خامسًا: وفاة أمه وكفالة جده ثم عمه
** قال ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين توفيت أمه آمنة بنت وهب .
** قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة ، كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به إلى مكة . ( 1 )
** توفيت أم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، وكانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم ، فماتت وهي راجعة به إلى مكة , ودفنت بالأبواء , وبعد وفاة أمه كفله جده عبد المطلب، فعاش في كفالته ، وكان يؤثره على أبنائه أي أعمام النبي صلى الله عليه وسلم - فقد كان جده مهيبًا , لا يجلس على فراشه أحد من أبنائه مهابة له ، وكان أعمامه يتهيبون الجلوس على فراش أبيهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يجلس على الفراش ويحاول أعمامه أن يبعدوه عن فراش أبيهم , فيقف الأب الجد بجانبه , ويرضى أن يبقى جالسًا على فراشه متوسمًا فيه الخير ، وأنه سيكون له شأن عظيم وكان جده يحبه حبًا عظيمًا ، وكان إذا أرسله في حاجة جاء بها وذات يوم أرسله في طلب إبل فاحتبس عليه فطاف بالبيت وهو يرتجل يقول:
رب رد راكبي محمدا
رده لي واصنع عندي يدا
رب رد راكبي محمدا
رده لي واصنع عندي يدا
** فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم وجاء بالإبل فقال له: يا بني , لقد حزنت عليك كالمرأة حزنًا لا يفارقني أبدًا .
** قال ابن إسحاق : وكان عبد المطلب من سادات قريش ، محافظا على العهود , متخلقا بمكارم الأخلاق , يحب المساكين ويقوم في خدمة الحجيج ويطعم في الأزمات , ويقمع الظالمين , وكان يطعم حتى الوحوش والطير في رءوس الجبال . (2)
** قال ابن إسحاق : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بن هاشم ، وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة ، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له ؟ قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه فيقول عبد المطلب ، إذا رأى ذلك منهم دعوا ابني ، فوالله إن له لشأنا ، ثم يجلسه معه على الفراش ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع . (3)
** ثم توفي عبد المطلب والنبي صلى الله عليه وسلم في الثامنة من عمره ، فأوصى جده به عمه أبا طالب فكفله عمه وحنّ عليه ورعاه .
** أرادت حكمة الله أن ينشأ رسوله يتيمًا، تتولاه عناية الله وحدها، بعيدًا عن الذراع التي تمعن في تدليله , والمال الذي يزيد في تنعيمه ، حتى لا تميل به نفسه إلى مجد المال والجاه ، وحتى لا يتأثر بما حوله من معنى الصدارة والزعامة ، فيلتبس على الناس قداسة النبوة بجاه الدنيا ، وحتى لا يحسبوه يصطنع الأول ابتغاء الوصول إلى الثاني وكانت المصائب التي أصابت النبي صلى الله عليه وسلم منذ طفولته كموت أمه ثم جده بعد أن حرم عطف الأب وذاق كأس الحزن مرة بعد مرة ، كانت تلك المحن قد جعلته رقيق القلب مرهف الشعور ، فالأحزان تصهر النفوس وتخلصها من أدران القسوة والكبر والغرور ، وتجعلها أكثر رقة وتواضعًا .
-------------------
1// سيرة ابن هشام
2// مختصر السيره
3// سيرة ابن هشام
1// سيرة ابن هشام
2// مختصر السيره
3// سيرة ابن هشام
************************
يتبع بإذن الله
يتبع بإذن الله
تعليق