بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
سماحة الاسلام
"وإذا قارنا بين موقف العرب المسلمين من الإسبان عندما فتحوا الأندلس عام 711م، وموقف الملوك الإسبان ومحكمة التفتيش من العرب المسلمين بعد سقوط غرناطة عام 1492م، تبدو لنا الصورة متناقضة تمامًا. فعندما فتح العرب الأندلس لم يُجبروا أحدًا على اعتناق الإسلام انطلاقًا من قواعد قرآنية مثل : {لا إكراه في الدين} و {ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة} ... إلخ. وإنما انتشر الإسلام في أوساط الإسبان انتشارًا عفويًا، وأطلق على الذين تحولوا من المسيحية إلى الإسلام مصطلح «المولدين». أما الإسبان الذين ظلوا على المسيحية وعاشوا في ظل الدولة العربية الإسلامية - وعُرفوا باسم «المستعربين» - فقد عاشوا عيشة كريمة . والتزم العرب بكل المعاهدات التي أُبرمت معهم، وسهر الأئمة والفقهاء المسلمون على حسن تنفيذها، حيث تمتع هؤلاء بموجبها بحريتهم الدينية والقضائية والإدارية والاقتصادية. ومع أنهم احتفظوا بلغتهم وتقاليدهم وكنائسهم وكهنتهم وآدابهم، فإنهم أعجبوا بلغة العرب وثقافتهم وعاداتهم فأضحوا عمليًا عربًا. ولم يفكر عرب الأندلس، ولا لحظة واحدة، في إبادتهم أو طردهم أو إجبارهم على اعتناق الإسلام بحجة تحقيق الوحدة الدينية والسياسية، ولم يُؤخذ على بني أمية في الأندلس، الأمراء منهم والخلفاء، أي تصرف فيه ظلم أو جور بحق المستعربين . ومن هنا تبدو المفارقة في تاريخ الأندلس فالإسبان الذين اضطهدوا العرب وطردوهم من إسبانيا بعد سقوط غرناطة عام 1492م هم أحفاد هؤلاء «المستعربين» الذين سبق أن تمتعوا بحماية العرب ورعايتهم. كما كان موقف رجال الكنيسة الإسبان عجيبًا حقًا، حيث شجعوا الملوك الإسبان على نقض المعاهدات مع العرب، وعلى إجبار المسلمين على التنصر، وعلى تحويل المساجد إلى كنائس، كما شجعوا محكمة التفتيش على مطاردة وسجن ومصادرة وإحراق وإبادة وطرد العرب المسلمين. لقد ترتب على الأعمال الوحشية التي ارتكبتها محكمة التفتيش الإسبانية، على امتداد قرن ونيف ، ومن ثم على قرار الطرد الجماعي للمورسكيين، نتائج بالغة الخطورة من حيث تنوعها وعمقها وشموليتها. فمن الناحية الاقتصادية، فقدت إسبانيا مئات الآلاف من المورسكيين ذوي الخبرة الواسعة في شئون الزراعة والري والصناعة والتجارة... وبالتالي تدهورت الحياة الاقتصادية فيها تدهورًا سريعًا، في حين ازدهرت كل ميادين الاقتصاد في البلدان التي هاجروا إليها. أما الحياة الثقافية فقد انحطت أيضًا انحطاطًا شاملاً نتيجة الرعب الذي نشرته محكمة التفتيش في أوساط المثقفين المورسكيين، حيث انعدم النقد وتوقف الإبداع، وانشغل المثقفون في حماية أرواحهم من جرائم المحكمة ودسائس رجالها عن المشاركة في النهضة الأوربية الحديثة. كما أن طرد مئات العلماء المورسكيين من إسبانيا أدى إلى فقدان الكثير من العناصر المبدعة، هذا فضلاً عن أن إحراق المحكمة لكتب التراث العربي شكل كارثة علمية لا تعوض لا بالنسبة إلى إسبانيا فحسب، وإنما بالنسبة إلى الإنسانية قاطبة ،في حين كان المورسكيون رواد الحداثة والتقدم في بلدان المغرب العربي بعد استقرارهم فيها. أما من