طريق الحق -ما يقوله الكتاب المقدس عن نبي الله داود عليه السلام:
وعِندَ المساءِ قام داوُدُ عنْ سريرهِ وتمشّى على سطحِ القصرِ، فرأى على السّطحِ امرأةً تستحِمُّ وكانت جميلةً جدُا. فسأل عنها، فقيل له: ((هذِهِ بتشابعُ بنتُ أليعام، زوجةُ أوريّا الحِثِّيِّ)). فأرسل إليها رُسُلاً عادوا بها وكانت اغتسلت وتطهّرت، فدخل عليها ونام معها، ثُم رجعت إلى بيتِها. وحين أحسّت أنّها حُبلى أعلمتهُ بذلِك.
فأرسل داوُدُ إلى يوآب يقولُ: ((أرسِلْ إلي أوريّا الحِثِّي)) فأرسلهُ. فلمّا جاء سألهُ داوُدُ عنْ سلامةِ يوآب والجيشِ وعنِ الحربِ، ثُم قال له: ((إنزِلْ إلى بيتِك واغسِلْ رِجليك واسترِحْ)). فخرج أوريّا مِن القصرِ وتبِعتْهُ هديّةٌ مِنْ عِندِ داوُد. فنام على بابِ القصرِ مع الحرسِ ولم ينزِلْ إلى بيتِهِ. فلمّا قيل لداوُد: ((أوريّا لم ينزِلْ إلى بيتِهِ))، دعاهُ وقال له: ((أما جئت مِن السفرِ؟ فما بالُك لا تنزِلُ إلى بيتِك؟)) فأجابهُ أوريا: ((تابوتُ العهدِ ورِجالُ إسرائيل ويهوذا مُقيمون في الخيامِ، ويوآبُ وقادةُ سيدي الملِكِ في البريةِ، فكيف أدخلُ بيتي وآكُلُ وأشربُ وأنامُ مع زوجتي؟ لا وحياتِك، لا أفعلُ هذا)).
فقال له داوُدُ: ((أقمْ هُنا اليوم، وغدًا أصرِفُك)). فبقي أوريا ذلِك اليوم في أورُشليم، وفي اليومِ التالي دعاهُ داوُدُ، فأكل معهُ وشرب حتى سكِر. ثُم خرج مساءً، فنام حيثُ ينامُ الحرسُ، ولم ينزِلْ إلى بيتِهِ. فلما طلع الصباحُ كتب داوُدُ إلى يوآب مكتوبًا وأرسلهُ بيدِ أوريا، يقولُ فيهِ: ((وجهوا أوريا إلى حيثُ يكونُ القِتالُ شديدًا، وارجعوا مِنْ ورائِه فيضرِبهُ العدو ويموتُ)).
وكانَ يوآبُ يحاصِرُ المدينةَ، فعينَ لأوريا موضِعًا عَلِمَ أن للعدو فيهِ رِجالاً أشداءَ. فخرَج رِجالُ المدينةِ وحارَبوا يوآبَ، فسقَطَ لداوُدَ بَعضُ القادَةِ ومِنْ بَينِهِم أوريا الحِثي...
وسمِعَت زوجةُ أوريا أن زوجها ماتَ، فناحَت علَيهِ. (صموئيل الثاني 11: 2-26)
وسمِعَت زوجةُ أوريا أن زوجها ماتَ، فناحَت علَيهِ. (صموئيل الثاني 11: 2-26)
ما يقوله القرآن عن نبي الله داود عليه السلام:
اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ. وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (ص: 17-20)
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (النمل: 15)
.. وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (ص: 25)
الأنبياء لوط و يعقوب و موسى وهارون وداوود وسليمان و أيوب عليهم السلام كَانوا أنبياء كراماً مرسلين من عند اللهِ وقد جاء ذكرهم في القرآن والكتاب المقدس. إنّ الإيمان بهؤلاء الأنبياء هو أحد أركان الإسلامِ. ويُكِنُ المسلمون لهؤلاء الأنبياء احتراماً بالغاً، ويؤمنون بأنّ صدقهم وصلاحهم أمر لا جِدالَ فيه.
و بينما يخُصُّهُمُ القرآن الكريم بالكثير من الثناء، الذي يَستحقّونهَ، يَتهمُهم الكتاب المقدس (الذي حرفه اليهود) باقتراف ذنوبِ عظيمةِ كالخداع والزنا وزنا المحارم والخيانة وعبادة الأصنام والكفر. ويُفجع المسلمُ حين يسمع هذه التهم الكاذبة ضدّ الأنبياء. فهذه التهم لا يمكن تصديقها ومرفوضة تماما. فإذا تعفف عوام الناسِ عن ارتكاب هذه الذنوبِ، فما أبعد الأنبياءعن ذلك.
لقد هيأ الله الأنبياء بشكل خاص و اختارهم لتَبليغ رسالتِه واصطفاهم ليَكُونوا قدوة حسنة للناسِ ، و قد تجسّدت في أحاديثهِم و أفعالِهِم التعاليم التي كَانوا يدعون إليها. فهل يُمْكِنُ لنبي أَنْ يدعو الناسَ لعِبادَة اللهِ وحده، بينما قلبه هَو معلَّقٌ بآلهةِ أخرى؟ أيُمْكِنُ أَنْ يَأْمرَ الناسَ بالحقّ وباجتناب المعاصي، بينما يَرتكبُ هو نفسه أعظم الذنوب؟
أيُمْكِنُ أَنْ يَأْمرَ النبي الناسَ بغض البصر عن النساءِ، بينما يَرتكبُ هو جريمة الزنا؟ هذا أمر مستحيل تصورهُ! إن اتهام الأنبياء بهذه الذنوبِ العظيمةِ لهو سب غير مباشر لله عز وجل، الذي اختار وهَيّأَ أولئك الأنبياء لحَمل رسالتِه وتوجيه الناس إلى طريق الاعتقاد الصحيح والعبادةِ والسلوكِ القويم. فالإدعاء بأن الأنبياء قد ارتكبوا مثل تلك الذنوبِ العظيمةِ يعنى أن اللهِ عز و جل يُريدُ أَنْ يَرتكبَ الناس هذه الذنوبِ لأن الناسَ مأْمورونَ بالاقتداء بالأنبياء و السير على نهجِهِم.
حتما هذه القصصِ لَيستْ منزلةٌ من عندِ اللهِ، فكَيْفَ لكتابِ منزل من عِندِ اللهِ أن يَتّهم رُسُل الله زورا بتلك الأعمالِ المخزيةِ و التي حرمها الله أشد التحريم !
هذه القصصِ المفتراة علىِ رُسُلِ اللهِ تنشر الفساد والشر والرذيلة، فإذا ارتكب رُسُلِ اللهِ هذه الذنوبِ العظيمةِ، فكَيْفَ يعاقب الأشرار أَو حتى يَلامونَ على ارتكاب مثل هذه الذنوبِ ؟
حقاً، إن قلبَ المسلم ليَفِيضُ بالحُزنِ على أن التوراة، كتاب اللهِ الذي أُنزِلَ لينشر النور و الهداية، قد بُدِّلَ إلى كتابِ مليء بقصصِِ زائفة تَتّهم رُسُل اللهِ زورا بارتكاب أعظم الذنوبِِ.