبد المطلب فمرضت وهي راجعة به وماتت ودفنت بالأبواء بين مكة والمدينة وعمره ست سنوات وكان عمر آمنة حين وفاتها ثلاثين سنة
                      وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم زار قبر أمه بالأبواء في إلف مقنع فبكى وأبكى
                      فحضته أم أيمن بركة الحبشية التي ورثنها من أبيه وحملته إلى جده عبد المطلب بن هاشم الذي كان يحبه ويكرمه فقد كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إلا لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له . فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه . فيقول عبد المطلب إذا رأي ذلك منهم : " دعوا ابني فوالله إن له لشأنا "
                      ثم يجلسه معه عليه ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع
                      وبوفاة أمه صار يتيما وقد أشير إلى يتمه في القرآن قال تعالى { ألم يجدك يتيما فآوى } وفي السنة التي استقل جده صلى الله عليه و سلم فيها بكفالته رمد رمدا شديدا ....

                      تعليق

                      • wael_ag
                        فريق الدعم الفني
                        و مشرف الأقسام الإسلامية

                        • 8 أغس, 2009
                        • 4651
                        • مبرمج كمبيوتر
                        • مسلم

                        #12
                        جزاك الله خيرا

                        تم الدمج بمعرفتي

                        تعليق

                        • albayaan
                          1- عضو جديد

                          • 18 ينا, 2011
                          • 61
                          • عامل
                          • مسلم

                          #13
                          عبد المطلب يهنئ سيف بن ذي يزن!!!!

