تعليق على كتاب (( عبادة الأصنام في الكنيسة الأرثوذكسية )) للدكتور حنين عبد المسيح .
كتبه الشيخ حسان أيوب الشامي ـ من الأردن ، البلقاء .
الحمد لله رب العالمين ، والسلام على رسول الإسلام الكريم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم :
أما بعد : فكم فرحتُ حين قرأتُ على الإنترنت موضوع ( عبادة الأصنام في الكنيسة ) ذلكم أنني كنتُ قد كتبت لأحد المواقع المسيحية على النت أنَّ المسيحية بعد المسيح قد أدخلوا عبادة الأصنام في كنائسهم ، فردَّ علىَّ أحدهم قالاًً هذا غير صحيح ، فنقلتُ له ما كتبه علماء الإسلام في أنَّ المسيحية يعبدون الأصنام في كنائسهم ، واستشهدتُ لهم بقول أحد علماء الإسلام قبل ثمانمائة سنة وهو يقول :
قال شيخ الإسلام العالم الكبير أحمد ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه (( الجواب الصحيح )) ( 1 / 347) : (( وكان من أعظم أسباب عبادة الأصنام تصوير الصور وتعظيم القبور ، فأين هذا ممن يصور صور المخلوقين في الكنائس ويعظمها ، ويستشفع بمن صورت على صورته ، وهل كان أصل عبادة الأصنام في بني آدم من عهد نوح عليه السلام إلا هذا ؟ ، والصلاة إلى الشمس والقمر والكواكب والسجود إليها ذريعة إلى السجود لها ، ولم يأمر الله أحد من الأنبياء بإتخاذ الصور والإستشفاع بأصحابها ولا بالسجود إلى الشمس والقمر والكواكب ، وإن كان يذكر عن بعض الأنبياء تصوير صورة لمصلحة فإن هذا من الأمور التي قد تتنوع فيها الشرائع ، بخلاف السجود لها والإستشفاع بأصحابها فإن هذا لم يشرعه نبي من الأنبياء ، ولا أمر قط أحد من الأنبياء أن يُدعى غير الله عز وجل لا عند قبره ولا في مغيبه ولا يشفع به في مغيبه بعد موته .
ثم قال ( 1 / 358) : (( فالذي تفعله النصارى أصل عبادة الأوثان وهكذا قال عالمهم الكبير الذي يسمونه يوحنا فم الذهب وهو من أكبر علمائهم ، لما ذكر تولد الذنوب الكبار عن الصغار ، قال : وهكذا هجمت عبادة الأصنام فيما سلف لما أكرم الناس أشخاصاً يعظم بعضهم بعضاً فوق المقدار الذي ينبغي الأحياء منهم والأموات )) .
فالذي يفعله المسيحيون اليوم في كنائسهم هو أصل عبادة الأصنام ، ثم تفاجئتُ لأحد رجال الدين في الكنيسة الأرثوذكسية والمدعو حنين عبد المسيح يرد على الكنيسة بعد أربعين سنة من إعتناقها ، فحرصتُ على إقتناء كتابه وقراءته ، فوجدتُه أصاب أكثر الحق ، وفي إعتقادي أنه ليس بينه وبين الإسلام إلا شعرة ، فالذي ذكره في كتابه موافق في أكثره للدين الإسلامي من رفض عبادة الصليب والقديسين ورجال الدين وتلبيس إبليس على الناس بصورة القديسين والأنبياء ، والسجود لغير الله وتعظيم غير الله .
وبقيت مشكلة عند حنين عبد المسيح وهي ( السجود للمسيح ونفي ظهور الشيطان بصورة المسيح ) وهنا العقدة ، إن زالت من ذهن الدكتور حنين ، أقول فإنَّه سائر إلى طريق الله الحق . فأردَ عليه قائلاً .
