هل سرق النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا؟!
يدعي بعض أغبياء القوم أن نبي الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قد سرق شيئًا ويتلخص الأمر في سبب نزول الآية الكريمة ..
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [آل عمران : 161]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ:نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ يَوْمَ بَدْرٍ "وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ"[آل عمران آية 161] فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فُقِدَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ"[آل عمران آية 161] .
وهذا الأثر عن ابن عباس رواه أبو داود في السنن وكذا الترمذي والطبراني في المعجم الكبير وفي سنده خُصيف .. قال أحمد بن حنبل ضعيف الحديث ليس بحجة وقال فيه ابن حجر صدوق سيء الحفظ .. وبغض النظر عن ذلك فإن هذه شبهة من أغبى ما رأيت في حياتي .. فالنص القرآني صريح في نفي الشبهة إذ يبرئ الله تعالى رسوله فيقول تعالى { وما كان لنبي أن يغل } أي يكتم من الغنيمة شيئًا .. فالشبهة منفية إبتداءً ولا حاجة لردها ولكن لا بأس ..
قال الأفاكون أن بعض الناس اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بسرقة هذه القطيفة ونحن نسأل .. أين ورد في أي رواية من روايات الحادثة أن أحدهم قال أن النبي صلى الله عليه وسلم سرقها إبتداءً؟! .. فقد كانت القطيفة من ضمن الغنائم فبفرض أنه صلى الله عليه وسلم أخذها فهذه ليست بسرقة إبتداءً لأن له حق في هذه الغنائم .. ولكنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل ذلك وحاشاه أن يأخذ من الغنائم شيئًا قبل أن تقسم ..
قال البيضاوي :
{ وَمَا كَانَ لِنَبِيّ أَنْ يَغُلَّ } وما صح لنبي أن يخون في الغنائم فإن النبوة تنافي الخيانة ، يقال غل شيئاً من المغنم يغل غلولاً وأغل إغلالاً إذا أخذه في خفية والمراد منه : إما براءة الرسول عليه السلام عما اتهم به إذ روي أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض المنافقين لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها ، أو ظن به الرماة يوم أحد حين تركوا المركز للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئاً فهو له ولا يقسم الغنائم .
فهذا ما قاله بعض المنافقين .. فما الحجة لهم في هذا؟!
لو كانت هذه حجتكم فلا مانع إذًَا من أن نقول أن يسوع كان مختلاً [مرقس 3/21 «إِنَّهُ مُخْتَلٌّ!».] ولا مانع أيضًا أن نقول أن يسوع كان مجنوناً به شياطين يهذي [يوحنا 10/20 «بِهِ شَيْطَانٌ وَهُوَ يَهْذِي] والنصوص في هذا كثيرة ..
فالرسل اتهموا بتهم باطلة زائفة .. فقالوا عن المسيح عليه السلام أنه ابن زنا .. فهل تصدقونهم؟!
ويكفي إلى هنا فهذه شبهة لا تستحق الرد .. ولكن من الذي يسرق؟!
يقول مرقس 11/2 وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشاً مَرْبُوطاً لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ.
فتخيل نفسك أخي الفاضل صاحب هذا الجحش ووجدت أحدهم يأتي ويحل الجحش ويأخذه ويمشي بالله عليك ماذا أنت فاعل به؟! .. والأدهى من ذلك أن يسوع قال { وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَفْعَلاَنِ هَذَا؟ فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُ إِلَى هُنَا» } .. فتخيل أخي الحبيب لو أن أحدهم قال لك الرب محتاجه .. فماذا ستفعل به؟! .. أترك الحكم للعقلاء ..
ولا عجب فيسوع امتداد يهوه صباؤوت الذي قال عنه يعقوب : فَقَدْ سَلَبَ ( إلوهيم ) مَوَاشِيَ ابِيكُمَا وَاعْطَانِي {تكوين 31/9}
وهو ابن يعقوب الذي سرق البركة من أخيه عيسو .. والقصة الكاملة في سفر التكوين 27
35فَقَالَ [ أي اسحاق لعيسو ] : ((قَدْ جَاءَ أَخُوكَ [يعقوب] بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ)).
وهللويا ..
القصة كاملة ..
