أنت بابا وأنت ماما وأنت أنور وجدي
بقلم/ سيد حسن كرار هذه الجملة الساخرة التي تعودنا استخدامها اقتباسا من إحدى المسرحيات الكوميدية المصرية والتي تشير إلى شخص يقوم بأداء كل الأدوار آلتي تتطلب وجود عدة أشخاص للقيام بها ومتعارضة أيضا في نفس الوقت ...
ذكرتني تلك الجملة الساخرة بالموقف المدهش الذي يمارسه الغرب في انه اصبح كل شيء.. المؤيد والمعارض المبتز والغاضب المتواطئ والشريف الظالم والمظلوم ولم يترك لنا أي دور نلعبه وبالأحرى لم نختر نحن لانفسنا دورا لنلعبه .
في بلاد الغرب المتقدم شد انتباهي النشاط الشديد للحركات المجتمعية المتضادة والمختلفة وفى كل الاتجاهات ففي الوقت الذي نسمع عن اجتماع قادة الدول الكبرى لمناقشة قضايا الفقر والعوز في العالم وبالأخص عالمنا الثالث نجد حركات الشباب الأوربي المعارض الذي تقوده بعض جمعيات المجتمع الأهلي وحركات المعارضة تقوم بالتظاهر وسباب المجتمعين ومقاومة الشرطة ونشر اللافتات التي تستهجن التوحش الرأسمالي لحكومات أوربا وأمريكا ونحن هنا نائمون لا نفهم ماذا يحدث رغم أننا المعنيون بالأمر والمؤتمر ونحن الفقراء وليسوا هم ، فعلى الأقل هذا الشاب الأوربي الذي يتظاهر برفقة صديقته يضمن معاش بدلات البطالة ومستويات العيش الآمنة وضمانات التأمين الصحي وخلافه من الحقوق التي بالفعل يحصل عليها ونحن هنا حدث ولا حرج عن الفقر والضنك والبلا الأزرق ، من منا من المفترض أن يثور على هذا العالم المادي الوحشي ومن منا الأكثر إصابة وتضررا من هذه السياسات المالية الشرسة نحن أم هم ، يعنى هم من يفقرون الدول وهم من يعترضون على هذا الإفقار، وعجبي .
وفى بلاد الغرب أيضا نجد أن قادة حلف شمال الأطلسي ورئيسته وكبيرته أمريكا يجتمعون لتمرير السياسات العدوانية الهجومية ضد العالم الإسلامي وينفذون فعلا ما يقولون ضده وتسيل دمائنا انهارا بفعل آلة القتل الوحشية وهم أيضا من يفضحون هذه الوسائل والأسرار المرعبة عن قتل وتعذيب وترويع المسلمين في الحرب الشرسة التي تشن على الإرهاب أو الإسلام مثل ما يقوم به موقع ويكيليكس الإلكتروني الذي قام بفضح أسرار لم يستطع الضحايا أنفسهم البوح بها ، ونحن نائمون ولا نعرف شيئا ولا نعارض ولا نبرح مكاننا وهم الذين يتطوعون لفضح أفعالهم ولنشرها على الملأ في العالم كله مكتوبة ومصورة ، من منا من المفترض أن يثور ويبحث ويفتش ويغضب المقتول أم القاتل ، وعجبي .
وفى بلاد الغرب أيضا تقوم الولايات المتحدة بقمع الحريات الدينية لغالب المسلمين طبقا لخوفها منهم وبدواعي الأمن والحرب على الإرهاب وكذلك وضع العقبات والعراقيل أمام الكثير منهم من أول دخولهم إلى موانئ أمريكا وحتى اندماجهم في البيئة الأمريكية ولنا من الأمثلة الكثير على تلك التجاوزات التي ترتكبها الإدارة الأمريكية والمتشددين من مواطني أمريكا وبدلا من أن نعترض نحن المسلمون على تلك السياسات والتجاوزات نجد ويا للعجب الإدارة الأمريكية تصدر تقريرا لحقوق الإنسان تشير فيه إلى تلك التجاوزات والانتهاكات ببساطة " تقتل القتيل وتمشى في جنازته " واحنا في الباى باى وكأن تلك القضايا لا تهمنا إطلاقا والأمثلة على ذلك كثيرة ، وعجبي .
تذكرت تلك العبارة الساخرة " أنت بابا وأنت ماما وأنت أنور وجدى " من جراء العبثية الكونية التي نعيشها والتي صنعناها بأيدينا وكأننا لا نحيا في هذا الكوكب وعايشين في الطراوة خالص .
حتى في قضايا تمسنا نحن بالدرجة الأولى مطنشين ومنتظرين الغرب يثور ويقوم باللازم من تجمهر وشتيمة وسباب ولافتات وكله بيتم هناك في الغرب عشان مفيش مكان للتظاهر ولا حتى مكان لنشر الشجب والرفض والاستهجان والاستنكار والاستنفار عندنا فنضطر آسفين للاستعانة بالغرب عشان هما عندهم براح ووقت فاضي واحنا موش فاضيين للموضوعات اللي مالنوع ده ، وعجبي .
خسارة كان نفسي الغرب يسمع عن موضوع الطماطم واللحمة وأنابيب البوتاجاز عشان يعملنا كام مظاهرة كده عالماشى في ميدان من ميادينه الحلوة النظيفة دى عشان إحنا هنا أخلاقنا ما بتسمحش بالحاجات دى ، انتا معانا وألا مع الناس التانيين ، لأ أنا معاكو ، إحنا بقى الناس التانيين ، وعجبي .
سيد حسن