الناحية الأخلاقية فقد أدت أعمال محكمة التفتيش إلى انحطاط القيم الأخلاقية، حيث انعدمت الثقة بين أبناء المجتمع الواحد الذين أخذوا يتبادلون التهم التي لا يبررها سند، لا سيما وقد خصصت المحكمة - كما أشرنا - مكافآت مادية ومعنوية للوشاة والمخبرين، وراح ضحية ذلك آلاف من الأبرياء. كما أصبح بعض المفتشين مضرب المثل في قسوتهم وجرائمهم وسوء أخلاقهم، حتى أن بعضهم لم يتورع عن اغتصاب زوجات المتهمين وبناتهم باسم محكمة التفتيش. لقد كانت محكمة التفتيش الإسبانية، في حقيقتها، منظمة «إرهابية» في فكرها وسلوكها: وجاءت أعمالها كارثة على اليهود و العرب المسلمين من ناحية وعلى إسبانيا ومستقبلها السياسي والحضاري من ناحية أخرى. لقد فشلت هذه المحكمة في معالجة مسألة الأقليات الدينية في إسبانيا لأن أيديولوجيتها ومناهج عملها وأدواتها تناقضت مع الدين والعقل والتاريخ. حقًا إنها «تجربة» تستحق الدراسة". (محاكم التفتيش هل يمكن أن تعود؟ )مجلة العربى ).. الدكتور عادل زيتون)
يقول توماس أرنولد في كتابه (الدعوة إلى الإسلام) ص 73:
"ولما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن، وعسكر أبو عبيدة في بلدة فحل، كتب الأهالي النصارى في تلك البلاد إلى العرب الفاتحين يقولون: يا معشر المسلمين! أنتم أحب إلينا من الروم، وإن كانوا على ديننا، وأنتم أوفى لنا وأرأف بنا، وأكفُّ عن ظلمنا، وأحسن ولاية علينا، ولكنهم غلبونا على أمرنا".
وقال: "وغلَّق أهل حمص أبواب مدينتهم، دون جيش هرقل، وأبلغوا المسلمين أن ولايتهم وعدلهم أحب إليهم من ظلم الإغريق والروم وتعسفهم".
وقال أيضا: " لقد عامل المسلمون المسيحيين العرب بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع بحق أن نحكم أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وإن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد على هذا التسامح"
ويشهد على ذلك المستشرق "هنرى دى كاستيرى" الذى يقول : ان دخول اهل الذمة فى الاسلام كان يحتاج الى محضر يثبت امام القاضى ويوضح فيه ان المسيحى الذى اعتنق الاسلام دخل فيه عن اقناع تام غير خائف او مكره , وان خلفاء بنى امية لم ينظروا بعين الرضا الى كثرة دخول المسيحين فى الاسلام . وذلك لانخفاض الضرائب المجبية نتيجة نقص الجزية , فقد هبطت الضرائب ايام معاوية الى النصف عما كانت عليه ايام عثمان لتزاحم الاقباط على دخول الاسلام ., ومن اجل ذلك ضيق الخلافاء باب دخول الاسلام , واستدل على رأيه بما كتبه حيان الى عمر بن عبد العزيز اذ قال له: اذا دامت الحال فى مصر على ما هى عليها لآن اصبح مسيحيوا البلاد مسلمين,, وخسرت الخلافة ما تجتبيه من اموال , فارسل اليه عمر بن العزيز "ويحك ان الله قد بعث محمد صلى الله عليه وسلم هاديا ولم يبعثه جابيا " . (التعصب والتسامح بين الاسلام والمسيحية – الشيخ محمد الغزالى ص188 )
ويؤكد هذه الشهادة المستشرق "جيبون" حيث يقول : "ان الاسلام الذى نشر لواءة بين المسيحين والمسلمين اكثر من اربعة قرون كان مؤسسا على تسامح الاسلام وتعاليمه نحو الخير والسلام " . (افتراءات واباطيل - المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص46 )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