                          لما ظفر سيف بن ذي يزن الحميري بالحبشة وذلك بعد مولد النبي صلى الله عليه و سلم أتته وفود العرب وأشرافها وكان من جملتهم وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه و سلم وأمية بن عبد شمس وأسد بن عبد العزى وعبد الله بن جدعان فقدموا عليه وهو في قصر يقال له غمدان بضم الغين فطلبوا الأذن عليه فأذن لهم وتكلم عبد المطلب مهنئا ولما فرغ أدناه وقربه ثم استنهضوا إلى دار الضيافى وقاموا ببابه شهرا لا يصلون إليه ولا يؤذن لهم في الإنصراف . ثم انتبه إليهم انتباهه فدعا بعبد المطلب من بينهم فخلا به وأدنى مجلسه قوال : ( 1 ) " يا عبد المطلب أني مفوض إليك من علمي أمرا لو غيرك كان لم أبح له به ولكني رأيت معدنه فأطلعتك عليه فليكن مصونا حتى يأذن الله بالغ أمره . أني أجد في العلم المخزون والكتاب المكنون الذي أرخرناه لأنفسنا واحتجبناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس كافة ولرهطك عامة ولنفسك خاصة "
                          قال عبد المطلب : " مثلك يا أيها الملك بر وسر وبشر ما هو ؟ فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر "
                          قال ابن ذي يزن : " إذا ولد مولود بتهامة . بين كتفيه شامة . كانت له الإمامة . إلى يوم القيامة " . قال عبد المطلب : " أبيت اللعن لقد أبت بخير ما آب به أحد فلولا اجلال الملك لسألته عما ساره إلى ما أزداد به سرورا "
                          قال ابن ذي يزن : " هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد . يموت أبوه وأمه . ويكفله جده وعمه وقد وجناه مرارا . والله باعثه جهارا . وجاعل له منا أنصارا يعزبهم أولياءه . ويذل به أعداءه . ويفتتح كرائم الأرض . ويضرب بهم الناس عن عرض . يخمد الأديان . وكسر الأوثان ويعبد الرحمن . قوله حكم وفصل . وأمره خزم وعدل . يأمر بالمعروف ويفعله . وينهي عن المنكر ويبطله "
                          فقال عبد المطلب : " طال عمرك . ودام ملكك . وعلا جدك . وعز فخرك . فهل الملك يسرني بأن يوضح فيه بعض الإيضاح ؟ "
                          فقال ابن ذي يزن :
                          والبيت ذي الطنب . والعلامات والنصب . إنك يا عبد المطلب لجده من غير كذب
                          فخر عبد المطلب ساجدا . قال ابن ذي يزن :
                          ارفع رأسك . ثلج صدرك . وعلا أمرك . فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك ؟
                          فقال عبد المطلب :
                          أيها الملك . كان لي ابن كنت له محبا وعليه حدبا مشفقا . فزوجته كريمة من كرائم قومه . يقال لها آمنة بنت وهب بن عبد مناف فجاءت بغلام بين كتفيه شامة فيه كل ما ذكرت من علامة مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه
                          قال ابن ذي يزن :
                          أن الذي قلت لك كما قلت . فاحفظ ابنك واحذر عليه اليهود فانهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا . أطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرياسة . فيبغون لك الغوائل وينصبون لك الحبائل وهم فاعلون وأبناؤهم ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مهاجره فإني أجد في الكتاب الناطق العلم السابق أن يثرب دار هجرته وبيت نصرته ولولا أني أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حدائه ستة وأوطأت أقدام العرب عقبه ولكني صارف إليك ذلك عن تقصير مني بمن معك
                          ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد وعشر إماء سود وخمسة أرطال فضة وحلتين من حلل اليمن وكرش مملوء عنبرا وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال :
                          إذا حال الحول فأنبئني بما يكون من أمره
                          فما حال الحول حتى مات ابن ذي يزن . فكان عبد المطلب بن هاشم يقول " يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إن نفاد ولكن يغبطني بما يبقى لي ذكره وفخره ولعقى . " فإذا قالوا له وما ذاك قال سيظهر بعد حين اه
                          وفي أسد الغابة أن سيف بن ذي يزن أدرك النبي صلى الله عليه و سلم وأخبره جده عبد المطلب بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم وصفته
                          كانت اليمن تابعة للحبشة فكره أهلها حكمهم ونهض سيف بن ذي يزن لسترداد عرش آبائه فسعى لدى الإمبراطورية الرومانية لشد أزره فلم يفلح فالتجأ إلى ملك الفرس فأمده بجيش فحارب الحبشة وانتصر عليها وقتل وإليها الذي كان يدعى مسروقا وذلك حوالي سنة 575 م ويوافق العام الذي توفيت فيه آمنة أم رسول الله صلى الله عليه و سلم . فليس هناك اعترض على ذهاب الوفود العربية لتهنئة ابن ذي يزن من الوجهة التاريخية . أضف إلى ذلك أن الواجب يقضي على رؤساء العرب بذلك لقرابتهم وجوارهم واشتراك مصالحهم التجارية لأنهم كانوا يرحلون إلى اليمن للتجارة في الشتاء كما كانوا يرحلون إلى الشام صيفا
                          وقد اعترض الأستاذ " فيل " Weil على صحة القصة المتقدمة من الوجهة التاريخية وفيما شرحه الأستاذ " برسيفال " M . رحمه الله . de Perceval رد على إعتراضه لأنه أثبت انهزام الحبشة لأول مرة في سنة 575 م وإن كانت لم تطرد نهائيا من اليمن إلا سنة 597 م . أما الأستاذ موير فإنه لم يستطع تكذيب ذهاب الوفود ومعهم عبد المطلب ( الذي كان وقتئذ حاكم مكة ) تكذيبا باتا قال أن قصة تشمل مبالغات كثيرة فيما يتعلق بالأخبار عن النبي المنتظر وهذا ما جعله يرتاب فيها . على أن المتتبع للسيرة النبوية يجد أن هذه القصة ليست فريدة في بابها من حيث الأخبار برسول الله صلى الله عليه و سلم فإن ما أخبره به سيف لعبد المطلب قاله بحيرا لأبي طالب وعرفه سلمان الفارسي وأذاعه أحبار اليهود مما سنعني بذكره مفصلا في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى ولعل ما أخبر به ابن ذي يزن لعبد المطلب كان من الأسباب التي جعلت عبد المطلب يكرم النبي صلى الله عليه و سلم ويقول لأولاده إذا نحوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن مجلسه لصغره ( دعوا ابني فو الله إن له لشأنا )
                          _________
                          ( 1 ) راجع الجزء الأول من العقد الفريد لابن عبد ربه والجزء الأول من تاريخ ابن عساكر

                          تعليق

                          • albayaan
                            1- عضو جديد

                            • 18 ينا, 2011
                            • 61
                            • عامل
                            • مسلم

                            #14
                            وفاة جده عبد المطلب وكفالة عمه أبي طالب !!