6وَأَمَّا رِفْقَةُ فَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنِهَا: ((إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ يُكَلِّمُ عِيسُوَ أَخَاكَ قَائِلاً: 7اِئْتِنِي بِصَيْدٍ وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً لِآكُلَ وَأُبَارِكَكَ أَمَامَ الرَّبِّ قَبْلَ وَفَاتِي. 8فَالْآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي فِي مَا أَنَا آمُرُكَ بِهِ: 9اِذْهَبْ إِلَى الْغَنَمِ وَخُذْ لِي مِنْ هُنَاكَ جَدْيَيْنِ جَيِّدَيْنِ مِنَ الْمِعْزَى فَأَصْنَعَهُمَا أَطْعِمَةً لأَبِيكَ كَمَا يُحِبُّ 10فَتُحْضِرَهَا إِلَى أَبِيكَ لِيَأْكُلَ حَتَّى يُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ)). 11فَقَالَ يَعْقُوبُ لِرِفْقَةَ أُمِّهِ: ((هُوَذَا عِيسُو أَخِي رَجُلٌ أَشْعَرُ وَأَنَا رَجُلٌ أَمْلَسُ. 12رُبَّمَا يَجُسُّنِي أَبِي فَأَكُونُ فِي عَيْنَيْهِ كَمُتَهَاوِنٍ وَأَجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةً لاَ بَرَكَةً)). 13فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: ((لَعْنَتُكَ عَلَيَّ يَا ابْنِي. اسْمَعْ لِقَوْلِي فَقَطْ وَاذْهَبْ خُذْ لِي)). 14افَذَهَبَ وَأَخَذَ وَأَحْضَرَ لِأُمِّهِ فَصَنَعَتْ أُمُّهُ أَطْعِمَةً كَمَا كَانَ أَبُوهُ يُحِبُّ. 15وَأَخَذَتْ رِفْقَةُ ثِيَابَ عِيسُو ابْنِهَا الأَكْبَرِ الْفَاخِرَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَلْبَسَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ 16وَأَلْبَسَتْ يَدَيْهِ وَمَلاَسَةَ عُنُقِهِ جُلُودَ جَدْيَيِ الْمِعْزَى. 17وَأَعْطَتِ الأَطْعِمَةَ وَالْخُبْزَ الَّتِي صَنَعَتْ فِي يَدِ يَعْقُوبَ ابْنِهَا. 18فَدَخَلَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: ((يَا أَبِي)). فَقَالَ: ((هَئَنَذَا. مَنْ أَنْتَ يَا ابْنِي؟)) 19فَقَالَ يَعْقُوبُ لأَبِيهِ: ((أَنَا عِيسُو بِكْرُكَ. قَدْ فَعَلْتُ كَمَا كَلَّمْتَنِي. قُمِ اجْلِسْ وَكُلْ مِنْ صَيْدِي لِتُبَارِكَنِي نَفْسُكَ)). 20فَقَالَ إِسْحَاقُ لِابْنِهِ: ((مَا هَذَا الَّذِي أَسْرَعْتَ لِتَجِدَ يَا ابْنِي؟)) فَقَالَ: ((إِنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ يَسَّرَ لِي)). 21فَقَالَ إِسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: ((تَقَدَّمْ لأَجُسَّكَ يَا ابْنِي. أَأَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو أَمْ لاَ؟)) 22فَتَقَدَّمَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ فَجَسَّهُ وَقَالَ: ((الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ وَلَكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو)). 23وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ عِيسُو أَخِيهِ. فَبَارَكَهُ. 24وَقَالَ: ((هَلْ أَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو؟)) فَقَالَ: ((أَنَا هُوَ)). 25فَقَالَ: ((قَدِّمْ لِي لِآكُلَ مِنْ صَيْدِ ابْنِي حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي)). فَقَدَّمَ لَهُ فَأَكَلَ وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْراً فَشَرِبَ. 26فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: ((تَقَدَّمْ وَقَبِّلْنِي يَا ابْنِي)).27فَتَقَدَّمَ وَقَبَّلَهُ. فَشَمَّ رَائِحَةَ ثِيَابِهِ وَبَارَكَهُ. وَقَالَ: ((انْظُرْ! رَائِحَةُ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْلٍ قَدْ بَارَكَهُ الرَّبُّ. 28فَلْيُعْطِكَ اللهُ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ الأَرْضِ وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. 29لِيُسْتَعْبَدْ لَكَ شُعُوبٌ وَتَسْجُدْ لَكَ قَبَائِلُ. كُنْ سَيِّداً لإِخْوَتِكَ وَلْيَسْجُدْ لَكَ بَنُو أُمِّكَ. لِيَكُنْ لاَعِنُوكَ مَلْعُونِينَ وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ)). 30وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَ إِسْحَاقُ مِنْ بَرَكَةِ يَعْقُوبَ وَيَعْقُوبُ قَدْ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ إِسْحَاقَ أَبِيهِ أَنَّ عِيسُوَ أَخَاهُ أَتَى مِنْ صَيْدِهِ 31فَصَنَعَ هُوَ أَيْضاً أَطْعِمَةً وَدَخَلَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لأَبِيهِ: ((لِيَقُمْ أَبِي وَيَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ ابْنِهِ حَتَّى تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ)). 32فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: ((مَنْ أَنْتَ؟)) فَقَالَ: ((أَنَا ابْنُكَ بِكْرُكَ عِيسُو)). 33فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَاداً عَظِيماً جِدّاً. وَقَالَ: ((فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْداً وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ وَيَكُونُ مُبَارَكاً!)) 34فَعِنْدَمَا سَمِعَ عِيسُو كَلاَمَ أَبِيهِ صَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً وَمُرَّةً جِدّاً وَقَالَ لأَبِيهِ: ((بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي!)) 35فَقَالَ: ((قَدْ جَاءَ أَخُوكَ بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ)). 36فَقَالَ: ((أَلاَ إِنَّ اسْمَهُ دُعِيَ يَعْقُوبَ فَقَدْ تَعَقَّبَنِي الْآنَ مَرَّتَيْنِ! أَخَذَ بَكُورِيَّتِي وَهُوَذَا الْآنَ قَدْ أَخَذَ بَرَكَتِي)). ثُمَّ قَالَ: ((أَمَا أَبْقَيْتَ لِي بَرَكَةً؟)) 37فَقَالَ إِسْحَاقُ لِعِيسُو: ((إِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ سَيِّداً لَكَ وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ عَبِيداً وَعَضَدْتُهُ بِحِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. فَمَاذَا أَصْنَعُ إِلَيْكَ يَا ابْنِي؟)) 38فَقَالَ عِيسُو لأَبِيهِ: ((أَلَكَ بَرَكَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ يَا أَبِي؟ بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي!)) وَرَفَعَ عِيسُو صَوْتَهُ وَبَكَى.
والحمد لله رب العالمين
تعليق