تويت
## جيمس ماك جراث: يسوع لم يدع الألوهية أمام رئيس الكهنة الذى لم يشق ثيابه بسبب ذلك ##
يدعى المسيحيون أن المسيح لما قال لرئيس الكهنة أن ابن الإنسان – يشير يسوع ضمنيا الى نفسه - سيجلس عن يمين الله , أن يسوع قد ادعى لنفسه الإلهية , و لهذا قام رئيس الكهنة بشق ثيابه و اتهمه بالتجديف .
هذا التفسير و الإدعاء الذى يقول به المسيحيون خطأ كما سنرى , فالأمر بكل بساطة أن اليهود كانوا يرفضون أن يجلس انسان بجوار الله فى السماء , و لهذا انتقد الحبر اليهودى " يوسى " ما قاله الحبر اليهودى " أكيبا " عن أن داود سيجلس على عرش بجوار الله , و من المعلوم أن اليهود لم يكونوا يؤلهون داود عليه السلام و أن الحبر " أكيبا " لم يقصد بقوله هذا تأليه داود , و لكن الحبر " يوسى " رفض رفضا قاطعا أن يجلس أى انسان مهما بلغت مكانته بجوار الله فى السماء .
اذن , اذا رجعنا الى قصة يسوع مع رئيس الكهنة , سنجد أن رئيس الكهنة قد مزق ثيابه , ليس لأنه فهم أن يسوع يدعى لنفسه الإلهية , بل لأن رئيس الكهنة يرفض أن يجلس أى انسان بجوار الله فى السماء , فما بالكم اذا كان هذا الإنسان مقبوضا عليه من قادة اليهود و سيحكم عليه بالموت ؟ أى أن هذا الإنسان من وجهة نظر اليهود ليس انسانا شريفا بل مجرم فى نظرهم . لقد اعتبر رئيس الكهنة أن ادعاء انسان بهذه الصفة أنه سيجلس بجوار الله مسبة عظيمة لله و تدنيسا لمحضره الإلهى , و لهذا اتهم يسوع بالتجديف .
اذن الأمر بكل بساطة أن يسوع ادعى لنفسه شيئا يرفض اليهود أن يجعلوه لأى بشر حتى لو كان داود نبيهم العظيم أو حتى للمسيا المنتظر , و ليس فى هذه القصة ما يشير أو يدل على أن يسوع قد ادعى لنفسه الألوهية , أو أن رئيس الكهنة قد مزق ثيابه بسبب ادعاء يسوع الإلوهية لنفسه .
أترككم مع مقتطف من كلام العالم جيمس ماك جراث , و قد كان يتكلم عن هرطقة تعرف فى الفكر اليهودى باسم " هرطقة القوتين " , و فى سياق حديثه تعرض لجزئية جلوس انسان بجوار الله فى السماء , و رفض الفكر اليهودى لهذا الأمر , و علاقة هذا الأمر بقصة يسوع مع رئيس الكهنة .
****************************
بما أن المشناه Mishnah و التوسيفتا Tosefta لا يظهر فيهما أى أثر للجدل حول " هرطقة القوتين " , فمن المحتمل أن هذا الجدل قد نشأ فقط بعد تكوين هاتين الوثيقتين . مع هذا , فإن كتابات الأحبار المتأخرة تتتبع أصول " هرطقة القوتين " وصولا الى بدايات القرن الثانى الميلادى . و بالتالى سوف نناقش فقرتين محوريتين من الملحقات الخارجية baraitot (1) من التلمود البابلى لهما صلة بأشهر الأحبار فى هذه الفترة . الفقرة الأولى تقول الآتى :
b . Hag . 14 a : تقول إحدى الفقرات : عرشه نيران ملتهبة ( دانيال 7 – 9 ) , و تقول فقرة أخرى : الى أن وضعت العروش , و الذى كان قديم الأيام قد جلس – لا يوجد تناقض , فأحد العروش له و الآخر لداود , إن هذه وجهة نظر الحبر أكيبا R . Akiba . لقد قال له الحبر يوسى الجليلى R . Yosi : يا أكيبا , الى متى ستدنس المحضر الإلهى " الشكينا " ؟ بل بالأحرى أحد العروش للعدل و الآخر للرحمة . هل قبل هذا التفسير منه أم لم يقبله ؟ --- تعال و اسمع : أحد العروش للعدل و الآخر للرحمة , إن هذه وجهة نظر الحبر أكيبا .
