الكاتب: الدكتور محمود عبد الرازق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .
أخبرنا الله تعالى أن نبي الله عيسى بشر بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم ونص على أن اسمه أحمد فقال تعالى :{ وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول اللّه إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التّوراة ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين } (1).
وقد بين الله سبحانه أن أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فلا يخفى عليهم كلامه أو وصفه فقال : { الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإنّ فريقا منهم ليكتمون الحقّ وهم يعلمون } (2) .
روى في أسباب النزول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعبد الله بن سلام رضي الله عنه: إنّ الله أنزل على نبيه وهو بمكة أن أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، كيف هذه المعرفة يا ابن سلام ؟ قال : نعرف نبيّ الله بالنعت الذي نعته الله به إذا رأيناه فيكم ، كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان ، والذي يحلف به عبد الله بن سلام لأنا بمحمد أشد مني معرفة بابني ، فقال له عمر : كيف ذلك ؟ قال : عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا أنه هو ، وأما ابني فلا أدري ما أحدثت أمه (3) .
كما نص القرآن الكريم على أن المصطفى صلى الله عليه وسلم موصوف في التوراة والإنجيل بأنه نبي أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، وأنه صلى الله عليه وسلم جاء داعيا للخير والفضيلة ناهيا عن الشر والرذيلة ، فقال تعالى : { الّذين يتّبعون الرّسول النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبا عندهم في التّوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطّيّبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال الّتي كانت عليهم فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } (4) .
وقد كان معلوما من حاله صلى الله عليه وسلم أنه كان أميا لا يكتب ولا يحسن أن يقرأ ، وكذلك كان معروفا من حاله أنه لم يكن يعرف شيئا من كتب المتقدمين وأقاصيصهم وأنبائهم وسيرهم ، ثم أتى بكتاب معجز أخبر فيه عما وقع وحدث من عظائم الأمور ومهمات السير من حين خلق الله آدم عليه السلام إلى حين مبعثه ، فذكر قصة آدم عليه السلام وابتداء خلقه وما صار أمره إليه من الخروج من الجنة وتوبته لربه وما كان من أمر ولده ، ثم ذكر قصة نوح عليه السلام وما كان بينه وبين قومه وما انتهى إليه أمرهم وكذلك أمر إبراهيم عليه السلام إلى ذكر سائر الأنبياء المذكورين في القرآن والملوك والفراعنة الذين كانوا في أيامهم .
ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم ، فقد كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لأهل الآثار وحملة الأخبار ولا مترددا إلى التعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه علم الوحي، ولذلك قال تعالى : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لارتاب المبطلون } (5) .
أي قد لبثت في قومك من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمرا لا تقرأ كتابا ولا تحسن الكتابة ، بل كل واحد يعرف أنك رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب ، ولو كنت تحسنها لارتاب بعض الجهلة من الناس فيقول إنما تعلم هذا من كتب قبله مأثورة عن الأنبياء (6) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " بين سبحانه من حاله ما يعلمه العامة والخاصة ، وهو معلوم لجميع قومه الذين شاهدوه متواترا عند من غاب عنه وبلغته أخباره من جميع الناس ، أنه كان أميا لا يقرأ كتابا ولا يحفظ كتابا من الكتب لا المنزلة ولا غيرها ، ولا يقرأ شيئا مكتوبا لا كتابا منزلا ولا غيره ، ولا يكتب بيمينه كتابا ولا ينسخ شيئا من كتب الناس المنزلة ولا غيرها " (7) .
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما على طول البعثة نبيا أميا لا يحسن الكتابة ولا يخط سطرا ولا حرفا بيده بل كان له كتاب يكتبون بين يده الوحي والرسائل إلى الأقاليم .
وفى كل يوم تزداد دلائل النبوة ويقوم الدليل والبرهان على إعجاز ما ورد في القرآن ، فهذا الكتاب الذي أوحاه الله إلي النبي الأمي باللغة العربية يزداد إعجازه بزيادة المعرفة الإنسانية ، هذا فضلا عن الحفاظ على نصه إلى الآن دون تغيير أو تبديل ، فهذه ميزة لم تتوفر لما سبق من الكتب السماوية , لأن الله تكفل في عليائه بحفظه وبقائه إلى يوم الدين فقال جل جلاله : { إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون } (8) .
وقد وضع الله تعالى بين سور القرآن وآياته وحروفه وكلماته من الأسرار ما يدل باستمرار على أنه الحق ، فكل يوم تتجدد شواهد البحث العلمي وتنطق بصدق الوصف القرآني في تقرير الحقائق وإثباتها ، وكما قال الله عز وجل : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد } (9)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .
أخبرنا الله تعالى أن نبي الله عيسى بشر بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم ونص على أن اسمه أحمد فقال تعالى :{ وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول اللّه إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التّوراة ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين } (1).
وقد بين الله سبحانه أن أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فلا يخفى عليهم كلامه أو وصفه فقال : { الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإنّ فريقا منهم ليكتمون الحقّ وهم يعلمون } (2) .
روى في أسباب النزول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعبد الله بن سلام رضي الله عنه: إنّ الله أنزل على نبيه وهو بمكة أن أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، كيف هذه المعرفة يا ابن سلام ؟ قال : نعرف نبيّ الله بالنعت الذي نعته الله به إذا رأيناه فيكم ، كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان ، والذي يحلف به عبد الله بن سلام لأنا بمحمد أشد مني معرفة بابني ، فقال له عمر : كيف ذلك ؟ قال : عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا أنه هو ، وأما ابني فلا أدري ما أحدثت أمه (3) .
كما نص القرآن الكريم على أن المصطفى صلى الله عليه وسلم موصوف في التوراة والإنجيل بأنه نبي أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، وأنه صلى الله عليه وسلم جاء داعيا للخير والفضيلة ناهيا عن الشر والرذيلة ، فقال تعالى : { الّذين يتّبعون الرّسول النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبا عندهم في التّوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطّيّبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال الّتي كانت عليهم فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } (4) .
وقد كان معلوما من حاله صلى الله عليه وسلم أنه كان أميا لا يكتب ولا يحسن أن يقرأ ، وكذلك كان معروفا من حاله أنه لم يكن يعرف شيئا من كتب المتقدمين وأقاصيصهم وأنبائهم وسيرهم ، ثم أتى بكتاب معجز أخبر فيه عما وقع وحدث من عظائم الأمور ومهمات السير من حين خلق الله آدم عليه السلام إلى حين مبعثه ، فذكر قصة آدم عليه السلام وابتداء خلقه وما صار أمره إليه من الخروج من الجنة وتوبته لربه وما كان من أمر ولده ، ثم ذكر قصة نوح عليه السلام وما كان بينه وبين قومه وما انتهى إليه أمرهم وكذلك أمر إبراهيم عليه السلام إلى ذكر سائر الأنبياء المذكورين في القرآن والملوك والفراعنة الذين كانوا في أيامهم .
ونحن نعلم ضرورة أن هذا مما لا سبيل إليه إلا عن تعلم ، فقد كان معروفا أنه لم يكن ملابسا لأهل الآثار وحملة الأخبار ولا مترددا إلى التعلم منهم، ولا كان ممن يقرأ فيجوز أن يقع إليه كتاب فيأخذ منه علم الوحي، ولذلك قال تعالى : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لارتاب المبطلون } (5) .
أي قد لبثت في قومك من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمرا لا تقرأ كتابا ولا تحسن الكتابة ، بل كل واحد يعرف أنك رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب ، ولو كنت تحسنها لارتاب بعض الجهلة من الناس فيقول إنما تعلم هذا من كتب قبله مأثورة عن الأنبياء (6) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " بين سبحانه من حاله ما يعلمه العامة والخاصة ، وهو معلوم لجميع قومه الذين شاهدوه متواترا عند من غاب عنه وبلغته أخباره من جميع الناس ، أنه كان أميا لا يقرأ كتابا ولا يحفظ كتابا من الكتب لا المنزلة ولا غيرها ، ولا يقرأ شيئا مكتوبا لا كتابا منزلا ولا غيره ، ولا يكتب بيمينه كتابا ولا ينسخ شيئا من كتب الناس المنزلة ولا غيرها " (7) .
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما على طول البعثة نبيا أميا لا يحسن الكتابة ولا يخط سطرا ولا حرفا بيده بل كان له كتاب يكتبون بين يده الوحي والرسائل إلى الأقاليم .
وفى كل يوم تزداد دلائل النبوة ويقوم الدليل والبرهان على إعجاز ما ورد في القرآن ، فهذا الكتاب الذي أوحاه الله إلي النبي الأمي باللغة العربية يزداد إعجازه بزيادة المعرفة الإنسانية ، هذا فضلا عن الحفاظ على نصه إلى الآن دون تغيير أو تبديل ، فهذه ميزة لم تتوفر لما سبق من الكتب السماوية , لأن الله تكفل في عليائه بحفظه وبقائه إلى يوم الدين فقال جل جلاله : { إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون } (8) .
وقد وضع الله تعالى بين سور القرآن وآياته وحروفه وكلماته من الأسرار ما يدل باستمرار على أنه الحق ، فكل يوم تتجدد شواهد البحث العلمي وتنطق بصدق الوصف القرآني في تقرير الحقائق وإثباتها ، وكما قال الله عز وجل : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد } (9)
تعليق