سماحة الاسلام
"وإذا قارنا بين موقف العرب المسلمين من الإسبان عندما فتحوا الأندلس عام 711م، وموقف الملوك الإسبان ومحكمة التفتيش من العرب المسلمين بعد سقوط غرناطة عام 1492م، تبدو لنا الصورة متناقضة تمامًا. فعندما فتح العرب الأندلس لم يُجبروا أحدًا على اعتناق الإسلام انطلاقًا من قواعد قرآنية مثل : {لا إكراه في الدين} و {ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة} ... إلخ. وإنما انتشر الإسلام في أوساط الإسبان انتشارًا عفويًا، وأطلق على الذين تحولوا من المسيحية إلى الإسلام مصطلح «المولدين». أما الإسبان الذين ظلوا على المسيحية وعاشوا في ظل الدولة العربية الإسلامية - وعُرفوا باسم «المستعربين» - فقد عاشوا عيشة كريمة . والتزم العرب بكل المعاهدات التي أُبرمت معهم، وسهر الأئمة والفقهاء المسلمون على حسن تنفيذها، حيث تمتع هؤلاء بموجبها بحريتهم الدينية والقضائية والإدارية والاقتصادية. ومع أنهم احتفظوا بلغتهم وتقاليدهم وكنائسهم وكهنتهم وآدابهم، فإنهم أعجبوا بلغة العرب وثقافتهم وعاداتهم فأضحوا عمليًا عربًا. ولم يفكر عرب الأندلس، ولا لحظة واحدة، في إبادتهم أو طردهم أو إجبارهم على اعتناق الإسلام بحجة تحقيق الوحدة الدينية والسياسية، ولم يُؤخذ على بني أمية في الأندلس، الأمراء منهم والخلفاء، أي تصرف فيه ظلم أو جور بحق المستعربين . ومن هنا تبدو المفارقة في تاريخ الأندلس فالإسبان الذين اضطهدوا العرب وطردوهم من إسبانيا بعد سقوط غرناطة عام 1492م هم أحفاد هؤلاء «المستعربين» الذين سبق أن تمتعوا بحماية العرب ورعايتهم. كما كان موقف رجال الكنيسة الإسبان عجيبًا حقًا، حيث شجعوا الملوك الإسبان على نقض المعاهدات مع العرب، وعلى إجبار المسلمين على التنصر، وعلى تحويل المساجد إلى كنائس، كما شجعوا محكمة التفتيش على مطاردة وسجن ومصادرة وإحراق وإبادة وطرد العرب المسلمين. لقد ترتب على الأعمال الوحشية التي ارتكبتها محكمة التفتيش الإسبانية، على امتداد قرن ونيف ، ومن ثم على قرار الطرد الجماعي للمورسكيين، نتائج بالغة الخطورة من حيث تنوعها وعمقها وشموليتها. فمن الناحية الاقتصادية، فقدت إسبانيا مئات الآلاف من المورسكيين ذوي الخبرة الواسعة في شئون الزراعة والري والصناعة والتجارة... وبالتالي تدهورت الحياة الاقتصادية فيها تدهورًا سريعًا، في حين ازدهرت كل ميادين الاقتصاد في البلدان التي هاجروا إليها. أما الحياة الثقافية فقد انحطت أيضًا انحطاطًا شاملاً نتيجة الرعب الذي نشرته محكمة التفتيش في أوساط المثقفين المورسكيين، حيث انعدم النقد وتوقف الإبداع، وانشغل المثقفون في حماية أرواحهم من جرائم المحكمة ودسائس رجالها عن المشاركة في النهضة الأوربية الحديثة. كما أن طرد مئات العلماء المورسكيين من إسبانيا أدى إلى فقدان الكثير من العناصر المبدعة، هذا فضلاً عن أن إحراق المحكمة لكتب التراث العربي شكل كارثة علمية لا تعوض لا بالنسبة إلى إسبانيا فحسب، وإنما بالنسبة إلى الإنسانية قاطبة ،في حين كان المورسكيون رواد الحداثة والتقدم في بلدان المغرب العربي بعد استقرارهم فيها. أما من الناحية