يلاحظ العالم " سيجال " Segal أنه ما من أحد سوف يقترح أن هذه هى كلمات " أكيبا " بالفعل . إنه يعترف أيضا أنه حتى لو كان " أكيبا " يؤمن بمعتقدات مثل هذه المعروضة ههنا , فإن تصويره و هو ينكر وجهة نظره السابقة قد يكون محاولة لجعله متوافقا مع " الأرثوذكسية " اللاحقة . و بالتالى , حتى لو كان " أكيبا " قد أكد على نوع ما من الإيمان ب " قوتين " , فإن هذا لا يظهر أن ايمانه قد اعتبر مرفوضا فى عصره . أيضا , ليس من الواضح تماما أن هذا الملحق baraita - اذا كان يقدم تقليدا أصيلا عن أكيبا - كان يتحدث فى الأصل عن قوتين . فى موضعها الحالى فى التلمود البابلى , ترد هذه القصة فى سياق مناقشة أشياء ذات علاقة ب " هرطقة القوتين " . على الرغم من ذلك , اذا أخذنا الحوار بين الحبر أكيبا و الحبر يوسى بمفرده , فإن النقطة التى يثور حولها الجدل قد تكون بكل بساطة هى ما اذا كان أى انسان – حتى لو كان انسانا فريدا مثل المسيا – مستحقا للجلوس بجوار الله فى السماء . مثل هذه المناقشة تفترض ايمانا بتفردية الله , و لكنها ليست بالضرورة تنكر أو تتحدى هذا الأمر .
على المرء أن يقارن هذا الملحق baraita مع التقليد المتعلق بمحاكمة يسوع أمام السنهدرين الوارد ذكره فى الأناجيل الإزائية , حيث يصور كبير الكهنة على أنه يحكم على يسوع بالموت لأنه " جدّف " , لأنه قد أكد على أنهم سوف يرون ابن الإنسان – الذى يشير ضمنيا الى أنه هو هذا الشخص – جالسا عن يمين الله . هنا أيضا , ليس ثمة سبب يدعو الى أن يسوع قد اتهم بالخروج على عقيدة التوحيد . بل بالأحرى , كان هناك شعور أنه يدعى لنفسه مكانة عالية جدا على الإنسان , خصوصا اذا كان هذا الإنسان قد رفضه القادة و حكم عليه بالموت .
إنهم يذكرون عن الحبر أكيبا أنه قد اعتقد أن بار كوشبا Bar Kochba هو المسيا , و ربما يكون هذا جزءا من الصعوبة فى الفقرة الأحبارية : أى أن ادعاء المسيانية لشخص أعدمه الرومان ربما كان بالحقيقة هو نقطة الخلاف . من ناحية أخرى , فإنك لو ادعيت لإنسان فى الوقت الحاضر أشياء عظيمة بإفراط فإن هذا سيقابل مقاومة . ربما هناك عامل نفسى فى هذا الأمر يستحق مزيدا من الدراسة . يبدو الأمر أن الناس غالبا ما يؤكدون على أشياء تخص الأبطال و الأشخاص " القانونيين " و ليسوا مستعدين أن يفعلوا نفس الشىء أو يقبلوا نفس الشىء عن أى شخص من معاصريهم . على أى حال , الشىء الذى نستطيع أن نقوله بكل تأكيد , هو أن الناس قد أحسوا بأن نسبة دعاوى فخمة الى مسيا فاشل يعتبر " تجديفا " أو " مدنسا للمحضر الإلهى " و أنه يعنى مسبة لله . إنه لا يوجد شىء يستلزم الإستنتاج بأن هذا التقليد كان فى الأصل ذا صلة ب " هرطقة القوتين " .