                            لما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ثماني سنوات توفى جده عبد المطلب في مكة سنة 578 م بعد عام الفيل بثماني سنين وله عشر ومائة سنة وقيل أكثر من ذلك ودفن بالحجون جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها عند قبر جده قصي ولما حضرته الوفاة أوصى به إلى عمه شقيق أبيه " أبي طالب " واسمه عبد مناف وعبد الكعبة وكان كريما لكنه كان فقيرا كثير الأولاد . وكان يرى منه صلى الله عليه و سلم الخير والبركة ويحبه حبا شديدا ولذا لا ينام إلا جنبه ويخرج به متى خرج وأوصى عبد المطلب إلى أبي طالب أيضا بسقاية زمزم وإلي ابنه الزبير بالحكومة وأمر الكعبة وكان رسول الله يبكي خلف سرير جده
                            وفي هذه السنة مات حاتم الطائي وكسرى أنوشروان
                            وقد أخرج ابن عساكر عن جهلمة بن عرفطة قال :
                            قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب . فهلم فاستسق فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجى تجلت عنه سحابة قتماء حوله أغيلمة ( جمع غلام ) فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة ولاذ الغلام بإصبعه ( اشار بأصبعه إلى السماء كالمتضرع الملتجئ ) وما في السماء قزعة ( قطعة من سحاب ) فأقبل السحاب من هنا وهنا وأغدق وأغدودق ( كثر مطره ) وانفجر الوادي وأخصب النادي . وفي ذلك يقول أبو طالب مادحا النبي صلى الله عليه و سلم :
                            وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
                            يلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل
                            ( الثمال ) بكسر المثلثة الملجأ والغياث وقيل المطعم في الشدة . ( عصمة للأرامل ) أي يمنعهم من الضياع والحاجة . هذان بيتان من قصيدة طويلة لأبي طالب ( 1 ) . وقد شاهد أبو طالب هذا الاستسقاء فنظم هذه القصيدة وقد شاهده مرة أخرى قبل هذه فروى الخطابي حديثا فيه أن قريشا تتابعت عليهم سنو جدب في حياة عبد المطلب فارتقى هو ومن حضره من قريش أبا قبيس ( بالتصغير اسم الجبل المشرف على مكة ) . فقام عبد المطلب واعتضده صلى الله عليه و سلم فرفعه على عاتقه وهو يومئذ غلام فقال أيفع أو قرب ثم دعا فسقوا في الحال فقد شاهد أبو طالب ما دله على ما قال أعني قوله : " وأبيض يستسقي الغمام بوجهه " وكان الاستسقاء في الجاهلية الأولى بخاف هذه الطريقة فكانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات واشتد الجدب واحتاجوا إلى الأمطار يجمعون لها بقرا معلقة في أذنابها وعراقيبها السلع والعشر ( 2 ) ويصعدون بها إلى جبل وعر ويشعلون النار ويضجون بالدعاء والتضرع وكانوا يرون من الأسباب المتوصل بها إلى نزول الغيث
                            _________
                            ( 1 ) ذكر القصيدة ابن اسحق وهي أكثر من ثمانين بيتا . ( 2 ) السلع والعشر نوعان من الشجر

                            تعليق

                            • albayaan
                              1- عضو جديد

                              • 18 ينا, 2011
                              • 61
                              • عامل
                              • مسلم

                              #15
                              السفر إلى الشام !!!

