‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

تقليص

عن الكاتب

تقليص

بن الإسلام مسلم اكتشف المزيد حول بن الإسلام
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بن الإسلام
    6- عضو متقدم

    حارس من حراس العقيدة
    • 30 سبت, 2009
    • 961
    • محاسب ولكنى داعى الى الله
    • مسلم

    ‏تكريم الإسلام للنفس الإنسانية – د. راغب السرجاني

    التعامل النبوي مع غير المسلمين‏


    لعل من المهم أن ندرك طبيعة النظرة الإسلامية إلي النفس الإنسانية بصفة عامة‏ ;‏ لندرك كيف تناول المنهج الإسلامي قضية غيرالمسلمين وكيفية التعامل معهم ‏.

    وقد فصلت هذا الموضوع في كتابي ‏(‏ فن التعامل النبوي مع غير المسلمين‏) .‏

    إن النفس الإنسانية بصفة عامة مكرمة ومعظمة ‏..‏ وهذا الأمرعلي إطلاقه ‏,‏ وليس فيه استثناء بسبب لون أو جنس أو دين‏ ,‏ قال تعالي في كتابه ‏: [‏ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ‏] [‏ الإسراء‏:70] .‏

    وهذا التكريم عام وشامل للمسلمين وغير المسلمين ‏;‏ فالجميع مفضل علي كثير من خلق الله عز وجل‏ ,‏ وقد انعكس هذا التكريم العام علي كل بند من بنود الشريعة الإسلامية ‏,‏ وهذا واضح في آيات القرآن الكريم‏ ,‏ وفي حياة الرسول صلي الله عليه وسلم‏ ,‏ وما أروع الموقف الذي علمنا إياه رسول الله‏ -‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ عندما مرت به جنازة يهودي‏!!‏

    فقد روي الإمام مسلم أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية‏ ,‏ فمرت بهما جنازة‏ ,‏ فقاما‏ ,‏ فقيل لهما‏ :‏ إنها من أهل الأرض ‏(‏ أي‏:‏ من مجوس فارس‏) .‏ فقالا‏ :‏ إن رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏ -‏ مرت به جنازة فقام ‏,‏ فقيل ‏:‏ إنه يهودي ‏,‏ فقال‏ :'‏ أليست نفسا‏'.‏
    ألا ما أروع هذا الموقف حقا‏!!‏

    فقد زرع رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ بهذا الموقف في نفوس المسلمين التقدير والاحترام لكل نفس إنسانية علي الإطلاق ‏;‏ لأنه فعل ذلك وأمر به‏ ,‏ حتي بعد علمه أنه يهودي‏ ,‏ رغم أن اليهود رأوا الآيات ثم لم يؤمنوا ‏,‏ بل إنهم اعتدوا عليه ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ بشتي أنواع الاعتداءات المعنوية والمادية ‏,‏ ومع هذا فإن رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ يقف لجنازة رجل منهم ليس له فضيلة معينة‏.‏
    إنه الاحترام الحقيقي للنفس البشرية‏..‏

    ثم إن المسلم يعتقد أن الاختلاف بين الناس أمر حتمي ‏!‏ يقول تعالي ‏:
    [‏ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ‏] [‏ هود‏:118].‏

    وإذا علمت أن المسلم يعتقد أن الحساب يوم القيامة بيد الله‏ -‏ عز وجل ‏-‏ وحده ‏,‏ أدركت أن المسلم لا يفكر مطلقا في إجبار الآخرين علي اعتناق الإسلام‏ ,‏ قال تعالي‏ : [‏ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين ‏] ,‏ يونس‏ : 99].‏

    فمهمة المسلم ببساطة أن يصل بدعوته نقية إلي غير المسلمين ‏,‏ أما ردود أفعالهم تجاه هذه الدعوة فلا يسأل عنها المسلم ولا يحاسب عليها ‏..‏ قال تعالي ‏: [‏ وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون ‏*‏ الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ‏] [‏ الحج‏:69,68].‏

    من هذا المنطلق‏ ,‏ جاءت أوامر الشريعة الإسلامية الخاصة بالعدل والرحمة والألفة والتعارف ‏,‏
    وفضائل الأخلاق ..‏ جاءت عامة تشمل المسلمين وغير المسلمين‏ .‏

    ففي شريعتنا الإسلامية تجد قول الله عز وجل ‏: [‏ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ‏] [‏ الأنعام‏:151] ,‏
    والنهي هنا عام ‏,‏ يشمل نفوس المسلمين وغير المسلمين ‏;‏ فالعدل في الشريعة مطلق لا يتجزأ‏ .‏

