اخواني الكرام
سلسله جديده من دروس رائعه لأستاذتي الفاضله .. لاحرمني الله من علمها ونفعنا بها ..
أنزلها لكم لتستفيدوا منها كما استفدت منها
نسأل الله العظيم ان يرزقنا العلم النافع وأن ينفع بنا غيرنا من المسلمين وغير المسلمين
نتوكل على بركة الله الحيّ الذي لا يموت
أنزلها لكم لتستفيدوا منها كما استفدت منها
نسأل الله العظيم ان يرزقنا العلم النافع وأن ينفع بنا غيرنا من المسلمين وغير المسلمين
نتوكل على بركة الله الحيّ الذي لا يموت
دعواتكم لي بالبركه في الوقت والتوفيق
رحمة الله
رحمة الله : صفة من صفات الكمال تستدعى الإحسان إلى خلقه .
رحمة الله : صفة بها توجد كل النعم وتندفع كل النقم .
رحمة الله وسعت كل شىء : البر والفاجر والمسلم والكافر والطير والحيوان فما من أحد إلا وهو يتقلب فى رحمة الله ( وهذه الرحمة العامة )
وللمؤمنين رحمة خاصة : هذه الرحمة إذا تجلى الله بها على عبده أسعده فى أى وضع وأى زمان وفى أى مكان وفى أى مستوى ، وإذا حجبها عن عبده أشقاه ولو كان فى أعلى درجات الغنى والقوة والصحة .
رحمة الله نعرفها من آثارها :
- فبرحمته أوجد البشر من حيث لا يعلمون ومنحهم الوجود الإنسانى وميزهم عن سائر الموجودات .
- وبرحمته سخر لهم قوى الكون وطاقاته ... من سماء وأرض وشمس وقمر ونجوم وبحار ونباتات وحيوانات وليل ونهار ...
- وبرحمته جعل فى الإنسان ملكات وقدرات وطاقات جعلت فيه استعداد للمعرفة ...
- وبرحمته أرسل على عباده الرسل وأنزل عليهم الكتب وعلمهم من الجهالة وهداهم من الضلالة .
- وبرحمته عز وجل عرفنا أسمائه وصفاته وأفعاله عن طريق آياته المشهودة والمقروءة .
- وبرحمته أرشدنا إلى مصالحنا الدنيوية والدينية فى كتابه وعلى لسان رسله .
- ومن رحمته سبحانه أن أحوج الخلق بعضهم إلى بعض لتتم مصالحهم ولو أغنى بعضهم عن بعض لتعطلت .
- فمن رحمته أنه وضع الرحمة بين عبادة ليتراحموا بها وكذلك سائر الحيوانات .
( إن لله مائه رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها )
- ومن رحمته مجازاته عن السيئة بمثلها ومجازاته عن الحسنة بعشر أمثالها والمضاعفة بعد ذلك لمن يشاء.
- ومن رحمته إرسال المصطفى صلى الله علية وسلم( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )
- ومن رحمته أن جعل فى قلبه رحمة ( حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
- ومن رحمته أن جعل فى قلوب أتباعه رحمة ( أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ )
- ومن رحمته إنزال القراّن ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً .. )
- ومن رحمته إنبات الأرض ( فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ٌ)
- ومن رحمته إرسال الريح ( وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ .. )
- والليل والنهار من رحمته ( وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ )
- والمصائب الرادعة من رحمته ( وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ، ( فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ )
فكل ما يقرب الإنسان إلى خالقه هو الرحمة بعينها فالمصيبة التى ترد الإنسان إلى ربه وتقربه إليه رحمة
- من رحمته قبول توبة العبد ( أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
- ومن رحمته تزكية العبد وهدايته ، قال تعالى ( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا )
- ومن رحمته انه سمى نفسه بالرحمن الرحيم
لبيان اتساع رحمته فى الدنيا حتى تشمل المؤمن والكافر فيعطيهم من مقومات الحياة ما يحتاجوه فيرزق من آمن به ومن لم يؤمن ، ولبيان عظيم رحمته بالمؤمنين فى الآخرة
فكلاهما صيغة مبالغة تدل على عظيم رحمته
- فالرحمن صيغة مبالغة بعمومية العطاء
- والرحيم صيغة مبالغة لخصوصية العطاء
- ومن رحمته انه كتب على نفسه الرحمة
قال تعالى ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الأنعام
كتبها هو على نفسه وجعلها عهداً منه لعباده بمحض إرادته ومطلق مشيئته لم يوجبها عليه موجب ...
والله تعالى لا ينقض عهده ولا يحتاج أن يكتب ، ولكن البشر من الممكن أن ينقضون عهدهم لذلك إذا عقد الواحد منهم عقداً شفهياً يشعر بالقلق فإذا كتبه ووثقه بنص مكتوب معتمدا من الجهات المسئولة يشعر بالراحة والأمن لأن من شأن البشر أن ينقضوا العهود .
لكن الله تعالى لا يخلف عهده ... ولا يوجد فى الأرض قوة تجبره على خلاف ما يريد
فلماذا ألزم ذاته الإلهية بذلك وكتب على نفسه الرحمة ؟
الجواب : لكى يطمئنا ويزيد رجاءنا فى طلب رحمته فهو يخاطبنا على قدر عقولنا ، ويخاطبنا بما نظنه أقوى
ذلك ليبين لنا أن الأصل فى تعامل الله مع عباده هو الرحمة ... حتى فى ابتلاءه لهم أحيانا بالضراء ... فالرحمة قاعدة قضاءه فى خلقه
- ومن رحمة الله ... أن تحس برحمة الله ، فإن لم تشعر بها كنت محجوباً عنها .