[ ذكرت في (صفحة : 8 ) من كتابكم : أنَّ الرجل الأعمى الذي فتح يسوع عينيه قد سجد هذا الرجل للمسيح (يو 10: 2ـ4) ]
والجواب : إعلم يا أستاذ حنين أنَّ هذا الرجل الذي سجد للمسيح لا يعرف إثم السجود لغير الله الواحد الذي في السماء ، فهذا الرجل جاهل سجد من غير علم ، لأنَّ المسيح قال للشيطان : لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد و إياه وحده تعبد ، بل المسيح نفسه سجد لله وكان يصلي لله (مرقس 14: 35) ، وقد علَّم المسيح تلاميذه أن لا يسجدوا إلا لله وحده ، وأن يرفضوا لأحد أن يسجد لأحد ، ألم تقل يا أستاذ حنين في (صفحة : 50 ) : أنَّ بطرس رفض للكرنيليوس أن يسجد له ، وقال له أنا إنسان (أع 10: 25ـ26) ، وكذلك رفض الملاك سجود يوحنا له ، وقال له الملاك (أسجد لله ) (رؤ 22: 8ـ9) .
فالمقصود هنا أنَّ الرجل الأعمى الذي فتح المسيح عينيه كان يجهل حُكم السجود لغير الله ، ولا يعني سكوت المسيح عليه إقراراً له على فعله ، بل أنكر المسيح في الإنجيل السجود لغير الله وقد علمه جميع المؤمنين ، وهذا نبي الإسلام محمد كان يأتيه أناس يجهلون أحكام الإسلام ويتبركون بشعره وجسده ويتمسحون به وكان ينكر أحياناً ويسكت أحياناً ليس إقراراً على فعلهم ؛ ولكن لعلمه أنَّ هذا معلوم من الدين بالضرورة أنه حرام لا يجوز ، وأكثر الناس يعرفون ذلك ، وكان قد أخبر به الناس وقال لهم هذا حرام ثم يأتِ جاهل من البادية ويتمسَّح ببزاق الرسول ويشرب وضوءه مع كُره الرسول محمد لهذا الفعل .
فليس من الضرورة إذا رأيت العاصي يعمل المعصية أن أنكر عليه فوراً بل أستدرجه لأتألَّف قلبه شيئاً فشيئاً ، حتى يعرف الخطأ من الصواب ، فربما يترتب على إنكار المنكر منكر أكبر منه ، وهذه من الحكمة في الدعوة وتعليم الناس أن تنكر عليهم خطوة خطوة .
[ أما قولك (صفحة : 30 ) : فذكرت أن الشيطان ظهر على شكل صموئيل النبي (صم 28: 6ـ7) ]
فالجواب : إذا كنت يا أستاذ حنين تُقر أن الشيطان يأتي بصورة ملاك ونبي فلماذا تُنكر أن يأتي الشيطان بصورة المسيح النبي ؟!! ثم إذا كنت قلتَ في (صفحة : 31 ) أنَّ الله لا يرسل القديسين بعد إنتقالهم إلى الأرض ثانية ليظهروا للناس لكي يهدوهم (لو 16: 29 ـ 31) وإنما الشيطان يظهر بصورة القديس بعد موته ، فلماذا تقول أن المسيح خرج من قبره بعد ثلاثة ليالي لكي يهدي الناس . وما أدراك أنه المسيح ؟ .
إسمع إلى العالم الكبير شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمه الله وهو يقول : (( ومن هنا ضلَّت النصارى حين اعتقدوا أن المسيح بعد أن صُلب كما يظنون أنه أتى إلى الحواريين وكلمهم ووصاهم ، وهذا مذكور في أناجيلهم وكلها تشهد بذلك ، وذاك الذي جاء كان شيطاناً ، قال أنا المسيح ولم يكن هو المسيح نفسه ، ويجوز أن يشتبه مثل هذا على الحواريين كما اشتبه على كثير من شيوخ المسلمين ، (فجاء الشيطان بصورة النبي محمد وقال أنا محمد ولم يكن هو محمد نفسه) ، ولكن ما أخبرهم المسيح قبل أن يُرفع بتبليغه فهو الحق الذى يجب عليهم تبليغه ، ولم يُرفع حتى بلغ رسالات ربه فلا حاجة إلى مجيئه بعد أن رفع إلى السماء )) .
تأمل يا أستاذ حنين عبد المسيح هذا الكلام ، مع تمنياتي لك بالتوفيق والسداد .
تعليق