    وفي مسألة العفو قال الله‏ -‏ عز وجل ‏: [‏ وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ‏] [‏ آل عمران‏:134,133] .
    ‏فالعفو من صفات المؤمن‏ ,‏ وهو عفو واسع يشمل‏ '‏ الناس‏'‏ كما ذكر ربنا سبحانه وتعالي‏.‏

    بل أكثر من كل ذلك ‏;‏ أنه عندما ذكر سبحانه وتعالي أمر العدل المأمور به في الإسلام حض وأمر أن يكون العدل حتي مع من نكره من الناس ‏!!‏
    قال تعالي‏:
    [‏ ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون‏][‏ المائدة‏:8].‏


    هذه النظرة غير المتناهية في الأخلاق تفسر لنا الأخلاق النبيلة التي كان عليها رسولنا‏ -‏ صلي الله عليه وسلم ‏- ..‏
    فقد كان متبعا للشرع في كل خطوة من خطوات حياته مع أنه في زمان ندرت فيه أخلاق الفرسان‏ ,‏ وعزت فيه طبائع النبلاء ‏.

    ومع النظرة الإسلامية المتقبلة للاختلاف فإن الرسول ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ كان يرجو الإسلام حتي لألد أعدائه ‏,‏ برغم شرورهم ومكائدهم ‏;‏ فيقول ‏:'‏ اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك ‏:‏ بأبي جهل ‏,‏ أو بعمر بن الخطاب ‏' ,‏ فكان أحبهما إلي الله عمر بن الخطاب ‏.‏

    إن التاريخ الطويل من الصد عن سبيل الله‏ ,‏ وفتنة المسلمين عن دينهم‏ ,‏ لم يورث قلب رسول الله ‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏ -‏ شعورا بالانتقام ‏,‏ أو الكيد أو التنكيل ‏,‏ وإنما شعر بأنهم مرضي يحتاجون إلي طبيب ‏;‏ فجاءت هذه الدعوة لهم بالهداية وبالعزة والنجاة ‏;;‏ لذا كان يحزن حزنا شديدا إذا رفض إنسان أو قوم الإسلام‏ ,‏ حتي وصل الأمر إلي أن الله ‏-‏ عز وجل‏ -‏ نهاه عن هذا الحزن والأسي ‏..‏

    قال تعالي يخاطبه ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-: [‏ لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ‏] [‏الشعراء‏:3] .
    ‏ ويقول أيضا ‏: [‏ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ‏] [‏ فاطر‏:8] .‏

    ومع شدة هذا الحزن إلا أن الرسول ‏-‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ لم يجعله مبررا للضغط علي أحد ليقبل الإسلام ‏,‏ وإنما جعل الآية الكريمة‏ :
    [‏ لا إكراه في الدين‏ ] [‏ البقرة‏:256]‏ منهجا له في حياته ‏,‏ فتحقق في حياته التوازن الرائع المعجز ‏;‏ فيدعو إلي الحق الذي معه بكل قوة‏ ,‏ ولكنه لا يدفع أحدا إليه مكرها أبدا‏ .‏

    إنها نظرة الرحمة والرعاية لا القهر أو التسلط ‏..‏ وسبحان الذي رزقه‏ -‏ صلي الله عليه وسلم ‏-‏ هذا الكمال في الأخلاق ‏!‏
    التعديل الأخير تم بواسطة الشهيدة; 19 ينا, 2011, 03:01 م. سبب آخر: تنسيق ..
  • الشهيدة
    مشرفة شرف المنتدى

    • 15 ديس, 2009
    • 2314
    • مترجمة
    • مسلم

    #2

    جزاك الله خيراً ..
    .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 أغس, 2023, 11:28 م
    ردود 0
    69 مشاهدات
    0 ردود الفعل
    آخر مشاركة د.أمير عبدالله
    ابتدأ بواسطة عادل خراط, 17 أكت, 2022, 01:16 م
    ردود 112
    230 مشاهدات
    0 ردود الفعل
    آخر مشاركة عادل خراط
    بواسطة عادل خراط
    ابتدأ بواسطة اسلام الكبابى, 30 يون, 2022, 04:29 م
    ردود 3
    48 مشاهدات
    0 ردود الفعل
    آخر مشاركة عاشق طيبة
    بواسطة عاشق طيبة
    ابتدأ بواسطة عادل خراط, 28 أكت, 2021, 02:21 م
    ردود 0
    146 مشاهدات
    0 ردود الفعل
    آخر مشاركة عادل خراط
    بواسطة عادل خراط
    ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 01:31 م
    ردود 3
    104 مشاهدات
    0 ردود الفعل
    آخر مشاركة عادل خراط
    بواسطة عادل خراط
    يعمل...