- ومن رحمة الله أن تنتظرها ..
- ومن رحمة الله أن ترجوها ..
- ومن رحمة الله أن تثق بها ..
فإذا لم تحس بها . . ولم ترجوها .. ولم تنتظرها .. ولم تثق بها .. فأنت محجوب عن رحمة الله ..
لذلك قال تعالى ( إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )
- رحمة الله تجدها فى كل شئ...
تجدها فى ذاتك .. فى تكوينك .. فى طباعك .. فى عقلك .. فى قدراتك .. فى تكريم الله لك .. فيما سخره لك من أشياء تجدها فوقك وتحتك وعن يمينك وعن شمالك ..
تجدها فيما أنعم الله عليك مما تعلم ومما لا تعلم ، تجدها فيما منعك أحيانا .. فربما منعك ليعطيك وأعطاك ليمنعك
- وليست البطولة أن تكتفى برحمته العامة ولا تنال رحمته الخاصة
فهناك أناس يستدلون على أنهم مرحومين .. بما يرحم الله به الناس أجمعين مؤمنهم وكافرهم طائعهم وعاصيهم فهذه رحمة تنتهى بانتهاء حياتك فى الدنيا
فهناك أناس يستدلون على أنهم مرحومين .. بما يرحم الله به الناس أجمعين مؤمنهم وكافرهم طائعهم وعاصيهم فهذه رحمة تنتهى بانتهاء حياتك فى الدنيا
- وإنما البطولة أن تنال رحمته الخاصة
تلك الرحمة .. التى إذا تجلى الله بها على عبده أسعده فى أى زمان ومكان وفى أى وضع أو مستوى وإذا حجبها عنه أشقاه ولو كان فى أعلى درجات الغنى والقوة .
تلك الرحمة .. التى إذا تجلى الله بها على عبده يعيش فى سعادة واطمئنان ورضا ، وإذا حجبها الله عنه يعيش فى تعب ومعاناة وشقاء .
رحمة الله قد تأتيك ولا يتغير شئ حولك ولكن شعورك بالرضا والطمأنينة والسعادة هو من رحمة الله
• وقد يعطيك الله كل شئ من صحة وجاه ومال وعلو .. ويحجب عنك رحمته فإذا أنت أشقى الناس ، وقد يحجب عنك بعض الصحة والمال .. فإذا أنت فى جنة .
• النعم إذا أعطاك الله إياها .. وأمسك رحمته عنك انقلبت إلى نقم .
• والمحن إذا فتح الله لك معها باب الرحمة انقلبت نعم .
• قد ينام الإنسان على الشوك ومع رحمة الله فإذا هو فراش مريح ، وقد ينام على الحرير وقد اُمسكت عنه رحمة الله فإذا هو شوك .
• إذا أعطاك الله كل شئ وحجب عنك رحمته فلم يعطيك شيئاً
• ولو حجب عنك كل شئ وتجلى عليك برحمته لم تخسرشيئاً
- فلا ضيق مع رحمة الله .. إنما الضيق فى إمساكها
- كل أنواع الضيق مع رحمة الله تغدو سعادة
لو كنت فى ضيق فى المكان وفى الرزق وفى العيش فأنت مع رحمة الله تحس بالرخاء والراحة
ولو أمسك الله عنك رحمته وفتح لك كل أبواب الرزق فلا جدوى .. بل تحس الضيق والحرج والشقاء
المال والصحة والقوة والجاه والسلطان كل هذه الحظوظ الدنيوية .. تصبح مصادر قلق وتعب ونكد وجهد .. إذا أمسك الله عنك رحمته ، وإذا فتح الله رحمته كانت مصدر راحة وسعادة وطمأنينة .
• شئ سخيف جداً قد يقلب حياتك إلى جحيم وقد تمر بالأهوال ورحمة الله معك فإذا هى سهلة .
• تخوض أشد المخاوف والأخطار مع رحمة الله فإذا أنت فى أمن وسلام ، وتسعى دون رحمة الله فتقع فى المهالك .
• إنسان يسير بسيارة فى وضح النهار وبخطأ بسيط يقع فى مشكلة قد تؤدى بهلاك السيارة أو بعض من معه وآخر يسير بسيارته فى ظلام الليل بإضاءة أقل .. وفى طرق وعرة ومع ذلك يمر بسلامة
إذا رحمك الله .. أسعدك
وإذا حجب عنك رحمته .. أشقاك
إذا رحمك الله .. يسعدك بأى زوجة وبأى دخل مادى وبأى مسكن وبأى مهنة .. وفى أى وضع وأى مستوى .
وإذا غابت عنك رحمة الله .. تضيق عليك الأرض بما رحبت ، لو تزوجت أجمل فتاة ولو كان لك أكبر دخل مادى لكنت فى شقاء .
- قد يبسط الله الرزق على عبده ويمنعه رحمته فيكون الرزق مع وفرته مصدر قلق وتعب وحسد وبغض وشقاء وقد يحس بالحرمان أو المرض .
- وقد يمسك الله الرزق على عبده ويبسط عليه رحمته فإذا هو فى متاع طيب ورغد فى الدنيا وزاد فى الآخرة
لذلك كان الصالحون يقولون : لو يعلم الملوك ما نحن فيه من النعيم لقاتلونا عليه بالسيوف
يتبع ...
يتبع ...
تعليق