_____________________________
(1) : Baraitot عباره عن أجزاء من الناموس اليهودى الشفوى غير متضمنة فى المشناه , و المفرد Baraita
المصدر :
JBS 4/1 (January 2004)
Two Powers and Early Jewish and Christian Monotheism
James F. McGrath
pages 60 - 62
هذا التفسير و الإدعاء الذى يقول به المسيحيون خطأ كما سنرى , فالأمر بكل بساطة أن اليهود كانوا يرفضون أن يجلس انسان بجوار الله فى السماء , و لهذا انتقد الحبر اليهودى " يوسى " ما قاله الحبر اليهودى " أكيبا " عن أن داود سيجلس على عرش بجوار الله , و من المعلوم أن اليهود لم يكونوا يؤلهون داود عليه السلام و أن الحبر " أكيبا " لم يقصد بقوله هذا تأليه داود , و لكن الحبر " يوسى " رفض رفضا قاطعا أن يجلس أى انسان مهما بلغت مكانته بجوار الله فى السماء .
اذن , اذا رجعنا الى قصة يسوع مع رئيس الكهنة , سنجد أن رئيس الكهنة قد مزق ثيابه , ليس لأنه فهم أن يسوع يدعى لنفسه الإلهية , بل لأن رئيس الكهنة يرفض أن يجلس أى انسان بجوار الله فى السماء , فما بالكم اذا كان هذا الإنسان مقبوضا عليه من قادة اليهود و سيحكم عليه بالموت ؟ أى أن هذا الإنسان من وجهة نظر اليهود ليس انسانا شريفا بل مجرم فى نظرهم . لقد اعتبر رئيس الكهنة أن ادعاء انسان بهذه الصفة أنه سيجلس بجوار الله مسبة عظيمة لله و تدنيسا لمحضره الإلهى , و لهذا اتهم يسوع بالتجديف .
اذن الأمر بكل بساطة أن يسوع ادعى لنفسه شيئا يرفض اليهود أن يجعلوه لأى بشر حتى لو كان داود نبيهم العظيم أو حتى للمسيا المنتظر , و ليس فى هذه القصة ما يشير أو يدل على أن يسوع قد ادعى لنفسه الألوهية , أو أن رئيس الكهنة قد مزق ثيابه بسبب ادعاء يسوع الإلوهية لنفسه .
أترككم مع مقتطف من كلام العالم جيمس ماك جراث , و قد كان يتكلم عن هرطقة تعرف فى الفكر اليهودى باسم " هرطقة القوتين " , و فى سياق حديثه تعرض لجزئية جلوس انسان بجوار الله فى السماء , و رفض الفكر اليهودى لهذا الأمر , و علاقة هذا الأمر بقصة يسوع مع رئيس الكهنة .
****************************
بما أن المشناه Mishnah و التوسيفتا Tosefta لا يظهر فيهما أى أثر للجدل حول " هرطقة القوتين " , فمن المحتمل أن هذا الجدل قد نشأ فقط بعد تكوين هاتين الوثيقتين . مع هذا , فإن كتابات الأحبار المتأخرة تتتبع أصول " هرطقة القوتين " وصولا الى بدايات القرن الثانى الميلادى . و بالتالى سوف نناقش فقرتين محوريتين من الملحقات الخارجية baraitot (1) من التلمود البابلى لهما صلة بأشهر الأحبار فى هذه الفترة . الفقرة الأولى تقول الآتى :
b . Hag . 14 a : تقول إحدى الفقرات : عرشه نيران ملتهبة ( دانيال 7 – 9 ) , و تقول فقرة أخرى : الى أن وضعت العروش , و الذى كان قديم الأيام قد جلس – لا يوجد تناقض , فأحد العروش له و الآخر لداود , إن هذه وجهة نظر الحبر أكيبا R . Akiba . لقد قال له الحبر يوسى الجليلى R . Yosi : يا أكيبا , الى متى ستدنس المحضر الإلهى " الشكينا " ؟ بل بالأحرى أحد العروش للعدل و الآخر للرحمة . هل قبل هذا التفسير منه أم لم يقبله ؟ --- تعال و اسمع : أحد العروش للعدل و الآخر للرحمة , إن هذه وجهة نظر الحبر أكيبا .