الأخلاقية فقد أدت أعمال محكمة التفتيش إلى انحطاط القيم الأخلاقية، حيث انعدمت الثقة بين أبناء المجتمع الواحد الذين أخذوا يتبادلون التهم التي لا يبررها سند، لا سيما وقد خصصت المحكمة - كما أشرنا - مكافآت مادية ومعنوية للوشاة والمخبرين، وراح ضحية ذلك آلاف من الأبرياء. كما أصبح بعض المفتشين مضرب المثل في قسوتهم وجرائمهم وسوء أخلاقهم، حتى أن بعضهم لم يتورع عن اغتصاب زوجات المتهمين وبناتهم باسم محكمة التفتيش. لقد كانت محكمة التفتيش الإسبانية، في حقيقتها، منظمة «إرهابية» في فكرها وسلوكها: وجاءت أعمالها كارثة على اليهود و العرب المسلمين من ناحية وعلى إسبانيا ومستقبلها السياسي والحضاري من ناحية أخرى. لقد فشلت هذه المحكمة في معالجة مسألة الأقليات الدينية في إسبانيا لأن أيديولوجيتها ومناهج عملها وأدواتها تناقضت مع الدين والعقل والتاريخ. حقًا إنها «تجربة» تستحق الدراسة". (محاكم التفتيش هل يمكن أن تعود؟ )مجلة العربى ).. الدكتور عادل زيتون)
يقول توماس أرنولد في كتابه (الدعوة إلى الإسلام) ص 73:
"ولما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن، وعسكر أبو عبيدة في بلدة فحل، كتب الأهالي النصارى في تلك البلاد إلى العرب الفاتحين يقولون: يا معشر المسلمين! أنتم أحب إلينا من الروم، وإن كانوا على ديننا، وأنتم أوفى لنا وأرأف بنا، وأكفُّ عن ظلمنا، وأحسن ولاية علينا، ولكنهم غلبونا على أمرنا".
وقال: "وغلَّق أهل حمص أبواب مدينتهم، دون جيش هرقل، وأبلغوا المسلمين أن ولايتهم وعدلهم أحب إليهم من ظلم الإغريق والروم وتعسفهم".
وقال أيضا: " لقد عامل المسلمون المسيحيين العرب بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع بحق أن نحكم أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وإن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد على هذا التسامح"
ويشهد على ذلك المستشرق "هنرى دى كاستيرى" الذى يقول : ان دخول اهل الذمة فى الاسلام كان يحتاج الى محضر يثبت امام القاضى ويوضح فيه ان المسيحى الذى اعتنق الاسلام دخل فيه عن اقناع تام غير خائف او مكره , وان خلفاء بنى امية لم ينظروا بعين الرضا الى كثرة دخول المسيحين فى الاسلام . وذلك لانخفاض الضرائب المجبية نتيجة نقص الجزية , فقد هبطت الضرائب ايام معاوية الى النصف عما كانت عليه ايام عثمان لتزاحم الاقباط على دخول الاسلام ., ومن اجل ذلك ضيق الخلافاء باب دخول الاسلام , واستدل على رأيه بما كتبه حيان الى عمر بن عبد العزيز اذ قال له: اذا دامت الحال فى مصر على ما هى عليها لآن اصبح مسيحيوا البلاد مسلمين,, وخسرت الخلافة ما تجتبيه من اموال , فارسل اليه عمر بن العزيز "ويحك ان الله قد بعث محمد صلى الله عليه وسلم هاديا ولم يبعثه جابيا " . (التعصب والتسامح بين الاسلام والمسيحية – الشيخ محمد الغزالى ص188 )
ويؤكد هذه الشهادة المستشرق "جيبون" حيث يقول : "ان الاسلام الذى نشر لواءة بين المسيحين والمسلمين اكثر من اربعة قرون كان مؤسسا على تسامح الاسلام وتعاليمه نحو الخير والسلام " . (افتراءات واباطيل - المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص46 )
تعليق