                              لما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم اثنتي عشرة خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام في ركب للتجارة سنة 582 م فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وهي قصبة حوران وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان وكان ببصرى راهب يقال له بحيرا في صومعة له . وكان ذا علم من أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة راهبا إليه يصير علمهم عن كتاب يتوارثونه كابرا عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام نزلوا به قريبا من صومعته . فصنع لهم طعاما كثيرا وذلك عن شيء رآه من صومعته
                              فقد رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم في الركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة وتهصرت أغصانها على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى استظل تحتها
                              فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع ثم أرسل إليهم فقال إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش . فإني أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم . وعبدكم وحركم
                              قال له رجل منهم والله يا بحيرا إن لك شأنا اليوم ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم ؟ قال له بحيرا صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم ضعاما فتأكلون منه كلكم . فاجتمعوا وتخلف رسول الله صلى الله عليه و سلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة . فلما نظر بحيرا في القوم فلم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي . قالوا يا بحيرا ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك وهو أحدث القوم سنا في رحالهم . فقال لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم ثم قام إليه رجل من قريش فاحتضنه وأجلسه مع القوم . فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام بحيرا فقال يا غلام أسألك بحق اللات والعزي إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فأبى رسول الله أن يستحلفه بهما فقال له بحيرا ألا أخبرتني عما أسألك عنه ؟ فقال له سلني عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله ومن نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله يخبره بخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه وكان مثل أثر المحجمة ( يعني أثر المحجمة القابضة على اللحم حتى يكون ناتئا ) فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال ما هذا الغلام منك ؟ قال ابني . قال بحيرا ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا ؟ فقال إنه ابن أخي . قال فما فعل أبوه ؟ قال مات وأمه حبلى به . قال صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدامه مكة حين فرغ من تجارته بالشام ( 1 )
                              إن بحيرا لما عرف رسول الله تخوف عليه من اليهود فنصح لأبي طالب بالرجوع به سريعا والمحافظة عليه وقد روت حليمة أن اليهود كانوا إذا رأوه وعرفوه حض بعضهم بعضا على قتله حتى أنها كانت تضطر إلى الإختفاء به والإبتعاد عنهم وعلى كل حال كانوا ينتظرون في ذلك الوقت ظهور نبي وكان بعض المتعمقين في الدين يعرفون علامات ذلك النبي وسنذكر فيما بعد أوصافه صلى الله عليه و سلم المذكورة في التوراة ولا شك أن عالما مثل بحيرا كان يعرفها
                              قال مستر وليام موير في كتابه ( حياة محمد ) بشأن رحلته صلى الله عليه و سلم مع عمه إلى الشام : " أن جميع الذين دنوا سيرة الرسول قد ذكروا تفاصيل مضحكة عن هذه الرحلة تدل على عظمة نبوته المنتظرة "
                              ثم أورد قصة سفره كما ذكرت في هذا الكتاب وكما ذكرها المؤرخون . وإنا لا ندري لماذا كانت هذه التفاصيل مضحكة في نظر مستر موير ؟ إنه يعترف بأن جميع المؤرخين رووا هذه التفاصيل ولا شك أنه يستسقي منهم سيرة الرسول . ومن بينهم من يعتمد عليه ويحتج بكلامه ويرفض ما يريد رفضه إذ لم تكن الحادثة أو الرواية واردة في كتبهم أو إذا طرأ تحريف في نص كلامهم فهو يعول مثلا على ابن اسحاق وعلى الطبري والواقدي وغيرهم . فكان الواجب عليه باعتبار كونه مؤرخا أن يقر هذه التفاصيل التي ذكرها جميع المؤرخين بلا استثناء . هذا وليس لديه رواية أثبت من روايتهم تعارض أو تنفي ما ذكروه . أما كون هذه التفاصيل مضحكة فهذا ما لم يقل به أحد من أكابر المؤرخين الذين استمد منهم مادته . وكان ينبغي عليه أن يقدر موقفه ويعلم أنه إنما يكتب تاريخ نبي لا شخص عادي . فالأنبياء والرسل تقع في حياتهم أمور خارقة تدل على نبوتهم وتؤيد رسالتهم فالتي تقع قبل النبوة كالخوارق التي حدثت في مولده صلى الله عليه و سلم وما شاهدته حليمة من تيسير الرزق والبركة وشق الصدر وما حدث أثناء سفره إلى الشام تسمى أرهاصات والتي تقع بعد النبوة تسمى معجزات . وكرامات الأولياء كمعجزات الأنبياء غير أنهم لم يدعوا النبوة . ولا شك أن محمدا صلى الله عليه و سلم وقعت منه خوارق العادات قبل النبوة وبعدها ولا سبيل إلى إنكار مجموع ارهاصاته ومعجزاته ( أولا ) من الوجهة التاريخية لأن معاصريه وكبار الصحابة قد شاهدوها ورووها ورواها عنهم كبار المؤرخين ولو أبطلنا مشاهداتهم ورواياتهم لم يبق للتاريخ قيمة ( ثانيا ) من الوجهة الدينية لأن الدين يقر معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء . فمن ذلك معجزات عيسى عليه السلام فإنه تكلم في المهد صبيا وأبرأ الأعمى والأبرص وأحيا الميت . ومع ذلك لم يقل أحد من المسلمين أن هذه أمور مضحكة
                              وفي العالم أناس ليسوا بأنبياء ولا أولياء تراهم في كل زمان ممتازين على أبناء جيلهم يأتون أعمالا يستحيل على غيرهم الإتيان بمثلها ولقد شاهدنا في مصر فتى أميا من أبناء أحد المزارعين ذاع صيته ونشرت الجرائد صورته . هذا الطفل يضرب أرقاما طوالا وينطق بالجواب الصحيح بسهولة وبسرعة مدهشة من غير أن يخط بقلم وقد رأيته شخصيا أكثر من مرة وحار فيه علماء الرياضة وامتحنه كبار رجال الحكومة والصحافة . فهذا إنسان عادي له موهبة خاصة أذهلت عقول الخاصة . فكيف يمكن إنكار هذه الموهبة الخارقة والفتى لا يزال حيا بين ظهرانينا يحل المسائل في الطرق ويجيب كل سائل ؟
                              فإذا جاء رجل مثل مستر موير بعد ذلك بجيل أو أكثر وزعم أن هذه خرافة مضحكة ابتدعها المصريون لم يغير ذلك شيئا من الحقيقة
                              _________
                              ( 1 ) راجع قصة بحيرا في سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري وطبقات ابن سعد ولا صحة لما زعمه الدكتور اشنرنجر من أن أبا طالب رد محمدا مع بحيرا إلى مكة "

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 5 مار, 2023, 03:34 م
                              ردود 0
                              29 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 4 مار, 2023, 10:00 ص
                              ردود 2
                              36 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 4 مار, 2023, 08:33 ص
                              ردود 0
                              65 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 16 فبر, 2023, 08:41 ص
                              ردود 0
                              150 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 20 نوف, 2021, 03:50 ص
                              ردود 0
                              52 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                              يعمل...