يلاحظ العالم " سيجال " Segal أنه ما من أحد سوف يقترح أن هذه هى كلمات " أكيبا " بالفعل . إنه يعترف أيضا أنه حتى لو كان " أكيبا " يؤمن بمعتقدات مثل هذه المعروضة ههنا , فإن تصويره و هو ينكر وجهة نظره السابقة قد يكون محاولة لجعله متوافقا مع " الأرثوذكسية " اللاحقة . و بالتالى , حتى لو كان " أكيبا " قد أكد على نوع ما من الإيمان ب " قوتين " , فإن هذا لا يظهر أن ايمانه قد اعتبر مرفوضا فى عصره . أيضا , ليس من الواضح تماما أن هذا الملحق baraita - اذا كان يقدم تقليدا أصيلا عن أكيبا - كان يتحدث فى الأصل عن قوتين . فى موضعها الحالى فى التلمود البابلى , ترد هذه القصة فى سياق مناقشة أشياء ذات علاقة ب " هرطقة القوتين " . على الرغم من ذلك , اذا أخذنا الحوار بين الحبر أكيبا و الحبر يوسى بمفرده , فإن النقطة التى يثور حولها الجدل قد تكون بكل بساطة هى ما اذا كان أى انسان – حتى لو كان انسانا فريدا مثل المسيا – مستحقا للجلوس بجوار الله فى السماء . مثل هذه المناقشة تفترض ايمانا بتفردية الله , و لكنها ليست بالضرورة تنكر أو تتحدى هذا الأمر .
على المرء أن يقارن هذا الملحق baraita مع التقليد المتعلق بمحاكمة يسوع أمام السنهدرين الوارد ذكره فى الأناجيل الإزائية , حيث يصور كبير الكهنة على أنه يحكم على يسوع بالموت لأنه " جدّف " , لأنه قد أكد على أنهم سوف يرون ابن الإنسان – الذى يشير ضمنيا الى أنه هو هذا الشخص – جالسا عن يمين الله . هنا أيضا , ليس ثمة سبب يدعو الى أن يسوع قد اتهم بالخروج على عقيدة التوحيد . بل بالأحرى , كان هناك شعور أنه يدعى لنفسه مكانة عالية جدا على الإنسان , خصوصا اذا كان هذا الإنسان قد رفضه القادة و حكم عليه بالموت .
إنهم يذكرون عن الحبر أكيبا أنه قد اعتقد أن بار كوشبا Bar Kochba هو المسيا , و ربما يكون هذا جزءا من الصعوبة فى الفقرة الأحبارية : أى أن ادعاء المسيانية لشخص أعدمه الرومان ربما كان بالحقيقة هو نقطة الخلاف . من ناحية أخرى , فإنك لو ادعيت لإنسان فى الوقت الحاضر أشياء عظيمة بإفراط فإن هذا سيقابل مقاومة . ربما هناك عامل نفسى فى هذا الأمر يستحق مزيدا من الدراسة . يبدو الأمر أن الناس غالبا ما يؤكدون على أشياء تخص الأبطال و الأشخاص " القانونيين " و ليسوا مستعدين أن يفعلوا نفس الشىء أو يقبلوا نفس الشىء عن أى شخص من معاصريهم . على أى حال , الشىء الذى نستطيع أن نقوله بكل تأكيد , هو أن الناس قد أحسوا بأن نسبة دعاوى فخمة الى مسيا فاشل يعتبر " تجديفا " أو " مدنسا للمحضر الإلهى " و أنه يعنى مسبة لله . إنه لا يوجد شىء يستلزم الإستنتاج بأن هذا التقليد كان فى الأصل ذا صلة ب " هرطقة القوتين " .
_____________________________
(1) : Baraitot عباره عن أجزاء من الناموس اليهودى الشفوى غير متضمنة فى المشناه , و المفرد Baraita
المصدر :
JBS 4/1 (January 2004)
Two Powers and Early Jewish and Christian Monotheism
James F. McGrath
pages 60 - 62
تعليق